الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الْقَدَرُ السَّابِقُ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ وَلَا يُوجِبُ الِاتِّكَالَ
وَاتَّفَقَتْ جَمِيعُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالسُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ لَا يَمْنَعُ الْعَمَلَ وَلَا يُوجِبُ الِاتِّكَالَ، بَلْ يُوجِبُ الْجِدَّ وَالِاجْتِهَادَ وَالْحِرْصَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَلِهَذَا لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِسَبْقِ الْمَقَادِيرِ وَجَرَيَانِهَا وَجُفُوفِ الْقَلَمِ بِهَا فَقِيلَ لَهُ: أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: "لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ" ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [اللَّيْلِ: 5-10] 1 كَمَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدَّمَنَا وَغَيْرِهَا. فَاللَّهُ سبحانه وتعالى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ وَهَيَّأَ لَهَا أَسْبَابًا وَهُوَ الْحَكِيمُ بِمَا نَصَبَهُ مِنَ الْأَسْبَابِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وقد يسر كلا مَنْ خَلَقَهُ لِمَا خَلَقَهُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَهُوَ مُهَيَّأٌ لَهُ مُيَسَّرٌ لَهُ، فَإِذَا عَلِمَ الْعَبْدُ أَنَّ مَصَالِحَ آخِرَتِهِ مُرْتَبِطَةٌ بِالْأَسْبَابِ الْمُوَّصِلَةِ إِلَيْهَا كَانَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا فِي فِعْلِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا وَأَعْظَمَ مِنْهُ فِي أَسْبَابِ مَعَاشِهِ وَمَصَالِحِ دُنْيَاهُ مِنْ كَوْنِ الْحَرْثِ سَبَبًا فِي وُجُودِ الزَّرْعِ، وَالنِّكَاحِ سَبَبًا فِي وُجُودِ النَّسْلِ، وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ سَبَبٌ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَالْعَمَلُ السَّيِّئُ سَبَبٌ فِي دُخُولِ النَّارِ. وَقَدْ فَقِهَ هَذَا كُلُّ الْفِقْهِ مَنْ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمَّا سَمِعَ أَحَادِيثَ الْقَدَرِ "مَا كنت بأشد اجتهاد مِنِّي الْآنَ"2 وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ "احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزَنَّ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ"3.
وَفِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي خُزَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَتُقَاةً
1 تقدم تخريجه سابقا.
2 لم أجده بهذا اللفظ ووجدت قريبا منه وهو قوله: "الآن حق العمل" رواه ابن أبي عاصم في السنة "ح173" من طريق أبي حنيفة رحمه الله تعالى والقول فيه معروف.
3 تقدم تخريجه سابقا.
نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهَ شَيْئًا؟ قَالَ: "هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ" 1 يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى قَدَّرَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَأَسْبَابَ كُلٍّ مِنْهُمَا.
ذِكْرُ مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَمِّ الْقَدَرِيَّةِ:
تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: 47-49] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْمُخَاصِمِينَ فِي الْقَدَرِ2. وَتَقَدَّمَ فِيهِمْ أَحَادِيثُ الصَّحَابَةِ مِنْ رِوَايَتِهِمْ سُؤَالِ جِبْرِيلَ عَنِ الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي سُقْنَاهَا مُتَفَرِّقَةً فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيْلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي بِمِنًى عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْقَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ" 3، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِكُلِّ أَمَةٍ
1 رواه أحمد "3/ 421"، والترمذي "4/ 399-400/ ح2065" في الطب، باب ما جاء في الرقى والأدوية، وابن ماجه "2/ 1137/ ح3437" فيه، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.
وهو حديث صحيح وقد تقدم.
2 تقدم تخريجه سابقا.
3 أبو داود "4/ 222/ ح4691" في السنة، باب في القدر، والحاكم "1/ 85" وقال: صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر. ووافقه الذهبي قال ابن حجر: روى عن ابن عمر وابن عمرو ولم يسمع منهما. وقال ابنه: من حدثك أن أبي سمع من أحد من الصحابة غير سهل بن سعد فقد كذب. وقد رواه ابن عدي في الكامل "3/ 1068" من طريق أبي حازم عن نافع عن ابن عمر. ورواه اللالكائي "ح1150" والآجري في الشريعة "ص190" وإسناده واه. فيه عبد الرحمن بن واقد وهو منكر الحديث. وزكريا بن منظور وهو ضعيف وقد أنكر أحمد رحمه الله رواية أبي حازم عن نافع "انظر مسائله من رواية أبي داود ص299".
وقد روي من عدة طرق من حديث ابن عمر: فقد رواه أحمد "2/ 86" وابنه في السنة "ح915" وابن أبي عاصم في السنة "ح339" وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 152" واللالكائي في الاعتقاد "1153". من طريق عمر بن عبد الله المدني "مولى عفرة" عن ابن عمر. وإسناده ضعيف فعمر هذا في حفظه شيء.
وقد رواه من حديث حذيفة فاضطرب فيه. وحديث حذيفة رواه أبو داود "4/ 222/ ح4692" =
مَجُوسٌ، وَمَجُوسُ أُمَّتَيِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ، إِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ" ، الْخَ1 وَفِي رِوَايَةٍ "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا وَإِنَّ مَجُوسَ أُمَّتِي الْمُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ" 2 الْخَ. وَلَهُ عَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَسْخٌ، أَلَا وَذَاكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ وَالزِّنْدِيقِيَّةِ" 3. وَلَهُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما صَدِيقٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُكَاتِبُهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرَّةً عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقَدَرِ، فإياك أن تكب إِلَيَّ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ" 4 وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ رضي الله عنه جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فَلَانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ. فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا تُقْرِئُهُ مِنِّي السَّلَامَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
= وأحمد "5/ 406-407" واللالكائي في أصول الاعتقاد "ح1155" وابن الجوزي في العلل "1/ 157".
ورواه أحمد عن نافع عن ابن عمر "2/ 125".
مما يدل على اضطرابه.
وروي عند الطبراني في الصغير "2/ 14" وابن أبي عاصم في السنة "ح340" وابن عدي في الكامل "2/ 625" والآجري في الشريعة "ص190" وابن الجوزي في العلل "1/ 152". من طريق الحكم بن سعيد عن الجعيد بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر.
وإسناده ضعيف جدا فالحكم بن سعيد: منكر الحديث.
ورواه ابن عدي في الكامل "1/ 287" من طريق إسماعيل بن إسحاق عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر.
وإسناده ضعيف. فإسماعيل وابن أبي ليلى: فيهما كلام من قبل حفظهما. فالحديث يشعر بمجموع طرقه أن له أصلا يطمئن القلب له. مع ما يأتي من شواهده.
1 أحمد "2/ 86" انظر الحديث السابق.
2 أحمد "2/ 406-407" وقد تقدم قبل الحديث السابق.
3 أحمد "2/ 108" من طريق رشدين عن أبي صخر حميد بن زياد عن نافع عن ابن عمر. ورشدين ضعيف وتابعه عند أحمد "2/ 136-137" هرون بن معروف. فالحديث حسن ورواه قريبا منه دون قوله "الزنديقية". الترمذي "4/ 456/ ح2151 و2152" في القدر، باب "16" وأبو داود "4/ 204/ ح4613" في السنة، باب لزوم السنة. وابن ماجه "2/ 1350/ ح4061" في الفتن، باب الخسوف. والحاكم "1/ 84" وإسناده حسن. وهو من طريق أبي صخر "حميد بن زياد" وفي حفظه شيء يسير وحديثه حسن إن شاء الله تعالى..
4 أحمد "2/ 90" وسنده حسن كالذي قبله. ورواه ابنه في السنة من حديثه. "ح917".
يَقُولُ: "فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ -أَوْ فِي أُمَّتِي، الشَّكُّ مِنْهُ- خَسْفٌ أَوْ مَسْخٌ أَوْ قَذْفٌ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ" 1 هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ1.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رحمه الله أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"لِكُلِّ أمة مجوس، وَمَجُوسِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ. مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلَا تَشْهَدُوا جِنَازَتَهُ، وَمَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا تَعُودُوهُمْ، وَهُمْ شِيعَةُ الدَّجَّالِ، وَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُلْحِقَهُمْ بِالدَّجَّالِ"2.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ شَرِيكٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ الْحَرَشِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْقَدَرِ وَلَا تُفَاتِحُوهُمْ" 3 صَحِيحٌ.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ خَالِدٍ الْحِمْصِيِّ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثَنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُذْهَبَهُ مِنْ قَلْبِي، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ عذب أهل سمواته وأهل أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمِهِمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ
1 الترمذي "4/ 456/ ح2151 و2152" في القدر، باب "16" وهو حسن وقد تقدم قبل حديث.
2 أبو داود "4/ 222/ ح4692" في السنة، باب في القدر، وهو حسن وقد تقدم.
3 أبو داود "4/ 228/ ح4710" وأحمد "1/ 30" وابن حبان "1/ 148/ ح79 -إحسان" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 145/ ح330" والحاكم "1/ 85" واللالكائي في أصول الاعتقاد "4/ 360/ ح1124" وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 148-149" والآجري في الشريعة "ص239" والبيهقي في السنن "10/ 204". وفي سنده حكيم بن شريك وهو مجهول ويشهد له ما تقدم فهو حسن.
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ مِثْلَ ذَلِكَ1. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ وَصِيَّةِ عُبَادَةَ لِابْنِهِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ وَعَلِيِّ بْنِ نِزَارٍ عَنْ نِزَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيبٌ: الْمُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ" هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ2.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ عَلَيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَيُؤْمِنُ بِالْمَوْتِ وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ"3.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: بَابَ مَا جَاءَ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي الْخَوْضِ فِي الْقَدَرِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُمَحِيُّ أَنْبَأَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
1 أبو داود "4/ 225/ ح4699" في السنة، باب في القدر، وأحمد "5/ 185" وابن ماجه "1/ 29/ ح77" في المقدمة، باب في القدر، وابن حبان في صحيحه "2/ 55/ ح725" والآجري في الشريعة "ص187" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 109/ ح245". وهو حديث صحيح.
2 الترمذي "4/ 454/ ح2149" في القدر، باب ما جاء في القدرية، وابن ماجه "1/ 31/ ح62" وابن أبي عاصم في السنة "1/ 147/ ح334 و2/ 461/ ح946" وابن عدي في الكامل "5/ 1838" والخطيب في تاريخ بغداد "5/ 368" وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 158". والبخاري في التاريخ الكبير "2/ 2/ 133" والطبراني في الكبير "11/ 262/ ح11682" واللالكائي في أصول الاعتقاد "4/ 643/ ح1156" وابن الجوزي في العلل المتناهية "1/ 158". رووه من طرق عدة. وهو حديث حسن.
3 الترمذي "4/ 451/ ح2144" في القدر، باب ما جاء في الإيمان بالقدر خيره وشره. وابن ماجه "1/ 32/ ح81" في المقدمة، باب في القدر، وأحمد "1/ 133" وابن حبان في صحيحه "1/ 202 -إحسان" والحاكم في المستدرك "1/ 32-33" وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وابن أبي عاصم في السنة "1/ 59/ ح130". من طرق. وهو حديث صحيح.
وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ، فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيْهِ حَبُّ الرُّمَّانِ، فَقَالَ:"أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ، أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ؟ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ، عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ أَلَا تُنَازِعُوا فِيهِ"1.
وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِي الْقَدَرِ قَالَ وَكَأَنَّمَا تَفَقَّأَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: "مَا لَكُمْ تَضْرِبُونَ كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ بِهَذَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ". قَالَ: فَمَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسٍ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أَشْهَدْهُ بِمَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَنِّي لَمْ أَشْهَدْهُ" وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 وَلِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ"3.
وَلَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبِيدٍ الْمَكِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنْ رَجُلًا قَدِمَ عَلَيْنَا يُكَذِّبُ بِالْقَدَرِ. فَقَالَ: دُلُّونِي عَلَيْهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَدْ عَمِيَ، قَالُوا: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ يَا أَبَا عَبَّاسٍ؟ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنِ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ لَأَعُضَّنَّ أَنْفَهُ حَتَّى أَقْطَعَهُ، وَلَئِنْ وَقَعَتْ رَقَبَتُهُ فِي يَدِي لَأَدُقَّنَّهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"كَأَنِّي بِنِسَاءِ بَنِي فِهْرٍ يَطُفْنَ بِالْخَزْرَجِ تَصْطَفِقُ أَلْيَاتُهُنَّ مُشْرِكَاتٍ" هَذَا أَوَّلُ شِرْكِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِيَنْتَهِيَنَّ بِهِمْ سُوءُ رَأْيِهِمْ
1 الترمذي "4/ 443/ ح2133" في القدر، باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر، وقال: وفي الباب عن عمر وعائشة وأنس وهذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المري، وصالح المري له غرائب يتفرد بها" لا يتابع عليها. قلت: فسنده ضعيف وهو صحيح لشواهده كالآتي. وأحاديث النهي في الكلام في القدر عديدة.
2 أحمد "2/ 178" وابن ماجه "1/ 33/ ح85" في المقدمة، باب في القدر والحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في زوائد ابن ماجه" 1/ 53" وقال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
قلت: للاختلاف في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. فسنده حسن.
3 أحمد "6/ 441" وعنه ابن عساكر في تاريخ دمشق "16/ 23/ 2" كما في الصحيحة "2/ 290/ ح675" وروى ابن ماجه قوله "لا يدخل الجنة مدمن خمر""2/ 1120/ ح3376" في الأشربة، باب مدمن الخمر. قال البوصيري في الزوائد: إسناده حسن، وسليمان بن عتبة مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد ثقات.
حَتَّى يُخْرِجُوا اللَّهَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ خَيْرًا كَمَا أَخْرَجُوهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ شَرًّا" 1.
وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: 47-49] إِلَّا فِي أَهْلِ الْقَدَرِ2.
وَلِابْنِ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: 48-49] قَالَ: "نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أُمَّتِي يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُكَذِّبُونَ بِقَدَرِ اللَّهِ"3.
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَنْزِعُ مِنْ زَمْزَمَ وَقَدِ ابْتَلَتْ أَسَافِلَ ثِيَابِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: تَكَلَّمْ فِي القدر. فقال: أوقد فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَّا فِيهِمْ {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [الْقَمَرِ: 48-49] أُولَئِكَ شِرَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَلَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلَا تُصَلُّوا عَلَى مَوْتَاهُمْ، إِنْ رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ فَقَأْتُ عَيْنَيْهِ بِأُصْبُعَيَّ هَاتَيْنِ4.
1 أحمد "1/ 330/ من طريقين". وإسحاق "المطالب العالية ح2936". واللالكائي في أصول الاعتقاد "ح1116" وإسناده ضعيف. ففي سند أحمد الأول رجل مبهم. وسنده الثاني وسند اللالكائي. ضعفاء عدة. منهم بقية ومحمد بن عبيد المكي.
2 البزار "3/ 72-73/ 2265" وأخرجه ابن المنذر كما في الدر المنثور "7/ 683". وفيه يونس بن الحارث وهو ضعيف. وأصل الحديث عند مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه "4/ 2046/ ح2656" في القدر، باب كل شيء خلقناه بقدر. وأحمد "2/ 444 و476".
3 أخرجه الطبراني "5/ 276/ ح5316" وابن أبي حاتم "ابن كثير 4/ 286" وابن مردويه وابن شاهين وابن منده والباوردي في الصحابة وابن عساكر كما في الدر المنثور "7/ 683" وابن الأثير في أسد الغابة "2/ 103" قال الهيثمي: فيه لم أعرفه. قلت: يشهد له ما تقدم.
4 الحسن بن عرفة "ص407/ ح10". واللالكائي في أصول الاعتقاد "4/ 643/ ح1162" وابن بطة في الإبانة "2/ 190-191" كلاهما من طريق الحسن عن مروان بن مالك الجزري. ومروان: قال الحافظ: صدوق له أوهام.
ورواه اللالكائي في أصول الاعتقاد "ح/ 1204" من حديث عبد الرحمن بن سابط عن أبي بكر. وروايته عنه مرسلة.
ذِكْرُ أَقْوَالِ الصَّحَابِةِ فِي هَذَا الْبَابِ:
تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ لِيَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَقَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ لِابْنِ الدَّيْلَمِيِّ، وَوَصِيَّةُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لِابْنِهِ.
وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ. قَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلَهُ عَنْهُ فَكَتَبَ فِيمَا كَتَبَ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} 1 [الْمَسَدِ: 1] .وَلَهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْرَجَ اللَّهُ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظَهْرِهِ مِثْلَ الذَّرِّ فَسَمَّاهُمْ، قَالَ هَذَا فُلَانٌ وَهَذَا فُلَانٌ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَتَيْنِ فَقَالَ لِلَّتِي فِي يَمِينِهِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ، وَقَالَ لِلَّتِي فِي يَدِهِ الْأُخْرَى: ادْخُلُوا النَّارَ وَلَا أُبَالِي2.
وَلَهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ وَإِنَّ اسْمَهُ لَفِي الْمَوْتَى3.
وَلَهُ عَنْهُ {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرَّعْدِ: 39] قَالَ: إِلَّا الشَّقَاوَةَ وَالسَّعَادَةَ وَالْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ4
وَلَهُ عَنْهُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ الْقَلَمُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ مَا يُرِيدُهُ أَنْ يَخْلُقَ فَالْكِتَابُ
1 عبد الله في السنة "871 و872 و894 و898" بأسانيد بعضها صحيح. ورواه البيهقي في الأسماء والصفات "ص271". وزيادة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} . أخرجها الحاكم في المستدرك "2/ 498" وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وابن جرير "29/ 14 تفسير".
2 عبد الله في السنة "ح876" بسند صحيح. ورواه ابن جرير في تفسيره "9/ 111" والآجري في الشريعة "ص211" وابن أبي حاتم "الدر المنثور 3/ 598".
3 عبد الله في السنة "ح887" بسند صحيح. ورواه ابن جرير في تفسيره "25/ 109".
4 عبد الله في السنة "ح897" بسند ضعيف. فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: وهو سيئ الحفظ. ورواه ابن جرير "13/ 166" وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر والبيهقي في الشعب "الدر المنثور 4/ 659".
عِنْدَهُ ثُمَّ قَرَأَ {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} 1 [الزُّخْرُفِ: 4] .
وَلَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَيْفَ تَفَقَّدَ سُلَيْمَانُ الْهُدْهُدَ مِنْ بَيْنِ الطَّيْرِ؟ قَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ نَزَلَ مَنْزِلًا فَلَمْ يَدْرِ مَا بُعْدُ الْمَاءِ وَكَانَ الْهُدْهُدُ مُهَنْدِسًا. قَالَ: فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنِ الْمَاءِ فَفَقَدَهُ. قُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ مُهَنْدِسًا وَالصَّبِيُّ يَنْصُبُ لَهُ الْحِبَالَةَ فَيَصِيدُهُ. قَالَ: إِذَا جَاءَ الْقَدَرُ حَالَ دُونَ الْبَصَرِ2.
وَلَهُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَطُوفُ مَعَ طَاوُسٍ بِالْبَيْتِ فَمَرَّ بِمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ. فَقَالَ قَائِلٌ لِطَاوُسٍ: هَذَا مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ الَّذِي يَقُولُ فِي الْقَدَرِ، فَعَدَلَ إِلَيْهِ طَاوُسٌ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ الْقَائِلُ مَا لَا تَعْلَمُ. قَالَ مَعْبَدٌ: يُكْذَبُ عَلَيَّ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَعَدَلْتُ مَعَ طَاوُسٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ طَاوُسٌ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ الَّذِينَ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرُونِي بَعْضَهُمْ. قَالَ: قُلْنَا: صَانِعٌ مَاذَا؟ قَالَ: إِذَنْ أَجْعَلُ يَدِي فِي رَأْسِهِ ثُمَّ أَدُقُّ عُنُقَهُ3.
وَلَهُ عَنْهُ قَالَ: لَيْسَ قَوْمٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ إِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قُدْرَةَ اللَّهِ، إِنَّ الله تعالى يقول:{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 23] .
وَلَهُ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَلْقَةٍ قَالَ فَذَكَرُوا أَهْلَ الْقَدَرِ، قَالَ فَقَالَ: أَفِي الْحَلْقَةِ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَآخُذُ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَقْرَأُ عَلَيْهِ {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الْإِسْرَاءِ: 4] وَأَقْرَأُ عَلَيْهِ آيَةَ كَذَا وَآيَةَ كَذَا5. وَلَهُ عَنْهُ وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْقَدَرِيَّةُ قَالَ: فَقَالَ: لَوْ رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ لَعَضِضْتُ أَنْفَهُ6.
1 عبد الله في السنة "ح898" بسند صحيح. ورواه ابن جرير "25/ 48" وابن أبي حاتم "الدر المنثور 7/ 366".
2 عبد الله في السنة "ح900 و931" بسند حسن. ورواه ابن جرير في تفسيره "19/ 144" والحاكم في المستدرك "2/ 406".
3 عبد الله في السنة "ح911" وسنده صحيح. وأخرجه الآجري في الشريعة "ص214 و241".
4 عبد الله في السنة "ح912" وسنده حسن.
5 عبد الله في السنة "ح292" وسنده صحيح. وأخرجه الحاكم "2/ 360" والآجري في الشريعة "ص214".
6 عبد الله في السنة "ح924 أ" وسنده صحيح وقد تقدم.
وَلَهُ عَنْهُ قَالَ: الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ نِظَامُ التَّوْحِيدِ، فَمَنْ آمَنَ وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَهُوَ نَقْضٌ لِلتَّوْحِيدِ1.
وَفِي لَفْظٍ: فَمَنْ وَحَّدَ وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ فَقَدْ نَقَضَ التَّوْحِيدَ2.
وَلَهُ عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عباس ومعي رجلا مِنَ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ الْقَدَرَ أَوْ ينكرونه. فقلت: يابن عَبَّاسٍ مَا تَقُولُ فِي الْقَدَرِ لَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَتَوْكَ يَسْأَلُونَكَ -وَقَالَ مَرَّةً- يَسْأَلُونَكَ عَنِ القدر إن زنا وإن سَرَقَ أَوْ شَرِبَ. فَحَسَرَ قَمِيصَهُ حَتَّى أَخْرَجَ مَنْكِبَيْهِ وَقَالَ: يَا أَبَا يَحْيَى لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقَدَرَ وَيُكَذِّبُونَ بِهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ مِنْهُمْ أَوْ هَذَيْنِ مَعَكَ لجاهدتهم، إن زنا فَبِقَدَرٍ، وَإِنْ سَرَقَ فَبِقَدَرٍ، وَإِنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَبِقَدَرٍ3.
وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ الْمُلَائِيِّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الْأَعْرَافِ: 172] قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَذَ عَلَى آدَمَ مِيثَاقَهُ أَنَّهُ رَبُّهُ، وَكَتَبَ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَمُصِيبَاتِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِهِ وَلَدَهُ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، وَكَتَبَ رِزْقَهُمْ وَأَجَلَهُمْ وَمُصِيبَاتِهِمْ4.
وَفِي تَفْسِيرِ أَسْبَاطٍ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ أَصْحَابِهِ أَبِي مَالِكٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الْأَعْرَافِ: 172] الْآيَةَ. قَالَ: لَمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ قَبْلَ أَنْ يَهْبِطَ مِنَ السَّمَاءِ مَسْحَ صَفْحَةَ ظَهْرِ آدَمَ الْيُمْنَى فَأَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ مِثْلَ اللُّؤْلُؤِ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ فَقَالَ
1 عبد الله في السنة "ح925" وفي سنده مجهول. ورواه الآجري "ص215" بسند فيه رجل مبهم. واللالكائي "ح/ 1224" بسند فيه انقطاع.
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه هانئ بن المتوكل وهو ضعيف "المجمع 7/ 200" فأسانيده لا تخلو من مجاهيل أو ضعفاء.
2 عبد الله في السنة "ح928". وهو كالذي قبله.
3 عبد الله في السنة "ح937" وفي سنده من لا يعرف. ورواه اللالكائي في أصول الاعتقاد "ح/ 1230" بسند عبد الله في السنة.
4 ورواه الطبري في تفسيره من طرق عدة "9/ 112" أسانيد بعضها حسنة.
لَهُمْ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، وَمَسَحَ صَفْحَةَ ظَهْرِهِ الْيُسْرَى فَأَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَهَيْئَةِ الذَّرِّ فَقَالَ: ادْخُلُوا النَّارَ وَلَا أُبَالِي. فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ فَقَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى. فَأَعْطَاهُ طَائِفَةً طَائِعِينَ وَطَائِفَةً كَارِهِينَ عَلَى وَجْهِ التَّقِيَّةِ، فَقَالَ هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ:{شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} [الْأَعْرَافِ: 172] الْآيَةَ. فَلِذَلِكَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ، وَلَا مُشْرِكٌ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزُّخْرُفِ: 23] فَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الْأَعْرَافِ: 172] وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آلِ عِمْرَانَ: 83] وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الْأَنْعَامِ: 149] قَالَ: يَعْنِي يَوْمَ الْمِيثَاقِ1. وَعَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الْجَاثِيَةِ: 29] قَالَ: تَسْتَنْسِخُ الْحَفَظَةُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ مَا يَعْمَلُ بَنُو آدَمَ، فَإِنَّمَا يَعْمَلُ الْإِنْسَانُ عَلَى مَا اسْتَنْسَخَ الْمَلَكُ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ2. وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: كُتِبَ فِي الذِّكْرِ عِنْدَهُ كُلُّ شَيْءٍ هُوَ كَائِنٌ ثُمَّ بَعَثَ الْحَفَظَةَ عَلَى آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ وَكُلُّ مَلَائِكَتِهِ يَنْسَخُونَ مِنَ الذِّكْرِ مَا يَعْمَلُ الْعِبَادُ، ثُمَّ قَرَأَ {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الْجَاثِيَةِ: 29] 3 وَفِي تَفْسِيرِ الضَّحَّاكِ عَنْهُ رضي الله عنه فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: هِيَ أَعْمَالُ أَهْلِ الدُّنْيَا الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ كُلَّ غَدَاةٍ وَعَشِيَّةٍ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوِ اللَّيْلَةِ الَّذِي يُقْتَلُ وَالَّذِي يَغْرَقُ وَالَّذِي يَقَعُ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ وَالَّذِي يَتَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ وَالَّذِي يَقَعُ وَالَّذِي يُحْرَقُ بِالنَّارِ فَيَحْفَظُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ صَعِدُوا بِهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيَجِدُونَهُ كَمَا فِي السَّمَاءِ مَكْتُوبًا فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
1 انظر الطبري "9/ 116".
2، 3 انظر الطبري "25/ 156" واللالكائي "ح944". وابن كثير "4/ 164".
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ قَبْضَتَيْنِ، فَقَالَ لِمَنْ فِي يَمِينِهِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ، وَقَالَ لِمَنْ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى: ادْخُلُوا النَّارَ وَلَا أُبَالِي1.
وَلِعَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوَامًا، أَوْ مُقَارِبًا، مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْقَدَرِ2.
وَلَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ حِينَ طُعِنَ: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} 3 [الْأَحْزَابِ: 38] .
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ رضي الله عنه بِالْجَابِيَةِ وَفِي لَفْظٍ بِالشَّامِ وَالْجَاثَلِيقُ مَاثِلٌ فَتَشَهَّدَ فَقَالَ: "مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ بِقَمِيصِهِ هَكَذَا يَعْنِي نَفَضَهُ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِلُّ أَحَدًا، فَقَالَ: مَا يَقُولُ: فَقَالُوا: مَا قَالَ. فَقَالَ: كَذَبْتَ عَدُوَّ اللَّهِ، اللَّهُ خَلَقَكَ، وَاللَّهُ أَضَلَّكَ، ثُمَّ يُمِيتُكَ فَيُدْخِلُكَ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَاللَّهِ لَوْلَا عَقْدٌ لَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ فَنَثَرَ ذُرِّيَّتَهُ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ كَتَبَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، وَكَتَبَ أَهْلَ النَّارِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ. قَالَ: فَتَصَدَّعَ النَّاسُ وَمَا يُتَنَازَعُ فِي الْقَدَرِ4.
1 رواه سفيان بن عيينة في جامعه عن عمرو بن دينار أن أبا بكر الصديق قام على المنبر
…
وذكره "كنز العمال ح1542" وعمرو بن دينار ثقة إلا أنه لم يدرك أبا بكر الصديق رضي الله عنه.
2 عبد الله في السنة "ح870" وإسناده صحيح. وأخرجه الحاكم "1/ 33" واللالكائي "ح 1127".
3 عبد الله في السنة "ح892" وإسناده صحيح.
4 عبد الله في السنة "ح929" واللالكائي في أصول الاعتقاد "ح1197 و1198 و1199" وأخرج بعضه عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية "ح257". كلهم من رواية عبد الأعلى بن عامر القرشي: وعبد الأعلى قال عنه الحافظ: مقبول وقد روى عنه خالد الحذاء والحارث بن عبد الله بن القاسم وعمرو بن الأصبغ ومخلد والد أبي عاصم وذكره خليفة في الطبقة الرابعة من تابعي أهل البصرة. فحديثه حسن إن شاء الله.
وعزاه صاحب الكنز "ح1545" لابن بشران وابن منده في غرائب شعبة وخشيش في الاستقامة. والجاثليق هو: رئيس للنصارى في بلاد الإسلام.
وَقَالَ عَلَيٌّ رضي الله عنه: مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا وَمَعَهُ مَلَكٌ يَقِيهِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّاهُ وَإِيَّاهُ1.
وَلَهُ عَنْهُ رضي الله عنه قَالَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْقَدَرُ يَوْمًا فَأَدْخَلَ إِصْبِعَهُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى فِي فِيهِ فَرَقَّمَ بِهِمَا بَاطِنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّقْمَتَيْنِ كَانَتَا فِي أُمِّ الْكِتَابِ2.
وَلَهُ عَنْ أَسِيرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: طَلَبْتُ عَلِيًّا فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ -كَأَنَّهُ خَوَّفَهُ- قَالَ فَقَالَ: إِيهِ لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا وَمَعَهُ مَلَكٌ يَدْفَعُ عَنْهُ مَا لَمْ يَنْزِلِ الْقَدَرُ. فَإِذَا نَزَلَ الْقَدَرُ لَمْ يُغْنِ شَيْئًا3.
وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما -وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنَّا نُسَافِرُ فَنَلْقَى قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ- قَالَ: إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَهُمْ مِنْهُ بَرَآءُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ4.
وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ قُلْتُ: لِابْنِ عُمَرَ إِنَّ أُنَاسًا عِنْدَنَا يَقُولُونَ: الْخَيْرُ والشر بقدر. وناس عِنْدَنَا يَقُولُونَ: الْخَيْرُ بِقَدَرٍ وَالشَّرُّ لَيْسَ بِقَدَرٍ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إِنَّهُ مِنْكُمْ بَرِيءٌ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بُرَآءُ5.
وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ بَارِئًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ رَازِقًا أَوْ يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضُرًّا أَوْ نَفْعًا أَوْ مَوْتًا أَوْ حَيَاةً أَوْ نُشُورًا بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَخْرَسَهُ وَأَعْمَى بَصَرَهُ وَجَعَلَ عَمَلَهُ هَبَاءً مَنْثُورًا وَقَطَعَ بِهِ الْأَسْبَابَ وَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ6.
1 عبد الله في السنة "ح874" وإسناده صحيح.
2 عبد الله في السنة "ح955" والآجري في الشريعة "ص202" واللالكائي "ح1213" وفيه عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك: قال عنه الحافظ في تعجيل المنفعة، فيه نظر.
3 عبد الله في السنة "ح877" وإسناده صحيح. وقد تقدم قوله دون القصة قبل حديث.
4 عبد الله في السنة "ح921" وأصله في مسلم.
5 عبد الله في السنة من طريقه "ح926". وأصله في مسلم.
6 عبد الله في السنة "ح957" وسنده حسن.
وَلَهُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: لَا قَدَرَ. فَقَالَ: أُولَئِكَ الْقَدَرِيُّونَ. أُولَئِكَ مَجُوسُ هَذِهِ الْأُمَّةِ1.
وَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: مَضَتِ الْكُتُبُ وَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ فَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ2.
وَلَهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: رُفِعَ الْكِتَابُ وَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ وَأُمُورٌ تُقْضَى فِي كِتَابٍ قَدْ خَلَا. وَفِي رِوَايَةٍ قُضِيَ الْقَضَاءُ وَجَفَّ الْقَلَمُ وَأُمُورٌ تَكْفِي فِي كِتَابٍ قَدْ خَلَا3. وَلَهُ عَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: سَيَكُونُ نَاسٌ يُصَدِّقُونَ بِقَدَرٍ وَيُكَذِّبُونَ بِقَدَرٍ فَيَلْعَنُهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ هَذَا4.
وَلَهُ عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ: اكْتَفِي بِآخِرِ سُورَةِ الْفَتْحِ5.
وَلَهُ عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ الأزدي عن سلمان رضي الله عنه قَالَ: لَقِيتُهُ بِمَاءِ سَبَذَانَ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي كَيْفَ الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ؟ قَالَ: أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَلَا تَقُلْ لَوْ كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَلَوْ نَفْعَلُ كَذَا لَكَانَ كَذَا6.
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: وَدِدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ مَنْ أُخَاصِمُ إِلَيْهِ رَبِّي. فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَنَا. فَقَالَ
1 عبد الله في السنة "ح958" وسنده حسن.
2 عبد الله في السنة "ح878" أوب وفي الأول ابن لهيعة وفي الثاني فيه من لم يعرف.
3 عبد الله في السنة "ح875 و881" ورواه الطبراني في الكبير "ح2684" والآجري في الشريعة "ص248" واللالكائي "رقم 1234" بأسانيد بعضها صحيحة.
4 عبد الله في السنة "ح920" وسنده حسن. ورواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة "المجمع 7/ 205".
5 عبد الله في السنة "ح930" وسنده حسن.
6 عبد الله في السنة "ح923" وعبد الرزاق في مصنفه "رقم20083" والآجري "ص206" واللالكائي في الاعتقاد "ح1240" والطبراني "المجمع 7/ 202" قال الهيثمي: فيه أبو الحجاج الأزدي لم أعرفه.
عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَيُقَدِّرُ عَلَيَّ شَيْئًا يُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: نَعَمْ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَظْلِمُكَ. فَقَالَ عَمْرٌو: صَدَقْتَ1.
وَلَهُ عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ سَأَلَتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ "جَفَّ الْقَلَمُ" فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فَمَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْهُ اهْتَدَى2.
وَكَلَامُ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ يَطُولُ ذِكْرِهِ، وَقَدْ جُمِعَتْ فِيهِ التَّصَانِيفُ الْكَثِيرَةُ
1 عبد الله في السنة "ح927" وعبد الرزاق في مصنفه "رقم20097" وفي سنده انقطاع.
2 عبد الله في السنة "ح932" وسنده صحيح.