الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصول الإسلام والإيمان
19 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» (1). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
20 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ (2) وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ (3)، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ (4)» (5). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
21 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ
(1) قال الإمام الآجري في «الأربعين» (ص: 82): «من ترك فريضة من هذه الخمس وكفر بها وجحد بها لم ينفعه التوحيد ولم يكن مسلمًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر» ، وقال ابن مسعود:«إن الله عز وجل قرن الزكاة مع الصلاة، فمن لم يزكِّ ماله فلا صلاة له» ، ولما قُبِض النبي صلى الله عليه وسلم ارتد أهل اليمامة عن أداء الزكاة وقالوا: نصلي ونصوم ولا نزكي أموالنا. فقاتلهم أبو بكر الصديق مع جميع الصحابة حتى قتلهم وسباهم وقال: «تشهدون أن قتلاكم في النار وقتلانا في الجنة» كل ذلك لأن الإسلام خمس لا يُقبَل بعضه دون بعض، فاعلم ذلك» اهـ.
(2)
البضع: ما بين الثلاثة إلى العشرة.
(3)
يعني: إزالة ما يتأذَّى به المارة من شوك، أو حجر، أو نحوه.
(4)
«الحياء شعبة من الإيمان» : معناه: أن الحياء يقطع صاحبه عن المعاصي ويحجزه عنها، فصار بذلك من الإيمان؛ إذ الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار لِمَا أمر الله به، وانتهاء عما نهى عنه.
(5)
هذا الحديث أصل في إثبات أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، كما هو قول أهل السنة والجماعة. قال الإمام ابن منده في «الإيمان» (1/ 332):«جعل صلى الله عليه وسلم الإيمان شعبًا بعضها باللسان والشفتين، وبعضها بالقلب، وبعضها بسائر الجوارح: فشهادة أن لا إله إلا الله فعل اللسان، تقول: شهدت أشهد شهادة، والشهادة فعلة بالقلب واللسان لا اختلاف بين المسلمين في ذلك، والحياء في القلب، وإماطة الأذى عن الطريق فعل سائر الجوارح» اهـ.
إِذَا صَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلَالَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ (1)، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:«نَعَمْ» . قَالَ: وَاللهِ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
22 -
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ (2)، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلَامِ (3)، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (4)» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
23 -
عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ (5) بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ -أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ- فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (6) دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي (7) أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ
(1) أحللت الحلال: فعلته معتقدًا حِلَّه. حرَّمت الحرام: اجتنبته.
(2)
ولا بد مع هذا من الإيمان بجميع ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الرواية الأخرى لأبي هريرة عند مسلم أيضًا:«حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به» .
(3)
أي: إذا فعلوا ذلك لا يجوز إهدار دمائهم واستباحة أموالهم بسبب من الأسباب، إلا بحق الإسلام، من استيفاء قصاص نفس، أو رجم لزان محصن، أو قطع لسارق، أو تغريم مال لمن أتلف مال الغير، إلى غير ذلك من الحقوق الإسلامية.
(4)
أي: فيما يسترونه ويخفونه، دون ما يُخِلُّون به في الظاهر من الأحكام الواجبة.
(5)
أي: أول مَن قال بنفي القدر، فابتدع وخالف الصواب الذي عليه أهل الحق.
(6)
أي: قُدِّر لنا لقاؤه.
(7)
يعني: صرنا في ناحيتيه.
الْكَلَامَ إِلَيَّ (1)، فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ (2)، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ (3)، قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ (4)، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» . قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ! قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ؟ قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» . قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ؟ قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» . قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: «مَا الْمَسْئُولُ
(1) أي: سيقتنع بقولي، ويعتمد عليَّ فيما أذكر.
(2)
أي: يطلبونه ويتتبعونه.
(3)
«يزعمون أن لا قدر» : أي: أن الأشياء لم يُسبق تقديرها. «أن الأمر أنف» : أي: مستأنف، لم يتقدم فيه قدر ولا مشيئة.
(4)
معناه: أن الرجل الداخل وضع كفيه على فخذي نفسه، وجلس على هيئة المتعلم.
عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا (1)؟ قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا (2)، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ (3)» . قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبِثْتُ مَلِيًّا (4)، ثُمَّ قَالَ لِي:«يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟» . قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» (5). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(1) الأمارة: العلامة.
(2)
المراد بهذا: أن الإسلام يظهر ويستولي أهله على بلاد الكفر فيَسْبُونهم، فإذا ملك المسلم الجارية فاستولدها كان الابن بمنزلة ربَّها، والبنت بمنزلة ربتها؛ لأنه وَلَدُ سيدِها.
(3)
العالة: الفقراء، والمعنى أن العرب الذين كانوا لا يستقرون في مكان، وإنما كانوا ينتجعون مواقع المطر، يسكنون البلدان، ويتطاولون في البنيان، كل ذلك لاتساع الإسلام.
(4)
مليًّا: وقتًا طويلًا.
(5)
قال الإمام الآجري في «الأربعين» (ص: 86): «واجب على كل مسلم أن يؤمن بالله عز وجل، وبجميع ملائكته، وبجميع كتبه التي أنزلها الله على رسله، وبجميع أنبيائه، وبالموت، وبالبعث من بعد الموت، وبالجنة والنار، وبما جاءت به الآثار في أحاديث أخر، مثل أن يؤمن بالصراط، والميزان، وبالحوض، والشفاعة، وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار فيدخلون الجنة، وبالساعة، وأشباهٌ لهذا مما يؤمن به أهل الحق من أهل العلم، ويجحد بها أهل الأهواء والبدع والضلالة ممن حذرناهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناهم الصحابة، والتابعون لهم بإحسان، وعلماء المسلمين، ويؤمن بالقدر خيره وشره، ويبرأ ممن لم يؤمن بالقدر خيره وشره، كما تبرأ ابن عمر منه.
وقوله: «وأخبرني عن الإحسان؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» ». فاعلم أنه من عَبَد الله عز وجل، فيعلم أن الله عز وجل مطلع على عمله، يعلم سره وعلانيته، ويعلم ما تخفي من عملك وما تبديه، وما تريد بعملك ألله تريد أم غيره؟ {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7]، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]، {يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} [النور: 64] فاحذروه، فمن راعى هذه بقلبه وبعلمه خشي من الله عز وجل وخافه وعبده كما أمره، فإن كنت عن هذه المراعاة في غفلة فإنه يراك، ثم إليه مرجعك فينبئك بما كنت تعمله، فاحذر الغفلة في عبادتك إياه، واعبده كما أمرك لا كما تريد، واستعن به، واعتصم به، فإنه لا يقطع من لجأ إليه، وقد ضمن لمن اعتصم به أن يهديه إلى صراط مستقيم» اهـ.
24 -
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ (1). قَالَ:«قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» (2). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
25 -
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ (3) قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً (4)، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً (5) مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً (6) مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ المَلَكُ (7) فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ
(1) طلب منه أن يعلمه كلامًا جامعًا لأمر الإسلام كافيًا حتى لا يحتاج بعده إلى غيره.
(2)
قال الإمام ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (1/ 510): «الاستقامة: هي سلوك الصراط المستقيم، وهو الدين القَيِّم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها، الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك، فصارت هذه الوصية جامعة لخصال الدين كلها. وأصل الاستقامة: استقامة القلب على التوحيد، فمتى استقام القلب على معرفة الله، وعلى خشيته، وإجلاله، ومهابته، ومحبته، ورجائه، ودعائه، والتوكل عليه، والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته، فإن القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده، فإذا استقام الملك، استقامت جنوده ورعاياه» اهـ باختصار.
(3)
أي: الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم.
(4)
النطفة: المني.
(5)
العلقة: قطعة من دم.
(6)
المضغة: قطعة من لحم.
(7)
يعني: الملَك الموكَّل بالرحم.
أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا (1)» (2). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
26 -
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ:«مَا تَذَاكَرُونَ؟» . قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْا قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ: الدُّخَانَ (3)، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ (4)، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ (5): خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ
(1) قال الإمام ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (1/ 172): «في «الصحيحين» عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة» . زاد البخاري في رواية له: «إنما الأعمال بالخواتيم» . وقوله: «فيما يبدو للناس» إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وأن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة» اهـ.
(2)
قال الإمام الآجري في «الأربعين» (ص: 90) بعد روايته لهذا الحديث: «ينبغي لك أيها السائل أن تعلم أن الله عز وجل قد فرغ من أرزاق العباد، وأن كل عبد مستوف رزقه لا يزيد فيه ولا ينقص منه، وكذا قد فرغ من الآجال، لا يزداد أحد على أجله ولا ينتقص منه حتى يأتيه آخر أجله، وكذا كتب الله عز وجل عمله الذي يعمل خيرًا كان أو شرًا، وكتبه شقيًّا أو سعيدًا، فكل العباد يسعون في أمر قد فُرغ منه، والإيمان بهذا واجب، ومن لم يؤمن به كفر» اهـ.
(3)
الدخان: دخان يأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام.
(4)
الدابة: هي المذكورة في قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} [النمل: 82]. وهي دابة تخرج في آخر الزمان تُكَلِّم الناس، وتنكت في وجه الكافر نكتة سوداء فيَسْوَدُّ وجهه، وتنكت في وجه المؤمن نكتة بيضاء فيَبْيَضُّ وجهه، فيُعرَف المؤمن من الكافر.
(5)
خسف المكان: ذهابه في الأرض وغيابه فيها.
تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ (1)». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
27 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ (2)» (3). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
28 -
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبُو بَكْرٍ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدٌ فِي الجَنَّةِ، وَسَعِيدٌ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ» (4) .................................
(1) أي: تسوق تلك النارُ الناسَ إلى مجمعهم وموقفهم للحشر.
(2)
المُد: ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومدَّ يده بهما. نصيفه: نصفه. والمعنى: أن جهد المُقِل منهم واليسير من النفقة الذي أنفقوه في سبيل الله مع شدة العيش والضيق الذي كانوا فيه، أوفى عند الله وأزكى من الكثير الذي ينفقه مَن بعدهم.
(3)
قال الإمام أحمد بن حنبل في «أصول السنة» (ص: 54): «ومن انتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه لحدث كان منه، أو ذكر مساويه، كان مبتدعًا حتى يترحَّم عليهم جميعًا، ويكون قلبه لهم سليمًا» اهـ.
وقال الإمام النووي في «شرح مسلم» (16/ 93): «واعلم أن سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرَّمات، سواء من لابس الفتن منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأوِّلون.
قال القاضي: وسبُّ أحدهم من المعاصي الكبائر. ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يُعَزَّر ولا يُقتَل، وقال بعض المالكية: يُقتَل» اهـ.
(4)
واعلم رحمك الله: أن من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله عز وجل، ومن أحب علي بن أبي طالب فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق» اهـ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، تَدَاوَلَتْهُ الْأَئِمَّةُ وَتَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ.