المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فيما يجب على مكري دار ودابة] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٣

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْر الْمُسْلِم فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَمَكَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ دَيْنًا

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا جنى الْمَرْهُونُ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ]

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌بَابُ الضَّمَانِ

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ]

- ‌كتاب الشركة

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِغَيْرِ أَجَلٍ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ]

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَبَيَانِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رد الْعَارِيَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[فَرْعٌ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ عَلَفٍ فِي وِعَاءٍ فَأَكَلَتْهُ فِي الْحَالِ بَهِيمَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا]

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الشِّقْصُ وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَعَ مَا يَأْتِي مَعَهُمَا]

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقُرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مُكْرِي دَارٍ وَدَابَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْفِسَاخِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا يَقْتَضِيهِمَا]

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمُلْتَقَطِ]

- ‌[فَصْلٌ وَيَذْكُرُ نَدْبًا بَعْضَ أَوْصَافِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُمْلَكُ بِهِ اللُّقَطَةُ]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ كُفْرِهِ بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرِقِّ اللَّقِيطِ وَحُرِّيَّتِهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ]

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌[فصل فيما يجب على مكري دار ودابة]

فَصْلٌ يَجِبُ تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي، وَعِمَارَتُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ، فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا، وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ،

ــ

[مغني المحتاج]

الْأُمِّ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الصَّبَّاغِ وَالْخَيَّاطِ مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مُكْرِي دَارٍ وَدَابَّةٍ]

فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مُكْرِي دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ:(يَجِبُ) عَلَيْهِ (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَى الْمُكْتَرِي) إذَا سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَلَا يَأْثَمُ الْمُكْرِي بِالْمَنْعِ مِنْ التَّسْلِيمِ لِمَا سَيَأْتِي، وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي مُدَّةِ الْمَنْعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَإِذَا تَسَلَّمَهُ الْمُكْتَرِي فَهُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ بِلَا تَفْرِيطٍ، وَإِذَا ضَاعَ مِنْهُ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَمْ يُبَدِّلْهُ الْمُكْرِي لَهُ ثَبَتَ لَهُ الْفَسْخُ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُكْرِي عَلَى الْإِبْدَالِ، هَذَا فِي مِفْتَاحِ غَلْقٍ مُثْبَتٍ. أَمَّا الْقُفْلُ الْمَنْقُولُ وَمِفْتَاحُهُ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُكْتَرِي وَإِنْ اُعْتِيدَ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ بِمَنْعِهِ مِنْهُمَا خِيَارٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ الْمَنْقُولِ فِي الْعَقْدِ الْوَاقِعِ عَلَى الْعَقَارِ، وَالْمِفْتَاحُ تَابِعٌ لِلْغَلْقِ، (وَ) لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (عِمَارَتُهَا) بَلْ هِيَ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ) سَوَاءٌ أَقَارَنَ الْخَلَلُ الْعَقْدَ كَدَارٍ لَا بَابَ لَهَا أَمْ عَرَضَ لَهَا دَوَامًا؟ وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَا يُحْتَاجُ لَعَيْنٍ زَائِدَةٍ كَإِقَامَةِ مَائِلٍ أَمْ يُحْتَاجُ: كَبِنَاءٍ وَتَطْيِينٍ؟ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى عِمَارَتِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَإِنْ بَادَرَ وَأَصْلَحَهَا) بِالْعِمَارَةِ فَذَاكَ، (وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ) إنْ نَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ لِتَضَرُّرِهِ، فَإِذَا وَكَفَ الْبَيْتُ: أَيْ قَطَرَ سَقْفُهُ فِي الْمَطَرِ لِتَرْكِ التَّطْيِينِ ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِذَا انْقَطَعَ زَالَ الْخِيَارُ، إلَّا إذَا حَصَلَ بِسَبَبِهِ نَقْصٌ وَهَذَا فِي الْخَلَلِ الْحَادِثِ. أَمَّا الْمُقَارِنُ لِلْعَقْدِ إذَا عَلِمَ بِهِ فَلَا خِيَارَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْعِمَارَةِ فِي الْمُطْلَقِ. أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ عِمَارَتَهُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِيعٌ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، وَفِي مَعْنَاهُ الْمُتَصَرِّفُ بِالِاحْتِيَاطِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُعَمِّرْ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَتَضَرَّرَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ الْحَرِيقَ وَالنَّهْبَ وَغَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ وَرَدُّ الْأُجْرَةِ إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ، وَإِذَا سَقَطَتْ الدَّارُ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُؤَجِّرَ ضَمَانُهُ وَلَا أُجْرَةُ تَخْلِيصِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ وَقَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى انْتِزَاعِهَا

ص: 468

وَكَسْحُ الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ عَنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي.

وَإِنْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إكَافٌ وَبَرْذَعَةٌ

ــ

[مغني المحتاج]

لَزِمَهُ كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَلَكِنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّ مَا بَحَثَهُ هُنَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ آخِرَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا الْحَرِيقَ وَالنَّهْبَ وَغَيْرَهُمَا كَمَا مَرَّ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ فِيمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى انْتِزَاعِهِ إلَّا بِكُلْفَةٍ، وَمَا هُنَا بِخِلَافِهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ أَوْ لِعَدَمِ الْكُلْفَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْحَالَيْنِ، (وَكَسْحُ) أَيْ رَفْعُ (الثَّلْجِ عَنْ السَّطْحِ) فِي دَوَامِ الْإِجَارَةِ (عَلَى الْمُؤَجِّرِ) ؛ لِأَنَّهُ كَعِمَارَةِ الدَّارِ، فَإِنْ تَرَكَهُ وَحَدَث بِهِ عَيْبٌ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي دَارٍ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ جَمَلُونَاتٌ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ، (وَتَنْظِيفُ عَرْصَةِ الدَّارِ) وَهِيَ بُقْعَةٌ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ، وَجَمْعُهَا عِرَاصٌ وَعَرَصَاتٍ (عَنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ عَلَى الْمُكْتَرِي) ، إنْ حَصَلَا فِي دَوَامِ الْمُدَّةِ.

أَمَّا الْكُنَاسَةُ، وَهِيَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْقُشُورِ وَنَحْوِهِ فَلِحُصُولِهَا بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ التُّرَابِ الَّذِي يَجْتَمِعُ لِهُبُوبِ الرِّيحِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ. وَأَمَّا الثَّلْجُ؛ فَلِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَالُ الِانْتِفَاعِ لَا أَصْلُهُ، وَهُوَ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِنَقْلِهِ عُرْفًا. نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ أُجْبِرَ عَلَى نَقْلِ الْكُنَاسَةِ، دُونَ الثَّلْجِ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَوْ كَانَ التُّرَابُ أَوْ الرَّمَادُ أَوْ الثَّلْجُ الْخَفِيفُ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ إزَالَتَهُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ، إذْ يَحْصُلُ بِهِ التَّسْلِيمُ التَّامُّ، وَنَقْلُ رَمَادِ الْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ، يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ، وَتَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَمُنْتَقَعِ الْحَمَّامِ وَالْحَشِّ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي الدَّوَامِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ، وَعَلَى الْمَالِكِ فِي الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ. وَفَارَقَ حُكْمُ الِانْتِهَاءِ هُنَا حُكْمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ: بِأَنَّ الْحَادِثَ هُنَا مَعَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ضَرُورِيٌّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ تَسْلِيمُ بِئْرِ الْحَشِّ وَالْبَالُوعَةِ وَهُمَا فَارِغَانِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ إجْبَارَهُ عَلَيْهِ، بَلْ إنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْض الصُّوَرِ، حَتَّى إذَا تَرَكَ الْمُؤَجِّرُ مَا عَلَيْهِ ثَبَتَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ مَا عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الِانْتِفَاعُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَيُمْنَعُ مُسْتَأْجِرُ دَارٍ لِلسُّكْنَى مِنْ طَرْحِ الرَّمَادِ وَالتُّرَابِ فِي أَصْلِ حَائِطِ الدَّارِ، وَمِنْ رَبْطِ الدَّابَّةِ فِيهَا إلَّا إنْ اُعْتِيدَ رَبْطُهَا فِيهَا، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الثَّانِي، فَقَالَ:(وَإِنْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ) إجَارَةِ عَيْنٍ أَوْ ذِمَّةٍ وَأَطْلَقَ (فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ إكَافٌ) وَقَدْ مَرَّ ضَبْطُهُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ هُنَا بِغَيْرِ الْبَرْذَعَةِ لِقَوْلِهِ: وَبَرْذَعَةٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ. وَحُكِيَ إهْمَالُهَا. وَفَسَّرَهَا الْجَوْهَرِيُّ

ص: 469

وَحِزَامٌ وَثَفَرٌ وَبُرَةٌ وَخِطَامٌ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحْمِلٌ وَمِظَلَّةٌ وَوِطَاءٌ وَغِطَاءٌ وَتَوَابِعُهَا، وَالْأَصَحُّ فِي السَّرْجِ اتِّبَاعُ الْعُرْفِ، وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ، وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ الْخُرُوجُ مَعَ الدَّابَّةِ لِتَعَهُّدِهَا، وَإِعَانَةُ الرَّاكِبِ فِي رُكُوبِهِ وَنُزُولِهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ،

ــ

[مغني المحتاج]

بِالْحِلْسِ الَّذِي يُلْقَى تَحْتَ الرَّحْلِ، وَمَنْ يُفَسِّرُ الْإِكَافَ بِالْبَرْذَعَةِ كَصَاحِبِ الْفَصِيحِ يَشْكُلُ عَلَيْهِ عَطْفُ الْمُصَنِّفِ الْبَرْذَعَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى عَطْفِ التَّفْسِيرِ، (وَحِزَامٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ بِخَطِّهِ: مَا يُشَدُّ بِهِ الْإِكَافُ (وَثَفَرٌ) بِمُثَلَّثَةٍ وَفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ بِخَطِّهِ: مَا يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِ الدَّابَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُجَاوَرَتِهِ ثَفْرَ الدَّابَّةِ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَهُوَ حَيَاؤُهَا، (وَبُرَةٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: حَلْقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، (وَخِطَامٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ: خَيْطٌ يُشَدُّ فِي الْبُرَةِ ثُمَّ يُشَدُّ فِي طَرَفِ الْمِقْوَدِ بِكَسْرِ الْمِيمِ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ، وَالْعُرْفُ مُطَّرِدٌ بِهِ.

تَنْبِيهٌ إنَّمَا تَجِبُ هَذِهِ الْأُمُورُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ لِلرُّكُوبِ، وَإِنْ شَرَطَ مَا ذُكِرَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ شَرَطَ عَدَمَ ذَلِكَ كَأَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّابَّةَ عُرْيًا بِلَا حِزَامٍ وَلَا إكَافٍ وَلَا غَيْرِهِمَا اُتُّبِعَ الشَّرْطُ، (وَعَلَى الْمُكْتَرِي مَحْمِلٌ) وَقَدْ مَرَّ ضَبْطُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ (وَمِظَلَّةٌ) يُظَلَّلُ بِهَا عَلَى الْمَحْمِلِ، وَمَرَّ ضَبْطُهَا فِي بَابِ الصُّلْحِ، (وَوِطَاءٌ وَغِطَاءٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا مَمْدُودَيْنِ. وَالْأَوَّلُ: مَا يُفْرَشُ فِي الْمَحْمِلِ، وَالثَّانِي مَا يُغَطَّى بِهِ، (وَتَوَابِعُهَا) كَالْحَبْلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ، أَوْ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تُرَادُ لِكَمَالِ الِانْتِفَاعِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْإِجَارَةِ، (وَالْأَصَحُّ) وَفِي الْمُحَرَّرِ الْأَشْبَهُ (فِي السَّرْجِ) لِلْفَرَسِ الْمُؤَجَّرِ (اتِّبَاعُ الْعُرْفِ) فِي مَوْضِعِ الْإِجَارَةِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ.

وَالثَّانِي: عَلَى الْمُؤَجِّرِ كَالْإِكَافِ، (وَظَرْفُ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ) الدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ إجَارَةَ (الذِّمَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ النَّقْلَ فَلْيُهَيِّئْ أَسْبَابَهُ، وَالْعَادَةُ مُؤَيِّدَةٌ لَهُ، (وَعَلَى الْمُكْتَرِي فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ بِالْإِكَافِ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي، (وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ الْخُرُوجُ مَعَ الدَّابَّةِ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (لِتَعَهُّدِهَا) وَصَوْنِهَا، (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (إعَانَةُ الرَّاكِبِ فِي رُكُوبِهِ) الدَّابَّةَ (وَنُزُولِهِ) عَنْهَا (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) ، وَتُرَاعَى الْعَادَةُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِعَانَةِ فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ لِامْرَأَةٍ وَضَعِيفٍ بِمَرَضٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ سِمَنٍ مُفْرِطٍ وَنَحْوِهَا، وَيُقَرِّبُ الْحِمَارَ وَالْبَغْلَ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ الرُّكُوبُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ النَّقْلَ وَالتَّبْلِيغَ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِهَذِهِ الْأُمُورِ، وَلَا يَلْزَمُهُ

ص: 470

وَرَفْعُ الْمَحْمِلِ وَحَطُّهُ، وَشَدُّ الْمَحْمِلِ وَحَلُّهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ.

وَتَنْفَسِخُ إجَارَةُ الْعَيْنِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ،

ــ

[مغني المحتاج]

إنَاخَةُ الْبَعِيرِ لِقَوِيٍّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَعِيرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لِرُكُوبِهِ تَعَلَّقَ بِهِ وَرَكِبَ وَإِلَّا شَبَّكَ الْجَمَّالُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ لِيَرْقَى عَلَيْهَا وَيَرْكَبَ، وَالِاعْتِبَارُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ بِحَالَةِ الرُّكُوبِ لَا بِحَالَةِ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا الْوُقُوفُ لِيَنْزِلَ الرَّاكِبُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالطَّهَارَةِ وَصَلَاةِ الْفَرْضِ، وَانْتِظَارُ فَرَاغِهِ مِنْهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّخْفِيفِ وَلَا الْقَصْرُ وَلَا الْجَمْعُ، وَلَيْسَ لَهُ التَّطْوِيلُ وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ طَوَّلَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلِلْمُؤَجِّرِ الْفَسْخُ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا النُّزُولُ لِمَا يَتَأَتَّى فِعْلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَافِلَةٍ، وَلَهُ النَّوْمُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي وَقْتِ الْعَادَةِ دُونَ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ، وَفِي لُزُومِ الرَّجُلِ الْقَوِيِّ النُّزُولَ الْمُعْتَادَ لِلْإِرَاحَةِ، وَفِي الْعَقَبَاتِ وَجْهَانِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ وُجُوبَهُ فِي الْعَقَبَةِ فَقَطْ، وَلَا يَجِبُ النُّزُولُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ وَالشَّيْخِ الْعَاجِزِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ ظَاهِرَةٌ وَشُهْرَةٌ يَحِلُّ مُرُوءَتُهُ فِي الْعَادَةِ الْمَشْيُ، (وَ) عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْمَذْكُورِ (رَفْعُ الْمَحْمِلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ بِخَطِّهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ (وَحَطُّهُ) عَلَى ظَهْرِهَا، وَقَوْلُهُ:(وَشَدُّ الْمَحْمِلِ) بِكَسْرِ الْمِيم بِخَطِّهِ يَصْدُقُ بِشَدِّ أَحَدِ الْمَحْمِلَيْنِ إلَى الْآخَرِ وَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، (وَحَلُّهُ) لِاقْتِضَاءِ الْعُرْفِ ذَلِكَ، (وَ) الْمُؤَجِّرُ (لَيْسَ عَلَيْهِ فِي إجَارَةِ) دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ إجَارَةُ (الْعَيْنِ إلَّا التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمُكْتَرِي وَالدَّابَّةِ) لَا إعَانَتُهُ فِي رُكُوبٍ وَلَا حَمْلٍ وَنَحْوِهَا، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْلِيَةِ التَّمْكِينُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالدَّابَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قَبْضَهَا بِالتَّخْلِيَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَبْضَ الْمَبِيعِ، وَيُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا أَوْ قَوْدُهَا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

تَنْبِيهٌ مُؤْنَةُ الدَّلِيلِ وَسَائِقُ الدَّابَّةِ وَأُجْرَةُ الْخَفِيرِ وَحِفْظُ الْمَتَاعِ فِي الْمَنْزِلِ وَالدَّلْوُ وَالرِّشَا فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلِاسْتِقَاءِ كَالظَّرْفِ فِيمَا مَرَّ. وَأَمَّا حِفْظُ الدَّابَّةِ فَعَلَى صَاحِبِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ لِيُسَافِرَ عَلَيْهَا وَحْدَهُ فَيَلْزَمُهُ الْحِفْظُ صِيَانَةً لَهَا، لَا بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَوَصَلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا مَعَهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ، بَلْ يُسَلِّمُهَا لِقَاضِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، أَوْ إلَى أَمِينٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَصْحَبَهَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْهَبُ وَلَا يَرْكَبُهَا، إلَّا أَنْ تَكُونَ جَمُوحًا كَالْوَدِيعَةِ.

(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ فِي (إجَارَةِ الْعَيْنِ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ (بِتَلَفِ الدَّابَّةِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَلَا تُبَدَّلُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَإِنَّهَا تُبَدَّلُ،

ص: 471

وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيْبِهَا، وَلَا خِيَارَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ، وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ) عَلَى التَّرَاخِي، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِابْنِ السُّكَّرِيِّ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ (بِعَيْبِهَا) الْمُقَارِنِ إذَا جُهِلَ، وَالْحَادِثِ لِتَضَرُّرِهِ بِالْبَقَاءِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ هُنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ أَثَرًا يَظْهَرُ لَهُ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْمَنْفَعَةُ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَيْثُ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَأَجَازَ لَزِمَ الْمُسَمَّى، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَ الْخِيَارُ وَلَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي الْأَثْنَاءِ وَفُسِخَ فَلَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ فَلَا أَرْشَ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَيُتَّجَهُ كَمَا قَالَ الْغَزِّيُّ وُجُوبُهُ فِيمَا مَضَى كَمَا فِي كُلِّ الْمُدَّةِ.

تَنْبِيهٌ خُشُونَةُ مَشْيِ الدَّابَّةِ لَيْسَ بِعَيْبٍ كَمَا جَزَمَا بِهِ وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي عَيْبِ الْمَبِيعِ. اهـ.

وَجَمَعَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا هُنَاكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا خُشُونَةٌ لَا يَخَافُ مِنْهَا السُّقُوطَ بِخِلَافِهِ هُنَا، (وَلَا خِيَارَ) لِلْمُكْتَرِي (فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) بِعَيْبِ دَابَّةٍ أَحْضَرَهَا الْمُكْرِي (بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِبْدَالُ) ، كَمَا لَوْ وَجَدَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَيْبًا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ، وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ، فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا فِي الذِّمَّةِ.

تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِالْمُتْلَفِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ نَفْيِهِ الْخِيَارُ بِالْعَيْبِ مِنْ طَرِيقِ أَوْلَى، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَإِذَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِإِتْلَافِهَا أُبْدِلَتْ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: ثُبُوتُ الْخِيَارِ، وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي أَنْ يُبَدِّلَ الدَّابَّةَ الْمُسَلَّمَةَ عَنْ الْإِجَارَةِ فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي، إذْ لِلْمُكْتَرِي إجَارَتُهَا بَعْدَ قَبْضِهَا، وَالِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَمَّا الْتَزَمَ لَهُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الذِّمَّةِ كَالسَّلَمِ، وَتُبَدَّلُ هَذِهِ عِنْدَ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُؤَجِّرُ قُدِّمَ بِمَنْفَعَتِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَفِي إجَارَتِهَا لِلْمُؤَجِّرِ وَجْهَانِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: الْأَصَحُّ صِحَّتُهَا مِنْهُ. اهـ.

وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي الْمَنَافِعِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْأَعْيَانِ، (وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ) لَا لِيَصِلَ بَلْ (لِيُؤْكَلَ) فِي الطَّرِيقِ (يُبْدَلُ إذَا أُكِلَ فِي الْأَظْهَرِ)، كَسَائِرِ الْمَحْمُولَاتِ إذَا بَاعَهَا أَوْ تَلِفَتْ. وَالثَّانِي: لَا يُبْدَلُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الزَّادِ أَنْ لَا يُبْدَلَ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ يَجِدُ الطَّعَامَ فِي الْمَنَازِلِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بِسِعْرِ الْمَنْزِلِ الَّذِي

ص: 472