المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في تعلق الدين بالتركة] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٣

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ السَّلَمِ

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْر الْمُسْلِم فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَمَكَانِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌فَصْلٌ شَرْطُ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ دَيْنًا

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا جنى الْمَرْهُونُ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

- ‌كِتَابُ التَّفْلِيسِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ]

- ‌بَابُ الْحَجْرِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ]

- ‌بَابُ الصُّلْحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌بَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌بَابُ الضَّمَانِ

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الصِّيغَةِ]

- ‌كتاب الشركة

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِغَيْرِ أَجَلٍ وَمَا يَتْبَعُهَا]

- ‌[فَصْلٌ الْوَكَالَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الصِّيغَةِ]

- ‌فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَبَيَانِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي رد الْعَارِيَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْغَصْبِ

- ‌[فَرْعٌ حَلَّ رِبَاطًا عَنْ عَلَفٍ فِي وِعَاءٍ فَأَكَلَتْهُ فِي الْحَالِ بَهِيمَةٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الْمَغْصُوبُ وَغَيْرُهُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَضَمَانِ نَقْصِ الْمَغْصُوبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا]

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الشِّقْصُ وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَعَ مَا يَأْتِي مَعَهُمَا]

- ‌كِتَابُ الْقِرَاضِ

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقِرَاضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنَّ الْقِرَاضَ جَائِزٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ فِي كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْقُرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مُكْرِي دَارٍ وَدَابَّةٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الزَّمَنِ الَّذِي تُقَدَّرُ الْمَنْفَعَةُ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي انْفِسَاخِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا يَقْتَضِيهِمَا]

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَشَرْطِ النَّاظِرِ وَوَظِيفَتِهِ]

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْمُلْتَقَطِ]

- ‌[فَصْلٌ وَيَذْكُرُ نَدْبًا بَعْضَ أَوْصَافِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تُمْلَكُ بِهِ اللُّقَطَةُ]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ أَوْ كُفْرِهِ بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرِقِّ اللَّقِيطِ وَحُرِّيَّتِهِ وَاسْتِلْحَاقِهِ]

- ‌كِتَابُ الْجَعَالَةِ

الفصل: ‌[فصل في تعلق الدين بالتركة]

فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ، وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي، فَعَلَى الْأَظْهَرِ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ أَوْلَوِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالتَّقْسِيطُ قِيلَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ، وَقِيلَ بِالتَّسْوِيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ عَنْهُمَا فَإِنَّهُ يُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا كَفِيلٌ. قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِذَا عُيِّنَ فَهَلْ يَنْفَكُّ الرَّهْنُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ أَوْ التَّعْيِينِ؟ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَوْ تَبَايَعَ مُشْرِكَانِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ وَسَلَّمَ مَنْ الْتَزَمَ الزِّيَادَةَ دِرْهَمًا ثُمَّ أَسْلَمَا، فَإِنْ قَصَدَ بِتَسْلِيمِهِ الزِّيَادَةَ لَزِمَهُ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا وُزِّعَ عَلَيْهِمَا وَسَقَطَ بَاقِي الزِّيَادَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَصْلَ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَصْلَ شَيْئًا عَيَّنَهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا.

[فَصْلٌ فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ]

ِ (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ تَعَلَّقَ بِتَرِكَتِهِ) الْمُتَنَقِّلَةِ إلَى الْوَارِثِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (تَعَلُّقَهُ بِالْمَرْهُونِ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَيِّتِ، إذْ يَمْتَنِعُ عَلَى هَذَا تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِيهِ جَزْمًا بِخِلَافِ إلْحَاقِهِ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ. وَاغْتُفِرَ هُنَا جَهَالَةُ الْمَرْهُونِ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ (وَفِي قَوْلٍ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَقِيلَ كَحَجْرِ الْفَلَسِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ قَوْلُ الْفُورَانِيِّ وَالْإِمَامِ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ» وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مَرْهُونَةً رَهْنًا اخْتِيَارِيًّا فَإِنْ كَانَ لَمْ تَتَعَلَّقْ الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ فِي الذِّمَّةِ بِالتَّرِكَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ التَّرِكَةِ فَوَفَّى الْوَارِثُ قَدْرَهَا فَقَطْ أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنْ الرَّهِينَةِ وَلَا سِيَّمَا قَوْلُهُ بَعْدُ: وَيَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَنْفَكُّ (فَعَلَى) الْأَوَّلِ (الْأَظْهَرُ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ) فِي رَهْنِ التَّرِكَةِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَارِثِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (فِي الْأَصَحِّ) كَالْمَرْهُونِ. وَالثَّانِي: إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ

ص: 94

وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ ظَاهِرٌ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ مَبِيعٍ بِعَيْبٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ لَكِنَّ إنْ لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ فَسَخَ

،

ــ

[مغني المحتاج]

تَعَلَّقَ بِقَدْرِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي مَالٍ كَثِيرٍ بِشَيْءٍ حَقِيرٍ بَعِيدٌ.

تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَالرَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ، لَكِنْ حُكِيَ فِي الْمَطْلَبِ الْخِلَافُ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ.

وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ رَجَّحُوا فِي تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ تَعَلُّقَ الْأَرْشِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي أَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِقَدْرِهَا مِنْهُ، وَقِيلَ بِجَمِيعِهِ وَيَأْتِي تَرْجِيحُهُ هُنَا فَيُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ عَلَى الْأَرْشِ لِلْمُرَجِّحِ عَلَى الرَّهْنِ، فَقَوْلُهُ فَعَلَى الْأَظْهَرِ إلَخْ صَحِيحٌ انْتَهَى لَكِنَّ الزَّكَاةَ تُخَالِفُ مَا هُنَا؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ كَمَا قَالَ شَيْخِي بِأَنَّ الْخِلَافَ عَلَى الْأَوَّلِ أَقْوَى، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالرَّهْنِ مَا لَوْ أَدَّى وَارِثَهُ قِسْطَ مَا وَرِثَ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ نَصِيبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَنْفَكُّ إلَّا بِوَفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. .

(وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلَا دَيْنَ) لَا (ظَاهِرٌ) وَلَا خَفِيٌّ (فَظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ طَرَأَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ بِالرَّدِّ الْآتِي فِي عِبَارَتِهِ لَمْ يَكُنْ خَفِيًّا ثُمَّ ظَهَرَ بَلْ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، لَكِنَّ سَبَبَهُ مُتَقَدِّمٌ، وَقَوْلُهُ (بِرَدِّ) أَوْلَى مِنْهُ كَرَدِّ (مَبِيعٍ بِعَيْبٍ) أَتْلَفَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ ثُمَّ تَرَدَّى فِيهَا شَخْصٌ وَلَيْسَ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا دَيْنَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُقَارِنًا وَعُلِمَ بِهِ فَالتَّصَرُّفُ بَاطِلٌ، وَكَذَا إنْ جَهِلَهُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ (فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ سَائِغًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ، وَالثَّانِي: يَتَبَيَّنُ فَسَادُهُ إلْحَاقًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْمُقَارِنِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا وَإِلَّا لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ جَزْمًا (لَكِنَّ) عَلَى الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ فَسَخَ) تَصَرُّفُهُ لِيَصِلَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى حَقِّهِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: " إنْ لَمْ يَقْضِ ". قَالَ فِي الدَّقَائِقِ بِضَمِّ الْيَاءِ لِيَعُمَّ قَضَاءَ الْوَارِثِ وَالْأَجْنَبِيِّ اهـ.

وَأَوْلَى مِنْهُ إنْ لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْقَضَاءَ وَالْإِبْرَاءَ وَغَيْرَهُمَا.

تَنْبِيهٌ: قَدْ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ الْوَارِثَ الْمُوسِرَ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ التَّرِكَةِ وَلَمْ يَقْضِ الدَّيْنَ أَنَّهُ يَفْسَخُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ نُفُوذُهُ أَوْلَى مِنْ نُفُوذِ عِتْقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ هُنَا طَارِئٌ عَلَى

ص: 95

وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ وَنِتَاجٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[مغني المحتاج]

التَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ وَاسْتِيلَادُهُ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةُ الرَّقِيقِ.

، (وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلْوَارِثِ إمْسَاكَ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ، وَالْمُوَرِّثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَوْصَى بِدَفْعِ عَيْنٍ إلَيْهِ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ تُبَاعَ وَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْ ثَمَنِهَا عُمِلَ بِوَصِيَّتِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُهَا وَالْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ قَدْ تَكُونُ أَطْيَبَ كَمَا قَالَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ التَّرِكَةِ فَقَالَ الْوَارِثُ آخُذُهَا بِقِيمَتِهَا وَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهَا لِتَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ.

أُجِيبَ: الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ؛ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَلِلنَّاسِ غَرَضٌ فِي إخْفَاءِ تَرِكَاتِ مُوَرِّثِهِمْ عَنْ شُهْرَتِهَا لِلْبَيْعِ، فَإِنْ طُلِبَتْ بِزِيَادَةٍ لَمْ يَأْخُذْهَا الْوَارِثُ بِقِيمَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ كَوْنِ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ الدَّيْنُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ إمْسَاكُ كُلِّ مَالِ الْقِرَاضِ وَإِلْزَامُ الْعَامِلِ أَخْذَ نَصِيبِهِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ (وَالصَّحِيحُ) وَحُكِيَ عَنْ النَّصِّ (أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ) ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجَانِي، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَكَذَا هَذَا. وَالثَّانِي: يَمْنَعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] أَيْ مِنْ بَعْدِ إعْطَاءِ وَصِيَّةٍ أَوْ إيفَاءٍ دَيْنٍ إنْ كَانَ حَيْثُ قُدِّمَ الدَّيْنُ عَلَى الْمِيرَاثِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ لِقِسْمَةٍ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ (فَلَا يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَكَسْبٍ وَنِتَاجٍ) ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ. أَمَّا عَلَى الْمَنْعِ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا تَبَعًا لِأَصْلِهَا.

خَاتِمَةٌ:

قَالَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدْ غَلِطَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفْتِينَ فِي زَمَانِنَا فِي فَرْعٍ، وَهُوَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ لِلْوَارِثِ فَظَنُّوا أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ حَتَّى إذَا كَانَ جَائِزًا سَقَطَ الْجَمِيعُ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ نِسْبَةُ إرْثِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَمَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ أَدَاؤُهُ إنْ كَانَ أَكْثَرَ. وَيَسْتَقِرُّ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ ثُمَّ أُعِيدَ إلَيْهِ عَنْ الدَّيْنِ، وَهَذَا سَبَبُ سُقُوطِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَيَرْجِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِبَقِيَّةِ مَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي الْأَمْرُ إلَى التَّقَاصِّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَارِثَيْنِ.

ص: 96