الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ) إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ:
ــ
[منح الجليل]
وَالْمَالُ، وَبَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت وَنَحْوَهَا الَّتِي لَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَهُ. قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الصِّيَغِ الْأُولَى أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ خِيَارًا، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَالٍ وَعَلَى التَّزْوِيجِ، وَفِي الصِّيَغِ الثَّانِيَةِ جَعَلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ أَخْيَارًا وَنَظَرًا لِصَرْفِهِ الْعَمَلَ إلَيْهِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ لِلرَّجْرَاجِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابٌ أَحْكَام أُمّ الْوَلَد]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ الْحُرَّةُ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا فَتَخْرُجُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَتَدْخُلُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ مَالِكِهَا عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهَا بَدَلَهَا، وَتَخْرُجُ أَمَةُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ سَيِّدُهُ حَمْلَهَا مِنْهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَبْرٍ، وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَقِ وَلَدُهَا عَلَى وَاطِئِهَا بِمِلْكِهِ لَهَا بَعْدَ وَضْعِهِ كَعِتْقِ وَاطِئِهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ قَبْلَ وَضْعِهَا أُمَّ وَلَدٍ. ثَالِثُهَا فِي الْمُكَاتَبِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَالْأَوَّلَانِ لِمَالِكٍ " رضي الله عنه ".
(إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) لِأَمَتِهِ هَذَا شَرْطٌ، وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: عَتَقَتْ الْأَمَةُ إلَخْ (وَ) إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ، الْحَامِلُ أَوْ الَّتِي وَلَدَتْ وَلَدًا وَنَسَبَتْهُ لِسَيِّدِهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَهُ فَ (لَا يَمِينَ) عَلَيْهِ لِرَدِّ دَعْوَاهَا (إنْ أَنْكَرَ) السَّيِّدُ وَطْأَهَا لِأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِثُبُوتِ إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقَهَا مِمَّا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّهُ حَمْلٌ، وَلَوْ ادَّعَتْ سِقْطًا مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ اُعْتُبِرَ اللَّخْمِيُّ إنْ ادَّعَتْ وَطْأَهَا، وَأَكْذَبَهَا صُدِّقَ. مُحَمَّدٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ رَائِعَةً.
كَأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَنَفَاهُ، وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ، وَلَوْ أَتَتْ لِأَكْثَرِهِ، إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ:
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الْيَمِينِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرٌ مَقْرُونٌ بِكَافٍ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (اسْتَبْرَأَ) السَّيِّدُ أَمَتَهُ مِنْ وَطْئِهِ (بِحَيْضَةٍ) وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ (وَنَفَاهُ) أَيْ السَّيِّدُ وَلَدَهَا عَنْ نَفْسِهِ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَعَدَمِ وَطْئِهَا بَعْدَهُ (وَوَلَدَتْ) الْأَمَةُ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ
فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ (لَحِقَ) وَلَدُهَا بِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ كَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، بَلْ (وَلَوْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرِهِ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّتِهِ، أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ خَمْسُ سِنِينَ. فِيهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ بَعْدَهُ وَنَفَى مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، وَقَالَتْ: وَلَدْتُهُ مِنْ وَطْئِهِ صُدِّقَتْ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ وَلَوْ لِأَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةٍ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَهَا لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً، وَقَالَتْ بَلْ وَلَدْته صُدِّقَتْ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ وَ (إنْ ثَبَتَ إلْقَاؤُهَا) أَيْ وِلَادَةِ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَثَبَتَ إلْقَاؤُهَا (عَلَقَةً) أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ (فَفَوْقُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ، أَيْ أَوْ إلْقَاءُ أَعْظَمِ مِنْ الْعَلَقَةِ كَمُضْغَةٍ وَمُصَوَّرٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِعَدْلَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ خُرُوجُهَا مِنْهُ كَسَفِينَةٍ وَخِزَانَةِ بَيْتٍ فَأَصَابَهَا الطَّلْقُ وَاسْتَهَلَّ الْوَلَدُ صَارِخًا، وَسَمِعَا صُرَاخَهُ وَطَلْقَهَا، بَلْ (وَلَوْ) ثَبَتَ إلْقَاؤُهُ (بِامْرَأَتَيْنِ) .
الْخَرَشِيُّ إنْ أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا كَفَى إتْيَانُهَا بِوَلَدٍ قَائِلَةً هُوَ مِنْك وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ عَلَقَةً، وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا إيَّاهُ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَلَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ
كَادِّعَائِهَا سِقْطًا رَأَيْنَ أَثَرَهُ: عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ،
ــ
[منح الجليل]
بِوَطْئِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا أَوْ أَثَرِهَا، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ عُدِمَ الْوَلَدُ، وَإِلَّا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا. الْعَدَوِيُّ حَاصِلُهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنْكَرَهُ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ، فَإِنْ وُجِدَ الْوَلَدُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ وِلَادَتِهِ، وَإِنْ عُدِمَ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وضيح أَنَّ وُجُودَ الْوَلَدِ مَعَهَا كَافٍ مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أُثْبِتَ عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي قَذْفِهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً، وَقَالَتْ وَلَدْته مِنْك صُدِّقَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ.
وَفِي ضَيْح اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ، أَيْ مَعَ إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى وِلَادَتِهَا إيَّاهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنْ صَدَّقَهَا جِيرَانُهَا وَمَنْ حَضَرَهَا.
وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِبَارِ وَبِنَاءِ الْجَوَابِ الْآتِي فَقَالَ (كَادِّعَائِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ حَمْلِهَا مِنْ وَطْئِهِ (سِقْطًا) عَلَقَةً أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا وَ (رَأَيْنَ) أَيْ النِّسَاءُ (أَثَرَهُ) أَيْ الْإِسْقَاطِ بِقُبُلِهَا مِنْ تَشَقُّقِهِ وَسَيَلَانِ دَمِهِ فَتُصَدَّقُ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. فِيهَا إنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا كَوْنَهَا وَلَدَتْهُ فَقَالَ: لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ السِّقْطُ وَالْوِلَادَةُ، وَأَنَّهَا لِوُجُوهٍ يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا، وَهُوَ الشَّأْنُ، وَجَوَابُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ إلَخْ (عَتَقَتْ الْأَمَةُ) إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ سِوَاهَا. ابْنُ رُشْدٍ إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا، أَوْ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى رَقَبَتِهَا أَوْ خِدْمَتِهَا وَإِسْلَامِهَا فِي جِنَايَتِهَا وَعِتْقِهَا فِي الْوَاجِبِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ فَمَا دُونَهُ حَيَاتَهُ، وَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. عِيَاضٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ لَا خِلَافَ أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يُرْهَنَّ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُؤَاجَرْنَ، وَلَا يُسْلَمْنَ فِي جِنَايَةٍ، وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ.
وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: انْتِزَاعُ مَالِهِنَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَاسْتِخْدَامُهُنَّ فِيمَا خَفَّ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ، وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ.
وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ
وَلَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ سَبَقَ: كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا، لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ؛
ــ
[منح الجليل]
(وَ) إنْ مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (وَلَدُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ أَنَّهُ حُرٌّ، وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَيُخَالِفُهَا فِي الِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْوَطْءِ فَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَمُؤَاجَرَتُهُ، وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَتْ بِنْتًا لِأَنَّهَا كَالرَّبِيبَةِ.
(وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهَا (سَبَقَ) الدَّيْنُ وِلَادَتَهَا مِنْ سَيِّدِهَا. الْجَلَّابُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَوَطِئَ أَمَتَهُ فَحَمَلَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ.
وَشَبَّهَ بِشَرْطَيْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ فِي تَرَتُّبِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ (كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ حَالَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ قَالَ مَرَّةً تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (لَا) تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ (بِوَلَدٍ) مِنْ زَوْجِهَا (سَبَقَ) الْوَلَدُ شِرَاءَ زَوْجِهَا إيَّاهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَبْتَاعَهَا حَامِلًا فَتَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَبِيهِ فَابْتَاعَهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَى جَدِّهِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَالِدِهِ لِعِتْقِ جَنِينِهَا عَلَى جَدِّهِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ أَيْضًا: لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِمَسِّهِ الرِّقَّ فِي بَطْنِهَا. وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ فَمَاتَ الْأَبُ فَوَرِثَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ
أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، إلَّا أَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَلَدَهُ
وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ،
ــ
[منح الجليل]
فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ وَقَالَ: مَا وَطِئَهَا إلَّا مُنْذُ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
مُحَمَّدٌ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ عِتْقِ سَيِّدِهَا مَا فِي بَطْنِهَا جَازَ شِرَاؤُهُ، وَتَكُونُ بِمَا تَضَعُ أُمَّ وَلَدٍ؛ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِوَضْعِهِ؛ وَلِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا.
(أَوْ وَلَدٍ) حَمَلَتْ بِهِ (مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) بِأَنْ غَلِطَ فِيهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ. " غ " لَعَلَّهُ يَعْنِي كَوَطْءِ الْغَلَطِ وَالْإِكْرَاهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِهَا فِي قَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ، مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَهُ يَأْبَاهُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ حَمْلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَصِيرُ الْأَمَةُ بِحَمْلِهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (إلَّا) إذَا وَطِئَ السَّيِّدُ (أَمَةَ مُكَاتَبِهِ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِمُكَاتَبِهِ يَوْمَ حَمْلِهَا، وَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (أَوْ) وَطِئَ الْأَبُ أَمَةَ (وَلَدِهِ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَتَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِوَلَدِهِ يَوْمَ وَطِئَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. فِيهَا مَنْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ، وَكَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يُحَدُّ؛ إذْ لَا يَجْتَمِعُ حَدٌّ وَلُحُوقُ نَسَبٍ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ.
(وَ) إنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَعَزَلَ عَنْهَا وَحَمَلَتْ فَ (لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ الْحَمْلَ عَنْ سَيِّدِهَا (عَزْلٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ نَزْعُ ذَكَرِهِ مِنْ قُبُلِهَا حَالَ إنْزَالِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ
أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ، أَوْ فَخِذَيْنِ، إنْ أَنْزَلَ
وَجَازَ إجَارَتُهَا بِرِضَاهَا
وَعِتْقٌ عَلَى مَالِ
وَلَهُ قَلِيلُ خِدْمَةٍ
ــ
[منح الجليل]
يَسْبِقُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَسَمَاعِ مُوسَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا، وَإِنْ أَنْزَلَ وَعَزَلَ الْمَاءَ عَنْهَا، وَأَنْزَلَهُ خَارِجَهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَبَقَهُ شَيْءٌ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْوَلَدُ.
(أَوْ وَطْءٍ) لِلْأَمَةِ (بِدُبُرٍ) فَلَا يَنْدَفِعُ الْوَلَدُ بِهِ عَنْ سَيِّدِهَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِ الْمَنِيِّ لِقُبُلِهَا (أَوْ) وَطْءٍ بَيْنَ (فَخِذَيْنِ) مِنْ الْأَمَةِ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْوَلَدُ (إنْ أَنْزَلَ) السَّيِّدُ حَالَ وَطْئِهَا بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ إلَى قُبُلِهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ وَطِئْتهَا وَلَمْ أُنْزِلْ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْزَلْتُ أُلْحِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ الْبَيِّنُ، فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْزَالُ بِحَرَكَةٍ فِي الْفَرْجِ خَارِجًا، وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ، قِيلَ: يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ وَطِئَ فِي مَوْضِعٍ إنْ نَزَلَ مِنْهُ وَصَلَ لِلْفَرْجِ لَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا بَاشَرَهُ الْهَوَاءُ فَسَدَ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَإِنْ كَانَ الْإِنْزَالُ بَيْنَ شَفْرَيْ الْفَرْجِ لَحِقَ قَوْلًا وَاحِدًا.
(وَجَازَ) لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ (بِرِضَاهَا إجَارَتَهَا) لِلْعَمَلِ، وَمَفْهُومُ بِرِضَاهَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَجَّرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَإِنَّهَا تَفْسَخُ مَا لَمْ تُتِمَّ الْعَمَلَ، فَإِنْ أَتَمَّتْهُ مَضَتْ، وَلَا يَرْجِعُ مُسْتَأْجِرُهَا عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ، أَفَادَهُ الْجَلَّابُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَجَّرَهَا السَّيِّدُ وَفَاتَتْ فَلَا تُرَدُّ، وَالْأُجْرَةُ لِلسَّيِّدِ.
(وَ) جَازَ لِسَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ (عِتْقٌ) لَهَا (عَلَى مَالٍ) مُعَجَّلٍ مِنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهَا بِرِضَاهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فِيهَا لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِالْأَدَاءِ فَتُعْتَقَ، وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنٍ يَبْقَى عَلَيْهَا بِرِضَاهَا، وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهَا.
(وَلَهُ) أَيْ سَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ (قَلِيلُ خِدْمَةٍ) مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ دُونَ خِدْمَةِ الْقِنِّ، وَفَوْقَ خِدْمَةِ
وَكَثِيرُهَا فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ
وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ
وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَانْتِزَاعُ مَالِهَا، مَا لَمْ يَمْرَضْ
وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا،
ــ
[منح الجليل]
الزَّوْجَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَيْسَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا خِدْمَةٌ وَلَا اسْتِسْعَاءٌ وَلَا غَلَّةٌ إنَّمَا لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْنِتَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً، وَتُبْتَذَلُ الدَّنِيَّةُ فِي الْحَوَائِجِ الْخَفِيفَةِ بِمَا لَا تُبْتَذَلُ فِيهِ الرَّفِيعَةُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَهُ اسْتِخْدَامُهَا فِيمَا يَقْرُبُ، وَلَا يَشُقُّ (وَ) لَهُ (كَثِيرُهَا) أَيْ الْخِدْمَةِ (فِي وَلَدِهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا. فِيهَا، وَلَهُ خِدْمَةُ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَيُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ
(وَ) لَهُ (أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا.
(وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ) قَبْلَ قَبْضِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ (فَ) الْأَرْشُ (لِوَارِثِهِ) أَيْ السَّيِّدِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ الْأَرْشَ فَفِي كَوْنِهِ لِوَرَثَتِهِ أَوْلَهَا أَوَّلُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَثَانِيهِمَا رَوَاهُمَا عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ: الْأَوَّلُ الْقِيَاسُ، وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا مَا رَجَعَ إلَيْهِ وَاتَّبَعْنَاهُ وَإِنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ أَخْذِهِ أَرْشَهَا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هُوَ لَهَا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُوَ لِلسَّيِّدِ.
(وَ) لَهُ (الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ (وَ) لَهُ (انْتِزَاعُ مَالِهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ (مَا لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَرِضَ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعٌ لِوَارِثِهِ.
الْجَلَّابُ وَإِذَا عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا تَبِعَهَا مَالُهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوصِيَ الرَّجُلُ لِأُمِّ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ فِي حَيَاتِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا مَخُوفًا.
(وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ
وَإِنْ بِرِضَاهَا؛
وَمُصِيبَتُهَا إنْ بِيعَتْ مِنْ بَائِعِهَا، وَرُدَّ عِتْقُهَا
ــ
[منح الجليل]
رِضَاهَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِرِضَاهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِمُنَافَاتِهِ الْغَيْرَةَ.
الْجَلَّابُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجْبِرَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ كُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ لِلْحَالِ. شب الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا، فَلَوْ قَالَ: وَكُرِهَ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا لَطَابَقَ الْمُعْتَمَدَ مَعَ الِاخْتِصَارِ كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ: وَإِنْ بِرِضَاهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَكَلَامِ الْجَلَّابِ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(وَ) إنْ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ أَوْ عَمِيَتْ مَثَلًا فَ (مُصِيبَتُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ (إنْ بِيعَتْ) أَيْ ضَمَانُهَا (مِنْ بَائِعِهَا) فَإِنْ كَانَ قَبَضَ ثَمَنَهَا فَيَرُدُّهُ لِمُشْتَرِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ سَقَطَ عَنْ مُشْتَرِيهَا (وَ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهَا (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُثَقَّلًا، أَيْ نَقَضَ (عِتْقُهَا) وَتُرَدُّ لِبَائِعِهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَتَعُودُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَوْلَدَهَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَلَا قِيمَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ رُدَّتْ مَعَ وَلَدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَفَقَتُهَا لَغْوٌ عَلَى الْأَظْهَرِ كَخِدْمَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ مَنْعُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعًا، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَهُ، وَكَذَا بَيْعُهَا حَامِلًا مِنْ سَيِّدِهَا، حَكَى الْبَرَاذِعِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهِ وَقَدَحَ فِيهِ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْحَامِلِ، وَاسْتِثْنَاءَ جَنِينِهَا.
ثُمَّ قَالَ: وَفِيهَا إنْ بِيعَتْ نُقِضَ بَيْعُهَا، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، وَعَادَتْ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ مَاتَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلْمُبْتَاعِ مَوْضِعًا فَعَلَى الْبَائِعِ طَلَبُهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ ثَمَنَهُ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ بَقِيَتْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوْ بَقِيَ، وَيَتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَيْثُ هُوَ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي عَالِمًا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ غَرِمَ مَعَ رَدِّهَا قِيمَةَ وَلَدِهَا، وَاخْتُلِفَ إنْ غَرَّهُ وَكَتَمَهُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نُقِضَ بَيْعُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى بَائِعِهَا مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُشْتَرِيهَا، وَلَا لَهُ مِنْ قِيمَةِ خِدْمَتِهَا شَيْءٌ.
وَفُدِيَتْ، إنْ جَنَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَرْشِ
وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: وَلَدَتْ مِنِّي، وَلَا وَلَدَ لَهَا: صُدِّقَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ
ــ
[منح الجليل]
وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ أَرَادَ وَيَرْجِعُ هُوَ بِالْخِدْمَةِ، وَإِذَا نُقِضَ بَيْعُهَا اُسْتُحْفِظَ مِنْهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَعُودَ لِبَيْعِهَا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ سَفَرِهِ بِهَا، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا، وَتَعَذَّرَ التَّحَفُّظُ أُعْتِقَتْ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ جِنَايَةً لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَوْ عَلَى مَالٍ (فُدِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا فِدَاؤُهَا (إنْ جَنَتْ) وَتُفْدَى (بِ) الـ (أَقَلِّ) مِنْ (الْقِيمَةِ) لَهَا وَحْدَهَا مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ الْحُكْمِ) بِوُجُوبِ فِدَائِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) مِنْ (الْأَرْشِ) لِجِنَايَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَلْزَمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ. أَشْهَبُ خَالَفَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ فَقَالَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَرَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَمَادَى الْمُغِيرَةُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَفِيهَا تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا أَمَةً. وَقِيلَ بِمَالِهَا وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ جِنَايَتِهَا.
(وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مِنْهُ (وَلَدَتْ) أَمَتِي فُلَانَةُ (مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ مَوْجُودٌ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ فِي قَوْلِهِ: وَلَدَتْ مِنِّي وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إذَا مَاتَ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ السَّيِّدَ (وَلَدٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَأَوْلَى إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ. فِيهَا مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ صُدِّقَ. سَحْنُونٌ وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ.
وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ: لَمْ تُعْتَقْ مِنْ ثُلُثٍ؛ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ أَقَرَّ) سَيِّدٌ (مَرِيضٌ) مَرَضًا مَخُوفًا، وَصِلَةُ أَقَرَّ (بِإِيلَادٍ) مِنْهُ لِأَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) أَقَرَّ مَرِيضٌ بِ (عِتْقٍ) لَهَا (فِي) حَالِ (صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ السَّابِقَةِ عَلَى مَرَضِهِ، وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تُعْتَقْ) الْأَمَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِإِيلَادِهَا أَوْ إعْتَاقِهَا (مِنْ ثُلُثٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَصِيَّةَ بِإِعْتَاقِهَا (وَلَا) مِنْ (رَأْسِ مَالٍ) لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثُّلُثِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يَقُمْ الْمُقِرُّ لَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَّا الْعِتْقَ وَالْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي الصِّحَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ فِي مَرَضِهِ: كُنْت أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا فَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَمْضُوا عِتْقَهُ فَيُعْتَقُ فِي الثُّلُثِ.
الثَّانِي إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ، وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ، وَلَا وَلَدَ مَعَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَالثَّالِثُ: إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: يَرُدُّ تَخْرِيجَهُ، وَقَوْلُهُ لَا فَرْقَ بِأَنَّ الْعِتْقَ شَأْنُهُ الْمُفَارَقَةُ عِنْدَ انْبِتَاتِهِ لِظُهُورِهِ بِخِلَافِ الْإِيلَادِ.
وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ فَحَمَلَتْ: غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ، فَإِنْ أَعْسَرَ، خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ، أَوْ بَيْعِهَا لِذَلِكَ، وَتَبِعَهُ بِمَا بَقِيَ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ) أَمَةً مُشْتَرَكَةً (فَحَمَلَتْ) الْأَمَةُ مِنْ وَطْئِهِ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَ (غَرِمَ) الْوَاطِئُ (نَصِيبَ) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمْلِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّهُ أَفَاتَهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْوَاطِئُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا شَرِيكُهُ (فِي) تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَ (اتِّبَاعِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ (بِ) نَصِيبِهِ مِنْ (الْقِيمَةِ) مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ الْوَطْءِ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ بَيْعِ) نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ (هَا) أَيْ الْأَمَةِ (لِذَلِكَ) أَيْ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَزِيدُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا فَلَا يُبَاعُ مِنْهَا إلَّا مَا يَفِي ثَمَنُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَيَبْقَى بَاقِيهِ بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْوَاطِئِ.
(وَ) إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا (اتَّبَعَهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَاطِئِ الْوَاطِئَ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ مَنْ قِيمَتِهَا (وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ) وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ حُرٌّ، سَوَاءٌ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ اتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِيعَ لَهُ قَالَهُ طفي، لَا حَقَّ بِالْوَاطِئِ لِلشُّبْهَةِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ يُخَيَّرُ غَيْرُ الْوَاطِئِ بَيْنَ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَإِبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ.
وَقِيلَ: يُجْبَرَانِ عَلَى تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ لِتَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ. ابْنُ شَاسٍ إنْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَاتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ شَرِيكُهُ أَوْ بِيعَ ذَلِكَ النِّصْفُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ.
(تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: طفي فَإِنْ أَعْسَرَ خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ إلَخْ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِيهِ نَقْصٌ؛ إذْ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِي الْمُعْسِرِ تَخْيِيرُ شَرِيكِهِ فِي إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِ الْوَاطِئِ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، وَفِي بَيْعِ
وَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ، فَالْقَافَةُ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، أَوْ عَبْدًا،
ــ
[منح الجليل]
حِصَّتِهِ فِيمَا لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ نَقَصَ اُتُّبِعَ الْوَاطِئُ بِالْبَاقِي. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى تَخْيِيرِ شَرِيكِهِ فِي تَمَاسُكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ.
وَفِي تَقْوِيمِ نِصْفِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ لَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ فِيمَا لَزِمَهُ، وَلِذَا قَالَ " ح " تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِالتَّخْيِيرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ الَّذِي هُوَ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ، وَأَمَّا الشِّقُّ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا لِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ كَابْنِ الْحَاجِبِ اغْتَنَيَا عَنْ التَّمَاسُكِ لِفَهْمِهِ مِنْ بَيْعِ نِصْفِهَا؛ إذْ الْبَيْعُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ فَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ لَا أَنَّهُ بِحُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْيَسَارِ، وَيُبَاعُ نِصْفُهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَقَطْ لَا فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ. وَإِذَا تَمَاسَكَ بِالنِّصْفِ أَوْ بِيعَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُعْتَقُ عَلَى الْوَاطِئِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُ فِيهِ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ نَصِيبَ الْوَاطِئِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيُوقَفُ لَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا أَصْوَبُ.
الثَّانِي عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقْتَضِي أَنَّ لَلشَّرِيكِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " أَوَّلًا: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ، وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا كَالْمُوسِرِ. وَقِيلَ: الشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِهِ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْقَوْلَ وَتَبِعَهُ عج وَقَرَّرَ بِهِ " ز " وَاعْتَمَدَهُ طفي، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي ضَيْح، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ وَطِئَاهَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ أَمَتَهُمَا حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ رِقَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (بِطُهْرٍ) وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَالْقَافَةُ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ تَنْظُرُهُ وَالشَّرِيكَيْنِ لِتُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، بَلْ (وَلَوْ كَانَ) أَحَدُهُمَا (عَبْدًا)
فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا. فَمُسْلِمٌ، وَوَالَى، إذَا بَلَغَ أَحَدُهُمَا كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ،
ــ
[منح الجليل]
وَالْآخَرُ حُرًّا (أَوْ ذِمِّيًّا) وَالْآخَرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا.
(فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا) أَيْ الْقَافَةُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْوَلَدِ بِأَنْ قَالَ الْقَائِفُ: هُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ مَعًا (فَ) الْوَلَدُ (مُسْلِمٌ) أَيْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (وَوَالَى) أَيْ تَبِعَ الْوَلَدُ (إذَا بَلَغَ) الْحُلُمَ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ: حَدُّ الْمُوَالَاةِ إثْغَارُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ وَالَى الذِّمِّيَّ وَاخْتَلَفَ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ قَبْلَ مُوَالَاتِهِ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعِيسَى وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ مَعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وُقِفَ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ إلَى بُلُوغِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَوَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ نُسِبَ إلَيْهِ.
الصِّقِلِّيُّ أَرَادَ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي. عِيَاضٌ الْقَافَةُ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الشَّبَهَ، وَهُوَ عِلْمٌ صَحِيحٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - تَبْرُقُ أَسَارِيرُ جَبْهَتِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَى أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ وَهُمَا تَحْتَ قَطِيفَةٍ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» .
وَشَبَّهَ فِي مُوَالَاتِهِ أَحَدَهُمَا إذَا بَلَغَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ صِلَتُهُ (لَمْ تُوجَدْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ قَافَةٌ فَيُوَالِي أَحَدَهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْقَافَةُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهَا تُرِكَ الْوَلَدُ إلَى بُلُوغِهِ فَيُوَالِي مَنْ شَاءَ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَافَةُ: اشْتَرَكَا فِيهِ أَوْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَبْقَى مَوْقُوفًا حَتَّى تُوجَدَ الْقَافَةُ سَحْنُونٌ إنْ قَالَتْ الْقَافَةُ: لَيْسَ مِنْهُمَا دُعِيَ لَهُ آخَرُونَ كَذَا أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْقَافَةَ إنَّمَا دُعِيَتْ لِتُلْحِقَ لَا لِتَنْفِيَ، وَفِيهَا إنْ أَشْرَكُوهُمَا فِيهِ وَالَى إذَا كَبِرَ
وَوَرِثَاهُ، إنْ مَاتَ أَوَّلًا
ــ
[منح الجليل]
أَيَّهُمَا شَاءَ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ.
(وَوَرِثَاهُ) أَيْ الشَّرِيكَانِ الْوَلَدَ (إنْ مَاتَ) الْوَلَدُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ وَمُنَوَّنًا أَيْ قَبْلَ مُوَالَاةِ أَحَدِهِمَا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ، وَإِنْ مَاتَا أَوَّلًا فَلَا يَرِثُهُمَا. وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ يُوقَفُ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ وَيُوَالِيَ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمَا فَيَأْخُذَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ، وَيُنْسَبَ إلَيْهِ، وَيَرُدَّ مَا وَقَفَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ إلَى وَرَثَتِهِ. وَمَفْهُومُ بِطُهْرٍ أَنَّهُمَا إنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرَيْنِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ كَيْف شَاءَ شَرِيكُهُ، وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ وَلَا قِيمَةَ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا اُتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَبِيعَ
وَحَرُمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ حَتَّى يُسْلِمَ، وَوُقِفَتْ، كَمُدَبَّرِهِ، إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ
وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا وَعَتَقَتْ: إنْ أَدَّتْ.
ــ
[منح الجليل]
عَلَيْهِ نِصْفُهَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ كَفَافًا لِنِصْفِ قِيمَتِهَا اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ اتَّبَعَهُ بِمَا نَقَصَ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَهُوَ حُرٌّ لَاحِقُ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَحَرُمَتْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ (عَلَى) رَجُلٍ (مُرْتَدٍّ) عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (أُمُّ وَلَدِهِ) مَا دَامَ عَلَى رِدَّتِهِ (حَتَّى يُسْلِمَ) فَتَزُولَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَرَقِيقِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَمَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِهَا. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا كَنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِهَا أَنَّ سَبَبَ إبَاحَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ بَاقٍ وَالزَّوْجَةُ الْعِصْمَةُ، وَقَدْ زَالَتْ بِكُفْرِهِ وَإِنْ ارْتَدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ حَرُمَتْ عَلَى سَيِّدِهَا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ حَلَّتْ لَهُ، وَإِذَا قُتِلَ لِلرِّدَّةِ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ.
(وَوُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أُمُّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَشَبَّهَ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ (كَمُدَبَّرِهِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (إنْ فَرَّ) بِالْفَتْحِ مُثَقَّلًا أَيْ هَرَبَ الْمُرْتَدُّ (لِدَارِ) الْكُفَّارِ أَهْلِ (الْحَرْبِ) لِلْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مُسْلِمًا فَيَعُودَانِ إلَيْهِ كَمَا كَانَا، أَوْ يَمُوتَ فَتُعْتَقَ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَمُدَبَّرُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ مَوْتُهُ وَحَيَاتُهُ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ، فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ فَيُوقَفَانِ إلَى نِهَايَةِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَقِيلَ: يُنَجَّزُ عِتْقُهَا. وَقِيلَ تَسْعَى عَلَى نَفْسِهَا إلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ.
(وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهَا، فَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ (وَعَتَقَتْ إنْ أَدَّتْ) الْمُكَاتَبَةُ لِسَيِّدِهَا مَا كَاتَبَهَا بِهِ وَمَضَتْ الْكِتَابَةُ فَلَا تُفْسَخُ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ صَحِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ