الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ)
إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ،
ــ
[منح الجليل]
[بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ) عِيَاضٌ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ رَاشِدٍ الْعِتْقُ ارْتِفَاعُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ. الْحَطّ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَتَعْرِيفِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ فَخَرَجَ بِحَقِيقِيٍّ اسْتِحْقَاقُ رَقِيقٍ بِحُرِّيَّةٍ وَخَرَجَ بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ فِدَاءُ الْأَسِيرِ مِنْ حَرْبِيٍّ سَبَاهُ أَوْ مِمَّنْ صَارَ لَهُ مِنْهُ، وَبِعَنْ آدَمِيٍّ رَفْعُهُ عَنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَبِحَيٍّ رَفْعُهُ عَنْ آدَمِيٍّ بِمَوْتِهِ. الْحَطّ قَوْلُهُ رَفْعُ مِلْكٍ يَصْدُقُ بِرَفْعِ مِلْكِ شَخْصٍ عَنْ رَقِيقٍ وَانْتِقَالُهُ لِمِلْكٍ آخَرَ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَيَصْدُقُ عَلَى رَفْعِ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ عَنْ رَقِيقِهِ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ هَذَا عِتْقًا اصْطِلَاحًا، وَعَلَى وَقْفِ الرَّقِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِارْتِفَاعِ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ وَلَوْ قَالَ رَفْعُ الْمِلْكِ الْحَقِيقِيِّ لِمُسْلِمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْجِيرِ مَنْفَعَتِهِ لَسَلِمَ مِنْ جَمِيعِ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ، وَاللَّامُ فِي الْمِلْكِ لِلْحَقِيقَةِ، أَيْ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَقِيقَةِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ رَفْعَ بِمَعْنَى إزَالَةٍ، وَالنَّكِرَةُ بَعْدَهُ تَعُمُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّلْبِ، وَبِأَنَّ الْحَاصِلَ لِعَبْدِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ إلَى أَنْ غُنِمَ ارْتِفَاعٌ وَهُوَ عَبَّرَ بِرَفْعٍ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ، لِأَنَّ مُحْتَرِزَهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ، وَأَنَّ قَوْلَهُ حَيٌّ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ رَفْعُ مِلْكٍ، لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالْمَوْتِ ارْتِفَاعٌ لَا رَفْعٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ عِتْقِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِي: الْإِعْتَاقُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَلِذَا شُرِعَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» . زَادَ الْبُخَارِيُّ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهَا» .
الثَّالِثُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْفُوظَة لَوْ أَعْتَقَ مَنْ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَا يَعُودُ رَقِيقًا فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحُرِّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي صَفِّ الْأَحْرَارِ، وَيُجَرُّ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ وَلَوْ قُذِفَ حُدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ حُرٌّ فَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي ثَوَابِ إعْتَاقِهِ هَلْ هُوَ كَثَوَابِ إعْتَاقِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الرِّقِّ وَلِأَنَّهُ تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ.
الرَّابِعُ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ قَدْرِ الْإِعْتَاقِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَنْ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» . ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا كَانَ الْوَالِدُ سَبَبًا لِوُجُودِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ كَانَ الَّذِي يُشْبِهُ ذَلِكَ إخْرَاجَ الْوَلَدِ وَالِدَهُ مِنْ عُدْمِ الرِّقِّ لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ كَالْمَعْدُومِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمَعْدُومُ خَيْرًا مِنْهُ.
الْخَامِسُ: طفي قَوْلُهُ زَادَ الْبُخَارِيُّ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ مُسْلِمًا ذَكَرَ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» فِي حَدِيثِ الْعُضْوِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ الْإِرْبِ، فَإِنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» . قُلْت حَدِيثُ كُلِّ إرْبٍ مِنْهَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فَضْلًا عَنْ الزِّيَادَةِ وَالْإِرْبُ بِكَسْرِ الْهَمْزِ الْعُضْوُ.
وَإِضَافَةُ إعْتَاقِ (مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَشَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ لِإِدْخَالِهِ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، فَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا الطَّافِحُ فَكَالْبَهِيمَةِ لَا
بِلَا حَجْرٍ.
وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ لِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ.
ــ
[منح الجليل]
خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ نَقَلَهُ الْحَطّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ أَمَّا سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. اهـ. وَأَمَّا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ:
لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ
…
بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودُ
فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ لِدَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ، وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْوَارِثِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ لَا بَأْسَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْسِيرٍ يَصِحُّ بِيَلْزَمُ مَعَ الْبَحْثِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَجَازٌ بِلَا قَرِينَةٍ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْكَافِرِ عِتْقُهُ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِلَا حَجْرٍ، إذْ الصَّحِيحُ خِطَابُهُ بِالْفُرُوعِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، فَفِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ إلَى الرِّقِّ أَوْ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. ابْنُ يُونُسَ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَانَهُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ فِي جِنَايَاتِهَا اُنْظُرْ الْحَطّ.
(وَ) بِلَا (إحَاطَةِ دَيْنٍ) بِمَالِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَ) أَعْتَقَ رَقِيقًا فَ (لِغَرِيمِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِمَالِهِ (رَدُّهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَبِيعَ الرَّقِيقُ فِي الدَّيْنِ إنْ اُسْتُغْرِقَ جَمِيعُهُ (أَوْ) رَدُّ (بَعْضِهِ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ كُلَّهُ كَإِعْتَاقِهِ مَنْ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَالدَّيْنُ عَشْرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ رَدُّ إعْتَاقِ نِصْفِهِ وَبَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي نِصْفَهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا كَامِلًا بِيعَ جَمِيعُهُ.
إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَطُولَ.
ــ
[منح الجليل]
وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَبْقَى مِنْ ثَمَنِهِ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي عِتْقٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ.
وَلِلْغَرِيمِ الرَّدُّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الْغَرِيمُ إعْتَاقَ مَدِينِهِ وَيَسْكُتَ (وَيَطُولَ) زَمَنُ سُكُوتِهِ، وَهَلْ الطُّولُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَشْتَهِرُ فِيهِ الْعَتِيقُ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتُ لَهُ فِيهِ أَحْكَامُهَا مِنْ إرْثٍ وَقَبُولِ شَهَادَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ بِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَطُولَ مَعْطُوفًا بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَيَطُولَ بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةِ تت، وَعَلَيْهَا شَرَحَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ، قَالَ يَعْنِي: الرَّدُّ الْمَذْكُورُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ بَعْدَ عِلْمِ الْغَرِيمِ بِالْعِتْقِ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَسَكَتَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ، وَفِي شَامِلِهِ وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَطَالَ فَلَا رَدَّ.
وَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ رَدِّ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ، وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ فَإِنْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ الْقِيَامِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَامُوا فَقَالَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَامُوا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَهُوَ بِالْبَلَدِ، وَقَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ عَلِمُوا، وَفِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ طَالَ حَتَّى وَرِثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا ذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي لَعَلَّ السَّيِّدَ أَيْسَرَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِبَيِّنَةٍ قَاطِعَةٍ اتِّصَالَ عُدْمِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ وَعَدَمِ عِلْمِهِمْ رُدَّ عِتْقُهُ وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ عَلِمَتْ بِعِتْقِهِ وَلَمْ أُنْكِرْهُ لِمَا اعْتَقَدْت أَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يُحِطْ بِمَالِهِ فَقَالَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا يُرَدُّ لِدَيْنِ هَذَا الْغَرِيمِ وَيُرَدُّ لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ مَعَهُ هَذَا، وَقَالَ أَصْبَغُ يُرَدُّ لِهَذَا الْغَرِيمِ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ، إذْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّضَا بِعِتْقِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ، فَقَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ غَيْرُ مُتَوَارِدَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ خِلَافًا لتت فِي جَعْلِهِمَا مُتَوَارِدَيْنِ فِي الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهُ.
وَأَحْسَنُ مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَغِيرِهِ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الطُّولِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعُ سِنِينَ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغَرِيمُ، وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ لَمْ أَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا أَكْثَرَ اهـ. وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَعْتَقَ فِي عُسْرِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَيْسَرَ لَنَفَذَ الْعِتْقُ، وَقَوْلُهَا أَيْضًا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ سِوَاهُ يَغْتَرِقُهُ الدَّيْنُ، وَيَغْتَرِقُ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَعْدَمَ فَلَا يُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا مَا كَانَ يُبَاعُ لَهُمْ لَوْ قَامُوا يَوْمَ أُعْتِقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قِيَامُهُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ وَالسُّكُوتِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ الْمُتَقَدِّمِ فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ قَوْلِ " غ " فِي قَوْلِهِ وَيَطُولُ يَنْبَغِي عَطْفُهُ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ، وَتَبِعَهُ عج، وَعَلَى هَذَا إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ شَرْحُ " ز " وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي مَنْعِ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، فَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ إعْتَاقَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْوِرَاثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ. أَصْبَغُ وَذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي أَتَتْ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ أَوْقَاتٌ أَفَادَ فِيهَا وَفَاءَ الدَّيْنِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا مُتَّصِلَ الْعُدْمِ مَعَ غَيْبَةِ الْغَرِيمِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ لَرُدَّ مُعْتَقُهُ
أَوْ يُفِيدُ مَالًا وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ:
ــ
[منح الجليل]
وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا، وَلَوْ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَعْسَرَ فَقَالَ، الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ مَعَ قَوْلِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ وَالْعِلَّةُ إمَّا كَوْنُهُ مَظِنَّةَ الْعِلْمِ وَالرِّضَا أَوْ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ أَفَادَ مَالًا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَقَوْلُ طفي عَلَى مَا ارْتَضَاهُ " غ " إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْعِلْمِ وَحْدَهُ هَلْ يَمْنَعُ الرِّضَا إذَا سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الطُّولِ لَيْسَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ مَا دَلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ، وَزَعَمَ طفي أَنَّ النَّقْلَ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَ نُسْخَةَ الْوَاوِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت النُّصُوصُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَيْسَ فِيهَا اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْبَنَّانِيُّ، ثُمَّ رَأَيْت الْحَطَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي الطُّولِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعِلْمِ، وَنَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ. وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ وَجَازَتْهُ شَهَادَتُهُ وَوَرِثَ الْأَحْرَارَ فَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ. وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَفَادَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَالًا ثُمَّ ذَهَبَ مَعَ حُرْمَةِ الْعِتْقِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَوْ) إلَّا أَنْ (يُفِيدَ) السَّيِّدُ (مَالًا) يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ حَتَّى أَعْسَرَ ثُمَّ قَامَ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ عِتْقِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، وَإِنْ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُرَدُّ عِتْقه إنْ أَفَادَهُ قَبْلَ قِيَامِ الْغَرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بَيْعِ الرَّقِيقِ فِي الدَّيْنِ، بَلْ (وَلَوْ) أَفَادَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ مِنْ السُّلْطَانِ بِخِيَارٍ وَقَبْلَ (نُفُوذِ الْبَيْعِ) قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ بِخِيَارِ الْبَيْعِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. رَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَوْ رَدَّ الْإِمَامُ عِتْقَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ. الْبَاجِيَّ عَلَى هَذَا لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ يُسْرِهِ، وَفِيهَا مَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ فَعَلُوا ثُمَّ رُفِعَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ يُسْرِهِ رَدَّ الْبَيْعَ وَنَفَذَ عِتْقُهُ،
رَقِيقًا: لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لَازِمٌ بِهِ
بِهِ، وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ، وَالتَّحْرِيرِ
ــ
[منح الجليل]
وَمَفْعُولُ إعْتَاقٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ (رَقِيقًا) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (حَقٌّ) لِغَيْرِ مُعْتِقِهِ (لَازِمٌ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ كَدَيْنٍ تَدَايَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِمُرْتَهِنٍ، أَوْ لِمَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ لِرَبِّ دَيْنٍ صَحَّ إعْتَاقُهُ، وَتَوَقَّفَ لُزُومُهُ عَلَى إمْضَاءِ ذِي الْحَقِّ.
ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّانِي الرَّقِيقُ هُوَ كُلُّ إنْسَانٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ حَقٌّ لَازِمٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ، كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَقَوْلُنَا لَمْ يُزَاحِمْ إلَخْ، لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ جِنَايَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْهُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَرُدَّ عِتْقُهُ. اهـ. " ق " وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ حِينَ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِهِ كَانَ مِلْكُهُ مُحَصَّلًا أَوْ مُقَدَّرًا لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا مَعَهُ، فَقَوْلِي مَمْلُوكٌ لِمُعْتِقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ
وَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ أَنَا أَبِيعُهُ مِنْك. وَمَنْ قَالَ لِأَمَةِ غَيْرِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَابْتَاعَهَا فَوَطِئَهَا فَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ اشْتَرَيْتُك وَقَوْلِي مُقَدَّرًا لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ، وَقَوْلِي لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأٌ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ دِيَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْ ذِمَّتَهُ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَرُدَّ عِتْقُهُ وَقَوْلِي لَا مَعَهُ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ بَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَرُدَّ ثَمَنُهُ.
وَصِلَةُ إعْتَاقٍ (بِهِ) أَيْ بِمَادَّةِ لَفْظِ إعْتَاقِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ مُعْتَقٌ وَأَنَا مُعْتِقُك (أَوْ بِ) مَادَّةِ (فَكِّ الرَّقَبَةِ) مِنْ الرِّقِّيَّةِ نَحْوِ فَكَكْت رَقَبَتَك مِنْ الرِّقِّيَّةِ أَوْ أَنْتَ مَفْكُوكٌ مِنْهَا أَوْ أَنَا فَاكٌّ لَهَا مِنْهَا (وَ) بِمَادَّةِ (التَّحْرِيرِ) نَحْوُ حَرَّرْتُك وَأَنْتَ مُحَرَّرٌ وَأَنَا مُحَرِّرٌ لَك وَأَنْتَ حُرٌّ. ابْنُ شَاسٍ
وَإِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ، بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ؛
أَوْ خُلْفٍ، أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ،
ــ
[منح الجليل]
الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَصَرِيحُهَا الْإِعْتَاقُ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرُ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَاهِيَّةِ الْعِتْقِ صَرِيحُهَا مَا لَا يَقْبَلُ صَرْفُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ بِمَالٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِهِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ إنْ أَطْلَقَهُ أَوْ قَيَّدَهُ بِالدَّوَامِ وَالْأَبَدِ، بَلْ (وَ) إنْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ (فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ) الشَّهْرِ أَوْ الْعَامِ فَيَكُونُ حُرًّا أَبَدًا وَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ عَتَقَ لِلْأَبَدِ، وَفِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، وَقَالَ أَرَدْت عِتْقَهُ مِنْ الْعَمَلِ لَا الْحُرِّيَّةِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ حَالَ كَوْنِ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ بِمَا تَقَدَّمَ (بِلَا قَرِينَةٍ) صَرَفَهَا عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَمَقَامِ (مَدْحٍ) لِلرَّقِيقِ عَلَى عَمَلٍ حَسَنٍ أَوْ ذَمٍّ لَهُ عَلَى عَمَلٍ قَبِيحٍ، فَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ فِي مَقَامِ مَدْحِهِ أَوْ ذَمِّهِ، وَقَالَ أَرَدْت مَدْحَهُ أَوْ ذَمَّهُ فَلَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ. فِيهَا مَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ.
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ فِي الْمُسَاوَمَةِ هُوَ عَبْدٌ جَيِّدٌ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِصَرْفِ الْقَرِينَةِ لَهُ إلَى مَدْحِهِ (أَوْ خُلْفٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّام أَيْ مُخَالَفَةً لَسَيِّدِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، أَيْ أَنْتَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْحُرِّ فِي الْعِصْيَانِ وَعَدَمِ الِانْقِيَادِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَقَدْ خَالَفَهُ وَعَانَدَهُ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ عِتْقَهُ، وَإِنَّمَا أَرَدْت زَجْرَهُ وَالتَّهَكُّمَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، " غ " أَوْ خُلْفٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ، وَكَذَا قَرَنَ الْعِصْيَانَ بِالْمَدْحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " فِيمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا حُرُّ وَلَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرِّيَّةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إنَّك تَعْصِينِي فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ كَالْحُرِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ ضَبَطَهُ حَلِفَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَجَعَلَهُ بِمَعْنَى الْقَسَمِ فَقَدْ صَحَّفَ اللَّفْظَ، وَذَهَبَ عَنْ الْمَعْنَى.
(أَوْ) قَرِينَةُ إكْرَاهكَ (دَفْعِ مَكْسٍ) فَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ مَكْسَهُ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلِي لِغَيْرِ إكْرَاهٍ لِقَوْلِهَا مَنْ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ فَقَالَ هُوَ
وَبِلَا مِلْكَ، أَوْ سَبِيلَ لِي عَلَيْك، إلَّا لِجَوَابٍ
وَبِكَوَهَبْت لَك نَفْسَك؛ وَبِكَاسْقِنِي، أَوْ اذْهَبْ؛ أَوْ اُعْزُبْ بِالنِّيَّةِ؛
ــ
[منح الجليل]
حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ظُلْمًا (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (لَا مِلْكَ) لِي عَلَيْك (أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك) فِي حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَقُولَ لَهُ (لِجَوَابٍ) لَهُ فِي عَدَمِ مُطَاوَعَتِهِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ جَوَابُ لِكَلَامٍ قَبْلَهُ صُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَوَهَبْت لَك نَفْسَك) وَأَعْطَيْتُك نَفْسَك. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعْت مَالِكًا " رضي الله عنه " يَقُولُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَنَّهُ حُرٌّ، وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ، قَالَ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَاسْقِنِي) نَاوِيًا بِهِ إعْتَاقًا (أَوْ) قَوْلُهُ (اذْهَبْ) نَاوِيًا بِهِ ذَلِكَ (أَوْ) بِقَوْلِهِ لَهُ (اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّايِ، أَيْ أَبْعِدْ (بِالنِّيَّةِ) لِلْإِعْتَاقِ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ وَهِيَ كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ، وَأَمَّا وَهَبْت لَك نَفْسَك فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْإِعْتَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا كَالصَّرِيحِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ، وَفِي إعَادَتِهِ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي إشَارَةٌ إلَى هَذَا. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْكِنَايَةُ وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَاذْهَبْ وَاعْزُبْ وَشَرْطُهَا النِّيَّةُ. اهـ. فَظَاهِرُهُمَا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَلَيْسَ كَذَلِكَ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ، وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَتِهِمَا. الشَّارِحُ مُرَادُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي وَهَبْتُك، وَلِذَا أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَحْصِيلُ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا صَرِيحٌ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ بِذَاتِهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ فَالْأَوَّلُ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا قَرِينَةَ لَفْظِيَّةٌ قَارَنَتْهُ، وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ
وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ عَلَّقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.
ــ
[منح الجليل]
أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، وَكَقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَالثَّالِثُ وَاضِحٌ، وَفِي كَوْنِهِ عِتْقًا بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَزَعْمِ اللَّخْمِيُّ.
(وَعَتَقَ) الرَّقِيقُ (عَلَى الْبَائِعِ) فَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَلَا يَطْلُبُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ (إنْ عَلَّقَ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ عِتْقَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَأَكَّدَ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ بِالْبَارِزِ لِيَصِحَّ عَطْفُ (وَالْمُشْتَرِي) عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ عِتْقُهُ أَيْضًا (عَلَى الْبَيْعِ) رَاجِعٌ لِلْبَائِعِ بِأَنْ قَالَ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ (وَالشِّرَاءِ) رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَالَ الْبَائِعُ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَبَاعَهُ لَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ فَيَرُدُّ ثَمَنَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ. قُلْت وَعَزَاهُ الصِّقِلِّيُّ أَيْضًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ إلَى سَنَةٍ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ حُرًّا إلَى سَنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ الْحِنْثُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّمَا أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَوَافَقَ مَالِكًا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ إلَى سَنَةٍ. قُلْت تَعْلِيلُهُ مَسْأَلَةٌ إلَى سَنَةٍ يُوجِبُ اسْتِوَاءَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ بِعْتُك يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِمُشْتَرِيهِ، وَمِثْلُهُ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ. وَفِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ كَتَبْدِئَتِهِ فِي الْوَصَايَا أَوْ بِأَنَّ مَحْمَلُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْل بَيْعِي إيَّاكَ. ثَالِثُهَا حِنْثُهُ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ الْمُنْكَشِفِ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحِنْثِ بِالْأَقَلِّ. لِلَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَسَحْنُونٍ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي افْتِقَارِهِ إلَى حُكْمٍ قَوْلَانِ، وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مَعَ ذَلِكَ إنْ ابْتَعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِهِ.
وَبِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي: إنْ اشْتَرَيْتُك:
كَأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ فَاسِدًا.
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْأَوْلَى لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِلْمُشْتَرِي يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، كَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. وَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ فَقِيلَ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ. وَقِيلَ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ أَنْتَ حُرٌّ بِبَيْعِي إيَّاكَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَفْسِ قَوْلِهِ بِعْت قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.
(وَ) عَتَقَ الرَّقِيقُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ (بِ) سَبَبِ (الِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ) لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا (فِي) قَوْلِهِ لِرَقِيقٍ (إنْ اشْتَرَيْتُك) فَأَنْتَ حُرٌّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ لَا يَحْنَثُ. الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ بَاعَهُ وَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا يَحْنَثُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا صَوَابٌ.
وَشَبَّهَ فِي: الْعِتْقِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (اشْتَرَى) الرِّقُّ (نَفْسَهُ) مِنْ مَالِكِهِ شِرَاءً (فَاسِدًا) فَيَعْتِقُ وَلَا يُفْسَخُ الشِّرَاءُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى الرَّقِيقَ نَفْسَهُ بِهِ مِمَّا يُمْلَكُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ فِيهِ غَرَرٌ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ غَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، فَإِنْ عَيَّنَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ.
وَفِيهَا إنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ وَلَا يُرَدُّ وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا، بِخِلَافِ شِرَاءِ غَيْرِهِ إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلِلسَّيِّدِ مَا بَاعَهُ بِهِ غَرَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، وَقَوْلُهَا عَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ هَذَا إذَا بَاعَهُ بِخَمْرٍ مَضْمُونَةٍ. وَقَالَ
وَالشِّقْصُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَوَلَدُ عَبْدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ،
ــ
[منح الجليل]
أَحْمَدُ مُيَسَّرٌ إنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ وَتُرَاقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ يَتْبَعُهُ بِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَهُوَ وِفَاقٌ لَهَا.
(وَ) إنْ قَالَ الْمُكَلَّفُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ (الشِّقْصُ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْ رَقِيقٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ (الْمُدَبَّرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ الَّذِي عُلِّقَ عَلَى مَوْتِهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِحِنْثِهِ (وَأُمُّ الْوَلَدِ) لَهُ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا بِهِ (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَلَدُ) أَيْ ابْنُ وَبِنْتُ (عَبْدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ إنْ كَانَ مَوْلُودًا قَبْلَ انْعِقَادِ يَمِينِهِ، بَلْ (وَإِنْ) وُلِدَ (بَعْدَ) انْعِقَادِ (يَمِينِهِ) فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَارِعَ ظَاهِرٌ فِي الْحَالِ.
الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ أَوْ حِنْثٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ مَمْلُوكِي حُرٌّ فِي يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَكُلُّ شِقْصٍ لَهُ مَمْلُوكٌ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ وُلِدُوا قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ. وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَلَا يُعْتَقُونَ وَيَكُونُ مَا لَهُمْ تَبَعًا. الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَعْتِقُ مَا وُلِدَ لِعَبِيدِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن لَا فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت، وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت مَا كَانَ حَمْلًا يَوْمَ يَمِينِهِ. قُلْت فِي عِتْقِهَا الثَّانِي مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَتَلِدُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا إذَا عَتَقَتْ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا بَيْعُ وَلَدِهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ. وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَدْخُلُوا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه "،
وَالْإِنْشَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ، أَوْ لِي، أَوْ رَقِيقِي، أَوْ عَبِيدِي، أَوْ مَمَالِيكِي
ــ
[منح الجليل]
وَاسْتَحْسَنَهُ عَلِيٌّ مَرَّةٍ، وَقَالَ مَرَّةً تَعْتِقُ بِغَيْرِ وَلَدِهَا، وَإِنْ ضَرَبَ لِفِعْلِهِ أَجَلًا فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ شِقْصٍ مَمْلُوكٍ كَانَ لَهُ إنْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ عَبْدٍ شَرِيكٍ وَلَوْ كَانَ عَبِيدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قُسِمُوا فَمَا صَارَ لِلْحَالِفِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَعَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي أَرْضٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا مِنْهَا مُعَيَّنًا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَبِيعُ فِي حَظِّ الْبَائِعِ مَضَى بَيْعُهُ، إنْ وَقَعَ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ نُقِضَ، وَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(وَالْإِنْشَاءِ) أَيْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ وَعِتْقُ الشِّقْصِ وَمَا بَعْدَهُ فِي التَّعْلِيقِ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ، أَيْ كَالتَّعْلِيقِ فِي عِتْقِ مَا ذُكِرَ (فِي) قَوْلِهِ (مَنْ يَمْلِكُهُ) حُرٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَحَنِثَ أَوْ نَجَّزَهُ بِلَا تَعْلِيقٍ (أَوْ) قَوْلُهُ مَمْلُوكٌ (لِي) حُرٌّ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (رَقِيقِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (عَبِيدِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (مَمَالِيكِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: نُسْخَةُ " غ " وَالْإِمَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ، قَالَ أَيْ وَكَذَا تَدْخُلُ الْإِمَاءُ فِي لَفْظِ مَنْ أَمْلِكُ وَمَا بَعْدَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُنْثَى فِيمَنْ أَمْلِكُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ فَهُوَ هُنَا ضَلَالٌ مُبِينٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِمَاءِ لَعَلِمْنَا دُخُولَهُنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَلَا مِرْيَةَ أَنَّهُ عُوِّلَ هُنَا عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ بِدُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْعَبِيدِ لِتَصْوِيبِهِ. اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَلِأَنَّهُ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا كُلُّهُ فِي تَوْضِيحِهِ، اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَيَدْخُلُ فِي رَقِيقِي الْإِنَاثُ لَا فِي عَبِيدِي. عبق وَقَدْ عَلِمْت صِحَّةَ " وَالْإِنْشَاءُ "، وَكَأَنَّهُ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ عَطْفَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُوهِمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ مِنْ الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ، لَكِنَّهُ مِثْلُ ذَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ
لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ: كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا
ــ
[منح الجليل]
مُبِينٌ، إذْ يُقَالُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ أَوْ يُرَادُ بِالْإِنْشَاءِ مَا قَابَلَ التَّعْلِيقَ الصُّورِيَّ. طفي الْإِنْشَاءُ نُسْخَةُ الشَّارِحِ، قَالَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْإِنْشَاءُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ وَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَأَشَارَ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ، مَمْلُوكٌ لَهُ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا قَالَ " غ " لَفْظُ الْإِنْشَاءِ بِالنُّونِ وَالشِّينِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَشْمَلُهُ الْيَمِينُ لَا فِي نَوْعِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْعِتْقِ، لَكِنْ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَبَا عَنْ الْمَقَامِ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
الثَّانِي: عِيَاضٌ " رَقِيقِي " يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَبِيدِي يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ. وَقَالَ فَضْلٌ يَشْمَلُهَا وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَأَمَّا مَمَالِيكِي فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ شُمُولُهُ لَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.
الثَّالِثُ: الْبِسَاطِيُّ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِغَلَبَةِ لَفْظِ الْمَمَالِيكِ عَلَى الْبِيضِ وَالْعَبِيدِ عَلَى السُّودِ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا الْآنَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَفْتُونُ فِي وَصِيَّةِ أَمِيرٍ لِمَمَالِيكِهِ اهـ. تت قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ، لِأَنَّ الْفَتْوَى وَالْحُكْمَ يَدُورَانِ مَعَ الْعُرْفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ.
(لَا) يَعْتِقُ (عَبِيدُ عَبِيدِهِ) فِي قَوْلِهِ مَنْ يَمْلِكُهُ إلَخْ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِمْ كُلَّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، إذْ لَيْسُوا مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَا عَبِيدَهُ وَلَا رَقِيقَهُ، بَلْ لِسَيِّدِهِمْ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عِنْدَنَا، وَعُورِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا فِي نُذُورِهَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَيَحْنَثُ. فَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَاللَّخْمِيُّ بِمُرَاعَاةِ النِّيَّةِ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ فِيهَا عُرْفًا رَفْعُ الْمِنَّةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ عَبْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ.
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ (أَمْلِكُهُ أَبَدًا) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ عُمْرِهِ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، سَوَاءً قَالَهُ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِ يَمِينٍ لِمَا فِي تَعْمِيمِهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
عَيَّنَ زَمَنًا كَعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ شَخْصًا كَنَاصِحٍ أَوْ بَلَدًا كَدِمَشْقَ أَوْ صِنْفًا كَالصَّقْلَبِيِّ لَزِمَهُ لِعَدَمِ الْحَرَجِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ، مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ مَنْ فِي مِلْكِهِ وَأَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ، بِخِلَافِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ، وَبِخِلَافِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، فَإِنْ قَالَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَكَذَلِكَ، بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ فِي مِلْكِهِ.
وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَلَا رَقِيقَ لَهُ فَأَفَادَ رَقِيقًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا وَلَا بَعْدَهُ. وَقَالَ " رضي الله عنه " فِيمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا مَلَكَ يَوْمَ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ وَلَا بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ بِالصَّدَقَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَنْ يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا أَوْقَعَ مَالِكٌ الْأَبَدَ عَلَى الدُّخُولِ وَأَشْهَبُ أَوْقَعَهُ عَلَى كُلِّ الْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا أَبَدًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَكُونُ لِمَا مَضَى لَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ أَشْتَرِي فِيمَا هُوَ مَالِكُهُ بَعْدُ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَمْلِكُهُ، أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ يَمِينُهُ بِمَا يَمْلِكُهُ إنْ قَيَّدَهُ بِالْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ اخْتَصَّتْ بِهِمَا وَإِنْ أَهْمَلَهُ فَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ وَعُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ اخْتِلَافٌ وَالْعُمُومُ أَشْبَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ وَمَسَائِلُ الْكِتَابِ مُضْطَرِبَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَفِي ضَيْح ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ، لَكِنَّهُ قَالَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ حَمْلُهُ عَلَى الْحَالِ، وَلِذَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَا عِنْدَهُ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ، وَعَلَى عُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ، وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ
وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ
ــ
[منح الجليل]
لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيه أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُ أَوْ يَشْتَرِي كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ رَقِيقٌ أَمْ لَا.
(وَوَجَبَ) الْعِتْقُ (بِالنَّذْرِ) لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ مُعَلَّقًا كَأَنْ كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ كَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَ) إنْ نَذَرَهُ رَشِيدٌ بِدُونِ تَعْلِيقٍ أَوْ بِهِ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُقْضَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِيهِمَا (إلَّا بِ) عِتْقِ (بَتٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ التَّاءِ، أَيْ نَاجِزٍ حَاصِلٍ بِصِيغَتِهِ أَوْ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا مُعَلَّقٍ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً مُتَعَلِّقَةً كَعَبْدِي هَذَا أَوْ عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا، وَمَنْ بَتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ حَنِثَ بِهِ فِي يَمِينٍ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ وَعَدَ بِالْعِتْقِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَأُمِرَ بِعِتْقِهِ. اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، لَا يُجْبَرُ وَلِأَشْهَبَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ لَا أَفِي قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَفْعَلُ تُرِكَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا يَعْتِقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ جَعَلَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ، فَعَلَى هَذَا يُجْبَرُ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ. قُلْت فَفِي الْقَضَاءِ عَلَى نَاذِرِ عِتْقٍ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّذْرِ لِلْمَسَاكِينِ، وَقَوْلِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " وَقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْيَمِينِ، وَالْحِنْثُ مُشْكِلٌ يُوجِبُ عَلَى النَّاظِرِ فِي كَلَامِهِ حِيرَةً مَعَ يُسْرِ الْعِبَارَةِ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (فِي خُصُوصِ) مُتَعَلِّقِ (هـ) كَأَنْ مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ مِنْ الْحَبَشِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً كَالطَّلَاقِ الْخَاصِّ مُتَعَلِّقُهُ فِي اللُّزُومِ (وَ) هُوَ فِي (عُمُومِ) مُتَعَلِّقِ (هـ) كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ كَالطَّلَاقِ الْعَامِّ مُتَعَلِّقُهُ كَكُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا
وَمَنْعٍ مِنْ وَطْءٍ، وَبَيْعٍ فِي صِيغَةِ حِنْثٍ
ــ
[منح الجليل]
طَالِقٌ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " رحمه الله " فِي كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ حَلَفَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعِتْقُ كَالطَّلَاقِ فِي عُمُومِهِ لِعِتْقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمِهِ عِنْدَنَا.
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " فِيمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُمْلَكُ أَوْ يُشْتَرَى كَانَ عِنْدَهُ رَقِيقٌ يَوْمَ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَ مَنْ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ أَوْ بَاعَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْجَوَارِيَ وَالْغِلْمَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ عَبْدًا أَوْ يَخُصَّ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا أَوْ يَضْرِبَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ، كَقَوْلِهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ أَوْ مِنْ الْبَرَابِرِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ مِنْ الشَّامِ أَوْ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْيَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَمَنْ عَمَّ أَوْ خَصَّ فِي الطَّلَاقِ.
(وَ) هُوَ فِي (مَنْعٍ) لِلسَّيِّدِ (مِنْ وَطْءٍ) لِلْأَمَةِ الَّتِي عَلَّقَ عِتْقَهَا (وَ) مَنْعٍ مِنْ (بَيْعٍ) لِلرَّقِيقِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ (فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) كَأَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا فَأَمَتُهُ فُلَانَةُ حُرَّةٌ أَوْ عَبْدُهُ فُلَانٌ حُرٌّ فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَبَيْعِهَا وَالْعَبْدِ حَتَّى يَفْعَلَهُ، وَمَفْهُومُ حَنِثَ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهُمَا فِي الْبِرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " مَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ، كَذَا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ مَاتَ فَلَا يَلْزَمُ وَرَثَتَهُ عِتْقٌ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَلَا أَمْنَعُهُ الْخِدْمَةَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ عَتَقَ رَقِيقُهُ مِنْ ثُلُثِهِ إذْ هُوَ حِنْثٌ، وَقَدْ وَقَعَ بِمَوْتِهِ.
وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا الْحَالِفُ إنْ فَعَلْت فَلَهُ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفُ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَدْخُلُ وَلَدُهَا فِي الْيَمِينِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَدْخُلُ وَلَا أَرَى رِوَايَةَ دُخُولِهِ إلَّا وَهْمًا. أَشْهَبُ إنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ عَفَا عَنْ فُلَانٍ فَلَا يَنْفَعُهُ بَيْعُهُ ثُمَّ عَفْوُهُ عَنْهُ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَأُعَاقِبَنَّهُ فَهُوَ كَالْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ لَا كَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلْت.
وَعِتْقِ عُضْوٍ.
وَتَمْلِيكِهِ الْعَبْدَ وَجَوَابُهُ: كَالطَّلَاقِ
ــ
[منح الجليل]
وَ) هُوَ فِي (عِتْقِ عُضْوٍ) كَيَدِك حُرَّةٌ كَالطَّلَاقِ لِجُزْءِ الزَّوْجَةِ فِي سَرَيَانِهِ لِبَاقِي الذَّاتِ وَعَتَقَ جَمِيعُهَا. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَدُك حُرَّةٌ أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. الْخَرَشِيُّ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عِتْقُ الْبَاقِي لِحُكْمٍ كَالطَّلَاقِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ. شب أَيْ فِي التَّكْمِيلِ فَقَطْ وَتَبْعِيضُ الْعِتْقِ لَا أَدَبَ فِيهِ لِجَوَازِهِ. عب يُؤَدَّبُ مُجَزِّئُ الْعِتْقِ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ. وَرَدَّهُ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ رُشْدٍ حَمَلَا نَفْيَ الْجَوَازِ فِي التَّلْقِينِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ لَيْسَ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ بَلْ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ فَلَا يُؤَدَّبُ تت.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: هَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُ الْبَاقِي عَلَى حُكْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَوَّلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِحُكْمٍ وَلَا غَيْرِهِ.
الثَّانِي. سَكَتَ عَنْ عِتْقِ نَحْوِ الْكَلَامِ وَالشَّعْرِ، وَيَجْرِي اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ السَّابِقَيْنِ فِي الطَّلَاقِ، فَقَالَ أَصْبَغُ بِاللُّزُومِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ بِعَدَمِهِ.
(وَ) هُوَ فِي (تَمْلِيكِهِ) أَيْ الْعِتْقَ (لِلْعَبْدِ) وَتَخْيِيرِهِ فِيهِ وَتَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ كَتَمْلِيكِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ فِي تَوَقُّفِ لُزُومِهِ عَلَى رِضَا الْمُمَلِّكِ (وَ) هُوَ فِي (جَوَابِهِ) أَيْ تَمْلِيكِ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ (كَالطَّلَاقِ) فِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله مَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ عِتْقَهُ، وَقَالَ لَهُ أَعْتِقْ نَفْسَك فِي مَجْلِسِك هَذَا وَفَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَقَالَ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ نَوَيْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ صُدِّقَ وَعَتَقَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ، إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَوْلِ الزَّوْجَةِ الْمُمَلَّكَةِ اخْتَرْت نَفْسِي لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ يَكُونُ بِغَيْرِ عِتْقِهِ، كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ، وَاخْتِيَارَ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالطَّلَاقِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ، وَفِيهَا إنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ، وَقَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ، إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ
إلَّا لِأَجَلٍ، وَإِحْدَاكُمَا، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ.
ــ
[منح الجليل]
الْعِتْقِ، بِخِلَافِ قَوْلِ السَّيِّدِ لَهُ اُدْخُلْ الدَّارَ مُرِيدًا بِهِ عِتْقَهُ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ فَالْعَبْدُ فِي هَذَا كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْعِتْقَ كَالْقَوْلِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُلْ. الْبُنَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَجَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ إلَى قَوْلِهِ فِيهِ، أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ فِيمَنْ قَالَ يَا مَرْزُوقُ فَأَجَابَهُ رَبَاحٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ فَقِيلَ يَعْتِقَانِ. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَقِيلَ يَعْتِقُ الْمَدْعُوُّ فَقَطْ، وَقِيلَ يُعْتَقُ الْمُجِيبُ فَقَطْ وَخَرَّجُوهَا فِي الطَّلَاقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ تَشْبِيهِ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ (إلَّا) الْعِتْقَ (لِأَجَلٍ) كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَجَلٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ عَامٍ فِي التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَلَا يُنَجَّزُ الْعِتْقُ، وَيَبْقَى الرَّقِيقُ عَلَى حُكْمِ رِقِّهِ فِي خِدْمَتِهِ لَا فِي وَطْئِهِ إنْ كَانَ أَمَةً إلَى تَمَامِ الْأَجَلِ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهُ. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَنْ أَعْتَقَهُ بِالْخِدْمَةِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ (وَإِلَّا) فِي قَوْلِهِ لِأَمَتَيْهِ (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا (فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (الِاخْتِيَارُ) لِأَمَةٍ مِنْهُمَا لِلْعِتْقِ وَالْأُخْرَى لِلْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّيَّةِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْمَالِكِيِّينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ، وَجَعَلَ لَهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا رضي الله عنهم الِاخْتِيَارَ فِي الطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَبَعَّضُ وَيُجْمَعُ بِالسَّهْمِ فِي إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَحَنِثَ فَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ الَّتِي نَوَى خَاصَّةً وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي عِتْقِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.
وَإِنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ: فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً
وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ: لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا، إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ؛
ــ
[منح الجليل]
وَ) إلَّا قَوْلَهُ لِأَمَتِهِ (إنْ حَمَلْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ مِنِّي (فَأَنْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ (حُرَّةٌ فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْؤُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (فِي كُلِّ طُهْرٍ) مِنْ حَيْضِهَا (مَرَّةً) وَالْبُعْدُ عَنْهَا، فَإِنْ حَمَلَتْ عَتَقَتْ وَإِنْ حَاضَتْ فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْهُ مَرَّةً، وَهَكَذَا حَتَّى تَحْمِلَ. وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوَطِئَهَا نُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِأَمَةٍ يَطَؤُهَا إنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، قِيلَ لَهُ وَلِمَ لَا يَتَمَادَى عَلَى وَطْئِهَا، قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُلُّ مَنْ وُطِئَتْ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا الشَّاذَّةَ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً طَلُقَتْ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ.
(وَإِنْ جَعَلَ) مَالِكُ الرَّقِيقِ (عِتْقَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ مُفَوَّضًا (لِ) شَخْصَيْنِ (اثْنَيْنِ) مَعًا (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ بِعِتْقِهِ (إنْ لَمْ يَكُونَا) أَيْ الِاثْنَانِ (رَسُولَيْنِ) فَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ بِعِتْقِهِ. شب الْمُرَادُ بِالرَّسُولَيْنِ مَنْ أَرْسَلَهُمَا لَيَعْتِقَاهُ إذَا وَصَلَا إلَيْهِ، وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِعِتْقِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ أَمَرَهُمَا بِتَبْلِيغِهِ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ بَلَّغَاهُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُبَلِّغَاهُ. وَفِيهَا مَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى عِتْقِهِ، وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْجَوَابُ وَاحِدٌ.
الْبِسَاطِيُّ كَلَامُهَا مُشْكِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَهُ زَادَ إشْكَالُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهَا أَوَّلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ تَقْسِيمُهُ بَعْدُ إلَى التَّفْوِيضِ وَالْإِرْسَالِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا، فَكَيْفَ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ لَيْسَ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَلَا مَعْطُوفًا عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا هُوَ قَسِيمٌ
وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا
وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ: الْأَبَوَانِ،
ــ
[منح الجليل]
لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، قَالَ وَهَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ كَلَامِهَا لَا إشْكَالُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قُلْت وَبِجَوَابِ شب الْمُتَقَدِّمِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ عَنْ كَلَامِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْبُنَانِيُّ، إذْ كَأَنَّهَا قَالَتْ فَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَجَعَلَ لِكُلٍّ. الِاسْتِقْلَالَ عَتَقَ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ لِأَمَتَيْهِ (إنْ دَخَلْتُمَا) هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ، أَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ (فَدَخَلَتْ) هَا (وَاحِدَةٌ) مِنْ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَمْ تَدْخُلْ الْأُخْرَى مِنْهُمَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ، وَكَذَا الزَّوْجُ (فِيهِمَا) أَيْ الْأَمَتَيْنِ، وَكَذَا الزَّوْجَتَانِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلًا لِكَلَامِهِمَا عَلَى كَرَاهَتِهِ اجْتِمَاعِهِمَا. فِيهَا لِمَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّخَاصُمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَإِنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا حَنِثَ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ، أَوْ لِزَوْجَتَيْهِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا إحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ. ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا، وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ. الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعَ مَسَائِلِ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.
(وَعَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ لَازِمٌ مِنْ بَابَيْ دَخَلَ وَضَرَبَ (بِنَفْسِ الْمِلْكِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، (الْأَبَوَانِ) لِمَالِكِهِمَا أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ فَفِيهِ
وَإِنْ عَلَوَا، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفُلَ: كَبِنْتٍ،
وَأَخٌ، وَأُخْتٌ مُطْلَقًا،
ــ
[منح الجليل]
تَغْلِيبُ الْأَبِ إنْ لَمْ يَعْلُوا، بَلْ (وَإِنْ عَلَوَا) أَيْ ارْتَفَعَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْجَدَّةِ وَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ. ابْنُ شَاسٍ النَّظَرُ الثَّانِي فِي خَوَاصِّ الْعِتْقِ وَهِيَ سِتٌّ الْخَاصَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْهَا عِتْقُ الْقَرَابَةِ، فَمَنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَحَدُ عَمُودَيْهِ أَعْنِي أُصُولَهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَعْلَى الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَآبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَوَا وَفُصُولُهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَسْفَلُ أَعْنِي الْمَوْلُودَ مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ سَفُلُوا عَتَقَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ عَلَيْهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ أَوْ اخْتِيَارًا بِالْعَقْدِ وَيُلْحَقُ بِالْعَمُودَيْنِ الْجَنَاحُ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا دُونَ أَوْلَادِهِمْ (وَ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (الْوَلَدُ) لِمَالِكِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى إنْ لَمْ يَسْفُلْ، بَلْ (وَإِنْ سَفُلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ أَيْ نَزَلَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ لِابْنٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ (لِبِنْتٍ)" غ " كَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ تَنْبِيهًا عَلَى انْدِرَاجِ أَوْلَادِهَا كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِبِنْتٍ بِاللَّامِ مَكَانِ الْكَافِ كَأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْإِغْيَاءِ، أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّافِلُ لِبِنْتٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لِابْنٍ فَيَرْجِعُ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ، فَلَفْظُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصٌّ بِالذِّكْرِ لِتَشْبِيهِ الْبِنْتِ بِهِ، وَهُوَ عَلَى الثَّانِي شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهُوَ أَوْلَى لِتَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِي الْأَعْلَيِينَ وَالْأَسْفَلِينَ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ الْوَلَدُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْضًا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
(وَ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (أَخٌ وَأُخْتٌ) لِلْمَالِكِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ شَقِيقًا وَلَا يَعْتِقُ بِهِ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَلَا الْأَعْمَامُ وَلَا الْعَمَّاتُ وَلَا الْأَخْوَالُ وَلَا الْخَالَاتُ وَلَا أَوْلَادُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِ عِتْقِ الْقَرَابَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وِلَادَةٌ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَعَكْسُهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْأَخِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
لِلَّخْمِيِّ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَالْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِبُ عِتْقُهُ بِنَفْسِ مِلْكِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ. اللَّخْمِيُّ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ وَقْفَهُ فِي الْإِخْوَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى الْحُكْمِ.
وَإِنْ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؛ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ.
ــ
[منح الجليل]
غ " لَا يَخْفَاك وُجُوبُ رَفْعِهِمَا عَطْفًا عَلَى الْأَبَوَانِ وَامْتِنَاعِ جَرِّهِمَا عَطْفًا عَلَى بِنْتٍ، فَلَوْ عَرَّفَهُمَا كَانَ أَوْلَى إنْ حَصَلَ مِلْكُ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ، بَلْ (وَإِنْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) فَيَعْتِقُونَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمُعْطَى لَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ إنْ قَبِلَ الْمُعْطَى لَهُ بِالْفَتْحِ مَا ذُكِرَ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) الْمُعْطَى لَهُ مَا ذُكِرَ.
ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ حُرٌّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا وَرِثَهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ كَالْمِيرَاثِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. أَبُو عُمَرَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يَعْتِقُ عَلَى مَالِكِهِ سَاعَةَ يَتِمُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عِلْمَ الْمُعْطِي شَرْطٌ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا فِي ضَيْح وَبِهِ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَشَارَ " ز " إلَى جَوَابِهِ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي مُقَدَّرٍ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، عَلَى أَنَّ " ح " تَوَقَّفَ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْقَيْدِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوُجُودِ الدَّيْنِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَعَرُّضٌ لِهَذَا الْقَيْدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ بِأَنَّهُ أَبُوهُ فَهَلْ يُبَاعُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ
وَجَزَمَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ وَقَفْت عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فَرَأَيْته صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلْيُحِقَّهُ. طفي فقي ظَهَرَ لَك صِحَّةُ التَّعَقُّبِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمَوَّاقُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُفْلِسِ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ قُلْت نَصُّ الْمَوَّاقِ صَرِيحٌ فِي الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَنَصُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ
وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَلَا يُكَمَّلُ فِي جُزْءٍ لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ،
ــ
[منح الجليل]
أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلْيُبَعْ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي هَذَا الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِهِبَةٍ إلَخْ، رَدًّا لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَهُ، لَكِنْ قَالَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَجَعَلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ عَتِيقًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَرِيبِهِ عَتَقَ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ.
(وَالْوَلَاءُ) عَلَى الْقَرِيبِ الَّذِي عَتَقَ بِنَفْسِ مِلْكِهِ (لَهُ) أَيْ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَوَّلًا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَلَاءُ لِلْمُوصَى لَهُ قَبِلَهُ أَوْ رَدَّهُ (وَ) إنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَ (لَا يُكَمَّلُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعِتْقُ (فِي) هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (جُزْءٍ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا (لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ الْجُزْءَ شَخْصٌ (كَبِيرٌ) رَشِيدٌ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْجُزْءُ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي فِي بَاقِي الرَّقَبَةِ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُعْطِي أَوْ غَيْرِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ يُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " مَنْ اشْتَرَى نِصْفَ أَبِيهِ أَوْ نِصْفَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فَاشْتَرَى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلَّا مَا مَلَكَ وَيَبْقَى بَاقِيهِ رَقِيقًا عَلَى حَالِهِ يَخْدُمُ مُسْتَرِقَّهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَيَعْمَلُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ أَبِيهِ فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، وَإِنْ رَدَّهُ فَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا رَدَّهُ عَتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " وَأَمَّا مَنْ وَرِثَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا مَا وَرِثَ فَقَطْ، وَلَا تُقَوَّمُ بَقِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ الْمِيرَاثَ إلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ، وَفِي الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هُوَ جَرَّهَا إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهَا.
أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ.
لَا بِإِرْثٍ، أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ.
وَبِالْحُكْمِ، إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ،
ــ
[منح الجليل]
(أَوْ قَبِلَهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ الْجُزْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمُوصَى بِهِ لِصَغِيرٍ (وَلِيٌّ صَغِيرٌ) فَلَا يُقَوَّمُ بَاقِيهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " لَوْ أَوْصَى لِصَغِيرٍ بِشِقْصِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَهُ فَقَبِلَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الصَّبِيِّ بَقِيَّتُهُ وَلَا عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي قَبِلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَبُولُ هِبَتِهِ لَهُ جَائِزٌ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ.
(لَا) يَعْتِقُ الْأَبَوَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا إنْ مَلَكَهُمْ مَنْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ (بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَ) الْحَالُ (عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ (دَيْنٌ) مُحِيطٌ بِمَالِهِ يَفِي بِهِ (فَيُبَاعُ) الرَّقِيقُ الْمَوْرُوثُ أَوْ الْمُشْتَرَى فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ. ابْنُ يُونُسَ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ أَعْنِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُبَعْ فِي دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَرِثَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَ) عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ وُجُوبًا (بِالْحُكْمِ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ أَشْهَبُ بِنَفْسِ الْمُثْلَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ (إنْ عَمَدَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ، أَيْ قَصَدَ الْمَالِكُ (لِشَيْنٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ تَشْيِينٍ وَتَمْثِيلٍ (بِرَقِيقِهِ) الْقِنِّ أَوْ ذِي الشَّائِبَةِ، وَمَفْهُومُ عَمَدَ أَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ لِشَيْنٍ أَنَّهُ إنْ عَمَدَ لِمُدَاوَاتِهِ أَوْ عَمَدَ لَا لِشَيْنٍ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَمْدِ كَافٍ فِي إيجَابِ الْعِتْقِ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَكْفِي تَعَمُّدُ الضَّرْبِ وَحْدَهُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ " ز "، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي شَرْطِ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ أَوْ بِهِ مَعَ قَصْدِ الْمُثْلَةِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِهَا لِقَوْلِهَا إنْ كَوَى عَبْدَهُ تَدَاوِيًا أَوْ أَصَابَهُ عَلَى وَجْهِ
أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ، أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ: غَيْرُ سَفِيهٍ، وَعَبْدٍ، وَذِمِّيٍّ بِمِثْلِهِ، وَزَوْجَةٍ، وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ،
ــ
[منح الجليل]
الْأَدَبِ مِنْ كَسْرٍ أَوْ قَطْعِ جَارِحَةٍ فَلَا يَعْتِقُ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تَعَمَّدَ بِهِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ لَا يَكُونُ مُثْلَةً بِضَرْبِهِ أَوْ رَمْيِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْمُثْلَةَ بِضَجْعِهِ لِيُمَثِّلَ بِهِ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ شَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَالِهِ.
(أَوْ) عَمَدَ لِشَيْنٍ بِ (رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ) بِرَقِيقٍ (لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَوْ السَّفِيهِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ الثَّانِيَةِ الْعِتْقُ بِالْمُثْلَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ عَمْدًا مُثْلَةَ شَيْنٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُزِّرَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْعِتْقِ بِتَمْثِيلِ السَّيِّدِ بِذِي رِقٍّ لَهُ. فِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدٍ لِعَبْدِهِ عَتَقُوا عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا شَرْطُ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً. وَفِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُهَا أَنَّ عَبْدَ الْكَبِيرِ كَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا فِي وِلَايَتِهِ فَهُوَ كَالصَّغِيرِ.
وَفَاعِلُ عَمَدَ (غَيْرُ سَفِيهٍ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اعْتِبَارِ تَمْثِيلِ السَّفِيهِ كَالرَّشِيدِ وَلَغْوِهِ قَوْلَانِ، وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَغْوُهُ (وَ) غَيْرُ (عَبْدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَمْثِيلُ الْمَدِينِ بِعَبْدِهِ وَالْعَبْدِ بِعَبْدِهِ لَغْوٌ (وَ) غَيْرُ (ذِمِّيٍّ بِ) عَبْدٍ لَهُ (بِمِثْلِهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ شَبَهِهِ فِي الذِّمِّيَّةِ بِأَنْ مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمٍ، فَإِنْ مَثَّلَ ذِمِّيٌّ بِمِثْلِهِ فَلَغْوٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ تَمْثِيلُ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ، وَفِي تَمْثِيلِهِ بِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي التَّوْضِيحِ اُحْتُرِزَ بِالذِّمِّيِّ عَنْ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ، قَالَ وَيَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُمَثِّلَ بِعَبْدِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ (وَ) غَيْرُ (زَوْجَةٍ وَ) غَيْرُ شَخْصٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (فِي) تَمْثِيلِهِمَا بِرَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ (زَائِدِ) الْقِيمَةِ عَلَى (الثُّلُثِ) مِنْ مَالِهِمَا بِأَنْ كَانَ الْمُمَثِّلَ لَيْسَ زَوْجَةً وَلَا مَرِيضًا،
وَمَدِينٍ:
كَقَلْعِ ظُفْرٍ، وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ، أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ، أَوْ سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ، أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ، أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ.
أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ، لَا غَيْرِهِ،
ــ
[منح الجليل]
أَوْ كَانَ أَحَدَهُمَا وَمَثَّلَ بِمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلُّ، فَإِنْ كَانَ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا مَثَّلَ بِمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ تَمْثِيلِ ذَاتِ الزَّوْجِ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا وَلُزُومِ عِتْقِهَا بِهِ وَلَوْ كَرِهَ الزَّوْجُ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) غَيْرُ (مَدِينٍ) بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَدِينًا بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ فَتَمْثِيلُهُ لَغْوٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمَثَّلَ لِلشَّيْنِ فَقَالَ (كَقَلْعِ ظُفْرٍ) عِيَاضٌ يَعْتِقُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا. فِيهَا قَطْعُ الْأُنْمُلَةِ مُثْلَةٌ الْأَخَوَانِ إنْ قَلَعَ ظُفْرَهُ أَوْ ضِرْسَهُ أَوْ سِنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (أَوْ قَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ) قَطْعِ بَعْضِ (جَسَدٍ) رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ قَطَعَ عُرْفَ أُذُنِهِ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَلْعِ (سِنٍّ أَوْ سَحْلِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ بِرَدِّ السِّنِّ. ابْنُ شَاسٍ سَحْلُ الْأَسْنَانِ بَرْدُهَا حَتَّى تَذْهَبَ مَنْفَعَتُهَا (أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ) نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ خَرَمَ أَنْفَ عَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ (أَوْ حَلْقِ شَعْرِ) رَأْسِ (أَمَةٍ رَفِيعَةٍ) أَيْ جَمِيلَةٍ (أَوْ) حَلْقِ (لِحْيَةِ) عَبْدٍ (تَاجِرٍ) رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَلْقُ رَأْسِ الْعَبْدِ النَّبِيهِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ مُثْلَةٌ لَا فِي غَيْرِهِمَا. ابْنُ الْحَاجِبِ حَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ
(أَوْ وَسْمِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَعْلِيمِ (وَجْهٍ بِنَارٍ) ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدِهِ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النَّارِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْحَرْقُ بِالنَّارِ لَيْسَ بِمُثْلَةٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ مَنْظَرُهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَصْبَغُ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدٍ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. أَصْبَغُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِذِرَاعِهِ أَوْ بَاطِنِ جَسَدِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلِابْنِ وَهْبٍ مَنْ عَرَّفَ بِالْإِبَاقِ فَرَسَمَ سَيِّدُهُ فِي وَجْهِهِ عَبْدُ فُلَانٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(لَا) وَسْمِ (غَيْرِ الْوَجْهِ) بِالنَّارِ كَوَسْمِ ذِرَاعِهِ أَوْ دَاخِلِ جَسَدِهِ بِهَا إخْرَاجٌ مِنْ الْمُثْلَةِ
وَفِي غَيْرهَا فِيهِ: قَوْلَانِ. وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ، لَا فِي عِتْقٍ بِمَالٍ.
ــ
[منح الجليل]
فَلَا يَعْتِقُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ هَذَا عَنْ أَصْبَغَ (وَفِي) وَسْمِ الرَّقِيقِ بِ (غَيْرِهَا) أَيْ النَّارِ كَإِبَرٍ بِمِدَادٍ (فِيهِ) أَيْ الْوَجْهِ (قَوْلَانِ) بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَدَمِهِ وَهُوَ لِأَشْهَبَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ مَثَّلَ الْمَالِكُ بِمَمْلُوكِهِ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَ (الْقَوْلُ السَّيِّدُ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) الْمُوجِبِ لِلْعِتْقِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ. " ق " رَجَعَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ عَبْدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَالَا فَعَلَ ذَلِكَ بِنَا عَمْدًا، وَقَالَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ بَلْ أَدَّبْتُهُمَا فَأَخْطَأْت إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى يَظْهَرَ الْعَدَاءُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ رَقِيقَهُ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ فَ (لَا) يَكُونُ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ (فِي) دَعْوَى (عِتْقٍ بِمَالٍ) بَلْ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِيَمِينِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَعْتَقْته عَلَى مَالٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَيَحْلِفُ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: الْحَطّ إذَا خَصَى الْمَالِكُ عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَصَدَ تَعْذِيبَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَارَ مِنْهُ لِرُؤْيَتِهِ يَتَعَرَّضُ لِحَرِيمِهِ فَقَصَدَ تَنْكِيلَهُ بِخِصَائِهِ كَمَا وَرَدَ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لِزِنْبَاعِ عَبْدٍ يُسَمَّى سِنْدَارًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ وَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَتَهُ فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلًى لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ» ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَرَضٌ فَأَدَّى عِلَاجُهُ وَمُدَاوَاتُهُ إلَى خِصَائِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَصَاهُ لِيَزِيدَ ثَمَنُهُ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ خِصَاءُ الْآدَمِيِّ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ وَهُوَ مُثْلَةٌ وَتَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا قَطْعُ سَائِرِ أَعْضَائِهِ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَلَا قَوَدٍ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ.
وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ، إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ.
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِي: الْوَسْمُ وَالْإِشْعَارُ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ نَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ وَعَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَالْوَسْمُ الْكَيُّ بِالنَّارِ، وَأَصْلُهُ التَّعْلِيمُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمِيسَمُ وَهُوَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَغَيْرَهَا حَتَّى يَعْرِفَ كُلٌّ مَالَهُ فَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ وَلَا يُجَاوِزَهُ إلَى غَيْرِهِ» .
الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُثْلَةُ بَيِّنَةً فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِحُكْمٍ، وَفِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ كَذَلِكَ قَوْلَا مَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَائِلًا فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ لَوْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَلِسَانَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ وَأَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِقَوْلِهِ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً فَهُوَ حُرٌّ حِينَ مَثَّلَ بِهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْمُثْلَةِ صَارَ حُرًّا وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا فَهُوَ حُرٌّ بِهَا بِغَيْرِ قَضِيَّةٍ، وَأَمَّا مُثْلَةٌ شُكَّ فِيهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْحُكْمِ. قُلْت إنْ جَعَلْنَا الْمَشْهُورَةَ أَخَصَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَمَا شُكَّ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيِّنَةِ اتَّفَقَ نَقْلَا اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ وَإِلَّا اخْتَلَفَا.
(وَ) عَتَقَ (بِالْحُكْمِ) عَلَى الْمَالِكِ (جَمِيعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (إنْ أَعْتَقَ) الْمَالِكُ (جُزْءًا) مِنْهُ وَلَوْ قَلِيلًا كَرُبُعِ عُشْرٍ أَوْ يَدٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ الرَّقِيقِ مَمْلُوكٌ (لَهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْجُزْءِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَعْتِقُ بِلَا حُكْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ اهـ. تت ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ عَتَقَ بَقِيَّتُهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفَرَّقَ مَرَّةً فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَحَتَّى يَحْكُمَ وَالْأَحْسَنُ وَقْفُهُ عَلَى الْحُكْمِ فِيهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يَكُونُ كُلُّهُ حُرًّا بِسَرَيَانِ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهِ حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ.
كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ، إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ.
ــ
[منح الجليل]
وَشَبَّهَ فِي تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالْحُكْمِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (بَقِيَ) فِي الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ جُزْؤُهُ جُزْءٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ مُعْتِقِ الْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُكَمَّلُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى مُعْتِقِ جُزْئِهِ (إنْ دَفَعَ) مُعْتِقُ الْجُزْءِ (الْقِيمَةَ) لِلْجُزْءِ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ مُعْتَبَرَهً (يَوْمَهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِعِتْقِ الْبَاقِي، هَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَجَمَاعَةٍ، هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى أَنَّ عِتْقَ الْبَاقِيَ بِالسَّرَيَانِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَتَقَ الْجُزْءُ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ.
الْمُوَضِّحُ هَذَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ خَاصَّةً، وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ الْعِتْقَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. طفي لَيْسَ يَوْمَهُ ظَرْفًا لِدَفَعَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهَا يَوْمَهُ. وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْقِيمَةِ، أَيْ مُعْتَبَرَةً وَتَبِعَ فِي تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، أَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا النَّصُّ عَلَى اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا فِي التَّقْوِيمِ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْقِيمَةَ فَيَتْبَعُ بِهَا ذِمَّةَ الْمَلِيءِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَنَصُّهُ فِي الْمَعُونَةِ إنَّمَا شَرَطْنَا فِي إعْتَاقِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ أَخْذَهُ الْقِيمَةَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» اهـ.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْإِعْطَاءِ مَعًا لَوْ وُجِدَ تَقْوِيمٌ دُونَ إعْطَاءٍ فَلَا يَكْمُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِكَايَاتِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْمَذْهَبِ، غَيْرَ أَنَّ سَحْنُونًا قَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ إنَّهُ حُرٌّ بِتَقْوِيمِ الْإِمَامِ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَوْ كَانَ مُحَصِّلًا لِلْعِتْقِ لَلَزِمَ أَنْ يَتْبَعَ الشَّرِيكُ ذِمَّةَ الْمُعْتِقِ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ،
وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا، أَوْ بِبَعْضِهَا: فَمُقَابِلُهَا، وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفَلَّسِ
ــ
[منح الجليل]
وَذَلِكَ لَا يَمْشِي عَلَى الْقَوْلِ بِالسَّرَايَةِ وَلَا عَلَى مُرَاعَاةِ التَّقْوِيمِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ، فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ نَعَمْ الْمَذْهَبُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ، فَفِيهَا إنْ ابْتَعْت أَنْتَ وَأَجْنَبِيٌّ أَبَاك فِي صَفْقَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَعَتَقَ عَلَيْك وَضَمِنْت لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ اهـ.
(وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) بِكَسْرِ التَّاءِ (مُسْلِمًا) سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا (أَوْ) كَانَ (الْعَبْدُ) مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ كَافِرًا، سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَبْدُ كَافِرَيْنِ فَلَا يُقَوَّمُ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمَ قُوِّمَ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ وَإِنْ أَعْتَقَ الذِّمِّيَّ فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَلْزَمَ الذِّمِّيَّ التَّقْوِيمَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَأَسْقَطَهُ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا، وَلَا خِلَافَ فِي التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ السَّيِّدَانِ مُسْلِمَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّا لَا نُلْزِمُهُمَا التَّقْوِيمَ إذَا كَانُوا ذِمِّيَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ فَفِي التَّقْوِيمِ رِوَايَتَانِ.
(وَإِنْ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ (بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ كُلِّهَا فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ (أَوْ) أَيْسَرَ (بِبَعْضِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ وَأَعْسَرَ بِبَاقِيهَا (فَ) يُقَوَّمُ عَلَيْهِ (مُقَابِلُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَيَبْقَى بَاقِيهَا رَقِيقًا لِشَرِيكِهِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ لَسَرَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَ) يُعْتَبَرُ فِي يُسْرِهِ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا كَوْنُهَا (فَضَلَتْ) زَادَتْ (عَنْ مَتْرُوكِ) أَيْ مَا يُتْرَكُ لِلشَّخْصِ (الْمُفَلَّسِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمَحْكُومِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ دُيُونِهِمْ عَلَيْهِ كَمَلْبُوسِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَمَلْبُوسِ عِيَالِهِ كَذَلِكَ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا عَنْ سُكْنَاهُ وَمَا يَقْتَاتُهُ هُوَ وَعِيَالُهُ إلَى ظَنِّ يُسْرِهِ فِيهَا يُبَاعُ
وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ، لَا بِإِرْثٍ، وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ، لَا إنْ كَانَ حُرَّ الْبَعْضِ
وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَعَلَى حِصَصِهِمَا، إنْ أَيْسَرَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ
ــ
[منح الجليل]
عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْبَالِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا كِسْوَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَعِيشَةُ الْأَيَّامِ. ابْنُ شَاسٍ كَمَا فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ.
(وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ) أَيْ الْجُزْءِ (بِاخْتِيَارِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبِلَ هِبَتَهُ أَوْ صَدَقَتَهُ أَوْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ بَاقِيهِ (وَإِنْ ابْتَدَأَ) السَّيِّدُ (الْعِتْقَ) فِي الرَّقَبَةِ (لَا إنْ كَانَ) الرَّقِيقُ (حُرَّ الْبَعْضِ) بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ ثُمَّ أَعْتَقَ ثَانِيهِمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا فَلَا يُقَوَّمُ.
(وَ) إنْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مُوسِرُونَ فِي رَقِيقٍ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ أَيْضًا (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى) الْمُعْتِقِ (الْأَوَّلِ) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ إنْ كَانَ إعْتَاقُ الثَّانِي بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْتَاقُ مِنْهُمَا فِي وَقْتَيْنِ بِأَنْ أَعْتَقَا حِصَّتَيْهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (فَ) تُقَوَّمُ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ (حِصَصِهِمَا) عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى رُءُوسِهِمَا بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ، وَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَلِلثَّانِي دَفْعَةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ سُدُسِ قِيمَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي خُمُسَاهُ (إنْ أَيْسَرَا) أَيْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا تَقْوِيمَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (فَ) يُقَوَّمُ نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى الْمُوسِرِ) مِنْهُمَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه "، لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ تَفَرَّقَ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ نَصِيبَهُ وَهُمَا مَلِيئَانِ، فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ
وَعُجِّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ أُمِنَ.
وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ.
ــ
[منح الجليل]
يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَدِيمًا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَلِيئًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا قُوِّمَ جَمِيعُ بَاقِيهِ عَلَى الْمُوسِرِ. " غ " وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ هَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ فَشُرُوطُ التَّكْمِيلِ سِتَّةٌ إلَّا أَنَّهُ كَرَّرَ إنْ فِي الْمَعْطُوفَاتِ مَا عَدَا الثَّالِثِ، وَلَوْ أَسْقَطَهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا فَكَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَثْبَتَ فِيهِ إنْ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ كَذَلِكَ وَهُوَ مَلِيءٌ فِيهِمَا (عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا تَقْوِيمُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ (فِي ثُلُثِ) مَالِ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِ الشِّقْصِ أَوْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّقْوِيمِ لَا يَوْمُ الْعِتْقِ (أُمِنَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ تَغَيُّرُ مَالِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَ عَقَارًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مَالُهُ فَلَا يُعَجَّلُ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ بَلْ يُؤَخَّرُ، فَإِنْ صَحَّ صِحَّةُ بَيِّنَةٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ الَّذِي يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ مَاتَ قُوِّمَ فِي ثُلُثِهِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ.
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ جَمِيعَهُ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا عَتَقَ عَلَيْهِ الْآنَ جَمِيعُهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الثُّلُثِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغُهُ وَرُقَّ مَا بَقِيَ وَإِنْ عَاشَ لَزِمَهُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يُقَوَّمْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لِدَفْعِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَمَسِّكِ بِحَظِّهِ رَقِيقًا (عَلَى) شَخْصٍ (مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ) بِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقِيقِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِوَارِثِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ قُوِّمَ فِي بَاقِي
وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ
وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ، وَتَأْجِيلُ الثَّانِي، أَوْ تَدْبِيرُهُ،
ــ
[منح الجليل]
ثُلُثِهِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَيِّتٍ، وَكَذَا لَوْ فَلَّسَ. أَشْهَبُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ وَتَقْوِيمِ حَظِّ شَرِيكٍ عَلَيْهِ فَأَبَى شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ.
(وَ) إذَا قُوِّمَ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ حَالَ كَوْنِهِ (كَامِلًا) مُقَدَّرًا رِقُّهُ كُلُّهُ ثُمَّ تُقْسَمُ قِيمَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ حُظُوظِهِمْ فِيهِ وَيُحْكَمُ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ بِدَفْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا لَهُ، وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَحْدَهُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا حَالَ كَوْنِهِ مَصْحُوبًا (بِمَالِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ. الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُ مَمْلُوكٌ عَلَى مَا يَسْوَى فِي مُخْبَرَتِهِ وَصَنْعَتِهِ وَبِمَالِهِ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ (بَعْدَ) عَرْضِ عِتْقِ بَاقِيهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَ (امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ) أَيْ مُعْتِقِ بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ عِتْقِ نَصِيبِهِ. قَالَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقَوَّمُ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِ الشَّرِيكِ فِي الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ عَالِمًا بِعِتْقِ شَرِيكِهِ أَوْ لَا (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ رُدَّ (لَهُ) أَيْ التَّقْوِيمِ (بَيْعٌ) حَاصِلٌ (مِنْهُ) أَيْ الشَّرِيكِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَقُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا نَاجِزًا وَأَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهُ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ نُقِضَ (تَأْجِيلُ الثَّانِي) أَيْ عِتْقُهُ نَصِيبَهُ لِأَجَلٍ (أَوْ تَدْبِيرُهُ) أَوْ كِتَابَتُهُ، وَيُقَوَّمُ كَامِلًا عَلَى مَنْ نَجَّزَ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوَّلًا. الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا مَضَى تَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ. فِيهَا إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ
وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا وَإِذَا حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرِهِ: مَضَى:
كَقَبْلَهُ، ثُمَّ أَيْسَرَ، إنْ كَانَ بَيِّنَ الْعُسْرِ وَحَضَرَ الْعَبْدُ
ــ
[منح الجليل]
يُعْتِقُهُ إلَى أَجَلٍ إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ مُبَتَّلًا أَوْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ. وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَلِيءُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ رُدَّ إلَى التَّقْوِيمِ إلَّا أَنْ يُبَتَّلَ.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَلِيءُ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ وَخُيِّرَ شَرِيكُهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ أَوْ تَقْوِيمِهِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ أَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَى اخْتِيَارِ الْآخَرِ فَ (لَا يُنْتَقَلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ، ظَاهِرُهُ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِتَخْيِيرِ الْمُعْتِقِ أَوْ الْحَاكِمِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ فِي يُسْرِهِ فَقَالَ شَرِيكُهُ أَنَا أُقَوِّمُ عَلَيْهِ نَصِيبِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أُعْتِقُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا التَّقْوِيمُ (وَإِذَا) أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُعْسِرُ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ فَ (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَيْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ (لِعُسْرِهِ) أَيْ الْمُعْتِقِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ (مَضَى) الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ. " غ " وَإِنْ حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرٍ مَضَى، كَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِمَنْعِهِ ضِدُّ إجَازَتِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى التَّقْوِيمِ، فَهَذَا مُخْتَصَرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا حُكِمَ بِسُقُوطِ التَّقْوِيمِ لِإِعْسَارِهِ فَلَا تَقْوِيمَ بَعْدُ.
ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ وَعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَقَالَ (كَ) عُسْرِ الْمُعْتِقِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعِتْقِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ فَقَامَ شَرِيكُهُ حِينَ يُسْرِهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ (إنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (بَيِّنَ) بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا أَيْ ظَاهِرَ (الْعُسْرِ) حِينَ إعْتَاقِهِ نَصِيبَهُ وَعَلِمَهُ النَّاسُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يَطْلُبْ التَّقْوِيمَ لِعُسْرِهِ (وَحَضَرَ الْعَبْدُ) أَيْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ حِينَ عِتْقِ شِقْصِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَقَدِمَ بَعْدَ يُسْرِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ بَيِّنَ الْعُسْرِ حِينَ إعْتَاقِهِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَيْسَرَ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، قَدِيمًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ إنْ كَانَ يَوْمَ أَعْتَقَ يَعْلَمُ النَّاسُ عُسْرَهُ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ وَالْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَإِنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْقِيَامَ لِأَنَّهُ لَوْ خَاصَمَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ
وَأَحْكَامُهُ قَبْلَهُ: كَالْقِنِّ.
وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ.
وَلَا قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ، وَلَا تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ
ــ
[منح الجليل]
ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقْدُمْ حَتَّى أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ بِقِيمَتِهِ لَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ.
(وَأَحْكَامُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّقْوِيمِ (كَ) أَحْكَامِ (الْقِنِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ خَالِصِ الرَّقَبَةِ فِي شَهَادَتِهِ وَجِنَايَتِهِ وَحَدِّهِ وَغَلَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعُهُ.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ مِنْ الرَّقِيقِ أَنْ يَسْعَى فِي اكْتِسَابِ مَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ فِي جُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ، أَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَ (لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ) أَيْ سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ يَشْتَرِي بِهِ بَعْضَهُ الرَّقِيقَ مِنْ مَالِكِهِ لِتَتِمَّ حُرِّيَّتُهُ لَا يَلْزَمُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْعَبْدُ فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ، فَمَفْعُولُ يَلْزَمُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْعَبْدَ أَوْ السَّيِّدَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِبَعْضِهِ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ. الشَّيْخُ رَوَى الْأَخَوَانِ لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا وَيَعْتِقَ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ قَبْلُ. قُلْت لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ. وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَيْسَ لِسَيِّدِ الْمُعْتِقِ بَعْضُهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ وَلَا أَنْ يَقْبَلَ مَالَ الْغَيْرِ وَيَعْتِقَ بِهِ.
(وَ) إنْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْمُعْسِرِ الَّذِي أَعْتَقَ شِقْصَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ لِيَدْفَعَهُ لَلشَّرِيك الْمُتَمَسِّكِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ فَ (لَا) يَلْزَمُهُ (قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ) لِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقَبَةِ بِهِ (وَ) إنْ كَانَ مُعْتِقُ الشِّقْصِ مُعْسِرًا وَرَضِيَ شَرِيكُهُ بِتَقْوِيمِ حِصَّتِهِ عَلَيْهِ وَتَخْلِيدِ قِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى يُسْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ (تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ) لِلشِّقْصِ الرَّقِيقِ (فِي ذِمَّةِ) الْمُعْتِقِ شِقْصَهُ (الْمُعْسِرِ
بِرِضَا الشَّرِيكِ.
وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لِأَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ عِنْدَهُ، إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي، فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ.
دَبَّرَ بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ حِصَّته مِنْ رَقِيق أَيْ عَلَّقَ عِتْقهَا عَلَى مَوْته وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ: تَقَاوَيَاهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرُ.
ــ
[منح الجليل]
بِرِضَا الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ شِقْصَهُ بِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ) مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا (لِأَجَلٍ) كَسَنَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ كُلُّهُ (عَلَيْهِ) أَيْ مُعْتِقَ الشِّقْصِ لِأَجَلٍ وَيَدْفَعُ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ (لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (عِنْدَهُ) أَيْ لِأَجَلٍ فَيَسْتَوِي الشِّقْصَانِ فَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُ شِقْصِ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ وَلَا شِقْصُ شَرِيكِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ فِي الْعِتْقِ لِشِقْصِهِ، وَظَاهِرُهُ قُرْبُ الْأَجَلِ أَوْ بُعْدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَظَاهِرَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " رضي الله عنه " أَنَّ بُعْدَ الْأَجَلِ أَخَّرَ التَّقْوِيمَ إلَى حُلُولِهِ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ يُنَجِّزَ الشَّرِيكُ (الثَّانِي) عِتْقَ نَصِيبِهِ (فَ) يَبْقَى (نَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) مِنْ عِتْقِهِ لِلْأَجَلِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَعْتَقَ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ إلَى سَنَةٍ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ بَتْلًا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ أَحْسَنُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَإِنْ دَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ (حِصَّتَهُ) مِنْ رَقِيقٍ أَيْ عَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى مَوْتِهِ (تَقَاوَيَاهُ) أَيْ تَزَايَدَ الشَّرِيكَانِ فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُسَلِّمَهُ لَهُ الْآخَرُ، وَفَسَّرَ مُطَرِّفٌ الْمُقَاوَاةَ بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةُ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ عَلَيْهَا، فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِلْمُدَبِّرِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا (لِيُرَقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ (كُلُّهُ) إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُتَمَسِّكِ (أَوْ يُدَبَّرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ كُلُّهُ إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُدَبِّرِ. الْبُنَانِيُّ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُقَاوَاةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلُّهُ تَنْزِيلًا لِلتَّدْبِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِتْقِ.
وَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبَهُ: فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ.
وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا: قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ
ــ
[منح الجليل]
طفي اُنْظُرْ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ، وَكَأَنَّ الْمُقَاوَاةَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " ضَعِيفَةٌ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بَرِيءٌ فِي كُتُبِهِ اهـ. وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ بِتَحَتُّمِ الْمُقَاوَاةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مَنْ دَبَّرَ حَظَّهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الرِّضَا بِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَظِّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَأَخَذَ بِهَا ابْنُ حَبِيبٍ، وَكَذَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. الْبُنَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ وَتَمَسَّكَ الثَّالِثُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مَلِيًّا قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكَيْهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلْمُتَمَسِّكِ مُقَاوَاةُ الَّذِي دَبَّرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَالْمُعْتِقُ عَدِيمٌ فَلَا يَلْزَمُ الَّذِي دَبَّرَ مُقَاوَاةُ الْمُتَمَسِّكِ، إذْ لَوْ أَعْتَقَ بَعْدَ عِتْقِ الْمُعْدِمِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَلَوْ) أَعْتَقَ مُوسِرٌ حَظَّهُ مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَلَمَّا أُرِيدَ تَقْوِيمُهُ عَلَيْهِ (ادَّعَى) الشَّخْصُ (الْمُعْتِقُ) بِكَسْرِ التَّاءِ (عَيْبَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ عَيْبًا خَفِيفًا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِهِ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ شَرِيكَهُ الْمُتَمَسِّكَ عَلِمَهُ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ عِلْمَهُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (اسْتِحْلَافُهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمُتَمَسِّكِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَوْ ادَّعَى عَيْبًا بِالْعَبْدِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ فَفِي وُجُوبِ حَلِفِهِ ثَانِي قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَأَوَّلُ قَوْلَيْهِ وَفَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي دَعْوَى عَيْبِهِ، وَعَلِمَ الْآخَرُ بِهِ، وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وتت. طفي فَيُعَمُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَرْضَيْنِ.
(وَ) إنْ أَعْتَقَ عَبْدٌ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَ (إنْ) كَانَ قَدْ (أَذِنَ السَّيِّدُ) الْأَعْلَى الْحُرُّ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ شِقْصِهِ (أَوْ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلَكِنْ (أَجَازَ) السَّيِّدُ (عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا) لَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ الْمُعْتِقُ شِقْصَهُ كُلَّهُ (فِي مَالِ السَّيِّدِ) الْأَعْلَى
وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْمُعْتِقِ: بِيعَ
ــ
[منح الجليل]
الْحُرِّ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ يَفِي بِحِصَّةِ شَرِيكِ عَبْدِهِ غَيْرَ عَبْدِهِ فَوَاضِحٌ.
(وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَ عَبْدِهِ وَ (اُحْتِيجَ) فِي تَكْمِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ (لِبَيْعِ) الْعَبْدِ الْأَعْلَى (الْمُعْتِقِ) بِكَسْرِ التَّاءِ الشِّقْصَ (بِيعَ) الْعَبْدُ الْأَعْلَى الْمُعْتِقُ وَدُفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ عَتِيقِهِ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَسْأَلَةٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ لِعِتْقِ عَبْدِهِ، نَظَمَ فِي قَوْلِهِ:
يَحِقُّ لِجَفْنِ الْعَيْنِ إرْسَالُ دَمْعِهِ
…
عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ
وَمَا ذَنْبُهُ حَتَّى يُبَاعَ وَيُشْتَرَى
…
وَقَدْ بَلَغَ الْمَمْلُوكُ غَايَةَ قَصْدِهِ
وَيَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ إنْ شَاءَ فَاعْلَمَنْ
…
كَذَا حَكَمُوا وَالْعَقْلُ قَاضٍ بِرَدِّهِ
فَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُدْرِكًا
…
لِقُبْحٍ وَلَا حُسْنٍ فَقِفْ عِنْدَ حَدِّهِ
وَعَارَضَهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ فَقَالَ:
أَلَا دَعْ مَقَالًا قَدْ قَضَيْنَا بِرَدِّهِ
…
فَمَا بِيعَ سَيِّدٌ قَطُّ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ
فَإِنَّ الَّذِي قَدْ أَنْفَذَ الْعِتْقَ مَالِكٌ
…
لِكُلٍّ وَهَذَا السَّيِّدُ مِنْ بَعْضِ وُجْدِهِ
فَبِعْنَاهُ كَيْ نَدْفَعَ جِنَايَتَهُ الَّتِي
…
جَنَى بِإِجَازَتِهِ لِفِعْلَةِ عَبْدِهِ
بِتَنْقِيصِ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ
…
فَحَافِظْ عَلَى دَفْعِ التَّعَدِّي وَرَدِّهِ
وَقَالَ صَرِيحُ الْعَقْلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ جَنَى
…
لِيَمْلِكَ مَنْ يَجْنِي وَيَظْفَرَ بِقَصْدِهِ
فَمَنْ قَالَ إنَّ الْعَقْلَ قَاضٍ بِرَدِّهِ
…
أَتَى قَوْلُهُ بُطْلًا بِصَفْحَةِ خَدِّهِ
وَإِدْرَاكُ عَقْلِ الْمَرْءِ لِلْحُسْنِ مُجْمَعٌ
…
عَلَيْهِ كَقُبْحٍ فَانْتَبِهْ عِنْدَ وِرْدِهِ
وَإِلَّا فَمَا أَبْكَاهُ إذْ سَالَ دَمْعُهُ
…
عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ
نَعَمْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ انْفِرَادٌ بِمَا يَرَى
…
مِنْ الْحُكْمِ دُونَ الشَّرْعِ قِفْ عِنْدَ حَدِّهِ
وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَقِّ بِالْجِدِّ آخِذًا
…
خَلَطَ هَزْلَهُ وَاَللَّهِ فِيهِ بِجِدِّهِ
أَفَادَهُ شب.
وَإِنْ أَعْتَقَ أَوَّلَ وَلَدٍ: لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي، وَلَوْ مَاتَ
وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا، أَوْ دَبَّرَهُ: فَحُرٌّ، وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ؛ إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا، فَلِأَقَلِّهِ،
وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ دَيْنٌ،
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ أَعْتَقَ) رَشِيدٌ (أَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَلَدٍ) تَلِدُهُ أَمَتُهُ مِنْ زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ فِي بَطْنٍ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَ (لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي) إنْ نَزَلَ الْأَوَّلُ حَيًّا، بَلْ (وَلَوْ مَاتَ) الْأَوَّلُ، فِيهَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا، فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَيِّتًا فَلَا عِتْقَ لِلثَّانِي.
(وَإِنْ أَعْتَقَ) الْمَالِكُ الرَّشِيدُ (جَنِينًا) فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ السَّيِّدُ الْجَنِينَ فَمَا تَلِدُهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ (فَ) هُوَ (حُرٌّ) إنْ كَانَ أَعْتَقَهُ وَمُدَبَّرٌ إنْ كَانَ دَبَّرَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا، بَلْ (وَإِنْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرِ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّةِ (الْحَمْلِ) خَمْسَ سِنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِزَوْجٍ) لِلْأَمَةِ (مُرْسَلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ، أَيْ مُطْلَقٍ (عَلَيْهَا) أَيْ الْأَمَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِحَمْلِهَا حِينَ عَتَقَ جَنِينُهَا أَوْ تَدْبِيرُهُ (فَ) يُعْتَقُ أَوْ يُدَبَّرُ مَنْ وَلَدَتْهُ (لِأَقَلَّ) مِنْ (أَقَلِّهِ) أَيْ زَمَنِ الْحَمْلِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي عِتْقِهَا. الثَّانِي إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ دَبَّرَهُ وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَئِذٍ، فَمَا أَتَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَحُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَعْلَمْ حَمْلَهَا يَوْمَ عِتْقِهِ فَلَا يَعْتِقُ هَاهُنَا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ مَا أَتَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ أُنْظِرَ إلَى حَدِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا فَإِنْ وَلَدَتْ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَهُوَ حُرٌّ.
(وَ) إنْ فَلَّسَ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِهِ (بِيعَتْ) الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا لِوَفَاءِ دَيْنِ سَيِّدِهَا (إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ) لِجَنِينِهَا مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَفَاعِلُ سَبَقَ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي أَعْتَقَ جَنِينَهَا وَلَا مَفْهُومَ لِسَبْقِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ سَبَقَ عِتْقُهُ فَتُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ أَيْضًا، فَفِي
وَرُقَّ.
وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ، أَوْ عِتْقٍ، وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاءُ وَلِيِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ بِمَالِهِ.
ــ
[منح الجليل]
الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي يُعْتِقُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا تُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ إلَّا فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتُبَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا وَيَرِقُّ جَنِينُهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ. فَأَمَّا إنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ بَعْدَ وَضْعِهَا فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَعْدَ عِتْقِ جَنِينِهَا عَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُبَاعُ الْأَمَةُ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفَارِقُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ عِتْقِهِ بِيعَ الْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ الْأُمِّ بِدَيْنِهِمْ. الْبُنَانِيُّ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ إمَّا أَنْ يَقُومُوا قَبْلَ وَضْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَامُوا قَبْلَ وَضْعِهَا بِيعَتْ الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا سَوَاءٌ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ قَامُوا بَعْدَ وَضْعِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ الدَّيْنَ بِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ، وَفَّى ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ أَمْ لَا وَلَا يُفَارِقُهَا، وَإِنْ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ بِيعَ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِهِ، هَذَا الَّذِي فِيهَا. " غ " وَبِيعَتْ وَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ دَيْنًا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِدُخُولِ وَاوِ الْكِنَايَةِ عَلَى إنْ وَرَفَعَ الْعِتْقَ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصَبَ دَيْنًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ. طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ.
(وَ) إذَا بِيعَتْ الْأَمَةُ الْحَامِلُ أَوْ أُعْتِقَتْ فَ (لَا يُسْتَثْنَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ جَنِينُهَا (بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ) وَإِذَا سَبَقَ عِتْقُهُ الدَّيْنَ فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَهُ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَجُزْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ (اشْتِرَاءُ وَلِيٍّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ) كَأَحَدِ أُصُولِهِ وَإِخْوَتِهِ (بِمَالِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَسَقَطَ لَفْظُ وَلَدٍ مِنْ نُسْخَتَيْ الشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَثَبَتَ بِخَطِّ الْأَقْفَهْسِيِّ " غ " إسْقَاطُ وَلَدٍ أَوْلَى لِيَعُمَّ الْوَلِيُّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ أَوْ إنَّ غَيْرَهُ أَحْرَى. طفي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفَرَضَهَا فِي الْأَبِ يَشْتَرِي لِابْنِهِ. عِيَاضٌ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَاخْتُلِفَ إذَا وَقَعَ فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ
وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ
وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ، وَإِلَّا غَرِمَهُ
ــ
[منح الجليل]
مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " رضي الله عنه "، عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ بِلُزُومِ عِتْقِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِمَا فَلَا يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ، وَاخْتُلِفَ فِي عِتْقِهِمْ عَلَى الْأَبِ وَبَقَائِهِمْ عَلَى الرِّقِّ وَأَجْرَى الْأَبَ مَجْرَى الْوَكِيلِ، وَإِلَى هَذَا نَحَا اللَّخْمِيُّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ الْأَبَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدٌ ابْنَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ.
(وَلَا) يَجُوزُ اشْتِرَاءُ (عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرِي كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ، وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَهُ تت. طفي نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ سَيِّدِهِ مَنْ لَوْ مَلَكَهُمْ السَّيِّدُ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ اهـ. قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ، أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَمَعَ الْعِلْمِ لَا يَعْتِقُونَ، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ " ج ".
(وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْ مَالِكِهِ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ (فَإِنْ) كَانَ (قَالَ) الْعَبْدُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ الْمَالُ (اشْتَرِنِي لِنَفْسِك) أَوْ لِتُعْتِقَنِي وَاشْتَرَاهُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِتْقِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (إنْ) كَانَ (اسْتَثْنَى) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) أَيْ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَمَالَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ فِي الْعَبْدِ وَحْدَهُ وَ (غَرِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ وَأَمَّا الثَّمَنُ الْأَوَّلُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ.
وَبِيعَ فِيهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ: كَلِتَعْتِقَنِي
وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي: فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ، وَإِلَّا رُقَّ
ــ
[منح الجليل]
وَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِيهِ) أَيْ الثَّمَنِ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَالزَّائِدُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ فَالنَّاقِصُ عَلَيْهِ (وَ) إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَ (لَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (عَلَى الْعَبْدِ) بِعِوَضِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي. فِي عِتْقِهَا الثَّانِي إذَا دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي بِهِ لِنَفْسِك أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُعْتِقَهُ فَقَبِلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَلْيَغْرَمْهُ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ وَيَرِقُّ لَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ رَدَّ عِتْقَ الْعَبْدِ وَبِيعَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ أُعْطِيَهُ السَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْفَضْلِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ بَعْدَ بَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْعَبْدُ حِينَ دَفَعَ الْمَالَ لِلرَّجُلِ اشْتَرِنِي بِهِ (لِنَفْسِي) فَقَبِلَ وَاشْتَرَاهُ (فَ) هُوَ (حُرٌّ) بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ تَوَلَّاهُ الرَّجُلُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ (وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) وَهَذَا (إنْ) كَانَ (اسْتَثْنَى) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) حِينَ شِرَائِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ حِينَ شِرَائِهِ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ بَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى رَقَبَتِهِ (لِبَائِعِهِ) ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ كَانَ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِي فَفَعَلَ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ فَهُوَ حُرٌّ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ عَادَ رِقًّا لِبَائِعِهِ وَالْمَالُ لَهُ وَلَا يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا. " غ " وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ كَلِتَعْتِقَنِي، أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ إلَخْ، نَصُّهَا السَّابِقُ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَبِيعَ فِيهِ يَنْطَبِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْهُمَا
وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ، وَلَوْ سَمَّاهُمْ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ
أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ: أُقْرِعَ: كَالْقِسْمَةِ،
ــ
[منح الجليل]
وَالْعَتِيقِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ بِيعَ الرَّقِيقُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَخْ، نَصُّهَا السَّابِقُ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْعَتِيقِ مِنْهُمَا دُونَ الرَّقِيقِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَتِيقِ لَمْ يَزِدْهُ إلَّا خَيْرِ، فَهَذَا إذًا كَقَوْلِهِ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا رُقَّ لِبَائِعِهِ قَدْ عَلِمْت مَعْنَاهُ وَلَيْسَ هَذَا الْقِسْمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَحْسَنَ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَادَ مَا شَاءَ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ لَمْ يُحْسِنْ سِيَاقَهَا لَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَتِهِ كَلِتَعْتِقَنِي.
(وَإِنْ أَعْتَقَ) مَالِكٌ رَشِيدٌ (عَبِيدًا) سِتَّةً مَثَلًا، أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ " رضي الله عنه " فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ «رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمْ فَدَعَا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا لِتَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ الثُّلُثِ» وَهُوَ لَا يَجُوزُ (أَوْ أَوْصَى) الْمَرِيضُ (بِعِتْقِهِمْ) وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا عَبِيدِي مَثَلًا، بَلْ (وَلَوْ سَمَّاهُمْ) بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا إلَخْ وَمَاتَ (وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) لِمَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ.
(وَ) أَوْصَى (بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ الْعَبِيدِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ (أَوْ) أَوْصَى بِ (عِتْقِ) عَدَدٍ (سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) مِنْهُ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ (أُقْرِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَيْنَهُمْ (كَ) الْإِقْرَاعِ السَّابِقِ فِي بَابِ (الْقِسْمَةِ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَصِفَتُهَا فِيمَا عَدَا أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ أَنْ يُقَوَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتُكْتَبَ قِيمَتُهُ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ مِنْهَا وَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَنْ فِيهَا، فَإِنْ سَاوَتْ الثُّلُثَ أُعْتِقَ وَمُزِّقَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
بَقِيَّةُ الْأَوْرَاقِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ أُعْتِقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَرُقَّ بَاقِيهِ وَبَاقِي الْعَبِيدِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ أُعْتِقَ وَأُخْرِجَتْ وَرَقَةٌ أُخْرَى وَعُمِلَ بِمَا فِيهَا كَمَا عُمِلَ بِمَا فِي الْأُولَى، وَهَكَذَا وَإِنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ، فَإِنْ عَيَّنَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ سَلَكَ بِهِ نَحْوَ مَا مَرَّ، وَإِنْ سَمَّى عَدَدًا وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَيُنْسَبُ عَدَدُهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ، وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ حَيْثُ أَمْكَنَتْ تَجْزِئَتُهُمْ، فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ الرُّبُعُ فَتُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ جُزْءًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَتِهِ، وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُرْمَى كُلُّ وَرَقَةٍ عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ أُعْتِقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا أُعْتِقَ مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ فَيُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَقِيمَتُهُ فِي وَرَقَةٍ، وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَيُفْعَلُ بِهَا مَا مَرَّ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ.
إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ: فَيُتَّبَعُ
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ الْقُرْعَةُ هُنَا لَقَبٌ لِتَعْيِينِ مُبْهَمٍ فِي الْعِتْقِ لَهُ بِخُرُوجِ اسْمِهِ لَهُ مِنْ مُخْتَلِطٍ بِهِ بِإِخْرَاجٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ قَصْدُ عَيْنِهِ، وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ بَتْلِهِمْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَتَقَ مِنْهُمْ مَبْلَغُهُ بِالسَّهْمِ، وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ أَوْ نِصْفُهُمْ أَوْ ثُلُثَاهُمْ عَتَقَ مَا سَمَّى بِالْقُرْعَةِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِمَّا سَمَّى. أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَكْثَرُهُمْ، أَنَّ هَذَا حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ لَا فِي الْبَتْلِ. الْبَاجِيَّ وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُسْهَمُ فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ مَالٌ غَيْرُهُمْ. ابْنُ مُزَيْنٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا يَقُولُ مِثْلَهُ، وَقَالَ هُوَ الَّذِي لَا تَعْرِفُ غَيْرَهُ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الصِّقِلِّيُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لِلْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقَاسُ عَلَيْهِ.
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ) الْمُوصِي فِي عِتْقِهِمْ (فَيُتَّبَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ تَرْتِيبُهُ بِلَا قُرْعَةٍ، وَالتَّرْتِيبُ إمَّا فِي الزَّمَانِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا قَبْلُ أَوْ فِي وَقْتِ كَذَا، وَفُلَانًا فِي وَقْتِ كَذَا، وَإِمَّا بِأَدَاةٍ مُرَتَّبَةٍ كَثُمَّ وَالْفَاءِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا ثُمَّ
أَوْ يَقُولَ ثُلُثَ كُلٍّ، أَوْ أَنْصَافَهُمْ، أَوْ أَثْلَاثَهُمْ
وَتَبِعَ سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ، إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ؛
ــ
[منح الجليل]
فُلَانًا، أَوْ فَفُلَانًا أَوْ بِالْوَصْفِ كَأَعْتِقُوا الْأَعْلَمَ فَاَلَّذِي يَلِيهِ أَوْ الْأَصْلَحَ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فَيُعْتِقُ الْأَوَّلُ جَمِيعَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ قَدْرَ مَحْمَلِهِ مِنْهُ، فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُعْتِقُ الثَّانِي كُلَّهُ إنْ حَمَلَهُ الْبَاقِي وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلِهِ وَهَكَذَا اللَّخْمِيُّ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ مَا يُنْقِضُ عِتْقَ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ نَحْوُهُ قَوْلُ نَحْوِهِ ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَعْتَقَ عَلَى تَرْتِيبٍ فَالسَّابِقُ مُقَدَّمٌ.
(أَوْ يَقُولَ) فِي وَصِيَّتِهِ أَعْتِقُوا (ثُلُثَ كُلٍّ) مِنْ عَبِيدِي فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ (أَوْ) يَقُولُ فِي إيصَائِهِ أَعْتِقُوا (أَنْصَافَهُمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ نِصْفٍ فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفَهُ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ (أَوْ) يَقُولَ أَعْتِقُوا (أَثْلَاثَهُمْ) فَكَذَلِكَ، فِيهَا مَنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَثْلَاثُ رَقِيقِي أَوْ أَنْصَافُهُمْ أَحْرَارٌ أَوْ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ أَوْ نِصْفُ كُلِّ رَأْسٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ، وَلَا يَبْدَأُ بِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ ثُلُثُهُ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ مِمَّا سُمِّيَ بِالْحِصَصِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ. ابْنُ يُونُسَ وَيَفْتَرِقُ فِي هَذَا الصِّحَّةُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْوَصِيَّةِ.
(وَ) مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلِلرَّقِيقِ دَيْنٌ عَلَى مُعْتِقِهِ (تَبِعَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْعَتِيقُ إنْ شَاءَ (سَيِّدَهُ) الَّذِي أَعْتَقَهُ (بِدَيْنٍ) لَهُ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) أَيْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ حِينَ إعْتَاقِهِ (مَالَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ حِينَ إعْتَاقِهِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِالدَّيْنِ، وَيَأْخُذُ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ، فِيهَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ، أَوْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ مُجْمَلًا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ. ابْنُ يُونُسَ بِأَنْ يَقُولَ حِينَ الْإِعْتَاقِ اشْهَدُوا أَنِّي انْتَزَعْت الْمَالَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ إنِّي أَعْتَقْتُهُ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي فَيَبْقَى مَالُهُ لِسَيِّدِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ انْتِزَاعًا لِمَا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ.
وَرُقَّ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ
أَوْ تَقَدُّمِ دَيْنٍ وَحَلَفَ
وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِالْوَلَاءِ
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رِقُّهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِلْمُدَّعِي (إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ) وَاحِدٌ عَدْلٌ (بِرِقِّهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ فَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فِيهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَلَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَرَقَّهُ اهـ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ رِقَّهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا شَاهِدٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(أَوْ) أَعْتَقَ شَخْصٌ رَقِيقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مَالَهُ وَادَّعَى مُسْتَحِقُّهُ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى إعْتَاقِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِ (تَقَدُّمِ) بِضَمِّ الدَّالِ مُثَقَّلًا (دَيْنٍ) عَلَى إعْتَاقِهِ (وَحَلَفَ) مَنْ شَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ نُقِضَ إعْتَاقُهُ وَرُقَّ الرَّقِيقُ لِلْغَرِيمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ قُضِيَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ تَقَدَّمَ الْعِتْقَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ
(وَ) إنْ ادَّعَى مُكَلَّفٌ عَلَى مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِوَلَائِهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ لَا يُعَجَّلُ (بِ) دَفْعِ (الْمَالِ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ لِلْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ غَيْرِهِ بِأَثْبَتَ مِنْهُ وَالنَّسَبُ كَالْوَلَاءِ (إنْ شَهِدَ) لِلْمُدَّعِي (بِالْوَلَاءِ) أَوْ النَّسَبِ شَاهِدٌ (وَاحِدٌ) وَحَلَفَ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ آلَتْ إلَى الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فِيهَا إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَان أَعْتَقَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ لَا يَجُزْ بِذَلِكَ الْوَلَاءِ، وَرُوِيَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَأَتَى مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا قُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَسَبُهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحٌ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ كَانَ لَهُ مَا فَضَلَ عَلَى نِصْفِهَا.
أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ، وَحَلَفَ
وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ؛ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ تَجُزْ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ
ــ
[منح الجليل]
أَوْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالنَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ (اثْنَانِ) بِالسَّمَاعِ بِمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ يَشْهَدَا (أَنَّهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ (لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (مَوْلَاهُ) أَيْ الْمَيِّتِ أَعْتَقَهُ هُوَ أَوْ مَنْ جَرَّ لَهُ وَلَاءَهُ (أَوْ) أَنَّهُ (وَارِثُهُ) بِنَسَبٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ (وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي مَعَ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْبَتِّ اُسْتُؤْنِيَ بِدَفْعِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ وَلَا النَّسَبُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ أَصْلِ السَّمَاعِ شَاهِدًا وَاحِدًا. فِيهَا إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ. الْبُنَانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ صَرَّحَ هُنَا بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ. وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا قَائِلًا أَنَّهُ مَذْهَبُهَا، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِكَوْنِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ لِاحْتِمَالِ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ دُونَ الْوَلَاءِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْبَلَدِ فَيَبْعُدُ اسْتِفَاضَةُ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ وَالْوَلَاءِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا قَالَهُ طفي، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ أَكْثَرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالسَّمَاعِ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ.
(وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) ابْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَعْتَقَ عَبْدًا (أَوْ أَقَرَّ) ابْنُ الْمَيِّتِ (أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا) وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مُنْكِرُونَ فِيهِمَا (لَمْ تَجُزْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الشَّهَادَةُ وَلَا الْإِقْرَارُ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُقَوَّمُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ذَلِكَ الْعَبْدُ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ، وَإِنَّمَا عُمِلَ
وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ: فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ، إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ كَعُسْرِهِ.
ــ
[منح الجليل]
بِالشَّاهِدِ وَيَمِينٍ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ. فِيهَا إنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَلَا إقْرَارُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَجَمِيعُ الْعَبْدِ رَقِيقٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِرِّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا وَوَلَاؤُهَا لِأَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا لَمْ يَبْلَعْ رَقَبَةً يُعَيَّنُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَفِي آخَرَ نَجْمٌ مُكَاتَبٌ، وَكَذَا فِي إقْرَارِ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فِي سَهْمِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ شَهِدَ) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ (عَلَى شَرِيكِهِ) فِي رَقِيقٍ (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِانْفِرَادِهِ بِهَا (فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ) مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ (حُرٌّ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُعْتَقُ، وَإِنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ فِي عَدَمِ تَقْوِيمِهِ (إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَيْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الرُّوَاةِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ عَدَمِ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ فَقَالَ (كَعُسْرِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَهِدَ رَجُلٌ بِأَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْعَبْدِ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. سَحْنُونٌ وَهَذَا أَجْوَدُ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا، إذْ لَوْ جَازَ هَذَا لَمْ يَشَأْ شَرِيكٌ أَنْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ إلَّا فَعَلَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.