الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
الْيَسِيرَةِ. أَشْهَبُ الْأَسْوَاطُ الْعَشَرَةُ يَسِيرَةٌ تَمَادَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ جُلِدَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ قَذَفَ آخَرَ اُسْتُؤْنِفَ الْحَدُّ، وَإِنْ بَقِيَ مِثْلُ سَوْطٍ أَوْ أَسْوَاطٍ أُتِمَّ ثُمَّ جُلِدَ لِلثَّانِي. مُحَمَّدٌ وَكَذَا إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلْيُتَمَّ الْحَدُّ وَوَيُؤْتَنَفُ. أَشْهَبُ إنْ ضُرِبَ نِصْفَ الْحَدِّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ قَلِيلًا فَلْيُؤْتَنَفْ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: إنْ ذَهَبَ الْيَسِيرُ تَمَادَى وَيُجْزِئُ الْحَدُّ لَهُمَا.
وَالثَّانِي: إنْ مَضَى نِصْفُ الْحَدِّ أَوْ نَحْوُهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُمَا.
وَالثَّالِثُ: إنْ بَقِيَ مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ الْيَسِيرُ أُتِمَّ لِلْأَوَّلِ وَاسْتُؤْنِفَ لِلثَّانِي، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: يُسْتَأْنَفُ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ.
الثَّانِي: لَهُمَا وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَوَّلِ. الثَّانِي إتْمَامُهُ لِلْأَوَّلِ وَائْتِنَافُهُ لِلثَّانِي فَلَا يَتَدَاخَلُ الْحَدَّانِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[بَاب فِي بَيَان أَحْكَام السَّرِقَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا]
ابْنُ عَرَفَةَ السَّرِقَةُ أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةً لَهُ فِيهِ فَيَخْرُجُ أَخْذُ غَيْرِ الْأَسِيرِ مَالَ حَرْبِيٍّ وَمَا جُمِعَ بِتَعَدُّدِ إخْرَاجٍ وَقَصْدٍ وَالْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالْمُضْطَرِّ فِي الْمَجَاعَةِ. الْبُنَانِيُّ أَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهِ أَخْذَ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ مَوْضِعٍ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَا يَأْتِي وَأَخْذِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ صَارَ غَيْرَ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَوْرَدَ الْخَرَشِيُّ عَلَى عَكْسِهِ سَرِقَةَ النِّصَابِ مِنْ سَارِقِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَسْرُوقَ مُحْتَرَمٌ. وَفِي حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَيْضًا فَلَمْ تَخْرُجْ سَرِقَتُهُ مِنْ الْحَدِّ.
(تَنْبِيهٌ) : عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ ضُرُوبٌ عَشَرَةٌ حِرَابَةٌ وَغِيلَةٌ وَغَصْبٌ وَقَهْرٌ وَخِيَانَةٌ وَسَرِقَةٌ وَاخْتِلَاسٌ وَخَدِيعَةٌ وَتَعَدٍّ وَجَحْدٌ، وَاسْمُ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كُلِّهَا فِي اللُّغَةِ، فَالْحِرَابَةُ
(بَابٌ) تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ،
ــ
[منح الجليل]
أَخْذُهُ بِمُكَابَرَةٍ وَمُدَافَعَةٍ وَالْغِيلَةُ أَخْذُهُ بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ بِحِيلَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحِرَابَةِ وَالْغَصْبُ أَخْذُهُ بِالْقُوَّةِ وَالسَّلْطَنَةِ، وَالْقَهْرُ أَخْذُ قَوِيِّ الْجِسْمِ مِنْ ضَعِيفِهِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَالْخِيَانَةُ أَخْذُ قِبَلَهُ أَمَانَةً أَوْ يَدًا، وَالسَّرِقَةُ أَخْذُهُ خُفْيَةً وَالِاخْتِلَاسُ أَخْذُهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ عَلَى غَفْلَةٍ، وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ وَالْخَدِيعَةُ أَخْذُهُ بِحِيلَةٍ كَالتَّشَبُّهِ بِصَاحِبِ الْحَقِّ وَالتَّزَيِّي بِزِيِّ الصَّلَاحِ وَالْفَقْرِ لِيَأْكُلَ بِذَلِكَ وَالْجَحْدُ إنْكَارُ مَا تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْجَاحِدِ وَأَمَانَتِهِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْخِيَانَةِ وَالتَّعَدِّي أَخْذُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
(تُقْطَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ يَدُ السَّارِقِ (الْيُمْنَى) الصَّحِيحَةُ مِنْ كُوعِهَا أَيْ الْمِفْصَلِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ وَقَيَّدَتْ بِهِ إطْلَاقَ الْآيَةِ الْمُحْتَمَلَةِ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبُدِئَ بِالْيُمْنَى لِأَنَّهَا الْمُبَاشِرَةُ لِلْأَخْذِ غَالِبًا مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى قَالَهُ تت. الْحَطّ اُنْظُرْ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا الَّتِي سَرَقَتْ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ.
(وَتُحْسَمُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ، أَيْ تُجْعَلُ عَقِبَ قَطْعِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ (بِالنَّارِ) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ عُرُوقِهَا فَيَنْقَطِعَ سَيَلَانُ الدَّمِ مِنْهَا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِهِ فَيَمُوتَ. وَفِي عُمْدَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ تُحْسَمُ بِالزَّيْتِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الزَّيْتَ يَغْلِي بِالنَّارِ ثُمَّ تُجْعَلُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَسْمَهَا مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ وَهُوَ قَوْلٌ وَعَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. وَقِيلَ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مَعًا لِقَوْلِ الْأَبِيِّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مُدَاوَاتِهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا فَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَتْلِهِ نَفْسَهُ، بِخِلَافِ قَطْعِهَا ظُلْمًا فَلَهُ تَرْكُهَا حَتَّى يَمُوتَ وَإِثْمُهُ عَلَى قَاطِعِهِ. وَالظَّاهِرُ إثْمُ الْإِمَامِ أَيْضًا إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا. اهـ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا أَفَادَهُ شب.
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ ثُمَّ يُحْسَمُ
إلَّا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَمَحْيٌ لِيَدِهِ الْيُسْرَى.
ــ
[منح الجليل]
مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ، وَكَذَا فِي الرِّجْلِ، وَحَدُّهُ فِي الْيَدِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ، وَفِي الرِّجْلِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْيُمْنَى فَقَالَ (إلَّا لِشَلَلٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، أَيْ فَسَادٍ بِالْيُمْنَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَمَحَاهَا، وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ، وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الْيَدُ الشَّلَّاءُ. قُلْت وَثَالِثُهَا لِابْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ كَانَ شَلَلًا خَفِيفًا قُطِعَتْ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قُطِعَتْ الْيُسْرَى. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ شَلَّاءَ فَإِنْ كَانَ الشَّلَلُ بَيِّنًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا تُقْطَعُ. اللَّخْمِيُّ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إنْ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا.
(أَوْ) لِ (نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ الْيُمْنَى خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ وَأَوْلَى كُلُّهَا (فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ كَمَا فِي الْحِرَابَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ لِيَبْقَى لَهُ عَقِبٌ يَمْشِي عَلَيْهِ، وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى قَطْعِ الْيُمْنَى النَّاقِصَةِ أُصْبُعًا وَأُصْبُعَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَمُحِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَطْعُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي صُورَةِ شَلَلِ الْيُمْنَى (لِ) إثْبَاتِ قَطْعِ (يَدِهِ الْيُسْرَى) وَأَمَّا صُورَةُ نَقْصِ أَكْثَرِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى فَلَمْ يُمْحَ فِيهَا قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى.
فِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يُمْنَى لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يُمْنَى يَدَيْهِ إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ يُونُسَ لَوْ سَرَقَ أَوَّلًا وَلَا يُمْنَى لَهُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " بَعْدَ ذَلِكَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ قَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " إنْ سَرَقَ وَيَدُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ عَرَضْتهَا فَمَحَاهَا وَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فِيهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَأَرَاهُ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
شب وَالْمَحْوُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَ الْمَحْوُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
الْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ وَالْأَضَاحِيّ
…
وَفِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَالنِّكَاحِ
وَالرَّاجِحُ الْمَحْوُ فِي اثْنَتَيْنِ
…
قَطْعٌ وَأَيْمَانٌ بِغَيْرِ مَيْنِ
ثُمَّ الَّذِي أَثْبَتُّ فِي الْأَضَاحِيّ
…
تَأْكِيدَ نَدْبِ ذَبْحِهِ يَا صَاحِ
وَالْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ حِنْثُهُ إذَا
…
لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهْوَ قَوْلٌ مُحْتَذَا
(تَنْبِيهٌ) طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَالنَّقْصِ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي تَوْضِيحِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَفِيمَنْ لَا يُمْنَى لَهُ، وَنَصُّهَا عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، ثُمَّ عَرَضْتهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ. اهـ. وَهَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا رُجُوعًا وَلَا مِحْوَرًا وَلَا خِلَافًا، وَكَذَا اللَّخْمِيُّ، وَاخْتَصَرَ لَفْظَهَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ عج الْمُصَنِّفُ قَائِلًا نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ يَنْتَقِلُ مِنْهَا لِلرِّجْلِ الْيُسْرَى وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْيَدِ الْيُسْرَى فِي قَوْلٍ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ ابْنَ مَرْزُوقٍ اعْتَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِهِ الْمَحْوَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ، وَنَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ فِي الشَّلَلِ وَنَقَصَ أَكْثَرُ الْأَصَابِعِ وَظَاهِرُ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ لَكِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ اهـ.
وَاخْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَذَكَرَ نَصَّهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى التَّهْذِيبِ بِكَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَتَبِعَهُ ابْنُ نَاجِي، وَيُرَدُّ مِثْلُهُ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ التَّهْذِيبِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَأَشَارَ ابْنُ نَاجِي إلَى الْجَوَابِ عَنْ التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ
ثُمَّ يَدُهُ، ثُمَّ رِجْلُهُ، ثُمَّ عُزِّرَ وَحُبِسَ.
ــ
[منح الجليل]
الْمُرَادُ بِالْمَحْوِ حَقِيقَتَهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الرُّجُوعُ، وَلِذَا دَوَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّاسُ اهـ. الْبُنَانِيُّ يُعَكَّرُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ الْمَمْحُوَّاتِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الرُّجُوعِ لَمَا انْحَصَرَتْ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَانِيًا مَنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ أَوْ نَقْصِهَا أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَالِثًا تُقْطَعُ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى فَهَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ عَلَى الْمَمْحُوِّ وَلَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ صَحِيحَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِيَكُونَ قَطْعًا مِنْ خِلَافٍ، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الثَّالِثَةِ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الرَّابِعَةِ رِجْلُهُ الْيُمْنَى. وَأَمَّا عَلَى مَا أَثْبَتَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ مِنْ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا، فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْطَعُ ثَانِيًا مِنْ صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ. الشَّارِحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَفَادَهُ عب.
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيَةً، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَ: وَلَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ. قُلْت مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ إجْرَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْهُ.
(ثُمَّ) إنْ سَرَقَ السَّارِقُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقُطِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ صَحِيحَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَقُطِعَ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَشَلَّ الْيُمْنَى مَثَلًا (عُزِّرَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُثَقَّلَةً، أَيْ ضُرِبَ شَدِيدًا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ (وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَكِنْ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ
وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا؛ فَالْقَوَدُ، وَالْحَدُّ بَاقٍ، وَخَطَأً أَجْزَأَ،
ــ
[منح الجليل]
ثُمَّ سَرَقَ جُلِدَ وَحُبِسَ، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ حَدِيثًا فِي السَّارِقِ إذَا قُطِعَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ سَرَقَ قُتِلَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ إلَّا أَبَا مُصْعَبٍ فَقَالَ يُقْتَلُ.
(وَإِنْ تَعَمَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ) كَجَلَّادٍ أَنْ يَقْطَعَ (يُسْرَاهُ) أَيْ السَّارِقِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ فِي السَّرِقَةِ الْأُولَى عَالِمًا أَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ (فَالْقَوَدُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ، أَيْ الْقِصَاصُ حَقٌّ لِلسَّارِقِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ قَطْعَ يُسْرَاهُ أَوَّلًا (وَالْحَدُّ) أَيْ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ الْيُمْنَى (بَاقٍ) عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ عَمْدًا (وَ) إنْ قَطَعَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا (خَطَأً أَجْزَأَ) قَطْعُهَا عَنْ قَطْعِ الْيُمْنَى. ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهَذَا إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَلَيْسَ فِي نُقُولِ الْمَذْهَبِ تَصْرِيحٌ بِهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ أَفَادَهُ شب وطفي وَالْبَنَّانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ.
قُلْت سَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَجَعَلَهُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَنَصُّهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَطَعَ الْجَلَّادُ أَوْ الْإِمَامُ الْيُسْرَى عَمْدًا فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْحَدُّ بَاقٍ هُوَ دَلِيلُ قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ يَسَارَهُ خَطَأً أَجْزَأَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُجْزِيهِ وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ وَعَقْلُ شِمَالِهِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئَ، وَفِي مَالِ الْقَاطِعِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئُ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه ". قُلْت وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ وَهُوَ بَيْنَ قُصُورِ قَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِ يَخْطَأُ بِهِ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ أَنَّ الْقَطْعَ مَاضٍ وَلَا تُقْطَعُ يَمِينُهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمَّدَ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ كَانَ وَجَبَ فِيهَا وَقِيَاسُ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِيهِ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوَّلًا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ دَلَّسَ السَّارِقُ
فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ؛ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ؛
ــ
[منح الجليل]
بِالْيُسْرَى حَتَّى قُطِعَتْ أَجْزَأَهُ وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِيهِ.
(فَ) إنْ سَرَقَ ثَانِيَةً مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى خَطَأً فَتُقْطَعُ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) لِيَكُونَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَجْزَاءِ لَوْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. قُلْت هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَسَلَّمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَصِلَةُ تُقْطَعُ الْيُمْنَى (بِ) سَبَبِ (سَرِقَةِ طِفْلٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ شَخْصٍ صَغِيرٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَا يُعْرَفُ مَا يُرَادُ بِهِ (مِنْ حِرْزٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ مِنْ مَحَلِّ حِفْظٍ (مِثْلِهِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ نَظِيرِ الطِّفْلِ الْمَسْرُوقِ كَدَارِ أَهْلِهِ وَحَارَتِهِمْ وَقَرْيَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ أَهْلِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ إلَى الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّاهَا فَهِيَ حِرْزُهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّى الْقَرْيَةَ فَالْقَرْيَةُ حِرْزُهُ. فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدًا كَبِيرًا فَصِيحًا فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
أَشْهَبُ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ وَالْعَبْدُ فَصِيحٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ حُرًّا. أَبُو عُمَرَ وَيَقُولُ مَالِكٌ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُخْشَى مِنْهُ سَرِقَةُ أَوْلَادِهِمْ.
(أَوْ) بِسَرِقَةِ (رُبُعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُوَازِنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ شَعِيرَةً مُتَوَسِّطَةً لَا أَقَلُّ مِنْهُ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ مُوَازِنُ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَخَمْسِينَ شَعِيرَةٍ
أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ
ــ
[منح الجليل]
مُتَوَسِّطَةٍ وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ كَذَلِكَ لَا أَقَلُّ، حَالَ كَوْنِ رُبْعِ الدِّينَارِ وَالدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ (خَالِصَةً) مِنْ غِشِّهَا بِنَحْوِ نُحَاسٍ، وَلَوْ كَانَتْ دَنِيَّةَ الْمَعْدِنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ رُبُعِ الدِّينَارِ لِلدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقِيمَةِ وَلَا عَكْسُهُ فَلَا يُقْطَعُ فِي غَيْرِ الْخَالِصِ وَلَوْ رَاجَ رَوَاجَ الْخَالِصِ. ابْنُ عَرَفَةَ النِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ رُبُعُ دِينَارٍ. ابْنُ حَارِثٍ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ قَوْلَانِ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - غَيْرَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَهُ شب إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا نُظِرَ لِلنَّقْصِ فِي كُلٍّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَامِلِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَلَا يُقْطَعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا، فَإِنْ لَمْ تَرُجْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَإِنْ كَانَ نَقْصُهَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَيُقْطَعُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا.
(أَوْ) بِسَرِقَةِ (مَا) أَيْ عَرْضٍ (يُسَاوِيهَا) أَيْ الْعَرْضُ الدَّرَاهِمُ الثَّلَاثَةُ الْخَالِصَةُ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (بِالْبَلَدِ) الْمَسْرُوقِ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ تَعَامُلُ أَهْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْعُرُوضِ أَوْ بِمَا غَلَبَ أَحَدُهَا أَوَّلًا وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَآلَةِ لَهْوٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُعْتَبَرِ قِيمَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَوَّمُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ كَانَ الْبَلَدُ تَجْرِي فِيهِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّمَا التَّعَامُلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ، هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بِأَغْلَبِهِمَا بِالْبَلَدِ وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ إنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ بِبَلَدٍ إنَّمَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ يُقَوَّمُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ الَّتِي يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ خَطَأٌ صُرَاحٌ، إذْ قَدْ تَكُونُ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ كَاسِدَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بِهِ، وَفِي بَلَدِ الدَّرَاهِمِ قِيمَتُهَا كَثِيرَةً فَيُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الْيَدِ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ.
الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا اُعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى وَزْنِهِ كَانَ دِينَارًا
شَرْعًا،
ــ
[منح الجليل]
جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا أَوْ نُقْرَةً أَوْ تِبْرًا. عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بِجَوَازِ الْعَيْنِ عِيسَى أَوْ حُلِيًّا وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ، يُرِيدُ إلَى مَا يَزِيدُ فِيهَا بِصِيَاغَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَغْشُوشًا بِالنُّحَاسِ فَلَا يُقْطَعُ فِي النِّصَابِ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّحَاسُ الَّذِي فِيهِمَا يَسِيرًا جِدًّا لَا قَدْرَ لَهُ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ تَجُوزُ عَدَدًا، فَإِنْ نَقَصَ كُلُّ دِرْهَمٍ خَرُّوبَةً أَوْ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تَجُوزُ فَلَا قَطْعَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ تَامَّةَ الْوَزْنِ. مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْبَغَ فَأَمَّا مِثْلُ حَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ دَرْءُ الْحَدِّ أَحْسَنُ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ لِأَنَّ الْحَبَّتَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَوَازِينُ فَإِنْ قَلَّ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قُطِعَ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ أَوْ قَلَّ، وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ الْقَطْعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَوَّمِ مَنْفَعَتُهُ الْمُبَاحَةُ.
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ حَمَامًا عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَيْرًا عُرِفَتْ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ فَأَحَبُّ إلَى أَنْ لَا يَرْعَى إلَّا قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبَ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَبْلُغُهُ وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لِلتُّونُسِيِّ، وَهُوَ دَلِيلُ تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ فِي الطُّيُورِ الْمُتَّخَذَةِ لِسَمَاعِ أَصْوَاتِهَا لَغْوُ حُسْنِ أَصْوَاتِهَا فِي تَقْوِيمِهَا؟ .
وَفِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْحَدِّ، وَفِيهَا يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْبَصَرِ، قِيلَ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ قَالَ إنْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ بَصِيرَانِ أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَلَا يُقْطَعُ بِقِيمَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَمَثَّلَ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنَ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي بِالسُّؤَالِ فَالْوَاحِدُ يُجْزِي فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " إنْ قُوِّمَ بِثَلَاثَةٍ وَقُوِّمَ بِدُونِهَا فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ الْمَنْفَعَةُ الْمُبَاحَةُ (شَرْعًا) فَلَا يُقْطَعُ فِي آلَةِ لَهْوٍ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِصَنْعَتِهَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ
وَإِنْ كَمَاءٍ أَوْ رِيحٍ لِتَعْلِيمِهِ، أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ،
ــ
[منح الجليل]
خَشَبُهَا بَعْدَ كَسْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ سَأَلَ الْمَعَرِّيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مَنْسُوبٌ لِمَعَرَّةِ النُّعْمَانِ مَدِينَةٍ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ شَاعِرُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ فَقَالَ:
تَنَاقُضٌ مَا لَنَا إلَّا السُّكُوتُ لَهُ
…
فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنْ النَّارِ
يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ
…
مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبُعِ دِينَارِ
وَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ بِجَوَابٍ بَدِيعٍ فَقَالَ:
وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا
…
صِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
وَرُوِيَ عَنْهُ بَيْتٌ آخَرُ وَهُوَ:
عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا
…
ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْرُوقُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ كَشَاةٍ وَثَوْبٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ (كَمَاءٍ) مَنْقُولٍ لِحِرْزٍ مِنْ بَحْرٍ وَحَطَبٍ مِنْ غَابَةٍ وَمِلْحٍ مِنْ مَعْدِنٍ وَكُلًّا مِنْ مَوَاتٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعُ فِي الْبَقْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَحُصِدَ وَأُحْرِزَ وَيُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءِ إذَا أُحْرِزَ لِلْوُضُوءِ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَحَتَّى الْحَطَبِ وَالْعَلَفِ وَالتِّبْنِ، وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالرَّمَلِ وَالرَّمَادِ إذَا سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ.
(وَ) حَيَوَانٍ غَيْرِ كَلْبٍ (جَارِحٍ) لِصَيْدٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ (لِتَعْلِيمِهِ) اصْطِيَادَ الْوَحْشِيِّ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ بَازِيًا أَوْ طَيْرًا مُعَلَّمًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَوَّمُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَاطِلِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَوْمٍ يَتَّخِذُونَهُ لِلَّهْوِ (أَوْ) يُسَاوِيهَا لِ (جِلْدِهِ) الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) فِيهَا مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ بَازِيًا أَوْ غَيْرَهُ قُطِعَ، وَأَمَّا سِبَاعُ الْوَحْشِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ، لُحُومُهَا إذَا سُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ جُلُودِهَا إذَا ذُكِّيَتْ دُونَ أَنْ تُدْبَغَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ لِأَنَّ لِرَبِّهَا بَيْعَ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا. شب إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّبُعِ لَا يُسَاوِي نِصَابًا إلَّا بِتَعْلِيمِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُ الطَّيَرَانِ كَانَتْ قِيمَةُ لَحْمِهِ فَقَطْ، أَوْ هُوَ مَعَ أَوْ رِيشِهِ فَقَطْ نِصَابًا وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ السَّبُعِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ.
أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، إنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا، أَوْ ظُنَّا فُلُوسًا، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا،
ــ
[منح الجليل]
(أَوْ) بِسَرِقَةِ (جِلْدِ مَيْتَةٍ) بَعْدَ دَبْغِهِ (إنْ زَادَ دَبْغُهُ) فِي قِيمَتِهِ (نِصَابًا) ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ بَعْدَهُ خَمْسَةً وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ وعب. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي كَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِهِ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ لِأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ نِصَابًا قُطِعَ ضَيْح هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ حَمْلُهَا فِي الْبَيَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ، وَأَمَّا الْمَدْبُوغُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الصَّنْعَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ، هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ فِي قِيمَةِ الدَّبْغِ يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَا قِيمَتُهُ مَدْبُوغًا فَمَا زَادَ فَهُوَ قِيمَةُ الدَّبْغِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ دَبْغِهِ. فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ سُرِقَ وَهُوَ أَظْهَرُ.
(أَوْ) بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ (ظُنَّا) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ ظَنَّهُمَا السَّارِقُ حِينَ أَخَذَهُمَا مِنْ الْحِرْزِ (فُلُوسًا) نُحَاسًا لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ (أَوْ) ظَنَّ (الثَّوْبَ) الْمُخْرَجَ مِنْ حِرْزِهِ الَّذِي لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (فَارِغًا) مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ نِصَابًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمِ فَيُقْطَعُ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِمَا مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَفِيهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمَا فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " أَمَّا الثَّوْبُ وَشِبْهُهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ شَيْئًا لَا يُرْفَعُ ذَلِكَ فِيهِ كَحَجَرٍ وَخَشَبَةٍ وَعَصًا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا فِي قِيمَةِ ذَلِكَ دُونَ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ
أَوْ شَرِكَةِ صَبِيٍّ، لَا أَبٍ.
وَلَا طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ.
ــ
[منح الجليل]
فِي مِثْلِهِ يُرِيدُ بِهِ مِثْلَ الْمِصْرِ وَشِبْهَهُ وَلَوْ كَانَ قَمِيصًا خَلِقًا. وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِمَا فِيهِ لَحَلَفَ وَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَيُصَدَّقُ فِي الْعَصَا إنْ أَخَذَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا مِنْ مَكَان مُظْلِمٍ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ قَدْ نُقِرَ لَهُ فِي خَشَبَةٍ صُدِّقَ آخِذُهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا مَنْ سَرَقَ خِرْقَةً لَا يَصِرْ ذَلِكَ فِيهَا لِدَنَاءَتِهَا فَلَا يُقْطَعُ بِمَا فِيهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ سَرَقَ لَيْلًا عَصًا مُفَضَّضَةً وَفِضَّتُهَا ظَاهِرَةٌ، وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ فَأَرَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا فَلَا يُقْطَعُ.
أَوْ سَرَقَ نِصَابًا بِ (شَرِكَةِ صَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ سَبُعٍ أَوْ ذِئْبٍ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ وَلَيْسَتْ شَرِكَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عُذْرًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ صَاحِبَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ أَوْ أَبَاهُ (لَا) يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ إنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِهِ بِشَرِكَةِ (أَبٍ) عَاقِلٍ أَوْ أُمٍّ كَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمَسْرُوقِ لِدُخُولِهِ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الْمَسْرُوقِ. فِيهَا إنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ مَعَ أَبِي الْوَلَدِ مِنْ مَالِهِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ كَالْعَدَمِ فَشَرْطُ السَّرِقَةِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْخُفْيَةُ وَالْأَبُ لِكَوْنِهِ كَابْنِهِ يَمْنَعُ الْخُفْيَةَ.
(وَلَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (طَيْرٍ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (لِإِجَابَتِهِ) إذْ ادَّعَى لَا لَحْمَهُ وَرِيشَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ (وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ تَكَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا النِّصَابُ الْمُخْرَجُ مِنْ حِرْزِهِ (بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ) أَوْ يَوْمٍ أَوْلَى فِي لَيَالٍ أَوْ أَيَّامٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْرُوقُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ تَوَالَتْ الْمِرَارُ فِي فَوْرٍ أَوْ لَا طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ أَوْ لَا. الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ هَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِي السَّارِقِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ يَخْرُجُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِقِيمَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، فَإِنَّهُ قَالَ يُقْطَعُ إذَا أَجْمَعَ مَا خَرَجَ بِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ.
أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ، إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابُ مِلْكِ غَيْرٍ
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ رُشْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْ سَحْنُونٌ فِي أَنَّهَا سَرِقَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ وَهَذَا فِيمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَادَ فِيهِ لِسَرِقَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا مِثْلُ الْقَمْحِ وَشِبْهِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ الَّذِي يَجِدُهُ مُجْتَمِعًا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْرِجَهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْقُلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ بِنِيَّةِ عَوْدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أُخْرَى بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ.
(أَوْ اشْتَرَكَا) أَيْ السَّارِقَانِ الْمُكَلَّفَانِ (فِي حَمْلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِنِصَابٍ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعَانِ (إنْ) كَانَ قَدْ (اسْتَقَلَّ) أَيْ قَدْرُ (كُلٍّ) مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ وَحْدَهُ بِدُونِ إعَانَةِ الْآخَرِ (وَلَمْ يَنُبْهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (نِصَابٌ) مِنْ الْمَسْرُوقِ إذَا قَسَمَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ فَيَقَعَانِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَسَارِقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ وَنَابَ كُلًّا نِصَابٌ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَخْرَجَ جَمِيعُهُمْ سَرِقَةً حَمَلُوهَا لَا يُسْتَطَاعُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِجَمَاعَتِهِمْ قُطِعُوا بِبُلُوغِهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً خَرَجَ بِهَا جَمِيعُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَحَدُهُمْ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُقْطَعُونَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَطْ، وَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخَفِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّقِيلَةِ.
اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَحَدُهُمْ وَيَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ اثْنَانِ فَخَرَجَ بِهِ أَرْبَعَةٌ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الثَّقِيلَةِ الَّتِي لَا يَحْمِلُهَا إلَّا جَمِيعُهُمْ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْوِيهِ مِمَّا حُمِلَ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فَرْعٌ عَمَّا يَغْرَمُهُ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " إنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ قِيمَةِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا عَلَى مُحْصَنٍ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَغْرَمُ إلَّا رُبُعَ الدِّيَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ حَمَلُوهَا عَلَى أَحَدِهِمْ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهَا إلَّا بِتَحْمِيلِهِمْ فَيُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الَّذِي حَمَلُوهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا وَحْدَهُ وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا فِي (مِلْكِ غَيْرٍ)
وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أُخِذَ لَيْلًا وَادَّعَى الْإِرْسَالَ، وَصُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ.
لَا مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ،
ــ
[منح الجليل]
السَّارِقِ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِلْكَهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ كَمَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَمُعَارٍ.
وَيُقْطَعُ مَنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةُ النِّصَابِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ، بَلْ (وَلَوْ كَذَّبَهُ) أَيْ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ (رَبُّهُ) أَيْ مَالِكُ الْمَسْرُوقِ. فِيهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ فُلَانٍ نِصَابًا وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِإِقْرَارِهِ وَيَبْقَى الْمَتَاعُ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ فَلَا يُسْقِطُهُ إلَّا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَتَكْذِيبُهُ لَيْسَ مَانِعًا شَرْعِيًّا لِاحْتِمَالِهِ الشَّفَقَةَ وَالرَّحْمَةَ وَإِنْ صُدِّقَ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ.
(أَوْ أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مُسِكَ وَضُبِطَ السَّارِقُ (لَيْلًا) وَمَعَهُ نِصَابٌ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ غَيْرِهِ (وَادَّعَى) السَّارِقُ (الْإِرْسَالَ) مِنْ صَاحِبِ الْحِرْزِ لِإِتْيَانِهِ لَهُ بِالنِّصَابِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَيُقْطَعُ وَلَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي دَعْوَى الْإِرْسَالِ (إنْ أَشْبَهَ) فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ لَهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ صَاحِبِ الْحِرْزِ بِإِرْسَالِهِ وَدَخَلَ مِنْ الْبَابِ وَخَرَجَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ فِي وَقْتٍ يُحْتَمَلُ إرْسَالُهُ فِيهِ عَادَةً فَلَا يُقْطَعُ. فِيهَا إنْ أَخَذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ إلَى مَنْزِلِهِ فَأَخَذْت لَهُ هَذَا الْمَتَاعَ، فَإِنْ عُرِفَ مِنْهُ انْقِطَاعُهُ إلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ، وَيُقْطَعُ الْبَاجِيَّ. فَسَّرَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ قَوْلَهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ بِأَنْ يَدْخُلَهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ، وَفِي وَقْتٍ يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَهُ فِيهِ وَلَوْ أُخِذَ. مُسْتَسِرًّا وَدَخَلَ مِنْ غَيْرِ مَدْخَلِهِ أَوْ فِي حِينٍ لَا يُعْرَفُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ مَتَى صَدَّقَهُ لَا يُقْطَعُ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِابْنِ شَاسٍ عَنْ عِيسَى، وَقَوْلُ عِيسَى إنَّمَا هُوَ فِي تَصْدِيقِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ تُهْمَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي إرْسَالِهِ.
(لَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (مِلْكِهِ) أَوْ السَّارِقِ (مِنْ مُرْتَهِنٍ) لَهُ مُتَوَثِّقٌ بِهِ فِي دَيْنِهِ (وَلَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مِلْكِهِ مِنْ (مُسْتَأْجِرٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ مُسْتَعِيرٍ لَهُ أَوْ مُودِعٍ عِنْدَهُ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فَقَالَ (كَمِلْكِهِ) أَيْ السَّارِقِ النِّصَابَ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ (وَقَبْلَ)
مُحْتَرَمٍ، لَا خَمْرٍ.
وَطُنْبُورٍ، إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ نِصَابًا؛ وَلَا كَلْبٍ
ــ
[منح الجليل]
خُرُوجِهِ أَيْ النِّصَابِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ سَرَقَ مِلْكَ نَفْسِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهُ بِإِرْثٍ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَلَا مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَبَعْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصُّ الْغَزَالِيِّ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ (مُحْتَرَمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَهُ حُرْمَةٌ كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ دَخَلَ بَلَدَنَا بِأَمَانٍ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَرْبِيٍّ بِأَرْضِهِ أَوْ بِأَرْضِنَا بِلَا تَأْمِينٍ (لَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (خَمْرٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا وَتَجِبُ إرَاقَتُهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ. رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي خَمْرٍ وَلَوْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا لَهُ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ وَلَا فِي الْخَمْرِ وَلَا فِي الْخِنْزِيرِ وَإِنْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ.
(وَ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَوْنُ مَنْفَعَتِهِ شَرْعِيَّةً فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (طُنْبُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، آلَةُ لَهْوٍ مُجَوَّفَةٌ مُثَلَّثَةٌ عَلَيْهَا سُلُوكٌ مِنْ نُحَاسٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا بِقَضِيبٍ مِنْ نُحَاسٍ فَيَحْصُلُ لَهَا صَوْتٌ مُطْرِبٌ لِأَهْلِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ) الطُّنْبُورُ (بَعْدَ كَسْرِهِ) وَذَهَابِ مَنْفَعَتِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ (نِصَابًا) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي مِزْمَارًا أَوْ عُودًا أَوْ مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ بَعْدَ إفْسَادِهِ رُبُعُ دِينَارٍ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَمَّا الدُّفُّ وَالْكَبَرُ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا صَحِيحَيْنِ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي تَرْخِيصِ اللَّعِبِ بِالدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ. ابْنُ شَاسٍ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَا سَارِقُ الطُّنْبُورِ وَالْمَلَاهِي مِنْ الْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ مَا يَبْقَى مِنْهَا بَعْدَ إفْسَادِ صُورَتِهِمَا وَإِذْهَابِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِهَا رُبُعُ دِينَارٍ.
(وَ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ جَوَازُ بَيْعِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (كَلْبٍ)
مُطْلَقًا، وَأُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا، بِخِلَافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ، تَامِّ الْمِلْكِ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْغَنِيمَةِ
ــ
[منح الجليل]
مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ لِحِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ لِصَيْدٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ التَّعْلِيمِ وَالنَّهْيِ عَنْ قِنْيَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي كَلْبٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ كُنْت أَنْهَى عَنْ بَيْعِهِ (وَ) لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ نَحْوِ (أُضْحِيَّةٍ) وَهَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ (بَعْدَ ذَبْحِهَا) أَوْ نَحْرِهَا. وَمَفْهُومُ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَنَّهُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ. أَصْبَغُ إنْ سَرَقَ أُضْحِيَّةً قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إنَّمَا تُورَثُ لِتُؤْكَلَ.
(بِخِلَافِ) سَرِقَةِ (لَحْمِهَا) أَوْ جِلْدِهَا (مِنْ فَقِيرٍ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ غَنِيٍّ أُهْدِيَ لَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدَهَا. أَشْهَبُ يُقْطَعُ أَصْبَغُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ وَبَعْدَهَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إلَّا لِتُؤْكَلَ، وَإِنْ سَرَقَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قُطِعَ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ مَلَكَهَا. قُلْت تَقَدَّمَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ إيَّاهَا خِلَافُهُ، وَالْهَدْيُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَعْزُ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي إلَّا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا تَقَدَّمَ كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ (تَامِّ الْمِلْكِ) فِي التَّوْضِيحِ خَامِسُ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا تَامًّا، اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ سَرِقَةِ مَا لَهُ فِيهِ شِرْكٌ.
وَشَرْطُهُ كَوْنُ السَّارِقِ (لَا شُبْهَةَ) قَوِيَّةَ (لَهُ) أَيْ السَّارِقِ (فِيهِ) أَيْ الْمَسْرُوقِ فَلَا يُقْطَعُ الْوَالِدُ بِسَرِقَةِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِ مُكَاتَبِهِ وَلَا رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْجَاحِدِ. فِي التَّوْضِيحِ السَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي الْمَسْرُوقِ احْتِرَازًا مِنْ سَرِقَةِ الْأَبِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَمِنْ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ جِنْسَ حَقِّهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةً إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَصْلًا، بَلْ (وَإِنْ) سَرَقَ مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ بِأَنْ سَرَقَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ) الَّتِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا إذْ أُجِيزَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِسْمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي مَنْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْرَزَ قُطِعَ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا فِي الْجَيْشِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ عَدُّهُ لِأَنَّ حَظَّهُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَأَمَّا فِي
أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ، إنْ حُجِبَ عَنْهُ، وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا لَا الْجَدَّ؛
ــ
[منح الجليل]
السَّرِيَّةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي حِصَّتُهُ مِنْهَا مَعْلُومَةٌ فَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا اتِّفَاقًا، وَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ كُلِّهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ كُلِّ الْغَنِيمَةِ. وَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِالْجَيْشِ الْعَظِيمِ، وَأَمَّا السَّرِيَّةُ فَيَتَّفِقُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَقِّهِ.
(أَوْ) سَرَقَ مِنْ مَالِ (شَرِكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ (إنْ حُجِبَ) الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا أَوْ اخْتَصَّ غَيْرُ السَّارِقِ بِحِيَازَتِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ غَلَقَا عَلَيْهِ (وَ) إنْ (سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) كَتِسْعَةٍ مِنْ اثْنَيْ عَشْرَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ مَتَاعِ الشَّرِكَةِ مِمَّا قَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَاهُ رَجُلًا قُطِعَ إنْ كَانَ فِيمَا سَرَقَ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ مَا قِيمَتُهُ رُبُعُ دِينَارٍ فَضْلًا عَنْ حِصَّتِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَغْلَقَا عَلَى مَالِ شَرِكَتِهِمَا وَأَوْدَعَا مِفْتَاحَهُ رَجُلًا كَإِيدَاعِهِمَا إيَّاهُ، وَإِنْ حَمَلَا مِفْتَاحَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَنْ عِنْدَهُ الْمِفْتَاحُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ احْتِرَازًا مِنْهُ قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ بِهِ أَحَدَهُمَا فَلَا يُقْطَعُ، وَمِثْلُهُ كَوْنُ الْمِفْتَاحِ بِدَارِ أَحَدِهِمَا. وَفِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ فِي الْمَالِ أَوْ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ مَعَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا.
وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَمِنْ حَظِّهِ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا سَرَقَهُ الشَّرِيكُ مِنْ مَالٍ أَوْدَعَاهُ هَلْ يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ مَا سَرَقَهُ عَنْ حَظِّهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ الْقِيَمِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ اللَّخْمِيُّ.
(لَا) يُقْطَعُ (الْجَدُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لِأَبٍ،
وَلَوْ لِأُمٍّ.
وَلَا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقِّهِ،
ــ
[منح الجليل]
بَلْ (وَلَوْ) كَانَ جَدًّا (لِأُمٍّ) لِشُبْهَتِهِ الْقَوِيَّةِ فِي مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَالْأَبُ أَوْلَى وَالْأُمُّ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، وَفِيهَا وَكَذَلِكَ الْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعُوا لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْجَدِّ قَوْلَانِ.
ضَيْح اُخْتُلِفَ فِي الْأَجْدَادِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ، لِأَنَّهُ أَبٌ، وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَقَدْ وَرَدَ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُونَ لِأَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ وَلَا نَفَقَةَ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ بَاقِي الْقَرَابَاتِ. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ مُطْلَقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالْجَدِّ لِأُمٍّ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
(وَلَا) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ (مِنْ) مَالِ غَرِيمٍ لَهُ (جَاحِدٍ) لِحَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَدْرُهُ (أَوْ) مِنْ غَرِيمٍ مُقِرٍّ بِمَا عَلَيْهِ لَهُ (مُمَاطِلٍ) أَيْ مُؤَخِّرٍ لِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَطَلَبِهِ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً قَوِيَّةً فِي مَالِهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَيُقْطَعُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ، وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا. الْبِسَاطِيُّ الْقَطْعَ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِالظَّاهِرِ، فَكَيْفَ يَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ جَاحِدٌ حَتَّى يَنْتَفِيَ الْقَطْعُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ قَالَ جَحَدْته كَذِبًا وَيَرْجِعُ لِلْحَقِّ. اهـ. لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مَالُهُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ آخَرَ نِصَابًا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْحِرْزِ، وَتَعَذَّرَ عَلَى السَّارِقِ إحْضَارُ بَيِّنَتِهِ بِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ، وَأَقَامَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالسَّرِقَةِ وَتَرَتَّبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُمَاطِلِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْجَحْدِ أَوْ الْمَطْلِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمُسِرِّ، وَمِنْهُ جَحَدْته أَوْ مَاطَلْته لِاتِّهَامِهِ بِرَحْمَتِهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ هَا هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَاشِرٍ وَغَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ، بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ، أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا،
ــ
[منح الجليل]
وَنَعْتُ طِفْلٍ وَرُبُعِ دِينَارٍ وَثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَمَا يُسَاوِيهَا بِ (مُخْرَجٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (مِنْ حِرْزٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ مَحَلِّ حِفْظٍ وَصَوَّرَهُ (بِ) ذِي (أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا (لَا يُعَدَّ) الشَّخْصُ (الْوَاضِعُ) الْمَالَ فِيهِ (مُضَيِّعًا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ مَكَانَ لَا يُنْسَبُ مَنْ وَضَعَ الْمَالَ فِيهِ لِتَعْرِيضِهِ لِلضَّيَاعِ إنْ خَرَجَ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، بَلْ وَ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ هُوَ) أَيْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، وَيَخْتَلِفُ الْحِرْزُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالسَّارِقِ فَرُبَّ مَكَان حِرْزٌ لِمَالٍ وَلَيْسَ حِرْزًا لِمَالٍ آخَرَ وَلِسَارِقٍ دُونَ آخَرَ، فَمَنْ وَضَعَ مَالًا بِكُوَّةٍ بِبَيْتِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرْزُ مَا قُصِدَ بِمَا وُضِعَ فِيهِ حِفْظُهُ بِهِ إنْ اسْتَقَلَّ بِحِفْظِهِ أَوْ بِحَافِظٍ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ. الْبُنَانِيُّ أَيْ بِمَكَانٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقْصِدَ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ حِفْظُهُ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ النِّصَابِ مِنْهُ وَلَوْ تَلِفَ عَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ احْتَرَقَ فِي نَارٍ، وَهُوَ مَا اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ قُطِعَ لِتَحَقُّقِ السَّرِقَةِ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّزًا، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان هُوَ حِرْزٌ لِمِثْلِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ فِي إحْرَازِ أَمْوَالِهِمْ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُ الْمَالِ فِي الْعَادَةِ مُضَيِّعًا لَهُ بِوَضْعِهِ فِيهِ. اهـ. فَالْمُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْمَالِ لَا السَّارِقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ الْحِرْزِ، فَإِنْ أَدْخَلَ عَصَاهُ مَثَلًا وَأَخْرَجَ بِهَا نِصَابًا قُطِعَ وَسَيَأْتِي الْإِشَارَةُ بِالْعَلَفِ لِشَاةٍ مَثَلًا فَتَخْرُجُ فَيُقْطَعُ فِيهَا لَوْ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى الْمَتَاعَ خَارِجًا مِنْهُ فَقَدْ شَكَّ فِيهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ قَالَ يُقْطَعُ وَأَنَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.
(أَوْ ابْتَلَعَ) السَّارِقُ فِي الْحِرْزِ (دُرًّا) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ جَمْعُ دُرَّةٍ، أَيْ لُؤْلُؤًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَفْسُدُ بِابْتِلَاعِهِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَخَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ وَمَفْهُومُ دُرًّا أَنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ فِيهِ مَا يُفْسِدُهُ الِابْتِلَاعُ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ
أَوْ ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ
أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ،
ــ
[منح الجليل]
وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ ضَمِنَهُ وَأُدِّبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَقُطِعَ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِهِ وَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ شَاسٍ إنْ ابْتَلَعَ دُرَّةً وَخَرَجَ قُطِعَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا بِهَذَا النَّصِّ إلَّا لِلْغَزَالِيِّ، لَكِنَّهُ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ. قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالدُّرِّ وَابْتِلَاعُ الدِّينَارِ مَنْصُوصٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَلَكِنَّ شَأْنَ الْإِنْسَانِ النِّسْيَانُ " غ " وَالْبَنَّانِيُّ الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا، حَتَّى قَالَ لَا أَعْرِفُهَا بِنَصِّهَا إلَّا الْغَزَالِيُّ، وَاحْتَاجَ إلَى تَخْرِيجِهَا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ دُهْنِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.
(أَوْ ادَّهَنَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْهَاءِ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي ظَاهِرِ بَدَنِهِ (بِمَا) أَيْ طِيبٍ كَزُبْدٍ (يَحْصُلُ) أَيْ يَجْتَمِعُ (مِنْهُ) مَا قِيمَتُهُ (نِصَابٌ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إذَا سُلِتَ مِنْ بَدَنِهِ فَيُقْطَعُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهَا إذَا دَخَلَ السَّارِقُ الْحِرْزَ فَأَكَلَ الطَّعَامَ فِيهِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُهُ، وَإِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فِي الْحِرْزِ بِدُهْنٍ وَخَرَجَ، فَإِنْ كَانَ مَا فِي رَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ إذَا سُلِتَ بَلَغَ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ.
(أَوْ أَشَارَ) السَّارِقُ وَهُوَ خَارِجُ الْحِرْزِ (إلَى شَاةٍ) مَثَلًا فِي حِرْزِهَا (بِالْعَلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ (فَخَرَجَتْ) الشَّاةُ مِنْ الْحِرْزِ بِسَبَبِ إشَارَتِهِ إلَيْهَا فَيُقْطَعُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ مَنْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ فِي حِرْزٍ لَمْ يَدْخُلْهُ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مِثْلَ قَوْلِهِ هُنَا وَقَوْلُ أَشْهَبَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إيجَابِ قَطْعِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. قُلْت وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْبَيَانِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ لَا إيجَابُهُ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ، قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَنْ أَتَى بِإِنْسَانٍ فَأَرْسَلَهُ فَأَخْرَجَهَا لَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْمُرْسِلُ وَكَذَا فِي
أَوْ اللَّحْدَ.
أَوْ الْخِبَاءِ، أَوْ مَا فِيهِ.
ــ
[منح الجليل]
إشَارَتِهِ إلَى بَازٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ قَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا كُلِّهِ يُقْطَعُ وَهُوَ أَحْسَنُ. طفي الْقَطْعُ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى أَخْذِهَا، بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ خُرُوجِهَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرِّوَايَةِ، فَقَوْلُ تت فَأَخَذَهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ.
(أَوْ اللَّحْدَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَصْلُهُ حُفْرَةٌ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ تَحْتَ جَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُسَدُّ بِهِ فَمُهُ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ الْمَحَلِّيَّةِ. الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْحِرْزِ، أَيْ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا أَوْ مَا وُضِعَ فِيهِ مَيِّتٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْمَيِّتِ وَمَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَعَبَّرَ بِاللَّحْدِ عَنْ الْقَبْرِ " غ " كَأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ فَاللَّحْدُ عَلَى هَذَا وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ مَسْرُوقٌ بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا مَا فِيهِ وَهُوَ الْكَفَنُ فَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا فَلَا تَكْرَارَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَطْفُهُ الْخِبَاءَ عَلَيْهِ وَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِسَرِقَةِ اللَّحْدِ نَفْسِهِ خُصُوصًا، فَقَدْ قَالُوا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ.
الْبُنَانِيُّ فَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي " ق " وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَحْثِ، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَةِ غِشَاءِ الْقَبْرِ لَحْدًا فِي اللُّغَةِ، وَنَصُّهُ هَكَذَا رَأَيْت هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَلَا أَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا وَلَا إعْرَابَهَا، لِأَنَّ اللَّحْدَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الشَّقِّ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَا يَأْتِي، وَإِنْ أَرَادَ اللَّبِنَ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَصِحُّ، لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لُغَةً وَعَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَمَا رَأَيْت نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَا اقْتَضَتْهُ الْكُلِّيَّةُ الْمَحْكِيَّةُ فِي النَّوَادِرِ فِي الْقَبْرِ نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَعَنَى بِالْكُلِّيَّةِ الَّتِي فِي النَّوَادِرِ قَوْلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، فِيهَا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَالْبَيْتِ وَبِهَا اسْتَدَلَّ ابْنُ غَازِيٍّ.
(أَوْ) سَرَقَ (الْخِبَاءَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ مَمْدُودًا أَيْ الْخَيْمَةُ وَنَحْوُهَا (أَوْ) سَرَقَ (مَا) أَيْ الْمَالَ الَّذِي (فِيهِ) أَيْ الْخِبَاءُ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ، وَلِمَا فِيهِ فِيهَا
أَوْ حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا،
ــ
[منح الجليل]
إذَا وَضَعَ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي خِبَائِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ، وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ أَوْ سَرَقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطًا مَضْرُوبًا بِالْأَرْضِ قُطِعَ، وَالرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ كَأَهْلِ الدَّارِ ذَاتِ الْمَقَاصِيرِ يَسْرِقُ أَحَدُهُمْ مِنْ بَعْضِهَا، وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لَأَخَذَهُ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ سِرًّا فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا لَهُ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ.
الصِّقِلِّيُّ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَإِنْ طَرَحَهُ بِقُرْبِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ خِبَائِهِ أَوْ خِبَاءِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ كَانَ سَارِقُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْخِبَاءِ قُطِعَ، وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا قَطْعَ فِي هَذَا كُلِّهِ. الْبُنَانِيُّ أَوْ الْخِبَاءِ أَوْ مَا فِيهِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِضَرْبِهِ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ ضَارِبُهُ فِيهِ مُضَيِّعًا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. قُلْت هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سُرِقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ بِالْأَرْضِ وَخِلَافُ قَوْلِهَا وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَانُوتٍ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَضَمِّ النُّونِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ أَيْ مَحَلٌّ مُعَدٌّ لِلْبَيْعِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ دُكَّانًا بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (فِنَائِهِمَا) بِكَسْرِ الْفَاءِ فَنُونٍ مَمْدُودًا، أَيْ مَا قَرُبَ مِنْ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ مَا اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَهُوَ حِرْزُهُ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ كَالسَّارِقِ مِنْ نَفْسِ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ وَكَذَا مَنْ سَرَقَ مِنْ تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَ قِيَامِهِ وَتَرْكِهِ لَيْلًا أَوَنَهَارًا مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ إلَّا أَنْ يَنْقَلِبَ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، ثُمَّ يُتْرَكُ لَيْلَةً فَيَسْرِقُ هُوَ أَوْ مَا فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالْمَنَازِلِ وَالْبُيُوتِ وَالدُّورِ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا غَابَ أَهْلُهَا أَوْ حَضَرُوا، وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ أَفْنِيَةِ الْحَوَانِيتِ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَسَرَقَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبِهِ. وَاخْتُلِفَ إنْ غَابَ عَنْهُ أَوْ بَاتَ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُ الْقَطَّانِيِّ يَبِيعُونَهَا فِي الْقِفَافِ وَهُمْ حُضُورٌ يُغَطُّونَهَا بِاللَّيْلِ بِأَفْنِيَةِ
أَوْ مَحْمِلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وَإِنْ غِيبَ عَنْهُنَّ، أَوْ بِجَرِينٍ.
أَوْ سَاحَةِ دَارٍ
ــ
[منح الجليل]
حَوَانِيتِهِمْ فَقَامَ صَاحِبُهَا لِحَاجَةٍ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا خَفَّ نَقْلُهُ وَثَقُلَ فِي التَّابُوتِ بِسَاحَةِ الدَّارِ لَيْسَ صَغِيرُهُ كَكَبِيرِهِ وَمَا بِالْقِفَافِ يَثْقُلُ نَقْلُهُ بِقِيَامِ رَبِّهِ، لَمْ يَقُلْهُ فِي تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَوْ كَانَ مَبْنِيًّا لِخِفَّةِ مَا فِيهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ قَصْدِ كَوْنِ مَحَلِّهِ حِرْزًا. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكَذَا الْأَمْتِعَةُ تُوضَعُ لِتُبَاعَ وَالطَّعَامُ فِي الْقِفَافِ، وَلَهُمْ حُصْرٌ يُغَطُّونَهَا بِهَا لَيْلًا وَهِيَ بِأَفْنِيَةِ حَوَانِيتِهِمْ، وَرُبَّمَا ذَهَبَ وَتَرَكَهُ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَكَذَا مَا وُضِعَ فِي الْمَوْقِفِ لِيُبَاعَ مِنْ مَتَاعٍ فِي فِنَاءِ حَانُوتٍ وَلَهُ حُصْرٌ مِنْ قَصَبٍ وَرُبَّمَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَذَهَبَ.
(أَوْ) سُرِقَ مِنْ (مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، أَيْ مَا يُرْكَبُ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ جَنْبَيْهَا أَوْ بَيْنَ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَمَامَهُ وَالْأُخْرَى خَلْفَهُ. الْبُنَانِيُّ أَيْ مَنْزِلٌ بِالْأَرْضِ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ كَسَرْجِ الدَّابَّةِ، فَمَنْ سَرَقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَلَا حَارِزٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَرَقَهُ بِمَحْمِلِهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَظَاهِرُهُمَا اعْتِمَادُهُ.
(أَوْ) سَرَقَ مِمَّا عَلَى (ظَهْرِ دَابَّةٍ) وَاقِفَةً كَانَتْ أَوْ سَائِرَةً لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا فِي الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ فِنَائِهِمَا أَوْ مَحْمِلٍ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ إنْ حَضَرَ مُعَيَّنُ أَصْحَابِهِنَّ، بَلْ (وَإِنْ غِيبَ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ غَابَ أَصْحَابُ الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْمَحْمِلِ أَوْ الدَّابَّةِ (عَنْهُنَّ أَوْ سَرِقَةُ تَمْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ مَثَلًا مُجَفَّفٍ (بِجَرِينٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ آخِرُهُ نُونٌ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِتَجْفِيفِ نَحْوِ التَّمْرِ وَدَرْسِ الْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا، وَيُقَالُ لَهُ أَنْدَرُ وَجُرْنٌ أَيْضًا، وَلِمَوْضِعِ تَجْفِيفِ التَّمْرِ مِرْبَدٌ أَيْضًا فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ فِيهَا، إذْ جَمْعُ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ فِي جَرِينٍ وَغَابَ رَبُّهُ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا حَائِطَ وَلَا غَلْقَ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شب ظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ قَرُبَ الْجَرِينُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ، وَقِيلَ يُقْطَعُ فِي الْقَرِيبِ لَا فِي الْبَعِيدِ.
(أَوْ) سَرَقَ مِنْ (سَاحَةِ) أَيْ فُسْحَةِ (دَارٍ) وَتُسَمَّى عَرْصَةً، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ
لِأَجْنَبِيٍّ؛ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ،
ــ
[منح الجليل]
حَوْشًا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزٌ لِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ (لِ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ سَاكِنٍ فِيهَا وَلَا تَابِعٍ لَهُ فَيُقْطَعُ (إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهَا. تت جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الدَّارَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ، أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ تَشْمَلُ دَارَ
كَالسَّفِينَةِ،
ــ
[منح الجليل]
سُكْنَى شَخْصٍ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهَا لِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَدَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَحْجُورَةً عَنْ غَيْرِهِمْ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ سُكَّانِهَا مِنْ بَيْتِ جَارِهِ وَقُطِعَ إذَا أُخِذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ لِسَاحَتِهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ الدَّارِ وَلَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ قَطْعِ مَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ مِنْ سَاحَتِهَا نِصَابًا، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَابَّةً نَقَلَهَا مِنْ مَرْبِطِهَا الْمَعْرُوفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْكَامِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الدُّورِ. طفي الْأَعْكَامُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْإِعْدَالُ وَأَحَدُهَا عِكْمٌ بِالْكَسْرِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
وَشَبَّهَ فِي الْقَطْعِ فَقَالَ (كَ) السَّارِقِ مِنْ (السَّفِينَةِ) شب حَاصِلُ النَّقْلِ فِيمَا أَنَّ مَنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ يُقْطَعُ، سَوَاءٌ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا أَمْ لَا، كَانَ مِمَّنْ بِهَا أَمْ لَا وَإِنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا قُطِعَ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ بِهَا فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الْخُنِّ وَنَحْوِهِ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهَا وَنَحْوِهِ لِلْخَرَشِيِّ وعب. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ سَرَقَ بَعْضُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنْ بَعْضٍ وَكُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ أَحْرَزَ مَتَاعَهُ تَحْتَهُ، قَالَ زَعَمَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إنْ سَرَقَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَيْهِ يُقْطَعُ. وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ وَقَدْ قَامَ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ السَّرِقَةِ مِنْهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَحُكْمِ السَّرِقَةِ مِنْ صَحْنِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ. فِيهَا إنْ سَرَقَ بَعْضُ الرُّكَّابِ فِيهَا مِنْ مَتَاعِ بَعْضٍ وَهُوَ عَلَى مَتَاعِهِ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا سَرَقَ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْ مَتَاعِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ مَتَاعًا وَصَاحِبُهُ عَلَيْهِ يُقْطَعُ، وَلَوْ أَخَذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا عَلَى اخْتِلَافٍ، وَإِنْ سَرَقَ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا إنْ أُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا
أَوْ خَانٍ لِلْأَثْقَالِ، أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ.
أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْرٍ
ــ
[منح الجليل]
سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى مَتَاعِهِ.
(أَوْ) سَرَقَ مِنْ سَاحَةِ (خَانْ) بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَعَقِبُ أَلِفِهِ نُونٌ، وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ وِكَالَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ بَيْتٌ مُعَدٌّ لِسُكْنَى الْأَغْرَابِ وَالْعُزَّابِ وَالتُّجَّارِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ (لِلْأَثْقَالِ) كَالْإِعْدَالِ، وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَفِيفِ مِنْهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَبِمُجَرَّدِ إزَالَةِ الثَّقِيلِ عَنْ مَوْضِعِهِ إزَالَةَ بَيِّنَةٍ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ إذَا كَانَ يُبَاعُ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ سُكَّانِهِ (أَوْ) سَرَقَ (زَوْجٌ) ذَكَرًا وَأُنْثَى مِنْ مَالِ زَوْجِهِ الْمَحْرُوزِ (فِيمَا) أَيْ مَكَان (حُجِرَ عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ بِغَلْقٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ مِنْ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُقْطَعُ، وَرَقِيقُ الزَّوْجِ كَالزَّوْجِ، وَمَفْهُومُ حُجِرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَيْتِهَا الَّذِي تَسْكُنُهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَوْضِعٍ مَحْجُورٍ بَائِنٍ عَنْ مَسْكَنِهِمَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَسَرَقَ مِنْ تَابُوتٍ مُغْلَقٍ أَوْ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ وَهِيَ غَيْرُ مُشْتَرَكَةٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْطَعُ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَحْسَنُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْغَلْقِ التَّحَفُّظَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَطْرُقُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِتَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ الزَّوْجُ مِنْ شَيْءٍ شَوَّرَهَا بِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا يُقْطَعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُهُ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لَا يُقْطَعُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَصَابَهَا.
(أَوْ) سَرَقَ دَابَّةً مِنْ (مَوْقِفِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (دَابَّةٍ) مُعْتَادٍ لَهَا فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ أُوقِفَتْ بِهِ (لِبَيْعٍ) لَهَا (أَوْ غَيْرِهِ) كَحِفْظِهَا فَهُوَ حِرْزُهَا فِيهَا لَوْ كَانَ لِلدَّوَابِّ مَرَابِطُ مَعْرُوفَةٌ فِي السِّكَّةِ، فَمَنْ سَرَقَهَا مِنْ مَرَابِطِهَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزُهَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الشَّاةُ تُوقَفُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ، فَمَنْ سَرَقَهَا فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تُرْبَطْ (أَوْ) سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ (قَبْرٍ) فَيُقْطَعُ
أَوْ بَحْرٍ، أَوْ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمُرْسَاةِ.
أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ
ــ
[منح الجليل]
لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ (أَوْ) سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ مَرْمِيٍّ بِ (بَحْرٍ) فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ (لِ) كَفَنِ (مَنْ رُمِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْبَحْرِ مُكَفَّنًا فَكُلٌّ مِنْ الْقَبْرِ وَالْبَحْرِ حِرْزٌ (لِكَفَنٍ) فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَمَفْهُومُ " لِكَفَنٍ " أَنَّهُمَا لَيْسَا حِرْزَيْنِ لِغَيْرِهِ كَ مَالٍ دُفِنَ أَوْ رُمِيَ مَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْتَزَمَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمَنْ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَائِلًا لِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ حِرْزًا مُعْتَادًا لِلْمَالِ، قَالَ وَلَوْ كُفِّنَ فِي زَائِدٍ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ مَاتَ فِي الْبَحْرِ فَكُفِّنَ وَرُمِيَ بِهِ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ كَفَنَهُ، سَوَاءٌ جُعِلَ فِي خَشَبَةٍ أَوْ لَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ قَبْرُهُ.
(أَوْ) سَرِقَةِ (سَفِينَةٍ) وَاقِفَةٍ (بِمُرْسَاةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ بِمَحَلِّ رَسْيِهَا وَوُقُوفِهَا فَتُوجِبُ الْقَطْعَ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَتْ السَّفِينَةُ فِي الْمَرْسَى عَلَى أَوْتَادِهَا أَوْ بَيْنَ السُّفُنِ أَوْ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ لَهَا فَعَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِخْلَاةً أَوْ افْتَتَلَتْ وَلَا أَحَدَ مَعَهَا فَلَا قَطْعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا مُسَافِرُونَ فَأَرْسُوهَا فِي مَرْسَى وَرَبَطُوهَا وَنَزَلُوا كُلُّهُمْ وَتَرَكُوهَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا اهـ " ق ". ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ أُرْسِيَتْ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَزَلُوا وَرَبَطُوهَا وَذَهَبُوا لِحَاجَتِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ كَالدَّابَّةِ يُرِيدُ إذَا رُبِطَتْ بِمَوْضِعٍ لَمْ تُعْرَفْ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا فِي الْبَحْرِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَرْسًى مَعْرُوفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ يُقْطَعُ سَارِقُهَا إنْ كَانَتْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ، وَلَا يُقْطَعُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ، كَمَنْ سَرَقَ دَابَّةً عَلَيْهَا بِهَا نَائِمًا لِأَنَّ صَاحِبَهَا حِرْزٌ لَهَا.
(أَوْ سَرِقَةِ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) الْمُمَيِّزِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةٍ عَلَى صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مَعَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ لِأَنَّ حَضْرَتَهُ حِرْزٌ لَهُ كَانَ صَاحِبُهُ نَائِمًا أَوْ لَا، كَانَ
أَوْ مِنْ مَطْمَرٍ قَرُبَ.
أَوْ قِطَارٍ
ــ
[منح الجليل]
الْمَسْرُوقُ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ أَوْ بِإِزَائِهِ، وَأَصْلُ هَذَا «سَارِقُ رِدَاءِ صَفْوَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَمَّا قِيلَ لَهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَهُ سَارِقٌ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ صَفْوَانُ وَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ صَفْوَانُ لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» . ابْنُ الْحَاجِبِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَهُ صَاحِبُهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُوَ مُحَرَّزٌ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سُرِقَ رِدَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ كَانَ مُنْتَبِهًا، وَكَذَا النَّعْلَانِ بَيْنَ يَدِي وَحَيْثُ يَكُونَانِ مِنْ الْمُنْتَبِهِ. قُلْت قَدْ قُطِعَ فِي رِدَاءِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَائِمٌ قَالَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ.
(أَوْ) سَرَقَ طَعَامًا مِنْ (مَطْمَرٍ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا طَاءٌ مُهْمَلٌ سَاكِنٌ، أَيْ مَوْضِعٌ مُنْخَفِضٌ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ وَيُهَالُ عَلَيْهِ تُرَابٌ حَتَّى يُسَاوِيَ الْأَرْضَ فَيُقْطَعُ إنْ (قَرُبَ) الْمَطْمَرُ مِنْ الْمَسَاكِنِ لَا إنْ بَعُدَ عَلَى الْمَنْقُولِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَطَامِيرَ فِي فَلَاةٍ أَسْلَمَهَا رَبُّهَا وَأَخْفَاهَا فَلَا يُقْطَعُ، وَمَا كَانَ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ مَعْرُوفًا بَيِّنًا يُقْطَعُ سَارِقُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُحَرِّزْ طَعَامَهُ بِحَالٍ. قُلْت فَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَطَامِيرُ فِي الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا حِرْزٌ إطْلَاقُهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ.
(أَوْ) سَرَقَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ (قِطَارٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ، وَإِهْمَالِ الطَّاءِ وَالرَّاءِ، أَيْ دَوَابُّ رُبِطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَالَ سَيْرِهَا فَيُقْطَعُ بِحَلِّ شَيْءٍ مِنْهَا وَبَيْنُونَتِهِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ حَلَّ بَعِيرًا مِنْ الْقِطَارِ فِي سَيْرِهِ وَبَانَ بِهِ يُقْطَعُ. الصِّقِلِّيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ سَقَيْت الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَالْمَقْطُورَةُ أَبْيَنُ، وَكَذَا الرَّاجِعَةُ مِنْ الْمَرْعَى وَهِيَ تُسَاقِي غَيْرَ مَقْطُورَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْمَرْعَى وَلَمْ تَصِلْ إلَى مَرَاحِهَا فَيُقْطَعُ سَارِقُهَا.
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ سَرَقَ وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى الْمَرْعَى أَوْ رَاجِعَةٌ مِنْهُ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ، وَمَعَهَا مَنْ يَسُوقُهَا فَقِيلَ يُقْطَعُ، وَقِيلَ لَا الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَحُدَّ
وَنَحْوَهُ؛ أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسْطَهُ، إنْ تُرِكَتْ بِهِ
ــ
[منح الجليل]
لَنَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا حَدًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ احْتَلَّهَا مِنْ رُبُطِهَا وَسَارَ بِهَا قُطِعَ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا احْتَلَّهَا وَقَبَضَهَا حَتَّى يَبِينَ بِهَا خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ ابْنَ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُصَلِّي يَجْعَلُ ثَوْبَهُ قَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي فَيُسْرَقُ الثَّوْبُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ بِهِ. اهـ. فَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لَهُ إنَّمَا اسْتَنَدَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ السَّمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَبَنَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَنَّهُ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِّ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَنَحْوِهِ) أَيْ الْقِطَارِ كَسَوْقِهَا مَجْمُوعَةً (أَوْ أَزَالَ) السَّارِقُ (بَابَ الْمَسْجِدِ) عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (أَوْ) أَزَالَ (سَقْفَهُ) عَنْ مَحَلِّهِ فَيُقْطَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ أَخْرَجَ) السَّارِقُ (قَنَادِيلَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ فَيُقْطَعُ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ أَوْ لَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ (أَوْ) أَخْرَجَ (حُصْرَهُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَصِيرٍ فَيُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (أَوْ) أَخْرَجَ (بُسْطَهُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ جَمْعُ بِسَاطٍ فَيُقْطَعُ (إنْ تُرِكَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْبُسْطُ (فِي) أَيْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا دَائِمًا، فَإِنْ كَانَتْ تُرْفَعُ مِنْهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَتُرِكَتْ فِي غَيْرِهَا فَسُرِقَتْ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُغْلَقُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِمَّا هُوَ مُثَبَّتٌ بِهِ كَجَائِزَةٍ وَبَابٍ يُقْطَعُ. قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ أَشْهَبُ لَا قَطْعَ فِي بَلَاطِ الْمَسْجِدِ. أَصْبَغُ فِيهِ الْقَطْعُ. مُحَمَّدٌ كَسَرِقَةِ بَابِهِ أَوْ خَشَبَةٍ مِنْ سَقْفِهِ أَوْ جَوَائِزِهِ، وَفِي الْقَطْعِ فِي قَنَادِيلِهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُغْلَقًا عَلَيْهِ لِلشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَ الْعُتْبِيُّ عَنْهُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ وَفِي حُصْرِهِ، ثَالِثُهَا
أَوْ حَمَّامٍ،
ــ
[منح الجليل]
إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا لَيْلًا، وَرَابِعُهَا إنْ خَيَّطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَخَامِسُهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ، ثُمَّ قَالَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الطِّنْفِسَةُ يَبْسُطُهَا الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِجُلُوسِهِ إنْ جَعَلَهَا كَحَصِيرٍ مِنْ حُصْرِهِ فَسَارِقُهَا كَسَارِقِ الْحَصِيرِ، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ بِهَا وَنَسِيَهَا فِيهِ فَلَا قَطْعَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا وَلَمْ يَكِلْهَا رَبُّهَا إلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ بِسَاطًا مِنْ بُسْطِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُطْرَحُ فِيهِ فِي رَمَضَانَ إنْ كَانَ عِنْدَهُ صَاحِبُهُ حِينَ سَرَقَ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ.
ثُمَّ قَالَ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حُلِيِّ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُمْ يُؤْذَنُونَ فِي دُخُولِهَا. ابْنُ رُشْدٍ كَانَ الْحُلِيُّ مُتَشَبِّثًا بِمَا هُوَ فِيهِ أَوْ مَوْضُوعًا بِالْبَيْتِ وَمَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِهِ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إذَا أَخْرَجَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى مَوْضِعِ الطَّوَافِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَهَبِ بَابِ الْكَعْبَةِ يُقْطَعُ.
(تَنْبِيهَاتٌ)
الْأَوَّلُ: شب قَوْلُهُ أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ إلَخْ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ إزَالَتُهَا عَنْ مَحَلِّهَا كَافِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَنَادِيلُ أَوْ الْحُصْرُ أَوْ الْبُسْطُ مُسَمَّرَةً وَإِلَّا فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا اتِّفَاقًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَنَادِيلَ وَالْحُصْرَ وَالْبُسْطَ حُكْمُهَا حُكْمُ السَّقْفِ وَالْبَابِ فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا عَنْ مَحَلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَمْ لَا، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَخْرَجَ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِ، أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى صَارَتْ كَالْحُصْرِ قَيْدٌ فِي الْبُسْطِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْحُصْرُ وَالْقَنَادِيلُ فَشَأْنُهُمَا تَرْكُهُمَا بِهِ دَائِمًا فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى تَقْيِيدِهَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَمَّامٍ) بِشَدِّ الْمِيمِ نِصَابًا مِنْ آلَاتِهِ أَوْ مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ فَيُقْطَعُ
إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ؛ أَوْ تَسَوَّرَ أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبٍ، وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ.
أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ لِمَحَلِّهِ.
ــ
[منح الجليل]
إنْ) كَانَ (دَخَلَ) هـ لِلسَّرِقَةِ لَا لِيَتَحَمَّمَ (أَوْ نَقَبَ) حَائِطَهُ وَدَخَلَ مِنْ النَّقْبِ وَسَرَقَ (أَوْ تَسَوَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ تَخَطَّى سُورَهُ وَسَرَقَ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ خَرَجَ بِالْمَسْرُوقِ أَمْ لَا (أَوْ) دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ بَابِهِ لِيَتَحَمَّمَ وَهُوَ (بِحَارِسٍ) لِثِيَابِ الدَّاخِلِينَ (لَمْ يَأْذَنْ) الْحَارِسُ لِلسَّارِقِ (فِي تَقْلِيبِ) ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ لِمَعْرِفَةِ ثِيَابِهِ فَسَرَقَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ. وَأَمَّا إنْ أَوْهَمَ الْحَارِسَ أَنَّ لَهُ ثِيَابًا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَلَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ.
(وَ) إنْ لَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى الْخَطَأَ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (مُدَّعِي الْخَطَأِ) فِي لُبْسِهِ ثِيَابَ غَيْرِهِ لِاشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ بِثِيَابِهِ إنْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الْحَمَّامِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يُحَرِّزُهُ قُطِعَ وَإلَّا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ مِنْ مَدْخَلِ النَّاسِ بِأَنْ تَسَوَّرَ أَوْ نَقَبَ فَيُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَتَاعِ حَارِسٌ وَنَحْوُهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الثِّيَابِ مَنْ يَحْرُسُهَا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْحَمَّامِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ بَيْتٍ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا دَخَلَ لِلتَّحَمُّمِ لِأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ إذَا أَزَالَ مَا سَرَقَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهُ. وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَأَخَذَ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَجْنَبِيِّ السَّارِقِ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَاكِنِيهَا فَيُؤْخَذُ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ.
(أَوْ حَمَلَ) السَّارِقُ (عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ (أَوْ) مَيَّزَ الْعَبْدُ وَ (خَدَعَهُ) أَيْ السَّارِقُ الْعَبْدَ الْمُمَيِّزَ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرَيْتُك مَثَلًا أَوْ دَعَاك سَيِّدُك حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ (أَوْ أَخْرَجَهُ) أَيْ السَّارِقُ النِّصَابَ (فِي) بَيْتِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الْإِذْنِ) فِي دُخُولِهِ (الْعَامِّ) لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَاجَةٌ كَالْخَلِيفَةِ وَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ مِنْ مَحَلٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الْإِذْنِ الْعَامِّ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
إلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ، وَهَذِهِ إحْدَى الدُّورِ السِّتَّةِ الَّتِي نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهَا أَفَادَهُ تت.
طفي قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ، أَيْ عَنْهُ لِآخَرَ بِأَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهَا الرَّابِعَةُ ذَاتُ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَالْعَالِمِ وَالطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمَحْجُورَةِ إذَا خَرَجَ بِالسَّرِقَةِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، إذْ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَفَارَقَ الضَّيْفَ لِأَنَّهُ خُصَّ بِالْإِذْنِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْخَائِنِ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ مِنْ بُيُوتِهَا اتِّفَاقًا. غ أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ عَنْ مَحَلِّهِ أَيْ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ هَكَذَا، هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَنْ الَّتِي لِلْمُجَاوَزَةِ لَا بِاللَّامِ الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَمَّا الدَّارُ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا سَاكِنُهَا أَوْ مَالِكُهَا إذْنًا عَامًّا لِلنَّاسِ كَالْعَالِمِ أَوْ الطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فِي دَارِهِ فَهَذِهِ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمُحَجَّرَةِ إذَا خَرَجَ بِسَرِقَتِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ، وَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ مِنْ بُيُوتِهَا. وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ، سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا الْمَحْجُورِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهَا لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَفَارَقَتْ الْمُحَجَّرَةَ فِي أَنَّهَا لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِبَاحَةِ صَاحِبِهَا اهـ.
وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي النُّكَتِ فَقَالَ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَنْ النَّاسِ شَيْئًا فَأَخَذَ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ أَخَذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُقْطَعُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهَا، قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَأْذُونًا فِيهَا وَفِيهَا تَابُوتٌ فِيهِ مَتَاعُ رَجُلٍ وَقَدْ أَغْلَقَهُ فَأَتَى رَجُلٌ مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فَكَسَرَهُ أَوْ فَتَحَهُ فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ بِحَضْرَةِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ التَّابُوتِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ بِهِ، قَالَ لَا يُقْطَعُ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَحْ بِالْمَتَاعِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ. وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى غَيْرِ هَذَا فَقَالَ أَمَّا الدَّارُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَأْذُونُ فِيهَا فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ فِيهَا أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ. وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ اهـ.
لَا إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ بِالْمَسْرُوقِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى وَسَطِ الدَّارِ إلَّا أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَنْ يَخْرُجَ بِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ عَوَّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِمَحَلِّهِ بِاللَّامِ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، فَقَدْ أَبْعَدَ غَايَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْبُنَانِيُّ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُبَاحَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا وَأُخِذَ بِقَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا، وَنَصُّهُ الْخَامِسَةُ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ سَاكِنِيهَا الْمُبَاحَةُ لِعُمُومِ النَّاسِ كَالْفَنَادِقِ فَقَاعَتِهَا كَالْمُحَجَّةِ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا مِنْ السَّاكِنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَأُخِذَ فِي قَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا. اهـ. وَعَلَيْهِ تَبْقَى اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَحَلِّهِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ انْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(لَا) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ دَارِ ذِي إذْنٍ (خَاصٍّ كَضَيْفٍ) وَمَعْزُومٍ لِنَحْوِ وَلِيمَةٍ وَمُرْسَلٍ لِأَخْذِ حَاجَةٍ مِنْهَا فَسَرَقَ (مِمَّا) أَيْ بَيْتٍ (حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهِ وَأَوْلَى مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ فَلَا يُقْطَعُ إنْ أَخَذَ الدَّارَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ مِنْهَا، بَلْ (وَإِنْ خَرَجَ) بِهِ (مِنْ جَمِيعِهِ) أَيْ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ لَهُ لِمَا حَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَتَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، وَنَسَبَهُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " مِنْ أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَذِنْت لَهُ فِي دُخُولِ بَيْتِك أَوْ دَعْوَتِهِ إلَى طَعَامٍ فَسَرَقَك فَيُقْطَعُ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ.
اللَّخْمِيُّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " مَنْ أَضَافَ رَجُلًا وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ وَبَيْتَهُ فَسَرَقَ فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى قَاعَةِ الدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ عِنْدَهُ مُشْتَرَكَةٌ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الدُّورُ سِتَّةٌ ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَذِنَ سَاكِنُهَا فِي دُخُولِهَا لِخَاصٍّ كَضَيْفٍ أَوْ مَبْعُوثٍ لِإِتْيَانٍ بِشَيْءٍ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا فَسَرَقَ أَوْ الْمَبْعُوثِ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ حُجِرَ عَلَيْهِ دُخُولُهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا سَرَقَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ وَلَيْسَ بِسَارِقٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَالشَّرِيكِ فِي السَّاحَةِ. اهـ. وَتَمَامُ كَلَامِهِ فِي مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ.
وَلَا إنْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعَهُ، وَلَا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ وَلَا إنْ اخْتَلَسَ.
ــ
[منح الجليل]
وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ نَقَلَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ النِّصَابَ مِنْ مَوْقِعٍ لِآخَرَ فِي حِرْزِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا مُخْرَجٌ مِنْ حِرْزِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا يُقْطَعُ (وَلَا) يُقْطَعُ (فِي) أَخْذِ (مَا) أَيْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ (عَلَى صَبِيٍّ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ (أَوْ) خُذْ مَا (مَعَهُ) أَيْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ كَمَجْنُونٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الصَّبِيِّ حَافِظٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ وَلِمَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ، زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَنْ لَا يُضْبَطَ مَا مَعَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لِلسَّارِقِ فِي دُخُولِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ قُرْطَ صَبِيٍّ أَوْ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَلَا حَافِظَ لَهُ، وَلَيْسَ فِي حِرْزٍ فَلَا يُقْطَعُ وإلَّا فَيُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَيُقْطَعُ سَارِقٌ ذَلِكَ مِنْهُ مُطْلَقًا قَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ الْقَاسِمِ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي سَارِقٍ مَا عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ يُقْطَعُ. ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ سَرَقَ خَلْخَالًا مِنْ رِجْلِ صَبِيٍّ أَوْ قُرْطَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ حُلِيِّهِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا قَطْعُهُ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَهُ حَافِظٌ وَالْأُخْرَى عَدَمُ قَطْعِهِ.
(وَلَا) قَطْعَ (عَلَى) شَخْصٍ مُكَلَّفٍ (دَاخِلٍ) حِرْزَ غَيْرِهِ لِسَرِقَةِ مَا فِيهِ (تَنَاوَلَ) النِّصَابَ (مِنْهُ) أَيْ الدَّاخِلُ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ السَّارِقُ (الْخَارِجُ) مِنْ الْحِرْزِ بِإِدْخَالِ يَدِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَيُقْطَعُ الْخَارِجُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الدَّاخِلُ قُطِعَ وَحْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ مَتَاعًا وَنَاوَلَهُ رَجُلًا خَارِجًا مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِينَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ دَاخِلِ الْحِرْزِ وَالْآخَرُ مِنْ خَارِجِهِ فَيُخْرِجُ الدَّاخِلُ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ بِالْمَتَاعِ فَيَتَنَاوَلُهُ الْخَارِجُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الْخَارِجِ، فَلَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ إلَى دَاخِلِ الْحِرْزِ فَأَعْطَاهُ الدَّاخِلُ الْمَالَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الْخَارِجُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعَانِ مَعًا.
(وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ اخْتَلَسَ) أَيْ أَخَذَ النِّصَابَ فِي غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَفَرَّ بِهِ وَهُوَ يَرَاهُ.
أَوْ كَابَرَ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ وَلَوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ.
أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ، أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ،
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يَتَغَفَّلَ صَاحِبَ النِّصَابِ فَيَخْطَفُهُ، بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ. الشَّاذِلِيُّ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ وَالْهَرَبُ بِهِ لَا مُغَالَبَةَ. عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى غَفْلَةٍ وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا قَطْعَ فِي اخْتِلَاسٍ وَتَقَدَّمَ فَرْعُ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ اتَّزَرَ بِثَوْبٍ فَأَخَذَ فِي الْحِرْزِ فَفَرَّ بِهِ، وَنَصُّ سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ سَارِقٌ بَيْتَ رَجُلٍ فَاتَّزَرَ بِإِزَارٍ فَأُخِذَ فِي الْبَيْتِ فَفَرَّ مِنْهُمْ وَالْإِزَارُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا فَلَا يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ إلَّا مُخْتَلِسًا.
(أَوْ) إنْ (كَابَرَ) السَّارِقُ رَبَّ النِّصَابِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا مُحَارِبٍ وَلَا غَاصِبٍ (أَوْ) وَجَدَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ فِيهِ فَتَرَكَهُ وَذَهَبَ (لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) فَأَخْرَجَ السَّارِقُ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ وَذَهَبَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ السَّارِقَ يَسْرِقُ مَتَاعَهُ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ لِيُعَايِنَاهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ لَمَنَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه "، وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ ابْنُ شَاسٍ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ شُعُورِهِ بِرُؤْيَتِهِمْ لَهُ فَيَفِرُّ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ وَعَدَمُ شُعُورِهِ بِهَا فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ سَارِقٌ، وَعَزَاهُ ابْنُ هَارُونَ لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا أَعْرِفُهُ وَالْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ فَقَطْ.
(أَوْ أَخَذَ دَابَّةً) أَوْقَفَهَا صَاحِبُهَا (بِبَابِ مَسْجِدٍ) فَلَا يُقْطَعُ أَيْ أَوْ خَانٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ بَيْتٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ وَإلَّا فَيُقْطَعُ فِيهَا وَالدَّابَّةُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ إنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يُمْسِكُهَا يُقْطَعُ وإلَّا فَلَا (أَوْ) أَوْقَفَهَا فِي (سُوقٍ) لِغَيْرِ بَيْعِهَا بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ مَعَهَا حَافِظٌ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا لِذَلِكَ (أَوْ) أَخَذَ (ثَوْبًا) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطِ دَارٍ بَعْضُهُ دَاخِلَهَا وَ (بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) فَلَا يُقْطَعُ إنْ جَذَبَهَا مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ تَغْلِيبًا لِبَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، فَإِنْ جَذَبَهُ مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِدَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الشَّبَهِ حِينَئِذٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ جَبَذَ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ فِي
أَوْ ثَمَرًا مُعَلَّقَةً لَا بِغَلْقٍ. فَقَوْلَانِ. وَإِلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ، فَثَالِثُهَا، إنْ كُدِّسَ
ــ
[منح الجليل]
الدَّارِ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ عَنْهَا إلَى الطَّرِيقِ أَوْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الضِّيَعِ فَلَا يُقْطَعُ.
(أَوْ) أَخَذَ (ثَمَرًا) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ (مُعَلَّقًا) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً فَلَا يُقْطَعُ فِي كُلِّ حَالٍ (لَا بِغَلْقٍ) عَلَيْهِ لِحِفْظِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَائِطٍ لَهُ بَابٌ (فَ) فِي قَطْعِهِ كَمَا أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَوْ دَخَلَ سَارِقٌ دَارًا فَسَرَقَ مِنْ ثَمَرِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّذِي بِهَا أَوْ كَانَ مَجْذُوذًا فِيهَا لَقَطَعْت يَدَهُ. اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّخْلُ أَوْ الْكَرْمُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ اُحْتِيطَ بِهِ مِنْ السَّارِقِ أَوْ كَانَ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ حَارِسٌ أَنْ يُقْطَعَ وَعَدَمُ قَطْعِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلَانِ) الْبُنَانِيُّ فَالْقَطْعُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ (وَإِلَّا) أَنْ يَسْرِقَ الزَّرْعَ (بَعْدَ حَصْدِهِ) وَالثَّمَرَ بَعْدَ جَذِّهِ (فَ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالْأَوَّلُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَالثَّانِي لَا قَطْعَ فِيهِ
(ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ فِيهِ الْقَطْعُ (وَإِنْ كُدِّسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ مَا فِي الْجُرْنِ، فَإِنْ لَمْ يُكَدَّسْ وَبَقِيَتْ كُلُّ ثَمَرَةٍ تَحْتَ شَجَرَتِهَا وَكُلُّ قَتَّةٍ بِمَوْضِعِ حَصْدِهَا فَلَا قَطْعَ فِيهِ لِشُبْهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِغَلْقٍ أَوْ حَارِسٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَطْعُ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ» وَلَا كَثُرَ الْحِرْزُ لَا غَيْرُ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ ثَمَرِ دَارٍ مُعَلَّقٍ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قُطِعَ. اللَّخْمِيُّ فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ النَّخْلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ السَّارِقِ أَوْ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ حَارِسٌ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، قَالَ وَلَا قَطْعَ فِي الزَّرْعِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي جَرِينٍ أَوْ إغْلَاقٍ. مُحَمَّدٌ فِي زَرْعٍ حُصِدَ وَرُبِطَ قَتًّا وَتُرِكَ فِي الْحَائِطِ لِيُرْفَعَ إلَى الْجَرِينِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً فِيهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرِيصٌ وَقَالَ أَيْضًا فِي زَرْعِ مِصْرَ يُحْصَدُ وَيُوضَعُ بِمَوْضِعِهِ أَيَّامًا لِيَيْبَسَ لَا قَطْعَ فِيهِ. مُحَمَّدٌ لَوْ حُمِلَ وَسُرِقَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْجَرِينَ قُطِعَ سَارِقُهُ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ.
وَلَا إنْ نَقَبَ فَقَطْ، وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ؛
ــ
[منح الجليل]
إنْ نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ هَتَكَهُ وَعَرَّضَ مَا فِيهِ لِلضَّيَاعِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّقْبِ، حَيْثُ لَمْ يُخْرَجْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لَوْ نَقَبَهُ وَأَخْرَجَ النِّصَابَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ، وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حَقِيقَتَهُ. وَقَوْلُهُ إنْ تَعَاوَنَا قُطِعَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا مُخْرِجُهُ لِقَوْلِهَا لَوْ قَرَّبَهُ أَحَدُهُمَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْخَارِجُ وَحْدَهُ، إذَا هُوَ أَخْرَجَهُ وَلَا يُقْطَعُ الدَّاخِلُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَدٌّ عَلَيْهِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ لِقَوْلِهَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ، وَفِي قَوْلِهِ قُطِعَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُمَا نَحْوُ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ وَهِيَ إضَافَتُهُمَا إلَى الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ الْغَزَالِيِّ مَعَ مُخَالَفَتِهَا أُصُولَ الْمَذْهَبِ، وَلِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي شُيُوخِ شُيُوخِنَا لَا يَنْظُرُ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَرَى قِرَاءَةَ الْجَلَّابِ دُونَهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَهَا فِي الَّذِي قَرَّبَهُ لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ إذَا قَرَّبَ الدَّاخِلُ الْمَتَاعَ وَأَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الدُّخُولُ وَإِخْرَاجُ الْمَتَاعِ كَمَا إذَا رَمَى الْمَتَاعَ وَأُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ. قُلْت فَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ السَّارِقَانِ الدَّاخِلُ فِي الْحِرْزِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ الْمُتَعَاوِنَانِ عَلَى السَّرِقَةِ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ الْخَارِجَ بِيَدِهَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) . ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا. اللَّخْمِيُّ هَذَا رَجَعَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ قَرَّبَ الْمَتَاعَ إلَى النَّقْبِ وَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ يُقْطَعَانِ، وَكَانَ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يُقْطَعَ الدَّاخِلُ لِأَنَّ مَعُونَتَهُ فِي الْحِرْزِ وَالنَّقْبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَتَمَادَى مَعُونَتُهُ مَعَ الْخَارِجِ حَتَّى أَخْرَجَاهُ
أَوْ رَبَطَهُ فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا
وَشَرْطُهُ، التَّكْلِيفُ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُعَاهَدُ،
ــ
[منح الجليل]
مِنْ الْحِرْزِ وَنَحْوِهِ لِلتُّونُسِيِّ (أَوْ رَبَطَهُ) أَيْ الدَّاخِلُ النِّصَابَ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ (قُطِعَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ الدَّاخِلُ، وَالْخَارِجُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إخْرَاجِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَوْ رَبَطَهُ الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ قُطِعَا. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه إذَا رَبَطَهُ الدَّاخِلُ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ إلَى الطَّرِيقِ.
(وَشَرْطُهُ) أَيْ قَطْعُ السَّارِقِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ تُقْطَعُ الْيُمْنَى أَوْ حَدُّ السَّارِقِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ (التَّكْلِيفُ) أَيْ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ وَطَوْعُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ رِقًّا، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا، فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَوْ رَاهَقَ وَلَا مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ أَوْ يُفِيقُ وَسَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ، فَإِنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ ثُمَّ جُنَّ فَإِذَا أَفَاقَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُقْطَعُ مُكْرَهٌ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ خَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ، وَتَقْيِيدُ ز بِالْقَتْلِ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْقَطْعُ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، أَوْ أَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ فَلَا يُبِيحُهُ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعِينِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ فِي الطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
شب الْإِكْرَاهُ هُنَا بِالْوَعِيدِ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ، وَالْقَيْدِ وَالْقَتْلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ شَرْطَ قَطْعِ السَّارِقِ تَكْلِيفُهُ حِينَ سَرِقَتِهِ. وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَسَرَقَ فَقُطِعَ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ وَلَا مَنْ سُرِقَ مِنْهُ وَأَنْ لَا يُقْطَعَ أَبْيَنُ إلَّا أَنْ يَبِينَ لَهُ حِينَ تَأْمِينِهِ وَالْقَطْعُ إنْ سُرِقَ مِنْهُ أَحْسَنُ، وَفِيهَا لَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ إنْ سَرَقَ وَلَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ، وَاَلَّذِي يَجُنُّ وَيُفِيقُ إنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ قُطِعَ، وَإِنْ أَخَذَ حَالَ جُنُونِهِ اُسْتُؤْنِيَ بِهِ حَتَّى يُفِيقَ ثُمَّ يُقْطَعَ، وَإِنْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ فَلَا يُقْطَعُ. (فَيُقْطَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (الْحُرُّ وَالْعَبْدُ) وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ (وَ) الْحَرْبِيُّ (الْمُعَاهَدُ) بِضَمِّ
وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ
وَثَبَتَتْ بِإِقْرَارٍ، إنْ طَاعَ وَإِلَّا فَلَا، لَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ، أَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ،
ــ
[منح الجليل]
الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ دَخَلَ بَلَدَنَا بِأَمَانٍ وَسَرَقَ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ إنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ مِنْ حُرٍّ، وَالذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالْمُعَاهَدُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، بَلْ (وَإِنْ) سَرَقُوا نِصَابًا (لِمِثْلِهِمْ) فِي الرَّقَبَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ أَوْ الْمُعَاهَدَةِ أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ الذِّمِّيُّ مِنْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا أَحَدٌ، وَالْحَدُّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ (إلَّا الرَّقِيقَ) السَّارِقَ نِصَابًا (لِسَيِّدِهِ) فَلَا يُقْطَعُ لِخَبَرِ عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ، وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ذَهَابُ مَالِهِ وَقَطْعُ يَمِينِ عَبْدِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِثْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا قُلْت لِأَنَّ حَدَّ الْقَطْعِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ.
(وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ عَلَى السَّارِقِ (بِالْإِقْرَارِ) مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِهَا (إنْ طَاعَ) بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ (وإلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا طَائِعًا بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ (فَلَا) تَثْبُتُ عَلَيْهِ بِهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الْمَسْرُوقَ، بَلْ (وَلَوْ أَخْرَجَ) الْمُكْرَهُ (السَّرِقَةَ) أَيْ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِسَرِقَتِهِ (أَوْ عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَتِيلَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِقَتْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّارِقَ أَوْ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كَاذِبًا لِيَخْلُصَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَنَحْوِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ بِهَا طَوْعًا. وَفِيهَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى سَارِقٍ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ، وَكَيْفَ هِيَ، وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا، كَمَا يَسْأَلُهُمْ فِي الزِّنَا. قُلْت وَاتِّبَاعُ الْقَرَافِيِّ أَبَا عِمْرَانَ فِي اشْتِرَاطِ مَعِيَّةِ إيتَانٍ بِبَيِّنَةِ السَّرِقَةِ لِلشَّهَادَةِ بِهَا وَهُمْ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّهْدِيدِ خَمْسَةُ أَقْوَالِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " لَا يُؤْخَذُ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوْ الْقَتِيلَ فَأَرَى أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ أَمْنِ عُقُوبَةٍ أَوْ يُخْبِرَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ وَجْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الْقَتِيلِ أَوْ الْمَتَاعِ بِانْفِرَادِهِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، كَقَوْلِهِ اجْتَرَأْت أَوْ فَعَلْت، فَيَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ
وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ،
ــ
[منح الجليل]
إقْرَارِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ " رضي الله عنه " فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعَهَا إلَيَّ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا أَقْرَرْت لِمَا أَصَابَنِي، وَلَوْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ السَّرِقَةَ وَيَعْرِفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَقَرَّ فِي حَبْسِ سُلْطَانٍ يَعْدِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي إذَا حَبَسَ أَهْلَ الظِّنَّةِ وَمَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحَبْسَ وَأَقَرَّ فِي حَبْسِهِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، قَالَ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ هَذَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَاصِمٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ فَقَالَ فِي تُحْفَتِهِ:
وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبَ مَنْ يَتَّهِمُ
…
فَمَالَك بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ حُكْمُ
وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ
…
مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ
وَذَاعِرٌ بِإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ خَائِفٌ وَبِإِهْمَالِهَا، أَيْ مُفْسِدٌ، وَبِالزَّايِ شَرِسُ الْأَخْلَاقِ، وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (رُجُوعُهُ) أَيْ مَنْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا عَنْ إقْرَارِهِ بِهَا إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِشُبْهَةٍ، كَأَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ أَوْ الْمَرْهُونَ أَوْ مِنْ غَاصِبِهِ خُفْيَةً، وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً، بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) مُقْتَضِيَةٍ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ: إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ بِهَا عَبْدًا وَعَيَّنَهَا فَيُقْطَعُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَقَبُولُ رُجُوعِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ. وَأَمَّا الْغُرْمُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَفَادَهُ شب.
أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ " رضي الله عنه " عَلَى قَبُولِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ السَّارِقُ. الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنَّهُ يُقَالُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ ضَرْبٍ وَتَهْدِيدٍ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ.
وَإِنْ رُدَّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ، وَحَلَفَ، أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ، فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ،
ــ
[منح الجليل]
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ بِلَا ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَعَلَى مَا فِيهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِيهَا، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ رضي الله عنه وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا، وَأَمَّا إنْ جَحَدَ إقْرَارَهُ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ.
(وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِالسَّرِقَةِ فَأَنْكَرَهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَ (رَدَّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْيَمِينَ) عَلَى الْمُدَّعِي (فَحَلَفَ الطَّالِبُ) الْيَمِينَ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ شَهِدَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِالسَّرِقَةِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ (وَاحِدٌ وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي مَعَهُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ) عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ (فَالْغُرْمُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِلَا قَطْعٍ) لِيَدِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ ضَمِنَ السَّارِقَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا. غ أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ، أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ بِسَرِقَةٍ قُطِعُوا إذَا عَيَّنُوا السَّرِقَةَ وَأَظْهَرُوهَا وَادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ مَالُهُ
وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا، أَوْ قُطِعَ، إنْ أَيْسَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ.
وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ
ــ
[منح الجليل]
صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْمُكَاتَبِ نَظَرٌ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ لَهُ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ. أَبُو الْحَسَنِ وَحُكْمُ الْمَأْذُونِ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
(وَوَجَبَ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّ الْمَالِ) الْمَسْرُوقِ لِمُسْتَحِقِّهِ (إنْ لَمْ يُقْطَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ لِقِلَّتِهِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ لِكَوْنِ الشَّاهِدِ وَاحِدًا أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ رَدًّا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتِمْرَارِ يَسَارِهِ (أَوْ قُطِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّارِقُ (إنْ أَيْسَرَ) السَّارِقُ أَيْ اسْتَمَرَّ يُسْرُهُ (إلَيْهِ) أَيْ قَطْعُهُ (مِنْ) حِينِ (الْأَخْذِ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ، فَإِنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَقْتًا مَا سَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُ يَدِهِ وَشَغْلُ ذِمَّتِهِ. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَوْ سَرَقَ مَالًا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ بِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ وَيُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاؤُهُ، وَإِذَا كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَلَا يُتْبَعُ فِي عَدَمِهِ وَلَا يُتْبَعُ إلَّا فِي يُسْرٍ مُتَّصِلٍ مِنْ يَوْمٍ يَسْرِقُ إلَى يَوْمِ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُتْبَعُ.
وَإِنْ صَارَ مَلِيًّا بَعْدَ عَدَمٍ مُقَدَّمٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه " وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُ السَّرِقَةِ قَطْعُ السَّارِقِ وَضَمَانُ السَّرِقَةِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ لَازِمٌ لَهُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ قُطِعَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا فَفِي ضَمَانِهِ إيَّاهَا مُطْلَقًا وَنَفْيِهِ. ثَالِثُهَا إنْ اتَّصَلَ يُسْرُهُ بِهَا مِنْ يَوْمِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ. وَرَابِعُهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَنَّ السَّارِقَ الْمُعْسِرَ يَوْمَ قَطْعِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ يَضْمَنُهَا وَلَوْ مُعْسِرًا.
(وَسَقَطَ) عَنْ السَّارِقِ (الْحَدُّ) أَيْ قَطْعُهُ لِلسَّرِقَةِ (إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ) الْمَطْلُوبُ قَطْعُهُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْيَدُ الْيُمْنَى أَوْ غَيْرُهَا (بِ) أَمْرٍ (سَمَاوِيٍّ) أَوْ بِجِنَايَةٍ أَوْ قِصَاصٍ بَعْدَ السَّرِقَةِ.
لَا بِتَوْبَةٍ، وَعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا وَتَدَاخَلَتْ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ، كَقَذْفٍ؛ وَشُرْبٍ، أَوْ تَكَرَّرَتْ.
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ " رضي الله عنه " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمُّدِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ وَجَبَ فِيهَا. اللَّخْمِيُّ قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِئُهُ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوْ لَا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ (لَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ (بِتَوْبَةٍ) مِنْ السَّارِقِ عَنْ سَرِقَتِهِ (وَ) لَا يَسْقُطُ بِ (عَدَالَةٍ) أَيْ صَيْرُورَةِ السَّارِقِ عَدْلًا إنْ لَمْ يَبْطُلْ زَمَانُهُمَا، بَلْ (وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا) أَيْ التَّوْبَةِ وَالْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى.
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِالسَّرِقَةِ حَتَّى طَالَ الزَّمَنُ وَحَسُنَتْ حَالُ السَّارِقِ ثُمَّ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَكَذَا حَدُّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِالتَّوْبَةِ، وَنَقَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَدِّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ تَقَرُّرِ حَدِّهِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَاعْتِبَارِ تَوْبَتِهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ أَخْذِهِ وَهِيَ بَعْدَهُ لَغْوٌ.
(وَتَدَاخَلَتْ) حُدُودٌ تَرَتَّبَتْ عَلَى مُكَلَّفٍ لِحُصُولِ أَسْبَابِهَا مِنْهُ، أَيْ قَامَ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ وَكَفَى عَنْهُ (إنْ اتَّحَدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَوَّلُ أَيْ اسْتَوَى (الْمُوجَبُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جِنْسًا وَقَدْرًا (كَ) حَدِّ (قَذْفٍ وَ) حَدِّ (شُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً، فَإِنْ شَرِبَ وَقَذَفَ وَجُلِدَ ثَمَانِينَ لِأَحَدِهِمَا كَفَى لِلْآخَرِ، وَكَسَرِقَةِ نِصَابٍ وَقَطْعِ يَمِينِ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِأَحَدِهِمَا فَيَكْفِي عَنْ الْآخَر، مَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ التَّدَاخُلِ إنْ اخْتَلَفَتْ جِنْسًا كَقَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ سَرِقَةٍ أَوْ قَدْرًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ زِنَا بِكْرٍ (أَوْ تَكَرَّرَتْ) الْمُوجِبَاتُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَتَكَرُّرِ الزِّنَا أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْقَذْفِ أَوْ السَّرِقَةِ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ كَانَ ذَلِكَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ وَقِصَاصٌ وَجَبَ فِي تِلْكَ الْيَدِ، وَإِنْ ضُرِبَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ جُلِدَ فِي الزِّنَا أَجْزَأَ لِهَذَا وَلِكُلِّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رَجْمِهَا مِنْ قَذْفٍ وَشَرِبَ خَمْرًا جُلِدَ حَدًّا وَاحِدًا، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى الرَّجُلِ مَعَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
حَدِّ الزِّنَا حَدُّ قَذْفٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أُقِيمَا عَلَيْهِ، وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَوْتَهُ فَيُفَرِّقَ الْحَدَّيْنِ. اللَّخْمِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَلَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ مَعَرَّةَ الْقَذْفِ، وَفِي قَذْفِهَا وَكُلُّ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ، فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ قَتْلِهِ لِحُجَّةِ الْمَقْذُوفِ مِنْ الْعَارِ.
(تَنْبِيهَانِ)
الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ أَوْ تَكَرَّرَتْ. تت مُوجِبَاتُهَا كَسَرِقَةٍ مِرَارًا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ شُرْبِهِ كَذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوجِبُ كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ وَالزِّنَا، فَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي تَكَرَّرَتْ لِلْحُدُودِ كَأَنَّهُ قَالَ تَدَاخَلَتْ فِي مَوْضِعٍ وَتَكَرَّرَتْ فِي آخَرَ، وَلَا شَكَّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَوَّازِيَّ ذَكَرَ أَدَاةَ الِانْتِفَاءِ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ " ح " لَكِنْ يُقَالُ عَلَى هَذَا لِمَ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ.
الثَّانِي: طفي يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا قَدْ تَتَدَاخَلُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ، كَمَا إذَا لَزِمَهُ قَتْلٌ وَحُدُودٌ، فَإِنَّ الْقَتْلَ يُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ، وَتَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرِ الْمُجْتَمِعَةِ مَعَ الْقَتْلِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْقَتْلِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّدَّةِ لِأَجْرِ مُسْلِمٍ إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.