المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في بيان حقيقة التدبير] - منح الجليل شرح مختصر خليل - جـ ٩

[محمد بن أحمد عليش]

الفصل: ‌[باب في بيان حقيقة التدبير]

بَابٌ) التَّدْبِيرُ: تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ، لَا عَلَى وَصِيَّةٍ

ــ

[منح الجليل]

[بَابٌ فِي بَيَان حَقِيقَة التَّدْبِيرُ]

ِ وَأَحْكَامِهِ

(التَّدْبِيرُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (تَعْلِيقُ) شَخْصٍ (مُكَلَّفٍ) أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ فَخَرَجَ تَعْلِيقُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَدَخَلَ تَعْلِيقُ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ. الْمُصَنِّفُ الْأَقْرَبُ لُزُومُ تَدْبِيرِهِ كَعِتْقِهِ (رَشِيدٍ) يُخْرِجُ تَعْلِيقَ السَّفِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجَةً فِي زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ (زَوْجَةً) فَيَلْزَمُ تَدْبِيرُهَا (فِي) رَقِيقٍ (زَائِدِ) الْقِيمَةِ عَلَى (الثُّلُثِ) لِمَالِهَا فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ لِبَقَائِهِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ لِمَوْتِهَا، فَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ سِوَاهُ، وَمَفْعُولُ " تَعْلِيقُ " الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (الْعِتْقَ) أَخْرَجَ تَعْلِيقَ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ، وَصِلَةُ تَعْلِيقُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ أَخْرَجَ تَعْلِيقُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْعِتْقَ بِغَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيقِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ (لَا عَلَى) وَجْهِ (وَصِيَّةٍ) غَيْرِ لَازِمَةٍ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا أَخْرَجَ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّدْبِيرُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقَ مَمْلُوكٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَيَخْرُجُ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ، وَالْإِيلَادُ وَالْإِيصَاءُ بِالْعِتْقِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْوَصِيَّةِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْإِضَافِيَّاتِ وَهُوَ مُجْتَنَبٌ لِإِجْمَالِهِ.

قُلْت: لَا أَعْرِفُ هَذَا حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ مَلْزُومَةً لِلْإِجْمَالِ، وَلِذَا وَقَعَتْ فِي تَعْرِيفَاتِهِمْ كَثِيرًا كَقَوْلِ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ حَمْلُ مَعْلُومٍ بِإِضَافَةِ حَمْلِ إلَى مَعْلُومٍ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ التَّنَاقُضِ اخْتِلَافُ قَضِيَّتَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ تَعَقَّبَهُ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّرْكِيبِ وَهُوَ وَقْفُ

ص: 421

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

مَعْرِفَةِ الْمُعَرَّفِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهُ لَيْسَتْ أَعَمَّ، وَلَا أَخَصَّ كَانَ صَوَابًا، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ هَارُونَ بِعَدَمِ طَرْدِهِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا عُلِّقَ عَلَى مَوْتِ غَيْرِ مَالِكِهِ، وَهُوَ مِنْ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ.

وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَوْتُ مَالِكِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ مَوْتِ مَالِكِهِ لَا عَلَى انْحِصَارِهِ فِيهِ فَهِيَ عِنَايَةٌ فِي التَّعْرِيفِ، وَيُنْقَضُ أَيْضًا بِحُكْمِ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهَا، وَلَا يُجَابُ بِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِ " مُعَلَّقٌ " التَّعْلِيقُ اللَّفْظِيُّ خَرَجَ عَنْهُ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، فَإِنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ لَفْظًا، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُعَلَّقُ مَعْنًى فَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ.

وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، تَعْلِيقٌ مَعْنَوِيٌّ وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ غَيْرُ نَحْوِيٍّ، وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ نَحْوِيٌّ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ، فَالْأَوَّلُ يَشْمَلُ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَاللَّفْظِيُّ يَشْمَلُ النَّحْوِيَّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِأَدَاةِ الشَّرْطِ، وَيَشْمَلُ نَحْوَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ وَدَبَّرْتُكَ. وَمُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ اللَّفْظِيُّ الشَّامِلُ لِلنَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهَا مُتَبَايِنَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَرَفَةَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ الْوَصِيَّةَ لَا يُقَالُ: خَرَجَتْ بِ يُوجَبْ لِأَنَّهَا لَا تُوجَبُ، لِأَنَّ مُرَادَهُ بِ يُوجَبْ بِسَبَبٍ فَلَا يُفِيدُ اللُّزُومَ.

اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " رضي الله عنه " التَّدْبِيرُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ السَّابِقُ قَبْلَ إيقَاعِهِ النَّدْبُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ وَبَعْدَهُ اللُّزُومُ الْمُعَرِّضُ لِرَفْعِهِ بِأَقْوَى مِنْهُ، وَفِي كَوْنِ لُزُومِهِ؛ لِأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ مُلْتَزَمٍ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ كَعِتْقٍ الْتَزَمَهُ مَالِكُهُ فِي حَيَاتِهِ وَوَقَفَ إنْفَاذُهُ عَلَى مَوْتِهِ كَعِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ لَا أَنَّهُ أَوْقَفَ الْتِزَامَهُ عَلَى مَوْتِهِ طَرِيقًا. التُّونُسِيُّ مَعَ ظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي الصِّيغَةِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ الْمُدَبِّرُ هُوَ الْمَالِكُ السَّالِمُ عَنْ حَجْرِ التَّبَرُّعِ.

سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَدْبِيرُ ذَاتِ الزَّوْجِ عَبْدًا لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ نَافِذٌ لَا رَدَّ لِزَوْجِهَا فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ تَدْبِيرِهَا إيَّاهُ كُلَّهُ وَبَيْنَ عِتْقِهَا إيَّاهُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَرَآهُ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَالَهُ الْأَخَوَانِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى السَّبَائِيِّ فِي امْرَأَةٍ دَبَّرَتْ نِصْفَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَهَا زَوْجٌ لَا يُدَبَّرُ عَلَيْهَا كُلُّهُ وَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا ذَكَرْت لِأَنَّ زَوْجَهَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُدَبَّرًا مِنْهُ إلَّا ثُلُثُهُ.

1 -

(تَنْبِيهَانِ)

الْأَوَّلُ: " غ " قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ لَا شَكَّ فِي إخْرَاجِهِ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَشَرْطُهُ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْتِزَامَاتِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ إذَا مَاتَ اسْتِحْسَانًا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ الْمَاضِينَ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ التَّدْبِيرِ إذَا لَزِمَهُ، وَقَدْ نَصَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَنَّ تَدْبِيرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ، وَكُلُّ مَنْ رَأَيْته مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يُنْكِرُ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَكَذَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ هَارُونَ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِشْكَالُ وَاضِحٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ لَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَا يَجُوزُ تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَفِي الْبَيَانِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ، وَلَا عِتْقُهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ.

وَفِي النَّوَادِرِ: تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُخْرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَفِيهَا عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ. الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ وَلَا

ص: 423

كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ سَفَرِي هَذَا،

ــ

[منح الجليل]

يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً كَمَا اعْتَمَدَهُ عج. طفي قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَاضِحٌ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ يَنْفُذُ عَلَى اللُّزُومِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ لُزُومِهِ فَيَصِيرُ كَالْوَصِيَّةِ، فَيَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي التَّدْبِيرِ اللَّازِمِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ وَاضِحَةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا. عج قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ اللُّزُومُ أَوْ الصِّحَّةُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّدْبِيرِ لَا فِي الْوَصِيَّةِ.

1 -

الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يَتَعَرَّضْ مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّيُوخِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا فَرْعٌ عَنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ إذْ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتَيْهِمَا مَعًا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ أَوْجَبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ كَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ، لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ بِعَقْدِهِ عِتْقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُوصِي بِالْعِتْقِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْتَقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِتْقُ إنَّمَا يُعْقَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَنْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ تَوْكِيلِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ نَاجِزٌ حَالٌّ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ، وَنَازِلٌ فِيهِ تَرَاخَى حُكْمُهُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ كَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ إلَّا مَا يَعْقِدُهُ الْمُوصَيْ إلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ عَنْ نَفْسِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ: إنَّ التَّدْبِيرَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا.

وَمَثَّلَ لِلْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (إنْ مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ (مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي) هَذَا. الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْجَوَابِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَصِحُّ تَقْدِيرُهُ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الثَّانِي. وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ قَائِمٌ عِنْدِي

ص: 424

أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، مَا لَمْ يُرِدْهُ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ

بِ دَبَّرْتُكَ، وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي

ــ

[منح الجليل]

مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُحْتَمَلٍ لَأَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ، وَهُوَ مَوْتُهُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ الْمُعَيَّنِ.

(أَوْ) قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ (بَعْدَ مَوْتِي) فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا مَا لَمْ يُرِدْ التَّدْبِيرَ بِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَأَرَادَ بَيْعَهُ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ صُدِّقَ وَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّدْبِيرَ، وَمَحَلُّ كَوْنِ قَوْلِهِ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْتَ حُرٌّ، وَكَوْنِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَصِيَّةٌ (إنْ لَمْ يُرِدْهُ) أَيْ الْقَائِلُ التَّدْبِيرَ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ التَّدْبِيرَ بِإِحْدَى الصِّيغَتَيْنِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ.

(وَ) إنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ أَيْ الْقَائِلُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى شَيْءٍ بِصِيغَةٍ بَرَّ أَوْ حَنِثَ، فَإِنْ عَلَّقَهُ كَذَلِكَ لَزِمَهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ مَا أَوْجَبَ مِنْ عِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَارَ شَبِيهًا بِالتَّدْبِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَجَعَلَ الْمُعَلَّقَ أَشَدَّ مِنْ الْمُطْلَقِ، وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ النُّذُورِ فَجَعَلَ الْمُطْلَقَ فِيهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَفِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ إذَا قَيَّدَ تَدْبِيرَهُ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ هَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّدْبِيرَ. طفي فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُرِدْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ قَيْدٌ فِي قَوْلٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي.

(أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتَ (حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ) مَثَلًا أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا. فِيهَا إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَهُوَ فِي الثُّلُثِ، وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ.

وَذَكَرَ الصِّيَغَ الصَّرِيحَةَ فِي التَّدْبِيرِ مُعَلِّقًا لَهَا بِتَعْلِيقٍ فَقَالَ: (بِدَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا (أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي) عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي. ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ اللَّفْظُ وَصَرِيحُهُ بِ دَبَّرْتُكَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، كَمَا إذَا قَيَّدَ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ وَصِيَّةً لَا تَدْبِيرًا. أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ يَوْمَ أَمُوتُ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التَّدْبِيرَ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ عُرْفًا. الْبَاجِيَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ مُدَبَّرًا، وَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَشِبْهِهِ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ إيجَابُ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، زَادَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَتَى مَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ وَلَا مَرْجِعَ لِي فِيك وَشِبْهِ هَذَا أَفْرَدَهُ بِكِتَابٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي ذِكْرِ وَصَايَاهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ.

ص: 426

وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأَوْجَرَ لَهُ.

ــ

[منح الجليل]

وَ) إنْ دَبَّرَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدَهُ الَّذِي أَسْلَمَ وَاشْتَرَاهُ مُسْلِمًا (نَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِ) عَبْدٍ لَهُ (مُسْلِمٍ) بَعْدَ تَدْبِيرِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ شِرَائِهِ (وَأُوجِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُدَبَّرُ لِمُسْلِمٍ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ النَّصْرَانِيِّ حَقَّهُ مِنْ خِدْمَتِهِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ لِأَنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ بِخِدْمَةِ الْكَافِرِ. فِيهَا إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ أَوْ ابْتَاعَ مُسْلِمًا وَدَبَّرَهُ أَجَزْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ غَلَّتَهُ، وَلَا يَتَعَجَّلُ رِقَّهُ بِبَيْعِهِ وَقَدْ يَعْتِقُ بِمَوْتِ النَّصْرَانِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ لِلنَّصْرَانِيِّ شِرَاءُ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَنَعَنَا مِنْ بَيْعِهِ عَلَيْهِ بِتَدْبِيرِهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ.

ص: 427

وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا: كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ، وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ إنْ عَتَقَ، وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ؛

ــ

[منح الجليل]

وَ) إنْ دَبَّرَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ (تَنَاوَلَ) تَدْبِيرُهَا (الْحَمْلَ مَعَهَا) فِيهَا إنْ دَبَّرَ حَامِلًا فَوَلَدُهَا مُدَبَّرٌ بِمَنْزِلَتِهَا، وَشَبَّهَ فِي التَّنَاوُلِ فَقَالَ (كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا كَأَبِيهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا، وَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِ أَبِيهِ. فِيهَا مَا وُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مِثْلَهُ (وَصَارَتْ) أَمَةُ الْمُدَبَّرِ (بِهِ) أَيْ وَلَدُهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ (أُمَّ وَلَدٍ) لِلْمُدَبَّرِ (إنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ. فِيهَا كُلُّ مَا وُلِدَ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ مِمَّا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ تَدْبِيرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ، فَإِذَا عَتَقَا كَانَتْ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدَيْهِ لَهُ كَانَ الْوَلَدُ الْآنَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا.

(وَ) إنْ ضَاقَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَنْ قِيمَتَيْ الْمُدَبَّرِ وَوَلَدِهِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْأَبُ) الْمُدَبَّرُ (عَلَيْهِ) أَيْ وَلَدِهِ (فِي) الْعِتْقِ مِنْ ثُلُثِ مَالِ السَّيِّدِ حَالَ (الضِّيقِ) لِلثُّلُثِ عَنْهُمَا. الْحَطّ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ: الْمَنْقُولُ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ فَهَلْ يُحَاصُّ أَبَاهُ عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُدَبَّرِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ فِي قَوْلِهِ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَحْمِلُ

ص: 428

وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ، إنْ لَمْ يَمْرَضْ، وَرَهْنُهُ، وَكِتَابَتُهُ، لَا إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ

ــ

[منح الجليل]

الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ، أَوْ يَكُونُ الْأَبُ مُقَدَّمًا فِي الثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ تَدْبِيرِهِ عَلَى تَدْبِيرِ وَلَدِهِ كَمُدَبَّرَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ. فِيهَا وَغَيْرِهَا وَنَصُّهَا وَمَا. وَلَدَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ أَوْ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِمَا، وَالْمُحَاصَّةُ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مَحْمِلُ الثُّلُثِ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: وَالْمُحَاصَّةُ إلَخْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إيثَارُ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ.

(وَلِلسَّيِّدِ) الْمُدَبِّرِ (نَزْعُ) أَيْ أَخْذُ (مَالِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ إلْفَهُ وَلِغُرَمَائِهِ فِي تَفْلِيسِهِ لِقُوَّةِ رَقَبَتِهِ (مَا لَمْ يَمْرَضْ) سَيِّدُهُ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ لَا لِنَفْسِهِ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُجْبِرُوا الْمُفْلِسَ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ، وَلَهُ هُوَ انْتِزَاعُهُ إنْ شَاءَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يَنْتَزِعُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ مَرِضَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَزِعُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَفِي التَّفْلِيسِ يَنْتَزِعُهُ لِنَفْسِهِ. ابْنُ شَاسٍ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمْرَضْ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ مَالِهِ.

(وَ) لَهُ (رَهْنُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُبَاعَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " رضي الله عنه " لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْهَنَ مُدَبَّرَهُ (وَ) لِلسَّيِّدِ (كِتَابَتُهُ) أَيْ مُكَاتَبَةُ مُدَبَّرِهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا كَاتَبَ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ جَازَتْ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَقِيَ مُدَبَّرًا (لَا) يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ مِنْ التَّدْبِيرِ (لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) بِفَسْخِ تَدْبِيرِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ وَيَجُوزُ، بَلْ يُنْدَبُ إخْرَاجُهُ لِلْحُرِّيَّةِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ. فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَةٌ بِهِ، وَأَجَازَ ابْنُ لُبَابَةَ بَيْعَهُ إذَا تَخَلَّفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقُورِيُّ مَرَّةً وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.

ص: 429

وَفُسِخَ بَيْعُهُ، إنْ لَمْ يَعْتُقْ؛ وَالْوَلَاءُ لَهُ: لِمُكَاتَبٍ

جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَسَيِّدُهُ حَيّ وَإِنْ جَنَى، فَإِنْ فَدَاهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ، تَقَاضِيًا، وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا، وَرَجَعَ، إنْ وَفَّى

ــ

[منح الجليل]

(وَ) إنْ بِيعَ الْمُدَبَّرُ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (إنْ لَمْ يُعْتَقْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مَضَى بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ (وَ) يَكُونُ (الْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَمْضِي لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِسَيِّدِهِ، سَوَاءٌ حَمَلَ ثُلُثُهُ جَمِيعَهُ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ، وَأَعْتَقَ لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِمُدَبِّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لِمُدَبِّرِهِ. الْجَلَّابُ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرَهُ فُسِخَ بَيْعُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ قَبْلَ فَسْخِ بَيْعِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُسْتَحَبُّ لِبَائِعِهِ جَعْلُ فَضْلِ ثَمَنِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي مُدَبَّرٍ مِثْلِهِ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ وَمُضِيِّهِ إنْ أَعْتَقَ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (الْمُكَاتَبِ) فَلَا يَجُوزُ، وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ إنْ لَمْ يُعْتَقْ فِيهَا لِاتِّبَاعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ بِيعَتْ رُدَّ بَيْعُهَا مَا لَمْ يَفُتْ بِعِتْقٍ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهِ

(وَإِنْ جَنَى) الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَسَيِّدُهُ حَيٌّ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ فِي جِنَايَتِهِ (فَإِنْ فَدَاهُ) أَيْ الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ بَقِيَ بِحَالِهِ مُدَبَّرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ وَأَسْلَمَهُ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ (أَسْلَمَ) سَيِّدُهُ (خِدْمَتَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ يَسْتَوْفِي مِنْهَا أَرْشَ جِنَايَتِهِ إسْلَامًا (تَقَاضِيًا) أَيْ عَلَى أَنْ يَقْتَضِيَ الْأَرْشَ مِنْ ثَمَنِهَا. فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ، وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ لَا تَمْلِيكًا لِجَمِيعِهَا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ. الْجَلَّابُ وَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً فَجِنَايَتُهُ فِي خِدْمَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ، وَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ فِي افْتِكَاكِهَا بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَفِي إسْلَامِ خِدْمَتِهِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَيُقَاصِصَهُ بِأُجْرَةِ خِدْمَتِهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ، وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.

(وَ) إنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ الَّذِي أُسْلِمَتْ خِدْمَتُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ جِنَايَةً ثَانِيَةً قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ أَرْشَهُ مِنْ خِدْمَتِهِ (حَاصَّهُ) أَيْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى شَخْصٌ (مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا) فِي خِدْمَتِهِ

ص: 430

، وَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ: اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي، أَوْ بَعْضُهُ بِحِصَّتِهِ، وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إسْلَامِ مَا رُقَّ، أَوْ فَكِّهِ وَقُوِّمَ بِمَالِهِ،

ــ

[منح الجليل]

الْمُسْتَقِلَّةِ بِنِسْبَةِ أَرْشِ كُلِّ جِنَايَةٍ لِمَجْمُوعِ أَرْشَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ يَجْنِي فَتُسْلَمُ خِدْمَتُهُ ثُمَّ يَجْنِي عَلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ الْأَوَّلَ فِي الْخِدْمَةِ وَلَا يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ هَا هُنَا وَلَا مَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ خَرَّجَ أَبُو الْقَاسِمِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ فِي افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ اخْتَصَّ بِخِدْمَتِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا، قُلْت هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ التُّونُسِيُّ أَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا هُوَ لِخِدْمَتِهِ أَجْمَعَ.

(وَ) إنْ اسْتَوْفَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَرْشَهَا فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ (رَجَعَ) الْمُدَبَّرُ عَلَى حَالِهِ مُدَبَّرًا (إنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِنَايَتَيْنِ بِخِدْمَتِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ

(وَإِنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ الْجَانِي الْمُسْلِمُ لِلْوَلِيِّ (بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ (اُتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُدَبَّرُ (بِالْبَاقِي) مِنْ الْأَرْشِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْضُهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ لِضِيقِ الثُّلُثِ اُتُّبِعَ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُعْتَقِ مِنْ رَقَبَتِهِ مِنْ الْأَرْشِ.

(وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْوَارِثُ) لِسَيِّدِهِ (فِي إسْلَامِ مَا) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ) فِي (فَكِّهِ) بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْشِ. الْجَلَّابُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ الْمُدَبَّرُ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ، وَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي إسْلَامِ ثُلُثَيْهِ، وَفِي افْتِكَاكِهِ بِثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ.

(وَقُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُدَبَّرُ (بِمَالِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرُ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْمَالَ كَذَا عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَقَارًا، فَإِذَا قِيلَ كَذَا اُنْظُرْ، فَإِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ عَتَقَ وَتَبِعَهُ مَالُهُ.

ص: 431

وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ، إلَّا بَعْضَهُ: عَتَقَ، وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ: بِيعَ بِالنَّقْدِ،

ــ

[منح الجليل]

(وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ) لِمَالِ السَّيِّدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ، وَمِنْهُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ (إلَّا بَعْضَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (عَتَقَ) الْبَعْضُ الَّذِي حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَرُقَّ بَاقِيهِ (وَبَقِيَ الْمَالُ) الَّذِي لِلْمُدَبِّرِ كَمَا (بِيَدِهِ) أَيْ فِي مِلْكِ الْمُدَبِّرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بَعْضُهُ وَأَقَرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ. ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَمَالُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَرَكَ سَيِّدُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ وَيَبْقَى مَالُهُ بِيَدِهِ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رضي الله عنه ". ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَنْزِعْ السَّيِّدُ مَالَ الْمُدَبَّرَةِ حَتَّى مَاتَ قُوِّمَتْ فِي الثُّلُثِ بِمَالِهَا فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهَا عَتَقَ وَأَقَرَّ الْمَالُ كُلُّهُ بِيَدِهَا. الصِّقِلِّيُّ لِسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَالُهَا مِائَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهَا مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ مَالُهَا بِيَدِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا بِمَالِهَا مِائَتَانِ وَثُلُثُ سَيِّدِهَا مِائَةٌ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رضي الله عنه ". ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ الْأَخَوَانِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يُجْمَعُ هُوَ وَمَالُهُ لِمَالِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ بِمَالِهِ عَتَقَ وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ حَمَلَ رَقَبَتَهُ وَبَعْضَ مَالِهِ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَ الْمُدَبَّرِ وَمَالِهِ، وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ مِائَةٌ وَمَالِهِ ثَمَانِمِائَةٍ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مِائَتَانِ. ابْنُ حَبِيبٍ انْفَرَدَ بِهَذَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " رضي الله عنهم " عَنْهُمْ، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ " رضي الله عنه " أَقُولُ.

(فَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا (عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) بِالْبَلَدِ حِينَ التَّقْوِيمِ (مَلِيءٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مُوسِرٍ (بِيعَ) أَيْ قُوِّمَ الدَّيْنُ بِعَرَضٍ ثُمَّ قُوِّمَ الْعَرَضُ (بِالنَّقْدِ) الْحَالِّ، فَإِنْ كَانَ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةٌ، وَبِيَدِهِ عَشَرَةٌ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ عِشْرُونَ، وَالثُّلُثُ عَشَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهُ عَشَرَةً عَتَقَ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ.

ص: 432

وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ: اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ، وَإِلَّا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ: عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ

وَإِنْ كَانَ السَّيِّد غَيْر مَلِيء يَوْم قَوْله لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرّ، قَبْل مَوْتِي بِسَنَةِ وَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا لَمْ يُوقَفْ؛ فَإِنْ مَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ صَحَّ اُتُّبِعَ

ــ

[منح الجليل]

(وَإِنْ) كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ (قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الْمَدِينِ الْمَلِيءِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ اُنْتُظِرَ بِتَقْوِيمِ الْمُدَبَّرِ (قَبْضُهُ) أَيْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَدِينُ حَاضِرًا، وَلَا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا (بِيعَ) مِنْ الْمُدَبَّرِ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ الْحَاضِرِ.

(فَإِنْ حَضَرَ) الْمَدِينُ (الْغَائِبُ) مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ (أَوْ أَيْسَرَ) الْمَدِينُ (الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (عَتَقَ مِنْهُ) أَيْ مَا بِيعَ مِنْ الْمُدَبَّرِ بِثُلُثِ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ (حَيْثُ كَانَ) الْبَيْعُ بِيَدِ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ نَقَضَ عِتْقُهُ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " رضي الله عنهم " اللَّخْمِيُّ إنْ ضَاقَ الثُّلُثُ وَلِلسَّيِّدِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ حَالٌّ اُسْتُؤْنِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مُعْدِمٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ لِلْغُرَمَاءِ الْآنَ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَارِثِ أَعْتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَاخْتُلِفَ إذَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْوَارِثِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ فِيهِ. وَقَالَ عِيسَى وَأَصْبَغُ: يُعْتَقُ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ.

(وَمَنْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ) فَهُوَ عِتْقٌ لَازِمٌ وَمَوْتُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقْتَهُ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ فَ (إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا) خَدَمَهُ عَبْدُهُ وَلَا يُوقِفُ شَيْءٌ خِدْمَتَهُ (فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ نُظِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ.

(فَإِنْ) كَانَ قَدْ (صَحَّ) السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ (اُتُّبِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ (بِ) أُجْرَةِ

ص: 433

بِالْخِدْمَةِ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ، ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ

ــ

[منح الجليل]

الْخِدْمَةِ) فِي كُلِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَتْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ أَوَّلِهَا (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) الَّذِي لِسَيِّدِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ قَدْ صَحَّ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ (فَ) يُعْتَقُ الْعَبْدُ (مِنْ الثُّلُثِ) لِمَالِ سَيِّدِهِ يَوْمَهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ (وَلَمْ) الْأَوْلَى (يَتَّبِعْ) الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِشَيْءٍ فِي نَظِيرِ خِدْمَتِهِ لَهُ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ فَغَلَّتُهُ لِسَيِّدِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (غَيْرَ مَلِيءٍ) يَوْمَ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (خَرَاجُ) أَيْ أُجْرَةُ خِدْمَةِ (سَنَةٍ) بِأَنْ يُؤَاجِرَ الْعَبْدَ لِأَجْنَبِيٍّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ، وَتُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ عَدْلٍ وَيَخْدِمُ الْعَبْدُ الْأَجْنَبِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِهَا وَسَيِّدُهُ حَيٌّ كُلَّمَا يَخْدِمُ الْعَبْدُ غَيْرَ سَيِّدِهِ يَوْمًا أَوْ أُسْبُوعًا أَوْ شَهْرًا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ تُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ الْعَدْلِ وَ (يُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ (السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ خَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي تَمَّتْ أُجْرَةُ (مَا) أَيْ الزَّمَنِ الَّذِي (خَدَمَ) الْعَبْدُ (نَظِيرَهُ) مِنْ السَّنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ، وَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ يَشْرَعُ فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ، وَيُفْعَلُ فِي خَرَاجِهَا وَخَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِثْلَ مَا فُعِلَ فِيمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَنْظُرَ لِحَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ هَلْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَوْقُوفِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَوْقُوفِ، بَلْ هُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَفَادَهُ تت.

" ق " أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا تُرِكَ لَهُ عَبْدُهُ يَخْدِمُهُ، فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ نَظَرًا ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَ لِأَجَلٍ حَلَّ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأُعْطِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ

ص: 434

وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا

وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ، وَبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ؛ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ

ــ

[منح الجليل]

مَرَضَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِدْمَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ عَدِيمًا، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَارَجُ وَيُوقَفُ خَرَاجُهُ، فَإِذَا أَمْضَتْ سَنَةٌ وَشَهْرٌ بَعْدَهَا يُوقَفُ خَرَاجُ هَذَا الشَّهْرِ، وَيُعْطَى السَّيِّدُ خَرَاجَ أَوَّلِ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَيْرَ مَلِيءٍ خُورِجَ الْعَبْدُ وَأُوقِفَ خَرَاجُهُ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَشَهْرٌ مِنْ بَعْدِهَا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ كُلُّ شَهْرٍ مِنْ الْخَرَاجِ فَكُلَّمَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ هَذِهِ وُقِفَ خَرَاجُهُ وَأُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ.

(وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) الْمُدَبِّرِ قَتْلًا (عَمْدًا) عُدْوَانًا لِاسْتِعْجَالِهِ الْعِتْقَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَعُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ قِصَاصًا، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ رُقَّ لَهُمْ وَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ لَا دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدَبَّرٍ قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا لَا يُعْتَقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا فِي دِيَةٍ، وَيُبَاعُ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ.

(وَ) بَطَلَ التَّدْبِيرُ (بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (وَلِلتَّرِكَةِ) الَّتِي تَرَكَهَا سَيِّدُهُ سِوَاهُ كَمَا تَرَكَ السَّيِّدُ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ خَمْسَةٌ، وَالدَّيْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ (وَ) بَطَلَ (بَعْضُهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ (بِمُجَاوَزَةِ) بِالزَّايِ أَيْ تَعَدِّي (الثُّلُثِ) قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَيِّدُهُ خَمْسَةً، وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَثُلُثُهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ، وَنِسْبَتُهُ لَقِيمَتِهِ ثُلُثَانِ فَيُعْتَقُ ثُلُثَاهُ وَيُرَقُّ ثُلُثُهُ. ابْنُ شَاسٍ يَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ وَبِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِسْمُ يَرْفَعُ كَمَالَ حُرِّيَّتِهِ لَا أَصْلَهَا، فَإِذَا دُبِّرَ عَبْدٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ ثُلُثُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (حُكْمُ الرِّقِّ) الْقِنِّ فِي خِدْمَتِهِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْأَمَةِ وَحُدُودِهِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا، بَلْ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ) الْمُدَبَّرُ (فِي) ثُلُثِ (مَا وُجِدَ) مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ النَّظَرِ فِي شَأْنِ الْمُدَبَّرِ فَلَا يُنْظَرُ لِمَا وُجِدَ مِنْ

ص: 435

وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ: عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ: فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

ــ

[منح الجليل]

التَّرِكَةِ قَبْلَهُ، فِيهَا وَلِلْمُدَبَّرِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتَقَ فِي الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ النَّظَرِ فِيهِ لَا يَوْمَ مَوْتِ سَيِّدِهِ.

(وَ) إنْ قَالَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُعْتَقُ مِنْهُ الَّذِي عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَقَطْ إنْ حَمَلَهُ، وَإِلَّا فَمَحْمِلُهُ (وَ) تَدْبِيرُهُ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ (لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ) فِيهَا لِمَالِكٍ " رضي الله عنه " إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَإِنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ: وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الرُّقْبَى. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ كَانَ حُرًّا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ آخِرَهُمَا، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَرُقَّ الْبَاقِي، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي عِتْقِ بَاقِيهِ وَلَهُمْ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ يَعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا وَيُرَقُّ الْبَاقِي. ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ عَيَّنُوا هُنَا أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي نَظِيرَتِهَا، بَلْ هِيَ أَحْرَى مِنْهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ حَتَّى يَنْوِيَ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَلَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَهُ هُنَا عَلَى مَوْتِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ مِنْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَوْتِهِ، وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ.

(وَ) إنْ قَالَ لِرِقِّهِ (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (فَ) هُوَ (مُعْتَقٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ (لِأَجَلٍ) لَا مُدَبَّرٌ فَيُعْتَقُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) إنْ كَانَ السَّيِّدُ صَحِيحًا حِينَ قَالَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَمِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ كُلَّهَا مِنْهُ. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَهُوَ مُعْتَقٌ إلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ مَوْتِ

ص: 436