الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل كلام الرافضي على عمر رضي الله عنه]
[كلام عمر رضي الله عنه عند الاحتضار]
فَصْلٌ (1)
قَالَ الرَّافِضِيُّ (2) :
" وَمِنْهَا مَا رَوَوْهُ (3) عَنْ عُمَرَ، رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ (4) " حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ " أَنَّهُ قَالَ (5) لَمَّا احْتَضَرَ قَالَ (6) : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ كَبْشًا لِقَوْمِي فَسَمَّنُونِي (7) مَا بَدَا لَهُمْ، ثُمَّ جَاءَهُمْ أَحَبُّ قَوْمِهِمْ إِلَيْهِمْ فَذَبَحُونِي، فَجَعَلُوا (8) نِصْفِي شِوَاءً وَنِصْفِي قَدِيدًا، فَأَكَلُونِي، فَأَكُونُ عُذْرَةً وَلَا أَكُونُ بَشَرًا، وَهَلْ هَذَا إِلَّا مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْكَافِرِ (9) : {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} ) [سُورَةُ النَّبَأِ: 40] ".
قَالَ (10) .: " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ احْتِضَارِهِ: لَوْ أَنَّ لِي مِلْءَ
(1) فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر)، وَفِي (ي) : الْفَصْلُ الثَلَاثُونَ.
(2)
فِي (ك) ص 136 (م) .
(3)
ح: مَا رَوَاهُ.
(4)
ح، ب: فِي كِتَابِهِ.
(5)
قَالَ: لَيْسَتْ فِي (ك) .
(6)
قَالَ: لَيْسَتْ فِي (ح) ، (ب) .
(7)
ن: فَيُسَمِّنُونِي، م: فَيُسَمُّونِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(8)
ح، ب: وَجَعَلُوا.
(9)
ك: لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُ الْكَافِرُ.
(10)
أَيِ: الرَّافِضِيُّ بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً
الْأَرْضِ ذَهَبًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَيْتُ بِهِ نَفْسِي مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ (1) : {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 47] . فَلْيَنْظُرِ الْمُنْصِفُ الْعَاقِلُ قَوْلَ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَ احْتِضَارِهِمَا، وَقَوْلَ عَلِيٍّ (2) : مَتَى أَلْقَى الْأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ (3)
مَتَّى أَلْقَاهَا مَتَى يُبْعَثُ (4) أَشْقَاهَا
وَقَوْلَهُ حِينَ قَتَلَهُ [ابْنُ مُلْجَمٍ] : فُزْتُ (5) وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ".
وَالْجَوَابُ: أَنَّ فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْجَهَالَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَرْطِ جَهْلِ قَائِلِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ قَدْ نُقِلَ مِثْلُهُ عَمَّنْ هُوَ دُونَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ [وَعَلِيٍّ](6) ، بَلْ نُقِلَ مِثْلُهُ عَمَّنْ يُكَفِّرُ عَلِيَّ [بْنَ أَبِي طَالِبٍ](7) مِنَ الْخَوَارِجِ، كَقَوْلِ بِلَالٍ عَتِيقِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ، وَامْرَأَتُهُ تَقُولُ: وَاحَرْبَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ: وَاطَرَبَاهُ غَدًا أَلْقَى الْأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ.
وَكَانَ عُمَرُ قَدْ دَعَا لَمَّا عَارَضُوهُ فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ " فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَفِيهِمْ عَيْنٌ تَطْرُفُ (8) .
(1) ك: قَوْلِهِ تَعَالَى.
(2)
ك: عَلِيٍّ عليه الصلاة والسلام.
(3)
هَذَا الْبَيْتُ فِي (ك) هُوَ الثَّانِي فِي التَّرْتِيبِ وَيَسْبِقُهُ الْبَيْتُ التَّالِي.
(4)
ر، ي: يَنْبَعِثُ، ك: يُبْتَعَثُ.
(5)
ك: وَقَوْلَهُ عليه السلام حِينَ قُتِلَ: فُزْتُ، ح، ب: وَقَوْلَهُ حِينَ ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ: فُزْتُ. ن، م: وَقَوْلَهُ حِينَ قَتَلَهُ: فُزْتُ.
(6)
وَعَلِيٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(7)
ن، م: يُكَفِّرُ عَلِيًّا.
(8)
ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِهِ الْأَمْوَالِ ص 81 تَحْقِيقِ الشَّيْخِ مُحَمَّد خَلِيل هَرَّاس، ط. الْكُلِّيَّاتُ الْأَزْهَرِيَّةُ 1389 1969 فَقَالَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ، قَالَ: قَالَ بِلَالٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْقُرَى الَّتِي افْتَتَحَهَا عَنْوَةً: اقْسِمْهَا بَيْنَنَا، وَخُذْ خُمُسَهَا، فَقَالَ عُمَرُ: لَا هَذَا عَيْنُ الْمَالِ، وَلَكِنِّي أَحْبِسُهُ فِيمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ بِلَالٌ وَأَصْحَابُهُ: اقْسِمْهَا بَيْنَنَا، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ، قَالَ: فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطْرُفُ، قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي تَعْلِيقِهِ: لَا تَظُنُّ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه دَعَا عَلَى بِلَالٍ وَأَصْحَابِهِ بِالْمَوْتِ، كَيْفَ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِي شَأْنِ بِلَالٍ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا أَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي بِلَالًا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَكْفِيَهُ اللَّهُ خُصُومَتَهُمْ مَعَهُ، وَانْظُرْ خَبَرَ تَقْسِيمِ أَرْضِ سَوَادِ الْعِرَاقِ وَمَوْقِفِ بِلَالٍ رضي الله عنه فِي " أَخْبَارِ عُمَرَ " لِعَلِيٍّ وَنَاجِي الطَّنْطَاوِيِّ ص 113 ط. دِمَشْقَ 1379 1959
وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي " الْحِلْيَةِ "(1) : حَدَّثَنَا الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (2) ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ سَيَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ (3)، قَالَ: طُعِنَ مُعَاذٌ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (4) . فَقَالَ مُعَاذٌ: إِنَّهُ رَحْمَةُ رَبِّكُمْ، وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ (5) ، وَقَبْضُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، اللَّهُمَّ آتِ آلَ مُعَاذٍ النَّصِيبَ الْأَوْفَرَ مِنْ هَذِهِ الرَّحْمَةِ، فَمَا أَمْسَى حَتَّى طُعِنَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِكْرُهُ الَّذِي كَانَ يُكَنَّى بِهِ (6) ، وَأَحَبَّ الْخَلْقِ إِلَيْهِ، فَرَجَعَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَوَجَدَهُ (7) مَكْرُوبًا (8) . فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَيْفَ
(1) الْكَلَامَ التَّالِيَ فِي حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ 1/240
(2)
الْحِلْيَةِ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْيَقْطِينِيُّ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ
(3)
الْحِلْيَةِ: مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ.
(4)
ن، م: فِي يَوْمِ أُحُدٍ.
(5)
الْحِلْيَةِ: رَبِّكُمْ عز وجل وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم.
(6)
ح، ب، ي، ر: بِهِ يُكَنَّى.
(7)
ن، م: فَوَجَدُوهُ.
(8)
ب فَقَطْ: مَقْرُوبًا.
أَنْتَ؟ قَالَ (1) : يَا أَبَتِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ (2) مِنَ الْمُمْتَرِينَ. قَالَ (3) : وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَتَجِدُنِي مِنَ الصَّابِرِينَ (4) . فَأَمْسَكَهُ لَيْلَهُ (5) ثُمَّ دَفَنَهُ مِنَ الْغَدِ، وَطُعِنَ مُعَاذٌ (6) ، فَقَالَ حِينَ اشْتَدَّ بِهِ النَّزْعُ، [نَزْعُ الْمَوْتِ](7) ، فَنَزَعَ نَزْعًا لَمْ يَنْزِعْهُ أَحَدٌ، وَكَانَ كُلَّمَا أَفَاقَ فَتَحَ طَرَفَهُ، وَقَالَ (8) : رَبِّ اخْنُقْنِي خَنْقَكَ (9) ، فَوَعِزَّتِكَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ قَلْبِي يُحِبُّكَ ".
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، قَدْ قَالَهَا مَنْ هُوَ دُونَ عَلِيٍّ، قَالَهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لَمَّا قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَكَانَ قَدْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ، قَالَ الْعُلَمَاءُ بِالسِّيَرِ: طَعَنَهُ جَبَّارُ بْنُ سَلْمَى فَأَنْفَذَهُ، فَقَالَ عَامِرٌ: فُزْتُ وَاللَّهِ، فَقَالَ جَبَّارٌ: مَا قَوْلُهُ: فُزْتُ وَاللَّهِ؟ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَرَوْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ دَفَنَتْهُ (10) .
(1) الْحِلْيَةِ: فَاسْتَجَابَ لَهُ فَقَالَ.
(2)
الْحِلْيَةِ: فَلَا تَكُنْ، م: فَلَا تَكُ.
(3)
الْحِلْيَةِ: فَقَالَ مُعَاذٌ.
(4)
ب: وَأَنَا سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، ن، م: وَأَنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ.
(5)
ح، ر، ي، ب: فَأَمْسَكَ لَيْلَةً، ن، م: فَأَمْسَكُهُ لَيْلَةً.
(6)
الْحِلْيَةِ: فَطُعِنَ.
(7)
عِبَارَةُ (نَزْعِ الْمَوْتِ) سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (ح) ، (ب) .
(8)
الْحِلْيَةِ: أَفَاقَ مِنْ غَمْرَةٍ فَتَحَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَالَ.
(9)
الْحِلْيَةِ: اخْنُقْنِي خَنْقَتَكَ، ن: احْتِفْنِي حَتْفَكَ.
(10)
انْظُرْ هَذَا الْخَبَرَ فِي: سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/196، إِمْتَاعِ الْأَسْمَاعِ، ص 172 زَادِ الْمَعَادِ 3/247 وَانْظُرْ تَعْلِيقَ الْمُحَقِّقِ وَإِشَارَتَهُ إِلَى وُجُودِ الْخَبَرِ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ.
[وَشَبِيبٌ الْخَارِجِيُّ](1) لَمَّا طُعِنَ دَخَلَ فِي الطَّعْنَةِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى.
[وَأَعْرِفُ شَخْصًا مِنْ أَصْحَابِنَا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَقُولُ: حَبِيبِي هَا قَدْ جِئْتُكَ، حَتَّى خَرَجَتْ نَفْسُهُ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ](2) ] .
وَأَمَّا خَوْفُ عُمَرَ، فَفِي [صَحِيحِ] الْبُخَارِيِّ (3) عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ (4) وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ - أَيْ يُزِيلُ جَزَعَهُ (5) - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَئِنْ (6) كَانَ ذَلِكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ الْمُسْلِمِينَ (7) فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ، فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ (8) مَنٌّ مِنَ اللَّهِ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ (9) مَنٌّ مِنَ اللَّهِ (10) مَنَّ بِهِ عَلَيَّ. وَأَمَّا مَا تَرَى
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3)
ن، م: فَفِي الْبُخَارِيِّ وَالْخَبَرُ التَّالِي فِيهِ 5/12 - 13 كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
(4)
الْبُخَارِيِّ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
(5)
عِبَارَةٌ أَيْ يُزِيلُ جَزَعَهُ، لَيْسَتْ فِي الْبُخَارِيِّ.
(6)
ح، ب: لَئِنْ.
(7)
الْبُخَارِيِّ: ثُمَّ صَحِبْتَ صُحْبَتَهُمْ.
(8)
ح، ب: قِرَاءَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ: فَإِنَّ ذَلِكَ.
(9)
ح، ب، ن، م: فَإِنَّ ذَلِكَ.
(10)
الْبُخَارِيِّ: اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ.
مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكِ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ [ذَهَبًا](1) لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ ".
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ (2) عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ فِي حَدِيثِ قَتْلِ عُمَرَ " يَا ابْنَ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي، فَجَالَ سَاعَةً، ثُمَّ جَاءَ (3) فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: الصَّنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ، لَقَدْ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ قَتْلِي (4) بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْتُ؛ أَيْ: إِنْ شِئْتَ قَتْلَنَا (5) . قَالَ: كَذَبْتَ، بَعْدَ مَا تَعَلَّمُوا (6) بِلِسَانِكُمْ، وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ، وَحَجُّوا حَجَّكُمْ، فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: أَخَافُ عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ، فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ (7) ، فَعَلِمُوا (8) أَنَّهُ مَيِّتٌ. فَدَخَلْنَا (9) عَلَيْهِ،
(1) ذَهَبًا سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ، وَأَثْبَتُّهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَفِي فَتْحِ الْبَارِي 7/52 طِلَاعَ الْأَرْضِ بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ؛ أَيْ: مِلْأَهَا، وَأَصْلُ الطِّلَاعِ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَطْلُعُ عَلَيْهَا وَيَشْرُفُ فَوْقَهَا مِنَ الْمَالِ.
(2)
5/16 - 17 كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ قِصَّةِ الْبَيْعَةِ.
(3)
ح، ب: ثُمَّ جَاءَهُ،
(4)
ر، م، ي: قِتْلَتِي، الْبُخَارِيِّ: مِيتَتِي.
(5)
ح، م، ب: قَتَلْنَاهُمْ.
(6)
الْبُخَارِيِّ: تَكَلَّمُوا.
(7)
ن، م، ر، ي، ب: قِرَاءَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ جَوْفِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ (فَتْحِ الْبَارِي 7/65) الْمُرَادُ بِالنَّبِيذِ الْمَذْكُورِ تَمَرَاتٌ نُبِذَتْ فِي مَاءٍ، أَيْ نُقِعَتْ فِيهِ، كَانُوا يَصْنَعُونَ ذَلِكَ لِاسْتِعْذَابِ الْمَاءِ.
(8)
ن، م، ر، ي، قِرَاءَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ: فَعَرَفُوا.
(9)
ح، ب: وَدَخَلْنَا.
[وَجَاءَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ](1)، وَجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدَمٍ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَوَلِيتَ (2) فَعَدَلْتَ، ثُمَّ شَهَادَةٍ. قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ (3) ذَلِكَ كَفَافًا (4) لَا عَلَيَّ وَلَا لِي. فَلَمَّا أَدْبَرَ إِذَا إِزَارُهُ يَمَسُّ الْأَرْضَ. فَقَالَ (5) : رُدُّوا عَلَيَّ الْغُلَامَ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، ارْفَعْ إِزَارَكَ (6) ، فَإِنَّهُ أَبْقَى (7) لِثَوْبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّكَ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ (8) مِنَ الدَّيْنِ. فَحَسَبُوهُ فَوَجَدُوهُ (9) سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهُ، قَالَ: إِنْ وَفَّى لَهُ مَالُ آلِ عُمَرَ [فَأَدِّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ](10) وَإِلَّا فَسَلْ (11) فِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ وَإِلَّا فَسَلْ (12) فِي قُرَيْشٍ، وَلَا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، فَأَدِّ عَنِّي هَذَا الْمَالَ، انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ
(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(2)
الْبُخَارِيِّ: ثُمَّ وَلِيتَ.
(3)
أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .
(4)
الْبُخَارِيِّ: كَفَانِ وَفِي قِرَاءَةٍ كَفَافًا.
(5)
الْبُخَارِيِّ: قَالَ.
(6)
الْبُخَارِيِّ: ثَوْبَكَ، م: رِدَاءَكَ.
(7)
ب: قِرَاءَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ: أَنْقَى.
(8)
ن، م: مَاذَا عَلَيَّ.
(9)
ح، ب: فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ.
(10)
عِبَارَةُ فَأَدِّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (ر) ، (ي) وَفِي الْبُخَارِيِّ فَأَدِّهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
(11)
ح، ب: فَاسْأَلْ.
(12)
ح، ب: أَمْوَالُهُمْ وَإِلَّا فَاسْأَلْ، الْبُخَارِيِّ: أَمْوَالَهُمْ فَسَلْ.
السَّلَامَ - وَلَا تَقُلْ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا - وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ. (* فَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ (1) وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ *) (2) . فَقَالَتْ (3) : كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي، وَلَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ (4) عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا أَقْبَلَ قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ. فَقَالَ (5) : ارْفَعُونِي. فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَذِنَتْ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ مِنْ ذَلِكَ (6) ، فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ (7) فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ وَقُلْ (8) : يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي، وَإِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي (9) إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ " وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ.
فَفِي نَفْسِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَرَعِيَّتُهُ عَنْهُ رَاضُونَ (10) مُقِرُّونَ بِعَدْلِهِ فِيهِمْ، وَلَمَّا مَاتَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُصَابُوا بِمُصِيبَةٍ قَبْلَ مُصِيبَتِهِ، لِعِظَمِهَا عِنْدَهُمْ.
(1) ح، ب: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ، ن: يَقْرَأُ عَلَيْكُمْ عُمَرُ السَّلَامَ.
(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (م) .
(3)
ح، ر، ي: قَالَتْ.
(4)
الْبُخَارِيِّ: وَلَأُوثِرَنَّ (فَتْحَ الْبَارِي وَلَأُوثِرَنَّهُ بِهِ الْيَوْمَ) .
(5)
الْبُخَارِيِّ: قَالَ.
(6)
الْبُخَارِيِّ: مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ.
(7)
ح، ر، ي، م، ب: قِرَاءَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ: قُبِضْتُ.
(8)
الْبُخَارِيِّ: فَقُلْ.
(9)
ر، ي، ب: فَرُدُّونِي.
(10)
ب: رِضْوَانٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِي تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» ". (1)
وَلَمْ يَقْتُلْ عُمَرَ رضي الله عنه رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِرِضَا الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ كَافِرٌ فَارِسِيٌّ مَجُوسِيٌّ.
وَخَشْيَتُهُ مِنَ اللَّهِ لِكَمَالِ عِلْمِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَقُولُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 28] .
وَقَدْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ» (2) . «وَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 41] قَالَ: " حَسْبُكَ " فَنَظَرْتُ إِلَى عَيْنَيْهِ وَهُمَا تَذْرِفَانِ» (3) .
وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى - {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [سُورَةُ الْأَحْقَافِ: 9] .
(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا مَضَى 1/116.
(2)
الْحَدِيثَ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/12 كِتَابِ السَّهْوِ، بَابِ الْبُكَاءِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَصُّهُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ، يَعْنِي يَبْكِي، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 4/25 - 26 وَأَوَّلُهُ فِيهِ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ.
(3)
الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 6/196 كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بَابِ قَوْلِ الْمُقْرِئِ لِلْقَارِئِ حَسْبُكَ، الْمُسْنَدَ ط. الْمَعَارِفِ الْأَرْقَامَ 3551، 3606، 4118 تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ، ط. الْمَعَارِفِ 8/370.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ «لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، قَالَ: " مَا أَدْرِي وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ» " (1) .
وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) - أَنَّهُ قَالَ:" «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتً تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ، وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ " وَقَوْلُهُ: " وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ شَجَرَةً تُعْضَدُ " قِيلَ: إِنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ، لَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» - (3) .
وَقَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} الْآيَةَ [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ:
(1) الْحَدِيثُ عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ ـ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رضي الله عنها، فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنَ الْبُخَارِيِّ 2/72 كِتَابِ الْجَنَائِزِ بَابِ الدُّخُولِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ. 5/67 كِتَابِ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابِ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ الْمَدِينَةَ، 9/34 - 35 كِتَابِ التَّعْبِيرِ، بَابِ رُؤْيَا النِّسَاءِ 9/38 الْكِتَابِ السَّابِقِ، بَابِ الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَخِيرِ: عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: طَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ: لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي وَاللَّهِ، قَالَ: أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ، قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ، الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 6/436، وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي مُسْلِمٍ.
(2)
هُنَا تُوجَدُ وَرَقَةٌ نَاقِصَةٌ مِنْ مُصَوَّرَةٍ (م) وَسَأُشِيرُ إِلَى أَوَّلِ مَا يُوجَدُ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(3)
سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/629
57 -
59] وَفِي التِّرْمِذِيِّ «عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (1) : " [قُلْتُ] : (2) يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ الرَّجُلُ يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَخَافُ؟ فَقَالَ: " لَا يَا بِنْتَ (3) الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يُصَلِّي (4) وَيَتَصَدَّقُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ» " (5) .
وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: " وَهَلْ هَذَا إِلَّا مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْكَافِرِ: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [سُورَةُ النَّبَأِ: 40] .
فَهَذَا جَهْلٌ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الْكَافِرَ يَقُولُ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حِينَ لَا تُقْبَلُ تَوْبَةٌ، وَلَا تَنْفَعُ حَسَنَةٌ (6) . وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، فَهَذَا يَقُولُهُ فِي دَارِ الْعَمَلِ عَلَى وَجْهِ الْخَشْيَةِ لِلَّهِ، فَيُثَابُ عَلَى خَوْفِهِ مِنَ اللَّهِ.
وَقَدْ قَالَتْ مَرْيَمُ: {يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 23] . وَلَمْ يَكُنْ هَذَا كَتَمَنِّي الْمَوْتَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَلَا يُجْعَلُ هَذَا كَقَوْلِ أَهْلِ النَّارِ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ:{وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 77] .
(1) ن: إِنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ.
(2)
قُلْتُ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .
(3)
ح، ب: يَا ابْنَةَ.
(4)
ن: الرَّجُلُ الَّذِي يُصَلِّي.
(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/268
(6)
ن: تَوْبَتُهُ وَلَا تَنْفَعُ حَسَنَتُهُ.
[سُورَةُ الزُّمَرِ: 47] ؛ فَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِهِمْ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ لَا يَنْفَعُ تَوْبَةٌ وَلَا خَشْيَةٌ.
وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا، فَالْعَبْدُ إِذَا خَافَ رَبَّهُ كَانَ خَوْفُهُ مِمَّا يُثِيبُهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَمَنْ خَافَ [اللَّهَ] فِي الدُّنْيَا (2) أَمَّنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَعَلَ خَوْفَ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَبِّهِ فِي الدُّنْيَا كَخَوْفِ الْكَافِرِ فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ كَمَنْ جَعَلَ الظُّلُمَاتِ كَالنُّورِ، وَالظِّلَّ كَالْحَرُورِ، وَالْأَحْيَاءَ كَالْأَمْوَاتِ، وَمَنْ تَوَلَّى أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِمْ عَدْلًا يَشْهَدُ بِهِ (3) عَامَّتُهُمْ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَخَافُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ ظَلَمَ، فَهُوَ (4) أَفْضَلُ مِمَّنْ يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ رَعِيَّتِهِ: إِنَّهُ ظُلْمٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ آمِنٌ مِنَ الْعَذَابِ، مَعَ أَنَّ كِلَيْهِمَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَالْخَوَارِجُ الَّذِينَ كَفَّرُوا عَلِيًّا، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ ظَالِمٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَتْلِ، مَعَ كَوْنِهِمْ ضُلَّالًا مُخْطِئِينَ، هُمْ رَاضُونَ عَنْ عُمَرَ مُعَظِّمُونَ لِسِيرَتِهِ وَعَدْلِهِ.
وَبِعَدْلِ عُمَرَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ، حَتَّى يُقَالَ: سِيرَةُ الْعُمَرَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ (5) ، كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، أَوْ كَانَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَمَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ (6) كَأَبِي عُبَيْدٍ [وَغَيْرِهِ](7) ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
(1) ب: أَحْوَالُهُمْ.
(2)
ن: فَمَنْ خَافَ فِي الدُّنْيَا.
(3)
ن: يَشْهَدُهُ.
(4)
فَهُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ر) ، (ي)، وَفِي (ن) : هُوَ.
(5)
ن: أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.
(6)
ن: مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(7)
وَغَيْرِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَهَادَةَ الرَّعِيَّةِ لِرَاعِيهَا أَعْظَمُ مِنْ شَهَادَتِهِ هُوَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 143] .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «يُوشِكُ أَنْ تَعْلَمُوا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ "، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ . قَالَ: " بِالثَّنَاءِ الْحَسَنِ وَبِالثَّنَاءِ السَّيِّئِ» "(2) .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَعِيَّةَ عُمَرَ انْتَشَرَتْ شَرْقًا وَغَرْبًا، [وَكَانَتْ رَعِيَّةُ عُمَرَ خَيْرًا مِنْ رَعِيَّةِ عَلِيٍّ](3) ، وَكَانَتْ (4) رَعِيَّةُ عَلِيٍّ جُزْءًا (5) مِنْ رَعِيَّةِ عُمَرَ، وَمَعَ هَذَا فَكُلُّهُمْ يَصِفُونَ عَدْلَهُ وَزُهْدَهُ وَسِيَاسَتَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ (6) ، وَالْأُمَّةُ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ تَصِفُ عَدْلَهُ وَزُهْدَهُ وَسِيَاسَتَهُ، وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ أَحَدًا طَعَنَ فِي ذَلِكَ.
(1) ح، ب: فِي أَرْضِهِ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/498
(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/498
(3)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(4)
ح، ب: وَكَانَ.
(5)
ن: خَيْرٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6)
ن: وَيَعْلَمُونَهُ.
وَالرَّافِضَةُ لَمْ تَطْعَنْ فِي ذَلِكَ، بَلْ لَمَّا غَلَتْ فِي عَلِيٍّ جَعَلَتْ ذَنْبَ عُمَرَ كَوْنَهُ تَوَلَّى، وَجَعَلُوا يَطْلُبُونَ لَهُ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ (1) ظُلْمُهُ فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ رضي الله عنه فَإِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يُحِبُّونَهُ وَيَتَوَلَّوْنَهُ، وَيَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ، لَكِنَّ نِصْفَ رَعِيَّتِهِ يَطْعَنُونَ فِي عَدْلِهِ؛ فَالْخَوَارِجُ يُكَفِّرُونَهُ، وَغَيْرُ الْخَوَارِجِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ [وَغَيْرِ أَهْلِ بَيْتِهِ] (2) يَقُولُونَ: إِنَّهُ لَمْ يُنْصِفْهُمْ، وَشِيعَةُ عُثْمَانَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ عُثْمَانَ، وَبِالْجُمْلَةِ لَمْ يَظْهَرْ لَعَلِيٍّ مِنَ الْعَدْلِ، مَعَ كَثْرَةِ الرَّعِيَّةِ وَانْتِشَارِهَا، مَا ظَهَرَ لِعُمَرَ، وَلَا قَرِيبٌ مِنْهُ.
وَعُمَرُ لَمْ يُوَلِّ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَعَلِيٌّ وَلَّى أَقَارِبَهُ، كَمَا وَلَّى عُثْمَانُ أَقَارِبَهُ، وَعُمَرُ مَعَ هَذَا يَخَافُ أَنْ يَكُونَ ظَلَمَهُمْ، فَهُوَ أَعْدَلُ وَأَخْوَفُ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَلِيٍّ، فَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ.
وَعُمَرُ مَعَ رِضَا رَعِيَّتِهِ عَنْهُ، يَخَافُ أَنْ يَكُونَ ظَلَمَهُمْ، وَعَلِيٌّ يَشْكُو مِنْ رَعِيَّتِهِ وَتَظَلُّمِهِمْ (3)، وَيَدْعُو عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: إِنِّي أُبْغِضُهُمْ وَيُبْغِضُونِي (4) ، وَسَئِمْتُهُمْ وَسَئِمُونِي (5) . اللَّهُمَّ فَأَبْدِلْنِي بِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَأَبْدِلْهُمْ بِي شَرًّا مِنِّي.
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ؟
(1) بِهِ: كَذَا فِي (ر) ، وَفِي (ن) ، (ح)، (ي) : لَهُ.
(2)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) .
(3)
ن، ب: وَيَظْلِمُهُمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(4)
ر: وَيُبْغِضُونَنِي.
(5)
ب: وَأَسْأَمُهُمْ وَيَسْأَمُونِي، ن: وَلِشَتْمِهِمْ وَيَشْتُمُونِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.