المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[السبب الثالث الأعمال الصالحة] - منهاج السنة النبوية - جـ ٦

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[فصل كلام الرافضي على عمر رضي الله عنه]

- ‌[كلام عمر رضي الله عنه عند الاحتضار]

- ‌[فصل موقف عمر رضي الله عنه عند مرض الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته]

- ‌[فصل كلام الرافضي على عمر رضي الله عنه والكلام على موقفه من فدك]

- ‌[قَوْلُ الرَّافِضِيِّ أن عمر عَطَّلَ حُدُودَ اللَّهِ فَلَمْ يُحِدَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ والرد عليه]

- ‌[كلام الرافضي على عطايا عمر لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل الرد على قول الرافضي في عمر: وغيَّر حكم الله في المنفيين]

- ‌[فصل كلام الرافضي: أن عمر رضي الله عنه أمر برجم حامل]

- ‌[فصل كلام الرافضي: أن عمر رضي الله عنه أمر برجم مجنونة]

- ‌[كلام العلماء في مناقب عمر رضي الله عنه]

- ‌[رِسَالَةُ عُمَرَ فِي الْقَضَاءِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه منع المغالاة في المهور]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه لم يحد قدامة في الخمر]

- ‌[فصل كلام الرافضي على عمر رضي الله عنه أنه أسقطت حامل خوفا منه]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه تنازعت عنده امرأتان في طفل وأفتاه علي رضي الله عنه]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر فرده علي]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه كان يضطرب في الأحكام]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر كان يفضل في الغنيمة والعطاء]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر كان يأخذ بالرأي والحدس والظن]

- ‌[فصل كلام الرافضي أن عمر رضي الله عنه جعل الأمر شورى بعده وخالف من تقدمه]

- ‌[الرد على قول الرافضي إن عمر جمع بين الفاضل والمفضول]

- ‌[الرد على قول الرافضي إن عمر رضي الله عنه طعن في كل واحد ممن اختاره]

- ‌[الرد على قول الرافضي في عمر ثم ناقص حتى جعل الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف]

- ‌[كلام الرافضي على ما تم في بيعة عثمان رضي الله عنه]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عمر رضي الله عنه أمر بقتل من خالف الأربعة ثم الثلاثة]

- ‌[فصل كلام الرافضي على عثمان رضي الله عنه]

- ‌[الأمور التي أنكرها الرافضي على عثمان رضي الله عنه]

- ‌[الرد على قولهم أن عليا رضي الله عنه فعل ذلك بالنص وبيان غلو الرافضة في علي والأئمة]

- ‌[الرد على دعوى الرافضة بالنص وعصمة الأئمة]

- ‌[فصل قاعدة كلية أن لا نعتقد بعصمة أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[العقوبة عن الذنوب في الآخرة تندفع بنحو عشرة أسباب]

- ‌[السبب الأول التوبة]

- ‌[السبب الثاني الاستغفار]

- ‌[السبب الثالث الأعمال الصالحة]

- ‌[السبب الرابع الدعاء للمؤمنين]

- ‌[السبب الخامس دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واستغفاره في حياته وبعد مماته]

- ‌[السبب السادس ما يُفعل بعد الموت من عمل صالح يهدى له]

- ‌[السبب السابع المصائب الدنيوية التي يكفر الله بها الخطايا]

- ‌[السبب الثامن والتاسع والعاشر من بلاء القبر وأَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ واقتصاصهم من بعض]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه ولى من لا يصلح للولاية]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه استعمل الوليد بن عقبة حتى ظهر منه شرب الخمر وصلى بالناس وهو سكران]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه استعمل سعيد بن العاص فظهر منه ما أدى إلى إخراج أهل الكوفة له]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه ولى ابن أبي سرح مصر حتى تظلم منه أهلها]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه أمر بقتل محمد بن أبي بكر]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه ولى معاوية الشام فأحدث من الفتن ما أحدث]

- ‌[الرد على قول الرافضي وولى عبد الله بن عامر البصرة فَفَعْلَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ مَا فَعَلَ]

- ‌[الرد على قول الرافضي وولى مروان أمره وَأَلْقَى إِلَيْهِ مَقَالِيدَ أُمُورِهِ]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان رضي الله عنه كان يؤثر أهله بالأموال الكثيرة]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن ابن مسعود كان يطعن على عثمان ويكفره رضي الله عنهما]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان حكم بضرب ابن مسعود رضي الله عنهما حتى مات]

- ‌[الرد على حديث مكذوب يذكره الرافضي عن عمار رضي الله عنه]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن الرسول عليه السلام طرد الحكم وابنه عن المدينة وردهما عثمان وأكرمهما]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن عثمان نفى أبا ذر وضربه]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن عثمان ضيع حدود الله]

- ‌[الرد على قول الرافضي أن عثمان زاد الأذان الثاني يوم الجمعة]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن المسلمين كلهم خالفوا عثمان رضي الله عنه حتى قتل]

- ‌[فصل نقل الرافضي عن الشهرستاني ما ذكره من التنازع الذي وقع بين الصحابة في مرض النبي عليه السلام]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن الشهرستاني من أشد المتعصبين على الإمامية]

- ‌[الرد على زعم الرافضي عن الاختلاف الواقع في مرض النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[الرد على زعم الرافضي عن الخلاف في تجهيز جيش أسامة]

- ‌[الرد على كلام الرافضي على ما كان من عمر عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[قال الرافضي الخلاف الرابع في الإمامة]

- ‌[قال الرافضي الخلاف الخامس في فدك والتوارث]

- ‌[قال الرافضي الخلاف السادس في قتال مانعي الزكاة]

- ‌[قال الرافضي الخلاف السابع في نص أبي بكر على عمر في الخلافة]

- ‌[قال الرافضي الخلاف الثامن في إمرة الشورى]

- ‌[الرد على مزاعم الرافضي عن اختلافات كثيرة وقعت من عثمان رضي الله عنه]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن عثمان رضي الله عنه زوج مروان بن الحكم وسلمه خمس غنائم إفريقية]

- ‌[الرد على زعم الرافضي أن عثمان آوى ابن أبي سرح وولاه مصر بعد أن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه]

- ‌[الرد على كلام الرافضي على عمال عثمان رضي الله عنه]

- ‌[كلام الرافضي على الخلاف التاسع الذي ذكره الشهرستاني]

- ‌[الفصل الثالث في الأدلة الدالة على إمامة علي رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المنهج الأول في الأدلة العقلية]

- ‌[الأول يجب أن يكون الإمام معصوما]

- ‌[الرد على المقدمة الأولى وهي قوله لا بد من إمام معصوم]

- ‌[الرد على المقدمة الثانية من كلام الرافضي وهي قولهم إذا كان لا بد من معصوم فليس بمعصوم غير علي]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الوجه الثاني من وجوه إمامة علي وهو وجوب النص على الإمام والرد عليه]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الوجه الثالث من وجوه إمامة علي رضي الله عنه يجب أن يكون حافظا للشرع]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الوجه الرابع من وجوه إمامة علي رضي الله عنه أن الله تعالى قادر على نصب إمام معصوم]

- ‌[فصل كلام الرافضي على الوجه الخامس من وجوه إمامة علي رضي الله عنه أن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته]

الفصل: ‌[السبب الثالث الأعمال الصالحة]

(1)

. وَأَمَّا الِاسْتِغْفَارُ بِدُونِ التَّوْبَةِ، فَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْمَغْفِرَةَ، وَلَكِنْ هُوَ سَبَبٌ مِنَ الْأَسْبَابِ.

[السبب الثالث الأعمال الصالحة]

ُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ هُودٍ: 114] وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم[لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ يُوصِيهِ: " «يَا مُعَاذُ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» "(2) .

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ] (3) : " «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (4) .

وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ

(1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) وَجَاءَتْ بَدَلًا مِنْهُ: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ الْآيَةَ، فَهَذِهِ لِمَنْ تَابَ.

(2)

جَاءَ الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ بِدُونِ عِبَارَةِ: يَا مُعَاذُ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/239 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي مُعَاشَرَةِ النَّاسِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ثُمَّ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثًا بَعْدَهُ ص 240 وَأَوَّلُ سَنَدِهِ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ. قَالَ مَحْمُودٌ: وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ. وَجَاءَ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فِي سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2/323 (كِتَابُ الرُّقَاقِ، بَابٌ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ) الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/153 وَفِي آخِرِهِ: وَقَالَ وَكِيعٌ: وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً عَنْ مُعَاذٍ، فَوَجَدْتُ فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ السَّمَاعُ الْأَوَّلُ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَرَّةً أُخْرَى 5/158 وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فَقَطْ 5/177 وَجَاءَ الْحَدِيثُ، وَأَوَّلُهُ: يَا مُعَاذُ. عَنْ مُعَاذٍ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/228 - 236 وَحَسَّنَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَمُعَاذٍ وَأَنَسٍ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 1/86

(3)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(4)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/198

ص: 212

إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» " (1) . وَقَالَ: "«مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» " (2) .

وَقَالَ: " «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ بِبَابِ أَحَدِكُمْ نَهْرًا غَمْرًا يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ كَانَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: كَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا كَمَا يَمْحُو الْمَاءُ الدَّرَنَ» ". وَهَذَا كُلُّهُ فِي الصَّحِيحِ (3) .

(1) الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ فَقَطْ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ: وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي: الْبُخَارِيِّ 1/12 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ صَوْمِ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الْإِيمَانِ) 3/26 (كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَنِيَّةً) 3/45 - 46 (كِتَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، بَابُ فَضْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ؛ مُسْلِمٍ 1/523 - 524 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2/66 - 67 (كِتَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ، بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ) .

(2)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 2/133 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ فَضْلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ) ؛ مُسْلِمٍ 2/983 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابٌ فِي فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ) وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُسْنَدِ.

(3)

الْحَدِيثُ بِدُونِ كَلِمَةِ " غَمْرًا " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 1/108 (كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَابٌ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسِ كَفَّارَةٌ) ؛ مُسْلِمٍ 1/462 - 463 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ) وَأَمَّا كَلِمَةُ غَمْرًا فَجَاءَتْ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِمَعْنَاهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي مُسْلِمٍ 1/463 وَنَصُّهُ: مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: وَمَا يُبْقِي ذَلِكَ مِنَ الدَّرَنِ؟ ! وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَسْنَدِهِ ط. الْمَعَارِفِ 18 143 رَقْمَ 9501 عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ثُمَّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ 18 144 رَقْمِ 9502 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ، وَالْحَدِيثُ عَنْ جَابِرٍ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/317 وَجَاءَ حَدِيثٌ ثَالِثٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه فِي: الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 3/67 - 68 أَوَّلُهُ: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: سَمِعْتُ سَعْدًا أَوْ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُونَ: كَانَ رَجُلَانِ أَخَوَانِ. . . . وَفِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي؟ . . وَفِيهِ: إِنَّمَا مَثَلُ الصَّلَاةِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ بِبَابِ رَجُلٍ غَمْرٍ عَذْبٍ، يَقْتَحِمُ فِيهِ. . . .، الْحَدِيثَ. وَفِي الشَّرْحِ: الْغَمْرُ: بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ: الْكَثِيرُ، أَيْ: يَغْمُرُ مَنْ دَخَلَهُ وَيُغَطِّيهِ.

ص: 213

وَقَالَ: " «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (1) .

وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ - تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سُورَةُ الصَّفِّ: 10 - 12] .

وَفِي الصَّحِيحِ: " «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ» "(2) وَمَا رُوِيَ: أَنَّ

(1) الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/124 - 125 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ) وَأَوَّلُهُ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ. قَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَجَاءَ حَدِيثُ مُعَاذٍ أَيْضًا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1314 - 1315 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ كَفِّ اللِّسَانِ فِي الْفِتْنَةِ) وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ أَيْضًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 2/61 - 62 (كِتَابُ الْجُمُعَةِ: السَّفَرُ، بَابٌ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ) وَأَوَّلُهُ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. كَمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي حَدِيثٍ ثَالِثٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1408 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْحَسَدِ) وَأَوَّلُهُ: الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ. وَحَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/231، 237، 248 وَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/321، 399

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ فِي مُسْلِمٍ 3/1502 (كِتَابُ الْإِمْرَةِ بَابُ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ؛ الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 12 13

ص: 214

" «شَهِيدَ الْبَحْرِ يُغْفَرُ لَهُ الدَّيْنُ» "، فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ (1) . وَالدَّيْنُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ (2) فَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِيفَائِهِ.

وَفِي الصَّحِيحِ: " «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ، وَصَوْمُ [يَوْمِ] (3) عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ» "(4) . وَمِثْلُ هَذِهِ النُّصُوصِ كَثِيرٌ، وَشَرْحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَحْتَاجُ إِلَى بَسْطٍ [كَثِيرٍ](5) .

(1) هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/928 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فَضْلِ غَزْوِ الْبَحْرِ) وَأَوَّلُهُ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَشَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيِ الْبَرِّ، الْحَدِيثَ وَفِيهِ: وَيُغْفَرُ لِشَهِيدِ الْبِرِّ الذُّنُوبُ كُلُّهَا إِلَّا الدَّيْنَ، وَلِشَهِيدِ الْبَحْرِ الذُّنُوبُ وَالدَّيْنُ. وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِي ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ 2/251: مَوْضُوعٌ. وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ وَالْمَوْضُوعَةِ 2/222 - 223

(2)

ح: الْآدَمِيِّ، ب: آدَمِيٌّ.

(3)

يَوْمِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(4)

الْحَدِيثُ فِي إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ 4/111 - 112 بِلَفْظِ: صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ مَاضِيَةٍ وَمُسْتَقْبَلَةٍ، وَصَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً مَاضِيَةً. وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ وَلَمْ يُخْرِجْهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الصُّغْرَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه فِي: مُسْلِمٍ 2/818 - 819 (كِتَابُ الصِّيَامِ، بَابُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) وَأَوَّلُهُ: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ. وَانْظُرْ كَلَامَ الْأَلْبَانِيِّ عَلَيْهِ فِي إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ 4/108 - 110 رَقْمَ 952 وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُودِ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْمُسْنَدِ وَسُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ بِرِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ

(5)

كَثِيرٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

ص: 215

فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقُولُ: إِذَا كُفِّرَ عَنِّي بِالصَّلَوَاتِ (1)[الْخَمْسِ](2) ، فَأَيُّ شَيْءٍ تُكَفِّرُ [عَنِّي] الْجُمُعَةُ (3) أَوْ رَمَضَانُ، وَكَذَلِكَ صَوْمُ [يَوْمِ](4) عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ؟ [وَبَعْضُ النَّاسِ يُجِيبُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُمْ دَرَجَاتٌ إِذَا لَمْ تَجِدْ مَا تُكَفِّرُهُ مِنَ السَّيِّئَاتِ](5) .

فَيُقَالُ (6) : أَوَّلًا: الْعَمَلُ الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيُكَفِّرُ بِهِ (7) السَّيِّئَاتِ هُوَ الْعَمَلُ الْمَقْبُولُ.

وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.

وَالنَّاسُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (8 وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 27] 8)(8)[ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ](9) : طَرَفَانِ وَوَسَطٌ. فَالْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ يَقُولُونَ: لَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ إِلَّا مِمَّنِ اتَّقَى الْكَبَائِرَ. وَعِنْدَهُمْ صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَسَنَةٌ (10) بِحَالٍ. وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: مَنِ اتَّقَى الشِّرْكَ. وَالسَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ يَقُولُونَ: لَا يَتَقَبَّلُ إِلَّا مِمَّنِ اتَّقَاهُ (11) فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فَفَعَلَهُ

(1) ن، م: إِذَا كَفَّرَتِ الصَّلَوَاتُ.

(2)

الْخَمْسِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(3)

ن: تُكَفِّرُهُ الْجُمُعَةُ.

(4)

يَوْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(5)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(6)

ن، م: فَائِدَةً.

(7)

ن: وَيُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ.

(8)

(8 - 8) زِيَادَةٌ فِي (ن) ، (م) فَقَطْ.

(9)

عِبَارَةُ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(10)

ن: لَا تُقْبَلُ لَهُ حَسَنَةٌ؛ لَا تُقْبَلُ لَهُ حَسَنَاتٌ.

(11)

ن، م: مِمَّنِ اتَّقَى.

ص: 216

كَمَا أُمِرَ بِهِ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [سُورَةُ هُودٍ: 7] . قَالَ: أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ. قِيلَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ مَا أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ؟ قَالَ: إِنَّ الْعَمَلَ إِذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا. وَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ.

فَصَاحِبُ الْكَبَائِرِ (1) إِذَا اتَّقَى اللَّهَ فِي عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُ، وَمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فِي عَمَلٍ لَمْ يَتَقَبَّلْهُ مِنْهُ، وَإِنْ تَقَبَّلَ مِنْهُ عَمَلًا آخَرَ.

وَإِذَا كَانَ اللَّهُ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ مِمَّنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ [بِهِ](2)، فَفِي السُّنَنِ عَنْ عَمَّارٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ عَنْ (3) صَلَاتِهِ وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ مِنْهَا (4) إِلَّا نِصْفُهَا، إِلَّا ثُلْثُهَا، إِلَّا رُبْعُهَا، حَتَّى قَالَ: إِلَّا عُشْرُهَا» "(5) .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ لَكَ مِنْ صَلَاتِكَ إِلَّا مَا عَقَلْتَ مِنْهَا.

وَفِي الْحَدِيثِ: " «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» "(6) . وَكَذَلِكَ الْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَغَيْرُهُمَا.

(1) ح، ب: الْكَبِيرَةِ.

(2)

بِهِ: زِيَادَةٌ فِي (ر) .

(3)

ن، م: مِنْ.

(4)

مِنْهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) ، (ر) .

(5)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/195

(6)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/196

ص: 217

وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا، وَهُوَ فِي السُّنَنِ:" «الْغَزْوُ غَزْوَانِ: فَغَزْوٌ يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، وَيُطَاعُ فِيهِ الْأَمِيرُ، وَتُنْفَقُ فِيهِ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ، وَيُيَاسَرُ فِيهِ الشَّرِيكُ، وَيُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، وَيُتَّقَى فِيهِ الْغُلُولُ، فَذَلِكَ الَّذِي لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ. وَغَزْوٌ لَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، وَلَا يُطَاعُ فِيهِ الْأَمِيرُ، وَلَا تُنْفَقُ فِيهِ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ، وَلَا يُيَاسَرُ (1) فِيهِ الشَّرِيكُ، وَلَا يُجْتَنَبُ فِيهِ الْفَسَادُ، وَلَا يُتَّقَى فِيهِ الْغُلُولُ، فَذَاكَ حَسْبُ صَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ كَفَافًا» "(2) .

وَقِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ: الْحَاجُّ كَثِيرٌ. فَقَالَ: الدَّاجُّ كَثِيرٌ، وَالْحَاجُّ قَلِيلٌ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.

فَالْمَحْوُ وَالتَّكْفِيرُ يَقَعُ بِمَا يُتَقَبَّلُ مِنَ الْأَعْمَالِ. وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُقَصِّرُونَ فِي الْحَسَنَاتِ، حَتَّى فِي نَفْسِ صَلَاتِهِمْ. فَالسَّعِيدُ مِنْهُمْ مَنْ يُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا، وَهُمْ يَفْعَلُونَ السَّيِّئَاتِ كَثِيرًا؛ فَلِهَذَا يُكَفَّرُ بِمَا يُقْبَلُ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ شَيْءٌ، وَبِمَا يُقْبَلُ مِنَ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ، وَبِمَا يُقْبَلُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ شَيْءٌ آخَرُ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، وَلَيْسَ كُلُّ حَسَنَةٍ تَمْحُو كُلَّ سَيِّئَةٍ، بَلِ الْمَحْوُ يَكُونُ لِلصَّغَائِرِ تَارَةً، وَيَكُونُ لِلْكَبَائِرِ [تَارَةً](3) ، بِاعْتِبَارِ الْمُوَازَنَةِ.

وَالنَّوْعُ الْوَاحِدُ مِنَ الْعَمَلِ قَدْ يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ عَلَى وَجْهٍ يَكْمُلُ فِيهِ

(1) ن، م: وَلَا يُبَاشَرُ.

(2)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/20 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِيمَنْ يَغْزُو وَيَلْتَمِسُ الدُّنْيَا) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 6/41 (كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ فَضْلِ الصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل 7/139 (كِتَابُ الْبَيْعَةِ، بَابُ التَّشْدِيدِ فِي عِصْيَانِ الْأَمِيرِ) ؛ سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2/208 (كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ الْغَزْوِ غَزْوَانِ) الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 5/234

(3)

تَارَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

ص: 218

إِخْلَاصُهُ وَعُبُودِيَّتُهُ لِلَّهِ، فَيَغْفِرُ [اللَّهُ] لَهُ بِهِ (1) كَبَائِرَ. كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمَا [عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ] (2) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:" «يُصَاحُ بِرَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ، فَيُنْشَرُ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مِنْهَا مَدَّ الْبَصَرِ. فَيُقَالُ: هَلْ تُنْكِرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: لَا يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: لَا ظُلْمَ عَلَيْكَ. فَتَخْرُجُ لَهُ بِطَاقَةٌ قَدْرَ الْكَفِّ، فِيهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: أَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ الْبِطَاقَةُ مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَتُوضَعُ [هَذِهِ] (3) الْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، وَالسِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، فَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ وَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ» "(4) .

فَهَذِهِ (5) حَالُ مَنْ قَالَهَا بِإِخْلَاصٍ وَصِدْقٍ، كَمَا قَالَهَا هَذَا الشَّخْصُ. وَإِلَّا فَأَهْلُ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ دَخَلُوا النَّارَ كُلُّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،

(1) ن: فَيَغْفِرُ لَهُ بِهِ.

(2)

مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)

هَذِهِ: زِيَادَةٌ فِي (ح) ، (ب) .

(4)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/123 - 124 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابٌ فِيمَنْ يَمُوتُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَأَوَّلُهُ فِيهِ: إِنَّ اللَّهَ سَيُخَلِّصُ رَجُلًا مِنْ أُمَّتِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الْحَدِيثَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَهُوَ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1437 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ مَا يُرْجَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ؛ الْمُسْنَدِ ط. الْمَعَارِفِ 11 197 - 200 وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَد شَاكِر رحمه الله: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ: إِنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 1/529 وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. وَنَقَلَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ،. . . . السِّجِلُّ بِكَسْرِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ: هُوَ الْكِتَابُ الْكَبِيرُ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْبِطَاقَةُ - بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ - الرُّقْعَةُ، وَأَهْلُ مِصْرَ يَقُولُونَ لِلْبِطَاقَةِ: رُقْعَةٌ.

(5)

ن، م: فَهَذَا.

ص: 219

وَلَمْ يَتَرَجَّحْ قَوْلُهُمْ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ، كَمَا تَرَجَّحَ قَوْلُ صَاحِبِ الْبِطَاقَةِ.

وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا، فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ. ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقَى، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ (1) ، فَغَفَرَ لَهُ» "(2) .

وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «إِنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ، فَنَزَعَتْ [لَهُ] مُوقَهَا، [فَسَقَتْهُ بِهِ] ، فَغُفِرَ لَهَا» "(3) . وَفِي لَفْظٍ [فِي الصَّحِيحَيْنِ](4)«أَنَّهَا كَانَتْ بَغِيًّا مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ» (5) .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) ر: لَهُ ذَلِكَ.

(2)

الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 3/111 - 112 (كِتَابُ الشُّرْبِ وَالْمُسَاقَاةِ، بَابُ فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ) 3/132 - 133 (كِتَابُ الْمَظَالِمِ، بَابُ الْآبَارِ عَلَى الطُّرُقِ إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ بِهَا) ؛ مُسْلِمٍ 4/1761 (كِتَابُ السَّلَامِ، بَابُ فَضْلِ سَاقِي الْبَهَائِمِ الْمُحْتَرَمَةِ وَإِطْعَامِهَا) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/33 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْبَهَائِمِ) ؛ الْمُوَطَّأِ 2/929 - 930 (كِتَابُ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بَابُ جَامِعِ مَا جَاءَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ) . وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ.

(3)

ن، م: فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَغُفِرَ لَهَا، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/297

(4)

فِي الصَّحِيحَيْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(5)

فِي: الْبُخَارِيِّ 4/173؛ مُسْلِمٍ 4/1761 وَأَدْلَعَ لِسَانَهُ: أَدْلَعَ وَدَلَعَ لُغَتَانِ، أَيْ: أَخْرَجَهُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ، الْمُوقُ: الْخُفُّ.

ص: 220

قَالَ: " «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي [فِي طَرِيقٍ] (1) وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» "(2) .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ، رَبَطَتْهَا: لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» "(3) .

فَهَذِهِ سَقَتِ الْكَلْبَ بِإِيمَانٍ خَالِصٍ كَانَ فِي قَلْبِهَا (4) فَغُفِرَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ بَغِيٍّ سَقَتْ كَلْبًا يُغْفَرْ لَهَا. وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي نَحَّى غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَعَلَهُ إِذْ ذَاكَ بِإِيمَانٍ خَالِصٍ، [وَإِخْلَاصٍ] قَائِمٍ بِقَلْبِهِ (5) ، فَغُفِرَ لَهُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تَتَفَاضَلُ بِتَفَاضُلِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِخْلَاصِ، وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ

(1) ن، م: بِطَرِيقٍ.

(2)

هَذَا هُوَ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 1/128 (كِتَابُ الْأَذَانِ، بَابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ) ؛ مُسْلِمٍ 3/1521 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ بَيَانِ الشُّهَدَاءِ) 4/2021 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ فَضْلِ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/490 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابٌ فِي إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/230 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) ؛ وَالْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْمُسْنَدِ.

(3)

الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الْبُخَارِيِّ 4/130 (كِتَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ، بَابُ خَمْسٍ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ) وَهُوَ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْبُخَارِيِّ؛ مُسْلِمٍ 4/2022 - 2023 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ تَعْذِيبِ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا) وَالْحَدِيثُ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ فِي مُسْلِمٍ، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ فِي الْمُسْنَدِ.

(4)

عِبَارَةُ كَانَ فِي قَلْبِهَا سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) ، (ب) .

(5)

ن، م: بِإِيمَانٍ خَالِصٍ قَامَ بِقَلْبِهِ.

ص: 221

صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ نَحَّى غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ يُغْفَرُ لَهُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 37] . فَالنَّاسُ (1) يَشْتَرِكُونَ فِي الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا، وَاللَّهُ لَا يَنَالُهُ الدَّمُ الْمُهْرَاقُ وَلَا اللَّحْمُ الْمَأْكُولُ، وَالتَّصَدُّقُ (2) بِهِ، لَكِنْ يَنَالُهُ تَقْوَى الْقُلُوبِ.

وَفِي الْأَثَرِ: «إِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَكُونُ مَقَامُهُمَا فِي الصَّفِّ وَاحِدًا، وَبَيْنَ صَلَاتَيْهِمَا كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» .

فَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ يَعْظُمُ قَدْرُهَا [وَيَصْغُرُ قَدْرُهَا](3) بِمَا فِي الْقُلُوبِ، وَمَا فِي الْقُلُوبِ يَتَفَاضَلُ، لَا يَعْرِفُ مَقَادِيرَ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا اللَّهُ - عَرَفَ الْإِنْسَانُ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ كُلَّهُ حَقٌّ، وَلَمْ يَضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [سُورَةُ الْمُؤْمِنُونَ: 60] .

وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَهُوَ (4) الرَّجُلُ يَزْنِي وَيَسْرِقُ (5) وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَخَافُ أَنْ يُعَاقَبَ؟ قَالَ: لَا

(1) ن، م: فَإِنَّ النَّاسَ.

(2)

ب: وَالْمُتَصَدِّقُ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(3)

وَيَصْغُرُ قَدْرُهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(4)

ن، م: هُوَ.

(5)

م، ر: يَسْرِقُ وَيَزْنِي.

ص: 222

يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، بَلْ هُوَ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَيَخَافُ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ» " (1) .

[وَقَدْ ثَبَتَ] فِي الصَّحِيحَيْنِ (2) عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أَحَدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» "(3) .

وَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ حِينَ الْإِنْفَاقِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَقِلَّةِ أَهْلِهِ، وَكَثْرَةِ الصَّوَارِفِ عَنْهُ، وَضَعْفِ الدَّوَاعِي (4) إِلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِثْلُهُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ. وَهَذَا مِمَّا يَعْرِفُ بَعْضَهُ مَنْ ذَاقَ الْأُمُورَ، وَعَرَفَ الْمِحَنَ وَالِابْتِلَاءَ الَّذِي يَحْصُلُ لِلنَّاسِ، وَمَا يَحْصُلُ لِلْقُلُوبِ مِنَ الْأَحْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ.

وَهَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه لَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِثْلَهُ، فَإِنَّ الْيَقِينَ وَالْإِيمَانَ الَّذِي كَانَ فِي قَلْبِهِ لَا يُسَاوِيهِ فِيهِ أَحَدٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ (5) : مَا سَبَقَهُمْ أَبُو بَكْرٍ بِكَثْرَةِ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ، وَلَكِنْ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي قَلْبِهِ.

وَهَكَذَا سَائِرُ الصَّحَابَةِ حَصَلَ لَهُمْ بِصُحْبَتِهِمْ لِلرَّسُولِ، مُؤْمِنِينَ بِهِ مُجَاهِدِينَ مَعَهُ، إِيمَانٌ وَيَقِينٌ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ مَنْ بَعْدَهُمْ.

(1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/268

(2)

ر: وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، ن، م: وَفِي الصَّحِيحِ.

(3)

ن، م: وَلَا نِصْفَهُ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/20 - 21.

(4)

ح، ر: الدَّاعِي.

(5)

ن: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، م: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ.

ص: 223

وَ [قَدْ ثَبَتَ] فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (1) عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَتْ (2) أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» " (3) .

(1) ن، م: وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.

(2)

ن: ذَهَبَ.

(3)

جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 4/398 - 399 عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَلَكِنَّهُ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ ابْنٌ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ اسْمُهُ الْحَارِثُ، وَقِيلَ: عَامِرٌ، وَقِيلَ: اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، انْظُرْ: تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 12 18 - 19 تَذْكِرَةَ الْحُفَّاظِ 1/95، وَنَصُّ الْحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ 4/1961 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ بَقَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَانٌ لِأَصْحَابِهِ) قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ، قَالَ: فَجَلَسْنَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ. قَالَ: أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ. قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ. . الْحَدِيثَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 16 83 وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: الْأَمَنَةُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ، وَالْأَمْنُ وَالْأَمَانُ بِمَعْنًى، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النُّجُومَ مَا دَامَتْ بَاقِيَةً فَالسَّمَاءُ بَاقِيَةٌ، فَإِذَا انْكَدَرَتِ النُّجُومُ وَتَنَاثَرَتْ فِي الْقِيَامَةِ وَهَنَتِ السَّمَاءُ فَانْفَطَرَتْ وَانْشَقَّتْ وَذَهَبَتْ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، أَيْ: مِنِ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ وَارْتِدَادِ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْأَعْرَابِ وَاخْتِلَافِ الْقُلُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا أَنْذَرَ بِهِ صَرِيحًا، وَقَدْ وَقَعَ كُلُّ ذَلِكَ، قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ. مَعْنَاهُ ظُهُورُ الْبِدَعِ وَالْحَوَادِثِ فِي الدِّينِ وَالْفِتَنِ فِيهِ، وَطُلُوعُ قَرْنِ الشَّيْطَانِ، وَظُهُورُ الرُّومِ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَانْتِهَاكُ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 224

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «لَيَأْتِينَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو [فِيهِ] (1) فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ» " وَفِي لَفْظٍ (2) : " «هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ. ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو [فِيهِ] (3) فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ (4) فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ» ". هَذَا لَفْظُ بَعْضِ الطُّرُقِ، وَالثَّلَاثُ الطَّبَقَاتُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، وَأَمَّا الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ فَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي بَعْضِهَا (5) .

وَقَدْ ثَبَتَ ثَنَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَقُولُ فِيهَا:

(1) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)

سَاقِطَةٌ مِنْ (ح) .

(3)

فِيهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(4)

ر: مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ب: مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ح: مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَ مَنْ صَاحَبَهُمْ، مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَزَادَتْ ن، م: بَعْدَ مَا أَثْبَتُّهُ: ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ يَغْزُو فِيهِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

(5)

الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه فِي الْبُخَارِيِّ 4/37 (كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ مَنِ اسْتَعَانَ بِالضُّعَفَاءِ وَالصَّالِحِينَ) 4/197 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) 5/2 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْبَابُ الْأَوَّلُ) ؛ مُسْلِمٍ 4/1962 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ فَضْلِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) ؛ الْمُسْنَدِ ط. الْحَلَبِيِّ 3/7

ص: 225

" «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» " وَيَشُكُّ بَعْضُ الرُّوَاةِ هَلْ ذَكَرَ بَعْدَ [قَرْنِهِ](1) قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً (2) .

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ فَضْلَ الْأَعْمَالِ وَثَوَابَهَا لَيْسَ لِمُجَرَّدِ صُوَرِهَا الظَّاهِرَةِ، بَلْ لِحَقَائِقِهَا الَّتِي فِي الْقُلُوبِ. وَالنَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ ذَلِكَ تُفَاضُلًا عَظِيمًا. وَهَذَا مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ رَجَّحَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى كُلِّ [وَاحِدٍ] مِمَّنْ بَعْدَهُمْ (3) ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ جُمْلَةَ الصَّحَابَةِ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ التَّابِعِينَ، لَكِنْ هَلْ يُفَضَّلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، وَيُفَضَّلُ مُعَاوِيَةُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟

ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ [وَغَيْرُهُ](4) فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الْأَكْثَرِينَ يُفَضِّلُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا مَأْثُورٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمَا.

وَمِنْ حُجَّةِ هَؤُلَاءِ أَنَّ أَعْمَالَ التَّابِعِينَ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ، وَعَدْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَظْهَرُ مِنْ عَدْلِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ أَزْهَدُ مِنْ مُعَاوِيَةَ، لَكِنَّ الْفَضَائِلَ عِنْدَ اللَّهِ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّذِي فِي الْقُلُوبِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» "(5) .

قَالُوا: فَنَحْنُ قَدْ نَعْلَمُ أَنَّ أَعْمَالَ [بَعْضِ](6) مَنْ بَعْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَعْمَالِ بَعْضِهِمْ، لَكِنْ مِنْ أَيْنَ نَعْلَمُ (7) أَنَّ مَا فِي قَلْبِهِ مِنِ الْإِيمَانِ أَعْظَمُ مِمَّا فِي قَلْبِ ذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ أَنَّ جَبَلَ ذَهَبٍ مِنَ الَّذِينَ

(1) قَرْنِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .

(2)

سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/35

(3)

ن، م: عَلَى كُلِّ مَنْ بَعْدَهُمْ.

(4)

وَغَيْرُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)(م) .

(5)

ن، م: وَلَا نَصْفَهُ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ ص 223

(6)

بَعْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)(م) .

(7)

ح: يُعْلَمُ.

ص: 226