المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث - موارد الظمآن لدروس الزمان - جـ ٥

[عبد العزيز السلمان]

الفصل: ‌(فصل)كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث

الله ? طويلاً ثُمَّ قال لي: «إِنِّي فَاعِلٌ فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» .

شِعْرًا:

يَا أَيُّهَا الرَّاقِدُ كَمْ تَرْقُدُ

قُمْ يَا حَبِيبِي قَدْ دَنَا الْمَوْعِدُ

وَخُذْ مِنَ اللَّيْلِ وَسَاعَاَتِهِ

حَظًّا إِذَا مَا هَجَعَ الرُّقَّدُ

مَنْ نَامَ حَتَّى يَنْقَضِي لَيْلَهُ

لَمْ يَبْلُغ الْمَنْزِلَ لَوْ يَجْهَدُ

قُلْ لِذِي الأَلْبَابِ أَهْلِ التُّقَى

قَنْطَرَةُ الْحَشْرِ لَكُمْ مَوْعِدُ

اللَّهُمَّ نَجّنا برحمتِكَ مِن النارِ وعافِنا من دار الخِزْيَ والبَوَار، وَأَدْخِلنا بفَضْلِكَ الجنةَ دارَ القَرار وعامِلْنَا بكَرَمِكَ وَجودِكَ يا كَرِيمُ يا غَفارُ وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

كَانَ الْفُقَهَاء يتواصون بينهم بثلاث

ويكتب بذَلِكَ بَعْضهمْ إلى بعض من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح فيما بينه وبين الله أصلح الله تَعَالَى فيما بينه وبين النَّاس.

وَقَالَ مُحَمَّد بن كعب القرظي: إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل فيه ثلاث خلال: فقه في الدين، وزهادة في الدُّنْيَا، وبصرٍ بعيوبه.

وَقَالَ الحسن بن صالح: الْعَمَل بالحسنة قوة في البدن، ونور في الْقَلْب، وضوء في البصر، والْعَمَل بالسيئ، وهن في البدن، وظلمة في الْقَلْب، وعمًى في البصر.

وكتب الخسن البصري إلى عمر بن عَبْد الْعَزِيز يعظه: احتمال المؤنة المنقطعة التي تعقبها الرَّاحَة الطويلة خَيْر من تعجل راحة منقطعة تعقبها مؤنة باقية وندامة طويلة.

واعْلَمْ أن الهول الأعظم أمامك ومن وراء ذَلِكَ داران إن أخطأتك هذه صرت على هذه، وكأنك بالدُّنْيَا لم تكن وبالآخِرَة لكم تزل.

وكتب أحد عمال عمر بن عَبْد الْعَزِيز إليه (إلى مدينتنا قَدْ تهدمت فإن

ص: 639

رأى أمير الْمُؤْمِنِين أن يقطع لنا مالاً نرمها به فعل، فكتب عمر إليه: إذا قرأت كتابي ها فحصنها بالعدل ونق طرقها من الظلم فإنه عمارتها.

وقيل: الدين والملك إِخْوَان توأمان لا قوام لأحدهما إِلا بصاحبه، لأن الدين أساس الملك، ثُمَّ صار الملك بعد حارسًا للدين فَلا بُدَّ للملك من أساس، ولا بد للدين من حارس، وما لا حارس له فهو ضائع، وما لا أساس له فهو مهدوم.

كَانَ جماعة من الملوك يوعظون فيؤثر الوعظ في قُلُوبهمْ فيخرجون من ملكهم ودنياهم ويزهدون وكَانَ فيهم من يتفكر في نَفْسهُ ويعلم انقطاع الدُّنْيَا عَنْهُ وقرب رحيله منها ويخاف شدة الحساب وأهوال القيامة وما إلى ذَلِكَ فينفر من الدُّنْيَا ويزهد في الولاية وكل من تدبر القرآن وتأمل أحوال من مضى لا بد أن يتأثر ويتجافى عن الدُّنْيَا ولكن مقل ومكثر إِلا من عميت بصيرته.

شِعْرًا:

يَا خَدُّ إِنَّكَ إِنْ تُوسَدَ لَيِّنًا

وُسِّدْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ صُمَّ الْجَنْدَلِ

فَامْهَدْ لِنَفْسِكَ صَالِحًا تَسْعَدْ بِهِ

فَلَتَنْدَمَنَّ غَدًا إِذَا لَمْ تَفْعَلِ

قال تَعَالَى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} ، وَقَالَ تَعَالَى:{أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} ، وَقَالَ:{اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ} .

قال تَعَالَى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً} ، وَقَالَ:{وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} .

روى ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رجل ممن كَانَ قبلكم في مملكته تفكر فعلم أن ذَلِكَ منقطع عَنْهُ وأن الَّذِي هُوَ فيه قَدْ شغله عن عبادة ربه تَعَالَى فخَرَجَ ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره فأتى ساحل البحر وكَانَ يضرب اللبن بالأجرة فيأكل ويتصدق بالفضل من قوته فلم يزل كَذَلِكَ حتى رفع إلى ملك تلك الناحية.

فأرسل الملك إليه أن يأتيه فأعاد إليه الرَّسُول فأبى وَقَالَ: ماله وإياي فركب الملك فَلَمَّا رآه الرجل ولى هاربًا فَلَمَّا رأى ذَلِكَ الملك جد في أثره فلم

ص: 640

يدركه فناداه يا عَبْد اللهِ إنه لَيْسَ عَلَيْكَ مني بأس فأقام حتى أدركه.

فَقَالَ له: من أَنْتَ يرَحِمَكَ اللهُ قال: فلان بن فلان صَاحِب كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: وما شأنك، فَقَالَ: تفكرت في أمري فعلمت أن ما أَنَا فيه منقطع عني لا محالة وأنه قَدْ شغلني عن عبادة رَبِّي فتركته وجئت هنا أعبد رَبِّي عز وجل.

فَقَالَ: ما أَنْتَ بأحوج إلى ما صنعت مني فنزل عن دابته فسيبها وإلى ثيابه فألقى بها ثُمَّ أتبعه فكانَا جميعا فدعوا الله تَعَالَى أن يميتهما جميعا فماتا. قال ابن مسعود: ولو كنت برملية مصر لأريتكم قبريهما بالنعت الَّذِي نعت لنا رسول الله ?. رواه أَحَمَد، وأبو يعلى بنحوه.

إِلَى اللهِ أَشْكُو لَوْمَ نَفْسٍ شَحِيحَة

عَلَى الْخَيْرِ قَدْ أَضْنَى فُؤَادِي عَلاجُهَا

إِذَا سَأَلْتَنِي شَهْوَة قَدْ مَنَعْتُهَا

أَدَامَتْ سُؤَإلى وَاسْتَمَرَّ لَجَاجُهَا

وَإِنْ سُمْتُهَا خَيْرًا تَفُوزُ بِنَفْعِهِ

غَدًا نَفَرتْ مِنِّي وَدَامَ انْزِعَاجَهَا

فَقَدْ ضِقْتُ يَا مَوْلايَ ذَرْعًا وَأَظْلَمَتْ

عَليَّ الأَرَاضِي الْوَاسِعَات فِجَاجُهَا

فَهَبْ لِيَّ يَا نُوار السَّمَاوَاتِ فِطْرَةً

يُضِيءُ لِعَيْنِي فِي السُّلُوكَ سَرَاجُهَا

وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَمَ.

فَصْلٌ: ثُمَّ اعْلَمْ أن الدُّنْيَا بأسرها وبجَمِيع لذاتها لا تساوي في باب السعادة واللذة الروحية شَيْئًا قال الإمام علي رضي الله عنه: أصاب الدُّنْيَا من حذرها وأصابت من أمنها، وَقَالَ: الدُّنْيَا لا تصفوا لشارب ولا تبقي لصَاحِب ولا تخلوا من فتنة ولا تنكشف إِلا عن محنة.

فأعرض بقلبك عَنْهَا قبل أن تعرض عَنْكَ واستبدل بها خيرًا منها قبل أن تستبدل بك فإن نعيمها متحول وأحوالها متنقلة ولذاتها فانية وتباعتها باقية.

واعْلَمْ أن مثل الدُّنْيَا كمثل الحية لين مسها قاتل سمها فاقتصد فيما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها وكن أحذرهر ما تَكُون لها وأَنْتَ آنس بها فإن صاحبها كُلَّما اطمأن منها إلى سرور أشخصه لك مكروه أو غرور.

وَقَالَ آخر: وجملت الأَمْر أنك إذا نظرت بعقلك أيها الرجل فعلمت

ص: 641

أن الدُّنْيَا لا بقاء لها، وأن نفعها لا يفي بضرها وتبعاتها من كد البدن وشغل الْقَلْب في الدُّنْيَا والْعَذَاب الإليمِ والحساب الطويل في الآخِرَة الَّذِي لا طاقة لك به.

فإذا علمت ذَلِكَ جدًا زهدت في فضول الدُّنْيَا فلا تأخذ منها إِلا ما لا بدًا لك منه في عبادة ربك وتدع التنعم والتلذذ إلى الْجَنَّة دار النَّعِيم الْمُقِيم في جوار رب العالمين الملك القادر الغني الكريم وعلمت أن الخلق لا وفاء لَهُمْ. قال الواصف لحال أَهْل وقته:

غَاضَ الْوَفَاءُ فَمَا تَلْقَاهُ فِي عِدَّةٍ

وَأَعُوذُ الصِّدْقَ فِي الأَخْبَار وَالْقسم

وعلمت أن مؤنة الخلق أكثر من معونتهم فيما يعنيك وتركت مخالطتهم إِلا فيما لا بد لك منه تنتفع بخيرهم وتجتنب من ضرهم وتجعل صحبتك لمن تربح في صحبته ولا تخسر ولا تندم على خدمته وأنسك بكتابه وملازمتك إياه.

فَشَمِّرْ وَلُذْ بِاللهِ وَاحْفَظْ كِتَابَهُ

فَفِيهِ الْهُدَى حَقًّا وَلِلْخَيْرِ جَامِعُ

هُوَ الذَّخْرُ لِلْمَلْهُوفِ وَالْكَنْزُ وَالرَّجَا

وَمِنْهُ بِلا شَكٍّ تُنَالُ الْمَنَافِعُ

بِهِ يَهْتَدِي مَنْ تَاهَ فِي مُهِمَّهِ الْهَوَى

بِهِ يَتَسَلَّى مَنْ دَهَتْهُ الْفَجَائِعُ

فتَرَى منه كُلّ جميل وإفضال وتجده عَنْدَ كُلّ نائبة في الدُّنْيَا والآخِرَة كما في الْحَدِيث: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك» . وفي رواية: «تجده أمامك، تعرف إِلَى اللهِ في الرخاء يعرفك في الشدة» . الْحَدِيث.

واعْلَمْ أن الشيطان خبيث قَدْ تجرد لمعادتك فاستعذ بربك القادر القاهر من هذا الكلب اللعين ولا تغفل عن مكائده فتطرده بذكر الله والاستعاذة من شره.

فإنه يسير إذا ظهرت منك عزيمة صادقة وأنه كما قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} نسأل الله أن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة رسوله ?.

ص: 642

وَقَالَ آخر: ما الدُّنْيَا وما إبلَيْسَ، أما الدُّنْيَا فما مضى منها فحلم وما بقى فأماني، وأما الشيطان فوَاللهِ لَقَدْ أطيع فما نفع بل ضر، ولَقَدْ عصي فما ضر.

وعلمت جهالة هذه النفس وجماحها إلى ما يضرها ويهلكها فنظرت إليها رحمة لها نظرة العقلاء والْعُلَمَاء الَّذِينَ ينظرون في العواقب.

لا نظر الجهال والصبيان الَّذِينَ ينظرون في الحال ولا يفطنون لغائلة الأَذَى وينفرون من مرارة الدواء فألجمها بلجام التقوى بأن تمنعها عما لا تحتاج إليه بالحَقِيقَة من فضول الكلام والنظر والتلبيس بخصلة فاسدة من طول أمل أو حسد أو كبر أو نحو ذَلِكَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أن الشيطان قاسم أباك وأمك حواء إنه لهما لمن الناصحين، وقَدْ علمت كذبه وغشه ورَأَيْت فعله بهما وأما أَنْتَ فقَدْ أقسم أن يغويك قال:{فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} فاحذره وشمر عن ساق الجد في الفرار عن مكائده والعجب ممن يصدق في عدواته ويتبع غوايته.

وَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى

حُبِّ الرِّضَاعِ وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ

وَرَاعِهَا وَهِيَ فِي الأَعْمَالِ سَائِمَةً

وَإِنْ هِيَ اسْتَحْلَتْ الْمرعَى فَلا تُسَمِ

كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلْمَرْءِ قَاتِلَةً

مِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ أَن السُّمَّ فِي الدَّسَمِ

وَخَالِفِ النَّفْسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا

وَإِنْ هُمَا مَحَّضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ

وَاسْتَفْرِغِ الدَّمْعَ مِِنْ عَيْنٍ قَدْ امْتَلأتْ

مِن الْمَحَارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَّدَمِ

قال في الفنون: من عجيب ما نقدت من أحوال النَّاس كثرة ما ناحوا على خراب الديار وموت الأقارب والأسلاف والتحسر على الأرزاق بذم الزمان وأهله وذكر نكد العيش فيه.

وقَدْ رأوا من انهدام الإسلام وشعث الأديان وموت السُّنَن وظهور البدع وارتكاب المعاصي وتقضي العمر في الفارغ الَّذِي لا يجدي والقبيح الَّذِي يوبق ويؤذي فلا أجد مِنْهُمْ من ناح على دينه ولا بكى على فارط عمره ولا آسى على فائت دهره.

وما أرى لذَلِكَ سببًا إِلا قلة مبالاتهم بالأديان وعظم الدُّنْيَا في عيونهم ضد

ص: 643

ما كَانَ عَلَيْهِ السَّلَف الصالح يرضون بالبلاغ وينوحون على الدين، قُلْتُ: فَكَيْفَ لو رأى أَهْل هذا الزمن الَّذِي كثرت فيه المعاصي والملاهي وانفتحت فيه الدُّنْيَا على كثير من النَّاس فلا حول ولا قوة إِلا بِاللهِ.

ومن عجب ما رَأَيْت أَنَا أن أحدنا إذ ناداه أمير أو وزير أو مساعد أو مدير يبادر ويقوم بسرعة لداعي الدُّنْيَا ولا يتأخر ويسمَعَ داعي الله يدعوه إلى الصَّلاة التي هِيَ الصلة بينه وبين ربه جَلَّ وَعَلا وتقدس فيتثاقل ولا يهتم لها وإن قام بعد التريث فكأنه مكره يدفع إليها دفعا عكس ما عَلَيْهِ السَّلَف الصالح من المبادرة والمرابطة وترك الأعمال فورًا عِنْدَمَا يسمعون (حي على الصَّلاة، حي على الفلاح) وكثير من المساجد عندهم تجد الصف الأول يتم قبل الأذان وقَدْ ازداد الطين بلة بما حدث عندنا من المنكرات قتالة الأوقات، مفرقة النُّفُوس والأبدان، ومشتت القُلُوب، وَذَلِكَ كالتلفزيون والمذياع والفيديو والجرائد والمجلات ومخالطة المنحرفين والفاسقين والكافرين والمجرمين أبعدهم الله.

سَيْرُ الْمَنَايَا إِلَى أَعْمَارِنَا خَبَبُ

فَمَا تَبِينُ وَلا يَعْتَاقُهَا نَصَبُ

كَيْفَ النَّجَاءَ وَأَيْدِيهَا مُصَمِّمَتٌ

بِذَبْحِنَا بِمُدَى لَيْسَتْ لَهَا نَصَبُ

وَهَلْ يُؤْمِّلُ نَيْلَ الشَّمْلِ مُلْتَئِمًا

سَفَرٌ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ رِحْلَةٌ عَجَبُ

وَمَا إِقَامَتُنَا فِي مَنْزَلٍ هَتَفَتْ

وَفِيهِ بِنَا مُذْ سَكنَّا رَبْعَهُ نُوَبُ

وَآذنتنا وَقَدْ تَمَّتْ عِمَارَتُهُ

بِأَنَّهُ عَنْ قَرِيبٍ دَاثِرٌ خَرِبُ

أَزْرَتْ بِنَا هَذِهِ الدُّنْيَا فَمَا أَمَلٌ

إِلا لِرَيْبِ الْمَنَايَا عِنْدَهُ أَرَبُ

هَذَا وَلَيْسَتْ سِهَامُ الْمَوْتِ طَائِشَةٌ

وَهَلْ تَطِيشُ سِهَامٌ كُلُّهَا نَصَبُ

وَنَحْنُ أَغْرَاضُ أَنْوَاعِ الْبَلأ بِهَا

قَبْلَ الْمَمَاتِ فَمَرْمِيٌّ وَمُرْتَقِبُ

أَيْنَ الَّذِينَ تَنَاهَوْا فِي ابْنِتَائِهِمُوا

صَاحَتْ بِهِمْ نَائِبَاتُ الدَّهْرِ فَانْقَلَبُوا

اللَّهُمَّ نَوِّرْ قُلُوبَنَا بِنُورِ الإِيمَانِ وَثَبِّتْهَا عَلى قَوْلِكَ الثَّابِتْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وفي الآخِرةِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاة مُهْتَدينَ، وَتَوفَّنَا مُسْلِمينَ وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

ص: 644