المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)في ذكر بعض الأحاديث التي وردت في الفتن - موارد الظمآن لدروس الزمان - جـ ٥

[عبد العزيز السلمان]

الفصل: ‌(فصل)في ذكر بعض الأحاديث التي وردت في الفتن

ججج

قُلْ لِي فَأَوَّلُ لَيْلَةٍ

فِي القَبْرِ كَيْفَ تَرَى تَكُونُ

آخر:

فَبَادِرْ إِلَى الخَيْرَاتِ قَبْلَ فَوَاتِهَا

وَخَالِفْ مُرَادَ النَّفْسِ قَبْلَ مَمَاتِهَا

سَتَبْكِي نُفُوسٌ فِي القِيَامَةِ حَسْرَةً

عَلَى فَوْتِ أَوْقَاتٍ زَمَانَ حَيَاتِهَا

فَلا تَغْتَرِرْ بِالعِزِّ وَالمَالَ وَالمُنَى

فَكَمْ قَدْ بُليْنَا بِانْقَلابِ صِفَاتِهَا

آخر:

إِذَا مَرِضْنَا نَوَيْنَا كُلَّ صَالِحَةٍ

وَإِنْ شُفِينَا فَمِنَّا الزَّيْغُ وَالزَّلَلُ

نُرْضِي الإلَهَ إِذَا خِفْنَا وَنُسْخِطُهُ

إِذَا أَمِنَّا فَمَا يَزْكُوا لَنَا عَمَلُ

>?

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِسَبِيلِ الطَّاعَةِ، وَثَبِّتْنَا عَلَى إِتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ، وَلا تَجْعَلَنَا مِمَّنْ عَرَفَ الحَقَّ وَأَضَاعَهُ، وَاخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ مِنْكَ يَا كَرِيمُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

في ذكر بعض الأحاديث التي وردت في الفتن

وما يقع في آخرالزمان

عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قاَلَ: إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكم أَن يَعْلَم أَصَابَتْهُ الفِتْنَة أَمْ لا؟ فَلْيَنْظُرْ فَإْنِ كَانَ رَأَى حَلالاً كَانَ يَرَاهُ حَرَامًا فَقَدْ أَصَابَتْهُ الفِتْنَةُ، وَإِنْ كَانَ يَرَى حَرَامًا يَرَاهُ حَلالاً فَقَدْ أَصَابَتْهُ. رَوَاهُ الحَاكِمُ.

وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَزِعًا، مُحْمَرًا وَجْهُهُ، يَقُولُ:«لا إِلَهَ إِلا الله، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليوم مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوَجَ مِثْلُ هَذِهِ» وَحَلَّقَ بأصْبُعِهِ الإِبْهَامَ وَالتِّي تَلِيهَا، قَالَتْ: فَقُلْتَ: يَا رَسُولَ اللهِ

ص: 297

أَنَهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيّ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذيّ، وَابْنُ مَاجِة.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، يَبِيعُ قَوْمٌ دِينَهُم بِعَرضٍ مِنَ الدُّنْيَا» . رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَبْدُ اللهِ بنِ عَمْرُو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَتَكُونُ فِتَنٌ يُفَارِقُ فِيهَا الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ، تَطِيرُ الفِتْنَةُ فِي قُلُوبِ رِجَالٍ مِنْهُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، حَتَّى يُعَيَّرَ الرَّجُلُ فِيهَا بِصَلاتِهِ، كَمَا تُعَيَّرُ الزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِي.

قُلْتُ: وَهَذَا الحَدِيثُ فِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ نُبَوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم وَصِدْقِ رِسَالَتِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ مَا ذُكِرَ فَفَارَقَ رِجَالٌ آبِاءهُم بِسَبِبِ فِتْنَةِ التلفزيون، وَبِسَبَبِ فِتْنَةِ الكُرَةِ، فَارَقَ رِجَالٌ آبَاءهمُ وَإِخْوانهُم وَزَوْجَاتِهِمْ، نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَعْصِمَنَا مِنْهَا، وَوَقَعَ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا أُنَاسٌ يَتَهَكَمُونَ وَيَسْخَرُونَ بِالمُصَلِّينَ، وَمَنْ عَلَيْهَا سِيِّمَا الصَّالِحِينَ مِنْ إِعْفَاءِ لِحْيَةٍ، وَاقْتِنَاءِ كُتُبِ السَّلَفِ، وَكَثرةِ تَلاوَةٍ لِكَلامِ اللهِ، وَالبُخَارِيّ وَمُسْلِم، وَيَرْمُونَهُم بِأَنَّهُم رَجْعِيُّونَ وَمُتَأَخِّرُونَ وَمُنْحَطُّونَ، وَضِدَّهُمْ مِمَّنْ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةِ، حَالِقي اللِّحَى، شُرَّابِ الدُّخَانِ، أَهْلِ الخَنَافِسِ وَالتَّوَالِيتَ، يُسَمُّونَهُم المُتَمَدِّنِينَ المُثَقَّفِينَ، وَهَذَا انْعِكَاسٌ نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ وَالثَّبَاتَ عَلَى الإِسْلام {وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَاّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} ، {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لَاّ يَعْلَمُونَ} .

ص: 298

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدَرِيّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَا أَعْرَابِيٌّ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ فِي غَنَمٍ لَهُ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ شَاةً مِنْ غَنَمِهِ، فَأَدْرَكَهُ الأَعْرَابِيُّ فَاسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ وَهَجْهَجَهُ فَعَانَدَهُ الذِّئْبُ يَمْشِي، ثُمَّ أَقْعَى مُسْتَثْفِرًا بِذَنَبِهِ يُخَاطِبُهُ، فَقَالَ: أَخَذْتَ رِزْقًا رَزَقَنِيهِ اللَّهُ، قَالَ: وَاعَجَبًا مِنْ ذِئْبٍ مُقْعٍ مُسْتَثْفِرٍ بِذَنَبِهِ يُخَاطِبُنِي، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَتْرُكُ أَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَمَا أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّخْلَتَيْنِ بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ، يُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْ نَبَإِ مَا قَدْ سَبَقَ وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَالَ: فَنَعَقَ الأَعْرَابِيُّ بِغَنَمِهِ، حَتَّى أَلْجَأَهَا إِلَى بَعْضِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَيْنَ الأَعْرَابِيُّ صَاحِبُ الْغَنَمِ» فَقَامَ الأَعْرَابِيُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «حَدِّثْ النَّاسَ بِمَا سَمِعْتَ، وَبمَا رَأَيْتَ» فَحَدَّثَ الأَعْرَابِيُّ النَّاسَ بِمَا رَأَى مِنْ الذِّئْبِ، ومَا سَمِعَ مِنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ:«صَدَقَ آيَاتٌ تَكُونُ قَبْلَ السَّاعَةِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ أَحَدُكُمْ مِنْ أَهْلِهِ فَتُخْبِرَهُ نَعْلُهُ أَوْ سَبوطُهُ أَوْ عَصَاهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ» . رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَعَنْ سَهْل بنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُمَّ لا يُدْرِكْنِي زَمَانٌ أَوْ لا تُدْرِكُوا زَمَانًا لا يُتْبَعُ فِيهِ العَلِِيم، وَلا يُسْتَحْيَ فِيهِ مِنَ الحَلِيمِ، قُلُوبُهُم قُلُوبُ الأَعَاجِمِ، وَأَلْسِنَتُهُمْ أَلْسِنَةُ العَرَبِ» . رَوَاهُ أَحْمَدَ.

وَعَنْ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا

ص: 299

نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادٌ كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلا مَا أُشْرِبَهُ مِنْ هَوَاهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَحْمَدُ.

وعن عبدِ اللهِ بن عَمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا قُعُودًا عَنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الفِتَنَ فَأَكْثَرَ فِي ذِكْرَهَا حَتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الأَحْلاسِ قَالَ: «هِيَ هَرَبٌ وَحَرْبٌ» ، ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ:«دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمِيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسِ مِنِّي، وَإِنَّمَا أَوْلِيَائِي المُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرْكٍ عَلَى ضَلْعٍ، ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاء: «لا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا لَطِمَتْهُ لَطْمَةً، فَإِذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، حَتَّى يَصِيرُ النَّاسُ عَلَى فِسْطَاطَيْنِ، فَسْطَاطِ إِيمَانٍ لا نِفَاقَ فِيهِ، وَفِسْطَاطَ نِفَاقَ لا إِيمَانَ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالحَاكِمُ.

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ، وَتَكُونَ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَة عَظِيمَةٌ، وَدَعْوَاهُمَا وَاِحدَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ:«وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» . رَوَاهُ البُخَارِيّ.

ص: 300

وعن حَبَّةَ العُرَنِي قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ أَبِي مسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ عَلَى حُذَيْفَةَ بنِ اليمَانِ رضي الله عنه أَسْأَلُهُ عَنِ الفِتَنِ فَقَالَ: دُورُوا مَعَ كِتَابَ اللهِ حَيْثُ ما دَارَ، وَانْظُرُوا الفِئَة التِي فِيهَا ابْنُ سُمَيَّةِ فَاتبعُوهَا، فَإِنَّهُ يَدُورُ مَعَ كِتَابَ اللهِ حَيْثُ مَا دَارَ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: وَمَنْ ابْنُ سُمَيَّة؟ قَالَ: عَمَّارُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، تَشْرَبُ شَرْبَةَ ضِيَاحٍ تَكنْ آخِرَ رِزْقَكَ مِنَ الدُّنْيَا» . رَوَاهُ الحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ: صَحِيحٌ.

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فَابْنُ سُمَيَّةَ مَعَ الحَقِّ» . رَوَاهُ الطَّبَرِانِي، وَالبَيْهَقِي.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْشِرْ يَا عَمَّارُ، تَقْتُلَكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

قُلْتث: وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ نُبُوَّتِهِ صلى الله عليه وسلم، وَصِدْقِ رِسَالَتِهِ، وَمَزِيَّةً لَعَلِيّ وَلِعَمَّارٍ رضي الله عنهما وَهُوَ أَنَّهُمَا مَعَ الحَقَّ. وَعَنْ إِسْرَائِيلَ بنَ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنْ - يَعْنِي البَصْرِيّ - يَقُولُ: اسْتَقْبَلَ واللهِ الحَسَنُ بنُ عَلِيّ مُعَاوِيَةَ بِكَتَائِبَ أَمْثَالَ الجِبَالِ، فَقَالَ عَمْرُو بنُ العَاصِ: إِنِّي لأَرَى كَتَائِبَ لا تُوَلِّي حَتَّى تَقْتُلَ أَقْرَانَهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة - وَكَانَ وَاللهِ خَيْرَ الرَّجَلُيْنِ -: أَيْ عَمْرُو إِنْ قَتَلَ هَؤُلاءِ هَؤُلاءِ، وَهَؤُلاءِ هَؤُلاءِ مَنْ لِي بِأُمُورِ النَّاسِ، مَنْ لِي بِنَسَائِهِم، مَنْ لِي بِضَيْعَتِهِمْ فَبَعَثَ إليه رَجُلَيْنِ مَنْ قُرَيْش مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سُمْرَة، وَعَبْدِ اللهِ بن عَامِر بنِ كُريز، فقالَ: اذْهَبَا إَلَى هَذَا الرَّجُل

ص: 301

فَاعْرِضَا عَلَيْهِ، وَقُولا لَهُ، وَاطْلُبَا إليه، فَأَتَيَاهُ فَدَخَلا عَلَيْهَ فَتَكَلَّمَا وَقَالا لَهُ، وَطَلَبَا إليه، فَقَالَ لَهُمَا الحَسَنُ بنُ عَلِيّ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ قَدْ أَصَبْنَا مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنَّ هَذِهِ الأُمَّة قَدْ عَاثَتْ فِي دِمَائِهَا، قَالا: فَإِنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْكَ كَذَا وَكَذَا، وَيَطْلُبَ إليك وَيَسْأَلُكَ، قَالَ: فَمَنْ لَي بِهَذَا؟ قَالا: نَحْنُ لَكَ بِهَ، فَمَا سَأَلَهُمَا شَيْئًا إِلا قَالا: نَحْنُ لَكَ بِهِ. فَصَالَحَهُ، فَقَالَ الحَسَنُ - أَيْ البَصْرِيّ -: وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى المِنْبَرِ وَالحَسَنُ بنُ عَلِيّ رضي الله عنهما إِلَى جَنْبِهَ، وَهُوِ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ مَرَّةً وَعَلَيْهِ أُخْرَى، وَيَقُولُ:«إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بِيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ المُسْلِمِينَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيّ. وَفِي هَذَا الخَبَرِ أَيْضًا مُعْجزَةٌ حَيْثُ وَقَعَ مِصْدَاقُهُ بِمَا كَانَ مِنْ إِصْلاحِ الحَسَنِ بَيْنَ أَهْلِ العِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ.

شِعْرًا:

نَهَارُكَ فِي بَحْرِ السَّفَاهَةِ تَسْبَحُ

وَلَيْلُكَ عَن ْنَوْمِ الرَّفَاهَةِ يُصْبِحُ

وَفِي لَفْظِكَ الدَّعْوَى وَلَيْسَ إِزَاؤُهَا

مِنَ العَمَلِ الزَّاكِي دَلِيلٌ مُصَحَّحُ

إِذَا لَمْ تُوَافِقْ قَوْلةً مِنْكَ فِعْلَةٌ

فَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ حَدِيثِكَ تَفْضَحُ

تَنَحَّ عَنِ الغَايَاتِ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا

طَرِيقُ الهُوِينَا فِي سُلُوكِكَ أَوْضَحُ

>?

ص: 302