الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَألاكَ عَنْ رَبٍّ قَدِيرٍ خَالِقٍ
…
وَعَنِ الَّذِي قَدْ جَاءَ بِالْقُرْآنِ
فَتَقُولُ لا أَدْرِي وَكُنْتُ مُصَدِّقًا
…
أَقْوَالُ شِبْهِ مَقَالَةِ الثَّقَلانِ
فَيُوبِّخَانِكَ بِالْكَلامِ بِشَدَّةِ
…
وَسَيَضْرِبَانِكَ ضَرْبَةَ السَّجَانِ
فَتَصِيح صَيْحَةَ آسَفٍ مُتَوَجِّعٍ
…
وَيَجِي الشُّجَاعُ وَذَاكَ هَوْلٌ ثَانِي
وَيَجِي الرَّفِيقُ فَيَا قَبَاحَةَ وَجْهِهِ
…
فَكَأَنَّهُ مُتَمَرِّدٌ مِنْ جَانِ
وَتَقُولُ يَا وَيْلا أَمَالِي رَجْعَةٌ
…
حَتَّى أحلَّ بِسَاحَةِ الإِيمَانِ
لَوْ عُدْتَ لِلدُّنْيَا لَعُدْتَ لِمَا مَضَى
…
فِي جَانِبِ التَّكْذِيبِ وَالْعِصْيَانِ
اللَّهُمَّ يا جامَعَ النَّاس ليوم لا ريب فيه اجمَعَ بيننا وبين الصدق والنِّيْة الصَّالِحَة والإِخْلاص والخشوع والْمُرَاقَبَة واليقين والعلم والمعرفة والفصاحة والبيان والفهم في القرآن وخصنا منك بالمحبة والاصطفائية ووفقنا للعمل الصالح الرشيد والرزق الهنيء الَّذِي لا حجاب به في الدُّنْيَا ولا حساب ولا سؤال ولا عقاب عَلَيْهِ في الدُّنْيَا والآخِرَة، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وعلى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.
نصيحة لهارون الرشيد
قام مُحَمَّد بن أوس الهلالي لهارون الرشيد واعترضه عِنْد الحجر فَقَالَ: يا أمير الْمُؤْمِنِين استمَعَ كلامي فإنك إن سمعته حقًا قبلته وإن سمعته باطلاً فلا تعبأ به فوقف الرشيد.
فَقَالَ أوس: يا من غذي في نعيم وتردد في ملك سليم إن خفت الْعَذَاب الأليم وأحببت البقاء في سرور فلا تسمعن ممن أَنْتَ بينهما ولا تغترن بشَيْء من قولهما فإن الله عز وجل يخلو بك دونهما والموت يصل إليك على الطوع
والكره منهما فلا تصدقان بالذليل ولا تتكثرن بالقليل ولا تعتصم بغير دافع ولا تطمئن إلى غير مانع لا يمنع ولا يدفع عَنْكَ.
فإنك بعين الله وبحضرة بيته الَّذِي جعله مثابةً للناس الزائرين ومنحجرًا للفاجر فانتفض الرشيد وجلس وخلا يديه عنهما وأومأ أن خذوا الرجل فأخذ حتى قضى طوافه وصلى وَرَجَعَ إلى المنزل الَّذِي نزل به ودعا بالرجل فأدخل عَلَيْهِ شيخ جليل.
فَقَالَ: من قبيلتك؟ قال: بنو هلال. قال: قبيلة مشهورة فما حَمَلَكَ أن كلمتني بالَّذِي كلمتني.
قال: إشفاقًا عَلَيْكَ إذا أنضيت الركاب وأتعب الرِّجَال وأنفقت الأموال في أمور الله عز وجل أعلم بها حتى إذا صرت إلى غاية الطالب وموضع ترجو فيه الرحمة اعتمدت على ظالمين طاغيين قَدْ جبلا على الغشم ونشأ على الظلم وقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} .
فنكس الرشيد رأسه وأقبل ينكت في الأَرْض وعَيْنَاهُ تذرفان ثُمَّ رفع رأسه فَقَالَ: من أين مطعمك وشربك؟ قال: من عِنْد من يرزقك. قال: من ذاك؟ قال: من عِنْد من خلق الحب والنوى وأخَرَجَ الحب من الثرى من طعام سهرت فيه العيون وتعبت في حصاده الأجساد وحرسته الملائكة حتى أتاني به القدر بلا رنق ولا كدر.
قال: ألك عيال؟ قال: نعم. قال: ومن هنَّ؟ قال: زوجة. قال: أتختلف إلى تجارة أو تحترف في صناعة؟ قال: قَدْ كفان الله مؤنةً ذَلِكَ بالعافية. قال: أفلا أجري عَلَيْكَ رزقًا تستعين به على بعض أمورك وتستغني به عن الطلب من غيرك؟ قال: إني بِاللهِ أغنى مني بما بذلت لي من ذَلِكَ.
قال: ألك حَاجَة؟ قال: نعم، أطع الله عز وجل فيما تعلم من سرك فإنك تصل إلى كُلّ محبوب وتنال به كُلّ مطلوب ولست تبلغ شَيْئًا من نكاية عَدُوّكَ
إِلا من طَاعَتكَ لربك فإنك إن أطعته جعل ناصية عَدُوّكَ بيدك فلا تشاء أمرًا إِلا بلغته ولا مكروهًا إِلا نلته.
قال: ألك حَاجَة غيرها؟ قال: أتؤمنني من الموت؟ قال: لا أقدر على ذَلِكَ، قال: فتجيرني من النار؟ قال: لَيْسَتْ في يدي، قال: فتدخلني الْجَنَّة؟ قال: لست أملك، قال: أفتحي لي ميتًا حتى أساله عما عاين ورأى، قال: ذاك في قدرة غيري. قال: ما أَنْتَ إِلا كسائر من تَرَى من رعيتك غير أن الله عز وجل فضلك عَلَيْهمْ بما أعطاك من هَذَا الحطام الزائل واستخلفك في الأَرْض لينظر كيف تعمل.
ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ الرشيد: الحمد لله الَّذِي جعل في رعية أَنَا عَلَيْهَا مثله ولا تزال هذه الأمة بخَيْر ما لم يعدموا هَذَا ونظراءه وأشباهه.
قُلْتُ: هَذَا من رقم (1) في العفاف والزهد. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ.
شِعْرًا:
…
اعْمَلْ بَعَلْمِكَ تَغْنَمْ أَيُّهَا الرَّجُلُ
…
لا يَنْفَعُ الْعِلْمُ إِنْ لَمْ يَحْسُنِ الْعَمَلُ
وَالْعِلْمُ زينٌ وَتَقْوَى اللهِ زِينَتُهُ
…
وَالْمُتَّقُونَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِمْ شُغُلُ
وَحُجَّةُ اللهِ يَا ذَا الْعِلْم بَالِغَةٌ
…
لا الْمَكْرُ يُنْفَعُ فِيهَا لا وَلا الْحِيَلُ
تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَاعْمَلْ مَا اسْتَطَعْتَ بِهِ
…
لا يُلْهِيَنَّكَ عَنْهُ اللَّهْوُ وَالْجَدَلُ
وَعَلِّمِ النَّاسَ وَاقْصُدْ نَفْعَهُمْ أَبَدَا
…
إِيَّاكَ إيَّاكَ أَنْ يَعْتَادَكَ الْمَلَلُ
وَعِضْ أَخَاكَ بِرِفْقٍ عِنْدَ زَلَّتِهِ
…
فَالْعِلْمُ يَعْطِفُ مَنْ يَعْتَادُهُ الزَّلَلُ
وَإِنْ تَكُنْ بَيْنَ قَوْمٍ لا خَلاقَ لَهُمْ
…
فَأَمُرْ عَلَيْهمْ بِمَعْرُوف إِذَا جَهَلُوا
فَإِنْ عَصَوْكَ فَرَاجِعْهُمْ بِلا ضَجَر
…
وَاصْبِرْ وَصَابِرْ وَلا يَحْزُنْكَ مَا فَعَلُوا
فَكُلُّ شَاةٍ بِرِجْلَيْهَا مُعَلَّقَةٌ
…
عَلَيْكَ نَفْسَكَ إِنْ جَارُوا وَإِنْ عَدَلُوا
اللَّهُمَّ إنا نسألك رحمة من عندك تهدي بها قلوبنا، وتجمَعَ بها شملنا،