المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

.. كَمْ سَقُوا حِزْب الْعِدَى كَأْسَ الرَّدَى … وَهُوَ فِي - موارد الظمآن لدروس الزمان - جـ ٦

[عبد العزيز السلمان]

الفصل: .. كَمْ سَقُوا حِزْب الْعِدَى كَأْسَ الرَّدَى … وَهُوَ فِي

.. كَمْ سَقُوا حِزْب الْعِدَى كَأْسَ الرَّدَى

وَهُوَ فِي الذُّوقِ مِنْ الْعَلْقَمِ صَرْحْ

فَهُمُ الأَنْصَارُ لِلدِّينِ لَهُمْ

أَبَدًا فِي نُصْرَةِ الإِسْلامِ كَدْحْ

بَذَلُوا الأَنْفُسَ وَالأَنْفُسُ مِنْ

مَا لَهُمْ للهِ مَا ظَنُّوا وَشَحُّوا

حَسْبُهُمْ مِنْ مَالِهِمْ سَابِغَة

وَجَوَاد ثُمَّ صَمْصَامٌ وَسَمْحْ

فَاغْفِرْ اللَّهُمَّ ذَنْبِي كُلَّهُ

وَاسْتُرْ الْعَيْبَ فَلا يُبْدِيهِ فَضْحْ

وَأَجِبْ رَبِّي دُعَائِي إِنَّهُ

لِقَضَاءِ الْحَاجِ مِفْتَاحٌ وَنَجْحْ

وَأَتِمَّ الْحَمْدَ للهِ عَلَى

فَضْلِهِ وَالْفَضْلُ مِنْ ذِي الْعَرْشِ مَنْحْ

وَصَلَوَاتُ اللهِ مَعْ تَسْلِيمِهِ

مَا جَرَى فَلْكٌ لَهُ فِي الْبَحْرِ سَبْحْ

أَبَدًا يَهْدِي إِلَى خَيْرِ الْوَرَى

مَنْ لَهُ فِي كُتُبِ الرَّحْمَنِ مَدْحْ

أَحْمَدُ وَالآلُ وَالصَّحْبُ وَمَنْ

لَهُمْ يَقْفُوا عَلَى الأَثْرِ وَيَنْحُوا

مَا حَدَى بِالْعِيسِ حَادِيهَا وَمَا

أَطْرَبَ السَّمْعَ مِنَ السَّاجِعِ صَدْحْ

اللَّهُمَّ وقفنا للاستعداد لما أمامنا وأهدنا سبيل الرشاد ووفقنا للعمل صدح ليوم المعاد وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(موعظة)

قَالَ الله جل ذكره {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} وَقَالَ جل وعلا {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} وَقَالَ عز من قائل {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} وَقَالَ تبارك وتعالى {فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ} . وَقَالَ تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} وَقَالَ جل وعلا {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ} وَقَالَ جل وعلا وتقدس {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً} . وكان النَّبِيُّ يتخول أصحابه بالموعظة فالوعظ والتذكير فريضتان واجبتان ماضيتان على أهلهما بكتاب الله وسنة رسوله.

وقد أمر الله الموعظين بالاستماع والإصغاء للموعظة لما فيها من المنافع العظيمة.

ص: 619

فعلى كل إنسان مهما جل قدره وعظم خطره أن يحرص ويجتهد على استماع الموعظة وقبول النصيحة لأنه إذا فعل ذلك فاز بقسطه الأوفر وحظه الأجزل واستحق من الله البشرى في العاجل والثواب في الآجل ومن عقلاء خلقه الثناء الحسن والمدح والإكرام والدعاء.

فإن الله جل ذكره يقول {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} ثم قَالَ {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} .

وقد شبه الله الكفرة المعرضين عن القرآن الَّذِي هو مشتمل على التذكرة الكبري والموعظة العظمي بالحمر قَالَ تعالى {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} فليحذر المسلم أن يتشبه بهم ويعرض عن الموعظة.

وقد جعل الله جل ذكره الخير في الاعتبار والاعتبار بالتفكير وحث عليه في عدة مواضع من كتابه قَالَ تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} وَقَالَ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ} .

وَقَالَ جلا وعلا {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى} وَقَالَ جل وعلا وتقدس {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .

وَقَالَ عز من قائل {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وَقَالَ جل وعلا {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} .

فمن قريب ما يجب أن يفكر فيه اللبيب ويتدبره أن يتذكر أحوال الأمم والقرون الماضية والملوك الأولين الَّذِينَ كانوا من أشد خلق الله وأكثر جمعا وأبين آثاراً وأطول أعماراً بنوا المدائن وجمعوا الخزائن وحفروا الأنهار وعمروا الديار وشيدوا القصور.

ودبروا الأمور وجمعوا الجموع وقادوا الجيوش وساقوا الخيول ودوخوا البلاد وأذلوا العباد ومشوا في الأرض مرحاً واختالوا بما أوتوا فرحاً فأخذهم الله بما كانوا يكسبون لله.

ص: 620

فأصبحوا بعد العز والمنعة والملك والرفعة والصوت والسطوة والذكر والصولة عظامًا رميمًا ورفاتًا هشيمًا وأصبحت منازلهم خاوية وقصورهم خالية وأجسادهم بالية وأصواتهم هادئة.

تخبرك آثارهم معاينة وتقرع سمعك أخبارهم مجاهرة فلم يصحبهم من الدنيا ما جمعوا ولم يدفع عنهم الردى ما كسبوا ولعلهم ندموا حيث لم تنفعهم الندامة وتلهفوا حيث لا يغني عنهم التلهف شيئاً.

وإن الباقي عما قليل كالفاني والغابر عما قليل كالماضي وما بينهما إلا أنفاس معلومة وأيام معدودة سريعة الانقضاء قريبة الانتهاء.

فليحذر المغتر بملكه والمتمتع بعزة هذه الصرعة وليستعد لهذه الوجبة والينته لهذه الموعظة فإن الله جعلها في أوائل مواعظه.

وكررها في مواضع من كتابه حيث جل وعلا وتقدس يقول {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} .

وَقَالَ تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .

وَقَالَ جل وعلا وتقدس {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} .

وعد جل وعلا كثيراً منهم في كتابه ووصفهم وسماهم في خطابه حيث يقول {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبِكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ* وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبِكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبِكَ لَبِالْمِرْصَادِ *} .

ص: 621