المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌قصة هرقل ملك الروم

عَنَّا وَاسْتَغْفِرْ لَنَا، قَالَ:«مَا أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ أَمْوَالَكُمْ» . فَأَنْزَلَ اللهُ (9: 103) : {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} يَقُولُ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ {إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} فَأَخَذَ مِنْهُمْ الصَّدَقَةَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ.

وَكَانَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ لَمْ يُوثِقُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي فَأَرْجِئُوا لا يَدْرُون أيعذبُون أَم يتاب عليهم فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ} إِلى قَوْلِهِ: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ} إِلى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَنَا رَغَداً وَلا تُشَمِّتْ بِنَا أَحَداً وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

‌قصَّة هرقل مَلِك الرُّوم

حينَما جَاءَه

كتاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم

عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما:

أنَّ أبا سفيان أخبره من فيه إلى فيه قال: انطلقت في المدّة التي كانت بيني وبين رسول الله قال: فبينما أنا بالشام إذ جيء بكتابٍ من رسول الله إلى هرقل، يعني عظيم الرُّوم قال: وكان دِحيةُ الكلبيّ جاء به فدفعه إلى عظيم بصرى فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل.

فقال هرقل: هل ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنّه نبيّ؟

قالوا: نعم.

قال: فدُعيت في نفرٍ من قريش فدخلنا على هرقل فأجلسنا بين يديه.

فقال: أيكم أقرب نسباً من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ؟

فقال أبو سفيان: فقلت: أنا.

ص: 349

فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ثم دعا بترجمانه.

فقال له: قل لهم إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه.

قال: فقال أبو سفيان: وأيم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت ثم قال لترجمانه: سله كيف حسبه فيكم؟

قال: قلت: هو فينا ذو حسب.

قال: فهل كان من آبائه ملك؟

قلت: لا.

قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟

قلت: لا.

قال: ومن يتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم؟

قال: قلت: بل ضعفاؤهم.

قال: أيزيدون أم ينقصون؟

قال: قلت: لا بل يزيدون.

قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له؟

قال: قلت: لا.

قال: فهل قاتلتموه؟

قلت: نعم.

قال: فكيف كان قتالكم إياه؟

قال: قلت: تكون الحرب بيننا وبينه سجالاً، يصيب منا ونصيب منه.

قال: فهل يغدِر؟

قلت: لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها. قال: فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه.

ص: 350

قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟

قلت: لا.

قال لترجمانه: قل له: إنِّي سألتك عن حسبه فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تُبْعَثُ في أحساب قومها.

وسألتك هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت: أن لا، فقلت: لو كان من آبائِهِ ملك قلت: رجل يطلب ملك آبائه.

وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل.

وسألتك: هل كنتم تتَّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت: أن لا. فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله.

وسألتك: هل يرتدّ أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له فزعمن أن لا وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.

وسألتك هل يزيدون أو ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم.

وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قد قاتلتموه فتكون الحرب بينكم وبينه سجالاً ينال منكم وتنالون منه وكذلك الرسل تُبتلى ثُمّ تكون لهم العاقبة.

وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أنّه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر.

وسألتك: هل قال هذا القول أحد قبله؟ فزعمت أن لا فقلت: لو قال هذا القول أحد قبله، قلت: رجل ائتمَّ بقولٍ قيل قبله.

ص: 351

قال: ثُمَّ قال: بمِ يأمركم؟

قلت: يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة والعفاف.

قال: إن يكن ما تقول فيه حقّاً فإنه نبي وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه منكم ولو أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ولَيَبْلُغَنَّ ملكُه ما تحت قدميّ.

قال: ثُمَّ دعا بكتاب رسول الله ? فقرأه فإذا فيه:

((بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أَمَّا بعد فإنِّي أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تَسْلَم وأسلم يؤتِك الله أجرك مرّتين وإن تولَّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَاّ نَعْبُدَ إِلَاّ اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} )) .

فلمَّا فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأُخرجنا.

قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة إنَّه ليخافه ملك بني الأصفر! .

قال: فما زلت موقناً بأمر رسول الله أنَّه سيظهر حتى أدخل عليّ الإسلام.

شِعْرًا:

عَلَيْكَ بِمَا يُفِيدُكَ فِي الْمَعَادِ

وَمَا تَنْجُو بِهِ يَوْمَ التَّنَادِ

فَمَالَكَ لَيْسَ يَنْفَعُ فِيكَ وَعْظٌ

وَلا زَجْرٌ كَأَنَّكَ مِنْ جَمَادِ

سَتَنْدَمُ إِنْ رَحَلْتَ بَغِيْرِ زَادٍ

وَتَشْقَى إِذْ يُنَادِيكَ الْمُنَادِي

فَلا تَفْرَح بِمَالٍ تَفْتَنِيهِ

فَإِنَّكَ فِيهِ مَعْكُوسُ الْمُرَادِ

وَتُبْ مِمَّا جَنَيْتَ وَأَنْتَ حَيٌّ

وَكُنْ مُتَنَبِّهاً مِنْ ذَا الرُّقَادِ

اللَّهُمَّ اجْعَلْ قُلُوبَنَا مَمْلُؤةً بِحُبِّكَ وَأَلْسِنَتِنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ وَنُفُوسَنَا مُطِيعَةً لأَمْرِكَ وَأَمِّنَّا مِنْ سَطْوَتِكَ وَمَكْرِكْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي دِينَنَا

ص: 352

وَدُنْيَانَا وَأُخْرَانَا وَأَهْلِنَا وَمَا لَنَا اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَأَمِّنْ رَوَعَاتِنَا وَاحْفَظْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا وَمِنْ خَلْفِنَا وَعَنْ أَيْمَانِنَا وَعَنْ شَمَائِلِنَا وَمِنْ فَوْقِنَا وَنَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ نُغْتَالَ مِنْ تَحْتِنَا وَاْغِفرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

قِصَّة الْغُلام الْمُؤْمِن وَالْمَلِك

(أصحاب الأخدود)

عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ:

«كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَىَّ غُلَاماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ.

فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلَاماً يُعَلِّمُهُ وَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ فَأَعْجَبَهُ وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ.

فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.

فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ.

فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ السَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟

فَأَخَذَ حَجَراً فَقَالَ:

اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ.

فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَىَّ.

وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ، وَالأَبْرَصَ، وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ.

ص: 353

فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ: مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي.

فَقَالَ إِنِّي لَا أَشْفِى أَحَداً إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ تَعالى فَإِنْ آمَنْتَ بِاللَّهِ تَعالى دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ.

فَآمَنَ بِاللَّهِ تعالى فَشَفَاهُ اللَّهُ تعَالى فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟

قَالَ: رَبِّي.

قَالَ: أَوَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟

قَالَ: رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ.

فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ فَجِيءَ بِالْغُلَامِ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ، وَالأَبْرَصَ، وَمَا تَفْعَلُ وَتَفْعَلُ!

فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَداً إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ تَعَالى.

فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى.

فَدَعَا بِالْمِنْشَارِ فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ.

فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى.

فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ.

فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى.

ص: 354

فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَاّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ:

اللَّهُمَّ اكْفِينِهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟

قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ تَعَالى.

فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ وَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَاّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ:

اللَّهُمَّ اكْفِينِهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ.

فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟

قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ تَعَالى.

فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ.

قَالَ: مَا هُوَ؟

قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ:

بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي.

فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ:

بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فَمَاتَ.

ص: 355

فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ.

فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ.

فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَقحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا.

فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّه اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ» . (رواه مسلم) .

قِصَّةِ الثَّلاثَةِ أَصْحَاب الْغَار

عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بن الْخَطَّاب رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? يَقُولُ: «انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى آوَاهُمُ الْمَبِيتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الْغَارَ فَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَاّ أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ تَعَالى بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ. قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمُ:

اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لَا أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلاً وَلَا مَالاً، فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ الشَّجَرِ يَوْماً، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ فَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلاً أَوْ مَالاً، فَلَبِثْتُ - وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ - أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الْفَجْرُ والصِّبِيَّةِ يَتَضاغَون عِنْدَ قَدَمِي، فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا.

اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ شَيْئاً لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهُ» .

قَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ. (وفي

ص: 356