الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قويٌّ عندي حتى أريح عليه (1) حقه إن شاء اللَّه، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء اللَّه، لا يدع قوم الجهاد في سبيل اللَّه إلا ضربهم اللَّه بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمَّهم اللَّه بالبلاء، أطيعوني ما أطعت اللَّه ورسوله فيكم، فإذا عصيت اللَّه ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم اللَّه (2).
وقوله رضي الله عنه: ولِّيت عليكم ولست بخيركم: من باب التواضع، وإلا فإن الصحابة كلهم مُجمعون على أنه أفضلهم وخيرهم، رضي الله عنهم أجمعين (3).
المطلب الخامس: موقفه رضي الله عنه في إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه
-:
ظهرت حكمة الصديق رضي الله عنه أثناء تنفيذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه من عدة وجوه:
(أ) تنفيذ بعث أسامة رضي الله عنه
- على الرغم من شدة الأحوال ومعارضة
(1) والمعنى: حتى أرد عليه حقه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، باب الراء مع الواو، 2/ 273.
وانظر: التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 3/ 57، وفي البداية والنهاية قال: حتى أزيح علته إن شاء الله، 5/ 248.
(2)
انظر: سيرة ابن هشام،4/ 340،وابن كثير في البداية والنهاية،5/ 248، قال: <وهذا إسناد صحيح>.
(3)
انظر: البداية والنهاية، 5/ 248.
بعض الصحابة، وذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنه في مرضه الذي توفي فيه (1)، وندب الناس إلى غزو الروم، وكان تجهيز جيش أسامة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيومين، وكان ذلك يوم السبت، وقد كان ابتداء ذلك قبل مرض النبي صلى الله عليه وسلم، ثم اشتد به مرضه، فأمر بإنفاذ جيش أسامة، وتوفي صلى الله عليه وسلم فعَظُم الخطب، واشتد الحال، وظهر النفاق بالمدينة، وارتدت أحياء من العرب حول المدينة، وامتنع آخرون من دفع الزكاة، ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة، وكانت جواثا من البحرين أول قرية أقامت الجمعة بعد رجوع الناس إلى الحق؛ وثبتت ثقيف بالطائف على الإسلام لم يرتدوا.
وعندما وقعت هذه الأمور أشار كثير من الناس على أبي بكر الصديق ألا ينفذ جيش أسامة لاحتياجه إليه فيما هو أهم؛ لأن ما جُهِّز بسببه في حال السلامة.
وكان من جملة من أشار بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فامتنع الصديق من ذلك، وأبى أشد الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة، وقال كلمته العظيمة: واللَّه لا أحل عقدة عقدها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت
(1) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد رضي الله عنه، 8/ 151، 152.