المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد - مواقف الصحابة - رضي الله عنهم - في الدعوة إلى الله تعالى

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم والقيام بنصرته:

- ‌المطلب الثاني: تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم والحرص على حمايته

- ‌المطلب الثالث: إنفاقه ماله في سبيل اللَّه تعالى

- ‌(أ) إنفاق المال في إعتاق الرّقاب:

- ‌(ب) أخذه جميع ماله يوم الهجرة لإنفاقه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(جـ) تصدُّقه بماله كله في غزوة تبوك:

- ‌المطلب الرابع: موقف أبي بكر عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: موقفه رضي الله عنه في إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌(أ) تنفيذ بعث أسامة رضي الله عنه

- ‌(ب) ثم إن بعض الناس

- ‌(جـ) وخرج أبو بكر رضي الله عنه

- ‌المطلب السادس: موقف أبي بكر رضي الله عنه مع أهل الردة ومانعي الزكاة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌المبحث الثاني: مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: موقفه في إظهار الإسلام وهجرته:

- ‌المطلب الثاني: موقفه الحكيم في تثبيته الناس على بيعة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثالث: موقفه الحكيم في إصلاح الأهل قبل الناس

- ‌المطلب الرابع: موقفه الحكيم في دعوته بتواضعه للَّه تعالى

- ‌(أ) عندما مر بالجابية

- ‌(ب) ولما قدم عمر بن الخطاب

- ‌المبحث الثالث: مواقف عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: إنفاقه الأموال العظيمة الكثيرة في سبيل اللَّه تعالى

- ‌(أ) عندما قدم النبي

- ‌(ب) بعد أن بنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(جـ) عندما أراد رسول اللَّه

- ‌المطلب الثاني: موقفه العظيم في جمع الأمة على قراءة واحدة، وحسم الاختلاف

- ‌المبحث الرابع: مواقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: موقفه رضي الله عنه في تقديم نفسه فداء للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته

- ‌المطلب الثاني: موقفه في بدر مع رؤوس الكفر

- ‌المطلب الثالث: موقف علي رضي الله عنه في يوم الأحزاب (يوم الخندق):

- ‌(أ) استئذانه النبي صلى الله عليه وسلم في المبارزة

- ‌(ب) تذكيره لعمرو بن عبد ودّ ما عاهد عليه اللَّه

- ‌(ج) وعند إقرار عمرو بما عاهد اتخذ عليٌّ ذلك مدخلاً

- ‌(د) وعندما امتنع من قبول هذه الدعوة دعاه إلى النزال

- ‌المطلب الرابع: موقف علي رضي الله عنه في غزوة خيبر:

- ‌(أ) قوله: ((أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا

- ‌(ب) وقوله: ((أنا الذي سمتني أمي حيدرة))

- ‌(ج) وقوله: ((أوفيهم بالصاع كيل السندرة))

- ‌(د) ثم ختم هذه الحكم بقتل مرحب

- ‌المبحث الخامس: مواقف مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد

- ‌المبحث السابع: موقف سعد بن معاذ في حكمه في بني قريظة

- ‌المبحث الثامن: موقف الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المبحث التاسع: مواقف جماعة من الصحابة

- ‌1 - فهذا بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌2 - وهذا عمار بن ياسر، وأبوه ياسر، وأمه سُميّة

- ‌3 - وهذا صهيب الرومي رضي الله عنه

- ‌4 - وهذا عبد اللَّه بن عبد الأسد: أبو سلمة، وزوجته أم سلمة

- ‌5 – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد اللَّه بن حذافة بن قيس

- ‌6 - ومن هذه المواقف العظيمة التي تدل على قوة الإيمان والرغبة فيما عند اللَّه والدار الآخرة

- ‌7 - وهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌8 - ومن ذلك ما فعلته رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة

- ‌9 - ومما يدل على ذلك ما فعله أنس بن النضر الأنصاري عم أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌10 - كما يدل على رغبتهم فيما عند اللَّه ما فعل عُمير بن الحُمام في بدر حينما سمع رسول اللَّه يقول لأصحابه:

الفصل: ‌المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد

تؤمنوا باللَّه ورسوله. قالوا: فواللَّه ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة.

ورجع مصعب إلى منزل أسعد بن زرارة، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية، وخطمة، ووائل، وواقف، وهم من الأوس بن حارثة، فإنهم أطاعوا أبا قيس الشاعر، وهو ابن السلت، واسمه صيفي، فوقف بهم عن الإسلام حتى كان بعد الخندق (1).

وهذه الاستجابة العظيمة بفضل اللَّه، ثم بفضل مصعب بن عمير رضي الله عنه، فقد ضُرِبَ به المثل في حكمته وحُسن دعوته وصبره وحلمه ورفقه وأناته عند سماع التهديد من قبل أسيد وسعد رضي الله عنهم، فأثر هذا الموقف الحكيم عليهما وأسلما، وأسلم - بفضل اللَّه ثم بإسلامهما - هذا الجمع الغفير في يوم واحد، فرضي اللَّه عن مصعب، ورضي اللَّه عن صاحبه أسعد، فقد أنقذ اللَّه بهما مدينة كاملة، وللَّه الحمد والمنة.

‌المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد

بعث بنو سعد ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقدم

(1) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 3/ 152، وسيرة ابن هشام، 2/ 43، والرحيق المختوم، ص140، وهذا الحبيب يا محبّ، ص145، وانظر: الإصابة في تمييز الصحابة، 3/ 421، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 1/ 145، وحياة الصحابة للعلامة الكاندهلوي، 1/ 187 - 189.

ص: 49

المدينة، وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله، ثم دخل المسجد ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، وكان ضمام جلداً، فأقبل حتى وقف على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أصحابه، فقال: أيكم محمد؟ فقال الصحابة: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: ابن عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((قد أجبتك))، فقال الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سائلك فمُشدد عليك في المسألة، فلا تجد عليّ في نفسك. فقال:((سل عما بدا لك)). فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن اللَّه أرسلك؟ قال:((صدق)). قال: فمن خلق السماء؟ قال: ((اللَّه)). قال: فمن خلق الأرض؟ قال: ((اللَّه)). قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: ((اللَّه)). قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال، آللَّه أرسلك؟ قال:((نعم)). قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: ((صدق)). قال: فبالذي أرسلك، آللَّه أمرك بهذا؟ قال:((نعم)). قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. قال: ((صدق)). قال: فبالذي أرسلك آللَّه أمرك بهذا؟ قال: ((نعم)). قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا. قال: ((صدق)). قال: فبالذي أرسلك، آللَّه أمرك بهذا؟ قال:((نعم)). قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلاً. قال: ((صدق)). قال فبالذي أرسلك، آللَّه أمرك بهذا؟ قال:((نعم)). ثم

ص: 50

ولّى، وقال: والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: ((لئن صدق ليدخلن الجنة)) (1).

فأتى ضمام بعيره فأطلق عقاله، ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى. فقالوا: مه ضمام! اتق البرص، اتق الجذام، اتق الجنون. فقال: ويلكم، إنهما لا يضران ولا ينفعان، إن اللَّه قد بعث رسولاً، وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به، وما نهاكم عنه.

قال الراوي: فواللَّه ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلماً، وما سُمِعَ بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة (2).

وهذا يدل على حكمة ضمام بن ثعلبة، فإنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أولاً عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه بأن يصدقه في كونه مرسلاً لخالق هذه المخلوقات، ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله.

(1) انظر: البخاري مع الفتح في كتاب العلم، باب ما جاء في العلم، 1/ 148، (رقم 63)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب السؤال عن أركان الإسلام، 1/ 41، (رقم 11)، وأحمد في المسند، 3/ 143، 3/ 193، والألفاظ من هذه المواضع كلها.

(2)

انظر: البداية والنهاية، 5/ 60، وسيرة ابن هشام، 4/ 342، والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 210.

ص: 51