الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّه صلى الله عليه وسلم بإنفاذه - فرضي اللَّه عنه وأرضاه - فقد أعز اللَّه بحكمته الإسلام وأذل الكافرين.
المبحث الثامن: موقف الحسن بن علي رضي الله عنه
-:
الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابن بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو أحد علماء الصحابة وحلمائهم، وذوي رأيهم، وسيد المسلمين (1)، وهو حبيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لحَسنٍ: ((اللَّهم إني أحبه فأحبه، وأحبب من يحبه)) (2).
وقال أبو بكرة رضي الله عنه: رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على المنبر - والحسن بن علي إلى جنبه - وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى، ويقول:((إن ابني هذا سيد، ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)) (3).
وقد تحقق ما قاله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإنه عندما قُتِلَ علي بن أبي
(1) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 8/ 16.
(2)
البخاري مع الفتح في كتاب البيوع، باب ما ذكر في الأسواق، 4/ 339، (رقم 2122)، ومسلم، واللفظ له، في كتاب فضائل الصحابة - باب فضائل الحسن والحسين، 4/ 1882، (رقم 2421).
(3)
البخاري مع الفتح، في كتاب الصلح، باب قول الني صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه إن ابني هذا سيد، 5/ 307، (رقم 2704)، 6/ 628، 7/ 94، 13/ 61، ولفظه من كتاب الصلح.
طالب رضي الله عنه وبايع الناس الحسن بن علي رضي الله عنه وكانت كتائب الحسن كالجبال، كما ذكره البخاري في صحيحه (1)، فأراد الحسن أن يحقن دماء المسلمين، ويجمعهم على إمام واحد يلم شملهم، فتنازل لمعاوية بن أبي سفيان، خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين (2) - رضي اللَّه عن جميع أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أجمعين - فكان هذا الموقف الذي وقفه الحسن من أعظم مواقف الحكمة، ومن أبرز الأدلة الواضحة على زهد الحسن في الدنيا الفانية، ورغبته في الآخرة الباقية، وحقنه دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد ترك الخلافة والملك، لا لقلَّةٍ ولا لذلةٍ، ولا لعلةٍ، بل لرغبته فيما عند اللَّه؛ لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة (3).
وسمى هذا العام الذي تنازل الحسن رضي الله عنه فيه لمعاوية: عام الجماعة، لاجتماع الكلمة فيه على معاوية رضي الله عنه (4).
والمقصود أن موقف الحسن موقف حكيم عظيم سديد؛ لأنه حقن به دماء وأموال وأعراض أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
(1) البخاري مع الفتح في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: إن ابن هذا سيد، 5/ 306، (رقم 2704).
(2)
انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 8/ 20، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، ص194.
(3)
انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 13/ 66.
(4)
انظر: البداية والنهاية، 8/ 16.