الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه
-
له رضي الله عنه مواقف حكيمة تدل على عظم شأنه وصدقه مع اللَّه عز وجل ومن هذه المواقف على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
المطلب الأول: دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم والقيام بنصرته:
عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال: قلت لعبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنع المشركون برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: بينما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي مُعيط، فأخذ بمنكب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه خنقاً شديداً، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ} (1).
وهو أشجع الصحابة رضي الله عنه فقد رُوي عن علي رضي الله عنه أنه خطب، فقال: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين! قال: أما إني ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس! قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر. إنه لما كان يوم بدر، جعلنا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عريشاً، فقلنا: من يكون مع
(1) سورة غافر، الآية:28.
والحديث في البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، 7/ 165، 7/ 22، 8/ 533 (رقم 3856).
الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي عليه أحد من المشركين، فواللَّه ما دنا منه أحد إلا أبو بكر، شاهراً بالسيف على رأس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس.
قال علي رضي الله عنه: ولقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش، فهذا يحاده، وهذا يتلتله (1)، وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلهاً واحداً، فواللَّه ما دنا منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا، ويُجاهد هذا، ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم، {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} ، ثم رفع عليٌّ بردةً كانت عليه، ثم بكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال علي: أنشدكم اللَّه، أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم. ثم قال: ألا تجيبوني؟ فواللَّه لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مثل مؤمن آل فرعون، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا رجل أعلن إيمانه (2).
(1) يتلتله: يزعزعه ويزلزله. انظر: مختار الصحاح، مادة: تلل، ص33، والمعجم الوسيط، 1/ 87.
(2)
ذكره ابن كثير، وعزاه إلى البزار، انظر: البداية والنهاية، 3/ 272، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 9/ 47: وفيه من لم أعرفه، ولكن لبعض هذا المتن شواهد في الأحاديث الصحيحة انظرها في صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر، 3/ 1383 (رقم 1763)، والبخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ
…
}، 7/ 287 (رقم 3953)، وكتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر رضي الله عنه، 7/ 22 (رقم 3678)، وانظر: حياة الصحابة للعلامة محمد يوسف الكاندهلوي 1/ 540، وحلية الأولياء، 1/ 32، وانظر: تاريخ الخلفاء للحافظ جلال الدين السيوطي، ص37.