الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم والحرص على حمايته
عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((لما كذبني قريش قمت في الحجر، فجلَّى اللَّه لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه)) (1).
وقد افتتن ناس كثير عقب الإسراء، فجاء ناس إلى أبي بكر فذكروا له قصة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، فقال أبو بكر: أشهد أنه صادق، فقالوا: وتصدقه بأنه أتى الشام في ليلة واحدة ثم رجع إلى مكة؟ قال: نعم، إني أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، فسُمّي بذلك الصديق (2).
وقد كان رضي الله عنه يحرص على حماية النبي صلى الله عليه وسلم أشد الحرص، فقد ذكر رجال على عهد عمر رضي الله عنه فكأنهم فضلوا عمر على أبي بكر، فبلغ ذلك عمر، فقال: واللَّه لليلة من عمري من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر خير من آل عمر، لقد خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشى ساعة بين يديه، وساعة خلفه، حتى فطن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:((يا أبا بكر ما لك تمشي ساعة خلفي، وساعة بين يدي؟)) فقال: يا رسول اللَّه، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك، فقال: ((يا
(1) البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب حديث الإسراء، 7/ 196، (رقم 3886).
(2)
انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 7/ 199، وعزاه إلى البيهقي في الدلائل.
أبا بكر، لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني؟)) قال: نعم، والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول اللَّه حتى أستبرئ لك الغار، فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة (1)، فقال: مكانك يا رسول اللَّه حتى أستبرئ، فدخل فاستبرأ، ثم قال: انزل يا رسول اللَّه، فنزل. ثم قال عمر: والذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر (2).
وعندما دخل أبو بكر الغار مع النبي صلى الله عليه وسلم صار يخاف عليه من قريش حينما رآهم، فقال – رضي الله عنه وأرضاه –: يا رسول اللَّه، لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا، فقال:((يا أبا بكر، ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما، لا تحزن فإن اللَّه معنا)) (3).
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((إن أمنَّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخُوّةُ الإسلام ومودَّته)) (4).
(1) الجحرة: مفردها: جحر، وهو المكان الذي تحفره السباع والهوام لأنفسها. انظر: المعجم الوسيط، مادة (جحر)، 1/ 180.
(2)
الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح لولا إرسال فيه. ووافقه الذهبي، 3/ 6، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية، 3/ 180، وعزاه إلى البيهقي، وانظر: حياة الصحابة، 1/ 339، وحلية الأولياء، 1/ 33.
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب المهاجرين وفضلهم، 7/ 8، (رقم 3653)، وكتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، 4/ 1854، (رقم 2381).
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر، 7/ 12، (رقم 3654)، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، 4/ 1854، (رقم 2382).