المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5 – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد الله بن حذافة بن قيس - مواقف الصحابة - رضي الله عنهم - في الدعوة إلى الله تعالى

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مواقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم والقيام بنصرته:

- ‌المطلب الثاني: تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم والحرص على حمايته

- ‌المطلب الثالث: إنفاقه ماله في سبيل اللَّه تعالى

- ‌(أ) إنفاق المال في إعتاق الرّقاب:

- ‌(ب) أخذه جميع ماله يوم الهجرة لإنفاقه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(جـ) تصدُّقه بماله كله في غزوة تبوك:

- ‌المطلب الرابع: موقف أبي بكر عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الخامس: موقفه رضي الله عنه في إنفاذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌(أ) تنفيذ بعث أسامة رضي الله عنه

- ‌(ب) ثم إن بعض الناس

- ‌(جـ) وخرج أبو بكر رضي الله عنه

- ‌المطلب السادس: موقف أبي بكر رضي الله عنه مع أهل الردة ومانعي الزكاة:

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌المبحث الثاني: مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: موقفه في إظهار الإسلام وهجرته:

- ‌المطلب الثاني: موقفه الحكيم في تثبيته الناس على بيعة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌المطلب الثالث: موقفه الحكيم في إصلاح الأهل قبل الناس

- ‌المطلب الرابع: موقفه الحكيم في دعوته بتواضعه للَّه تعالى

- ‌(أ) عندما مر بالجابية

- ‌(ب) ولما قدم عمر بن الخطاب

- ‌المبحث الثالث: مواقف عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: إنفاقه الأموال العظيمة الكثيرة في سبيل اللَّه تعالى

- ‌(أ) عندما قدم النبي

- ‌(ب) بعد أن بنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم

- ‌(جـ) عندما أراد رسول اللَّه

- ‌المطلب الثاني: موقفه العظيم في جمع الأمة على قراءة واحدة، وحسم الاختلاف

- ‌المبحث الرابع: مواقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌المطلب الأول: موقفه رضي الله عنه في تقديم نفسه فداء للنبي صلى الله عليه وسلم ودعوته

- ‌المطلب الثاني: موقفه في بدر مع رؤوس الكفر

- ‌المطلب الثالث: موقف علي رضي الله عنه في يوم الأحزاب (يوم الخندق):

- ‌(أ) استئذانه النبي صلى الله عليه وسلم في المبارزة

- ‌(ب) تذكيره لعمرو بن عبد ودّ ما عاهد عليه اللَّه

- ‌(ج) وعند إقرار عمرو بما عاهد اتخذ عليٌّ ذلك مدخلاً

- ‌(د) وعندما امتنع من قبول هذه الدعوة دعاه إلى النزال

- ‌المطلب الرابع: موقف علي رضي الله عنه في غزوة خيبر:

- ‌(أ) قوله: ((أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا

- ‌(ب) وقوله: ((أنا الذي سمتني أمي حيدرة))

- ‌(ج) وقوله: ((أوفيهم بالصاع كيل السندرة))

- ‌(د) ثم ختم هذه الحكم بقتل مرحب

- ‌المبحث الخامس: مواقف مصعب بن عمير رضي الله عنه

- ‌المبحث السادس: موقف ضمام بن ثعلبة مع قبيلة بني سعد

- ‌المبحث السابع: موقف سعد بن معاذ في حكمه في بني قريظة

- ‌المبحث الثامن: موقف الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌المبحث التاسع: مواقف جماعة من الصحابة

- ‌1 - فهذا بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌2 - وهذا عمار بن ياسر، وأبوه ياسر، وأمه سُميّة

- ‌3 - وهذا صهيب الرومي رضي الله عنه

- ‌4 - وهذا عبد اللَّه بن عبد الأسد: أبو سلمة، وزوجته أم سلمة

- ‌5 – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد اللَّه بن حذافة بن قيس

- ‌6 - ومن هذه المواقف العظيمة التي تدل على قوة الإيمان والرغبة فيما عند اللَّه والدار الآخرة

- ‌7 - وهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌8 - ومن ذلك ما فعلته رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة

- ‌9 - ومما يدل على ذلك ما فعله أنس بن النضر الأنصاري عم أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌10 - كما يدل على رغبتهم فيما عند اللَّه ما فعل عُمير بن الحُمام في بدر حينما سمع رسول اللَّه يقول لأصحابه:

الفصل: ‌5 – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد الله بن حذافة بن قيس

بزوجك إن شئت، قالت: وردّ بنو عبد الأسد عند ذلك ابني فارتحلت ببعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة وما معي أحد من خلق اللَّه

)) (1).

اللَّه أكبر ما أعظم هذا الموقف! وما أحكمه! فقد ترك أبو سلمة زوجته وابنه، وماله، وهاجر بنفسه تاركاً نصفه وراءه من أجل دينه ويتجاذب بنو عبد الأسد وبنو المغيرة ابن أم سلمة، ويخلعوا يده وهي تنظر، وتحبس من أجل دينها، وتبكي كل يوم في الأبطح سنة أو قريباً منها، إنه موقف عظيم وبلاء كبير أسفر عن قوة الإيمان والصدق مع اللَّه، فنسأل اللَّه العافية في الدنيا والآخرة، ورضي اللَّه عن أبي سلمة وزوجته وأرضاهما، فقد جاهدا في اللَّه، وأُوذيا في اللَّه، وصبرا في اللَّه، واللَّه المستعان.

‌5 – وعندما ينظر الإنسان في موقف عبد اللَّه بن حذافة بن قيس

رضي الله عنه عندما حاول ملك الروم أن يصدّه عن دينه – يرى الموقف الحكيم، والرجل العظيم!

وجَّه عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشاً إلى الروم، فأسروا عبد اللَّه بن حذافة، فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: إن هذا من أصحاب محمد. فقال: هل لك أن تتنصَّر وأُعطيك نصف ملكي؟ قال: لو أعطيتني

(1) انظر: سيرة ابن هشام، 2/ 77، والبداية والنهاية، 3/ 169، والرحيق المختوم، ص150، وهذا الحبيب يا محبّ، ص151.

ص: 62

جميع ما تملك، وجميع ما تَملُك، وجميع ملك العرب، ما رجعت عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين، قال: إذاً أقتلك. قال: أنت وذاك، فأُمِرَ به فصُلِبَ وقال للرماة: ارموه قريباً من بدنه، وهو يعرض عليه ويأبى ولم يجزع، فأنزله، وأمر بقدر فصبَّ فيه ماء وأُغلي عليه حتى احترقت، ودعا بأسيريْنِ من المسلمين، فأمر بأحدهما، فأُلقي فيها فإذا عظامه تلوح، وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، فأمر بإلقائه في القدر إن لم يتنصّر، فلما ذهبوا به بكى، فقيل للملك: إنه بكى، فظن أنه قد جزع، فقال: ردوه، فقال: ما أبكاك؟ قال: قلت هي نفس واحدة تُلقى الساعة فتذهب فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تُلقى في النار في اللَّه. فتعجب الطاغية فقال له: هل لك أن تُقبّل رأسي وأًخلِّي عنك؟ فقال له عبد اللَّه: وعن جميع أسارى المسلمين؟ قال: نعم، فقبّل رأسه، فخلّى عنهم، وقدم بالأسارى على عمر، فأخبره خبره. فقال عمر: حقٌّ على كلِّ مسلم أن يُقبِّل رأس عبد اللَّه بن حذافة، وأنا أبدأُ. فقبَّل رأسه (1).

هذا موقف عظيم حكيم، فإن عبد اللَّه رضي الله عنه ثبت على دينه، ولم يقبل سواه، ولو أُعطى ملك كسرى ومثله معه، وملك العرب جميعاً، ثم لصدقه مع اللَّه لم يجزع من الرّماة عندما رموه وهو مصلوب، ولم يجزع من القِدْرِ والماء المغليّ وقد رأى من يُلقى في

(1) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 2/ 14، والإصابة في تمييز الصحابة، 2/ 269.

ص: 63