الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، وقال قيس بن عباد: وفيهم أنزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (1).
قال: هم الذين بارزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة (((2).
فرضي اللَّه عن جميع الصحابة وأرضاهم، فإنهم كانوا لا تأخذهم في اللَّه لومة لائم، قال اللَّه عز وجل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} (3).
المطلب الثالث: موقف علي رضي الله عنه في يوم الأحزاب (يوم الخندق):
في سنة خمس من الهجرة كانت غزوة الخندق في شهر شوال.
وكان سبب هذه الغزوة أن جماعة من اليهود خرجوا حتى قدموا
(1) سورة الحج، الآية:19. وانظر: فتح البخاري مع الفتح، 7/ 96.
(2)
البخاري مع الفتح، في كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل، 7/ 296، 297، (رقم 3965، 3966)، وفي كتاب التفسير، باب (هذان خصمان اختصموا في ربهم) 9/ 443، (رقم 4744)، وانظر أيضا: البداية والنهاية 3/ 273، وأعلام المسلمين لخالد البيطار، ص62.
(3)
سورة الأحزاب، الآية:23.
على قريش بمكة، فدعوهم إلى حرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فتعاهدوا على حرب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج هؤلاء الجماعة من اليهود حتى جاءوا قبائل غطفان فدعوهم لذلك، فأجابوهم، ثم طافوا في قبائل العرب، فاستجاب لهم من استجاب، ونقضت بنو قريظة العهد امتثالاً لأمر حيي بن أخطب، عندما حرض كعب بن أسد القرظي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولما سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بهم، وبما أجمعوا عليه من الأمر ضرب الخندق على المدينة بمشورة سلمان الفارسي، فحفروا الخندق بينهم وبين العدو، وجعلوا جبل سلع من خلف ظهورهم، وقد صار المحاربون لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خمسة أصناف هم: المشركون من أهل مكة، والمشركون من قبائل العرب، واليهود من خارج المدينة، وبنو قريظة، والمنافقون، وكان من وافى الخندق من الكفار عشرة آلاف، والمسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف، وقد حاصروا النبي صلى الله عليه وسلم شهراً، ولم يكن بينهم قتال، لأجل ما حال اللَّه به من الخندق بينهم وبين المسلمين، إلا أن فوارس من قريش، منهم عمرو بن عبد وُدٍّ العامري أقبلوا، فجالت بهم خيولهم، فنظروا إلى مكان ضيق من الخندق فاقتحموه، ثم جالت بهم خيولهم في السبخة بين الخندق وسلع، ودعوا إلى البراز (1).
(1) انظر: زاد المعاد، 3/ 269 - 276، وسيرة ابن هشام، 3/ 229 - 252، والبداية والنهاية، 4/ 92 - 116.
وهذا هو موضع الشاهد لموقف علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
قال عمرو بن عبد ودّ في هذا الموقف: من يُبارز؟ فقام علي بن أبي طالب، فقال: أنا لها يا رسول اللَّه! فقال: ((إنه عمرو، اجلس))، ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إليَّ رجلاً؟ فقام علي، فقال: أنا يا رسول اللَّه! فقال: ((اجلس)) ثم نادى الثالثة
…
فقام علي رضي الله عنه فقال: يا رسول اللَّه، أنا، فقال:((إنه عمرو))، فقال: وإن كان عمراً! فأذن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فمشى إليه علي حتى أتى إليه، فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، وقال علي: يا عمرو، إنك كنت عاهدت اللَّه ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه، قال له: أجل، قال علي: فإني أدعوك إلى اللَّه وإلى رسوله وإلى الإسلام، قال: لا حاجة لي بذلك، قال: فإني أدعوك إلى النزال، فقال له: لم يا ابن أخي؟ فواللَّه ما أحب أن أقتلك. قال له علي: ولكني واللَّه أحب أن أقتلك، فغضب عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على عليٍّ وسل سيفه كأنه شعلة نار، فاستقبله عليٌّ بالترس، فشق السيف الترس، فضربه عليُّ على حبل عاتقه، فسقط وثار الغبار، وسمع المسلمون التكبير، فعرفوا أن عليًّا