الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول التعريف بالتقوى
المطلب الأول التقوى في لغة العرب
نقل ابن منظور في معجمه الكبير [لسان العرب: 3/ 971 - 973] عن ابن الأعرابي أنَّ: التُّقاة، والتَّقيَّة، والتقوى، والاتِّقاء بمعنى واحد، وبيَّن ابن منظور أنَّ معنى وقاه الله وقياً ووقاية: صانه، تقول: وقيت الشيء أقيه: إذا صنته وسترته من الأذى، وتوقَّى، واتقى بمعنى. والوقاء والوقاء والوقاية: كلّ ما وفيت به شيئاً، ووقاك الله شرَّ فلان وقاية، أي: حفظك، وقال أبوبكر: رجل تقي، ويجمع أتقياء، معناه أنه موقٍ نفسه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وفي الحديث: «كنا إذا احمرَّ البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم "أي" جعلناه وقاية لنا من العدو قدامنا، واستقبلنا العدوَّ به، وقمنا خلفه، وقال أفنون التغلبي:
لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي
…
إذ هو لم يجعل له الله واقيا
المطلب الثاني تعريف التقوى في الاصطلاح
قال شيخنا الشيخ عبد الله العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: "تقوى الله سبحانه، هي عبادته، بفعل الأوامر وترك النواهي عن خوف من الله وعن رغبة فيما عنده، وعن خشية له سبحانه، وعن تعظيم لحرماته، وعن محبة صادقة له سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم "[محاضرة نشرتها مجلة البحوث الإسلامية، الرياض، العدد: 59].
وهذا تعريف جامع للتقوى في الشرع، فالتقوى تكون بعبادة الله تعالى بفعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات الصادرة عن خوف الله وخشيته ومحبته، قال تعالى:{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [البقرة: 41] وقال سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281].
والتقوى التي في القلب ليست قاصرة على الخوف والخشية، فقد عدَّاها شيخنا إلى الخوف والخشية والرغبة فيما عند الله، وإلى تعظيم حرمته، وهذا صحيح، فإن التقوى هي مجموع ما في القلب من خوف الله وخشيته وتوقيره ووتعظيه ومراقبته، وطلب ما عنده.
وقد قصَّر بعض أهل العلم في تعريف التقوى عندما قصروها على فعل المأمورات وترك المنهيات، ومن ذلك قول أبي عبد الله التونسي:"حقيقة التقوى عبارة عن امتثال المأمورات واجتناب المنهيات"[بصائر ذوي التمييز: 5/ 257].
فإن قصرها على فعل المأمورات وترك المنهيات، ولم يذكر ما حلَّ في القلب منها.
ومن التعريفات التي قصَّرت في تعريف التقوى تعريف الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فإنه قال:"التقوى ترك ما حرَّم الله، وأداء ما افترض الله"[المطلع على أبواب المقنع: ص99]، ومنها تعريف الكفوي حيث قال:"المتقي في عرف الشرع اسم لمن يقي نفسه عمّا يضره في الآخرة، وهو الشرك المفضي إلى العذاب المخلد"[الكليات: ص 38]. فقد قصر التعريف الأول التقوى على ترك المحرمات وفعل الفرائض، ولم يذكر ما في القلب، والتعريف الثاني قصرها على الشرك المفضي إلى العذاب.