الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتخوف العيون فرقيت فيها فحللت خبيباً، فوقع إلى الأرض، فانتبذت عنه غير بعيد، ثم التفت فلم أر خبيباً، ولكأنما ابتلعته الأرض فلم ير لخبيب أثر حتى الساعة [صفة الصفوة: 1/ 619 - 622].
8 - الصحابي المجاهد خالد بن الوليد
تقديم:
الصحابي الجليل المجاهد والقائد الفذ المحنّك خالد بن الوليد، الذي تحبه النفوس، وتتلو سيرته العطرة الألسنة، وتهفو القلوب إلى وجود قائد فذ مثله عندما يحيط بها الأعداء، وتتناوشها السهام من كل جانب.
ترجمته:
1 -
التعرف به: قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في ترجمته: هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.
يكنى أبا سليمان وأمّه عصماء، وهي لبابة الصغرى بنت الحارث، أخت أم الفضل امرأة العباس.
2 -
إسلام خالد بن الوليد: قال المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث، قال: سمعت أبي يحدِّث، قال: قال خالد بن الوليد رضي الله عنه: لما أراد الله بي ما أراد من الخير، قذف في قلبي حبَّ الإسلام، وحضرني رشدي، وقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد، فليس موطن أشهده إلا انصرفت وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء، وأن محمداً سيظهر، ودافعته قريش بالراح يوم الحديبية، فقلت: أين المذهب؟ وقلت: أخرج إلى هرقل، ثم قلت: أخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية، فأقيم مع عجم تابعاً لهم، مع عيب ذلك عليّ؟ ودخل رسول الله رضي الله عنه مكة عام القضية، فتغيّبت فكتب إليّ أخي:
"لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد؟ وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك فقال: أين خالد، فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثل خالد جهل الإسلام، استدرك يا أخي ما فاتك".
فما أتاني كتابه نشطت للخروج، وزادني رغبة في الإسلام، وسرتني مقاله النبي صلى الله عليه وسلم، فأرى في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلد أخضر واسع، فقلت: إن هذه لرؤيا، فذكرتها بعد لأبي بكر فقال: هو مخرجك الذي هداك الله فيه للإسلام، والضيق: الشرك، فأجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلبت من أصاحب، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد، فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعاً، فأدلجنا سحراً، فلما كنا بالهدّة إذا عمرو بن العاص فقال: مرحباً بالقوم. فقلنا: وبك. فقال: أين مسيركم؟ فأخبرناه وأخبرنا أنه يريد أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم، فاصطحبنا، حتى قدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول يوم من صفر سنة ثمان، فلما طلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه بالنبوة، فردّ عليّ السلام بوجه طلق فأسلمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد كنت أرى لك عقلاً، رجوت أن لا يسلمك إلا إلى الخير» وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلت: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صدٍّ عن سبيل الله، فقال:«إن الإسلام يجبّ ما قبله» ، ثم استغفر لي، وتقدَّم عمرو وعثمان بن طلحة فأسلما، فو الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم أسلمت يعدل بي أحداً من أصحابه فيما يجزبه.
3 -
تولي خالد الإمارة بعد استشهاد الأمراء في مؤتة: وعن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت قال: لما كان يوم مؤتة، وقتل الأمراء، أخذ اللواء ثابت ابن أقرم، وجعل يصيح يا للأنصار، فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد ابن الوليد فقال: خد اللواء يا أبا سليمان، فقال: لا آخذه، أنت أحقُّ به، لك
سنّ، وقد شهدت بدراً، قال ثابت: خذه أيها الرجل، فو الله ما أخذته إلا لك، وقال ثابت للناس: اصطلحتم على خالد؟ قالوا: نعم، فحمل اللواء، وحمل بأصحابه، ففضّ جمعاً من جمع المشركين.
وعن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد انقطع في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وصبرت في يدي صفيحة لي يمانية.
4 -
خالد سيف من سيوف الله: وعن عبد الملك بن عمير، قال: استعمل عمر أبا عبيدة بن الجراح على الشام، وعزل خالد بن الوليد، قال: فقال خالد ابن الوليد: بعث عليكم أمين هذه الأمة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» . فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشيرة» [القصة وحديثا خالد وأبي عبيدة أخرجهما الإمام أحمد في المسند (4/ 90) ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك أبا عبيدة، وهو حديث صحيح بشواهده - انظر مجمع الزوائد (9/ 348)].
5 -
جهاد خالد بن الوليد: قال العلماء بالسير: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد في سرايا، وخرج معه في غزاة الفتح، وإلى حنين، وتبوك، وفي حجة الوداع، فلما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه أعطاه ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه (1).
ولما خرج أبو بكر رضي الله عنه إلى أهل الردة كان خالد بن الوليد يحمل لواءه، فلما تلاحق الناس به استعمل خالداً ورجع إلى المدينة، وكان خالد يقول: ما أدري من أي يوميّ أفرّ؟ من يوم أراد الله عز وجل أن يهدي لي فيه شهادة، أو من يوم أراد الله عز وجل أن يهدي لي فيه كرامة؟
(1) القصة صحيحة أخرجها أبو نعيم في دلائل النبوة.