الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران: 185]، وقال فيهم:{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم: 63].
الثالث: أن هؤلاء بسبب قلة علمهم ظنوا أن هناك في يوم الدين نعيماً خارجاً عن الجنة، وأنَّ هناك شقاء خارجاً عن النار، وهذا غير صحيح، فأعظم نعيم أهل الجنة رؤية ربهم تبارك وتعالى، وأعظم شقاء أهل النار حرمانهم من رؤية الله تبارك وتعالى.
الرابع: الذين يغفلون عن العبادة طلباً للجنة، وخوفاً من النار، يضعف عندهم التعبد لله تعالى، فالعبادة رغباً ورهباً، تقوِّي الباعث على التعبد، فالمتقون الذين فقهوا عن الله تعالى، يسهرون ليلهم، ويكثرون من الاستغاثة بالله أن يدخلهم جنته، ويقيهم ناره، تبارك وتعالى، واسمع إلى ما خوَّف الله به عباده، وتدبَّره وانظر أثره في قلبك {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: 17].
الخامس: التقوى أن نجعل بيننا وبين عذاب الله وقاية من فعل الصالحات وترك السيئات كما في الحديث الذي رواه عدي بن حاتم، قال: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«اتقوا النار ولو بشقِّ تمرة» [البخاري: 1417، مسلم: 1016].
المطلب الرابع موضع التقوى القلب
تحدثت فيما سبق عن الأعمال التي أمر الله بها عباده ليكونوا من المتقين، وهذه الأعمال من الصلاة والزكاة والصبر والوفاء بالعهد ونحوها لا بد أن تقوم على ما امتلأ به القلب من مخافة الله وتعظيمه وتوقيره، فالعمل إن خلا مما
استقرَّ في القلوب، فلا يكون من التقوى في شيء، فالذي ينفق المال لا يريد به الله، والذي يرائي بصلاته، والذي يفي بالعهد حفاظاً على شرفه ومروءته، أعماله ليست من التقوى في شيء.
يدلُّنا على ذلك أن مكان التقوى القلب، قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [المائدة: 7] أمر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين بالمواظبة على التقوى، ثم أعلمهم أنه يعلم ما في صدروهم من الأسرار والخواطر، وقد نهى رسولنا صلى الله عليه وسلم عن الأعمال التي توقع البغضاء والشحناء بين العباد، وأمرنا أن نكون عباد الله إخواناً، ونهانا عن ظلم إخواننا وخذلانهم واحتقارهم، وأخبرنا أن التقوى في القلوب، فقال:«لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات. [مسلم عن أبي هريرة: 2564].
قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره ثلاث مرات، وفي رواية: «إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم» [مسلم: 2564] معنى الرواية الأولى أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته"[شرح النووي على مسلم: 16/ 94].
وقال ربُّ العزة في الهدي الذي نحره أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم في الحج: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].
فالله تبارك وتعالى لا يصل إليه اللحوم والجلود والدماء، وإنما يصل إليه سبحانه ما يقع في قلب العبد وهو يقدم الهدي والأضحية من تعظيم لرب