المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب السابع كرامات الأولياء - التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها

[عمر سليمان الأشقر]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌المبحث الأول التعريف بالتقوى

- ‌المطلب الأول التقوى في لغة العرب

- ‌المطلب الثاني تعريف التقوى في الاصطلاح

- ‌المطلب الثالث من التقوى أن تعبد الله رجاء جنته وخوف ناره

- ‌المطلب الرابع موضع التقوى القلب

- ‌المطلب الخامس المقصود الأعظم من العبادات تحقيق التقوى في القلوب

- ‌المطلب السادس تعريف القرآن العظيم بالمتقين

- ‌أولاً: حديث الله تعالى عن المتقين في مطلع سورة البقرة:

- ‌ثانياً: حديث الله تعالى عن المتقين في آية البر من سورة البقرة:

- ‌ثالثاً: الموضع الثالث في سورة آل عمران:

- ‌المطلب السابع حاجتنا للتقوى في الآخرة

- ‌المبحث الثاني الله تعالى أهل التقوى

- ‌المبحث الثالث كلمة التقوى

- ‌المطلب الأول كلمة التقوى لا إله إلا الله

- ‌المطلب الثاني فضل كلمة التقوى

- ‌ابن القيم يبين فضل كلمة لا إله إلا الله:

- ‌كلمة التقوى هي الكلمة الطيبة:

- ‌المبحث الرابع لا تكون من المتقين حتى تكون عالما بما تتقي

- ‌ظن بعض الناس أنه بالتقوى يحصل العلم بغير تعلم:

- ‌المبحث الخامس المحذورات التي يجب علينا أن نتقيها

- ‌أولا: تقوى الكفر والشرك:

- ‌ثانيا: اتقاء البدع:

- ‌ثالثا: اتقاء كبائر الذنوب:

- ‌رابعا: اتقاء صغائر الذنوب:

- ‌خامسا: اتقاء المباحات:

- ‌سادسا: اتقاء الأعمال المرجوحة المفضولة:

- ‌المبحث السادس كيف نغرس التقوى في قلوبنا

- ‌أولا: تعرف العبد إلى ربِّه:

- ‌ثانيا: عبادة الله تبارك وتعالى بصدق:

- ‌ثالثا: التفكر في خلق الله تعالى:

- ‌رابعا: التفقه في النصوص المتحدثة عن القبر وعذابه والآخرة وأهوالها:

- ‌1 - ما يقع للبعد عند موته وبعد الموت:

- ‌2 - تصور المحاسبي لأهوال يوم القيامة:

- ‌خامسا: الإكثار من ذكر الله تعالى:

- ‌المبحث السابع مدى عناية الإسلام والمسلمين بالتقوى

- ‌المطلب الأول لا أنفع للعباد من الالتزام بالتقوى

- ‌المطلب الثاني توصية الله الأولين والآخرين بالتقوى

- ‌المطلب الثالث توصية جميع الأنبياء أممهم بالتقوى

- ‌المطلب الرابع كثرة إيصاء الله هذه الأمة التقوى

- ‌المطلب الخامس توصية رسولنا صلى الله عليه وسلم بالتقوى

- ‌المطلب السادس توصية أهل العلم بالتقوى

- ‌المطلب السابع وصية الشعراء بالتقوى

- ‌المبحث الثامن فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى

- ‌المبحث التاسع حاجة التقوى إلى الصبر

- ‌المطلب الأول من يتق ويصبر فلن يضيع الله علمه

- ‌المطلب الثاني أقسام الناس في التقوى والصبر

- ‌المبحث العاشر عظم جرم الذي إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم

- ‌المبحث الحادي عشر تأسيس الأعمال على التقوى

- ‌المبحث الثاني عشر ليس من التقوى الغلو في العبادة

- ‌المبحث الثالث عشر التعاون على البر والتقوى

- ‌المبحث الرابع عشر فضل التقوى وعظم قدرها

- ‌المطلب الأول التقوى الخصلة التي تجمع خير الدنيا والآخرة

- ‌المطلب الثاني التقوى تشرح الصدر والفجور يدسي النفس

- ‌المطلب الثالث الله يحب المتقين

- ‌المطلب الرابع إنما يتقبل الله من المتقين

- ‌المطلب الخامس لا يقبل الله الأعمال إلا من المتقين

- ‌المطلب السادس الله ولي المتقين

- ‌المطلب السابع كرامات الأولياء

- ‌المطلب الثامن الذين لا يدخلون في الولاية

- ‌المطلب التاسع أكرم العباد عند الله أتقاهم

- ‌المطلب العاشر بشرى الله للمتقين في الدنيا والآخرة

- ‌المطلب الحادي عشر إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا

- ‌المطلب الثاني عشر يجعل الله للمتقين من كل ضيق فرجا

- ‌المطلب الثالث عشر فتح الله بركات السماء والأرض على المتقين

- ‌المطلب الرابع عشر المتقون هم المفلحون

- ‌المطلب الخامس عشر الأتقياء إخوة في الله

- ‌المطلب السادس عشر تكفير الله خطايا المتقين

- ‌المطلب السابع عشر العاقبة للمتقين

- ‌المطلب الثامن عشر لباس التقوى خير من اللباس الحسي

- ‌المطلب التاسع عشر إنجاء الله تعالى المتقين من النار

- ‌المطلب المتمم للعشرين المتقون في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر

- ‌المبحث الخامس عشر قصص المتقين وأخبارهم

- ‌المطلب الأول حسن خاتمة أولياء الله المتقين

- ‌المطلب الثاني سير المتقين وأخبارهم

- ‌1 - ملكة مصر زوجة فرعون

- ‌2 - مؤمن آل فرعون

- ‌3 - الصحابية أم سليم بنت ملحان الأنصارية

- ‌4 - الصحابي الجليل عاصم بن ثابت قيس

- ‌5 - الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب

- ‌6 - الصحابي الجليل أبو ذر

- ‌7 - الصحابي الجليل خبيب بن عدي بن مالك

- ‌8 - الصحابي المجاهد خالد بن الوليد

- ‌9 - الصحابي الجلي سعيد بن عامر بن حذيم

- ‌10 - سليمان بن يسار

- ‌11 - الخليفة الراشد التابعي

- ‌12 - الفضيل بن عياض التميمي

- ‌13 - الإمام أحمد بن محمد بن حنبل

- ‌14 - الداعية المجاهد سعيد بن جبير

- ‌المراجع

الفصل: ‌المطلب السابع كرامات الأولياء

المتقين ليس لهم من دون الله من ولي ولا شفيع {لَيْسَ لَهُمْ مِّنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأنعام: 51].

وهذا التعريف لأولياء الله الذي نصّ الله عليه في قوله: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفُ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62 - 63] يدلُّ على أن كل مؤمن تقي، فإنه لله ولي، وهذا يدلُّ على مدى ضلال بعض المسلمين الذين ينسبون الولاية إلى أقوام جهلة، علمهم بالعقيدة والشريعة قليل، وجهلهم بهما كثير، حتى إن الواحد منهم قد لا يعلم كيف يصلي، وكيف يتوضأ، وتجده متلطخاً بالنجاسات، مغرقاً في الترهات، وقد تجد الواحد منهم مشتغلاً بالسحر والشعوذة، مضلاً لعباد الله، والناس يظنون فيه التقى، وهو أبعد الناس عن التقى.

‌المطلب السابع كرامات الأولياء

أخبرنا ربنا تبارك وتعالى أن أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم الذين آمنوا وكانوا يتقون {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفُ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: 62 - 63].

فكل مؤمن تقي، فهو لله ولي، وقد يخرق الله تبارك وتعالى لبعض أوليائه العادات، ولكن الذين خرقت لهم العادات لا يكونون أولياء إلا إذا كانوا مؤمنين أتقياء، أما الكفار وأهل البدع الضالون الذين تخرق لهم العادات، فتراهم لا يصلون، ولا يتوضؤون، تراهم مخالفين للكتاب والسنّة، ثم تراهم يطيرون في الهواء، ويمشون على الماء، فهؤلاء ضالون

ص: 96

ليسوا من الولاية في شيء، وكثير من الكفرة والمشركين من اليهود النصارى وغيرهم يجري على يديه بعض الخوارق، وهذه الخوارق أحوال شيطانية، وليست بأحوال رحمانية.

وأولياء الرحمن المؤمنون المتقون - كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - نوعان: الأبرار أصحاب اليمين؛ والسابقون المقربون، فالأولون هم المقربون إلى الله بفعل ما فرضه وترك ما حذَّره؛ والآخرون هم الذين يتقربون إليه بعد الواجبات بالنوافل المستحبات، كما روى البخاري في صحيحه [ورقمه: 6502] عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى: من عادى لي وليّاً فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرّب إليّ عبدٌ بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه» .

فقد بيَّن صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث نوع أولياء الله المتقربين بالفرائض، ونوع أهل النوافل بالمحبة، وما لم يكن من الواجبات ولا من المستحبات، ولم يأمر الله به ورسوله لا أمر إيجاب ولا استحباب، ولا فضَّله الله ورسوله بالترغيب فيه، فليس من الأعمال الصالحة، وليس من العبادات التي يتقرَّب بها إلى الله، وإن كان كثيرٌ من عبَّاد المشركين وأهل الكتاب والمبتدعين يتقربون بما يظنونه عبادات، وليس مما أوجب الله ورسوله ولا أحبَّه الله ورسوله، فهؤلاء ضالون مخطئون طريق الله.

ص: 97

وهم في الضلال درجات: فمنهم كافر، ومنهم فاسق، ومنهم مذنب، ومنهم مؤمن مخطئ أخطأ في اجتهاده، والخوارق التي تحصل بمثل هذه الأعمال التي ليست واجبةً، ولا مستحبة، بل هي من الأحوال الشيطانية، لا مما يكرم الله به أولياءه، كالخوارق التي تحل بالشرك والكواكب وعباداتها، وعبادة المسيح والعزير وغيرهما من الأنبياء، وعبادة الشيوخ الأحياء والأموات، وعبادة الأصنام، فإن هؤلاء قد تجعل لهم أرواحٌ تخاطب ببعض الأمور الغائبة، ولكن لا بد أن يكذبوا مع ذلك، كما قال تعالى:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: 221 - 222]. وقد تقتل بعض الأشخاص أو تمرضه، وقد تأتيه بما تسترقه من الناس، إما دراهم وإما طعام وإما شراب أو لباس أو غير ذلك. وهذا كثير جداً.

فمن كذَّب بمثل هذه الخوارق فهو جاهل بالموجودات، ومن ظنّ أن هذه كرامات أولياء الله المتقين فهو كافرٌ بدين رب الأرض والسماوات، بل هذه من جنس أحوال الكهنة والسحرة، مثل مكاشفة عبد الله بن صيّاد للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد ظنّه بعض الصحابة الدجَّال، ولم يكن هو الدجال، وتوقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم حتى تبيّن له أنه ليس هو الدجال، لكن كان له حالٌ شيطاني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«قد خبأت لك خبيئةً» [مسلم: 2924]، فقال: الدُّخ الدُّخ، وكان قد خبأ له سورة الدخان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«اخسأ، فلن تعدو قدرك، فإنما أنت من إخوان الكهَّان» . وقال له: «ما ترى؟» قال: أرى عرشاً على الماء، وقال: يأتيني صادقٌ وكاذب. [أخرجه مسلم: (2925، والترمذي: 2247 عن أبي سعيد الخدري]. وذلك العرش هو عرش إبليس. وقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الشيطان ينصب عرشه على البحر، ويبعث سراياه» [مسلم: 2813].

ص: 98