الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومما يدل على قوة قلبها أنها اتخذت خنجراً، تريد به بعج بطن من يريدها من الأعداء، وقد أخبرنا أنس رضي الله عنه:"أن أبا طلحة جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يوم حنين يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم سليم، قال: يا رسول الله، ألم تر إلى أم سليم مها خنجر"، فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:«ما تصنعين به يا أم سليم؟» .
قالت: "أردت إن دنا مني أحد طعنته به"[مسند أحمد: 19/ 162، ورقمه: 12108 وقال محقوه: صحيح على شرط مسلم].
4 - الصحابي الجليل عاصم بن ثابت قيس
تقديم:
عاصم بن ثابت صحابي جليل، أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلّة من أصحابه إلى هذيل بناءً على طلب طائفة منهم، ليعلمهم، فغدروا بهم، وأرادوا أسرهم، فأبى عاصم أن يعطيهم نفسه، وقاتلهم، فرماهم بنبل حتى فنيت نباله، وطاعنهم برمحه، حتى انكسر رمحه، وقتل رجلاً منهم، وجرح اثنين، ودعا ربه أن يحمي جسده من المشركين كما حمى دينه، فأجاب الله دعاءه.
ترجمته:
1 -
التعريف به: قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في ترجمته: عاصم بن ثابت بن قيس، يكنى أبا سليمان، شهد بدراً وأحداً، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ حين ولّى الناس وبايعه على الموت.
وكان من الرماة المذكورين، وقتل يوم أحد من أصحاب لواء المشركين مسافعاً والحارث، فنذرت أمهما سلافة بنت سعد أن تشرب في قحف (1) عاصم الخمر، وجعلت لمن جاءها برأسه مائة ناقة.
(1) العظم الذي فوق الدماغ، أو ما انفلق من الجمجمة وانفصل.
2 -
قوة عاصم في دينه: فقدم ناس من هذيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألوه أن يوجه معهم من يعلِّمهم، فوجَّه عاصماً في جماعة، فقال لهم المشركون: استأسروا، فإنا لا نريد قتلكم، وإنما نريد أن ندخلكم مكة، فنصيب بكم ثمناً. فقال عاصم: لا أقبل جوار مشرك، وجعل يقاتلهم حتى فنيت نبله، ثم طاعنهم، حتى انكسر رمحه، فقال:"اللهم إني حميت دينك أول النهار فاحم لحمي آخره" فجرح رجلين وقتل واحداً، وقتلوه، فأرادوا أن يحتزّوا رأسه فبعث الله الدَّبر (1). فحمته، ثم بعث الله إليه سيلاً في الليل فحمله، وذلك يوم الرَّجيع (2).
وعن بريدة بن سفيان الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عاصم بن ثابت وزيد بن الدَّثنة، وخبيب بن عدي، ومرثد بن أبي مرثد، إلى بني لحيان بالرجيع فقاتلوهم، حتى أخذوا أماناً لأنفسهم إلا عاصماً فإنه أبى، وقال: لا أقبل اليوم عهداً من مشرك، ودعا عند ذلك، فقال: اللهم إني أحمي لك دينك، فاحم لي لحمي، فجعل يقاتل وهو يقول:
ما علّتي وأنا جلدٌ نابل
…
والقوس فيها وترٌ عنابل
إن لم أقاتلهم فأمي هابل
…
الموت حقّ والحياة باطل
وكلُّ ما حمَّ الإله نازل
…
بالمرء، والمرء إليه آئل
قال: فلما قتلوه قال بعضهم لبعض: هذا الذي آلت فيه المكية وهي سلافة، فأرادوا أن يختزّوا رأسه ليذهبوا به إليها، فبعث الله عز وجل رجلاً من
(1) ذكور النحل، أو الزنابير.
(2)
كان ذلك سنة 3 هـ، والرجيع: ماء لبني هذيل قرب مكة.