المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عملي في الكتاب: - نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار - جـ ١

[بدر الدين العيني]

الفصل: ‌عملي في الكتاب:

‌عملي في الكتاب:

اتخذت من نسخة "دار الكتب المصرية" -والتي بخط المصنف- أصلًا في ضبط الكتاب فقمنا بقراءتها قراءة متفحصة، ثم قمنا بنسخها ورمزنا لها بـ"الأصل".

استعنت بالنسخة المتأخرة والمحفوظة بدار الكتب القومية تحت رقم (21547 - ب) والتي رمزنا لها بالرمز "ك"، ونسخة أحمد الثالث، والتي رمزنا لها بالرمز "ح" في استدراك بعض السقط، واستيضاح بعض الطمس الذي وقع في النسخة "الأصل".

فقمنا بمقابلة "الأصل" عليهما مقابلة دقيقة وأثبتنا الفروق المهمة بينهما، وإذا كان ما في "الأصل" هو الصواب أثبتناه بين قوسين () مستديرين ونبهنا على الفرق في الهامش.

وإذا كان ما في "الأصل" ليس له وجه صحيح عندنا.

أثبتنا الصواب في أصل الكتاب بين معقوفين []، وأشرنا إلى ما كان في "أصل" في الهامش.

كما استعنت بنسخة "مباني الأخبار" وهو الكتاب الأم الذي قام مؤلفه بتنقيحه واختصاره في كتابنا هذا، وهو "نخب الأفكار" في استدراك بعض السقط الذي لم يوجد في النسخ المساعدة كما في أول المجلد الأول.

كما استعنت بكتاب "شرح معاني الآثار" في ضبط كلام الطحاوي ومقابلة أصل الكتاب وهو المتن الذي يصدره المؤلف بالرمز "ص" فقابلناه عليه وأثبتنا الفروق المهمة مع الوضع في الاعتبار أن نسخة الإمام العيني هي أضبط كثيرًا من النسخ المطبوعة والتي تتميز بكثرة السقط والتحريف كما أن كتابنا بخط المؤلف: مما يزيدنا ثقة في نقله عن الإمام الطحاوي، كما أنه ينقل من رواية أخرى للكتاب غير الرواية التي طبع عليها الكتاب.

قمت بتنظيم فقرات النص، وكتابته بما هو متعارف عليه في عصرنا من صورة الإملاء ورسم الكلمات، وغَيَّرتُ ما اصطلح عليه الناسخ -وهو المؤلف نفسه- في رسم بعض الكلمات، مثل:"لا يخلو" فيكتبها "لايخ"، "لابد حينئذ"

ص: 22

فيكتبها "لابح"، وكلمة "حينئذ"، والتي يكتبها كثيرًا "ح"، وكلمة "إحداهما"، يكتبها دائمًا "إحديهما" مهما كان موقعها من الإعراب، ولعله أراد أن يضع ألف صغيرة فوق الياء.

وكذا تسهيل الهمزات وحذف الألف الوسطية في كثير من الأسماء مثل "الحارث" يكتبها "الحرث"، و"سفيان" يكتبها "سفين"، و"صالح" يكتبها "صلح".

وكذا حذف الهمزة المتطرفة في الكلمات مثل "جاء" يكتبها "جا"، و"السماء" يكتبها "السما"وغير ذلك.

قمت بوضع علامات الترقيم المناسبة والتنسيق بين فقرات النص وضبط ما يشُكل من كلماته، وتقييد ما وقع لنا من فوائد أثناء ضبطه في الهامش، وما زدته عن "الأصل" أو غيرته وضعته بي معقوفين []، وأشرت إليه في الهامش وإلى مصدر الزيادة أو التصويب.

قمت بتخريج الأحاديث والآثار التي ذكرها المؤلف أثناء شرحه.

وكذلك قمت بعزو الأحاديث والآثار التي خرجها المصنف إلى النسخ المطبوعة منها.

قمت بعزو الآيات إلى موضعها من المصحف.

قمت بالتنبيه على بعض الأخطاء والأوهام التي وقع فيها المؤلف: وغالبها في تعيين الرواة أو تخريج بعض الأحاديث.

فمن أمثلة الأوهام في تعيين بعض الرواة:

وهم تكرر منه مرارًا في تعيين الفريابي شيخ البخاري، فكثيرًا ما يقول: الفريابي هو عبد الله بن يوسف وهو وهم أو سبق قلم، والصواب: أنه محمَّد بن يوسف، وأما عبد الله بن يوسف فهو التنيسي، وهو شيخ البخاري أيضًا، وقد تكرر منه ذلك، كما في [8/ 223، 290، [12/ 224، 228]، وغير ذلك، وكذا وهم في تعيين القواريري، واختلط عليه بآخر، كما في [8/ 227].

ص: 23

وكذا في تعيين عبد الله بن عاصم، كما في [31/ 238].

وأما من أمثلة الأوهام في عزو الأحاديث:

فقد وقع له وهم في عزو الحديث لأبي داود، كما في [13/ 275]، ووهم أيضًا في عزو الحديث لمسلم في "صحيحه"، كما في [12/ 443].

قمت بعمل فهارس علمية في آخر الكتاب، وهي تشتمل على فهرس لآيات القرآن الكريم، وفهرس لأطراف الأحاديث والآثار، وفهرسٍ للمسائل الفقهية والأصولية والحديثية، وفهرس للرواة المتكلم فيهم بجرح أو تعديل، وأدخلت فيه كل من قال فيه العيني: رجاله ثقات أو إسناده صحيح. وفهرس للكلمات الغريبة التي شرحها المولف رحمه الله.

ووضعت في آخر كل مجلد فهرسًا للموضوعات الواردة فيه حتى يسهل الانتفاع بمادة الكتاب العلمية.

كما قمت بعمل ترجمة وافية للمؤلف ومنهجه في الشرح وعقيدته وشيوخه وتلاميذه.

ووضعت توصيفًا علميًّا لنسخ الكتاب المخطوطة؛ الأصل، والنسخ المساعدة.

فالله أسأل أن يتقبل مني، وأن يجعله لي ذخرًا في الآخرة، وأن يخلصه من شوائب السمعة والرياء، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وما كان من عيب فمني ومن الشيطان وما كان من صواب فمن الله وحده. ونستغفر الله.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وكتبه راجي عفو ربه

أبو تميم ياسر بن إبراهيم

بدار المشكاة

في يوم الأربعاء الخامس من جمادى الأخرى سنة 1428 هـ

ص: 24

صورة من الورقة الأولي من النسخة الأصل

ص: 25

الورقة الأخيرة من النسخة الأصل

ص: 26

الورقة الأولي من المجلد الثاني والرابع

ص: 27

الورقة الأولى والأخيرة من الجزء 13

ص: 28

(1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ لله، وأشكره شكرًا كثيرًا، والصلاة والسلام على مَنْ بُعث بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، محمَّد المصطفى ناسخ الملل، وخاتم الأنبياء والرسل، وعلي آله وصحبه الطيبن الطاهرين، والرضوان على علماء الدين، ومن تبعهم من المسلمين، ما قُرئ السبع المثاني والمئين، وبعد:

فإني لما فرغتُ من توشيح رجال معاني الآثار، شرعتُ في الشرح الذي ترجمتُه بمباني الأخبار، متوكلًا على العزيز الغفَّار، وقد بيّنتُ هناك طريق روايتنا للكتاب عن الشيخ الإِمام العلَّامة: أبي جعفر الطحاوي -سقى الله ثراه- وجعل الجنَّةَ مثواه، ولنشرع الآن فيما سبق الوعدُ به، فنقولُ:

قال الشيخ الإِمام العلَّامة أبو جعفر أحمد بن محمَّد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي رحمه الله:

ص: سألني بعض أصحابنا من أهل العلم أنْ أضع له كتابا أذكرُ فيه الآثار المأثورة المروية عن رسول الله عليه السلام في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة من أهل الإسلام أن بعضها ينقض بعضًا؛ لقلة علمهم بناسخها من منسوخها، وما يجب [به](2) العمل منها، لما يشهد له من الكتاب الناطق، والسُّنة المجتمع عليها، وأجعل لذلك أبوابًا، أذكر في كل باب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ، وتأويل العلماء، واحتجاج بعضهم على بعض، وإقامة الحجة لمن صحّ عندي

(1) سقطت الصفحة الأولي من "الأصل، ك" وقد رأيتُ أن أستدركها من الكتاب الأم "مباني الأخبار" إتمامًا للفائدة وسدًّا لهذا النقص، وقد وقعت هذه الصفحة في حوالي ورقتين من كتاب "مباني الأخبار" وسأنبه عند نهاية النقل منها هناك إن شاء الله.

(2)

ليست في "الأصل، ك" والمثبت من "شرح معاني الآثار".

ص: 29

قوله منهم، بما صح به مثله من كتاب أو سنُه أو إجماع أو تواتر، من أقاويل الصحابة أو تابعيهم، وإني نظرت في ذلك وبحثت عنه بحثًا شديدًا، فاستخرجت منه أبوابًا على النحو الذي سأل، وجعلتُ ذلك كتبا، ذكرتُ في كل كتابٍ منها جنسًا من تلك الأجناس، فأول ما ابتدأت بذكره من ذلك: ما رُوي عن رسول الله في الطهارة، فمن ذلك:

ش: قال محمود -عفا الله عنه -: قد جَرتْ عادة السلفِ والخلف أنْ يُعَنْوِنوا أوائل رسائلهم وكتبهم وخطبهم بالبَسْملة، ثم بالحمدلة؛ اقتداء بالكتاب العزيز المستفتح به كذلك، وعملًا بقوله عليه السلام:"كلُّ أمْرٍ ذي بال لا يُبْدأُ فيه بذكر الله وبسم الله الرحمن الرحيم أقطع".

رواه الحافظ عبد القادر الرهاوي في أربعينه.

وفي رواية أيضًا أبي داود (1) والنسائي (2): "كل كلام لا يُبْدأ فيه بحمد الله فهو أجذم".

وفي رواية ابن ماجه (3): "كل أمر ذي بال لا يُبْدأ فيه بالحمد أقطع".

ورواه أبو عوانة وابن حبان في صحيحيهما (4)، قال ابن الصلاح: ورجاله رجال الصحيحين سوي قرة بن عبد الرحمن؛ فإنه ممن انفرد به مسلم بالتخريج له، قال: وهو حديث حسن صحيح، وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: إنما بدأ -يعني مسلمًا- كتابه بالحمد لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ بالحمد لله أقطع" وفي رواية: "بحمد الله"، وفي

(1)"سنن أبي داود"(4/ 261 رقم 4840) من حديث أبي هريرة.

(2)

هو في "السنن الكبرى" - كتاب "عمل اليوم والليلة"(6/ 127 رقم 10328) من حديث أبي هريرة أيضًا ولكن بلفظ: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع".

(3)

"سنن ابن ماجه"(1/ 610 رقم 1894) من حديث أبي هريرة أيضًا.

(4)

"صحيح ابن حبان"(1/ 173 رقم 1).

ص: 30

رواية: "بالحمد فهو أقطع"، وفي رواية:"أجذم"، وفي رواية:"لا يبدأ فيه بذكر الله"، وفي رواية:"ببسم الله الرحمن الرحيم".

ومعنى "أقطع": قليل البركة وكذلك "أجذمُ" -بالجيم والذال المعجمة- ويقال فيه: جَذِم بكسر الذال يَجْذَمُ بفتحها، وقيل: الأجذم مقطوع اليد.

وقيل: الأبتر الذي لا عقب له.

فإن قيل: فلِمَ اقتصر أبو جعفر على ذكر البسملة، ولم يسلك منهج غيره من الابتداء بالبسملة والتَّثَنِّي بالحمدلة؟

قلت: الجواب عنه من وجوه:

الأول: لا نسلم أنه ترك الحمدلة؛ بل حَمِدهُ بعد التسمية بقوله: الرحمن الرحيم.

فإن الحمد هو الذكر بالوصف الجميل على وجه التفضيل، ولما ذكر الله تعالى بكونه رحمانًا رحيمًا أي موليًا لجلائل النعم ودقائقها، وذلك وصف له بالجميل على وجه التفصيل، صار آتيًا بحمد الله، وليس المراد من الحمد في الحديث الإتيان بلفظ الحمد بخصوصه، بل المراد منه الذكر؛ بدليل ما روي:"بذكر الله" بدل "حمد الله" كما مرّ.

الثاني: أن الذي اقتضاه لفظُ الحمد أن يَحْمدَ الله بلسانه لا أن يكتب حمده قراءة، فما يمنع أنه ذكر الله، تعالى بلسانه بعد التسمية عند افتتاح تصنيف الكتاب، ومن أين عُرف أنه تركه بلسانه عند الشروع؟!

الثالث: أن الافتتاح بالتحميد محمول على ابتداءات الخطب دون غيرها؛ زجرًا عما كانت الجاهلية عليه من تقديم الشعر المنظوم والكلام المنثور، وذلك ما روي: "أن أعرابيًّا خطب فترك التحميد، فقال عليه السلام: كل أمر ذي بال

" الحديث (1).

(1) سبق تخريجه.

ص: 31

ولأن أول ما نزل من القرآن سورة {اقْرَأْ} ، وقيل:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ، وليس في ابتدائهما حمد الله.

وفيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

الرابع: أنه إنما ترك التحميد؛ لأن حديث الافتتاح بالتحميد منسوخ بأنه عليه السلام لما صالح قريشًا عام الُحديبية كتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه محمَّد رسول الله عليه السلام سُهَيل بن عمرو. فلولا نسخه لما تركه.

وفيه نظر أيضًا؛ لأن لقائل أن يقول: أي دليل دلّنا على النسخ؟ فلِمَ لا يجوز أن يكون الترك لبيان الجواز؟! بل الظاهر هذا؛ لأن الحث على التحميد للاستحباب لا للوجوب؛ لأن الحث عليه إنما هو لمنفعة العباد، حتى يصير فعلُهم وقولُهم تامًّا ذا نظام، ولا يقع أبتر مقطوع البركة.

فلو كان الحث عليه للوجوب للزم عود الأمر على موضوعه بالنقض.

واعلم أن هذا السؤال يَرِدُ على البخاري أيضًا؛ حيث شرع في "صحيحه" بعد البسملة بغير ذكر الحمدلة، فالجواب هو الجواب.

ثم الكلام في البسملة؛ فالباء فيها تتعلق بمحذوف تقديره: بسم الله أشرع، كما أن المسافر إذا حلّ أو ارتحل فقال: بسم الله والبركات، كان المعنى: بسم الله أحل، وبسم الله أرتحل. وكل فاعل يبدأ في فعله ببسم الله كان مضمرًا ما جعل التسمية مبدأ له.

وقال الزمخشري في هذا المقام: فإن قلت: لم قدرت المحذوف متأخرًا؟.

قلت: لأن الأهم من الفعل والمتعلق، هو المتعلق به؛ لأنهم كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم، فيقولون: باسم اللات، باسم العُزَّي، فوجب أن يقصد المُوحِّد معنى اختصاص اسم الله -عزَّ وعلا- بالابتداء، وذلك بتقديمه وتأخير الفعل، كما فُعل في قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (1)؛ حيث صرَّح بتقديم الاسم

(1) سورة الفاتحة، آية:[5].

ص: 32

إرادة للاختصاص، والدليل عليه قوله:{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} (1). انتهى.

قلت: تخصيص الابتداء باسم الله قصر إفرادٍ كما في قوله تعالي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ؛ لأن المشركين وإن بدءوا بأسماء آلهتهم لا ينوب عن الابتداء باسم الله تعالي ثم قال الزمخشري: فإن قلت: فقد قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (2) فقدم الفعل.

قلت: هناك تقديم الفعل أوقع؛ لأنها أول سورة نزلت، فكان الأمر بالقراءة أهم. انتهى.

ثم اعلمْ أن الباء في كلام العرب تجيء لأربعة عشر معنى:

الأول: الإلصاق، قيل: هو معنّى لا يفارقها، نحو مررت بزيدٍ، أي: ألصقت مروري بمكان يقرب منه زيدٌ.

الثاني: التعدية، وتُسمى باء النقل أيضًا، نحو: ذهبت يزيد.

الثالث: الاستعانة، وهي الداخلة على آلة الفعل، نحو: كتبت بالقلم، ونجرت بالقدوم، قيل: ومنه باء البسملة؛ لأن الفعل لا يتأتى على الوجه الأكمل إلَّا بها.

الرابع: السببية نحو: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} (3)، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} (4).

الخامس: المصاحبة، نحو:{بِسَلَامٍ مِنَّا} (5)، أي: معه.

(1) سورة هود، آية:[41].

(2)

سورة العلق، آية:[1].

(3)

سورة البقرة، آية:[54].

(4)

سورة العنكبوت، آية:[40].

(5)

سورة هود، آية:[48].

ص: 33

السادس: الظرفية، نحو:{نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} (1).

السابع: البدل كقول الحماسي:

فليتَ لي بهم قومًا إذا ركبوا .... شنُّوا الإَغارَةَ فرسانًا وركبانًا

وانتصاب الإغارة على المفعول لأجله.

الثامن: المقابلة، وهي الداخلة على الأعواض، كاشتريته بألفٍ.

التاسع: المجاورة، كعن، فقيل: تختص بالسؤال نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (2)، وقيل لا تختص به.

العاشر: الاستعلاء، نحو:{مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} (3)، الآية.

الحادي عشر: التبعيض، أثبته الأصمعي والفارسي وابن مالك، قيل: والكوفيون، وجعلوا منه:{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (4)، ومنه:{بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (5)، وقيل: هي في آية الوضوء للاستعانة.

الثاني عشر: القسم، وهي أصل أحرفه.

الثالث عشر: الغايةُ، نحو:{وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} (6)، أبي: إليَّ.

والرابع عشر: التوكيد، وهي الزائدة فتكون في الفاعل، نحو:{كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (7)[1/ ق 2 - أ]، وتكون في المفعول، نحو:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (8)، وتكون في المبتدأ نحو: بحسبك درهم، وخرجت فإذا بزيدٍ، ونحو ذلك.

(1) سورة القمر، آية:[34].

(2)

سورة الفرقان، آية:[59].

(3)

سورة آل عمران، آية:[75].

(4)

سورة الإنسان، آية:[6].

(5)

سورة المائدة، آية:[6].

(6)

سورة يوسف آية: [100].

(7)

سورة الرعد، آية:[43].

(8)

سورة البقرة، آية:[195].

ص: 34

والاسم أحدُ الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون، فإذا نطقوا بها مبتدأ زادوا همزة؛ لئلَّا يقع الابتدأء بالساكن، وهو من الأسماء المحذوفة الأَعْجَاز كيدٍ، ودَمٍ، وأصله: سمو، واشتقاقه من السُّمو عند البصريين، وقال الكوفيون: مشتق من وَسَمَ يَسِمُ سِمَةً.

قلتُ: ولو كان كذلك لقالوا في تصغيره: وُسَيْم، وفي جمعه: أوسام، فلما قالوا: سُمَيّ وأَسْمَاء، دلّ على أن أصله سِمو، ويقال: اسِمٌ وسِمٌ -بالكَسْر فيهما- واسُم وسُمٌ -بالضم فيهما- وقال المبرد: سمعت العرب تقى: اسِمُه واسُمْه ويِسْمُه وسِمْهُ وسَمَاه.

ولفظة "الله" اسم علم للباري -جل جلالة- والمختار أنه ليس بمشتق وهو قول الخليل وسيبويه، وأكثر الأصوليين والفقهاء؛ وذلك لأنه لو كان مشتقًّا لكان معناه معنى كليًّا لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشركة، وحينئذ لا يكون قولنا:"إلا الله" موجبًا للتوحيد المحض؛ وحيث أجمع العقلاء على أن هذا توحيد محض، علمنا أن لفظة "الله" اسمٌ علمٌ موضوع لتلك الذات المُعيَّنَة، وليست من الألفاظ المشتقة فافهم.

و"الرحمن": فعلان من رَحِمَ كَغَضْبَان من غَضِبَ.

و"الرحيم": فعيل منه، كمريض من مَرِضَ، وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ولذلك قالوا: رحمان الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا، والزيادة في البناء لزيادة في المعنى.

واتصاف الله بالرحمة -ومعناها العطف والحنو- مجاز عن إنعامه على عباده، وذكر الرحيم بعد الرحمن من قبيل التتميم والترديف؛ وذلك لأنه لما قال: الرحمن تناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها، ثم أردفه بالرحيم ليتناول ما دق منها وما لطف.

وقد اختُلف في صرف "رحمان" ومنعه، فمن شرط في المنع انتفاء فعلانه منعه، ومن شرط وجود فعلانه صرفه، على ما عرف في موضعه.

ص: 35

و"الشيخ" في اللغة يطلق على من استبانت فيه السنن، ويقال: من عَدَّى خمسين سنة يُسمَّى شيخًا إلى ثمانين سنة، ثم يَصير هِمًّا.

وقال الإِمام أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد المعروف بابن الأجداني: ما دام الولد في بطن أمه فهو جنين، فإذا وُلد فهو منفوس وأمه نفساء، فإذا خرج رأسه قبل رجليه فهو وَجِيةٌ، وإنْ خرجت رجلاه قبل رأسه فهو يَتْنٌ وذلك مذموم، ويسمى طفلًا ورضيعًا، فإذا ارتفع شيئًا وأكل فهو جَفرٌ، والأنثى: جَفْرَة، فإذا فطم، فهو فطيم، فإذا قوي وجمد فهو حَزَوَّر، فإذا ارتفع فوق ذلك فهو يَافِعٌ، فإذا قارب الاحتلام فهو مراهق، فإذا بلغ الحُلم فهو محتلمٌ وحالم، فإذا بقل وجهه فهو طارٌّ، يقال: طرَّ وجهه، وطرَّ شاربه، فإذا جاوز وقت النكاح ولم يتزوج فهو عانس، فإذا اجتمع وتم فهو كهل، فإذا رأى البياض فهو أشيب وأشمط، فإذا استبانت فيه السن فهو شيخ، فإذا ارتفع عن ذلك فهو مُسِنٌّ، فإذا ارتفع عن ذلك فهو قَحْمٌ، فإذا قارب الخَطْوَ فهو دالف، فإذا زاد على ذلك فهو هَرِمٌ وهِمٌّ بكسر الهاء، فإذا ذهب عقله من الكبر فهو خَرفٌ.

وقال بعضهم: الولد ما دام في بطن أمه فهو جنين، فإذا وُلِدَ سُمِّي صَبِيًّا، فإذا فُطِمَ سُمِّي غُلامًا إلى سبع سنين، ثم يصير يَافِعًا إلى عشر حِجَج، ثم يصير حزوَّرًا إلى خمس عشرة سنة، ثم يصير قُمُدًّا (1)، إلى خمس وعشرين سنة، ثم يصير عَنَطْنَطًا إلى ثلاثين سنة، ثم يصير صملًا إلى أربعين سنة، ثم يصير كهلًا إلى خمسين سنة، ثم يصير شيخًا إلى ثمانين سنة، ثم يصير بعد ذلك هِمًّا.

وقال الجوهري: جمع الشيخ: شيوخ وأشياخ وشِيخَةٌ وشيخانُ ومَشِيخَةٌ ومشايخ ومَشيُوخاء، والمرأة شيخةٌ. قال عَبيدٌ:

كأنها شَيخةٌ رَقُوب

وقد شاخ الرجل يشيخ شَيَخًا -بالتحريك جاء على أصله- وشيخوخةً، وأصل الياء متحركة فسكنت لأنه ليس في الكلام فعلول، وما جاء على هذا مثل

(1) القُمُد: القوي الشديد انظر "لسان العرب"(مادة: قمد).

ص: 36

كينونة وقيدودة وديمومة وهيعوعة فأصله كَيَّنُونة بالتشديد [1/ق 2 - ب] فخفف، ولولا ذلك لقالوا: كونونة وقودودة، ولا يجب ذلك في ذوات الياء مثل الحيدودة، والطيرورة، والشيخوخة، وشيّخ تَشييخًا، أي: شاخ، وشَيَّخْتُهُ أي دَعَوتُه شيخًا للتبجيل، وتصغير الشيخ: شُيَيْخ وشِيَيْخ أيضًا، ولا تقل: شُوَيْخ. انتهى.

وأما في الاصطلاح: فالشيخ يطلق على من تقدم في العلم، وإنْ لم يبلغ حد الشيخوخة في السن، ويقال: الشيخ من يَصلحُ أن يتتلمذ له.

فإن قيل: هل يجوز إطلاق ذلك على الأنبياء عليهم السلام؟.

قلت: قد جاء في قوله تعالى حكايته عن قول سارة امرأة إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه: {قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} (1)، قال المفسرون: كانت حينئذٍ ابنة تسعين سنة في قول ابن إسحاق. وفي قول مجاهد ابنة تسع وتسعين سنة، وكان سن إبراهيم عليه السلام مائة وعشرين سنة في قول ابن إسحاق. ومائة سنة في قول مجاهد.

وجاء أيضًا في قوله تعالى حكايته عن قول بنات شعيب عليه السلام {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (2)، يعني لا يستطيع أن يسقي مواشيه لكبر سنه، ولقد سمعت شيخي العلَّامة أبا الروح عيسى السُّرْماري عند قراءة التفسير عليه أن إطلاق لفظ الشيخ على إبراهيم عليه السلام؛ لإظهار التعجب، وعلي شعيب عليه السلام، للاستعطاف، فافهم.

قوله: "الإِمام" الذي يقُتدَى به؛ فإن كان في الصلاة يُسمّى إمامًا باعتبار اقتدائهم به في الصلاة، وإنْ كان في العلم يسمى إمامًا باعتبار أخذهم العلوم منه، وإنْ كان في الخلافة يسمى إمامًا باعتبار إطاعتهم له وانقيادهم لأمره.

(1) سورة هود، آية:[72].

(2)

سورة القصص، آية:[23].

ص: 37

وجمعه: أئمة، وأصله: أَأْمِمَة على أَفْعِلَة مثل: إناء وآنية، وإله وآلهة، فأدغمت الميم، فنقلت حركتها إلى ما قبلها، فلما حرَّكوها بالكسر جعلوها ياءً، وقرئ {فَقَاتِلُوا أَيمَّةَ الْكُفْرِ} (1)، قال الأخفش: جعلت الهمزة ياء لأنها في موضع كسرة وما قبلها مفتوح فلم يهمز؛ لاجتماع الهمزتين، قال: ومن كان رأيه اجتماع الهمزتين هَمَزَهُ، قال: وتصغيرها أُوَيْمة، لما تحركت الهمزة بالفتحة قلبها واوًا.

وقال المازني: أُيَيْمة، ولم يقلب.

قوله: "العلامة" مبالغة عالم، وقال الجوهري: رجل علامة أي عالم جِدًّا، والهاء للمبالغة كأنهم يريدون به: داهية.

قوله: "أبو جعفر" كنية الطحاوي، و"أحمد" اسمه، و"الأزدي" نسبته إلى القبيلة، و"الطحاوي" نسبته إلى البلد، وقد ذكرنا وجه ذلك في ترجمته، والفرق بين الكُنية واللقب والاسم والنسبة: أن الكُنية كل اسم بُدئ بأب أو أم، كما تقول: أبو عمرو، وأم عمرو.

و"اللقب" ما يدل على شرف في المُسمّي أو حقارة، كعتيق لقب الصديق، وسَفِينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبَطّة، وقُفَّة، وأنف الناقة.

و"الاسم" -أعني به العلَمَ-: ما وضع في أول أحواله لشيء بعَيْنه ولا يقع على كل ما يشبهه، ألا ترى أن زيدًا وضع في أول ما وضع للرجل المعين، ثم ليس كل من يكون مثل زيد يسمى زيدًا، ثم هو ينقسم إلى شخصي وجنسيّ:

فالشخصي: كأعلام أولي العلم، وما يتحد ويؤلف.

فالأول: كزيد من الإنس، وآصف من الجن، وجبريل من الملائكة (2). ومنه أسماء الله تعالى الله والرحمن.

(1) هي قراءة نافع كما في "البدور الزاهرة"(ص 133، 134)، والآية من سورة التوبة، آية:[12].

(2)

هذا آخر ما قمتُ باستدراكه من كتاب "مباني الأخبار" نسخة "دار الكتب المصرية" بخط مؤلفه بدر الدين العيني رحمه الله. انظر وصف المخطوطات في المقدمة.

ص: 38

والثاني: أنواع ما يتخذ لقبيلة كتميم، أو بلد كمكة ودمشق، أو فرس كلاحق (1). وأعوج (2)، أو جمل كشَدْقم (3)، وعِلَيّانِ (4)، أو شاة كخطّة وهَيْلة، أو كلب، كضُمْران (5)، وواشق (6)، ونحوها.

وجنسي: كل اسم جنس جرى مجرى العلم الشخصي في الاستعمال كأسامة للأسد، وثعالة للثعلب (7)، وحضاجر للضبع ونحوها.

قوله: "الآثار" جمع "أَثَر" بفتحتين، وهو ما بقي من رسم الشيء، وضربة السيف، وسنن النبي صلى الله عليه وسلم آثاره، وأصله من أثَرْتُ الحديث -مقصور الهمزة- آثُره -بالمدّ وضم الثاء وكسرها- أثْرًا ساكنة الثاء: حدّثتُ به.

قوله: "المأثورة" أبي المحكية والمروية، فإن قلت: ما الفرق بين السُّنَّة والحديث والخبر؟

قلت: السُّنة في اللغة: الطريقة، قال الله تعالى:{وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} (8)، والسيرة.

(1) لاحق: اسم لفرس معروف من خيل العرب، ولاحق اسم لفرس كان لمعاوية بن أبي سفيان، انظر "لسان العرب" (مادة: لحق).

(2)

أعوج: فرس سابق رُكب صغيرًا فاعوجت قوائمه، وهو فرس كريم تنسب إليه الخيل الكرام، وأعوج اسم لفرس كان لعُدي بن أيوب، انظر اللسان (مادة: عوج).

(3)

الشدقم: هو واسع الشدق، وهو اسم لفحل من فحول إبل العرب معروف، انظر "لسان العرب" (مادة: شدقم).

(4)

العِلَيَّان: يقال ناقة عليَّان أي طويلة جسيمة مرتفعة السير لا ترى أبدًا إلَّا أمام الركب، انظر "لسان العرب":(مادة: علو).

(5)

ضُمْرَان: من أسماء الكلاب، وهو بضم الضاد المعجمة، انظر "لسان العرب" (مادة: ضمر).

(6)

الوشق: العَضُّ، ووشقه وشقًا: أي خدشه، وواشق اسم كلب، وقيل للكلب: واشق؛ لأنه يخدش ويقطع. انظر "غريب الحديث" لابن قتيبة (2/ 259)، و"لسان العرب" (مادة: وشق).

(7)

الثعلب الذكر، والأنثى ثعلبة، ويقال لكل ثعلب إذا كان ذكرًا: ثُعَالةُ بغير صرف، ولا يقال للأنثى: ثعالة. ويقال للأسد: أسامةُ بغير صرف، ولا يقال للأنثى: أسامة. انظر "لسان العرب": (مادة: ثعل).

(8)

سورة فاطر، آية:[43].

ص: 39

قال الهذليّ:

فلا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أنت .... فأول راضٍ سُنَّةَ من يَسِيرُهَا (1)

وفي الاصطلاح: السُّنة: الوحي غير المتلو، وفي الشرع: السُّنَّة: ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن من قول -ويُسَمَّى الحديث- أو فعل أو تقرير، فعلم أنْ لفظ الحديث مختص بالأقوال، ولفظة السُّنة تعم الأقوال والأفعال.

و"الخبر": واحد الأخبار، وأصله من الخُبْر -بضم الخاء وسكون الباء- وهو العلم بالشيء، من خَبَرتُ الشيء أَخْبُره خُبْرًا وخِبرة، ومن أين خَبرْت هذا؟ أي علمته.

وفي الاصطلاح: الخبر ما يصح أن يدخله الصدق أو الكذب، وقال الطحاوي: القرآن لم يفرق بين الخبر والحديث؛ قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} (2)، وقال:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} (3)، فجعل الحديث والخبر واحدًا، وقال تعالى:{قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} (4)، وهي الأشياء التي كانت بينهم، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ} (5)، و {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} (6)، وقال: عليه السلام: "ألا أخبركم بخير دور الأنصار"(7)، "وأخبرني تميم الداري وذكر قصة الجن"(8)، وقال: "إنَّ من الشجر شجرة لا يسقط ورقها،

(1) انظر "لسان العرب": (مادة: سير).

(2)

سورة الزمر، آية:[23].

(3)

سورة الزلزله، آية:[4].

(4)

سورة التوبة، آية:[94].

(5)

سورة البروج، آية:[7].

(6)

سورة النساء، آية:[42].

(7)

أخرجه البخاري (5/ 2031 رقم 4994) والترمذي (5/ 716 رقم 3910) والنسائي في "الكبرى"(5/ 89 رقم 8336) وأحمد في "مسنده"(1/ 56 رقم 392)، وأبو يعلى (6/ 327 رقم 3650) وابن حبان (16/ 274 رقم 7285) من حديث أنس بن مالك.

(8)

أخرجه الطبراني في "الكبير"(24/ 401 رقم 970، 973) وأصله عند مسلم في "صحيحه"(4/ 2261 رقم 2942).

ص: 40

وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي

" (1) الحديث، وفي رواية: "فأخبروني" (2).

قلت: ومن هذا قال القاضي عياض: لا خلاف أنه يجوز في السماع من لفظ الشيخ أن يقول السامع فيه: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعته يقول، وقال لنا فلان، وذكر لنا فلان.

وإليه مال الطحاوي، وصحح هذا المدقق ابن الحاجب ونقل هو وغيره عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة، وهو مذهب جماعة من المحدثين منهم الزهري ومالك وسفيان بن عيينة ويحيى القطان، وقيل: إنه قول معظم الحجازين والكوفيين.

وقال آخرون بالمنع في القراءة على الشيخ إلَّا مقيدًا، مثل: حدثنا فلان قراءة عليه، وأخبرنا قراءة عليه، وهو مذهب ابن المبارك وأحمد بن حنبل ويحيي بن يحيى التميمي، والمشهور عن النسائي، وصححه الآمدي والغزالي، وهو مذهب المتكلمين، وقال آخرون بالمنع في حدثنا، وبالجواز في أخبرنا، وهو مذهب الشافعي وأصحابه ومسلم بن الحجاج وجمهور أهل المشرق، ونُقِلَ عن أكثر المحدثين منهم ابن جريج والأوزاعي والنسائي وابن وهب، وقيل: إنه أول من أحدث هذا الفرق بمصر وصار هو السابغ الغالب على أهل الحديث، والأحرى أن يقال فيه: إنه اصطلاح منهم أرادوا به التمييز بين النوعين، وخصصوا قراءة الشيخ بحدثنا المفيدة إشعاره بالنطق والمشافهة.

ثم إنَّ السُّنة [1/ ق 2 - أ]، إحدى أصول الشرع الثلاثة المتفق عليها، أعني الكتاب والسُّنة والإجماع، والأصل الرابع هو القياس المستنبط من هذه الثلاثة، ووجه الحصر أن الدليل إنْ كان وحيًا مَتلُوًّا فهو الكتاب، أو غير متلوٍّ فهو السُّنة،

(1) أخرجه البخاري (1/ 34 رقم 61) ومسلم (4/ 216 رقم 2811) من حديث ابن عمر.

(2)

أخرجه البخاري (4/ 1735 رقم 4331) ومسلم (4/ 2166 رقم 2811) من حديث ابن عمر رضي الله عنه بلفظ: "أخبروني".

ص: 41

وغير الوحي إنْ كان معصومًا عن الخطأ فهو الإجماع، أو غير معصوم عنه فهو القياس، والأصل الكتاب، والسُّنة مُخْبِرةٌ عنه، والإجماع مستندٌ إليهما، والقياس متفرع عليهما.

وأما شرائع من قبلنا التي قصَّ الله أو رسوله -من غير إنكار- فملحقة بالكتاب أو السُّنة، وقول الصحابي ملحق بالسُّنة، والتعامل ملحق بالإجماع، والاستصحاب ملحق بالقياس، فلا يبطل الحَصرُ المذكور.

قوله: "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم" فالرسول على وزن فعول بمعنى مفعل، مشتق من الرسالة وهي الإبلاع، وفي الاصطلاح: الرسول من أوتي الكتاب والمعجزة، قاله بعض المحققين، وقيل: إنَّ الرسول من بعُث ومعه كتاب منُزل عليه، والنبي من لا كتاب له، فكل رسول نبي ولا عكس.

وهذا كله غير مرضي، والصحيح أن الرسول من نزل عليه ملك أو كتاب، والنبي من يوقفه الله تعالى على الأحكام، أو يتبع رسولًا من الرسل.

و"الصلاة" في اللغة الدعاء، وإنْ أضيفت إلى الربّ فهي رحمة، وإلى العبد فهي سؤال وخضوع، ومعناها: اللهم عظّمه في الدنيا بإعلاء كلمته وإحياء شريعته، وفي الآخرة بتكثير أجره وتشفيعه في أمته.

قوله: "أهل الإلحاد": من ألحد في دين الله، أي: حادَ عنه وعدل، ولَحَد لغة فيه وقرئ:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ [إِلَيْهِ] (1)} ووالتحد مثله، وألحد الرجل أي ظلم في الحرم، وكل من عدل عن الحق فهو ملحد، وكل من كذب على الله تعالى أو على رسوله فهو ملحد، وكل من فسر القرآن برأيه فهو ملحد، وكل من لم ير بتأويل الأحاديث المتعارضة فهو ملحد، وكل من لا يرى بالنسخ في

(1) في "الأصل، ك": "فيه"، وهو خطأ، والآية من سورة النحل رقم:[103]، ومن قرأ بفتح الياء، والحاء في {يُلْحِدُونَ} حمزة والكسائي وخلف. انظر "البدور الزاهرة"(ص 182).

ص: 42

الكتاب أو السُّنة فهو ملحد، وقد ورد وعيد شديد في الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قوله عليه السلام:"من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"(1)، وفي رواية:"من تعمد عليَّ كذبًا فليتبوأ مقعده من النار"(2)، وهذا حديث جليل متواتر مقطوع به لا يوجد له مشابه في طرقه وكثرتها، وقال البزّار: رواه مرفوعًا نحو من أربعين صحابيًّا. وقال ابن الصلاح: قيل: إنَّه رواه ثمانون من الصحابة فيهم العشرة إلَّا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم وقال الطبراني وابن منده: رواه سبعة وثمانون صحابيًّا منهم العشرة. وقيل: رواه مائتان منهم ولم نزل في ازدياد. وقال ابن دِحْيَةَ: قد أخرج من نحو أربعمائة [طريق](3).

وقيل: لا يعرف حديث اجتمع على روايته العشرة غيره، ثم الكذب عند الأشاعرة الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه وإنْ كان سهوًا، واشترطت المعتزلة العمدية فيه.

قلت: الحديث يدل على أن من لم يتعمد يقع عليه اسم الكذب، ولكن الإجماع منعقد على أن الناسي لا إثم عليه، والمطلق محمول على المقيد في الإثم، ثم الكذب عليه عليه السلام من الكبائر، والمشهور أن فاعله لا يكفر -إلَّا أن يستحله- خلافًا للجُوَيْني حيث قال: يكفر ويُراق دمه. وضَعَّفه ولدُهُ الإمام وجعله من هفوات والده، نعم من كَذَب في حديث واحد عمدًا يفسق وترد شهادته ورواياته كلها وإنْ تاب، وبه قال [1/ق 2 - ب]، أحمد وغيره، وهو نظير ما قاله مالك في شاهد الزور إذا تاب؛ أنه لا تقبل شهادته، ونظير ما قاله أبو حنيفة والشافعي فيمن ردّت شهادته بالفسق أو العداوة ثم تاب وحسنت حاله لا يقبل

(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري (1/ 52 رقم 110) ومسلم (1/ 10 رقم 4).

(2)

متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه فأخرجه البخاري (1/ 52 رقم 108) ومسلم (1/ 10 رقم 2).

(3)

في "الأصل، ك": "طرق".

ص: 43

منه إعادتها لما يلحقه من التهمة في تصديق نفسه، ونظير ما قاله أبو حنيفة من أن قاذف المحصن إذا تاب لا تقبل شهادته أبدًا، ونظير ما قاله من أنه إذا ردَّت شهادة أحد الزوجين للآخر ثم بَانت لا تسمع للتهمة، وخالف النووي فقال: المختار صحة توبته وقبول روايته بعد صحة التوبة بشروطها، ثم لا فرق بين تحريم الكذب عليه عليه السلام بين ما كان في الأحكام وغيرها كالترغيب والترهيب، ولا عبرة بقول الكرامية في تجويزهم الوضع في الترغيب والترهيب وتشبثهم برواية:"من كذب عليّ متعمدًا ليضل به"(1) بهذه الزيادة ولأنه كذب له لا عليه، فهذه زيادة باطلة باتفاق الحفاظ، واللَّحْنُ ونحوه يحتمل دخوله في هذا الوعيد؛ فلذلك قالوا: ينبغي للراوي أن يعرف من النحو واللغة ما يسلم به من قول ما لم يقله، وقال الأصمعي: أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في قوله عليه السلام: "من كذب عليّ

" (1) الحديث؛ لأنه عليه السلام لم يكن يلحن، فمهما لحن الراوي فقد كذب عليه.

قوله: "والضعفةُ" بالرفع عطفًا على المضاف في قوله: "أهل الإلحاد" وأراد بهم الضعفة -وهو جمع ضعيف- في النقل، أو في استنباط الأحكام، أو في فهم المعاني من الألفاظ.

قوله: "من الناسخ" النسخ لغة: الإزالة والرفع، يقال: نسخت الشمس الظل أي أزالته ورفعته، والنقل أيضًا يقال: نسختُ الكتابَ أي نقلت مثل ذلك المكتوب إلى موضع آخر.

وشرعًا: بيان لمدة الحكم المطلق الذي كان معلومًا عند الله تعالى وأجمع المسلمون على جوازه -خلافًا لليهود- وعلي وقوعه -خلافًا لأبي مسلم الأصفهاني- وشرطه: التمكن من عقد القلب، فأما الفعل أو التمكن منه فليس بشرط -خلافًا للمعتزلة- وذلك لأن الله تعالى فرض على عَبيده خمسين صلاة

(1) تقدم.

ص: 44

ليلة المعراج ثم انتسخ ما زاد على الخمس لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك نسخًا قبل التمكن من الفعل إلَّا أنه كان بعد عقد القلب عليه، والرسول عليه السلام هو الأصل لهذه الآية ولا شك أنه عقد قلبه على ذلك، ومحله أربعة:

الأول: لا مدخل للنسخ فيه، كصفات الباري وأسمائه، وهذا القسم لا يحتمل العدم أصلًا.

الثاني: ما لا يحتمل الوجود أصلًا، كاجتماع النقيضين، وهذا أيضًا ما استحال نسخه؛ لأنه لا يجري في المعدوم.

والثالث: ما يحتمل الوجود والعدم لكن اقترن به ما يمنع الزوال من توقيت، مثل أن يقول الشارع: أذنت لك كذا إلى سنة كذا، فإن المنع عنه قبل حلول الأجل بداء فهو باطل وليس لهذا القسم مثال في أحكام الشرع، أو تأبيد صريح مثل:{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} ولا يجري فيه النسخ أيضًا.

والرابع: هو المطلق الذي يحتمل أن يكون مؤقتًا، ويحتمل أن يكون مؤبدًا احتمالًا على السواء فيجري فيه النسخ، وذلك في الأحكام الشرعية بالأمر والنهي، ولا نسخ في الأخبار عند الجمهور، ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب، والسُّنة بالسُّنة، والكتاب بالسُّنة والعكس [1/ق 3 - أ]، خلافًا للشافعي في الأخيرين، ولا يجوز نسخ الكتاب والسُّنة بالقياس عند الجمهور -خلافا لابن سريج- ووجوهه أربعة:

نَسخ التلاوة والحكم جميعًا، كصحف إبراهيم ومن تقدمه من الرسل، عليهم السلام.

ونَسخ الحكم مع بقاء التلاوة، كما في قوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} (1)، فإن الحبس في البيوت والأذى باللسان كان حَدَّ الزنى، وقد نسخ هذا مع بقاء التلاوة.

(1) سورة النساء، آية:[15].

ص: 45

ونَسخ رسم التلاوة مع بقاء الحكم، كما في صوم كفارة اليمن ثلاثة أيام متتابعة بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه:{فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ متتابعات} (1).

والنَّسخ بطريق الزيادة على النص، فهذا بَيَانٌ عندنا صورة، ونَسْخ معنًى، سواء كانت الزيادة في السبب أو الحكم، وعلي قول الشافعي هو بمنزلة تخصيص العام، ولا يكون فيه معنى النسخ، حتى جوز ذلك بخبر الواحد والقياس، وبيان هذا في النفي مع الجلد، وقيد صفة الإيمان في الرقبة في كفارة الظهار واليمين.

قوله: "وتأويل العلماء" مِنْ أوّل، أصله من آل الشيء يئول إلى كذا، أي رجع وصار إليه، وقال ابن الأثير: التأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ. وقال البغوي: التأويل صرف الآية إلى معنى محتمل موافق لما قبلها وما بعدها غير مخالف للكتاب والسُّنة من طريق الاستنباط، والتفسير هو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها فلا يجوز إلَّا بالسماع بعد ثبوته بطريق النقل، وأصله من التفسِرة وهي الدليل من الماء الذي ينظر فيه الطبيب، فيكشف عن علة المريض، فكذلك المفسر يكشف عن شأن الآية وقصتها.

قوله: "وإقامة الحجة" من حَجَّ إذا غلب، سمّيت حُجَّة لأنها تغلب من قامت عليه وألزمته حقًّا، وتستعمل في القطعي وغيره، والبرهان نظيرها، وقيل: هو بيان صدق الشهادة.

و"البينة" مأخوذة من البين وهو الفصل، والفاصل بين الحق والباطل سمّي بينة.

و"الدليل" يُذكر ويراد به الدالّ، ومنه قول الداعي: يا دليل المتحيرين إني هاديهم إلى ما تزول به الحَيْرة، ومنه دليل القافلة وهو الذي يرشدهم الطريق،

(1) سورة المائدة، آية:[89].

ص: 46

ويُذَكَّر ويراد به العلامة المنصوبة لمعرفة المدلول ومنه سمّي الدخان دليلًا على النار، ثم اسم الدليل يقع على كل ما يعرف به المعلوم حِسِّيًّا كان أو شرعيًّا، قطعيًّا كان أو غير قطعيّ، حتى سمّي الحِسُّ والعقل والنص والقياس وخبر الواحد وظواهر النصوص كلها أدلة.

قوله: "أو إجماع أو تواتر" الإجماع لغة: العزم، يقال: أجمع زيد على كذا، أي عزم وصمم عليه.

وفي الاصطلاح: هو اتفاق المجتهدين من هذه الأمَّة في كل عصر على أمر من الأمور، ولا بد من قيد "إلى انقراض العصر" عند من يشترط ذلك، وقال داود ومن تابعه: لا إجماع إلَّا للصحابة. وهو رواية عن أحمد، وقال مالك ومن تابعه: لا إجماع إلَّا لأهل المدينة من الصحابة والتابعين. وقالت الزيدية والإمامية: لا إجماع إلَّا لعترة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم رهطه الأدنون.

والصحيح: أن إجماع علماء كل عصر من أهل العدالة والاجتهاد حجة، ولا عبرة بقلتهم وكثرتهم، خلافًا لإمام الحرمين في اشتراطه عدد التواتر في انعقاده.

وأما التواتر في اللغة: من تواترت الكتب إذا اتصل بعضها ببعض في الورود متتابعًا. [1/ ق 3 - ب]

وفي الاصطلاح: ما اتصل بنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقل المتواتر، وهو أن ينقله قوم لا يتوهم اجتماعهم وتواطؤهم على الكذب؛ لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم، عن قوم مثلهم، هكذا إلى أن يتصل برسول الله عليه السلام فيكون أوله كآخره وأوسطه كطرفيه، نحو نقل أعداد الصلوات وأعداد الركعات ومقادير الزكوات والديات ونحو ذلك، والمذهب عندنا: أن الثابت بالمتواتر من الأخبار علم ضروري كالثابت بالمعاينة، وأصحاب الشافعي يقولون: إنَّ الثابت به علم يقين، ولكنه مكتسب لا ضروري.

ص: 47

قوله: "من أقاويل الصحابة" الأقاويل: جمع أقوال، جمع قول، وهو النطق المعتمد على مقاطع الفم، وقال ابن جني: القول يقع على الكلام التام وعلى الكلمة الواحدة على سبيل الحقيقة، ويصح جعله مجازًا على الاعتقاد والرأي، كما نقول: فلان يقول بقول أبي حنيفة ويذهب إلى قول مالك، وقد يستعمل في غير النطق، قال تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ} (1)، واللفظ ما يتلفظ به الإنسان

أو في حكمه مهملًا كان أو مستعملًا، والصوت كيفية تحدث من تموج الهواء المنضغط بين قارع ومقروع.

و"الصحابة" في الأصل مصدر ولكن المراد الأصحاب، يقال: صَحِبَهُ يصحَبُه صُحْبة وصَحابةً، وجمع الصاحب: صَحْب كراكب ورَكْب، وصُحْبة -بالضم- كَفَارِه وفُزهة، وصِحاب كجائع وجياع، وصُحْبَان، كشابّ وشبَّان، والأصحاب جمع صحب.

والصحابي: كل مسلم رأى النبي عليه السلام ولو ساعة وإنْ لم يصحبه، وقال البخاري: من صحب النبي عليه السلام أو رآه من المسلمين.

وقالت جماعة: هو من طالت صحبته مع النبي عليه السلام وكثرت مجالسته له على طريق التبع له والأخذ عنه.

وعن ابن المسيّب: هو من أقام مع رسول الله عليه السلام سنة أو سنتين، أو غزا معه غزوة أو غزوتين.

والأصح أنه من رأى النبي عليه السلام أو رآه النبي عليه السلام ولو ساعة.

ويعرف كونه صحابيًّا بالتواتر أو بالاستفاضة أو يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي، أو بقوله وإخباره عن نفسه أنه صحابي بعد ثبوت عدالته.

والتابعيّ: من رأى الصحابيّ، والياء فيهما للمبالغة كما يقال أحمريّ ودُوَّاريّ، أو زائدة لازمة لغير معنى كقولهم للناصر حواريّ ولضرب من النبت بَرْدي.

(1) سورة النحل، آية:[40].

ص: 48

قوله: "وبحثت" من بحث عن الشيء وابتحث عنه إذا فتش عنه، وفي الاصطلاح: البحث هو التفتيش عن النسبة الإيجابية أو السلبية في الكلام.

قوله: "أبوابًا

" جمع باب وهو النوع وقد يجمع على أبوبة قاله ابن فارس، و"الجنس" كلي مقول على كثيرين مختلفين في النوع، والنوع كلي مقول على كثيرين مختلفين بالشخص.

قوله: "في الطهارات" جمع طهارة وهي النظافة مطلقًا، وفي الشرع هي النظافة عن النجاسات وما به، من طَهُر يطهُر بضم الهاء وفتحها في الماضي، وإنما جمع المصدر وإنْ كان يتناول القليل والكثير لقصده الأنواع، كما يقال: كتاب البيوع لاشتماله على أنواع البيع، والتاء فيها كالتاء في "رحمة" و"شدة".

قوله: "فمن ذلك" إشارة إلى باب الطهارة الذي دل عليه سياقه أو إلي الطهارات باعتبار، المذكور.

ص: 49