الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشرع التكبير لسجود التلاوة
؟
روى عبد الرزاق في «مصنفه» (3/ 345): عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مرَّ بسجدة كبَّر وسجد فسجدنا معه» .
ورواه أبو داود في «سننه» (عون 4/ 287) قال: حدثنا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي قال: أنبأنا عبد الرزاق قال: أنبأنا عبد الله به. وقال عقبة: قال عبد الرزاق: كان الثوري يعجبه هذا الحديث، قال أبو داود يعجبه لأنه كبَّر.
ورواه البيهقي في «سننه» (2/ 325) من طريق أبي داود به.
خالفه عبيد الله.
قال أحمد في «مسنده» [4669]: «حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة، فيقرأ السجدة، فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد مكانًا لموضع جبهته» .
ورواه البخاري (2/ 556، 560، 557)، ومسلم [575]، وأبو داود «عون» [4/ 287]، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم (1/ 222) كلهم من طرق عن عبيد الله ليس في شيء منها ذكر التكبير.
ولفظ الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كنَّا نجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم فيقرأ القرآن فربما مرَّ بسجدة فيسجد
ونسجد معه». قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني قال أحمد بن حنبل: لا بأس به ولكن ليس مثل أخيه، وقال مرة كان يزيد في الأسانيد ويخالف، وكان رجلًا صالحًا، وقال: كان عبد الله يُسأل عن الحديث في حياة أخيه فيقول: أما وأبو عثمان حي فلا -يعني عبيد الله-. وقال ابن معين: صويلح، وقال ابن المديني: ضعيف، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق في حديثه اضطراب، وقال صالح جزرة ليّن مختلط الحديث، وقال النسائي: ضعيف الحديث، وقال الخليلي: ثقة غير أن الحفاظ لم يرضوا حفظه. اهـ. بتصرف من «التهذيب» . وقال في «التقريب» : ضعيف عابد من السابعة، مات سنة إحدى وسبعين، وقيل بعدها، روى له مسلم والأربعة. اهـ. قلت: روى له مسلم مقرونًا.
وأما عبيد الله أخوه المصغر فقد قال أحمد فيه: إنه أثبت أصحاب نافع وأحفظهم وأكثرهم رواية، وقال أحمد بن صالح: عبيد الله أحبُّ إليَّ من مالك في حديث نافع. وقال النسائي: ثقة ثبت، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم. اهـ. بتصرف من «التهذيب» .
قال في «التقريب» عنه: أبو عثمان ثقة ثبت مات سنة بضع وأربعين، من الخامسة، روى له الجماعة.
قلت: رواية عبد الله المكبر فيها ثلاثة مطاعن:
الأول: حال عبد الله فإنه ضعيف.
ثانيهما: مخالفته لأخيه عبيد الله وهو أوثق منه.
الثالث: مما يدل على أن عبد الله لم يحفظ الحديث بل كان يهم فيه ما رواه أحمد في «مسنده» [6461]: قال حدثا حماد قال: حدثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمنا القرآن، فإذا مرَّ بسجود القرآن سجد وسجدنا معه» .
فأسقط التكبير هنا (1)، ولهذا لم تختلف الروايات عن عبيد الله المصغر بإسقاطه وهي الرواية المحفوظة بلا شك.
ولهذا ضعف النووي في «المجموع» رواية عبد الله (3/ 560).
تنبيه: قال الحافظ في «التلخيص» (2/ 9):
حديث ابن عمر سدد خطاكم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مرَّ بالسجدة كبَّر وسجد وسجدنا، رواه أبو داود وفيه العُمري عبد الله المكبّر، وهو ضعيف، وخرجه الحاكم من رواية العمري أيضًا لكن وقع عنده مُصغرًا وهو الثقة، فقال: إنه على شرط الشيخين. قلت: (القائل الحافظ) وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر بلفظ آخر.
قلت: (القائل عبد الله) لكن ليس في رواية الحاكم ذكر التكبير كما تقدم، ولهذا قال الحافظ في البلوغ: رواه أبو داود بإسناد فيه لين ولم يزد.
(1) إن كان عبد الله حفظ هذا الحرف.
أما الشواهد فلم أر في المرفوع شيئًا، لكن روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» (1/ 364) آثارًا عن الحسن وإبراهيم النخعي وأبي قلابة وابن سيرين أنهم أفتوا بالتكبير للسجود، والله أعلم (1).
(1) قرئ هذا البحث على شيخنا رحمه الله كاملًا بتاريخ 8/ 7/1413هـ فقال: (يحتاج إلى مراجعة مخطوطة الحاكم؛ لأن الحافظ ذكر التكبير في روايته ويبعد وهمه .. والحاكم في تصحيف في المطبوعة).
قلت: وروجعت ثلاث نسخ خطية للحاكم فلم يوجد فيها التكبير راجعها الشيخ عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، انظر:«مجلة البحوث» (36/ 294) فتبيَّن أنه وهم من الحافظ تبع فيه ابن الملقّن وتبعه فيه الشوكاني، والله أعلم.