المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا - نفح العبير - جـ ١

[عبد الله بن مانع الروقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌إدراكه صلى الله عليه وسلم مع النبوة فضيلة الشهادة

- ‌من فضائل التوحيد

- ‌ظهور ملك الموت عيانًا لمن كان قبل موسى صلى الله عليه وسلم

- ‌التبيان في صوم النصف الآخر من شعبان

- ‌المسك المدوف في حل حديث عبد الرحمن بن سمرة في الكسوف

- ‌الزهو المعطر في تخريج حديث «قاء فأفطر»

- ‌توالي النذر في بيان حديث «هذه ثم ظهور الحصر»

- ‌حكم الموالاة في الغسل

- ‌كشف الغمة عن حديث النور والظلمة

- ‌هل يشرع التكبير لسجود التلاوة

- ‌قطف الأترج في حل حديث أم سلمة في الحج

- ‌مدة المهادنة مع الكفار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا

- ‌التحرير في حكم قتل الخنزير قبل نزول عيسى صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كلام أهل العلم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل من مات وهو محرم هل يكمل حجه

- ‌من مات وهو محرم هل يكمل حجه

- ‌تحبير المقال في حديث الأوعال

- ‌بزوغ القمرين في تخريج حديث نهيت عن صوتين

- ‌بحث في صلاة من أغمى عليه

- ‌بحث في مشروعية ستر قبر المرأة عند الدفن

- ‌إيقاد المجامر بضعف حديث المطاهر

- ‌تخريج حديث إباحة الصلاة بمكة في وقت النهي

- ‌حصول السعادة في الرضي والإستخارة

- ‌البرهان في تخريج حديث استحواذ الشيطان

الفصل: ‌من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا

‌من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا

؟

اختلف في هذه المسألة على قولين:

والأصل في هذا ما رواه البخاري في «صحيحه» قال رحمه الله: (باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس): وأسند حديث هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس)، قيل لهشام: فأمروا بالقضاء؟ قال: بدٌّ من القضاء؟ وقال معمر: سمعت هشامًا يقول: لا أدري أقضوا أم لا (1).

فذهب الجمهور الأئمة الأربعة إلى وجوب القضاء وهو إحدى الروايتين عن عمر سدد خطاكم وهو اختيار صاحب «المغني» و «المجموع» .

واختاره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وابنه عبد الله والشيخ محمد بن إبراهيم - على سبيل الاحتياط - واختاره سماحة الشيخ ابن باز، وذهب أحمد في الرواية الأخرى وإسحاق إلى عدم القضاء واختاره ابن خزيمة من الشافعية، وابن حزم وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين رحمهم الله أجمعين.

(1) انظر: «الفتح» (4/ 199) أبو داود «تهذيب» (3/ 236)، ابن خزيمة (3/ 339)، البيهقي (4/ 217)، عبد الرزاق (4/ 177)، «المحلى» (6/ 222)، «معرفة السنن والآثار» (6/ 258)، «إرشاد الساري» (3/ 394)، «المغني» (4/ 389)، «المجموع» (6/ 330)، «الدرر السنية» (4/ 85)، «مجموع الفتاوى» (20/ 571 - 25/ 231)، «الروض المربع» (3/ 407)، «المنهل العذب» (10/ 82)، «إعلاء السنن» (9/ 145)، «فتاوى ابن إبراهيم» (4/ 193)، «قواعد ابن رجب» قاعدة رقم [159].

ص: 55

فصل

حاصل ما استدل به الموجبون للقضاء:

أولاً: عموم قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} الآية. وهذا قد أكل في النهار.

ثانيًا: بقول هشام بن عروة أحد رواة الحديث: بدٌّ من القضاء.

ثالثًا: ما روي عن عمر فقد روى الأثرم عنه أنه قال: من أكل فليقض يومًا مكانه، وروى البيهقي عن علي بن حنظلة عن أبيه قال: كنت عند عمر في رمضان فأفطروا وأفطر الناس فصعد المؤذن ليؤذن فقال: أيها الناس هذه الشمس لم تغرب، فقال عمر: من كان أفطر فليصم يومًا مكانه، وفي رواية له عنه: لا نبالي والله نقي يومًا مكانه، وروى من طريق الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر أفطر في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! قد طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير وقد اجتهدنا. قال الشافعي ومالك: معنى الخطب يسير قضاء يوم مكانه. قال البيهقي: وفي تظاهر هذه الروايات عن عمر دليل على خطأ رواية زيد بن وهب - وستأتي - في ترك القضاء.

رابعًا: ما رواه البيهقي بإسناده عن شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري قال: أفطرنا مع صهيب الخير في شهر رمضان في يوم غيم وطش، فبينما نحن نتعشى إذ طلعت الشمس، فقال صهيب: طعمة الله، أتموا صيامكم إلى الليل واقضوا يومًا مكانه.

فصل

حاصل ما استدل به المسقطون للقضاء:

أولاً: عموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}

ص: 56

فجمع بين النسيان والخطأ، ومن فعل محظورًا ناسيًا لم يكن قد فعل منهيًّا عنه فلا يبطل بذلك شيء من العبادات.

ثانيًا: الرواية الأخرى عن عمر في ترك القضاء، فقد روى البيهقي من طريق الأعمش عن المسيب بن رافع عن زيد بن وهب قال:(بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان والسماء متغيمة فرأينا أن الشمس قد غابت وأنَّا قد أمسينا فأُخرجت لنا عِساس من لبن من بيت حفصة فشرب عمر سدد خطاكم وشربنا فلم نلبث أن ذهب السحاب وبدت الشمس فجعل بعضنا يقول لبعض نقضي يومنا هذا فسمع بذلك عمر فقال: والله لا نقضيه وما تجانفنا لإثم).

قال شيخ الإسلام: (إسناده أثبت من إسناد الرواية الأخرى، وقال قوله: الخطيب يسير: تأول ذلك من تأوله على أنه أراد خفة القضاء، لكن اللفظ لا يدل على ذلك) اهـ. وأخرجه في «المعرفة والتاريخ» (2/ 765).

ورواية صهيب فيها نظر ففيها شعيب بن عمرو لم يوثقه سوى ابن حبان (1).

ثالثًا: قول هشام: بدٌّ من القضاء من كلامه ولهذا قال في رواية معمر عنه لا أدري أقضوا أم لا. وقد خالفه أبوه وهو أعلم منه. قاله شيخ الإسلام رحمه الله ونقله ابن حزم عن عروة في ترك القضاء.

رابعًا: دعوة الشارع إلى المسارعة بالفطر، قال شيخ الإسلام: (ومع الغيم المطبق لا يمكن اليقين الذي لا يقبل الشك إلا بعد أن يذهب وقت طويل من الليل يفوت المغرب، ويفوت تعجيل الفطور، والمصلي مأمور بصلاة المغرب وتعجيلها فدلَّ على أنه لا يستحب التأخير مع الغيم إلى أن يتيقن الغروب، فإن الصحابة لم يفعلوا

(1) وفي «التقريب» مقبول، وتلميذه يوسف بن محمد أسوأ حالًا منه!

ص: 57

ذلك (1)، ولم يأمرهم به والصحابة مع نبيهم أعلم وأطوع لله ورسوله والفطر قبل صلاة المغرب أفضل بالاتفاق.

خامسًا: (أنه لو كان القضاء واجبًا لنقل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل دلَّ على أنه لم يأمرهم به) اهـ. من كلام شيخ الإسلام رحمه الله (2)، والله أعلم (3).

(1) يعني في حديث أسماء حديث الباب.

(2)

انظر ما ذكره ابن القيم في «تهذيب السنن» (3/ 236).

(3)

تم إعداده في سرر شعبان (آخره) 1414هـ.

ص: 58