المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قطف الأترج في حل حديث أم سلمة في الحج - نفح العبير - جـ ١

[عبد الله بن مانع الروقي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌إدراكه صلى الله عليه وسلم مع النبوة فضيلة الشهادة

- ‌من فضائل التوحيد

- ‌ظهور ملك الموت عيانًا لمن كان قبل موسى صلى الله عليه وسلم

- ‌التبيان في صوم النصف الآخر من شعبان

- ‌المسك المدوف في حل حديث عبد الرحمن بن سمرة في الكسوف

- ‌الزهو المعطر في تخريج حديث «قاء فأفطر»

- ‌توالي النذر في بيان حديث «هذه ثم ظهور الحصر»

- ‌حكم الموالاة في الغسل

- ‌كشف الغمة عن حديث النور والظلمة

- ‌هل يشرع التكبير لسجود التلاوة

- ‌قطف الأترج في حل حديث أم سلمة في الحج

- ‌مدة المهادنة مع الكفار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌من أفطر يظن غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغب هل يقضي أم لا

- ‌التحرير في حكم قتل الخنزير قبل نزول عيسى صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كلام أهل العلم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل من مات وهو محرم هل يكمل حجه

- ‌من مات وهو محرم هل يكمل حجه

- ‌تحبير المقال في حديث الأوعال

- ‌بزوغ القمرين في تخريج حديث نهيت عن صوتين

- ‌بحث في صلاة من أغمى عليه

- ‌بحث في مشروعية ستر قبر المرأة عند الدفن

- ‌إيقاد المجامر بضعف حديث المطاهر

- ‌تخريج حديث إباحة الصلاة بمكة في وقت النهي

- ‌حصول السعادة في الرضي والإستخارة

- ‌البرهان في تخريج حديث استحواذ الشيطان

الفصل: ‌قطف الأترج في حل حديث أم سلمة في الحج

‌قطف الأترج في حل حديث أم سلمة في الحج

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانت ليلتي التي يصير فيها إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر، فصار إليَّ، فدخل عليَّ وهب بن زمعة معه رجل من آل أبي أمية مقمصين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهب:«هل أفضت أبا عبد الله؟» قال: لا والله يا رسول الله! قال صلى الله عليه وسلم: «انزع عنك القميص» ، قال: فنزعه من رأسه، ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال: ولم يا رسول الله؟ قال: «إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا، -يعني من كل ما حرمتم منه إلا النساء-، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرمًا كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به» .

أخرجه أحمد (12/ 201 ساعاتي)، وأبو داود (بذل 9/ 327 عون)(5/ 480)«تهذيب السنن» (2/ 427)، «المنهل العذب» (2/ 174)، وابن خزيمة (4/ 312)، والحاكم (1/ 489 - 490)، والبيهقي (5/ 137)، والطبراني (23/ 412) كلهم من طريق محمد بن إسحاق، حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة به.

وأبو عبيدة هذا ترجمه في «التهذيب» (12/ 159) روى عنه الزهري وابن إسحاق وغيرهم، قال أبو زرعة: لا أعلم أحدًا سماه، له عند مسلم حديث عن أمه زينب عن أمها أم سلمة في الرضاعة. اهـ.

وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وذكره خليفة بن خياط في طبقاته في الطبقة الثالثة من «قبائل قريش» ص [256]، قال ابن حزم في «المحلى» (7/ 142) بعدما ذكر حديث الترجمة: (ولا يصح لأن أبا عبيدة وإن كان مشهور الشرف والجلالة في الرياسة فليس معروفًا بنقل

ص: 45

الحديث، ولا معروفًا بالحفظ، ولو صح لقلنا به مسارعين إلى ذلك وقد قال به عروة بن الزبير) (1) اهـ.

وقال الذهبي في «الكاشف» (3/ 315): أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة .. ثقة، وقال الحافظ في «التقريب»: مقبول.

طريق أخرى: وأخرجه الطبراني من طريق ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن يزيد بن رومان عن خالد مولى الزبير عن زينب عن أم سلمة به، قلت: وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه، وخالد مولى الزبير، قال الحسيني في «الإكمال» [221]: خالد مولى الزبير بن نوفل عن زينب بنت أبي سلمة وعنه يزيد ابن رومان لا يُدرى من هو. وتبعه الحافظ من التعجيل [267] وقال العراقي في «ذيل الكاشف» [92]: لا أعرفه. اهـ.

طريق أخرى: أخرج الطحاوي في «شرح المعاني» (2/ 227ـ 228) من طريق ابن لهيعة، ثنا الأسود عن عروة عن جُدامة بنت وهب أخت عكاشة بن وهب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وأخًا له آخر جاءاها حين غابت الشمس يوم النحر فألقيا قميصيهما فقالت: ما لكما؟ قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يكن أفاض من هنا فليلق ثيابه» . وكانوا تطيبوا ولبسوا الثياب.

وأخرجه من طريق ابن لهيعة به عن عروة عن أم قيس بنت محصن قال: دخل عليَّ عكاشة بن محصن وآخر في منى مساءً يوم الأضحى فنزعا ثيابهما وتركا الطيب، فقلت: ما لكما؟ فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: «من لم يفض إلى البيت من عشية هذه فليدع الطيب والثياب» اهـ. وذكر هذين الطريقين الحافظ ابن حجر في «الإصابة» في ترجمة عكاشة بن وهب .. وقال:

(1) علق الشيخ على هذا المحل: هذا يدل على ضعفه لحال أبي عبيدة.

ص: 46

كأن الطريق الثانية أصح - يعني عن عروة عن أم قيس، فقد جاء الحديث من وجه آخر عنها رواه الحاكم (1/ 490) اهـ.

قلت: الطريق التي أشار إليها الحافظ أخرجها الحاكم بعد حديث الترجمة قال: وقال أبو عبيدة: وحدثتني أم قيس، يعني به مثله وهذان الطريقان فيهما ابن لهيعة وهو عبد الله القاضي صدوق خلط بعد احتراق كتبه .. كذا في «التقريب» ، والمختار أن حديثه حسن في الشواهد، وعند التفرد ضعيف.

وخلاصة ما تبين لي في هذا الحديث أنه بهذه الطرق يصل إلى درجة الاحتجاج ولا أشك في ذلك، لكن الشأن في متنه، قال البيهقي (5/ 136): لا أعلم أحدًا من الفقهاء يقول به. وقال أبو العباس الطبري في «القرى لقاصد أم القرى» [472]: وهذا حكم لا أعلم أحدًا قال به، وذكره النووي في «المجموع» (8/ 205)، وصدَّره بقوله:(فرع) في بيان حديث مُشكل، وقال عقبه: وهذا الإسناد صحيح ثم ذكر كلام البيهقي المتقدم، ثم قال: فيكون الحديث منسوخًا دلَّ الإجماع على نسخه، فإن الإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، لكن يدل على ناسخ. اهـ.

وحديث الترجمة قال عنه ابن القيم في «تهذيب السنن» (2/ 427) إنه محفوظ، وذكره الحافظ في «التلخيص» (2/ 260) وسكت عنه، وجوَّده الساعاتي وصححه الألباني كما في «صحيح ابن خزيمة» حديث رقم [2958](4/ 312) وكذلك جوَّده أمين خطاب في تكملة شرح والده على أبي داود في المسمى «المنهل العذب المورود» وقد أفتى به عروة كما ذكر ذلك ابن حزم وتقدم، وأفتى به الشيخ علي ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - كما في مجموعة الرسائل والمسائل (1/ 257 - 258)، وأما عبد الله ابن الشيخ محمد فقد قال:

ص: 47

(ونحن ما تجاسرنا على الفتيا به لأجل أنه خلاف أقوال العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم) اهـ.

وسألت شيخنا العلامة المحدِّث سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز

- حفظه الله - فقال: (هو حديث شاذ .. والنبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن أمر الحج أتم البيان ..) اهـ.

وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إنه حديث شاذ.

تنبيه: ذكر بعضهم إجابة عن هذا الحديث خلاصتها أن هذا كان من النبي صلى الله عليه وسلم لهذين الرجلين على سبيل الاحتياط وخشية مواقعة المحرم من إتيان النساء قبل طواف الإفاضة، وذلك لما دخلا عليه متطيِّبَيْن فسلم هذا الطريق معهم سدًّا للذريعة ولم يكن تعبدًا بل سياسة .. إلخ.

قال صاحب «بذل المجهود» آثرًا له عن بعض شيوخه، وهو في «شرح إعلاء السنن» (10/ 165).

قلت: وهذا ليس بشيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم سنَّ لأمته التطيب قبل الطواف بفعله وقوله ولم يستثن حالة ولا أشخاصًا ولم يبين هذا لأمته بيانًا عامًّا يحصل به البلاغ حتى يذكره لرجلين دخلا عليه، وإنما هو مُبلغ.

وإطلاقات الأحاديث الصحيحة المخرَّجة في الصحيحين وغيرهما صريحة في عدم تقييد الإحلال بزمن معيَّن فرجوع الحلال حرامًا بعدما حل بالرمي والذبح والحلق لأجل كونه لم يطف بالبيت حتى المساء مستنكر غريب في النصوص المتظاهرة في صفة الحج، ثم الأحكام التي تُبلغ في مثل هذا الجمع تتوافر الهمم والدواعي على نقلها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينسك المناسك ويقول:«خذوا عني مناسككم» . وهذا حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه الذي هو منسك متكامل دقيق لم يذكر مثل هذا.

ص: 48

وقال شيخنا في «شرح البلوغ» : (حديث جابر حديث عظيم لم يرد في الأنساك مثله، وحديث جابر منسك مستقل) اهـ. بحروفه.

هذا جهد المقل حسب ما تيسر ونسأل الله حسن الختام، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم (1).

(1) قرأته على سماحة شيخنا بتاريخ الاثنين 19/ 11/1413هـ وعلق الشيخ بقوله: (الأقرب أن الحديث لا يحتج به لضعفه ومتنه منكر).

ص: 49