الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بزوغ القمرين في تخريج حديث نهيت عن صوتين
قال الترمذي في «سننه» (4/ 87): (حدثا علي بن خشرم، أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله سدد خطاكم قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى فقال له عبد الرحمن: أتبكي؟ أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: «لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجوه، وشق جيوب، ورنَّة الشيطان» .
ورواه أبو داود الطيالسي في «مسنده» (1/ 159منحة)، والبزار في «مسنده» (1/ 380 كشف)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (3/ 62)، وعبد بن حمُيد كما في «المنتخب» [1004]، وابن سعد في «الطبقات» (1/ 138)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (4/ 293)، والحاكم في «المستدرك» (4/ 40)، والبيهقي في «السنن» (4/ 69)، والحكيم الترمذي في «المنهيات» ص [42]، والآجري في «ذم الملاهي» ص [119]، والبغوي في «شرح السنة» (5/ 431)، كلهم من طرق عن ابن أبي ليلى به، وزاد نسبته في «نصب الراية» إلى مسند إسحاق وأبي يعلى.
ووقع في بعض ألفاظه: «صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة» . وفي لفظ: «صوت عند نعمة» بالمهملة ورجحه المُناوي في «الفيض» لمقابلته المصيبة.
والحديث حسنه الترمذي وفي بعض النسخ بزيادة صحيح، وصححه الطحاوي بإيراده في شرح معاني الآثار محتجًّا به كما يُعلم
ذلك من مقدمته، وصححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي بشيء، وسكت عنه الحافظ في «الفتح» (3/ 74).
ومداره على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال شعبة: (ما رأيت أسوأ من حفظه، وقال القطان: سيئ الحفظ جدًّا، وقال ابن معين: ليس بذاك، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال الدارقطني: رديء الحفظ كثير الوهم ..) اهـ من «ديوان الضعفاء» للذهبي (2/ 603). وفي «التقريب» : صدوق سيء الحفظ جدًّا.
ثم رأيت له شاهدًا رواه البزار في «مسنده» (1/ 377 كشف) قال: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا شبيب بن بشر البجلي، قال سمعت أنس سدد خطاكم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة، مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة» . قال البزار: لا نعلمه عن أنس إلا بهذا الإسناد. قال الهيثمي في «المجمع» (3/ 13): رجاله ثقات، وسبقه إلى ذلك المنذري في «الترغيب» وصدَّره بقوله: وعن أنس .. ومن اصطلاحه في هذه اللفظة التصحيح أو التحسين أو ما قاربهما كما صرح بذلك في المقدمة.
قلت: وهذا إسناد صحيح لولا شبيب بن بشر البجلي .. فقد ليَّنه أبو حاتم ووثَّقه ابن معين، وفي «التقريب» صوق يخطئ روى له الترمذي وابن ماجه. اهـ.
وعمرو بن علي الفلاس، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقتان جليلان من رجال الجماعة.
فحديث أنس هذا شاهد للطريق الأولى فالحديث حسن على أقل الأحوال، قال الحافظ في «النخبة»:(ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور، والمرسل، والمدلس صار حديثهم حسنًا لا لذاته بل بالمجموع) اهـ.
وحديث أنس هذا رواه الضياء في «المختارة» ، وقد قال ابن تيمية في أحاديثه هو أعلا مرتبة من تصحيح الحاكم وهو قريب من تصحيح الترمذي وأبي حاتم البُستي، وقواه أبو العباس في «الاستقامة» (1/ 292) وحسنه الألباني وزاد نسبته لأبي بكر الشافعي في «الرباعيات» (وإن كان لم يذكر كثيرًا من الطرق الماضية) وصححه الغماري بإيراده في كتابه «الكنز الثمين» ، وحسنه الشيخ حمود التويجري - رحم الله الجميع - في رده على أبي تراب الظاهري.
والحمد لله أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا (1).
(1) قرئ على شيخنا يوم الخميس 1/ 11/1413هـ فقال بعد قراءة العنوان: (هدانا الله وإياه) يعني عبد الله!، وقال بعد قراءة البحث:(جزاك الله خيرًا .. كلام في محله) بحروفه.