الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعتراض المعتزلة على احتجاج أهل السنة وجوابهم لهم
اعترضت المعتزلة على احتجاج أهل السنة بقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} وسائر الآيات التي فيها لفظ التنزيل مثل قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} أن هذا نظير إنزال المطر، أو إنزال الحديد فليس بمثل هذه الآيات حجة على أن القرآن غير مخلوق.
وأجاب أهل السنة: أن إنزال المطر مقيد بأنه منزل من السماء، كما قال اللَّه:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وفي آية أخرى: {مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} وهي السحاب.
وأما إنزال القرآن فمذكور بأنه إنزال من اللَّه كقوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، وقال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} .
وإنزال الحديد والأنعام مطلق، فكيف يشبه هذا الإنزال بهذا الإنزال، فالحديد إنما يكون
من المعادن التي في الجبال، وهي عالية على الأرض، وقد قيل: إنه كلما كان معدنه أعلى كان حديده أجود.
والأنعام تخلق بالتوالد المستلزم إنزال الذكور الماء من أصلابها إلى أرحام الإناث، ولهذا قال أنزل ولم يقل نزل، ومن المعلوم أن الأنعام تعلو فحولها إناثها عند الوطء، وينزل ماء الفحل من علو إلى رحم الأنثى، وتلقي ولدها عند الولادة من علو إلى سفل، وعلى هذا فيحتمل قوله:{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} وجهين:
أحدهما: أن تكون (من) لبيان الجنس.
الثاني: أن تكون (من) لابتداء الغاية.
وهذان الوجهان يحتملان في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا} .
واعترضوا ثانيا على قول أهل السنة في احتجاجهم أن الكلام صفة للَّه؛ لأن اللَّه أضافه إلى نفسه؛ حيث قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} ، وقال:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} .
قالوا في اعتراضهم: أن الإضافة للتشريف كبيت الله، وناقة الله، فلا تقتضي أن تكون صفة
…
وأجاب أهل السنة: أن الإضافة نوعان:
(1)
إضافة أعيان: كالبيت والناقة، فهذه للتشريف والتنويه لما فيه من الصفات العظيمة.
(2)
إضافة المعاني: كعلم اللَّه وقدرته وكلامه فهي من إضافة الصفة للموصوف.