المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(افتراء الكثيرين على شيخ الإسلام ابن تيمية اعتمادا على رحلة ابن بطوطة - نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين

[أحمد بن حجر آل بوطامي]

الفصل: ‌(افتراء الكثيرين على شيخ الإسلام ابن تيمية اعتمادا على رحلة ابن بطوطة

‌(افتراء الكثيرين على شيخ الإسلام ابن تيمية اعتمادا على رحلة ابن بطوطة

في تشبيه نزول اللَّه بنزول خلقه، ودحض ذلك الافتراء من كتاب شرح النزول ومن الوجهة التاريخية ومن المعقول)

هذا شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني، قد نسب إليه كثير من أتباع المذاهب غير الحنابلة، فضلًا عن أهل الأهواء والضلال، أنه يقول بالتجسيم والتشبيه، ويؤيدون زعمهم بما وجدوه في رحلة ابن بطوطة من أنه قرأ حديث النزول ونزل من على المنبر وقال: ينزل كنزولي هذا.

فاسمع الجواب مما كتبته في كتابي (العقائد السلفية بأدلتها العقلية والنقلية) ص: (74) .

من الجهل الفاضح أو التجاهل والعصبية العمياء، ما نسبه كثير ممن ادعى العلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان يقرر حديث النزول في المسجد الأموي، وأنه قال:(ينزل ربنا كنزولي هذا) ونزل من على منبر الجامع درجة، يريدون بذلك أنه مشبه مجسم، وأخذ يروي المتأخر عن السلف هذه الأكذوبة التي منشؤها ابن بطوطة في رحلته.

ص: 42

فيا سبحان الله، ما أعظم جهل هؤلاء؟ هلا قرءوا مؤلفات شيخ الإسلام ليروا كيف يرد على هؤلاء المشبهة والمجسمة، كما يرد على الجهمية والمعتزلة وغيرهم.

بل ألف شيخ الإسلام شرحًا لحديث النزول ليس فيه أدنى رائحة من التشبيه والتجسيم، بل يقرر في شرحه في عدة مواضع تنزيه اللَّه عن التمثيل، والشرح مطبوع عدة مرات متداول

ص: 43

بين الناس، فمن يشك فيما أقول فليقرأه ولو مرة واحدة، بل ليقرأ صفحات منه ليعلم كذب أولئك القوم ومبلغ تعصبهم.

فما أدري ما قيمة العالم إذا كان كذابًا مفتريًا قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} .

ص: 44

وأما تمسكهم بما قاله ابن بطوطة، فالجواب: يحتمل أن الشيخ ابن تيمية قال: (ينزل ربنا لا كنزولي هذا) فلم يسمع ابن بطوطة كلمة (لا) أو سمعها وكتبها، ولكن حرفها النساخ.

هذا إذا أسلمنا أن ابن بطوطة رأى شيخ الإسلام، ولكن قال المحقق بهجت البيطار في كتابه حياة شيخ الإسلام: إن ابن بطوطة لم يسمع من ابن تيمية، ولم يجتمع به، إذ كان وصوله إلى دمشق يوم الخميس التاسع من رمضان عام ست وعشرين وسبعمائة هجرية.

وكان سجن شيخ الإسلام في قلعة دمشق أوائل شعبان من ذلك العام، إلى أن توفاه اللَّه ليلة الاثنين لعشرين خلون من ذي القعدة عام ثمان وعشرين وسبعمائة هجرية، فكيف رآه ابن بطوطة يعظ على منبر الجامع، وسمعه؟ ولم يكن يعظ الناس على منبر الجامع -كما زعم ابن بطوطة - وإنما كان يجلس على كرسي يعظ الناس.

على أن ابن بطوطة لم يكتب رحلته بقلمه، وإنما أملاه على ابن جزي الكلبي، فيجوز أن يكون ذلك من تحريف النساخ، أو وسوسة بعض الخصوم.ا. هـ.

ص: 45