الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج. كريستي ويلسون: (ولهذا فعندما سمح لأصحاب الخيام هؤلاء بدخول الباكستان كان يشار إليهم على أنهم أطباء وممرضين وعمال نصارى، وليس على أنهم منصرون، وحيث إن معظم. المسؤولين في الدول الإسلامية لا يعرفون الفرق بين النصراني والمنصر، فإن هؤلاء الذين يحملون المؤهلات لمناصب في هذه البلاد تم الترحيب بهم)(1)
[الحوار]
الحوار وسيلة استغلها المنصرون لتحقيق آمالهم وما تصبو إليه أنفسهم من زعزعة عقائد المسلمين، وصرفهم عن دينهم، وإثارة الشكوك وبعث الشبه من خلال اجتماعات سبق الإعداد والترتيب لها بين نفر من المنصرين من ذوي الخبرة في هذا الباب، وبين نفر من المسلمين أو من المنتسبين إلى الإسلام- غايتها مناقشات علنية لا تمت بظاهرها إلى التبشير، وإن كانت تهدف في الحقيقة إلى زعزعة العقائد، من خلال النقاش وعرض الأقوال والردود ثم النفوذ من خلال الأخطاء والجمل المتشابهة إلى التأثير على ذوي النفوس الضعيفة (2)
(1) المصدر السابق، ص:696.
(2)
انظر التبشير والاستعمار، ص:257. وحقيقة التبشير، ص: 173.
وقد لجأت إلى الحوار الهيئات التنصيرية منذ عام 1960م، وأصدر مجلس الكنائس العالمي مطبوعات كثيرة توثق هذا الحوار (1) . وتتضمن شرحا لمعنى الحوار وأهدافه وغاياته التي يطمح أن يصل إليها المنصرون، ومن أبرزها وأهمها ما ورد في الكتاب الموسوم بـ " توجيهات من أجل حوار بين المسيحيين والمسلمين " الصادر عن الفاتيكان عام 1969م، ومما جاء فيه:
- هناك موقفان لا بد منهما أثناء الحوار: أن نكون صرحاء، وأن نؤكد مسيحيتنا وفقا لمطلب الكنيسة.
- أخطر ما يمكن أن يوقف الحوار: أن يكتشف من نحاوره نيتنا في تنصيره، وإذا ما قد تم استبعاد هذا الموقف بين الكاثوليكي وغير الكاثوليكي، فإنه لم يستبعد بعد بين المسيحي والمسلم، وإذا ما تشكك من نحاوره في هذه النية علينا بوقف الحوار فورا، وهذا التوقف المؤقت لا يعفينا من تأكيد مواقفنا بوضوح.
- سيفقد الحوار كل معناه إذا قام المسيحي بإخفاء أو بتقليل قيمة معتقداته التي تختلف مع القرآن.
- يجب تفادي الدخول في مناقشات حول ما يرد في القرآن بشأن المسيح والمسيحية، ولنترك المسلم يتساءل عنها كيف ما شاء وعلينا أن نتذكر أن قبولنا لسر المسيح يمثل سر إيماننا.
(1) التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، ص:724.
- على جميع المسيحيين المهتمين بالحوار تفادي الحديث عن محمد بأي استخفاف وألا يبدو عليهم أبدا ازدراء ذلك الحماس الذي يحيطه به الإسلام وعدم إنكار دوره الديني كمبشر وشجاع للتوحيد الذي نشره المسلمون فيما بعد.
- من أهم عقبات الحوار ما قمنا به في الماضي ضد الإسلام والمسلمين وهذه المرارات عادت للصحوة حاليا، وقد أضيفت الآن قضية إسرائيل وموقف العرب منها، ونحن كمسيحيين نعرف ما هي مسئوليتنا حيال هذه القضية وعلينا أن نبحث دائما عن توجه إنساني خاصة أن حل هذه المشكلة ليس في أيدينا.
- لا يكفي أن نتقرب من المسلمين، بل يجب أن نصل إلى درجة احترام الإسلام (1) على أنه يمثل قيمة إنسانية عالية وتقدما في التطور الديني بالنسبة للوثنية.
- مراعاة سوء فهم المسلم للعقيدة المسيحية، لأن العبارات الواردة في القرآن عن المسيحية تشوهها، فهم ينفون التثليث وتجسد الله في المسيح، وأي حوار في هذا المجال سيواجه بالفشل ما لم يغير المسلم من موقفه.
(1) وصدق الله حيث يقول: (وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون) سورة المائدة، الآية:61.
- في أي حوار يجب على المسيحي أن يقنع المسلم بأن المسيحية قائمة على التوحيد وألا يناقش أية تفاصيل، فأي كلام سيقوله المسيحي تبريرا للعقيدة لن يمكنه أن يقنع به المسلم الذي لا يرى في الثالوث إلا المساس بالتوحيد ويستند في ذلك إلى سورة التوحيد.
- ضرورة القيام بفصل المسيحية في حد ذاتها عن العالم الغربي ومواقفه المادية ومواقفه الاستعمارية فالمسلم لم ينس ذلك بعد.
- على من يقوم بالحوار من المسيحيين فصل ما هو دنيوي عما هو ديني في المواقف السابقة للكنيسة والغرب من الإسلام والبحث عن نقاط مشتركة.
- ما زال المسلم يشك إلى الآن في نوايا المسيحي، وهي أصعب نقطة في الحوار، لذلك لا يجب على المسيحي أن يعرب عن عدم اكتراثه بذلك فحسب، وإنما عليه أن يستمع إلى نقاط الاعتراض مع تمسكه في قرارة نفسه بكل عقائده الكنسية.
- يجب الاعتماد على الغرس الثقافي ولا يجب إغفال الدور الذي يقوم به الغرب في العالم الثالث من تغيير حضاري.
- لقد سبق لمثل هذا الحوار بين العرب المسيحيين والمسلمين أن بدأ في الماضي، في دمشق (القرن الثامن) وقرطبة (القرن الثاني عشر) وأقرب منا في الشرق الأوسط (القرن التاسع عشر) وهو مازال
يتواصل ونأمل أن يزداد في كل مكان تتواجد فيه المسيحية والإسلام ولن نكف أبدا عن تأكيد أهمية الحوار الثقافي.
- إن الحوار بالنسبة لكنيسة هو عبارة عن أداة، وبالتحديد، عبارة عن طريقة للقيام بعملها في عالم اليوم (1) كما اشتمل بحث " الدعوة إلى التجدد الروحي " على دروس من الماضي وتوقعات المستقبل وكان من بينها:
3 -
يجب استبدال تشويه سمعة الإسلام بالتعايش والحوار دون إضعاف التنصير على الرغم من زيف الإسلام وعجزه.
4 -
يجب الاهتمام بدراسة اللاهوت الإسلامي، كما يجب بذل الجهود لتدعيم الأرضية المشتركة، بالإضافة إلى الإشارة الملائمة والمناسبة إلى المسيح (2) والنصارى يؤملون من وراء هذه الحوارات والمناقشات أن يتم اعتراف المسلمين بصحة دينهم، وأنهم على شيء من الحق، وأن هناك نقاطا ومسائل مشتركة بينهم يمكن استثمارها للاتفاق بين الطرفين.
(1) نقلا عن مؤامرة الفاتيكان على الإسلام، ص: 169-172. وانظر أيضا كتاب: تنصير العالم، ص: 106، وما بعدها موضوع: الحوار أداة لفرض الارتداد واعتناق المسيحية.
(2)
التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، ص:598. وقد تركت نقل الفقرة الأولى والثانية لعدم تعلقهما في هذا الموضوع.
وهذا من أهداف جمعيات الحوار وهو ما أشار إليه بعض الباحثين بقوله: (وجوهرها وهدفها في الحقيقة هو أن يكسب اليهود والنصارى في هذا العصر اعترافا من المسلمين بصحة دينهم، وهذا له دور كبير في صد النصارى واليهود عن الدخول في الإسلام، وذلك لأن كثيرا من النصارى وبعض اليهود متعطشون إلى دين شامل كامل كالإسلام، وقد سئموا مما يسمى عندهم بالمسيحية أو اليهودية التي هي من صنع الأحبار والرهبان وليست الدين الصحيح الذي أنزله الله على موسى وعيسى عليهما السلام، فإذا سمع هؤلاء تلك الشنشنة- التي تصدر من أشخاص يطلق عليهم ألقاب علمية ودينية كبيرة- المتضمنة لاعترافهم بالدين النصراني والدين اليهودي المحرفين، وسمعوا حرص أولئك العلماء الأكابر إلى مد أيديهم إلى دين النصارى واليهود والبحث عن مزاملته بأي ثمن ومحاولة تقريبه من الإسلام خاب ظنهم وقالوا لماذا ننتقل إلى الإسلام وهو كديننا الذي نشعر فيه بالتعاسة، بل إن ديننا أفضل منه بدلالة حرص أصحابه على تقريبنا إليهم ليكسبوا بذلك عزا وشرفا)(1) .
ذكر كل من د. مصطفى خالدي ود. عمر فروخ غاية هذا الحوار في العصر الحاضر حيث قالا: والحوار بين المبشرين وبين أتباع
(1) أهمية الجهاد في نشر الدعوة الإسلامية والرد على الطوائف المغالية فيه ص: 449، تأليف د. علي بن نفيع العلياني.
الأديان غير المسيحيين أمر قديم، فإن عددا كبيرا من المؤسسات الغربية كالمدارس والنوادي وجمعيات الشبان والشابات وسائل لحوار مستتر كثيرا أو قليلا- وغاية هذا الحوار زعزعة العقائد على ألسنة أشخاص معروفين في قومهم.
والحوار كالمعاهدات يظفر بالغنائم فيها من كان أقوى يدا وأرفع صوتا. ومما يؤسف له أن نفرا قد حملهم تيار هذا الحوار إلى حيث لا يريدون. وعلى كل فإن النتائج العملية لذلك الحوار لم تكن بعيدة الأثر في تحقيق الهدف الذي نصب لها، ذلك لأن المخلصين أدركوا أن هذا الحوار هو وسيلة جديدة من وسائل التبشير الديني والسياسي معا. ثم إن كثيرا من المخلصين كانوا يتتبعون الحركات العامة في العالم فعلموا بأهداف هذا الحوار. أما الذين ليس لهم تتبع لما يجري في العالم فقد ظنوا أن هذا الحوار فرصة لتبيين آرائهم، وكانوا في ذلك مخطئين) (1) .
وقد خفي على هؤلاء المتحمسين هذا الباب من المسلمين أن كل المسائل التي يزعمون أنه يمكنهم الالتقاء فيها مع النصارى لا وجود لها بل لا حقيقة لها في واقع الأمة النصرانية؛ ذلك لأن الإله الذي يدين له النصارى بالإيمان يختلف عن الله الذي يعبده المسلمون،
(1) التبشير والاستعمار، ص:258.
بل الإله في النصرانية جزء من الوثنية النصرانية المثلثة، والمسيح الذي يؤلهه النصارى يختلف عن المسيح الذي يؤمن بنبوته المسلمون؛ إذ مسيح الهدى غير مسيح الضلال، قال تعالى:{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157](1) .
وكذلك الإنجيل الذي تنزل على المسيح عليه السلام ويؤمن به المسلمون يختلف عن هذه الأساطير التي يتداولوها النصارى ويؤمنون بها.
وهذا الحوار الذي دلف من خلاله المنصرون إلى ساحات الأمة الإسلامية (2) يشككون تارة ويتمسكنون تارة، ويهاجمون تارة ويسالمون أخرى. . نراهم يعيدون النظر في جدوى هذه الوسيلة ومدى تحقيقها للغايات التي قدرت لها، ففي المؤتمر التنصيري المنعقد في كلورادو عام 1978 م قدم دانيل آر بروستر بحثا بعنوان:" الحوار بين النصارى والمسلمين وصلته الوثيقة بالتنصير" وبين فيه تاريخ الحوار ومستوياته والأدوار المتغيرة للحوار في كل فترة، كما قدم فيه
(1) سورة النساء، الآية:157.
(2)
انظر الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان، د. بكر أبو زيد، ص:101.
قلق المنصرين من أن يتحول الحوار إلى وسيلة لإسلام المحاورين من النصارى حيث قال: (والأمر الذي يقلق المنصرين- كما أقلقتهم الموضوعات السابقة- وربما كان أكثر الأمور التي تبعث على القلق- هو مفهوم المحاورة الذي أتقنه مجلس الكنائس العالمي والذي يقول: إن المحاورة التي تتم بأمانة وصراحة وبدون عداوة أو حلول مسبقة، قد تقود إلى كسب النصراني إلى جانب المسلم)(1) .
ورغم هذه المراوحة من جانب النصارى تجاه هذا الأمر، إلا أن الكثير من الباحثين المسلمين فرحوا بهذا الأمر، وتهافتوا عليه، وظنوه بابا من أبواب الدعوة إلى الإسلام- فهلا كان هذا قبل أن يدعو إليه النصارى- ولأن نكون أئمة هدى خيرا من أن نكون تابعين للنصارى في طروحاتهم فنحقق لهم ما يريدون دون أن نشعر.
وهذا الأمر- على أهميته البالغة- لم يأخذ حقه من الدراسة والتمحيص والتحقيق، وإيضاح الحكم الشرعي فيه- حسب علمي- وإن كانت أفردت لذلك دراسات لكنها وقعت في خطأ- فيما أعتقد- حيث نزلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وسير السلف والعلماء المتعلقة بمجادلة أهل الكتاب على الحوار الذي دعا إليه مجلس الكنائس العالمي لغرض معين وهو تنصير المسلمين، وإن لم يتحقق ذلك، فليتحقق ما دون ذلك وهو أن يظفروا باعتراف، أو يخرجوا من
(1) التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، ص:728.
هذا الحوار أو ذاك بتوصيات ونتائج تكون حجة لمشكك، ودليلا لمنصر، ومستندا لضغط سياسي كما وقع في مؤتمر لبنان المنعقد عام 1972م بتحريض من أمانة سر الفاتيكان الذي حضره خمسة وعشرون منصرا وعشرون مسلما من عشرين دولة، وكان موضوعه " من أجل التفاهم والتعامل الإنساني " وناقش الموضوعات التالية:
(1)
الأديان والأمم.
(2)
عبادة وصلاة.
(3)
العلاقات النصرانية الإسلامية.
(4)
العلاقات الإسلامية النصرانية.
(5)
الوحي الحقيقة والخضوع.
وخرج بنتيجة: أن على الإنسان أن يعيش مع أخيه الإنسان وحتى في نفس العائلات بإيمان قوي بالله ولو اختلف التعبير اللاهوتي، وتضاربت الآراء في العقائد. وانتهى إلى التوصيات التالية: -
1 -
شهادة صريحة بتجنب الخوف والشك.
2 -
الاحترام المتبادل.
3 -
رفض جميع المقارنات بين ما في الديانتين من ركائز قوية هنا ومسائل ضعف في الجانب الآخر.
وكما وقع في الحوار الذي أعقب زيارة السادات إلى الفاتيكان ومقابلته للبابا وتباحثا حول موضوع السلام في الشرق، ورأيا أن