الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أهداف التنصير]
أهداف التنصير أخبر الله عن أهل الكتاب أنهم كفروا بآيات ربهم، ونقضوا ميثاقه، وقتلوا الأنبياء فطبع على قلوبهم قال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 155](1) فغاية أهل الكتاب تتلخص في الأمور التالية:
1 -
الصد عن سبيل الله تعالى: {يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} [النساء: 44](2) .
2 -
أن تكون سبيل الله عوجا مائلة عائلة، وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها ولا من خذلها (3) قال جل ثناؤه:{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [إبراهيم: 3](4) .
3 -
أن يتبع المسلمون ملتهم، قال تعالى:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120](5) .
(1) سورة النساء، الآية:155.
(2)
سورة النساء، الآية:44.
(3)
انظر تفسير القرآن العظيم، تأليف أبي الفداء إسماعيل ابن كثير القرشي، جـ2، ص:522.
(4)
سورة إبراهيم، الآية:3.
(5)
سورة البقرة، الآية:120.
4 -
أن ترتد الأمة الإسلامية وترجع على أدبارها قال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89](1) . قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109](2) .
5 -
الحرص على ما يعنت المسلمين ويشق عليهم ويضرهم ويفسد عليهم أمرهم قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118](3) 6 - فتنة المسلمين والكيد لهم وخذلانهم وخذلان دينهم وإخماده مدة طويلة (4) قال تعالى: {يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة: 47](5) .
وحينما تستعرض ما كتبه المنصرون عن أهدافهم، أو ما كتبه من تناول هذا الموضوع من المسلمين- تجد أن الأهداف التي ذكرها هؤلاء وهؤلاء لا تخرج عن ذلك.
فقد ذكروا من أهدافهم ما يلي:
1 -
تفريق الوحدة الإسلامية.
(1) سورة النساء، الآية:89.
(2)
سورة البقرة، الآية:109.
(3)
سورة آل عمران، الآية:118.
(4)
انظر تفسير القرآن العظيم، جـ 2، ص:361.
(5)
سورة التوبة، الآية:47.
2 -
إخضاع العالم الإسلامي للسيطرة الغربية النصرانية والتحكم في خيراته ومدخراته.
3 -
السيطرة السياسية والتوسع الاستعماري (1) .
وهذه الأهداف كما ترى لا تخرج عن الأهداف التي أشارت إليها الآيات الكريمة السابقة.
والتنصير في حقيقته هو الامتداد الحقيقي للحروب الصليبية، فلئن كانت الحروب الصليبية حروبا وحملات عسكرية، فإن التنصير حملات صليبية سلمية تستهدف الغرض نفسه. يؤكد ذلك ما صرح به مخططو العمل التنصيري فقد أخبر المؤرخ جان دي جوانفيل - الذي رافق الملك لويس التاسع عشر ملك فرنسا في حملته الصليبية السابعة - عن ما انتهى إليه لويس التاسع عشر في خلوته في معتقله بالمنصورة التي أتاحت له فرصة هادئة ليفكر بعمق في السياسة التي كان أجدر بالغرب أن يتبعها إزاء المسلمين، وقد انتهى به التفكير إلى ما أفضى به إلى أعوانه المخلصين أثناء رحلته إلى عكا متوجها إليها من دمياط حيث قال: إنه لم يعد في وسع الكنيسة أو فرنسا مواجهة الإسلام، وإن هذا العبء لا بد أن تقوم به أوربا كلها لتضييق الخناق
(1) انظر التبشير والاستعمار، ص: 34 وما بعدها، وحقيقة التبشير، ص: 153 ما بعدها، والتنصير مفهومه وأهدافه، تأليف د. علي النملة، نشر دار الصحوة: القاهرة، ص:33.
على الإسلام ثم تقضي عليه، ويتم لها التخلص من الحائل الذي يحول دون تملكها لآسيا وأفريقيا (1) ويقدر رينيه جروسيه أحد المؤرخين النصارى هذا التوجه الاستراتيجي للملك لويس التاسع بقوله:(إن الملك لويس التاسع كان بذلك في مقدمة كبار ساسة الغرب الذين وضعوا للغرب الخطوط الرئيسة لسياسة شملت مستقبل أسيا وأفريقيا بأسرهما)(2) .
وكان من ضمن ما تضمنته خطة لويس التاسع ما يلي: (تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات صليبية سلمية تستهدف الغرض نفسه، لا فرق بين النوعين إلا من حيث نوع السلاح المستخدم في المعركة، وتجنيد المبشرين الغربيين في هذه المعركة السلمية لمحاربة الإسلام، ووقف انتشاره ثم القضاء عليه معنويا، واعتبار هؤلاء المبشرين في تلك المعارك جنودا للغرب)(3) .
وتبنت الدول العظمى هذه السياسة فحملت رايات التنصير؛ لأنه يحقق لها الأهداف التي تتطلع إليها سواء كانت دينية أم سياسية أم اقتصادية، إذ في عام 1920م أصدرت لجنة التبشير الأمريكي- التي تهتم بالاستفادة من مناسبات الحروب للتنصير- كتابا ذكرت في
(1) حقيقة التبشير، ص:153.
(2)
المصدر السابق، ص:153.
(3)
حقائق عن التبشير، تأليف عماد شرف، ص: 9- 10.
مطلع مقدمته ما يلي: (من أبرز الأمور المتعلقة بدخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى أن الآراء والمبادئ التي كانت تهدف إليها الإرساليات التبشيرية قد تبنتها الأمة الأمريكية، ثم أعلنت أنها هي أهدافها الأخلاقية وغايتها من خوض تلك الحرب. . إن هذه المبادئ قد سميت الآن أسماء سياسية فقط)(1) .
إذا فالحملات التنصيرية- التي تجوب العالم الإسلامي اليوم- حملات صليبية تحمل الغذاء والدواء والكساء لتطعم وتعالج وتواسي وتؤوي من شردتهم الحروب التي افتعلها رسل هذه الحملات قبل وصولها تمهيدا لمباشرتها لمهامها التنصيرية ولتحقيق أطماع الدول التي أرسلتها.
(1) missionary outlook p. xv. ff نقلا من التبشير والاستعمار، ص:129.