الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلامي- طبقا لما أراده الاستعمار- لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات) (1) .
فغايتهم إفساد في الأرض وصد عن سبيل الله، وإشاعة للفاحشة في الذين آمنوا، وصدق الله:{وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} [إبراهيم: 3](2) .
[مواجهة الدعوات الإسلامية والحركات الإصلاحية التجديدية]
مواجهة الدعوات الإسلامية والحركات الإصلاحية التجديدية أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها في دينها» (3) وأعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم أعداء المسلمين يدركون عظم خطر هذه الدعوات الإصلاحية في تاريخ المسلمين، إذ يجعل الله على يديها تجديد هذا الدين، وقمع المفسدين ومواجهة الكافرين، وحماية بيضة المسلمين، فلذلك ترصد عيونهم- المبثوثة بين ظهراني المسلمين- كل مصلح وداعية، وكل مظهر من مظاهر تجديد هذا الدين، وتحدد السبل التي تمد المصلحين والدعاة، وتناصر الدين، وتقترح أنجح الوسائل التي
(1) تنصير المسلمين، تأليف عبد الرزاق ديار بكرلي، نشر دار النفائس، الرياض، ص:20.
(2)
سورة إبراهيم، الآية:3.
(3)
رواه أبو داود في سننه، في كتاب الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة.
تجتث تلك السبل من جذورها يقول المنصر جاير دنر في مؤتمر التنصير المنعقد في القاهرة عام 1910م: (فإننا نجد أنفسنا وجها لوجه أمام نهضة إسلامية تعليمية ودينية تحتم علينا هذا التقدم التبشيري، إذا كان علينا أن نحافظ على الاعتبار الذي اكتسبناه في الماضي (1) ولهذا السبب فإنه من المؤكد أن الوقت قد حان لتحريك العمل إلى الأمام بتخطيط حكيم وتنفيذ واع وجدية مكثفة بين المسلمين في سوريا وفلسطين، وتوجيه انتباه كل الجمعيات (التنصيرية) التي تعمل حاليا في هذا المجال نحو الإنجاز السريع لذلك التحرك المتقدم) (2) إنه حث وتوجيه لكل الجمعيات التنصيرية لمواجهة الصحوة الإسلامية.
ويقول أيضا: (وهؤلاء الطلاب الذين يتم إعدادهم للقيام بالتنصير بين المسلمين يجب أن يضيفوا إلى برامجهم مهمة مراقبة ودراسة ومواجهة هذا الإسلام الجديد بكل مظاهره، ولا يمكن أن تجرى هذه الدراسة إلا في الدول العربية، وذلك المكان بدون جدال هو القاهرة)(3) .
إن الصحوة الإسلامية اضطرتهم أن يضيفوا إلى برامج المنصرين مهمة مراقبة ودراسة ومواجهة هذا الإسلام.
(1) أي صياغة الدستور التركي العلماني.
(2)
الإسلام الخطر، ص: 22، بتصرف يسير.
(3)
المصدر السابق، ص:24.
وقد بين الأستاذ محمود محمد شاكر رحمه الله في رسالته القيمة الموسومة بـ " رسالة في الطريق إلى ثقافتنا " كيف خطط المستشرقون وأذنابهم لوأد الدعوة الإصلاحية في نجد على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لئلا تهدد النصرانية فقال: (وثبت هذا الطاغية " محمد علي " قواعد ملكه، وازداد إطباق القناصل والمستشرقين على عقله وقلبه، وخاصة الفرنسيون منهم، وكانت إنجلترا ومستشرقوها ما فتئت تخوف الدولة التركية وتؤلبها على مهد اليقظة في جزيرة العرب والتي قام بها محمد بن عبد الوهاب 1115 -1206هـ 1703-1792م، واستجابت دار الخلافة بغفلتها إلى هذا التأليب، حتى جردت حملات متتابعة لقمع "اليقظة" الوهابية، وآبت في جميعها بالإخفاق. ثم منذ ولي " محمد على سرششمة " جعلت تركية تدعوه إلى تجريد جيوشه لقتال الوهابيين، وتتابع هذا الطلب من سنة 1807م إلى سنة 1810 م 1222-1225هـ، فلم يستجب لنداء تركية، ولكن "الاستشراق " بقناصله زين أخيرا لمحمد على سرششمة أن يستجيب، ليحقق مآربه في وأد "اليقظة" التي كادت تعم جزيرة العرب، وأمدوه بالسلاح الذي يعينه على خوض الحرب، وذلك في سنة 1226هـ / 1811 م، (أي بعد ولايته مصر بست سنوات) ، وسارت الجيوش قاصدة جزيرة العرب، ودارت الحرب التي لم تنته إلا بعد ثمان سنوات، في سنة 1235هـ / 1819 م،
وفقدت الجيوش المصرية آلافا من أبنائها، ولقيت هزائم كادت تودي بها وأخيرا تم النصر لمحمد على شرششمة، بعد أن ارتكب من الفظائع ما لا يستحله مسلم، واستباح الديار والأموال والنساء، وهدم المدن، فكان هو وابنه إبراهيم وسائر أولاده طغاة من شر الطغاة. وكانت حربا طاحنة لا معنى لها، ولا ينتفع بها إلا مؤرثها من دهاة المسيحية الشمالية.
وكذلك أدرك " الاستشراق "، وأدركت المسيحية الشمالية، مأربا من أكبر مآربها في وأد " اليقظة " التي كانت تهددهم بها دار الإسلام في جزيرة العرب) (1) .
فانظر كيف رصدت هذه الدعوة الإصلاحية من قبل المستشرقين، وكيف تآزر البريطانيون والفرنسيون للقضاء عليها. إنها صورة تتكرر في كل عصر ومصر، تتكرر حيثما ظهرت بوادر دعوة إصلاحية، أو برز عالم رباني تخشى منه النصرانية أن يجدد للمسلمين دينهم.
(1) رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، ص: 137-138. وانظر أيضا: رؤية إسلامية للاستشراق، تأليف أحمد غراب، نشر المنتدى الإسلامي. ط 2، 1411 هـ ص: 162 وما بعدها. وانظر التقرير الذي صدر عن " معهد الدراسات الاستراتيجية القومية " في الولايات المتحدة الأمريكية عن التحديات التي تواجهها أمريكا من الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكيفية التعامل معها. وقد حصلت مجلة المجتمع على نسخة منه ونشرت ملخصا له في عددها 1335 في 19 / 10 / 1419 هـ ص: 26-27.