الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النساطرة]
النساطرة: وقد حصل للمفهوم اللفظي شيء من التطوير مع تطور النظرة إلى التنصير منذ بعثة عيسى ابن مريم عليهما السلام، فلم يكن هذا المفهوم حديث الإطلاق، وليس هو ظاهرة جديدة، بل لقد بدأ التنصير مع ظهور النصرانية، حيث كان مطلبا جاء به الإنجيل لنشر الدين النصراني - وليس المسيحي - (1) .
وقد هاجرت طائفة من النصارى يقال لها النساطرة (2) من الرها (3) بعد أن أغلقت مدرستهم فيها،
(1) من أجل الاستقرار على المصطلحات والدلالات يرجع إلى محمد عثمان بن صالح. النصرانية والتنصير أم المسيحية والتبشير: دراسة مقارنة حول المصطلحات والدلالات. - المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم، 1410 هـ - 1989 م. - ص 69 -. حيث يؤكد المؤلف أن المصطلحات التي ينبغي اعتمادها عند الحديث عن هذا الموضوع هي النصرانية والتنصير لا المسيحية والتبشير، ويقدم الأدلة العلمية المقنعة لهذا الاختيار.
(2)
النساطرة أو النسطورية ينسبون إلى نسطور، يقولون إن الله تعالى ثلاثة أشياء أب وابن وروح القدس كلها لم تزل، وأن عيسى بن مريم عليهما السلام إله تام كله وإنسان تام كله، وليس أحدهما غير الآخر. وأن الإنسان من عيسى بن مريم عليهما السلام هو الذي صلب وقتل. وأن مريم عليها السلام ولدت الإنسان ولم تلد الإله، وأن الله تعالى هو الذي ولد الإله، وكانت هذه الفرقة غالبة في الموصل والعراق وفارس وخراسان. انظر ابن حزم الظاهري، أبو محمد علي بن أحمد. الفصل في الملل والنحل. - 5 مج. - د. م.: دار الفكر، 1400 هـ - 1980م. - 1 / 49.
ولد نسطور (نحو 380 - 451 م) في قيصرية بسورية. وقد حرمه مجمع أفسس المسكوني سنة 431 هـ ونفي إلى مصر، ولكن مذهبه استمر. انظر محمد أبو زهرة. محاضرات في النصرانية: تبحث في الأدوار التي مرت عليها عقائد النصارى وفي كتبهم وفي مجامعهم المقدسة وفرقهم. - ط 4. - الرياض: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1404هـ. - ص 165 - 167.
(3)
الرها مدينة بالجزيرة بين الشام والموصل. وهي بالرومية (أذاسا)، بناها الملك "سلوتس" في السنة السادسة من موت الإسكندر مع اللاذقية وسلوقية وأفامية وحلب. انظر ياقوت الحموي. معجم البلدان. - 5 مج. - بيروت: دار صادر، د. ت. - 1 / 127 - 128 و 3 / 106 - 107.
مدرسة الرها، على يد زينون (1) .
سنة 439 م، فهاجرت الطائفة تحت قيادة بارسوما (2) .
(1) زينون إمبراطور بيزنطي (نحو 426 - 491 م) حكم من سنة 474 م إلى وفاته. وقد واجهته قلاقل وثورات بسبب الفتن الدينية في عصره انظر: FUNK AND WAGNALLS NEW ENCYCLOPEDIA. - 27 VOLS. - NEW YUORK: FUNK AND WAGNALLS. 1975. - 25.
(2)
بارسوما أو بارصوما أو برصوم أو برصوما (نحو 420 - 495 م) كاتب سرياني تبع النسطورية، وصار أسقف نصيبين نحو 450 م، فنقل إليها مدرسة الرها، وعمل على إشاعة النسطورية في بلاد فارس. انظر: المنجد في الأعلام. - ط 2. - بيروت: دار المشرق، 1969 م. - ص 86. وإنما اعتمدت على المنجد في هذا المجال لأنه يخدم هذه النوعية من الأعلام، رغم النزعة النصرانية في المعلومات التي يقدمها في القسم اللغوي وقسم الأعلام. انظر في نقد المنجد: إبراهيم عوض. النزعة النصرانية في قاموس المنجد. - الطائف: دار الفرقان، 1411هـ - 1991 م. - ص 51.
سنة 457م إلى فارس، وأنشأت فيها مدرسة نصيبين، (1) وانتشرت من هذه المدرسة حملات التنصير على الطريقة النسطورية إلى جوف آسيا وبلاد العرب. وقد استعانت هذه الحملات التنصيرية بالفلسفة اليونانية [الإغريقية] لنشر التعاليم الخاصة حول طبيعة المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام (2) .
ثم توالت الاستعانات بالثقافات الأخرى كالفارسية والهندية وغيرها مما أعطى هذه الديانة بعدا وثنيا، خرج بها عن أصولها التي جاء بها عيسى ابن مريم عليهما السلام حتى قيل: إن أركان " المسيحية الجديدة وعقائدها وصلواتها وشعائرها تأثرت أو تحدرت من الديانة الوثنية التي كانت سائدة قبل ظهور المسيح عليه السلام، أو في أيامه. وقد نقلها المؤمنون الجدد من ديانتهم الوثنية، فأقرتهم عليها الكنيسة، ثم تبنتها وجعلتها رموزا تأويلية ملفقة ترضيهم وتلبس على غيرهم "(3) .
(1) نصيبين مدينة من بلاد الجزيرة يروي " ياقوت" عنها أثرا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيه دعاء بفتحها وجعلها بركة للمسلمين. وقد فتحها القائد المسلم عياض بن غنم رضي الله عنه، واشتهرت بمدرستها السريانية. انظر ياقوت الحموي. معجم البلدان. - مرجع سابق - 5 / 288 - 289.
(2)
يقول إسماعيل مظهر: " ولم يكونوا عاملين على نشر المسيحية فقط، بل أرادوا أن ينشروا منها تعاليمهم الخاصة في طبيعة المسيح، فأخذوا يستعينون على بث أفكارهم بأقوال ومذاهب منتزعة من الفلسفة اليونانية. فأصبح كل مبشر نسطوري بالضرورة معلما في الفلسفة اليونانية، كما أنه مبشر بالدين المسيحي ". انظر: إسماعيل مظهر. " تاريخ تطور الفكر العربي بالترجمة والنقل من الثقافة اليونانية - 1 - ". - المقتطف مج 66 ع2 (3 / 3 / 1925 م) . - ص141 - 149.
(3)
أندريه نايتون وإدغار ويند وكارل غوستاف يونغ. الأصول الوثنية للمسيحية. ترجمة سميرة عزمي الزين - د. م.: المعهد الدولي للدراسات الإنسانية، 1411 هـ - 1991م. ص5. - (سلسلة من أجل الحقيقية / 4) . وانظر أيضا في الأصول الوثنية للنصرانية: محمد طاهر التنير. العقائد الوثنية في الديانة النصرانية. - نشره وعلق عليه ونقحه وقدم له محمد بن إبراهيم الشيباني. - الكويت: مكتبة ابن تيمية، 1408 هـ 1987م. ص 156. - (سلسلة ملل ونحل / 4) .