الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مريم عليهما السلام وأمه الصديقة مريم عليها السلام ومواقفها من عقيدة التثليث، ومواقف هذه الطوائف ـ من قضايا إيمانية تتعلق بنزول عيسى ابن مريم عليهما السلام آخر الزمان ـ ومسألة البعث والجزاء والحساب، وغيرها من معتقدات القوم المبثوثة في الأناجيل، قصدا إلى التنبيه لعدم الوقوع فيها، ورغبة في السيطرة على مفهوم التنصير عند الحديث عنه.
[الحوار]
14 -
الحوار: ولا بد من قيام جهة علمية برسم طريقة للحوار مع النصارى في مجالات العقيدة. ومع أن هذا الموضوع غير مرغوب فيه لدى بعض المهتمين، إلا أنه عند الاستعداد له بالعلم الشرعي وبالعلم بالملل والنحل، والنصرانية بخاصة، قد يدخل في دعوة القرآن الكريم إلى أهل الكتاب إلى كلمة سواء بيننا وبينهم ألا نعبد إلا الله تعالى ولا نشرك به شيئا، وقال تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64](1) .
(1) الآية 64 من سورة آل عمران، ومن مضمون هذه الآية يناقش رؤوف شلبي مسيرة النصرانية عبر القرون ـ ويبين موقف الإسلام من قضايا النصرانية في القرآن الكريم ـ ويورد حديثا عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم " إذا فتحت مصرا فاستوصوا بالقبط فإن لهم ذمة " ويذكر أنه حديث صحيح رواه الحاكم والطبراني في الكبير، انظر رؤوف شلبي. يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ـ ط2 ـ القاهرة: دار الاعتصام، 1400هـ، 1980م ـ ص 303 ـ 325.
وهذا ما يعمل على تحقيقه الداعية المسلم أحمد ديدات ـ شفاه الله وعافاه ـ في محاوراته مع النصارى، وفي دعوته المسلمين إلى التحاور معهم من منطلق القوة والعلو بالإيمان، وليس من منطلق الاستجداء والمواقف الدفاعية والتبريرية والاعتذارية (1) .
وهذه الخصال هي التي يخشاها فريق من المسلمين، لما يرون فيها من الهوان والتهوين والانجرار إلى المحذور من الوقوع في شرك القوم، وهذا يصدق على أولئك الذي يتصدون لهذا الأمر دون أن يعدوا له عدته، فيقعون في المحذور الذي دعا له أحد الباحثين النصارى، وهو الأستاذ ديون كراوفورد في تقرير نشرته مجلة الحوادث الإفريقية جاء فيه:" إن المسلمين يسيئون فهم النصرانية " كما أن النصارى جهلة بعقيدة المسلمين، ولا ينبغي أن نواجه المسلمين بتحاملات غير موثقة، بل بمعرفة عميقة بحقائق دينهم، ولذلك يجب العمل على تعليم القساوسة وغيرهم حتى يتمكنوا من العمل في مناطق المسلمين ويتعين على النصارى والمسلمين أن يدخلوا في حوار لا يؤدي إلى مواجهة وجدل، وإنما إلى فهم كل منهم لدين الآخر.
(1) إخال أبرز المحاورين مع النصارى على الساحة الإسلامية المعاصرة الداعية الإسلامي أحمد ديدات، وقد أصدرت المكتبة العربية مجموعة من الأعمال المترجمة إلى العربية عن جهود هذا الداعية الذي يحاور النصارى مشافهة وتحريرا، ومن أبرز السلسلات التي تعنى بأعمال الداعية أحمد ديدات، مكتبة ديدات، وتصدر عن المختار الإسلامي، وقد تخطت العشرين رسالة وهناك إصدارات أخرى عن أحمد ديدات نشرتها المختار الإسلامي، ودار المنام، ودار الاعتصام، ودار الفضيلة ومكتبة القرآن وغيرها، وأظن أن هذه الأعمال تمثل الحوارات المنطلقة من قوة واقتناع من المحاور بما يحاور من أجله. فقد تخطت الدفاعية والتبريرية والاعتذارية إلى تقديم الإسلام حلا لمشكلات العصر بأنواعها، وانظر مثلا لا حصرا: محمد عبد القادر الفقي، حوار ساخن مع داعية العصر أحمد ديدات ـ القاهرة: مكتبة القرآن (1992م) ـ 80ص.
وعن طريق هذا الحوار يمكن تصحيح الفهم غير الصحيح الذي تعلمه المسلمون من القرآن عن النصرانية، وخاصة فيما يتعلق بالكتاب المقدس، ورسالة عيسى وعقيدة الثالوث التي يفهمها المسلمون ويعتبرونها شركا، وكذلك طبيعة الكنيسة باعتبارها تمثل جسد المسيح، وينبغي أن تتحول العلاقة بين المسلمين والنصارى، من علاقة المواجهة السابقة إلى علاقة حوار، على ألا يؤدي هذا الحوار إلى المساومة على النصوص الإنجيلية من أجل تنمية الحوار، وهذا ما لا يجوز، فالحوار لا ينبغي أن يكون بديلا عن التبشير بالإنجيل، وعلى المسلمين أن يفهموا أن الحوار يستهدف كسبهم إلى صف النصارى، وينبغي على النصارى أن يخالطوا المسلمين ويصادقوهم، وأن يستغلوا ذلك في إزالة سوء الفهم الراسخ في أذهانهم تجاه الإنجيل والمسيح " (1) وأي حوار لا يقوم على مبدأ الندية، عند المواجهة، لا يمكن أن يسمى حوارا.
(1) انظر: كرم شلبي: الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين االعرب ـ مرجع سابق ـ ص 32.