الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طوائفها والحكومات الغربية بخاصة، وظهرت للتنصير مؤسسات داخل المؤسسة الكبرى، كالمعاهد والجامعات والمنظمات والمراكز المنتشرة في كثير من الأماكن (1) .
وقد أدى هذا كله إلى الخروج بتصور عن التنصير أشمل أحيانا، وأدق أحيانا أخرى، من مجرد دعوة غير النصارى إلى الدخول في النصرانية.
[التنصير بين المسلمين]
التنصير بين المسلمين: وينظر الآن إلى مفهوم التنصير الحديث بحسب البيئة المستهدفة من الحملات التنصيرية، ففي البيئة الإسلامية أثبتت الجهود عدم جدوى إخراج المسلمين من إسلامهم، وإدخالهم في النصرانية (2) فصيغ المفهوم في المجتمع المسلم بما يكون
(1) انظر: " أشهر المراكز والمعاهد التنصيرية " في: التنصير من: الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ـ ط2ـ الرياض: الندوة العالمية للشباب الإسلامي، 1409هـ ـ 1989م ـ ص 164.
(2)
وينقل عن السموأل صموئيل رويمر في هذا الصدد قوله: ". . . لقد أديتم الرسالة التي أنيطت بكم أحسن الأداء، ووفقتم لها أسمى التوفيق وإن كان يخيل إلى أنه مع إتمامكم العمل على أكمل وجه، لم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية منه، إني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقين، لقد كانوا، كما قلتم، أحد ثلاثة؛ إما صغير لم يكن له من أهله من يعرّفه ما هو الإسلام، وإما رجل مستخفّ بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته، وقد اشتد به الفقر، وعزت عليه لقمة العيش، وإما آخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية. ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريما. وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها. ولذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية. وهذا ما قمتم به خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام. وهذا ما أهنئكم وتهنئكم دول المسيحية والمسيحيون جميعا. . . . . " انظر: عبد الله التل. جذور البلاء. ـ ط2 - بيروت: المكتب الإسلامي، 1408 هـ - 1988م. - ص 275.
الوصول إليه من محاولة إخراج المسلمين من دينهم، وليس بالضرورة إدخالهم في النصرانية (1) .
وعندما تبين صعوبة إخراج المسلمين من دينهم عمد المنصرون إلى اتباع أساليب المستشرقين في بذر الشكوك في الإسلام لدى المسلمين، ونزع سلطان الدين من النفوس، كما يشير هاملتون جب (2) في كتابه وجهة الإسلام (3) فاعتمد المنصرون
(1) ينقل عن البابا شنودة قوله: " إنه يجب مضاعفة الجهود التبشيرية الحالية، على أن الخطة التبشيرية التي وضعت بنيت على أساس أن الهدف الذي اتفق عليه التبشير في المرحلة القادمة هو التركيز إلى التبشير بين الفئات والجماعات أكثر من التبشير بين الأفراد، وذلك لزحزحة أكبر عدد من المسلمين عن دينهم، أو التمسك به، على أن لا يكون من الضروري دخولهم في المسيحية. ويكون التركيز في بعض الحالات على زعزعة الدين في نفوس المسلمين، وتشكيك الجموع الغفيرة في كتابهم، وفي صدق محمد. وإذا نجحنا في تنفيذ هذا المخطط التبشيري في المرحلة القادمة فإننا نكون قد نجحنا في إزاحة هذه الفئات عن طريقنا. وحتى هذه الحالة إن لم تكن لنا فلن تكون علينا ". انظر: إبراهيم السليمان الجبهان. ما يجب أن يعرفه المسلم من حقائق عن النصرانية والتبشير. _ الرياض: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1404 هـ. ص27.
(2)
هاملتون جب مستشرق بريطاني (1895 - 1971م) ، اهتم بالأدب العربي، وتتلمذ على كينيدي، وخلف مرجليوث في أكسفورد. وله إسهامات عدة حول الإسلام والعربية والرحلات. انظر: نجيب العقيقي. المستشرقون. - 3 مج. - ط4. - القاهرة: دار المعارف، 1981م - 2 / 129 - 131.
(3)
ذكر نجيب العقيقي أن من كتبه الاتجاهات الحديثة في الإسلام وهو خير كتبه. وقد كلف مجموعة من المستشرقين بالكتابة فيه، واكتفى منه بالمقدمة والخاتمة. انظر: نجيب العقيقي. المستشرقون. - مرجع سابق. - 2 / 130. وذكر عبد الرحمن بدوي أن له كتابا بالعنوان نفسه؛ الاتجاهات الحديثة في الإسلام. modren trends in islam انظر: عبد الرحمن بدوي. موسوعة المستشرقين. - ط3. - بيروت: دار العلم للملايين، 1993م. - ص 174 - 175.
أساليب بعض المستشرقين في تحقيق هدف تنصيري أدق من المفهوم العام التقليدي للتنصير. وهذا ما أعلنه أيضا بعض المنصرين في أكثر من مناسبة. ومنها المؤتمر التنصيري الذي عقد بجبل الزيتون في القدس في فلسطين المحتلة سنة 1346 هـ - 1927م، (1) وحضرته أربعون دولة من الدول الغربية الصليبية، حيث قام أحد أقطاب هذا المؤتمر قائلا: " أتظنون أن غرض التنصير وسياسته إزاء الإسلام هو إخراج المسلمين من دينهم ليكونوا نصارى؟ إن كنتم تظنون هذا فقد جهلتم التنصير ومراميه. لقد برهن التاريخ من أبعد أزمنته على أن المسلم لا يمكن أن يكون نصرانيا مطلقا، والتجارب دلتنا ودلت رجال السياسة النصرانية على استحالة ذلك، ولكن الغاية التي نرمي إليها هي إخراج المسلم من الإسلام فقط، ليكون مضطربا في دينه، وعندها لا تكون له عقيدة يدين بها ويسترشد بهديها، وعندها يكون المسلم ليس له من الإسلام إلا اسم أحمد أو مصطفى، أما الهداية فينبغي البحث عنها في مكان
(1) لم تكن فلسطين في ذلك التاريخ محتلة من اليهود كما هي علية الآن، بل كانت محتلة من نصاري الإنجليز، إذ كانت تحت الانتداب البريطاني. وملة الكفر عندنا واحدة. يقول الله تعالى: ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم من الآية 120 من سورة البقرة. فالتعبير في القرآن الكريم هنا جاء بالملة مفردة.