الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تساهل المسلمين]
12 -
تساهل المسلمين: وتساهل بعض المسلمين والحكام المحليين ورؤساء القبائل وشيوخها، ولا سيما في شرق إفريقيا، واستقطابهم للمنصرين والترحيب بهم وتقريبهم وإعطاؤهم التسهيلات لإقامة مؤسساتهم التنصيرية، يعد إحدى الوسائل المساندة للتنصير. فقد فتح البعض الأبواب على مصاريعها للمنصرين، وعدهم المنقذين من التخلف والرجعية والجهل والانطوائية (1) .
وتذكر الأميرة سالمة بنت السيد سعيد البوسعيدي في كتابها (2) .
(1) ينقل عن بعض المسؤولين في إحدى البلدان الخليجية أثناء رده على اعتراض الأهالي على التمكين للمنصرين قوله: ". . . هؤلاء الرجال، من هم؟ هل هم دبلوماسيون؟ هل هم سياسيون؟ تجار؟ لا، هؤلاء الرجال جاؤوا هنا ليعلمونا. ويعلم الله أننا جهلاء كالحمير. إنهم يبنون مستشفى ليعتنوا بمرضنا. كل إنسان يموت اليوم، ولكن عندما جاء هؤلاء وجدنا من يعتني بمرضنا. الطبيب يريد شيئا. لا أدري ما هو هذا الشيء، ولكني أريد أن أقول علنًا بأن أي شيء يريده الطبيب فسأعطيه إياه". انظر: هـ. كونوي زيقلر. أصول التنصير في الخليج العربي: دراسة ميدانية وثاقي ص108. ترجمة مازن صلاح المطبقاني. ـ المدينة المنورة: مكتبة ابن القيم، 1410هـ - 1990 م.
(2)
السيدة سالمة بنت السيد سعيد البوسعيدي، أو سلمى، ولدت في 14 / 8 / 1260 هـ من أم شركسية. تولى أخوها السيد ماجد الحكم بعد وفاة أبيها فتورطت مع أخيه السيد بر غش في مكائد ضد السيد ماجد. هربت إلى عدن بحرًا، ولحق بها الهر هنريك رويتي، السكرتير الألماني لشركة هانسينج في زنجبار، ثم سافرا إلى هامبورج بألمانيا، حيث استقرا زوجين هناك. (وسميت بالأميرة إميلي روث) وعندما توفي زوجها تفرغت للكتابة، وخرجت بمذكراتها. ثم عادت إلى زنجبار. وتوفيت في 23 / 7 / 1342 هـ، بعد أن تخطت الثمانين. وخلفت ثلاثة من الأولاد وبنتين، ومنهم رودولف سعيد رويتي الذي يعمل محاضرا في تاريخ عُمان وتاريخ جده سعيد في إحدى جامعات بريطانيا. انظر: عبد الله بن صالح الفارسي، كبير قضاة كينيا. البوسعيديون حكَّام زنجبار. ـ عُمان: وزارة التراث القومي والثقافة، [1982 م] . - ص 42 - 49.
مذكرات أميرة عربية أن التسامح مع المنصرين قد وصل إلى إقامة الكنائس في مجتمع مسلم خالص (100%) . كما هي الحال في زنجبار، كما وصل إلى السماح للمنصرين بالعمل بهذه المجتمعات والوقوف في وجه من يتصدى لهم أو يحذر منهم أو يضيق عليهم. ورغم أن هذه الأميرة العربية قد تنصرت ورحلت إلى مجتمع نصراني إلا أن مذكراتها تقطر بالأسى لما وصلت هي إليه، ولما وصل إليه أهلها وبعض أبناء عشيرتها في زنجبار (1) .
وليس الحال هنا مقصورا على هذه المذكرات أو هذه الأميرة، بل إن أمراء عربا آخرين كانت لهم مواقف يسروا فيها للمنصرين السبيل إلى تحقيق شيء من تطلعاتهم، في الوقت الذي كانوا يتوقعون قدرا من المقاومة، ولا سيما إذا جاء هؤلاء المنصرون بثياب الأطباء والممرضات، مما يدخل في التنصير المختفي الذي مر ذكره في الفصل الأول من هذه المناقشات، وإلا لا يتصور أن يسمح الأمراء والحكام العرب بالدخول التنصيري الصريح في مجتمعات كلها مسلمون، إذ إنهم
(1) يذكر عبد المجيد القيسي في مقدمة كتاب مذكرات أميرة عربية أنه مما " يجب أن يذكر بالشكر والامتنان لهذه الكاتبة العربية أنها رغم تنصرها وحياتها الطويلة في بلاد الغرب وتنكر أهلها لها فقد ظلت وفية مخلصة لأهلها وبلادها ودينها الأول، فخورة بهم دوما كما يظهر ذلك من ثنايا كتابتها، فهي إذا ما اضطرت إلى ذكر شأن من شؤون الشرق مما لا يستسغية الغربيون، كحجاب المرأة أو تعدد الزوجات أو تملك الرقيق مثلا، نرها تنبري للدفاع عن الفكرة وتبريرها دفاعا شديدا لا ينقص من نبل قصدها اتسامه أحيانا بالبراء والسذاجة". انظر: السيدة سالمة بنت السيد سعيد بن سلطان سلطان مسقط وزنجبار. مذكرات أميرة عربية. - عُمان: وزارة التراث القومي والثقافة، 1406 هـ - 1985 م. ص 50.
يحسبون لشعوبهم حسابا، وإنما قاموا عليهم ليخدموهم (1) .
ويدخل في هذا إيجاد حكام نصارى على أغلبية مسلمة، بحيث تكون هذه الأغلبية أقلية، ويمكن هؤلاء الحكام للإرساليات التنصرية الحرية في التنقل بين المدن والقرى والأرياف، ويقدمون لها الحماية اللازمة على حساب سكان البلاد المسلمين. وفي هذا يذكر المنصر كينيث لاتورث أنه " يجب أن نذكر على كل حال أنه لم يحدث انتقال واسع من الإسلام إلى النصرانية في قطر ما إلا بعد أن تبدل ذلك القطر بحكومته الإسلامية حكومة غربية مسيحية، وذلك فقط إذا كانت هذه الحكومات الغربية المسيحية تنهج سياسة فعالة في مساعدة الإرساليات"(2) .
ولا تعني
(1) يقول أحمد حمود المعمري: " وبدون الحديث عن أعمال المسيحيين يصبح الحديث عن تاريخ ساحل شرق إفريقية غير كامل، وقد سهل سلطان زنجبار - رغم أنه مسلم - عمل تلك البعثات المسيحية، وهذه هي الديمقراطية في الإسلام فالإسلام لا يتدخل في شئون أية ديانة أخرى، بل هو يحترم الديانات الأخرى، والقرآن يقول: لا إكراه في الدين. ومن هذا المنطلق عرض السلطان كافة المساعدات والتسهيلات للبعثات المسيحية عندما اتصلت به. وبصرف النظر عما إذا كان مصيبا في ذلك أم لا، فإنه قد تصرف بحسن نية وبالتزام كامل بمبادئ الإسلام " انظر: أحمد حمود المعمري. عُمان وشرق إفريقية -ترجمة محمد أمين عبد الله - عُمان: وزارة التراث القومي والثقافة] 1980م [- ص 95 - 96. وانظر أيضا عبد المالك التميمي. التبسير في منطقة الخليج العربي: دراسة في التاريخ الاجتماعي والسياسي - مرجع سابق - ص 123 -124. وانظر كذلك: هـ. كونوي زيقلر. أصول التنصير في الخليج العربي: دراسة ميدانية وثائيقية مرجع سابق - ص 43 و66. وانظر أيضا هاريسون. رحلة طبيب في الجزيرة العربية -ترجمة محمد أمين عبد الله - عُمان: وزارة التراث القومي والثقافة 1406 هـ - 1986م - ص29 - 62.
(2)
انظر: مصطفى خالدي وعمر فروخ. التبشير والاستعمار في البلاد العربية. - مرجع سابق. - ص 147.