المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الباء مع الياء - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٤

[الصنعاني]

الفصل: ‌فصل الباء مع الياء

‌فصل الباء مع الياء

3150 -

" بيت لا تمر فيه جياع أهله". (حم م د ت) عن عائشة (صح).

(بيت لا تمر فيه جياع أهله) لأنه من أقرب المأكولات التي بها قوام الأنفس مع كونه غالب أقوات أهل الحجاز، قال القرطبي: ويصدق هذا على كل بلد ليس فيه إلا صنف واحد أو يكون الغالب فيه صنفاً واحداً فيقال على بلد ليس فيه إلا البر بيت لا بر فيه جياع أهله، قال الطيبي: الحديث حث على القناعة في بلاد يكثر فيه التمر يعني بيت فيه تمر قنعوا به لا يجوع أهله، وإنما الجائع من ليس عنده تمر وفيه تنبيه على مصلحة تحصيل القوت وادخاره. (حم م د ت هـ) (1) عن عائشة) قال الترمذي في العلل عن البخاري: أنه قال لا أعرفه إلا من حديث يحيى بن حسان بن سليمان بن بلال.

3151 -

"بيت لا صبيان فيه لا بركة فيه". أبو الشيخ عن ابن عباس.

(بيت لا صبيان فيه) أي لا أطفال. (لا بركة فيه) لأنهم محل البركة ومظنها وتمام الحديث عند مخرجه أبي الشيخ: "وبيت لا خل فيه قفار أهله، وبيت لا تمر فيه جياع أهله". أبو الشيخ (2) عن ابن عباس) فيه عبد الله بن هارون الفروي قال الذهبي (3): له مناكير واتهمه بعضهم بالوضع وقدامة بن محمَّد (4) المدني جرحه ابن حبان.

(1) أخرجه أحمد (6/ 179، 188)، ومسلم (2046)، وأبو داود (3831)، والترمذي (1815)، وابن ماجة (3327).

(2)

أخرجه أبو الشيخ في العظمة (453)، والديلمي في الفردوس (2157)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2346)، والضعيفة (2358).

(3)

انظر المغني (1/ 361)، والميزان (4/ 216).

(4)

انظر المغني (2/ 523)، والمجروحين (2/ 219).

ص: 565

3152 -

"بيع المحفلات خلابة، ولا تحل الخلابة لمسلم". (حم هـ) عن ابن مسعود.

(بيع المحفّلات) بضم الميم فحاء مهملة ففاء مشدّدة وهي التي يجمع لبنها في الضرع إيهاماً لكثرته من الإبل والبقر والغنم. (خلابة) بكسر الخاء المعجمة غش وخداع، والخداع حرام. (ولا تحل الخلابة لمسلم). (حم هـ) (1) عن ابن مسعود) قال عبد الحق: روي مرفوعاً وموقوفاً وقال ابن القطان (2): وهذا منه مسالمة للحديث كأنه لا عيب فيه إلا أنه وقف ورفع وذا منه عجب فإن الحديث في غاية الضعف ثم أطال في بيانه.

3153 -

"بين كل أذانين صلاة لمن شاء". (حم ق 4) عن عبد الله بن مغفل (صح).

(بين كل أذانين) أي أذان وإقامة فغلّبه لشرف التذكير وقيل: لا حاجة إلى التغليب، فإن الإقامة أذان خصصه لأنه إعلام بحضور الوقت فهو حقيقة لغوية، وتعقبه الطيبي فقال: الاسم لكل منهما حقيقة لغوية إذ الأذان لغة الإعلام فالأذان إعلام بحضور الوقت والإقامة إيذان بفعل الصلاة. (صلاة) أي وقت صلاة نافلة. (إن شاءوا) دفعاً لتوهم الإيجاب قال المظهر: حرض أمته على النفل بين الأذان والإقامة لأن الدعاء لا يرد بينهما لشرف الوقت وإذا كان شريفاً كان ثواب العبادة فيه أكثر وتمام الحديث عند البخاري وغيره: "ثلاثاً" أي قال ذلك ثلاثاً، قال ابن الجوزي: فائدة الخبر أنه يجوز أن يتوهم أن الأذان

(1) أخرجه أحمد (1/ 433)، وابن ماجة (2241)، وراجع: التمهيد لابن عبد البر (18/ 209 - 210)، وقد جاء هذا الحديث بإسناد صحيح موقوفاً على ابن مسعود عند ابن أبي شيبة (6/ 214 - 215)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2357).

(2)

انظر: بيان الوهم والإيهام (4/ 480) رقم (2046) وكذلك برقم (1646).

ص: 566

للصلاة يمنع من فعل غير التي أذن لها فبين أن التطوع بين الأذان والإقامة جائز. (حم ق 4)(1) عن عبد الله بن مغفل).

3154 -

"بين كل أذانين صلاة إلا المغرب". البزار عن بريدة.

(بين كل أذانين صلاة إلا المغرب) فإنه لا صلاة بين الأذان والإقامة بل الأهم المبادرة بصلاة المغرب إلا أنه قد قيل أن الصحابة كانوا يتنفلون بينهما قيل أن ذلك كان منهم عند أن يشرع في الأذان ويفرغون مع فراغه. (البزار (2) عن بريدة) ثم قال البزار: لا نعلم أحدًا رواه إلا حبّان وهو بصري مشهور لا بأس به، وقال الهيثمي: حبان بن عبد الله ضعفه ابن عدي وقيل: إنه اختلط انتهى، وحكم ابن الجوزي بوضعه قال: تفرد به حبان وقد كذبه الفلاس وتعقبه المصنف بأن الذي كذبه الفلاس غير هذا.

3155 -

"بين الرجل وبين الشوك والكفر ترك الصلاة". (م د ت هـ) عن جابر (صح).

(بين الرجل وبين الشرك والكفر) عطفه على الشرك من عطفه العام على الخاص لأن الشرك نوع من الكفر. (ترك الصلاة) فإنه إذا تركها اتصل بالكفر لأنه زال المانع بينه وبينه. (م د ت هـ)(3) عن جابر).

3156 -

"بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين، ويخرج المسيح الدجال في السابعة". (حم د) عن عبد الله بن بسر.

(1) أخرجه أحمد (5/ 55)، والبخاري (624)، ومسلم (838)، وأبو داود (1283)، والترمذي (185)، والنسائي (2/ 28)، وابن ماجة (1162).

(2)

أخرجه البزار (693 - كشف)، والطبراني في الأوسط (8328)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 231)، والموضوعات (2/ 92)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2362)، وقال في الضعيفة (2139): منكر.

(3)

أخرجه مسلم (82)، وأبو داود (4678)، والترمذي (2618)، وابن ماجة (1078).

ص: 567

(بين الملحمة) بفتح الميمين الحرب ومحل القتال من اشتباك الناس واختلاطهم أو من اللحم لكثرة لحوم القتلى. (وفتح المدينة) أي قسطنطينية وإذا أطلقت فما يراد بها إلا طيبة إلا أنه هنا أريد به ما ذكرناه قال في القاموس (1): أنها دار ملك الروم وفتحها من أشراط الساعة وتسمى بالرومية بزرنطيا وارتفاع سورها إحدى وعشرون ذراعاً وكنسيتها مستطلية بجانبها عمق وعال في دور أربعة أذرع تقريبًا، وفي رأسه فرس من نحاس وعليه فارس وفي إحدى يديه كرة من ذهب وقد فتح أصابع يده الأخرى يشير بها وهو صورة قسطنطين. (ست سنين، ويخرج المسيح الدجال في السابعة) قال ابن كثير: مشكل بخبر الملحمة الكبرى وفتح المدينة وخروج الدجال في سبعة أشهر إلا أن يكون بين أول الملحمة وآخرها ست سنين ويكون بين آخرها وفتح المدينة مدة قريبة ويكون مع خروج الدجال في سبعة أشهر. (حم د)(2) عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة قال المناوي: فيه بقية وفيه مقال، قال الشارح: وفيه أيضًا سويد بن سعيد بن ثعلبة انتهى.

قلت: وقال الذهبي في المغني (3) سويد بن سعيد الحدثاني شيخ مسلم محدث نبيل وله مناكير، قال أبو حاتم: صدوق، وقال أحمد: متروك، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال البخاري: عمي فكان يقبل التلقين، وقوّاه الدارقطني.

3157 -

"بين الركن والمقام ملتزم ما يدعو به صاحب عاهة إلا برئ". (طب) عن ابن عباس.

(1) انظر القاموس (4/ 270).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 189)، وأبو داود (4296)، وابن ماجة (4093)، وانظر فيض القدير (3/ 210)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2361).

(3)

انظر المغني (1/ 290).

ص: 568

(بين الركن والمقام ملتزم) الركن هو الحجر الأسود والمقام مقام إبراهيم والملتزم بضم الميم وقيل آخره زاي لم يذكره القاموس ولا النهاية وهو الذي أشار إليه الزمخشري في أبياته:

إذا انتصف من آخر الليل لبّتي

بملتزم الأبرار من أيمن الباب

(ما يدعو به صاحب عاهة إلا برئ) العاهة الآفة. (طب)(1) عن ابن عباس).

3158 -

"بين العبد والجنة سبع عقاب: أهونها الموت، وأصعبها الوقوف بين يدي الله تعالى، وإذا تعلق المظلومون بالظالمين". أبو سعيد النقاش في معجمه، وابن النجار عن أنس.

(بين العبد والجنة سبع عقاب) جمع عقبة وهي المرقى الصعب في الجبل وأراد بها ها هنا الأمور الشاقة لأنه جعل الموت منها حيث قال: (أهونها الموت، وأصعبها الوقوف بين يدي الله تعالى، وإذا تعلق المظلومون بالظالمين) وذكر صلى الله عليه وسلم الأهون والأصعب وطوى الخمس الأخرى ولا أدري هل فسرها في غير هذا الحديث أم لا؟ قيل يشكل بخبر "القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أهون"(2) قلت: وقد يقال إن ذلك في المنازل وهذا في الأحوال. (أبو سعيد النقاش) بفتح النون فقاف مشددة وشين معجمة نسبة إلى نقش الحيطان والسقوف (في معجمه، وابن النجار (3) عن أنس).

3159 -

"بين يدي الساعة أيام الهرج". (حم طب) عن خالد بن الوليد.

(بين يدي الساعة أيام الهرج) بسكون الراء القتل في الفتنة التي يسفك فيها

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 321)(11873)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2358)، والضعيفة (2149): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه الترمذي (2358) وابن ماجه (4267) وأحمد (1/ 63).

(3)

أخرجه أبو سعيد النقاش وابن النجار كما في الكنز (7625)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2360): موضوع.

ص: 569

الدماء وأصل الهرج الكثرة والاتساع. (حم طب)(1) عن خالد بن الوليد).

3160 -

"بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم". (ك) عن أنس.

(بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم) وتقدم وجه التشبيه بقطع الليل المظلم قريباً (ك)(2) عن أنس).

3161 -

"بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف". (هـ) عن ابن مسعود.

(بين يدي الساعة مسخ) هو قلب الخلقة من شيء إلى شيء وتحويل الصورة إلى أقبح منها أو مسخ القلوب. (وخسف) وهو قلب الأرض. (وقذف) هو رمي بالحجارة من السماء، قد وقع ذلك كما نقله بعض علماء الآل وهو نزول صخرة عظيمة من السماء في مغارب بلاد صعدة. (هـ)(3) عن ابن مسعود)، ورواه عنه أيضاً أبو نعيم في الحلية وقال: غريب من حديث الثوري لم نكتبه إلا من حديث إبراهيم بن بسطام عن مؤمل.

3162 -

"بين العالم والعابد سبعون درجة". (فر) عن أبي هريرة.

(بين العالم والعابد سبعون درجة) لا ينافيه ما عند أبي يعلى وابن عدي من حديث أبي هريرة وفيه "بين العابد والعالم مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنطا والحضر بالحاء المهملة مضمومة والضاد المعجمة الغدو لأنه يحتمل أن السبعين سيقت لبيان الكثرة لا لتحديد المقدار أو لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه كثر بعد إعلام الله له به أو أنه علماء لهم صفة خاصة في الأكثر أو الأول.

(1) أخرجه أحمد (4/ 90)، والطبراني في الكبير (4/ 116) رقم (3841)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2852).

(2)

أخرجه الحاكم (4/ 439)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2855).

(3)

أخرجه ابن ماجة (4059)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 121)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2856)، والصحيحة (1787).

ص: 570

(فر)(1) عن أبي هريرة) ورواه أبو نعيم، قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف من طريقين.

3163 -

"بين كل ركعتين تحية". (هق) عن عائشة.

(بين كل ركعتين تحية) قيل: الظاهر إنه أراد بين كل ركعتين تشهدا لأن الأحب في كل نافلة أن يتشهد بين كل ركعتين وسماها تحية لأنها لفظها التحيات ولأن فيها السلام والوصل جائز. (هق)(2) عن عائشة).

3164 -

"بئس العبد عبد تخيل واختال، ونسي الكبير المتعال، بئس العبد عبد تجبر واعتدى، ونسي الجبار الأعلى، بئس العبد عبد سها ولها، ونسي المقابر والبلى، بئس العبد عبد عتا وطغى، ونسي المبتدى والمنتهي، بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين، بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات، بئس العبد عبد طَمَعٍ يقوده، بئس العبد عبد هوى يضله، بئس العبد عبد رغب يُزِلُهُ". (ت ك هب) عن أسماء بنت عميس (طب هب) عن نعيم بن حمار.

(بئس) هي كلمة جامعة للمذام مقابلة للنعم الجامعة لوجود المدائح. (والعبد) فاعلها (عبد) مخصوصها (تخيل) صفة له بالمثناة الفوقية فخاء معجمة فمثناة تحتية مشددة أي تخيل في نفسه شرفاً وفضلًا على غيره (واختال) يكثر من الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب. (ونسي الكبير المتعال) أي نسي عقوبته تعالى على الكبر أو نسي أن الكبرياء رداء الله فنازعه أو ما أوجبه عليه الكبير المتعال من الأمر بالتواضع وجاء بهاتين الصفتين الكبير من الكبر وهو العظمة يقال: يكبر بالضم يكثر عظم فهو كثير والمتعال من العلو إشعارًا بأن من

(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (2161)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 365)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2359)، والضعيفة (2140): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه البيهقي في السنن (2/ 133)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2851).

ص: 571

عرف عظمته تعالى وعلو شأنه حقرت نفسه عليه ولم ير لها حقا فما جزاء المتكبر على الكبرياء إلا نسيانه عظمة خالقه في ذلك إعلام بأنه لا يتكبر إلا من لم يعرف مولاه ومن هنا كان الكبر أقبح الذنوب. (بئس العبد عبد تجبر) بالجيم وتشديد الموحدة وهو القهر أي قهر العباد. (واعتدى) عليهم بظلمه إياهم. (ونسي الجبار) الذي قهر عباده على ما أراد من أمر ونهي وقيل هو العالي فوق خلقه. (الأعلى) أي الذي له العلو الحقيقي وفي الإتيان بالصفتين ما في الأول من الإعلام بأنه لا يتجبر ويتعدى إلا من نسي من له الجبروت والعلو. (بئس العبد عبد سها) أي عما أمره الله به فلم يأت به وعن ما نهاه عنه فلم يجتنبه. (ولهى) عن الله بدنياه وشهواته. (ونسي) ما إليه ينتهي من (المقابر والبلى) فإنه لا يسهو عما يجب عليه ويلهو بما لديه إلا من لم يذكر ما يؤل حاله إليه (بئس العبد عبد عتا) من العتو وهو التجبر والتكبر وقد عتا يعتو فهو عاتٍ. (وطغى) من الطغيان وهو مجاوزة الحد في الشر. (ونسي المبتدى) أي ابتداء خلقته وأنه من ماء مهين فإنه لا يعتو من ذكر مبدأ خلقه وطول لبثه في الرحم وطفوليته. (والمنتهي) أي ما ينتهي إليه حاله من حلول اللحود وسيلان القيح من محاسنه وأنه مأكله الدود مع عقاب وحساب فلو عقل الحال الذي هو فيه لعلم أنه أقل من لا شيء أوله من ظلمات الأرحام وآخره في الظلمات تحت الرحام. (بئس العبد عبد يختل الدنيا بالدين) يختل بالخاء المعجمة ومثناة فوقية مكسورة من ختل الذئب الصيد إذا تخفا وختل الصائد الصيد إذا مشى قليلاً قليلاً لئلا يحس به أي يطلب الدنيا بعمل الآخرة بخداع شبه فعل من يرى ورعًا دينًا ليتوصل به إلى المطالب الدنيوية يختل الذئب والصائد أي أنه عبد جعل دينه خياله للدنيا ومثله (بئس العبد عبد يختل الدين بالشبهات) أي يتخذ الشبهات شبكة يتصدى بها الدين وإذا لاح الأمر الديني أثر التسمية عليه زاعماً أنها من الدين خداعاً

ص: 572

ومكراً (بئس العبد عبد طَمَعٍ يقوده) قيل تقديره ذو طمع أي أنه جعل نفسه كالذلول في يد الأطماع يقوده إلى كل ما لا يرضاه ربه. (بئس العبد عبد هوى يضله) مقصور هو إرادة النفس لشهوتها. (بئس العبد عبد رغب) بفتح الراء والمعجمة فموحدة أي رغبة في الدنيا قال القاضي: الرغب شرّه الطعام وأصله سعة الجوف وقيل إنه سعة الأمل وطلب الكثير. (يُزِلُهُ) بضم المثناة وكسر الزاي أي يخرجه عن التقيد بالأمر الشرعي.

واعلم: أن الحديث سيق للنهي عن هذه الصفات لأنه في قوة أذم عبداً اتصف بما ذكر ومن ذمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يذم إلا على إتيانه ما حرمه تعالى وقد أفاد النهي عنها وعن الاتصاف بها ولكن سلك طريقه في النهي أبلغ من الإتيان بصيغته. (ت ك هب) عن أسماء) بفتح همزها ممدود تقدم بنت عميس بمهملتين تقدما قال البيهقي في الشعب إسناده ضعيف انتهى ومثله ذكر البغوي والمنذري وصححه الحاكم ورده الذهبي وقال إسناده مظلم، (طب هب) (1) عن نعيم) بضم نونه (ابن همار) بفتح الهاء وتشديد الميم آخره راء وقد يقال هبار بالموحدة كذا فيما قوبل على خط المصنف في نسخة الشارح خمَّار ثم قال غير الذهبي الصحيح همار وقال الهيثمي: فيه طلحة بن زيد الرقي ضعيف.

3165 -

"بئس العبد المحتكر: إن أرخص الله تعالى الأسعار حزن، وإن أغلاها الله فرح". (طب هب) عن معاذ.

(بئس العبد المحتكر) أي حابس القوت الذي تعم حاجة الناسي إليه قصدًا

(1) أخرجه الترمذي (2448)، والحاكم (4/ 316)، والبيهقي في الشعب (8181) عن أسماء بنت عميس، وانظر الترغيب والترهيب (3/ 358)، والبيهقي في الشعب (8182)، والطبراني في الكبير (24/ 156) رقم (401) عن نعيم بن همار، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 234)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2350).

ص: 573

للغلاء وقوله: (إن أرخص الله تعالى الأسعار حزن، وإن أغلاها الله فرح) استئنافية كأنه قيل: بماذا يذم؟ وفيه ذم من يفرح بما يحزن الناس ويحزن بما يفرحون به مما يعود على مصالح الدنيا وقوام الأديان، قال القاضي: السعر القيمة التي يشفع بها البيع في الأسواق سميت به لأنها ترتفع التركيب لما له ارتفاع. (طب هب)(1) عن معاذ) فيه بقية، والكلام فيه معروف، وثور بن يزيد ثقة، مشهور بالقدر.

3166 -

"بئس البيت الحمام: ترفع فيه الأصوات، وتكشف فيه العورات". (عد) عن ابن عباس.

(بئس البيت الحمام: ترفع فيه الأصوات) لغير حاجة وقد نهي عن رفعها وقيل لأن رفعها يشوش القلب عن الذكر. (وتكشف فيه العورات) أي أنه مظنة ذلك والغالب فيه. (عد)(2) عن ابن عباس) فيه صالح بن أحمد القيراطي البزار، قال الدارقطني: متروك كذاب متروك دجال أدركناه ولم نكتب عنه، وقال ابن عدي: يسرق الحديث ثم ساق له هذا الخبر.

3167 -

"بئس البيت الحمام: بيت لا يستر، وماء لا يطهر"(هب) عن عائشة

(بئس البيت الحمام: بيت لا يستر) أي أنه مظنة ذلك. (وماء لا يطهر) بضم التحتانية المثناة وكسر الهاء مع تشديد الطاء وذلك لأن غالب أمواهه النجاسة والاستعمال. (هب)(3) عن عائشة) فيه يحيى بن أبي طالب عن أبي حيان وثقه

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 95)(186)، والبيهقي في الشعب (11215)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2351).

(2)

أخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 222)، وانظر العلل المتناهية (1/ 339)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2349).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (7772)، وانظر الميزان (3/ 395)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2348)، والضعيفة (2312).

ص: 574

الدارقطني، وقال موسى بن هارون أشهد أنه يكذب وضعفه النسائي والدارقطني أفاد في الميزان.

3168 -

"بئس الشعب جياد، تخرج الدابة فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها ما بين الخافقين". (طب) عن أبي هريرة.

(بئس الشعب) بكسر المعجمة الطريق أو الطريق في الجبل. (جياد) بكسر الجيم وتخفيف التحتية المثناة آخره مهملة موضع بمكة معروف وبين وجه ذمه لما استأنف (تخرج الدابة) التي من أشراط الساعة. (فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها ما بين الخافقين) الخافقان هما المشرق والمغرب أو طرفا السماء والأرض وفيه جواز ذم الأماكن التي تخرج منها المفزعات. (طب)(1) عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه رباح بن عبيد الله بن عمرو وهو ضعيف.

3169 -

"بئس الطعام طعام العرس: يطعمه الأغنياء، ويمنعه المساكين". (قط) في زوائد ابن مردك عن أبي هريرة.

(بئس الطعام طعام العرس: يطعمه الأغنياء، ويمنعه المساكين) يؤخذ منه أنه لو لم يمنع المساكين لما كان مذموماً فإنه بئس الذم لكونه يطعمه الأغنياء لأن الإطعام محمود لغني أو فقير إنما الذم لمنع المساكين، إن قلت: الذم للطعام ما وجهه؟ قلت: الذم لأهله فإنهم الذين يدعون أوله لأنه طعام لا يحبه الله تعالى يمنع من يستحقه. (قط) في فوائد ابن موكل (2) عن أبي هريرة).

3170 -

"بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف"(هب) عن عقبة بن عامر.

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (4317)، وانظر المجمع (8/ 7)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2352)، والضعيفة (3375).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 494)، وابن عدي في الكامل (6/ 194)، وانظر العلل المتناهية (2/ 626)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2353).

ص: 575

(بئس القوم قوم لا ينزلون الضيف) أي لا يضيفونه بأن يترك إضافته أهل محل مثلاً فلا يضيفه منهم أحد فوجه الذم عليهم الجميع لأنه دليل التهاون بالدين. (هب)(1) عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة.

3171 -

"بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقية والكتمان". (فر) عن ابن مسعود.

(بئس القوم قوم يمشي المؤمن فيهم بالتقية) أي لشرهم أن ينزلوه به، (والكتمان) لأمره مخافة منهم، وفيه أن الممدوحين من الناس من استوى ظاهرهم وباطنهم. (فر)(2) عن ابن مسعود) فيه يحيى بن سعيد العطار، قال في الضعفاء (3) قال ابن عدي: بيّن الضعف عن سوار بن مصعب، قال النسائي: متروك وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر.

3172 -

"بئس الكسب أجر الزمار، وثمن الكلب". أبو بكر بن مقسم في جزئه عن أبي هريرة.

(بئس الكسب أجر الزمارة) بفتح الزاي وتشديد الميم بعد ألفه راء كذا في النهاية (4) والقاموس وهي المغنية وقيل أنها بتقديم الراء والزاي آخره من الرمز الإشارة بنحو حاجب أو عين والزواني يفعلنه، قال ثعلب: الزمّارة البغي الحسناء. (وثمن الكلب) عام لكلب الصيد وغيره وعليه أعامة المحدثين وأما حديث جابر

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (8384)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2354)، والضعيفة (2025).

(2)

أخرجه الديلمي في الفردوس (2145)، وابن عدي في الكامل (3/ 455)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2355)، وقال في الضعيفة (2141): ضعيف جداً.

(3)

انظر الضعفاء (2/ 735).

(4)

انظر النهاية (2/ 312)، والقاموس (2/ 40).

ص: 576

عند الترمذي "نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد" ونظائره من أحاديث وردت بمعناه فإنها قد ضعفت زيادة الاستثناء، وأطال ابن القيم ذلك في الهدي (1). (أبو بكر بن مقسم) بضم الميم وكسر السين المهملة (في جزئه (2) عن أبي هريرة).

3173 -

"بئس مطية الرجل "زعموا". (حم د) عن حذيفة.

(بئس مطية الرجل) أي بعيره فعيلة بمعنى مفعولة. (زعموا) قال الخطابي: أصل هذا أن الرجل إذا أراد الظعن لحاجته والسير لبلد ركب مطية وسار فشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ما تقدم الرجل أمام كلامه ويتوصل به لحاجته من قولهم زعموا بالمطية وإنما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا يثبت قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم من الحديث ما هذا سبيله وأمر بالتعريف فيما يحكى والتثبت فيه لا يرويه حتى يجده معزواً إلى ثبت انتهى، قلت: ومثله قالوا ونحوها. (حم د)(3) عن حذيفة) قال الذهبي في المهذب: فيه إرسال وقال ابن عساكر في الأطراف: حديث منقطع لأنه من رواية عبد الله ابن زيد الجرمي عن حذيفة وهو لم يسمع منه.

3174 -

"بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي". (حم ق ت ن) عن ابن مسعود (صح).

(بئسما) كلمة ما نكرة موصوفة أتى بها تمييزًا للمستتر في بئس وهو فاعلها. (لأحدكم أن يقول) المخصوص بالذم. (نسيت آية كيت وكيت) بفتح المثناة الفوقية أفصح من كسرها، قيل وجه النهي عنه دلالته على أنه فرط في تلاوة كتاب الله وقيل إن هذا كان خاصاً بزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان من ضروب

(1) زاد المعاد (5/ 679).

(2)

أخرجه أبو بكر بن مقسم في جزئه كما في الكنز (9380)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2356)، والضعيفة (3374): موضوع.

(3)

أخرجه أحمد (5/ 401)، وأبو داود (4972)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2846)، والصحيحة (866).

ص: 577

النسخ نسيان الشيء الذي أنزل فكأنه في قوة نسخت آية كيت وكيت ويدل عليه قوله (بل هو أنسي) فنهوا عن نسبة ذلك إليهم، وإنما الله الذي أنساه، ذكره الخطابي.

قلت: ويحتمل أنه نهى عن نسبة النسيان إلى نفسه وإضافته إلى الشيطان؛ لا أن ثابتة ضمير الرب تعالى كما لأنه ثابت كما قال تعالى: (وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63] فيكون تأدبًا في حق القرآن أن ينسب الإنسان نسيانه إلى نفسه لأنه تقصير في حق كتاب الله تعالى بل الشيطان أنساه لتعاطيه أسبابه. (حم ق ت ن)(1) عن ابن مسعود).

(1) أخرجه أحمد (1/ 417)، والبخاري (5032)، ومسلم (790)، والترمذي (2942)، والنسائي (2/ 154).

ص: 578