الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الباء مع العين المهملة
3131 -
" بعثت أنا والساعة كهاتين". (حم ق ت) عن أنس (حم ق) عن سهل بن سعد (صح م).
(بعثت أنا والساعة كهاتين) اسم الإشارة السبابة والوسطى أي متقاربين تقاربها ليس بيني وبينها من التفاوت إلا ما بينهما وهي حال من المعطوف والمعطوف عليه أي حال كونهما متشابهين قال عياض: هذا تمثيل لاتصال زمنه بزمنها وأنه ليس بينهما شيء كما أنه ليس بينهما أصبع آخر، ويحتمل أنه لقرب ما بينهما كقوب السبابة من الوسطى، وقال الأبيّ: وهل يعني ما بينهما في الطول أو العرض الأرجح الأول، وقال غيره يريد أن دينه متصل بقيام الساعة لا يفصله عنه دين آخر كما لا فصل بين السبابة والوسطى، قال القاضي: فيه إشعار بأنه لا نبي بينه وبينها كما أنه لا يتخلل أصبع بين هاتين الأصبعين.
تنبيه: قال القرطبي: لا منافاة بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم: "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" لأن مراده هنا أنه ليس بينه أو بين الساعة نبي كما أنه ليس بين السبابة والوسطى أصبع ولا يلزم منه علم وقتها بعينه لكن سياقه يفيد قربها وأن أماراتها متتابعة، وقال الكرماني: لا معارضة بين هذا أو بين قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ الساعةِ} لأن علم قربها لا يستلزم علم وقت مجيئها. (حم ق ت) عن أنس (حم ق)(1) عن سهل بن سعد) قال المصنف وهو متواتر.
3132 -
"بعثت إلى الناس كافة: فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا
(1) أخرجه أحمد (3/ 123)، والبخاري (6504)، ومسلم (2951)، والترمذي (2214) عن أنس، وأحمد (5/ 331)، والبخاري (6503)، ومسلم (2950) عن سهل بن سعد.
لي فإلى وحدي". ابن سعد عن خالد بن معدان مرسلاً.
(بعثت إلى الناس) هو مبعوث إلى الثقلين إلا أنه خص الناس لأنهم الثقل المعروف والأكثر حضوراً في ذهن المخاطبين. (كافة) يعني كلهم قال في القاموس: كافة أي كلهم ولا يقال الكافة ووهم الجوهري. (فإن لم يستجيبوا لي) إجابة اتباع وامتثال بل ردوا دعوتي. (فإلى العرب) بزيادة الإنذار لهم وتخصيصهم بالخطاب عناية من الله وزيادة في إبلاغَ الحجة لأنه أمره يخصصهم بعد التعميم ومثله. (فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم، فإن لم يستجيبوا لي فإلى وحدي) والمراد أنه بعث لدعاء كافة الناس فيدخل معهم الثلاث القبائل فإن امتنع كافة الناس خصصت كلا من الثلاث على التدريج المذكور فإن امتنع الكل فهو مبعوث إلى نفسه أي أنه نبي مرسل لا يخرج عن رسالته برد الكل دعوته، واعلم أنه ليس المراد تعليق البعثة إلى العرب مثلا تقدم إجابة كافة الناس له بل تعليق زيادة الإبلاع وتخصيص الدعوة والإنذار لهم، ولذلك قدم الله أم القرى في قوله:{لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: 7]{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]. (ابن سعد (1) عن خالد بن معدان مرسلاً).
3133 -
"بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه". (خ) عن أبي هريرة (صح).
(بعثت من خير قرون بني آدم) في النهاية (2): القرن أهل كل زمان وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه مقدار الذي يقترن فيه
(1) أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 192)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2335)، والضعيفة (3404): موضوع.
(2)
انظر النهاية (4/ 51).
أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم وقيل: أربعون سنقع وقيل ثمانون وقيل هو مطلق الزمان و (قرناً فقرناً) منصوب على الحال والعامل اسم التفضيل والصاحب القرون أي حال كونهم مفضلين قرناً فقرناً أي أنه تعالى لم يزل يفضلهم حتى أخرجه من خيرهم ويأتي: "خير القرون قرني". (حتى كنت من القرن الذي كنت فيه).
إن قلت: بأن أريد بالقرن أهل زمانه فقد كان فيه أئمة الكفر.
قلت: هو خاصة للنوع لا يشمل الأفراد والخيرية لمن اتبعه كما أنه المراد في: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110] أو المراد خيرهم في حسن الطباع ورجاحة العقول ومكارم الأخلاق وشرافة الأنفس وعلو الهمم. (خ)(1) عن أبي هريرة.
3134 -
"بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي". (ق ن) عن أبي هريرة (صح).
(بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب) تقدم الكلام فيها وفي النصر بالرعب، وتقدم أيضاً حديث:"أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق جاءني به جبريل عليه السلام عليه قطيفة من سندس وقوله"(2):
(وبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض) فدل أن ذلك الإتيان على فرس كان مناما، قال الزمخشري وغيره: أراد ما فتح على أمته من خزائن كسرى وقيصر لأن الغالب على نقود ممالك كسرى الدنانير، والغالب على نقود قيصر الدراهم. (فوضعت في يدي) يروى بالإفراد والتثنية. (ق ن)(3) عن أبي هريرة).
(1) أخرجه البخاري (3557).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 327).
(3)
أخرجه البخاري (7013)، ومسلم (523)، والنسائي (6/ 3).
3135 -
"بعثت بالحنفية السمحة، ومن خالف سنتي فليس مني"(خط) عن جابر.
(بعثت بالحنفية السمحة) أي الشريعة المائلة عن كل دين باطل، قال ابن القيم (1): جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة فهي حنيفية التوحيد سمحة في العمل فضد الأمرين الإشراك وتحريم الحلال وهما قرينتان وهما اللذان عابهما الله تعالى في كتابه على المشركين في سورة الأنعام والأعراف. (ومن خالف سنتي) أي طريقتي التي بعثت بها بأن شدد في التخفيف واتخذ الشريعة عوجاً. (فليس مني) أي من المتصلين بي ولا المتبعين شريعتي (خط)(2) عن جابر) فيه علي بن عمر الحربي أورده الذهبي في الضعفاء (3) وقال صدوق ضعفه البرقاني ومسلم بن عبد ربه (4) ضعفه الأزدي ومن ثم قال القرافي: ضعيف وقال العلائي: مسلم ضعفه الأزدي ولم أجد أحداً وثقه لكن له طرق ثلاث ليس يبعد أن لا ينزل بسببها عن درجة الحسن.
3136 -
"بعثت بمداراة الناس". (هب) عن جابر.
(بعثت بمداراة الناس) أي خفض الجناح واللين لهم وترك الإغلاظ عليهم. واعلم: إن الفرق بين المداراة والمداهنة محتاج إليه لأن المداراة مندوبة والمداهنة محرمة عليهم، فالمداهنة من الدهان وهو الذي يظهر أعلى الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الناس وإظهار الرضا بفعله من غير إنكار عليه، والمداراة، هي الرفق بالجاهل في التعليم وبالفاسق في النهي عن
(1) انظر: إغاثة اللهفان (1/ 158).
(2)
خرجه الخطيب في تاريخه (7/ 209)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2336).
(3)
انظر المغني (2/ 452).
(4)
انظر المغني (2/ 656).
فعله وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه والإنكار عليه بلطف القول والفعل في المحل الصالح له واللطف سيما إذا دعت الحاجة إلى تأليفه أو كان لا ينجع فيه إلا مثل ذلك ونحوه، وقيل المداراة ترك الدنيا لصلاح الدين أو الدنيا أو هما معا والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا. (هب) (1) عن جابر) فيه عبد الله بن لؤلؤ عن عمرو بن واصل قال في لسان الميزان (2): يروى عنه الموضوع.
3137 -
"بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم". (حم ع طب) عن ابن عمر.
(بعثت بين يدي الساعة) مستعار بما بين يدي جهة الإنسان تلويحاً بقربهما. (بالسيف) خص بعثته به وإن كان غيره من الرسل بعث بقتال أعدائه لكنه صلى الله عليه وسلم أكثرهم جهاداً كذا قيل (حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي) قال الديلمي: يعني الغنائم وكان له سهم فيها خاصة يعني أن الرمح سبب إلى تحصيل رزقي قال العامري: يقضي أن معظم رزقه كان في ذلك وإلا فقد كان يأكل من جهات أخر غير ذلك كالهدية والهبة وغيرهما (وجعل الذل) بكسر المعجمة وفتحها الذلة. (والصغار) بفتح المهملة الضيم. (على من خالف أمري) وذلك أن العزة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولمن اتبعه وهذا مشاهد من أعلام النبوة. (ومن تشبه بقوم فهو منهم) أي حكمه حكمهم وذلك شامل للتشبه في الأفعال والأقوال واللباس. (حم ع طب)(3) عن ابن عمر) قال الهيثمي: فيه عبد
(1) أخرجه البيهقي في الشعب (8475)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2337)، والضعيفة (695): موضوع.
(2)
النظر لسان الميزان (4/ 111).
(3)
أخرجه أحمد (2/ 50)، وأيو يعلى (5631)، والطبراني في الشاميين (216)، والبخاري تعليقاً كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في الرماح (3/ 1067)، وانظر قول الهيثمي في المجمع=
الرحمن بن ثابت بن ثوبان وثقه ابن المديني وأبو حاتم وضعفه أحمد وغيره وبقية رجاله ثقات انتهى. وذكره البخاري في الصحيح تعليقاً وفي الباب عن أبي هريرة وغيره.
3138 -
"بعثت داعياً ومبلغاً، وليس إلى من الهدى شيء، وخلق إبليس مزيناً، وليس إليه من الضلالة شيء". (عق عد) عن عمر.
(بعثت داعياً ومبلغاً وليس إليّ من الهدى شيء) أي لا أقدر على الهداية فإن الله هو الذي يهدي من أحبه قال الزمخشري (1): قد جاءهم ما يسعدهم إن اتبعوه ومن لم يتبعه فقد ضيع نفسه ومثاله أن يفجر الله عيناً عذبة فيسقي ناس زرعهم وماشيتهم بمائها فيفلحوا ويبقى ناس مفرطون عن السقي فيضيعوا فالعين المفجرة نعمة من الله تعالى ورحمة للفريقين لكن الكسلان حرم نفسه ما ينفعها. (وخَلقِ إبليس) لم يقل بعث لأنه الإرسال والله سبحانه لم يرسل من يضل إنما خلقه كما خلق الشهوات (مزيناً) للناس اللذات والمعاصي (وليس إليه من الضلالة شيء) بل ما ضل أحد إلا باختيار نفسه وسوء صنعه وفيه بيان أن كلا من المهتدي والضال فاعل باختياره لا لوم إلا على نفسه (عق عد)(2) عن عمر) فيه خالد بن عبد الرحمن بن الهيثم عن سماك عن طارق قال مخرجه ابن عدي: في نفسي من هذا الحديث شيء ولا أدري سمع خالد من سماك أم لا، ولا أشك أن خالداً هذا هو الخراساني فالحديث مرسل عنه عن سماك انتهى،
= (5/ 267)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2831).
(1)
الكشاف (1/ 793).
(2)
أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 8) وابن عدي في الكامل (3/ 39) وانظر الموضوعات (3/ 256)، والميزان (2/ 416)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2338)، والضعيفة (2249): موضوع.
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المصنف بأن خالدا روى له أبو داود ووثقه ابن معين قاله أبو داود والبخاري فليس في الحديث إلا الإرسال انتهى قال الذهبي: خالد بن عبد الرحمن قال الدارقطني: لا أعلمه روى غير هذا الحديث الباطل ثم ساق هذا بلفظه وسنده.
3139 -
"بعثت مرحمة وملحمة، ولم أبعث تاجراً ولا زارعاً، إلا وإن شرار الأمة التجار والزارعون إلا من شح على دينه". (حل) عن ابن عباس.
(بعثت مرحمة وملحمة، ولم أبعث تاجراً ولا زارعاً، إلا وإن شرار الأمة التجار والزارعون) تقدم الحديث والكلام فيه وذم التجار والزارعين لأنهم مظنة ملابسة المعاصي والمعاملات ولذا قال: (إلا من شح على دينه) ومن شح على دينه هو الذي أراد الثناء عليه أحاديث آخر. (حل)(1) عن ابن عباس) ورواه عنه أيضاً ابن عدي من طرق، فحكاه ابن الجوزي ثم حكم بوضعه فتعقبه المصنف بوروده من طريق آخر وهي طريق أبي نعيم هذه وبأن الدارقطني خرجه في الأفراد من طريق ثابت فينجبر.
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 72)، وابن عدي في الكامل (3/ 312)، وانظر الموضوعات (3/ 255)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2340)، والضعيفة (1571).