المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الباء مع الراء - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٤

[الصنعاني]

الفصل: ‌فصل الباء مع الراء

‌فصل الباء مع الراء

3116 -

" براءة من الكبر لباس الصوف، ومجالسة فقراء المؤمنين وركوب الحمار، واعتقال العنز". (حل هب) عن أبي هريرة.

(براءة) هي مصدر بريء من الأمر يبرأ وهي مبتدأ خصصها صلتها بقوله: (من الكبر لبوس الصوف) بفتح اللام ما يلبس وفي رواية: "لباس". (ومجالسة فقراء المؤمنين). (وركوب الحمار، واعتقال العنز) أي اعتقاله ليحلب لبنه وفي رواية البيهقي: واعتقال العنز أو قال البعير على الشك والمراد: الإخبار بأن من فعل هذه الأشياء فإنه لا كبر فيه وإنها علامة براءته عنه. (حل هب)(1) عن أبي هريرة) فيه القاسم بن عبد الله العمري أورده الذهبي في المتروكين (2)، وقال قال أحمد: كان يكذب ويضع، قال الزين العراقي في شرح الترمذي: فيه القاسم العمري ضعيف.

3117 -

"برئ من الشح من أدى الزكاة، وقرى الضيف، وأعطى في النائبة". هناد (ع طب) عن خالد بن زيد بن حارثة (ح).

(برئ من الشح) هو كالتفسير لقوله تعالى: (ومن يوق شح نفسه). (من أدى الزكاة، وقرى الضيف) هو من قرى الضيف يقريه قرّا مكسور مقصور والفتح والمد إضافة. (وأعطى في النائبة) أي أعان الإنسان على ما ينوبه أي ينزل به من المهمات والحوادث، وفي الحديث دليل على أن ما في المال حقّا سوى الزكاة.

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 229)، والبيهقي في الشعب (6161)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2324)، والضعيفة (1171): ضعيف جداً.

(2)

انظر المغني (2/ 519)، والميزان (5/ 451).

ص: 539

(هناد (ع طب)(1) عن خالد بن زيد بن جارية) بالجيم والراء والمثناة التحتانية الأنصاري، قال في الإصابة: إسناده حسن لكن ذكره يعني خالد بن زيد البخاري وابن حبان في التابعين فيكون حينئذ مرسلاً.

3118 -

"برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في ديارهم". (طب) عن جرير.

(برئت الذمة) في النهاية (2): أن لكل أحد من الله عهداً بالحفظ والكلائة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما يحرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمة الله انتهى والمراد هنا برئت ذمة أهل الإِسلام أي أراها براء. (ممن أقام مع المشركين في ديارهم) فلم يهاجر منها مع التمكن. (طب)(3) عن جرير البجلي) وفي الفردوس أنه رواه الترمذي وأبو داود.

3119 -

"بردوا طعامكم يبارك لكم فيه". (عد) عن عائشة.

(بردوا طعامكم) أي أمهلوا بأكله حتى يبرد. (يبارك لكم فيه) لأن البركة مع البارد. (عد)(4) عن عائشة).

3120 -

"بر الحج إطعام الطعام وطيب الكلام". (ك) عن جابر.

(بر الحج) بكسر الباء الموحدة مصدر بر، تبر، براً والحديث كالتفسير لأحاديث:"الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة"، وخبر قوله:"بر الحج".

(1) أخرجه هناد في الزهد (1060)، والطبراني في الكبير (4/ 188) رقم (4096)، والبيهقي في الشعب (10842)، وانظر الإصابة (2/ 236)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2325) والسلسلة الضعيفة (1952).

(2)

انظر النهاية (2/ 168).

(3)

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 303) رقم (2262)، والديلمي في الفردوس (2104)، وابن عدي في الكامل (6/ 133)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2718)، والصحيحة (768).

(4)

أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 59)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2328): ضعيف جدًا، وفي الضعيفة (1654): منكر.

ص: 540

(إطعام الطعام) أي بذله للمسافرين. (وطيب الكلام) عام لكل كلام طيب وتقدم أن أطيب الكلام سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والمراد أعم من ذلك وهو طيبه بالذكر وبحسن خطاب الناس. (ك)(1) عن جابر).

3121 -

"بر الوالدين يجزئ عن الجهاد". (ش) عن الحسن مرسلاً.

(بر الوالدين يجزئ عن الجهاد) أي يقوم مقامه في نيل الأجر وقد ورد أنه لا جهاد إلا بإذنهما فأفاد أن برهما مقدم عن الجهاد وظاهره ولو كافرين قال الرازي: أجمع أكثر العلماء أنه يجب تعظيم الوالدين والإحسان إليهما إحساناً غير مقيد لكونهما مؤمنين لقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقد ثبت في الأصول أن الحكم المترتب على الوصف يشعر بعلية الوصف فدلت الآية على أن الأمر بتعظيم الوالدين بمحض كونهما والدين وذلك يقتضي العموم. (ش)(2) عن الحسن مرسلاً) وهو تصريح أنه أراد به الحسن البصري وقد عزاه الديلمي وغيره إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما فلا يكون مرسلاً.

3122 -

"بر الوالدين يزيد في العمر، والكذب ينقص العمر، والدعاء يرد القضاء والله عز وجل في خلقه قضاءان: قضاء نافذ، وقضاء محدث، والأنبياء على العلماء فضل درجتين، وللعلماء على الشهداء فضل درجة". أبو الشيخ في التوبيخ (عد) عن أبي هريرة.

(بر الوالدين يزيد في العمر، والكذب ينقص العمر، والدعاء يرد القضاء) تقدم الكلام على هذه الألفاظ وقوله: (والله عز وجل في خلقه قضاءان) تقدم تفسير القضاءان وهنا قسمه قسمان. (قضاء نافذ) وهو القضاء الأولى الذي لا شرط له. (وقضاء محدث) وهو القضاء الذي في صحف الملائكة أو في اللوح

(1) أخرجه الحاكم (1/ 483)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (2719)، والصحيحة (1264).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة (25406)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2326).

ص: 541

المشروط فهو الذي يكون فيه التغيير والتبديل. (للأنبياء على العلماء فضل درجتين) أي زيادة درجتين من درج الجنة بين كل درجتين ما بين السماء والأرض كما يأتي (وللعلماء على الشهداء فضل درجة). أبو الشيخ في التوبيخ (عد)(1) عن أبي هريرة) ضعفه المنذري.

3123 -

"بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم". (طس) عن ابن عمر.

(بروا آباءكم) أي وأمهاتكم فكأنه اكتفى للعلم بأنهما في البر سيان بل الأم أحق كما علم فتكون أولى (تبركم أبناؤكم) أي يكون الجزاء من جنس العمل قال الماوردي: البر نوعان صلة ومعروف والصلة التبرع ببذل المال في جهاد محمودة لغير غرض مطلوب وهذا يبعث عليه سماحة النفس وسخاؤها ويمنع عنه شحها وإباؤها: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] والثاني نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد وحسن القول ويبعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيصير منفى مذمومًا انتهى. ولم يذكر العمل في الآخر (وعفواً) عما لا يحل من التعرض للنساء (تعف نساؤكم) أي تكون عصمتكم عن نساء عباد الله سبباً لعصمة نسائكم عن العباد.

نكتة: قال الغزالي: كان رجل صالح له زوجة صالحة وكان تاجراً فاتفق في بعض الأيام أنه جاءته امرأة تشاوره في شيء فاستحسن يدها فغمزها، ثم أنه دخل منزله فقالت له زوجته: ما الذي أحدثت في يومك؟ قال: لم أحدث شيئاً، قالت: اتق الله واصدق فحدثها ثم قال: ما الذي دعاك إلى السؤال قالت: إن

(1) أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 43)، والديلمي في الفردوس (2090)، وانظر الترغيب والترهيب (3/ 369)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (2327)، والضعيفة (1429): موضوع.

ص: 542

فلانا السقاء يدخل علينا بالماء نحوًا من عشر سنين لا يرفع له طرفاً وأنه دخل اليوم فغمز يدي فقلت إنه لأمر حدث منك بهذا معنى ما ذكره ولم يحضرني لفظه. (طس)(1) عن ابن عمر) قال المنذري: إسناده حسن، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني أحمد غير منسوب والظاهر أنه من المستكثرين من شيوخه فلذلك لم ينسبه انتهى، وبالغ ابن الجوزي فجعله موضوعاً.

3124 -

"بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا عن النساء تعف نساؤكم، ومن تنصل إليه فلم يقبل فلن يرد على الحوض". (طب ك) عن جابر (صح).

(بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم، ومن تنصل إليه) بضم الفوقية المثناة والنون فصاد مهملة مشددة من تنصل إليه من الخيانة خرج وفتر أو المراد من اعتذر إليه جان قد أساء إليه. (فلم يقبل) عذره (فلن يرد علي الحوض) أي حيل بينه وبين وروده لأنه لم يبرد غلة أخيه بقبول عذره وقد جاءه ليطفئ حرارة خيانته بمعين عفوه ناسب أن يجازى برده عن تطفئة حرارته في يوم القيامة حرارة لا تقاس بما لا تماثل وقد حسن العقلاء قبول العذر ولذلك قيل:

اقبل معاذير من يأتيك معتذراً

إن بر عندك فيما قال أو فجرا (2)

فقد أجلك من أعطاك ظاهرة

وقد أطاعك من يعصيك مستترا

وفيه دليل على وجوب قبول العذر وإلا لما توعد عليه ولذلك قالت المعتزلة

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (1002)، وانظر قول المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 218)، والموضوعات (3/ 85)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 138)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2329)، والضعيفة (2039).

(2)

أورده السلمي في آداب الصحبة (146) من قول المطرفي.

ص: 543

بوجوب قبول التوبة عليه تعالى لأنها اعتذار عن الإساءة وقد نوقش فيما قالوه. (طب ك)(1) عن جابر) قال ابن الجوزي: موضوع علي بن قتيبة يروي عن الثقات الأباطيل انتهى. وفي نسخة مقابلة على خط المصنف رمز الصحيح على رمز الطبراني.

3125 -

"بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده". (حم د ت ك) عن سليمان (صح).

(بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده) قال الراغب: البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء سمي به لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة والمبارك مما فيه ذلك الخير قال الله تعالى: {ذِكْرٌ مبارَكٌ} تنبيهاً على ما يضمن فيه من الخيرات الإلهية ولما كان الخير إلهي يصدر من حيث لا يحس على وجهٍ يخفى قيل لكل ما يشاهد فيه زيادة خير زيادة محسوسة مبارك، وفيه بركة وقوله:"الوضوء قبله" بضم الواو الفعل والمراد به هنا غسل اليد، قال في النهاية (2): قد يراد بالوضوء غسل بعض الأعضاء، قال الزين: أراد نفع البدن به وكونه يمرئ لما فيه من النظافة فإن الآكل معها يأكل بنهمة وشهوة بخلافه مع عدمها فربما يقزز الطعام فلا ينفعه بل يضره انتهى.

قلت: ويحتمل أن المراد بالبركة في غسل اليد قبله زيادته وبعده نفعه في البدن وأغنائه والاغتذاء به وسهولة انحداره.

واعلم: أن الوضوء بعده قد ثبتت فيه أحاديث تقدم بعض منها ولا معارض لها، وأما قبله فقد عارض ما هنا حديث الترمذي أنه قرب إليه صلى الله عليه وسلم طعاماً فقالوا

(1) أخرجه الحاكم (4/ 154)، وأبو نعيم فِى الحلية (6/ 335)، والخطيب في تاريخه (6/ 310)، وانظر الموضوعات (3/ 85)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2330)، والضعيفة (2043).

(2)

انظر النهاية (5/ 195).

ص: 544

له: ألا نأتيك بوضوء فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة"(1) وأجيب بأنه أراد منه الوضوء الشرعي لا اللغوي بدليل قوله: "إذا قمت إلى الصلاة" وبدليل ما في صدر الحديث أنه خرج من الخلاء وقدم إليه طعام فإن خروجه من الخلاء قرينة ذلك أيضًا. (حم د ت ك)(2) عن سليمان) ضعفه أبو داود مخرجه وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث قيس بن الربيع وهو مضعف.

قلت: والعجب أنه رمز بعلامة الصحيح على رمز الترمذي في نسخة قوبلت على خط المصنف وهذه الرموز لا يوثق بها ففيها خلاف وأوهام، وقال الحاكم: تفرد به قيس، وقال الذهبي: هو مع ضعف قيس فيه إرسال انتهى، وقال المنذري: هو وإن كان فيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الإسناد عن حد الحسن.

(1) أخرجه الترمذي (1847).

(2)

أخرجه أحمد (5/ 441)، وأبو داود (3760)، والترمذي (1846)، والحاكم (4/ 106 - 107)، وانظر قول المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 108)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2331)، والضعيفة (168).

ص: 545