المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المعرف باللام من حرف الصاد - التنوير شرح الجامع الصغير - جـ ٧

[الصنعاني]

الفصل: ‌المعرف باللام من حرف الصاد

‌المعرف باللام من حرف الصاد

5105 -

" الصائم المتطوع أمير نفسه: إن شاء صام، وإن شاء أفطر. (حم ت ك) عن أم هانئ (صح) ".

(الصائم المتطوع أمير نفسه) بالراء وفي رواية بالنون يعني أمر صومه إليه. (إن شاء صام) أي أتم صومه. (وإن شاء أفطر) ويأتي تقييد هذا المشتبه بما قيل نصف النهار. (حم ت ك (1) عن أم هانئ) قالت: دخل على رسول الله - صلى الله عليه سلم - فدعا بشراب فشرب ثم ناولني فشربت، فقلت: يا رسول الله إني كنت صائمة فذكره، رمز المصنف عليه بالصحة، قال الترمذي: في إسناده مقال، ورواه النسائي وقال: في إسناده اختلاف كثير.

5106 -

"الصائم المتطوع بالخيار ما بينه وبين نصف النهار. (هق) عن أنس، وعن أبي أمامة".

(الصائم المتطوع بالخيار ما بينه وبين نصف النهار) مفهومه أنه لا خيار له بعد النصف وأنه يلزمه تمام تطوعه. (هق (2) عن أنس) أخرجه من حديث عون بن عمار عن حميد عن أنس، قال البيهقي عقيبه: وعون ضعيف وعن أبي أمامة من طريق جعفر بن الزبير، قال الذهبي: وجعفر متروك ورواه من طريق أخرى فيها مجهولان.

5107 -

"الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار (هب) عن ابن عباس (ح) ".

(1) أخرجه أحمد (6/ 341)، والترمذي (732)، والنسائي في الكبرى (2/ 249)، والحاكم (1/ 604)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3854).

(2)

أخرجه البيهقي في السنن (4/ 277، 278)، وانظر الميزان (2/ 125)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3526).

ص: 52

(الصائم بعد رمضان كالكار بعد الفار) يعني من فرغ من الصوم ثم رجع إليه كمن كر إلى الحرب بعد أن هرب عنه وهو إرشاد إلى صوم ست من شوال. (هب (1) عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه، وفيه بقية بن الوليد قال الذهبي (2): صدوق لكنه يروي عمن دب ودرج فكثرت مناكيره وإسماعيل بن بشير (3) قال العقيلي: متهم بالوضع.

5108 -

"الصائم في عبادة، وإن كان نائما على فراشه. (فر) عن أنس (ض) ".

(الصائم في عبادة، وإن كان نائما على فراشه) فأجر صومه منسحب عليه ولو نام كل يومه وفيه أن الأجر على النية لا المشقة فإنه لو نام كل يومه كان مأجوراً، مع أنه لا مشقة عليه. (فر (4) عن أنس) رمز المصنف لضعفه، قال الشارح: فيه محمد بن أحمد بن سهل (5)، قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن عدي ممن يضع الحديث.

5109 -

"الصائم في عبادة ما لم يغتب مسلماً أو يؤذه. (فر) عن أبي هريرة (ض) ".

(الصائم في عبادة ما لم يغتب مسلماً أو يؤذه) فإذا فعل ذلك كان في معصية لا في عبادة. (فر (6) عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه، قال الشارح: فيه عبد

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (3737)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3527)، والضعيفة (3789): ضعيف جداً.

(2)

انظر: المغني (1/ 109 رقم 944).

(3)

انظر ضعفاء العقيلي (1/ 81).

(4)

أخرجه الديلمي في الفردوس (3824)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3530)، والضعيفة (653).

(5)

انظر المغني (2/ 457).

(6)

أخرجه الديلمي (3825)، وابن عدى في الكامل (5/ 283)، وانظر العلل المتناهية (2/ 540)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3528): ضعيف جداً، وفي الضعيفة (1829): منكر.

ص: 53

الرحيم بن هارون (1) قال الذهبي في الضعفاء: قال الدارقطني: يكذب، والحسن بن منصور قال ابن الجوزي في العلل: غير معروف الحال، وقال ابن عدي: حديث منكر.

5110 -

"الصائم في عبادة من حين يصبح إلى أن يمسي، ما لم يغتب، فإذا اغتاب خرق صومه. (فر) عن ابن عباس".

(الصائم في عبادة من حين يصبح إلى أن يمسي، ما لم يغتب) فإنه يخرج عن عبادته [3/ 15]. (فإذا اغتاب خرق صومه) أي أفسده وأبطل ثوابه وإن حكم بصحته وأسقط عنه الفرض ويثاب في الآخرة على صومه ويعاقب على غيبته. (فر (2) عن ابن عباس) سكت عليه المصنف والشارح.

5111 -

"الصابر الصابر عند الصدمة الأولى. (تخ) عن أنس (ح) ".

(الصابر الصابر) أي الصابر الصبر الكامل. (عند الصدمة الأولى) الصدمة الأولى هي الشيء الصلب واستعمل مجازا في كل مكروه حصل بغتة قاله المصنف في الديباج (3) وذلك أن مفاجأة المكروه له روعة تروع القلب وتزعجه وللصبر حقائق ذكرناها في كتابنا "السيف الباتر"، والمراد هنا أن الصبر الحقيقي هو ما كان عند أول وقوع المصيبة لا ما كان بعد ذلك وقد سبقه جزع. (تخ (4) عن أنس) رمز المصنف لحسنه.

5112 -

"الصبحة تمنع الرزق. (عم عد هب) عن عثمان (ض) ".

(1) انظر: الكامل لابن عدي (5/ 283)، والمغني (2/ 392)، والعلل المتناهية (2/ 832)، ولسان الميزان (7/ 286)، والضعفاء والمتروكين (2/ 103).

(2)

أخرجه الديلمي في الفردوس (3826)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3529)، والضعيفة (3790): موضوع.

(3)

الديباج (3/ 14).

(4)

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1949)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3855).

ص: 54

(الصبحة) بضم المهملة وسكون الموحدة نوم أول النهار، قال البيهقي (1): الصبحة: النوم عند الصباح وجوز في الفائق (2) فتح صادها في شرح الشهاب إن كانت الرواية بالفتح فالمراد الفعلة وهي المرة الواحدة، وبالضم فالاسم ومعناه نوم الغداة قبيل ارتفاع الشمس (تمنع الرزق) لأن الملائكة الموكلين يؤمرون بكرة النهار بسوق رزقه إليه فإن غفل ونام حرم بركة الرزق والاستغناء به عن طلب غيره وليس المراد منع أصله، وفي خبر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة وهي نائمة فقال:"قومي فاشهدي رزقك"(3) كذا نقله الشارح غير منسوب إلي أحد. (عم) نسبه الهيثمي وغيره إلى أحمد لا إلي ابنه وأعله بإسحاق بن أبي فروة وقال: هو ضعيف (عد هب (4) عن عثمان) من طريق إسحاق بن أبي فروة، قال ابن الجوزي في الموضوعات: موضوع، إسحاق بن أبي فروة (5) متروك (هب عن أنس عقبه البيهقي) ببيان علته فقال: إسحاق بن أبي فروة تفرد به فغلط في إسناده وقد رمز المصنف لضعفه.

5113 -

"الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله. (حل هب) عن ابن مسعود".

(الصبر نصف الإيمان) في النهاية (6): أراد بالصبر الورع؛ لأن العبادة قسمان: نسك وورع، فالنسك ما أمرت به الشريعة، والورع ما نهت عنه وإنما ينتهي عنه

(1) شعب الإيمان (4/ 180).

(2)

انظر الفائق (2/ 286).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (4735).

(4)

أخرجه أحمد (1/ 73)، وابن عدى (1/ 327)، والبيهقي في الشعب (4731) عن عثمان بن عفان، وأخرجه البيهقي في الشعب (4732) عن أنس، وانظر العلل المتناهية (2/ 696)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3531)، والضعيفة (3019): ضعيف جداً.

(5)

الميزان (1/ 344).

(6)

النهاية (3/ 7).

ص: 55

بالصبر فكان الصبر نصف الإيمان (واليقين الإيمان كله) لأن مدار اليقين على الإيمان بالله وبقضائه وقدره وبما جاء به رسله مع الثقة بوعده ووعيده فهو متضمن للإيمان ولكل ما جاء الإيمان به، وقيل: اليقين قوة الإيمان بالقدر والسكون إليه، وقال الغزالي (1): المراد باليقين المعارف القطعية الحاصلة بهداية الله عبده إلى أصول الدين. (حل هب (2) عن ابن مسعود) سكت عليه المصنف، وقد قال البيهقي عقبه: تفرد به يعقوب بن حميد عن محمد بن خالد المخزومي، والمحفوظ عن ابن مسعود من قوله غير مرفوع انتهى. ويعقوب قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم وغير واحد.

5114 -

"الصبر رضا. الحكم وابن عساكر عن أبي موسى".

(الصبر رضا) أي التحقق بصفة الصبر يفتح باب الوصول إلى مقام الرضا حتى كأنه نفس الرضا، قيل: الصبر ثلاث درجات: الأولى ترك الشكوى وهي درجة التائبين، ثم الرضا بالقضاء وهي درجة الزاهدين، ثم محبة ما يصنع به مولاه وهذه درجة الصديقين. (الحكيم وابن عساكر (3) عن أبي موسى) ورواه عنه الديلمي أيضاً.

5115 -

"الصبر والاحتساب أفضل من عتق الرقاب، ويدخل الله صاحبهن الجنة بغير حساب. (طب) عن الحكيم بن عمير الثمالي (ض) ".

(الصبر والاحتساب أفضل) الاعتداد بما أصيب به عند الله تعالى كما قدمناه

(1) إحياء علوم الدين (4/ 66).

(2)

أخرجه أبو نعيم (5/ 34)، والبيهقي في الشعب (48)، وانظر الميزان (6/ 131)، والعلل المتناهية (2/ 815)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3536)، والضعيفة (499) وقال: منكر.

(3)

أخرجه الحكيم في نوادر الأصول (2/ 292)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (11/ 237)، والديلمي في الفردوس (3843)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3533)، والضعيفة (3792).

ص: 56

(من عتق الرقاب) لأنه أصل كل طاعة، فإن الطاعات لها أفعال أو تروك ولا يتم شيء منهما ويأتي به العبد إلا إذا كان صابراً. (ويدخل الله صاحبهن) أي صاحب الصبر والاحتساب وجمع الضمير مع الاثنين له نظائر ويحتمل عوده إليهما وإلى عتق الرقاب. (الجنة بغير حساب) لعظيم أجرهن. (طب (1) عن الحكيم بن عمير الثمالي) رمز المصنف لضعفه.

5116 -

"الصبر عند الصدمة الأولى. البزار (ع) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصبر عند الصدمة الأولى) معناه أن الصبر عند قوة المصيبة أشد فالثواب عليها أكثر فإن طول الأيام تبلي المصائب فيصير الصبر طبعاً (البزار ع (2) عن أبي هريرة) قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع على امرأة فأمرها بالصبر ثم ذكره. رمز المصنف لصحته وليس بجيد فقد قال الهيثمي وغيره: فيه بكر بن الأسود أبو عبيدة الناجي (3).

5117 -

"الصبر عند أول صدمة. البزار عن ابن عباس (صح) ".

(الصبر عند أول صدمة) هو أبلغ من قوله عند "الصدمة الأولى" لأن ذلك يصدق عليه ولو بعد مرور حين ما من وقوعها بخلاف هذا وكأن المصيبة تصدم القلب [2/ 16] بعظيم موقعها ساعة بعد ساعة حتى اتصفت الصدمة بالأولى.

(البزار (4) عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وفيه الواقدي قد ضعَّفوه.

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 217)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3537)، والضعيفة (1860).

(2)

أخرجه أبو يعلى (6567)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 2) وفيه الضيا:

وهو ضعيف، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3856).

(3)

انظر: التاريخ الكبير (2/ 87)، وضعفاء العقيلي (1/ 147)، ونصب الراية (3/ 297).

(4)

أخرجه أبو يعلى في مسنده (6 رقم 3458)، والبيهقي في سننه (4/ 65)، وعزاه في المجمع للبزار (3/ 3) وانظر فيض القدير (4/ 234)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3857).

ص: 57

5118 -

"الصبر عند الصدمة الأولى، والعبرة لا يملكها أحد صبابة المرء إلى أخيه. (ص) عن الحسن مرسلاً".

(الصبر عند الصدمة الأولى، والعبرة) بفتح المهملة تجلب الدمع وانهماره (لا يملكها أحد) فلا لوم في انسكاب الدمع ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "تدمع العين ويحزن القلب"(1). (صبابة المرء إلى أخيه) نصب على أنه مفعول له ويصح رفعه خبر مبتدأ محذوف والصبابة الميل من صبا إلى الشيء إذا مال إليه وقيل: هي الشوق وشدته. (ص (2) عن الحسن مرسلاً).

5119 -

"الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. (فر) عن أنس (هب) عن علي موقوفًا (ض) ".

(الصبر من الإيمان) كائن منه ومنتقص ومتنزل: (بمنزلة الرأس من الجسد) فكأن الإيمان جسم ورأس وجسد وقد علم أن الرأس هو عمدة حياة الإنسان وأنه إذا ذهب ذهب البدن وإذا تغير تغير وذلك لأن الصبر داخل في كل باب من أبواب الدين، وقد حققنا فضائله في كتابنا "المختصر من كتاب ابن القيم"(3). (فر عن أنس، هب (4) عن علي موقوفاً" رمز المصنف لضعفه، قال الحافظ العراقي: فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف.

5120 -

"الصبر ثلاثة: فصبر على المصيبة، وصبر على الطاعة، وصبر عن المعصية؛ فمن صبر على المعصية حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلاثمائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومن صبر على الطاعة كتب

(1) أخرجه مسلم (2315)، والبخاري (1242) تعليقاً.

(2)

أخرجه عبد الرزاق (6667)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3534).

(3)

يقصد كتاب عدة الصابرين (ص 91).

(4)

أخرجه الديلمي في الفردوس (3840) عن أنس، والبيهقي في الشعب (9718)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3535)، والضعيفة (3953): ضعيف جداً.

ص: 58

الله له ستمائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى الأرضين، ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة، ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى العرش مرتين. ابن أبي الدنيا في الصبر وأبو الشيخ في الثواب عن علي (ض) ".

(الصبر) باعتبار متعلقاته: (ثلاثة: فصبر على المصيبة) التي تنزل به حتى لا يسخطها. (وصبر على الطاعة) التي أمر بها حتى يؤديها. (وصبر عن المعصية) التي نهى عنها حتى يجتنبها، فالإيمان كله راجع إلى هذه القواعد الثلاث، صبر على المقدور وترك المحذور وفعل المأمور وإلى الثلاثة وقعت الإشارة بقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: 17]. (فمن صبر على المصيبة حتى يردها) أي يرد ألمها وحرارتها على القلب (بحسن عزائها) أي بحسن صبره عليها وذلك بالرضا بالقلب وعدم السخط باللسان وعلمه أن ما اختاره الله منها له خير مما يختار لنفسه. (كتب الله له ثلاثمائة درجة) أي منزلة عالية في الجنة كذا قيل، فالمراد ثلاث مائة منزلة متقاربة هذا المقدار. (ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض) فالمقدار ثلاث مائة ما بين الأرض والسماء. (ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة) ضوعفت على الصبر على المصيبة المقدورة، وذلك لأن الصبر عليها يأتي به المؤمن والكافر والبر والفاجر إما اختياراً أو اضطراراً فإنه لا بد له من أن يصبر صبر الأبرار أو يسلوا سلو البهائم بخلاف الصبر على فعل الطاعة فإنه لا يأتي به إلا من صدق الرسل وقطع بالإنابة والعقوبة ثم كانت الدرجة أعلى مع تضاعفها كما دل له قوله:(ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين) بضم المثناة الفوقية وخاء معجمة مضمومة أي حدودها ومعالمها (إلى منتهى الأرضين) جمع الأرض وأفردها في الأول لأن المراد إلى أسفل الأراضي كلها بخلاف الأول

ص: 59

فالمراد الأرض العليا، (ومن صبر عن المعصية كتب الله له تسعمائة درجة) زيدت المضاعفة لما علم من أن الصبر عن المعصية لا يكون إلا بمجاهدة للنفس تامة ومجاهدة للشيطان وعزوف النفس عن مشتهاها فهو أشق الثلاثة على الأنفس ولذا كانت مقدار درجاته:(ما بين الدرجتين) أي منتهى الدرجة ومبتدأها من جهة العلو ومن جهة التحتية، (كما بين تخوم الأرضين إلى منتهى العرش مرتين) الذي هو أعلى المخلوقات وأرفعها وهذه نهاية في العلو ليس فوقها نهاية. (ابن أبي الدنيا في الصبر وأبو الشيخ (1) في الثواب عن علي) رمز المصنف لضعفه، وقال ابن الجوزي: إنه موضوع.

5121 -

"الصبي الذي له أب يُمْسَحُ رأسه إلى خلف، واليتيم يُمْسَحُ رأسه إلى قدام (تخ) عن ابن عباس (ض) ".

(الصبي) يعني الطفل ولو أنثى. (الذي له أب) في الحياة. (يُمْسَحُ رأسه إلى خلف) فيه ندب مسح رؤوس الأطفال تأنيسا لهم. (واليتيم) الذي مات أبوه وإن كانت له أم في الحياة. (يُمْسَحُ رأسه إلى قدام) فيبدأ من جهة الخلف، وذلك لأنه أبلغ في تأنيسه وقد مر هذا في "إذا". (تخ (2) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.

5122 -

"الصبي على شفعته حتى يدرك، فإذا أدرك فإن شاء أخذ وإن شاء ترك. (طس) عن جابر".

(الصبي على شفعته حتى يدرك) يعني إذا كان له عقار فباع شريكه نصيبه فلم

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصبر (24)، وانظر الموضوعات (3/ 210)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3532)، والضعيفة (3791).

(2)

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (53/ 129)، وانظر فيض القدير (4/ 235)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (353): موضوع.

ص: 60

يأخذ له وليه بالشفعة فهي ثابتة له [3/ 17] إذا بلغ. (فإذا أدرك) سن البلوغ. (فإن شاء أخذ وإن شاء ترك) إذ حقه ثابت. (طس (1) عن جابر) سكت عليه المصنف ورواه الديلمي أيضاً.

5123 -

"الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران: ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة. (طب) عن عبادة بن الصامت (صح) ".

(الصخرة صخرة بيت المقدس) ثابتة. (على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة، وتحت النخلة) أي تحت ظلها. (آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران) يحتمل أنهما الآن تحتها في الحياة وأنهما: (ينظمان سموط أهل الجنة) بضم المهملة جمع سمط بكسرها هو الخيط الذي ينظم فيه اللؤلؤ ونحوه وقوله: (إلى يوم القيامة) صريح في هذا الاحتمال. (طب (2) عن عبادة بن الصامت) رمز المصنف لصحته، وقد قال الهيثمي: فيه محمد ابن مخلد الرعيني (3)، قال ابن عدي: حدث بالأباطيل وهذا الحديث من منكراته انتهى؛ ومثله قاله الذهبي في الميزان، قال الذهبي: ورواه الخطيب في فضائل القدس بإسناد مظلم وهو كذب ظاهر، فالعجب من المصنف رحمه الله.

5124 -

"الصدق بعدي مع عمر حيث كان. ابن النجار عن الفضل (ض) ".

(الصدق) يتحقق ويعرف. (بعدي مع عمر) وإلا فهو كان معه رضي الله عنه في حياته. (حيث كان) أي حيث كان عمر وفي أي جهة وعلى أي صفة وفي أية حالة، فإن

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (6140)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3540).

(2)

أخرجه الديلمى في الفردوس (3871)، وانظر الميزان (6/ 327)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (9/ 218)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3541)، والضعيفة (1252): موضوع.

(3)

لسان الميزان (5/ 375).

ص: 61

الصدق دائر معه لا يتخلف عنه بتخلف الأحوال لما عرف من شدته وصلابته في الدين وعزيمته وهي لازمة للصدق (ابن النجار (1) عن الفضل) المراد به ابن العباس ورمز المصنف لضعفه.

5125 -

"الصدقة تسد سبعين باباً من السوء. (طب) عن رافع بن خديج"(ض).

(الصدقة) الواجبة والنافلة. (تسد) أي تدفع. (سبعين باباً من السوء) قيل: إنه في نسخ صحيحة وأصول مقروءة بالمعجمة والراء والموجود فيما رأيناه بالمهملة والواو والمهملة مفتوحة مع الإضافة إليه كما في المصباح، وذكر السبعين تكثير ومحتمل الحقيقة. (طب (2) عن رافع بن خديج) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه حماد بن شعيب ضعيف.

5126 -

"الصدقة تمنع ميتة السوء. القضاعي عن أبي هريرة (صح) ".

(الصدقة تدفع ميتة السوء) بكسر الميم، قيل: المراد بها ما لا تحمد عاقبته ولا تؤمن غائلته من الحالات كالفقر المدقع والوصب الموجب للإثم والقلق والعلل المفضية إلى كفران النعمة ونسيان الذكر والأحوال الشاغلة عما له وعليه، قال الطيبي: الأولى حملها على سوء الخاتمة ووخامة العاقبة من العذاب في الآخرة، وقيل: ميتة السوء قد تكون في صعوبة سبب الموت كهدم وذات الجنب ونحو ذلك وقد تكون بسوء حاله في الدين ككونه على بدعة أو شك أو إصرار على كبيرة.

قلت: ونعم القول هذا فالصدقة الخالصة تدفع الكل. (القضاعي (3) عن أبي

(1) أخرجه البزار (2154)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3542): موضوع.

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 274)(4402)، وانظر قول الهيثمي في المجمع 3/ 109، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3543)، والضعيفة (3797).

(3)

أخرجه القضاعي (98)، انظر التلخيص الحبير (3/ 114)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3546)، والضعيفة (665).

ص: 62

هريرة) رمز المصنف لصحته، وقال العامري: أيضاً صحيح، وقال الحافظ ابن حجر: فيه من لا يعرف.

5127 -

"الصدقة تمنع سبعين نوعاً من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص. (خط) عن أنس".

(الصدقة تمنع سبعين بابا من أنواع البلاء) في الدين والدنيا ولذا قال: (أهونها الجذام والبرص) فإنهما أدوى الأدواء البدنية إلا أنهما إذا نسبتا إلى البلاء في الدين كان أهون الأدواء. (خط (1) عن أنس) فيه الحارث بن النعمان (2)، قال الذهبي في الضعفاء: قال البخاري: منكر الحديث، وفي الكاشف: قال أبو حاتم: غير قوي.

5128 -

"الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة الرحم. (حم ت ن هـ ك) عن سلمان بن عامر (صح) ".

(الصدقة على المسكين) الأجنبي. (صدقة) لا غير (وهي على ذي الرحم) يحتمل أن المراد المسكين أو مطلقاً. (اثنتان) أي له أجر صدقتين بينها قوله: (صدقة، وصلة) فهي عليه أفضل لاجتماع السببين وهو حث على الصدقة على الأقارب إلا أنه قال ابن حجر (3): لا يلزم من ذلك أن تكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقا لاحتمال أن يكون المسكين محتاجاً ونفعه بذلك متعدياً والآخر بعكسه يعني فالحديث محمول على الأغلب وفيه دليل على جواز إعطاء القريب صدقة الفرض أي الزكاة. (حم ت ن هـ ك (4) عن سلمان بن عامر) رمز المصنف

(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (8/ 207)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3545).

(2)

انظر المغني (1/ 143)، والكاشف (1/ 305).

(3)

فتح الباري (5/ 219).

(4)

أخرجه أحمد (4/ 17)، والترمذي (658)، والنسائي (5/ 92)، وابن ماجة (1844)، والحاكم (1/ 564)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3858).

ص: 63

لصحته وقد حسنه الترمذي وصحَّحه الحاكم وأقره الذهبي.

5129 -

"الصدقة على وجهها واصطناع المعروف وبر الوالدين وصلة الرحم تحول الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء. (حل) عن علي".

(الصدقة على وجهها) أي المطلوب شرعاً وهي أن تكون من حل وأن توافق المحل وتخلص بها النية (واصطناع المعروف) إلى العباد كافة بالأقوال والأفعال، فقد قال صلى الله عليه وسلم:"لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق"(1). (وبر الوالدين وصلة الرحم) هم القرابة. (تحول) المذكورات. (الشقاء سعادة، وتزيد في العمر، وتقي مصارع السوء) يحتمل أنه لف ونشر وأن كل واحدة من خصال الخير تجلب واحدة من الخصال المذكورة. (حل (2) عن علي) رضي الله عنه من حديث الأوزاعي [3/ 18] قال: قدمت المدينة فسألت محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39]، قال: حدثني أبي عن جدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه سألت عنها رسول صلى الله عليه وسلم فقال: "لأبشرنك بها يا علي، فبشر بها أمتي من بعدي، الصدقة على وجهها

" الحديث. قال مخرجه: تفرَّد به إسماعيل بن أبي رماد عن إبراهيم بن أبي سفيان وهو ثقة.

5130 -

"الصدقات بالغدوات يذهبن بالعاهات. (فر) عن أنس (ض) ".

(الصدقات بالغدوات) بضم المعجمة جمع غداة وهي الصباح أي إخراجها في ذلك الوقت (يذهبن بالعاهات) جمع عاهة وهي الآفة وهو يشمل الآفات الدينية والبدنية، قيل: ويفهم منه أن الصدقة بالعشية تذهب الآفات الليلية.

(1) أخرجه مسلم (2626).

(2)

أخرجه أبو نعيم (6/ 145)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3547)، والضعيفة (3795).

ص: 64

قلت: وفي هذا الفهم تأمل فإنَّ الحديث يشعر بأن صدقة الغداة تذهب بلية الليل والنهار. (فر (1) عن أنس) رمز المصنف لضعفه وذلك لأن فيه عمرو بن قيس الكندي (2) أورده الذهبي في الضعفاء، وقال ابن معين: لا شيء، ووثقه أبو حاتم.

5131 -

"الصديقون ثلاثة: حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب آل يس، وعلي بن أبي طالب. ابن النجار عن ابن عباس (ض) ".

(الصديقون ثلاثة) الصديق من أبنية المبالغة كالضحيك والنطيق والمراد أن هؤلاء هم الأوحدون في الاتصاف بالصديقية ولا ينافيه أن غيرهم متصف بذلك (حزقيل) بالحاء المهملة فمفتوحة فزاي ساكنة فقاف بعدها مثناة تحتية. (مؤمن آل فرعون) الذي قص الله حديثه في كتابه الكريم. (وحبيب النجار) الأولى بالمهملة والثانية بالجيم بزنة فعال من النجارة لأنه كان ينحت الأصنام (صاحب آل يس) الذي قص الله حديثه في سورة ياسين (وعلي بن أبي طالب) فيه ويأتي أنه أفضل الثلاثة وذلك لصدقه مع الله ورسوله في كل موطن وفيه فضيلة للوصي عليه السلام (3). (ابن النجار (4) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.

"الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي قال: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} وحزقيل مؤمن آل فرعون، الذي قال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ

(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (3737)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3548)، والضعيفة (3798).

(2)

انظر المغني (2/ 488).

(3)

سبق وأن قلت بأن هذا من رواسب الزيدية، ولا يجوز إطلاق الوصي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أهل السنة والجماعة، انظر المقدمة.

(4)

أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (2/ 627)، والديلمي في الفردوس (3866)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3550): موضوع.

ص: 65

رَبِّيَ اللَّهُ} وعلي بن أبي طالب، وهو أفضلهم. أبو نعيم في المعرفة وابن عساكر عن أبي ليلى (ح) ".

(الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس الذي قال: {يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} قيل: كان في غار يعبد الله فلما بلغه خبر الرسل أتاهم وأظهر دينه وقاتل الكفرة فقالوا: وأنت تخالف ديننا، فوثبوا عليه فقتلوه، وقيل: بوطؤه حتى خرج نصبه من دبره، وقيل: رجموه وهو يقول: اللهم اهد قومي، وقبره بسوق أنطاكية، فلما قتل غضب الله عليهم فأهلكوا بصيحة جبريل عليه السلام، (وحزقيل مؤمن آل فرعون) قيل: كان قبطياً ابن عم لفرعون، آمن بموسى سرًّا، وقيل: كان إسرائيلياً، (الذي قال:{أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} يريد به موسى عليه السلام. (وعلي بن أبي طالب) عليه السلام الذي كان أول من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على كثير من الأقوال. (وهو أفضلهم) وكفى له شرفا بهذا، كرم الله وجهه. (أبو نعيم في المعرفة وابن عساكر (1) عن أبي ليلى) الأنصاري الكندي، صحابي اسمه بلال أو بليل مصغرا أو يسار أو داود أو نفر. ولم يرمز عليه المصنف بشيء.

5132 -

"الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضب، ويحمر وجهه، ويقشعر شعره، فيصرع غضبه. (حم) عن رجل"(صح).

(الصرعة) بضم المهملة وفتح الراء المبالغة في الصراع الذي لا يغلب فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها، فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه وشر خصومه كما في النهاية (2). (كل الصرعة) قد سبق بيان هذه العبارة فيما سلف، (الذي يغضب فيشتد غضبه) فيه أن الغضب لا يذم إنما يذم ما

(1) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 365) رقم (323) وبرقم (6045)، وابن عساكر في تاريخه (42/ 43)، وأحمد في فضائل الصحابة (2/ 655، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3549)، والضعيفة (355): موضوع.

(2)

النهاية (3/ 23).

ص: 66

يتفرع عنه. (ويحمر وجهه) ليلهب بنيران الغضب في قلبه. (ويقشعر شعره) اقشعر جلده أخذته قشعريرة أي رعدة. (فيصرع غضبه) أي يقهره ويدفعه كما يقهر الرجل من يصارعه، وفيه مبالغة في دفعه وأنه بمنزلة العدو المقاوم، قيل: وهذا من الألفاظ اللغوية التي نقلها الشارح لضرب من التأويل. (حم (1) عن رجل) رمز المصنف لصحته، وقد قال الهيثمي: فيه أبو حفصة أو ابن حفصة مجهول، وبقية رجاله ثقات.

5133 -

"الصرم قد ذهب. البغوي (طب) عن سعيد بن يربوع (صح) ".

(الصرم) بضم المهملة وفتحها الهجر والقطيعة. (قد ذهب) أي أبطله الشرع ونهى عنه، وكان عليه الجاهلية فنهى عنه الشارع فوق ثلاث وأباحه دونها. (البغوي طب (2) عن سعيد بن يربوع) رمز المصنف لصحته.

5134 -

"الصعود جبل من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفاً ثم يهوى فيه كذلك أبداً. (حم ت حب ك) عن أبي سعيد (صح) ".

(الصعود) بفتح الصاد والمراد به ما في قوله تعالى: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} [المدثر: 17]، فهو تفسير للآية. (جبل من نار يتصعد) أي يتكلف رقيه وصعوده. (فيه الكافر سبعين خريفاً) أي عاماً. (ثم يهوى) أي يسقط من أعلاه أو ينزل. (فيه كذلك) أي سبعين خريفاً [3/ 19] (أبداً) قال الطيبي: زيد "أبداً" تأكيد. (حم ت حب ك (3) عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث ابن لهيعة.

(1) أخرجه أحمد (5/ 367)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (8/ 69)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3859).

(2)

أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 66)(5528)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3551).

(3)

أخرجه أحمد (3/ 75)، والترمذي (3326)، وابن حبان رقم (7467)، والحاكم (4/ 639)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3552).

ص: 67

5135 -

"الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين. (ن حب) عن أبي ذر (صح) ".

(الصعيد) الطيب الذي ذكره الله تعالى في الآية، والصعيد التراب أو وجه الأرض كما في القاموس (1)، وطيبه أن لا يخالطه نجاسة. (وضوء المسلم) بفتح الواو كما ضبطه الطيبي قال: وهو الماء، قال ابن حجر (2): أطلق الشارع على التيمم أنه وضوء لكونه قام مقامه. (وإن لم يجد الماء عشر سنين) أو أكثر فليس ذكرها للتحديد بل لمطلق التكثير وكذا إن وجده وله مانع من استعماله، والحديث خرج على سبب وذلك أن أبا ذر رحمه الله قال: يا رسول الله إني أغرب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور

الحديث، قال ابن حجر في الفتح عقيب الحديث: أنه أشار بذلك إلى أن التيمم يقوم مقام الوضوء ولو كانت الطهارة به ضعيفة لكونها طهارة ضرورية لاستباحة الصلاة. (ن حب (3) عن أبي ذر) رمز المصنف لصحته، قال النووي (4): حديث صحيح.

5136 -

"الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وَليُمَسَّهُ بشرفه، فإن ذلك خير. البزار عن أبي هريرة) ".

(الصعيد) مطلق يحمل على ما قيد بالطيب. (وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين) مثلاً. (فإذا وجد الماء) حيث كان المانع عن استعماله عدمه. (فليتق الله وَلِيُمَسَّهُ) بضم حرف المضارعة وكسر الميم مضارع أمس. (بشرته) من أعضاء التيمم، قال العراقي: ليس المراد المسح بالإجماع بل الغسل والإمساس

(1) القاموس (1/ 374).

(2)

فتح الباري (1/ 235).

(3)

أخرجه النسائي (1/ 171)، وابن حبان رقم (1313)، وانظر فتح الباري (1/ 446)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3860).

(4)

صححه في المجموع شرح المهذب (1/ 364).

ص: 68

يطلق على الغسل (فإن ذلك خير) أي من تركه وأجر من باب: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: 24]، مع أنه لا خيرية في مستقر أهل النار كما أنه لا خيرية في استعمال التراب مع عدم المانع عن استعمال الماء فإنه يحرم استعماله، وهل المراد إمساس لبشرته للأسباب التي كان تيمم لها وأنه يعود عليه حكم الجنابة إذا وجد الماء، والأظهر أنه يعود عليه الحكم ويلزمه الغسل لقوله صلى الله عليه وسلم لعمرو:"صليت بأصحابك وأنت جنب"(1) ولقول أصحابه: صلى بنا يا رسول الله وهو جنب، فقرر قولهم وقد بحثنا فيه في محله. (البزار (2) عن أبي هريرة)، وقال البزار: لا نعلمه روى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح انتهى. ورواه الدارقطني باللفظ المذكور عن أبي ذر وطعن فيه.

5137 -

"الصُّفْرَةُ خضاب المؤمن، والحمرة خضاب المسلم، والسواد خضاب الكافر. (طب ك) عن ابن عمر (صح) ".

(الصُّفْرَةُ خضاب المؤمن) يعني للحيته. (والحمرة خضاب المسلم) فيه التفرقة بين المؤمن والمسلم وإباحه للخضابين. (والسواد خضاب الكافر) لما فيه من التدليس والغش فهو محرم إلا للجهاد كما سلف. (طب ك (3) عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته، قال الذهبي والزين العراقي تبعاً لأبي حاتم: حديث منكر (4)، وقال الهيثمي: فيه من لم أعرفه.

(1) أخرجه أبو داود (334)، وأحمد (4/ 203).

(2)

أخرجه البزار (3973)، والدارقطني (1/ 187)، وانظر في الهيثمي في المجمع (1/ 588)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3861).

(3)

أخرجه الحاكم (3/ 604)، وانظر المجمع (5/ 163)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3553)، والضعيفة (3799).

(4)

انظر: قول الذهبي في تلخيصه للمستدرك (3/ 604)، وابن حجر في اللسان (7/ 73)، وفيه: أنه حديث منكر شبه الموضوع.

ص: 69

5138 -

"الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً. (حم د ك) عن أبي هريرة (ت هـ) عن عمرو بن عوف (صح) ".

(الصلح جائز بين المسلمين) قيل: إنه لغة قطع النزاع، وشرعاً عقد وضع لرفع النزاع بين المتخاصمين وخص المسلمين لانقيادهم وإلا فهو جائز بين الكفار (إلا صلحاً أحل حراماً) كمصالحة من له دراهم على آخر بأكثر منها لاقتضائه الربا وكأن يصالح على نحو خمر، (أو حرم حلالاً) كمصالحة امرأته على أن لا يطأ أمته أو ضرتها، والحديث أصل عظيم في الصلح واستدل به على أن الصلح على الإنكار باطل لأن مال الغير محرم. (حم د ك (1) عن أبي هريرة) أخرجه أبو داود من حديث كثير بن زيد الأسلمي. قال ابن القطان (2): في كثير كلام كثير، وقال البلقيني: في الاحتجاج به خلاف، وفي الميزان عن ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة، قال: ولهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي لكونه صحح حديثه، والحاكم من حديث الحسين المصيصي، وقال الحاكم: على شرطهما والمصيصي ثقة تفرد به وتعقبه الذهبي، قال ابن حبان: كان يسرق الحديث. (ت هـ عن عمرو بن عوف) رمز المصنف بالصحة على الترمذي، إلا أنك قد عرفت أنه يصحح حديث كثير وفيه ما سلف.

5139 -

"الصمت حُكْم وقليل فاعله". القضاعي عن أنس (فر) عن ابن عمر (ض) ".

(الصمت حُكْم) بضم المهملة أي حكمة؛ لأنه يمنع من الجهل والسفه، قالوا: سمي حكمة لأنه ينشأ عنها أو لأن الصمت عما لا خير فيه يثمر الحكمة

(1) أخرجه أحمد (2/ 366)، وأبو داود (3594)، والحاكم (4/ 113)، عن أبي هريرة، وانظر الميزان (5/ 493)، والمغني (2/ 531)، وأخرجه الترمذي (1352) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (2353) عن عمرو بن عوف، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3862).

(2)

انظر: بيان الوهم والإيهام (5/ رقم 2424).

ص: 70

في قلب الصامت، والمراد الصمت عن غير نشر العلم والعدل (وقليل فاعله) أي قل من يمنع نفسه [3/ 20] عما لا يعنيه وعن التسارع إلى النطق بما لا ثمرة له لغلبة النفس الأمارة بالسوء وعدم التهذيب لها بالرياضة وسرعة حركة اللسان ومخبئها لبث الكلام، وقد روى هذا اللفظ عن لقمان وأنه دخل على داود وهو يسرد درعًا فأراد أن يسأله عنه فأدركته الحكمة فسكت، فلما أتم داود لبسها وقال: نعم لبوس الحرب أنت، فقال لقمان: الصمت حكم

إلخ، فقال له داود: بحق ما سميت حكيماً. (القضاعي عن أنس، فر (1) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه، قال الحافظ العراقي: في سنده ضعف، وأورده البيهقي في الشعب من طريق أنس وقال: غلط فيه عثمان بن سعيد، قال: والصحيح عن أنس أن لقمان قاله (2).

5140 -

"الصمت أرفع العبادة". (فر) عن أبي هريرة".

(الصمت أرفع العبادات) أي أعلاها قدراً وأعظمها أجراً، والمراد به الصمت عما لا خير فيه من الكلام ويتأكد في الحج والصوم، وقد ورد النهي عن إطالة الصمت كحديث أبي داود "لا صمات يوم إلى الليل"(3)، وذلك لأن أكثر الخطأ من اللسان فإذا أملك الإنسان لسانه فقد تلبس بباب عظيم من أبواب العبادة وقد تطابقت على هذا الملل، قال وهب: أجمعت الحكماء على أن رأس الحكمة الصمت، وقيل: لا حج ولا رباط أشد من حبس اللسان. (فر (4)

(1) أخرجه القضاعي (240) عن أنس، والديلمي في الفردوس (3851) عن ابن عمر، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3555)، والضعيفة (2424).

(2)

انظر: شعب الإيمان (5026، 5027).

(3)

أخرجه أبو داود (2873)، والطبراني في الأوسط (290)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 57)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2497)، وانظر: إرواء الغليل (5/ 80).

(4)

أخرجه الديلمي في الفردوس (3849)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3554)، والضعيفة (741).

ص: 71

عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن يحيى الغساني قال الذهبي: جرحه ابن معين ووثقه بعضهم.

5141 -

"الصمت زين للعالم، وستر للجاهل". أبو الشيخ عن محرز بن زهير (ض) ".

(الصمت زين للعالم) لما فيه من الوقار وحسن السمت والتحفظ عن السقطات، فإن من كثرت لفظاته كثرت سقطاته. (وستر للجاهل) لأن المرء مخبوء تحت لسانه كما قاله الوصي (1) كرم الله وجهه وهو مخبر عن شأنه فحاله مستور ما لم يتكلم.

فائدة: قال الراغب (2): الفرق بين الصمت والسكوت والإنصات والإصاخة أن الصمت أبلغ لأنه قد يستعمل فيما لا قوة له على النطق وفيما له قوة النطق، ولهذا قيل: لما لم يكن له نطق الصامت والسكوت لما له نطق فترك استعماله والإنصات سكوت مع استماع ومتى انفك أحدهما عن الآخر لم يقل له إنصات وعليه قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، فقوله وأنصتوا بعد الاستماع ذكر خاص بعد عام والإصاخة الاستماع إلى ما يصعب استماعه كالسب والصوت من مكان بعيد. (أبو الشيخ (3) عن محرز) (4) اسم فاعل من أحرز بالمهملة والراء والزاي (ابن زهير) صحابي مدني رمز المصنف لضعفه.

5142 -

"الصمت سيد الأخلاق، ومن مزح استخف به"(فر) عن أنس (ض) ".

(1) تقدم الكلام عليه أكثر من مرة ووضحنا مدلوله لدى الشيعة وأبطلنا ذلك. انظر: المقدمة.

(2)

مفردات القرآن (ص 855).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (5055)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 82)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3556)، والضعيفة (3820).

(4)

انظر الإصابة (5/ 782).

ص: 72

(الصمت سيد الأخلاق) لأنه يتفرع منه كل خير وكل سلامة، قال الغزالي (1): عليك بملازمة الصمت إلا بقدر الضرورة، وكان أبو بكر رضي الله عنه يضع حجراً في فيه ليمنعه ذلك عن الكلام. (ومن مزح استخف به) أي هان على الناس ونظر بعين الاستحقار والسخرية وتقدم الكلام في ذلك وتمام الحديث عند مخرجه:"ومن حمل الأمر على القضاء استراح" وما كان المصنف حذفه (فر (2) عن أنس) رمز المصنف لضعفه وذلك لأن فيه سعيد بن ميسرة (3)، قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن حبان: يروي الموضوعات، وقال ابن عدي: هو من ظلمة الأمة.

5143 -

"الصمد الذي لا جوف له. (طب) عن بريدة (ض) ".

(الصمد الذي لا جوف له) هو تفسير للفظة في الآية قاله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن تفسيره، وفي كتب التفسير أن الصمد: السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إذا قصد. (طب (4) عن بريدة) رمز المصنف لضعفه.

5144 -

"الصور قرن ينفخ فيه. (حم د ت ك) عن ابن عمر"(صح).

(الصور) المذكور في القرآن الكريم. (قرن) أي على هيئة البوق دائرة رأسه كعرض السماوات والأرض وإسرافيل واضع فاه عليه ينظر نحو العرش أن يؤذن له حتى: (ينفخ فيه) فإذا نفخ صعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، قال الحليمي (5): والظاهر أن الصور هو الذي ينفخ فيه النفخات جميعاً فإن صيحة الأموات تخالف صيحة الأحياء، وجاء في أخبار أن فيه ثقباً

(1) الإحياء (4/ 55).

(2)

أخرجه الديلمي في الفردوس (3850)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3557)، والضعيفة (3821): موضوع.

(3)

انظر المغني (1/ 266).

(4)

أخرجه الطبراني في الكبير 2/ 22 (1162)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3558).

(5)

انظر: شعب الإيمان (1/ 309).

ص: 73

بعدد الأرواح كلها وأنها تجمع فيه في النفخة الثانية فتخرج كل روح نحو جسدها. (حم د ت ك (1) عن ابن عمر) رمز المصنف لصحته.

5145 -

"الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة. الإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس"(ض).

(الصورة الرأس) أي الصورة المحرم تصويرها ما كانت ذات رأس. (فإذا قطع الرأس فلا صورة) لأنه لا يبقى صورة حيوان، فمن قطع رأس صورة من الصور المحرم تصويرها انتفى التحريم لأنها بدونه لا تسمى صورة وألحق به الفقهاء كل ما لا يعيش إلا به. (الإسماعيلي (2)[3/ 21] في معجمه عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.

5146 -

"الصوم جنة. (ن) عن معاذ (صح) ".

(الصوم جنة) بضم الجيم وقاية في الدنيا من المعاصي بكسر الشهوة وحفظ الجوارح وفي الآخرة من النار؛ لأنه يقمع الهوى ويمنع الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان، فإن الشبع مجلبة للآثام منقصة للإيمان. واعلم أن الإخبار عن هذه المعاني من الصوم والصلاة ونحوهما بالأمور المحسوسة كالجنة يحتمل أنه على الحقيقة وأنه يجعله الله في النشأة الآخرة جسما وإن كان في الدنيا عرضًا ويحتمل أنه أراد التشبيه النفيع وأنه في وقاية صاحبه في الآخرة كالجنة. (ن (3) عن معاذ) رمز المصنف لصحته.

(1) أخرجه أحمد (2/ 162)، وأبو داود (4742)، والترمذي (2430)، والحاكم (2/ 550)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3863)، والصحيحة (1080).

(2)

أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في معجمه (291)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3864)، والصحيحة (1921).

(3)

أخرجه النسائي (2/ 93)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3865).

ص: 74

5147 -

"الصوم جنة من عذاب الله. (هب) عن عثمان بن أبي العاص (صح) ".

(الصوم جنة من عذاب الله) وقاية منه لأنه عبادة تشمل جميع البدن كالجنة الواقية للعبد عن السهام. (هب (1) عن عثمان بن أبي العاص) رمز المصنف لصحته وفيه سعيد الجريري ضعفه ابن حبان.

5148 -

"الصوم جنة يستجن بها العبد من النار". (طب) عنه (صح) ".

(الصوم جنة) قال القاضي (2): الجنة بالضم الترس وبالكسر الجنون وبالفتح الشجر المظل وأطلقت على البستان لما فيه من الأشجار وعلى دار الثواب لما فيها من البساتين، وقيل: إنها مأخوذة من الجن بمعنى الستر. (يستجن بها العبد من النار) أي يطلب الستر بها منها، وفيه أن النار كالطالب للعبد يحتاج إلى توقيه. (طب (3) عنه أي عن عثمان) رمز المصنف لصحته وقال الهيثمي: سنده حسن.

5149 -

"الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة". (حم ع طب هق) عن عامر بن مسعود (طس عد هب) عن أنس (عد هب) عن جابر (صح) ".

(الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) أي كالغنيمة الباردة فهو من بليغ التشبيه أو من الاستعارة على الخلاف ويأتي بلفظ: "الغنيمة الباردة الصوم في الشتاء" وهو أبلغ من هذا لما يأتي، ولما كانت الغنيمة تحصل بغير مشقة جعل الصوم في الشتاء كذلك لعدم المشقة فيه لبرد نهاره فلا ظمأ وقصره فلا جوع، والعرب

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (3581)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3866).

(2)

انظر: مشارق الأنوار للقاضي (1/ 302).

(3)

أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 58)(8386)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 180)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3867).

ص: 75

تستعمل البارد في شيء ذي راحة لأن الحرارة عالية في بلادهم فإذا وجدوا بردا عدوه راحة، وقيل: الباردة الثابتة من برد لي على فلان كذا أي ثبت أو الطيبة من برد الهواء إذا طاب والأصل في وقوع البرد عبارة عن الطيب والهناء، إن الهواء والماء لما كان طيبهما ببردهما سيما في بلاد تهامة والحجاز، قيل: هواء بارد وماء بارد على سبيل الاستطابة ثم كثر حتى قيل: عيش بارد وغنيمة باردة ذكره جار الله (1). (حم ع طب هق) عن عامر بن مسعود) بن أمية بن خلف، قال البيهقي في الشعب: قال يعقوب: ليس لعامر هذا صحبة. (طس عد هب عن أنس) رمز المصنف لصحته، (عد هب (2) عن جابر) قال الهيثمي: فيه سعيد بن بشير ثقة لكنه اختلط انتهى، وفيه الوليد بن مسلم قال الذهبي في الضعفاء: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعي وزهير بن محمد (3) قال الذهبي في الضعفاء فيه ضعف ما، وقال البخاري: روى عنه أهل الشام مناكير.

5150 -

"الصوم يدق المصير، ويذبل اللحم، ويبعد من حر السعير، إن لله مائدة عليها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا يقعد عليها إلا الصائمون". (طس) وأبو القاسم بن بشران عن أنس (ض) ".

(الصوم يدق) بضم حرف المضارعة وكسر المهملة. (المصير) بفتح الميم وكسر المهملة أي الأمعاء أي يصيرها دقيقة. (ويذبل اللحم) بضم فسكون فكسر الموحدة أي يذهب طراوة لحم البدن. (ويبعد من حر السعير) لما تقدم

(1) انظر: الفائق (1/ 91).

(2)

أخرجه أحمد (4/ 335)، والترمذي (797)، والبيهقي في السنن (4/ 296)، وأبو يعلى في مسنده (7148) عن عامر بن مسعود، وأخرجه الطبراني في الصغير (716)، وابن عدى في الكامل (3/ 374)، والبيهقي في الشعب (3943) عن أنس، وأخرجه ابن عدى (3/ 219)، والبيهقي في الشعب (3942) عن جابر، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3868)، والصحيحة (1922).

(3)

انظر المغني (1/ 241).

ص: 76

من أنه جنة منه. (إن لله مائدة) في الدار الآخرة (عليها) من أنواع الطعام (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا يقعد عليها إلا الصائمون) إكراماً لهم {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]. (طس (1) وأبو القاسم بن بشران) في أماليه (عن أنس) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه عبد المجيد بن كثير الحدائي لم أجد من ترجمه.

5151 -

"الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون". (ت) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) تقدم الكلام عليه قال في الفردوس: فسره بعض أهل العلم، فقال: الصوم والفطر والتضحية مع الجماعة ومعظم الناس. (ت (2) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، وقال الترمذي: غريب حسن.

5152 -

"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. (حم م ت) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان) قال الطيبي: المضاف محذوف أي صلاة الجمعة منتهية إلى الجمعة، وصوم رضان منتهي إلى رمضان [3/ 22] وقوله:(مكفرات) خبر عن الكل. (لما بينهن) يتعلق بمكفرات والسلام للتقوية، وهذا خبر عن الأخير أي رمضان فإنه مبتدأ أو قوله إلى رمضان صفة له إن أريد به الجنس أو حال إن كان علماً أي رمضان منتهيا إلى رمضان وكذا ما قبله وهو أظهر في الحالية واختار الأولين حذفت لدلالة الأخير

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (9443)، وابن بشران في أماليه (155)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 182)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3559).

(2)

أخرجه الترمذي (697)،، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3869).

ص: 77

عليها أي الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن والجمعة إلى الجمعة كذلك وقوله: (إذا اجتنبت الكبائر) قيد في الكل وهو صريح في أن التكفير للصغائر فإن قيل إذا كفرت الصلوات الخمس ذلك فماذا يكفره الجمعة ورمضان، فإن صغائر اليوم هي صغائر الوعد والسنة؟

قلت: إذا دفع التكفير بأحد المذكورات كان الآخر غير مكفر لشيء وأجره موفور لصاحبه، قال ابن بزيزة: هنا إشكال صحب وهو أن الصغائر بنص القرآن مكفرة باجتناب الكبائر فما الذي تكفره الصلوات؟ قلت: وقد سبق لنا بحث في هذا في الجزء الأول يرتفع به الإشكال. (حم م ت (1) عن أبي هريرة).

5153 -

"الصلوات الخمس كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام. (حل) عن أنس".

(الصلوات الخمس كفارة لما بينهن) يحتمل أن الحكم على المجموع من حيث هو، ويحتمل أن كل صلاة تكفر ما بين وقتها ووقت الأخرى إلا أنه لا يأتي هذا بتفرقة بين الأمرين؛ لأنه لو كفر ما بين الفجر والظهر مثلا ولم تأت بالظهر فقد فات شرط التكفير وهو قوله:(ما اجتنبت الكبائر) لأن ترك الظهر كبيرة فإن أتى بالخمس صلوات غير الظهر لم تكفر صغائر يومه.

فإن قلت: هل شرط الاجتناب لليوم أو للعمر أو لا يتحقق التكفير إلا إذا مات وهو مجتنب للكبائر فلو أتى بكبيرة آخر عمره بطل التكفير، أو كل يوم اجتنب فيه الكبائر كفرت صغائره وإن فعل كبيرة فيما بعده؟

قلت: لم أر فيه كلاما فينظر فيه (والجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام). (حل (2) عن أنس).

(1) أخرجه أحمد (2/ 400)، ومسلم (233)، والترمذي (214).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 249)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3874).

ص: 78

5154 -

"الصلاة وما ملكت أيمانكم، الصلاة وما ملكت أيمانكم". (حم ن هـ حب) عن أنس (حم هـ) عن أم سلمة (طب) عن ابن عمر" (صح).

(الصلاة) بالنصب على الإغراء أي الزموا الصلاة واللام فيها للعهد الخارجي أي المفروضة، والمراد لزومها بالمحافظة عليها على وجهها، ولزوم ما ملكت اليمين بالوفاء بحق الله فيه وكذلك قوله:{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]، وأراد به الزكاة لأنها قرينة الصلاة في كتاب الله، وقيل: أراد المماليك. (الصلاة وما ملكت أيمانكم) كرره تأكيداً للأمر به وهذا كان آخر ما قاله صلى الله عليه وسلم من الأوامر كما قاله أنس رضي الله عنه. (حم ن هـ حب عن أنس، حم هـ د ن أم سلمة) رمز المصنف لصحته (طب)(1) عن ابن عمر).

5155 -

"الصلاة في مسجد قباء كعمرة. (حم ت هـ ن) عن أسيد بن ظهير (صح) ".

(الصلاة) اللام للجنس فيشمل الفرض والنفل ويحتمل أنه أريد الفرض. (في مسجد قباء) هو بالمد والصرف والتذكير وهو في أعلا المدينة. (كعمرة) قال الحافظ العراقي فيه ندب زيارة مسجد قباء والصلاة فيه ويسن كونه يوم السبت لحديث ابن عمر في ذلك، وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح:"لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من آتي بيت المقدس مرتين"(2) والقول بزيارة مسجد قباء لا ينافي حديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد"؛ لأن

(1) أخرجه أحمد (3/ 117)، والنسائي في الكبرى (7095)(4/ 258)، وابن ماجة (2697)، وابن حبان (4/ 362)(1493) جميعهم عن أنس، وأخرجه أحمد (6/ 290)، وابن ماجة (1625) عن أم سلمة رضي الله عنها، وأخرجه الطبراني في الكبير (23/ 306) رقم (690) عن ابن عمر، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3873).

(2)

أخرجه ابن أبي شيبة (7533)، والطبراني في الكبير (6/ 75) رقم (5561).

ص: 79

بين قباء والمدينة ثلاثة أميال وما قرب من العصر ليس الذهاب إليه بشد رحال. (حم ت هـ ك (1) عن أسيد (2)) تقدم أنه بضم وفتح ابن ظهير بضم أوله وهو ابن عم رافع بن خديج، قال الحافظ العراقي: له صحبة، والمصنف رمز لصحته، وقد قال العراقي أيضاً: رواته كلهم ثقات، وقول ابن العربي إنه ضعيف غير جيد.

5156 -

"الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة. (د ك) عن أبي سعيد (صح) ".

(الصلاة في جماعة) ولو مع الإِمام وواحد معه لحديث: "الاثنان جماعة"(تعدل خمساً وعشرين صلاة) كما تقدم تحقيقه. (فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها) هذا لا بد منه في فلاة وحضر، وكأنه خص به صلاة الفلاة؛ لأنها مظنة التساهل فيها. (بلغت خمسين صلاة) وهو ظاهر في تفضيل صلاة الفلاة مع الانفراد على صلاة غير الفلاة مع الجماعة. (د ك (3) عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته.

5157 -

"الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة. (طب) عن أبي الدرداء".

(الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة) قد اختلفت الأحاديث ففي شيء منها أن الصلاة بالمسجد الحرام بمائة صلاة وفي بعضها أنها في مسجد المدينة [3/ 23] بعشرة آلاف، قال الحافظ العراقي: وأصح هذه الأحاديث أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف وفي مسجد المدينة بألف.

(1) أخرجه أحمد (4/ 374)، والترمذي (324)، والنسائي في الكبرى (1/ 354)، وابن ماجة (1411)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3872).

(2)

انظر: الإصابة (1/ 84).

(3)

أخرجه أبو داود (560)، والحاكم (1/ 326)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3871).

ص: 80

قلت: وأما بيت المقدس فالأحاديث لم تختلف أنها خمسمائة صلاة. (طب (1) عن أبي الدرداء) قال الحافظ العراقي: إسناده حسن، وقال الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم كلام وهو حديث حسن.

5158 -

"الصلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي عشرة آلاف صلاة، والصلاة في مسجد الرباطات ألف صلاة"(حل) عن أنس (ض) ".

(الصلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة) فيه أن الأجر ليس على قدر المشقة كما اشتهر، وفيه إثبات شرف بعض البقاع على بعض لخاصية استأثر الله بعلمها. (والصلاة في مسجدي عشرة آلاف صلاة) هذا يخالف الأحاديث الثابتة أنها بألف صلاة إلا أنه لا يقاومها صحة فإنه حديث ضعيف. (والصلاة في مسجد الرباطات) قيل: هو المحل الذي يبنى للفقراء ويقيمون فيه.

قلت: والأظهر أنه شيء محدث لم يكن في عصر النبوة فيكون الحديث إن صح من الإخبار بما سيكون. (ألف صلاة). (حل (2) عن أنس) رمز المصنف لضعفه.

5159 -

"الصلاة في المسجد الجامع تعدل الفريضة حجة مبرورة، والنافلة كحجة متقبلة، وفضلت الصلاة في المسجد الجامع على ما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة. (طس) عن ابن عمر".

(الصلاة في المسجد الجامع) أي الذي يجتمع فيه الناس لإقامة الجمعة. (تعدل الفريضة) أي ثواب صلاة الفريضة تعدل ثواب: (حجة مبرورة) تقدم تفسير الحج المبرور، قال الشارح: ولم أر من أخذ بذلك من الأئمة أي من قال

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 424)(1028)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 6)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3569)، وانظر: إرواء الغليل (4/ 342).

(2)

أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 46)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3570)، والضعيفة (1073): موضوع.

ص: 81

بهذه الفضيلة. (والنافلة) أي في المسجد الجامع. (كحجة متقبلة) وهو غير المبرورة. (وفضلت الصلاة في المسجد الجامع على ما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة) وهل الحديث شامل للمساجد الثلاثة فينضاف إلى تضاعيفها المتقدمة هذه الزيادة؟ الظاهر الشمول لأن الوصف المذكور ثابت لها أيضاً. (طس (1) عن ابن عمر) قال الهيثمي: فيه نوح بن ذكوان ضعفه أبو حاتم.

5160 -

"الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه، إلا المسجد الحرام وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه، إلا المسجد الحرام". (هب) عن جابر".

(الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام) فإنها بأكثر من ذلك ولم يستثن بيت المقدس فإنها فيه بأقل من ألف بل بخمسمائة؛ لأن الكلام مسوق لبيان جانب الكثرة لا مجرد المغايرة، وأضيف هذا فيما يأتي وما سلف. (والجمعة) أي صلاتها. (في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه، إلا المسجد الحرام) فإنها فيه بمائة ألف جمعة لأنها داخلة في عمومه صلاة في المسجد بمائة ألف صلاة على أنه لا يخفى أن هذا الحكم في جمعة المدينة قد أفيد من عموم أحاديث أن الصلاة فيه بألف صلاة فهو حكم على بعض أفراد العام بحكمة تشريفاً له وتنصيصاً عليه. (وشهر رمضان) أي صومه. (في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه، إلا المسجد الحرام) وسائر القرب يحتمل فيها القياس على الصلاة ونحوها؛ لأنَّ الشرف للبقعة والمراد القرب في المسجد كصدقة فيه وتلاوة هذا محتمل في مسجد المدينة، وأما حرم مكة ففيه أحاديث دالة

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (171)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 46)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3568)، والضعيفة (3806): ضعيف جداً.

ص: 82

على التضعيف لعلها تأتي. (هب (1) عن جابر) سكت عليه المصنف.

5161 -

"الصلاة نصف النهار تكره إلا يوم الجمعة؛ لأن جهنم كل يوم تسجر إلا يوم الجمعة". (عد) عن أبي قتادة (ض) ".

(الصلاة) أي نافلة. (نصف النهار) أي وسطه عند كون الشمس في كبد السماء. (تكره) تحريماً فلا تنعقد كما قالته الشافعية. (إلا يوم الجمعة) أي يكره كل يوم إلا يوم الجمعة أو إلا نصف نهار يوم الجمعة. (لأن جهنم كل يوم تسجر) بضم حرف المضارعة وبمهملة وجيم مشددة، توقد كل يوم أي وسط نهاره. (إلا يوم الجمعة) فإنها لا توقد فيه كأنها كرامة ليوم الجمعة وهذا تعليل لكراهة الصلاة نصف النهار ولا أعرف وجه الحكمة في كراهة الصلاة وقت إيقاد جهنم. (عد (2) عن أبي قتادة) رمز المصنف لضعفه، قال ابن سيد الناس: من رواة هذا الخبر من تفقه على أبي قتادة ومثله لا يقال إلا من قبيل التوقيف.

5162 -

"الصلاة نور المؤمن. القضاعي وابن عساكر عن أنس (ض) ".

(الصلاة نور المؤمن) تنور وجه صاحبها في الدنيا ويكسبه جمالاً وبهاء كما هو مشاهد ومحسوس، وقلبه لأنها تشرق فيه أنوار المعارف وقبره ومسكنه في الدنيا ويعطى نوره يوم القيامة، قال أبو الدرداء: صلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبر (3). (القضاعي وابن عساكر (4) عن أنس) رمز المصنف على ابن عساكر بالضعف، وقال العامري في شرح الشهاب [3/ 24] ضعيف.

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (4147)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3572): ضعيف جداً.

(2)

أخرجه ابن عدى في الكامل (2/ 373)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3574).

(3)

أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (رقم 15)، عن أبي ذر، انظر تخريج أحاديث الإحياء (1/ 327).

(4)

أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (144)، وابن ماجة (4210)، وأبو يعلى (3655)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (36/ 198)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3575): ضعيف جداً.

ص: 83

5163 -

"الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر. (طس) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصلاة خير موضوع) بالإضافة والتوصيف أي خير وضعه الله لعباده في دار الدنيا بقربهم بها إليه والمعنى الإضافي أبلغ والمراد مطلق الصلاة فيشمل نفلها ولذا قال: (فمن استطاع أن يستكثر) من هذا الخير. (فليستكثر) وفيه الحث عليها في كل حين وعلى أي حال غير ما نهي عنه. (طس (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، وقال الهيثمي: فيه عبد المنعم بن بشير انتهى، وقد رواه الإِمام أحمد وابن حبان والحاكم وصححه.

5164 -

"الصلاة قربان كل تقي. القضاعي عن علي (ض) ".

(الصلاة قربان) بضم القاف مصدر قرب يقرب واسم لما يتقرب به إلى الله تعالى وهو المراد هنا. (كل تقي) هو من اتقى الله في سره وعلنه، أي أن التقي يطلب بصلاته القرب من الله أو يتقرب بها إليه. (القضاعي (2) عن علي) رمز المصنف لضعفه.

5165 -

"الصلاة خدمة الله في الأرض، فمن صلى ولم يرفع يديه فهي خداج، هكذا أخبرني جبريل عن الله عز وجل، إن بكل إشارة درجة وحسنة. (فر) عن ابن عباس".

(الصلاة خدمة الله) من إضافة المصدر إلى مفعوله أي خدمة العبد الله. (في الأرض، فمن صلى ولم يرفع يديه) في المواطن الأربعة التي ثبت بها الدليل حين يكبر للإحرام وحين يركع وحين يرفع رأسه من الركوع وعند نهوضه من التشهد

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (243)، وأخرجه أحمد (5/ 178)، وابن حبان (2/ 76)(361)، والحاكم (2/ 652) عن أبي ذر، وانظر قول الهيثمي في المجمع (2/ 249)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3870).

(2)

أخرجه القضاعي (265)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3571)، والضعيفة (3808).

ص: 84

الأوسط. (فهي) أي صلاته. (خداج) بكسر المعجمة أي ناقصة يحتمل في الأجر ويحتمل عدم الإجزاء على القول ببطلان الصلاة بترك الرفع كما بينا القول في ذلك في حواشي ضوء النهار. والخداج قد عبر به عن الأمرين (هكذا أخبرني جبريل عن الله عز وجل ثم أتى بجملة استئنافية بيان لوجه ذلك. (إن لكل إشارة) في الصلاة باليدين عند رفعهما إذ الكلام فيه. (درجة وحسنة) مقبولة ويحتمل أن يراد بالإشارة الإشارة بالسبابة عند التشهد كما وردت بها الأدلة ويكون ذكرها استطرادا ويحتمل مطلق الإشارة فيشمل الكل. (فر (1) عن ابن عباس) فيه أحمد بن علي بن حسنويه شيخ الحاكم قال الذهبي: متهم، وشبابة بن سوار (2) أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد: كان داعية في الإرجاء.

5166 -

"الصلاة خلف رجل ورع مقبولة، والهدية إلى رجل ورع مقبولة، والجلوس مع رجل ورع من العبادة، والمذاكرة معه صدقة (فر) عن البراء".

(الصلاة خلف رجل ورع) تقدم تحقيق الورع وأقرب ما قيل: إنه المتقي للشبهات وهو معنى قولهم: هو من يدع ما لا بأس به حذراً مما به العباس مقبولة غير مردودة على صاحبها. (والهدية إلى رجل ورع مقبولة) أي يثبت الله عليها العبد ويكافئه عليها. (والجلوس مع رجل ورع من العبادة) لأنه يكتسب بها خيراً في دينه. (والمذاكرة معه) في أمور الدين. (صدقة) لأنه يدل على الخير ويحصل بمذاكرته فوائد أخروية. (فر (3) عن البراء) فيه عبد الصمد بن حسان (4)، قال الذهبي: تركه أحمد بن حنبل.

(1) أخرجه الديلمى في الفردوس (3798)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3561).

(2)

انظر المغني (1/ 293).

(3)

أخرجه الديلمى في الفردوس (3802)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3562)، والضعيفة (3802): موضوع.

(4)

انظر المغني (2/ 395).

ص: 85

5167 -

"الصلاة عماد الدين. (هب) عن عمر (ض) ".

(الصلاة عماد الدين) العماد ما يعتمد الشيء عليه، كالبيت على أعمدته فقد شبه الدين بالخيمة وجعلت الصلاة عمادها الذي لا تقوم ولا تنفع إلا به، فكل دين لا صلاة فيه غير قائم ولا نافع لصاحبه. (هب (1) عن عمر) من حديث عكرمة، رمز المصنف لضعفه؛ لأنه قال البيهقي عقيبه: عكرمة لم يسمع من عمر قال: وأظنه عن ابن عمر، وقال الحافظ العراقي في حاشية الكشاف: فيه ضعف وانقطاع، انتهى. وقول النووي في التنقيح: حديث منكر باطل رده ابن حجر وشنع.

5168 -

"الصلاة عمود الدين. أبو نعيم بن دكين في الصلاة".

(الصلاة عمود الدين) العمود كالعماد وقد حث عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً بما لا مزيد عليه وأيقظ في ليلة واحدة علياً وفاطمة مرتين من نومهما حتى جلس عليّ في الثانية وهو يفرك عينيه ويقول: والله ما نصلي إلا ما كتب لنا إنما أنفسنا بيد الله فإن شاء أن يبعثنا بعثنا، فولَّى النبي صلى الله عليه وسلم ويضرب بيديه على فخذيه ويقول:"والله ما نصلي إلا ما كتب لنا، وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً"(2). وكان السلف لهم على الصلاة أكمل إقبال والحكايات طويلة في ذلك. (أبو نعيم الفضل بن دكين)(3) بالمهملة مضمومة وفتح الكاف والفضل أحد الأعلام من كبار شيوخ البخاري (في الصلاة) لم يذكر المصنف الصحابي، وقال ابن حجر: هو عن حبيب بن سليم عن هلال بن يحيى مرسلاً ورجاله

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (2807)، وانظر تخريج الإحياء (1/ 96)، والتلخيص الحبير (1/ 173)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3566)، والضعيفة (3805) وقال: ضعيف جداً.

(2)

أخرجه البخاري (1075)، ومسلم (775).

(3)

أخرجه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (1/ 219)، وانظر التلخيص الحبير (1/ 173)، والكاشف (2/ 122)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3567).

ص: 86

ثقات وله [3/ 25] طريق أخرى بينها في تخريج الكشاف وتبعه المصنف في حاشيته على البيضاوي.

5169 -

"الصلاة عماد الإيمان، والجهاد سنام العمل، والزكاة بين ذلك. (فر) عن علي (ض) ".

(الصلاة عماد الدين، والجهاد سنام العمل) أعلاه وأمثله لكنه بعد العماد. (والزكاة بين ذلك) أي بين العماد والسنام أي رتبتها في الفضل دونهما وهذا باعتبار الأغلب والأمانة قد تعرض من المقتضيات ما يفضل به الزكاة على الجهاد، والجهاد على الصلاة، ومن ثمة قد تترك لأجله. (فر (1) عن علي) رمز المصنف لضعفه، قال الزيلعي: فيه الحارث ضعيف جدا انتهى (2)، قلت أراد به الحارث الأعور صاحب علي عليه السلام وفيه كلام كثير.

5170 -

"الصلاة ميزان فمن أوفى استوفى. (هب) عن ابن عباس"(ض).

(الصلاة ميزان) أي معيار الإيمان. (فمن أوفى) أي أتى بها وافية كاملة. (استوفى) الأجر ويحتمل أن المراد موزون، وقيل: المراد أنه يُوزن بها الإيمان فإنها أصل الإيمان وعماده. (هب (3) عن ابن عباس) رمز المصنف لضعفه.

5171 -

"الصلاة تسود وجه الشيطان، والصدقة تكسر ظهره، والتحاب في الله والتودد في العمل يقطع دابره، فإذا فعلتم ذلك تباعد منكم كمطلع الشمس من مغربها". (فر) عن ابن عمر" (ض).

(الصلاة تسود وجه الشيطان) أي ترغمه وتحزنه ويحل به الكآبة والحزن.

(1) أخرجه الديلمى في الفردوس (3795)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3565)، والضعيفة (3805) وقال: ضعيف جداً.

(2)

انظر: تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف (1/ 43) رقم (19).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (3151)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3573)، والضعيفة (3809).

ص: 87

(والصدقة تكسر ظهره) تضعف قوته وتهد أركانه. (والتحاب في الله) بين المؤمنين. (والتودد في العمل) أي التحبب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة. (يقطع دابره) في الكشاف (1) في قوله تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ} [الأنعام: 45]، دابر القوم آخرهم لم يترك منهم أحد قد استؤصلت شأفتهم، والمراد هنا قطعها لدابر مكائده وإبعاده عن إغراء العبد كما دل لذلك قوله. (فإذا فعلتم ذلك) الصلاة والتحاب في الله والتودد بالعمل. (تباعد عنكم) عن إغرائكم وكيده لكم أو عن ساحة الحضور عنكم. (كمطلع الشمس من مغربها) وذلك لأنه يستعين على العبد بتخذيله عن الصلاة فإذا جاهده وأتى بها انتقل إلى التحريش بينه وبين إخوانه المؤمنين فلا أشر على إبليس من تفريق كلمة المؤمنين فإذا فاته ذلك واجبحت قلوبهم على التحاب في الله سعى في إبطال العمل وأن لا يتقرب به إلى الله تعالى فإذا فاته الكل فر عن العبد لضعف مكائده عنه. (فر (2) عن ابن عمر) رمز المصنف لضعفه وفيه عبد الله بن محمد بن وهب الحافظ أورده الذهبي في الضعفاء (3)، وقال الدارقطني: متروك، وزافر بن سليمان قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه، وثابت اليمامي، قال الذهبي: ضعيف جداً.

5172 -

"الصلاة على ظهر الدابة هكذا وهكذا وهكذا. (طب) عن أبي موسى (ض) ".

(الصلاة على ظهر الدابة) نفلاً. (هكذا وهكذا وهكذا) قال في الفردوس: إلى القبلة وغيرها في غير المكتوبة جائزة إلى جهات مقصده. (طب (4) عن أبي

(1) انظر: الكشاف (1/ 359).

(2)

أخرجه الديلمى في الفردوس (3799)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3560)، والضعيفة (3800): ضعيف جداً.

(3)

انظر المغني (1/ 355).

(4)

أخرجه الطبراني في الأوسط (2427)، وأحمد (4/ 413)، والمروزي في السنة (1/ 103)، وانظر قول =

ص: 88

موسى) رمز المصنف لضعفه، قال الهيثمي: فيه يونس بن الحارث ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن حبان.

5173 -

"الصلاة على نور على الصِّراط، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين عاماً. الأزدي في الضعفاء (قط) في الأفراد عن أبي هريرة (ض) ".

(الصلاة عليَّ نور على الصراط) يستضيء بها قائلها وحده أو نور عام ينفع العباد أجمعين (فمن صلى علي يوم الجمعة) قد خصها صلى الله عليه وسلم في أحاديث الصلاة عليه لشرفها فيجتمع شرف الزمان والعمل (ثمانين مرة) تخصيص هذا العدد مجهولة حكمته، وقد ثبت أن من صلى عليه صلاة صلى الله عليه عشراً. (غفرت له ذنوب ثمانين عاماً) كل صلاة كفرت ذنوب عام. (الأزدي في الضعفاء (قط (1) في الأفراد عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه، قال الدارقطني: تفرد به حجاج بن سنان عن علي بن زيد ولم يروه عن حجاج بن سنان إلا أسكن بن أبي السكن، قال ابن حجر في تخريج الأذكار: والأربعة ضعفاء.

5174 -

"الصيام جنة. (حم ن) عن أبي هريرة".

(الصيام جنة) حجاب من النار كما يأتي. (حم ن (2) عن أبي هريرة).

5175 -

"الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال. (حم ن هـ) عن عثمان بن أبي العاص"(صح).

(الصيام جنة من النار) وقاية وستر منها. (كجنة أحدكم من القتال) قال ابن عبد البر: حسبك بهذه فضلا للصائم وهذا إذا لم يخرقه بغيبة أو كذب كما مر

= الهيثمي في المجمع (2/ 162)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3563)، والضعيفة (3803).

(1)

أخرجه الديلمى في الفردوس (3814)، والخطيب في تاريخه (13/ 489)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3564)، والضعيفة (3804).

(2)

أخرجه أحمد (2/ 257)، والنسائي (4/ 166)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3876).

ص: 89

مراراً. (حم ن هـ (1) عن عثمان بن أبي العاص) رمز المصنف لصحته.

5176 -

"الصيام جنة حصينة من النار. (هب) عن جابر (صح) ".

(الصيام جنة حصينة من النار) وهو كما سلف إلا أنه زاده بوصفها بالحصينة وهي المنع، ومنه سمي الحصين حصينا لأنه يمنع أهله. (هب (2) عن جابر) رمز المصنف لصحته وفيه يوسف بن يعقوب القاضي، قال الذهبي في الضعفاء (3): مجهول، وأحمد بن عيسى وابن لهيعة ضعيفان.

5177 -

"الصيام جنة وحصن حصين من النار. (حم هب) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصيام جنة وحصن حصين من النار)[3/ 26] قال المحقق أبو زرعة: أخذ جماعة من هذا الخبر وما قبله وما بعده أن الصيام أفضل العبادات البدنية مطلقاً، وذهب الشافعي إلى أن أفضلها الصلاة. (حم هب (4) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، قال الهيثمي: هو في الصحيح خلا "وحصن" إلى آخره.

5178 -

"الصيام جنة ما لم يخرقها". (ن هق) عن أبي عبيدة (صح) ".

(الصيام جنة ما لم يخرقها) بالمعجمة فراء ويصح بالزاي أي أنه ساتر له من النار ما لم يخرقه بفعله، ويأتي بيان الذي ينخرق به، وتمام الحديث عند البيهقي:"ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فله حظه". (ن هق (5) عن أبي عبيدة) رمز

(1) أخرجه أحمد (4/ 21)، والنسائي (4/ 167)، وابن ماجة (1639)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3879).

(2)

أخرجه البيهقي في الشعب (3582)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (4308).

(3)

انظر المغني (2/ 764).

(4)

أخرجه أحمد (2/ 402)، والبيهقي في الشعب (3571)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 180)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3880).

(5)

أخرجه النسائي في المجتبي (4/ 167)، والبيهقي في السنن (3/ 374)، وضعفه الألباني في صحيح الجامع (3578).

ص: 90

المصنف لصحته.

5179 -

"الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أو غيبة". (طس) عن أبي هريرة".

(الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أو غيبة) ذهب الأوزاعي إلى أنها تفطر الصائم وتوجب عليه القضاء وقد نقل عن عائشة وعن سفيان الثوري. (طس (1) عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه الربيع بن بدر وهو ضعيف.

5180 -

"الصيام جنة وهو حصن من حصون المؤمن، وكل عمل لصاحبه إلا الصيام، يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به. (طب) عن أبي أمامة (صح) ".

(الصيام جنة وهو حصن من حصون المؤمن، وكل عمل لصاحبه) أي قد عبد به غيري من آلهتهم التي يدعونها من دوني فكأنه لصاحبه يصرفه حيث يشاء. (إلا الصيام، يقول الله: الصيام لي وأنا أجزي به) قال ابن الأثير (2) في الجامع الكبير في غريب حرفي الفاء: إنما خص الصوم والجزاء بنفسه عز وجل وإن كانت العبادات كلها له وجزاؤها منه لأن جميع العبادات التي يتقرب بها العباد إلى الله عز وجل من صلاة وحج وصدقة وتنفل واعتكاف ودعاء وقربان وهدى وغير ذلك من أنواع العبادات قد عبد المشركون بها آلهتهم وما كانوا يتخذونه من دون الله أندادا ولم يسمع أن طائفة من طوائف المشركين في الأزمان المتقادمة عبدت آلهتها بالصوم ولا تقربت إليها به ولا داينها به ولا عرف الصوم في العبادات إلا من الشرائع فلذلك قال الله تعالى: "الصوم لي" أي إلي لا يشاركني فيه أحد ولا عبد به غيري وأنا حينئذ أجزي به فلي قدر اختصاصه بي وأن أتولى الجزاء عليه بنفسي لا أكله إلى أحد من ملك مقرب أو غيره وقد ذكر

(1) أخرجه الطبراني في الأوسط (4536)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 117)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3579)، والضعيفة (1440): ضعيف جداً.

(2)

النهاية في غريب الحديث (1/ 748).

ص: 91

العلماء في معنى هذا الحديث وجوهًا من التأويلات لا تداني هذا القول ولا تقاربه إذ ما من قول منها إلا وباقي العبادات تشاركه وهذا القول أخبرني به الأمير مجاهد الدين أبو منصور قائمازين بن عبد الله أدام الله سعادته وذكر أنه مما وقع له ابتكاره ولم نسمعه من أحد ولا وقف عليه في كتاب ولم أسمعه أنا من غيره ولقد أصاب فيما وقع له وأحسن وفقه الله تعالى لعرفانه، انتهى كلامه. (طب (1) عن أبي أمامة) رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: إسناده حسن.

5181 -

"الصيام جنة من النار، فمن أصبح صائماً فلا يجهل يومئذ، وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه، وليقل: إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". (ن) عن عائشة" (صح).

(الصيام جنة من النار فمن أصبح صائما فلا يجهل يومئذ) أظهر التجاهل ومعناه لم يعرف حقه بل أنزل به ما يكرهه من شتم وغيره ومنه بيت المعلقة (2):

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

والجهل منهي عنه مطلقاً وهو من الصائم أقبح. (وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه) مكافأة له على جهله مع أنه تعالى قد أباح له ذلك بقوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148].

(وليقل: إني صائم) قيل: يقوله جهراً، وقيل: سراً؛ ليدفع هيجان غضبه بذكره لصومه. (والذي نفس محمد صلى الله عليه وسلم بيده لخلوف) بضم المعجمة، تغير ريح. (فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) وإذا كان هذا في تغير فمه فما ظنك بصلاته وعبادته، قال ابن جماعة فيه أن خلوف فم الصائم أفضل من دم الشهيد في

(1) أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 133)(7608)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (3/ 180)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (3881).

(2)

الأبيات منسوبة إلى عمرو بن كلثوم (ت - 39 ق).

ص: 92

سبيل الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الشهيد إن: "ريحه ريح المسك" وقال في خلوف الصائم: "إنه أطيب من المسك" وقد اختلف هل هذا الطيب عند الله في الدنيا أو في الآخرة ووقع فيه نزاع بين إمامين من أئمة الحديث أشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (1). (ن (2) عن عائشة) رمز المصنف [3/ 27] لصحته.

5182 -

"الصيام نصف الصبر. (هـ) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصيام نصف الصبر) قيل: إن الصبر حبس النفس عن إجابة داعي الشهوة والغضب والنفس تشتهى الشيء لحصول اللذة بإدراكها وتغضب لفوته وتنفر لتقربها في المؤلم والصوم صبر عن مقتضى الشهوة فقط وهي شهوة البطن والفرج دون مقتضى الغضب لكن من تمام الصوم حبس النفس عنها وبه تمسك من فضل الصبر على الشكر. (هـ (3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وغفل عن قول الزين العراقي: حديث ضعيف.

5183 -

"الصيام نصف الصبر، وعلى كل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصيام. (هب) عن أبي هريرة".

(الصيام نصف الصبر) قال الحليمي (4): لأن إجماع العبادات فعل وكف والصوم يقمع الشهوة ليسهل الكف وهو شطر الصبر فهما صبر على أشياء وصبر عن أشياء، والصوم معين على أحدهما فهو نصف الصبر، قال الغزالي: هذا مع حديث الصبر نصف الإيمان يفتح أن الصبر ربع الإيمان. (وعلى كل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصيام) لأنه ينقص قوة البدن وينحل الجسم فكأن الصيام

(1) التلخيص الحبير (1/ 61)، والإمامان: أبو محمد بن عبد السلام وأبو عمرو بن الصلاح.

(2)

أخرجه النسائي (2/ 240)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3878).

(3)

أخرجه ابن ماجه (1745)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3581).

(4)

انظر: شعب الإيمان (3/ 291).

ص: 93

أخرج شيئاً من جسده لوجه الله فكان زكاته. (هب (1) عن أبي هريرة) سكت المصنف عليه وفيه محمد بن يعقوب قال الذهبي في الضعفاء (2): له مناكير، وموسى بن عبيدة ضعفوه، وقال أحمد: لا تحل الرواية عنه.

5184 -

"الصيام لا رياء فيه، قال الله تعالى: هو لي، وأنا أجزي به، يدع طعامه شرابه من أجلي. (هب) عن أبي هريرة (صح) ".

(الصيام لا رياء فيه) لأنه أمر خفي من أراد كتمه تم له ذلك وهو حكم أغلبي وإخبار عن مظنة الصيام. (قال الله تعالى: هو لي) تعليل لكونه لا رياء فيه؛ لأنه إذا كان لله لا يتوجه إليه الرياء وتقدم معنى كونه له تعالى قريباً كما تقدم بيان معنى:

(وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي) وإذا تركه كان منتفياً عنه الرياء، قال الطيبي: إن قلت: هذا الحديث ونحوه يدل على أن الصوم أفضل من الصلاة والصدقة.

قلت: إذا نظر إلى نفس العبادة كانت الصلاة أفضل من الصدقة وهي من الصوم فإن موارد التنزيل وشواهد الأحاديث النبوية جارية على تقديم الأفضل فإذا نظر إلى كل واحد منهما وما يدلي إليه من الخاصية التي لم يشاركه غيره فيها كان أفضل انتهى.

قلت: أحسن من هذا أن يقال إذا لوحظ في الصوم ما فيه من كسر الشهوة وقمع النفس عما تهواه فهو أفضل منها وإن نظر إلى ما في الصلاة من التذلل والخضوع والأذكار فهي أفضل، وإذا نظر إلى ما في الصدقة من نفع الغير ومجاهدة النفس على إخراجها فهي أفضل، فالجهات مختلفة. (هب (3) عن أبي

(1) أخرجه البيهقي في الشعب (229)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3582).

(2)

انظر: المغني (2/ 645) رقم (6097).

(3)

أخرجه البيهقي في الشعب (3593)، وضعفه الألباني (3580).

ص: 94

هريرة) رمز المصنف لصحته.

5185 -

"الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان". (حم طب ك هب) عن ابن عمرو (صح) ".

(الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة) شفاعة حقيقية كما دل له قوله: (يقول الصيام أي رب إني منعته الطعام والشهوات) في نسخة بدله الشراب وهو تحريف. (بالنهار فشفعني فيه) أي نهار رمضان لأن الصوم إذا أطلق فالمراد به الفرض. (ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان) بضم حرف المضارعة وتشديد الفاء وقرن بينهما هنا لأن الصيام غالباً يلازمه القيام. (حم طب ك هب (1) عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته، وقال الهيثمي: إسناده حسن.

(1) أخرجه أحمد في مسنده (2/ 174)، والحاكم (1/ 740)، والبيهقي في الشعب (1994)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3882)، وانظر: قول الهيثمي في المجمع (10/ 693).

ص: 95