الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الغين المعجمة
5735 -
" غبار المدينة شفاء من الجذام". أبو نعيم في الطب عن ثابت بن قيس بن شماس (ض) ".
(غبار المدينة) هي طيبة غلب عليها اسم المدينة كما غلب لفظ البيت على بيت الله الحرام. (شفاء من الجذام) يبرئ من وجد فيه أو يدفعه عن الأجسام التي تجهرت الطبيعة بإبرازه فيها وذلك من بركات سكونه صلى الله عليه وسلم بها ومهاجرته إليها وقد جرب ذلك كما ذكر عن شيخ من المحدثين أنه قال: كان في جسد بعض الناس بياض فكان يخرج إلى البقيع عريانا في السحر ويعود فبرء بذلك الغبار، ولا شك أن كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم صحيح لا ريب فيه، إلا أنه لا يسلم الاستشفاء بما أخبر به من الآيات والأذكار والأحجار إلا بالعزيمة الصادقة والقلب الواثق بصدق ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم كما قدمناه في الجزء الأول. (أبو نعيم (1) في الطب عن ثابت بن قيس بن شماس) رمز المصنف لضعفه.
5736 -
"غبار المدينة يبرئ من الجذام". ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي بكر بن محمَّد بن سالم مرسلاً (ض) ".
(غبار المدينة يبرئ من الجذام) هذا وما قبله لا يعرف وجهه بل يجب الإيمان به والتصديق به وهو لا ينفع من شك فيه أو فعله مجرباً، وقال بعض المحدثين: إنه وجد في نفسه شيئاً من صحة هذه فرأى في يده بياضا قدر الدرهم فأقبل على الله بالدعاء والتضرع وخرج إلى البقيع وأخذ من رمل الروضة ودلك
(1) أخرجه أبو نعيم في الطب (رقم 294)، والديلمي في الفردوس (4281)، والقزوينى في التدوين (3/ 396)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3904)، وقال في ضعيفة (3957): منكر.
به ذلك البياض فذهب. (ابن السني وأبو نعيم معاً في الطب (1) عن أبي بكر بن محمَّد بن سالم مرسلاً) رمز المصنف لضعفه.
5737 -
"غبار المدينة يطفئ من الجذام". الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن إبراهيم بلاغا".
(غبار المدينة يطفئ من الجذام) قال السيد السمهودي: قد شاهدنا من استشفى به وكان قد أضر به فنفعه جداً. (الزبير بن بكار (2) في أخبار المدينة عن إبراهيم بلاغاً) أي أنه قال: بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك.
5738 -
"غبن المسترسل حرام". (طب) عن أبي أمامة.
(غبن المسترسل) غبنه في البيع خدعه، والمسترسل من الاسترسال، والاستئناس الطمأنينة إلى الإنسان والثقة به. (حرام) لا يحل، وهل يفسخ به البيع أو يأثم فقط ويصح البيع؟ فيه خلاف، والحنابلة تثبت الفسخ [3/ 127] وقال داود يبطل، وقال الفريقان: يصح ولا يفسخ به. (طب (3) عن أبي أمامة) سكت المصنف عليه، وقد قال الهيثمي: فيه موسى بن عمير الأعمى كذبه أبو حاتم وغيره وجزم العراقي بضعف الحديث، وقال السخاوي (4): هو ضعيف جداً إلا أن له شواهد.
5739 -
"غبن المسترسل ربا". (هق) عن أنس، وعن جابر وعن علي".
(1) أخرجه ابن السني في الطب (ق 26/ أ)، وأبو نعيم في الطب (رقم 295)، وانظر فيض القدير (4/ 400)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3905).
(2)
أخرجه الزبير بن بكار في أخبار المدينة كما في الكنز (34830)، وانظر فيض القدير (4/ 400)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3906) ضعيف جداً.
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 126)(7576)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 76)، وكشف الخفا (1/ 410)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3907)، وقال في الضعيفة (667): ضعيف جداً.
(4)
انظر المقاصد الحسنة (ص: 292)، وتخريج أحاديث الإحياء (2/ 83).
(غبن المسترسل رباً) أي ما غبنه به مما زاد على القيمة بمنزلة الربا في عدم حل تناوله. (هق (1) عن أنس، وعن جابر وعن علي) رضي الله عنهم سكت المصنف عليه، وقال الذهبي (2): المتهم بوضعه يعيش بن هشام القرقساني راويه عن مالك عن الزهري عن أنس.
5740 -
"غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها". (حم ق هـ) عن أنس (ق ت ن) عن سهل بن سعد (م هـ) عن أبي هريرة (ت) عن ابن عباس (صح) ".
(غدوة في سبيل الله) الغدوة من أول النهار إلى الزوال. (أو روحة) الروحة من الزوال إلى آخر النهار. (خير من الدنيا وما فيها) أي أجرها خير في الآخرة من ذلك أو أنه من أجر من أنفق الدنيا في سبيل الله وما فيها وهذا أجر الغدوة أو الروحة فأجر الجمع بينهما أعظم وأعظم، والحديث حث على الجهاد وإبانة لشرفه على أنواع القرب. (حم ق هـ) عن أنس (ق ت ن) عن سهل بن سعد (م هـ) عن أبي هريرة (ت (3) عن ابن عباس) قال المصنف إنه متواتر ..
5741 -
"غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت". (حم م ن) عن أبي أيوب (صح) ".
(غدوة في سبيل الله) صفة لغدوة ولذا صح الابتداء بها. (أو روحة) أي في
(1) أخرجه البيهقي في السنن (5/ 349)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3908)، وقال في الضعيفة (668): موضوع.
(2)
انظر: المغني (2/ 760).
(3)
أخرجه أحمد (3/ 157)، والبخاري (2792، 2796، 6568)، ومسلم (1880) وابن ماجة (2757) عن أنس، وأخرجه البخاري (2794، 2892، 6415)، ومسلم (1881)، والترمذي (1648)، والنسائي (6/ 15) عن سعل بن سعد، وأخرجه مسلم (1883)، وابن ماجة (2755) عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (1649) عن ابن عباس.
سبيل الله. (خير مما طلعت عليه الشمس وغربت) هو كناية عن الدنيا وما فيها فإنه الذي تطلع عليه الشمس وتغرب فهو كالذي قبله. (حم م ن (1) عن أبي أيوب) ورواه عنه الديلمي وغيره.
5742 -
"غرَّة العرب كنانة، وأركانها تميم، وخطباؤها أسد، وفرسانها قيس، ولله تعالى من أهل الأرض فرسان، وفرسانه في الأرض قيس". ابن عساكر عن أبي ذر الغفاري".
(غرَّة العرب) بضم المعجمة وتشديد الراء بياض في جبهة الفرس، والأغر الأبيض من كل شيء والعرب كما في الصحاح (2) جيل من الناس وهم أهل الأمصار والأعراب سكان البادية والذي عليه العرف العام إطلاق لفظ العرب على الجميع وهو لفظ العرب مشتق من الإعراب وهو البيان أخذ من قولهم أعرب الرجل عن حاجته إذا أبان سمواً بذلك لأن الغالب عليهم البيان والبلاغة وتنقسم العرب إلى عاربة ومستعربة وفي تحقيق ذلك خلاف فالعاربة العرب الأولى الذين فهمهم الله اللغة العربية ابتداء فتكلموا بها فهؤلاء هم العرب العاربة ومن عداهم هم المستعربة وفي ذلك بينهم نزاع. (كنانة) بكسر الكاف هو كنانة بن خزيمة وهو الخامس عشر من آبائه صلى الله عليه وسلم كما في عمود نسبه الكريم كما تقدم في آباء محمَّد إلى آخره، وكان له من الولد اثنى عشر ذكورا أعقبوا في البلاد وعمرت بذرايتهم البلاد ومنهم علماء الإِسلام كالبلقيني وابن حجر الحافظ وغيرهم كما ذكره في نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب (3) والمراد أنهم أشرار العرب، لأن غرة الفرس أشرف. (وأركانها تميم) قبيلة معروفة أي
(1) أخرجه أحمد (5/ 422)، ومسلم (1883)، والنسائي (6/ 15).
(2)
الصحاح (1/ 367).
(3)
نهاية الأرب (1/ 33).
هم أشرف العرب وخيارهم. (وخطباؤها) أهل فصاحتها. (أسد) حي من بني خزيمة العدنانية وهو أسد بن مدركة بن خزيمة، وخزيمة ذكر في عمود نسب النبي صلى الله عليه وسلم كما سلف. قال في العبر: إن بني أسد بطن كبير متسع ذو بطون قال: وبلادهم مما يلي الكرخ من أرض نجد في مجاورة طيء.
واعلم: أن أسداً لفظ مشترك وقع أسماء لجماعة لهم أولاد وبطون منها ما ذكرناه ومنها (1) فإنه أب لحي من قريش منهم خديجة رضي الله عنها والزبير أحد العشرة ومنها غير هذين والله أعلم بمراده صلى الله عليه وسلم منهم. (وفرسانها قيس) هو اسم وقع مشتركا بين سبعة نفر كلهم له عقب وأولاد لهم كثيرة كما عدهم في نهاية الإرب فالله أعلم ممن أراده صلى الله عليه وسلم منهم فيحتمل أنه أراد قيس غيلان قبيلة من مضر من العدنانية فإنهم بطن كبير ذو عدد كثير. (ولله تعالى من أهل الأرض فرسان) جمع فارس من الفراسة بالكسر وهي الحذق بركوب الخيل (وفرسانه في الأرض قيس) ذكر في الأرض لتحقيق الشمول كما في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 38] لا لأن في السماء فرساناً والحديث أفاد أن الله تعالى خص كل قبيلة بفضيلة توزيعا لكمال كل ما اقتضته حكمته (ابن عساكر (2) عن أبي ذر).
5743 -
"غزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر، والذي يسدر في البحر كالمتشحط في دمه في سبيل الله". (هـ) عن أم الدرداء (صحيح المتن) ".
(غزوة في البحر) سواء كان القتال فيه أو كان في البر والعبور إليه من البحر. (مثل عشر غزوات في البر) في الأجر. (والذي يسدر) بسكون المهملة الأولى
(1) بياض في الأصل بمقدار خمسة كلمات.
(2)
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (10/ 2382)، (15/ 2376) عن أبي الدرداء (57/ 390) عن أبي ذر، الديلمي في الفردوس (4912)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3909) موضوع، وفي الضعيفة (1215): باطل.
وفتح الثانية والراء، دوران الرأس. (في البحر كالمتشحط) بالمعجمة فمهملة والتشحط التخبط والاضطراب. (في دمه في سبيل الله) فلذا أعظم أجره بأن جعل دوران رأسه في البحر كالقتل. (هـ (1) عن أم الدرداء) هو صحيح المتن.
5744 -
"غزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر، ومن أجاز البحر فكأنما أجاز الأودية كلها، والمائد فيه كالمتشحط في دمه". (ك) عن ابن عمرو (صح) ".
(غزوة في البحر خير من عشر [3/ 128] غزوات في البر، ومن أجاز البحر) أي جارُه وغيره وتصدق ولو على جوازه في ساعة واحدة. (فكأنما أجاز الأودية كلها) في البر في إحراز الأجر. (والمائد فيه) أي الذابح. (كالمتشحط في دمه). (ك (2) عن ابن عمرو) رمز المصنف لصحته وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح، قال ابن حبان: خالد بن زيد أحد رجاله يروي الموضوعات.
5745 -
"غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم". مالك (حم د ن هـ) عن أبي سعيد (صح) ".
(غسل يوم الجمعة) غسله تقييد غسلا بالفتح وبضم أو بالفتح مصدر وبالضم اسم، فغسل في هذه وما بعده بالفتح ويصح الضم والأول أولى، وبإضافة الغسل إلى اليوم تمسك به من قال الغسل لليوم لا للصلاة، والأصح أنه للصلاة. (واجب) في التأكد للأدلة الدالة على عدم وجوبه كذا قاله الأكثر ومن قال: إنه كان واجبا ثم نسخ فقد أبعد. (على كل محتلم) أي مكلف لأن غالب حصول البلوغ بالاحتلام، والحديث من أدلة الوجوب ويأتي تحقيقه.
(1) أخرجه ابن ماجة (2777)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3910).
(2)
أخرجه الحاكم (2/ 155)، وانظر العلل قول ابن الجوزي في المتناهية (2/ 579)، وابن حبان في المجروحين (1/ 285)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4154).
(حم د ن هـ (1) عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته، ورواه مسلم بلفظ "غسل الجمعة على كل محتلم" قال النووي: كذا وقع في جميع الأصول وليس فيه ذكر "واجب".
5746 -
"غسل يوم الجمعة واجب كوجوب غسل الجنابة". الرافعي عن أبي سعيد (صح) ".
(غسل يوم الجمعة واجب) ثابت لا يترك. (كوجوب غسل الجنابة) هذا من أدلة الوجوب وعليه جماعة واختاره السبكي ونصره ابن دقيق العيد قال: ذهب الأكثر إلى استحباب غسل الجمعة وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر وقد أولوا الأمر على الندب وصيغة الوجوب على التأكيد، كما يقال: إكرامكما علي واجب وهو تأويل ضعيف، إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحا على الظاهر وأقوى ما عارضوا به حديث: "من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت
…
" إلى آخره. ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث وربما يأودوه تأويلا مستكرها.
قلت: ولعله أراد بالمستكره قول من قال: إن واجبًا بمعنى ساقط وجوبه وإن على في قوله "على كل محتلم" بمعنى عن، فإنه لا شك أنه تأويل ساقط، وأن الوجوب هو الظاهر، وكذلك من قال: إن قوله لوجوب الجنابة في صفة الغسل وكيفيته فإنه خلاف ظاهر اللفظ.
(الرافعي (2) عن أبي سعيد) رمز المصنف لصحته.
5747 -
"غسل القدمين بالماء البارد بعد الخروج من الحمام أمان من الصداع". أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة (ض) ".
(1) أخرجه أحمد (3/ 60)، ومسلم (846)، وأبو داود (341)، والنسائي (1/ 93)، وابن ماجة (1089) وانظر شرح النووي على مسلم (13416).
(2)
أخرجه القزويني في التدوين (2/ 246)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3913): موضوع.
(غسل القدمين بالماء البارد بعد الخروج من الحمام أمان من الصداع) الكائن عن بخار الحمام. (أبو نعيم (1) في الطب عن أبي هريرة) رمز المصنف لضعفه.
5748 -
"غسل الإناء وطهارة الفناء يورثان الغنى"(خط) عن أنس".
(غسل الإناء) من آثار الطعام أو قبل وضعه فيها أو فيهما معا. (وطهارة الفناء) نظافة حول الدار كما سلف. (يورثان الغنى) وقيل: أريد بالإناء القلب لحديث "إن لله آنية من أهل الأرض وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين"(2) وبالفناء الصدر وما حول القلب من جنوده، فإن طهارة القلوب فيها الغنى الأكبر، ولا يخفى بُعده. (خط (3) عن أنس) سكت عليه المصنف وفيه شيبان بن فروخ ذكره الذهبي في ذيل الضعفاء والمتروكين (4)، وسعيد بن مسلم (5) قال الذهبي ضعفوه، وعلي بن أحمد (6) الزهري كذبه الخطيب وغيره، وذكر أنه وضع هذا الحديث.
5749 -
"غشيتكم سكرتان: سكرة حب العيش، وحب الجهل، فعند ذلك لا تأمرون بالمعروف ولا تنهون عن المنكر، والقائمون بالكتاب والسنة كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار". (حل) عن عائشة (ض) ".
(غشيتكم السكرتان) أي غطت على بصائركم. (سكرة حب العيش) جعل حب العيش سكرة لأنه يفعل في تخديل العقل وإضعافه عن درك الحقائق، ما
(1) أخرجه أبو نعيم في الطب (رقم 900)، وانظر فيض القدير (4/ 402)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3912) موضوع، وفي الضعيفة (482): باطل.
(2)
أخرجه الطبراني في الشاميين (840).
(3)
أخرجه الخطيب في تاريخه (12/ 92)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3911)، وفي الضعيفة (513): موضوع.
(4)
انظر: المغني (1/ 301).
(5)
انظر الميزان (3/ 229).
(6)
انظر المغني (2/ 443).
يفعل السكر. (وحب الجهل) أي حبكم الأمرين غطاء على البصائر والعقول عن إدراك ما ينفعها فتعمل به وما يضرها فتجتنبه. (فعند ذلك) الغشيان أو الحب أو المذكور. (لا تأمرون بالمعروف) لأنكم لا تعرفونه لجهلكم وشغلكم بالعيش أو لظنكم أنه ينغص عليكم مما تحبون من العيش. (ولا تنهون عن المنكر) لذلك، ولا يقال الجهل عذر لأنه يقال: قد فرطوا بترك التعلم. (والقائمون بالكتاب والسنة) أي بأحكامهما في أي عصر من الأعصار (كالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار) لأنه لا يفضل المهاجرون والأنصار إلا بالقيام بحق الكتاب والسنة، فمن قام بهما كان مثلهم في الأجر والحديث إخبار عن حب الناس للعيش والجهل وأنه يصدهم عن الخير، فهو تحذير عن حبهما وحب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (حل (1) عن عائشة) رمز المصنف لضعفه؛ لأنه قال مخرجه: إنه غريب.
5750 -
"غشيتكم الفتن كقطع الليل المظلم، أنجى الناس فيه رجل صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه، أو رجل أخذ بعنان فرسه من وراء الدروب يأكل من سيفه". (ك) عن أبي هريرة (صح) ".
(غشيتكم الفتن) جمع فتنة وهي مشتركة بين معان كثيرة يقال على الحيرة والإعجاب بالشيء والضلال والكفر والفضيحة والعذاب والإضلال وإذابة الذهب والفضة والجنون والمحبة والمال والأولاد واختلاف [3/ 129] الناس في الآراء ولعله المراد هنا لأنه منشأ كل شر، ويحتمل أن لكل قوم فتنة منهم من فتنته المال والأولاد ومنهم من فتنته الإعجاب بأي شيء فيشغله عما خلق له وعلى هذا وهو الأنسب يجمعها وأن لكل قوم فتنة. (كقطع الليل
(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية (8/ 48)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3914): موضوع، وقال في الضعيفة (3959): ضعيف جداً.
المظلم) قطع بزنة عنب ظلمة آخر الليل أو من أوله إلى ثلثه ووصفه بالمظلم زيادة في تأكيد الظلمة، والمراد أنها مثله في تحير الناس وعدم اهتدائهم إلى وجه الصواب والخلاص وفي غشيانه بالآفاق وعمومه الأقطار. (أنجى الناس) أشدهم نجاة من شرها. (فيه) أي في زمن الفتن الدال عليه السياق. (رجل صاحب شاهقة) يلازمها وهي ذروة الجبل. (يأكل من رسل غنمه) بفتح الراء وسكون المهملة أي مما ترسله وهو اللبن. (أو رجل أخذ بعنان) بكسر المهملة، وعنان السماء بالفتح. (فرسه) ملازم لذلك والمراد به الجهاد بالفرس أو غيرها إلا أنه أتى به على الأغلب. (من وراء الدروب) جمع درب وهي الطريق. (يأكل من سيفه) مما كسبه سيفه من الأموال التي أبيحت أخبر صلى الله عليه وسلم بأنه لا ينجو من الفتن إلا معزل عن الناس في أبعد محل عنهم وعبر بالشاهقة لأنها أبعد محل يتصل به الناس، أو رجل مجاهد يحمي الدروب عن قطاعها، وفي التعرض لذكر ما يأكلانه إعلام بأنه يعز كسب الحلال في زمن الفتن، وبأنه لا يتم الاعتزال والجهاد إلا بإعداد الحلال من الزاد. (ك (1) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي.
5751 -
"غضوا الأبصار، واهجروا الدَّعَارَ، واجتنبوا أعمال أهل النار". (طب) عن الحكيم بن عمير".
(غضوا الأبصار) واحفظوا الأعين من النظر إلى ما لا يحل، قال العراقي: في غض البصر تطهير القلب وتكثير الطاعة.
قلت: قال تعالى في تعليل ذلك: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: 30] أي أنمى للإيمان في قلوبهم.
(واهجروا الدَّعَارَ) بالمهملتين جمع داعر وهو الخبيث المفسد، والمراد
(1) أخرجه الحاكم (4/ 560)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4156)، والصحيحة (1988).
هجرهم والإعراض عنهم كراهة لما يأتون من القبائح، أو المراد هجر أعمالهم ويكون قوله:(واجتنبوا أعمال أهل النار) عطف تفسير له أو عطف للأعم على الأخص فإنه نهي عن كل معصية. (طب (1) عن الحكيم بن عمير) سكت عليه المصنف، وفيه عيسى بن إبراهيم بن طهمان الهاشمي، قال في الميزان عن البخاري والنسائي: منكر الحديث، وعن أبي حاتم متروك، وساق له أخبارا هذا منها.
5752 -
"غط فخذك؛ فإن فخذك عورة". (ك) عن محمَّد بن عبد الله بن جحش (صح) ".
(غط فخذك) يا معمر (2). (فإن الفخذ عورة) والعورة يجب تغطيتها، قال النووي: ذهب الأكثر إلى أن الفخذ عورة، وعن أحمد ومالك في رواية أن العورة السوءتان فقط وعليه الظاهرية. (ك (3) عن محمَّد بن عبد الله بن جحش) قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان فذكره رمز المصنف عليه بالصحة، قال ابن حجر: رجاله رجال الصحيح.
5753 -
"غط فخذك؛ فإن فخذ الرجل من عورته". (حم ك) عن ابن عباس (صح) ".
(غط فخذك) أي بثوبك. (فإن فخذ الرجل) وأولى منه المرأة. (من عورته) وقد ثبت وجوب ستر العورة. (حم ك (4) عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته،
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (4269)، وابن عدي في الكامل (5/ 250)، وانظر الميزان (5/ 371)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3915)، والضعيفة (3960): موضوع.
(2)
الإصابة (6/ 188).
(3)
أخرجه الحاكم (3/ 738)، وانظر الدراية لابن حجر (2/ 227)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4157).
(4)
أخرجه أحمد (1/ 275)، والحاكم (4/ 200)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4158).
قال الحاكم: صحيح، وأقره الذهبي في التلخيص، لكن قال في التنقيح (1): فيه ضعف.
5754 -
"غطوا حرمة عورته؛ فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير، ولا ينظر الله إلى كاشف العورة". (ك) عن محمَّد بن عياض الزهري (صح) ".
(غطوا حرمة عورته) أي ما يحرم منها، والضمير للصبي. (فإن حرمة عورة الصغير كحرمة عورة الكبير) ظاهر في أن عورة الصبي يحرم النظر إليها في أي سن كان يشتهى أو لا يشتهى. (ولا ينظر الله إلى كاشف عورة) لأنه فاعل محرم. (ك (2) عن محمَّد بن عياض الزهري) قال رُفِعتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى خرقة لم توارَ عورتي فذكره، رمز المصنف لصحته وتعقبه الذهبي بأن إسناده مظلم ومتنه منكر، ولم يذكروا محمَّد بن عياض في الصحابة (3).
5755 -
"غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، فإن من السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء لم يغط أو سقاء لم يوكأ إلا وقع فيه من ذلك الوباء". (حم م) عن جابر (صح) ".
(غطوا الإناء) تقدم ويأتي "ولو بأن يعرض عليه عوداً". (وأوكئوا السقاء) شدوا فمه بالرباط وذلك مع ذكر اسم الله كما سلف، قال القرطبي (4): هذا الباب من الإرشاد إلى المصلحة الدنيوية نحو: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]، وليس الأمر قصد به الإيجاب وغايته بأن يكون من باب الندب انتهى.
قلت: بل الظاهر الإيجاب لأنه علله بقوله صلى الله عليه وسلم. (فإن في السنة ليلة ينزل فيها
(1) انظر: تنقيح التحقيق للذهبي (2/ رقم 440)، وفيه: أبو يحيى ضعيف.
(2)
أخرجه الحاكم (3/ 288)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3916)، والضعيفة (1735): موضوع.
(3)
انظر: الإصابة (6/ 30)، وذكر هذا الحديث وقال: وفي السند مع ابن لهيعة غيره من الضعفاء.
(4)
المفهم (3/ 377).
وباء) الوباء بالهمزة والقصر والمد: الطاعون والمرض العام. (لا يمر بإناء لم يغط ولا سقاء لم يوكأ إلا وقع فيه من ذلك الوباء) وتجنب المضار واجب [3/ 130] فإنه لا يحل تحسي السم والتردي من شاهق ونحوه وهذا منه، والليلة هذه مجهولة في السنة كلها فتحترز عنها، وقال الأعاجم: إنها في كانون الأول وقيل آخر ليلة من السنة الرومية. (حم م (1) عن جابر) وفي رواية لمسلم "يوماً" بدل ليلة.
5756 -
"غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، وأطفئوا السراج؛ فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح باباً، ولا يكشف إناءة فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل؛ فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم". (م هـ) عن جابر (صح) ".
(غطوا الإناء) عام لكل إناء فيه شيء مأكول ومشروب أولاً، إلا أن الظاهر أنه خاص بما فيه ذلك، وقيل: إنه يكفى الإناء الفارغ على فمه. (وأوكئوا السقاء، وأغلقوا الأبواب) عام لأبواب كل منزل. (وأطفئوا السراج) ومثله النار إلا أن العلة تقضي بتخصيص السراج ونحوه مما يسلط عليه الفويسقة (فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابا، ولا يكشف إناء) علة للأوامر الأول وتقدم التعليل بالاحتراز عن الوباء ولا يعارض بجواز تعدد العلل ولم ينشر على ترتيب اللف. (فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض) ضبطه الأصمعي بضم الراء قال القرطبي (2): وهو الوجه لا أنه بكسرها أي بصيغة تعرضه.
(على إنائه عوداً) أفاده أنه يجزئ تغطية بعض الإناء لفقد ما يغطيه كله. (ويذكر اسم الله) عطف على يعرض والمراد بذكر اسم الله في هذا وما قبله وإن
(1) أخرجه أحمد (3/ 355)، ومسلم (2014).
(2)
انظرت المفهم (5/ 281) وفيض القدير (4/ 404).
كان ظاهراً في عوده إلى العرض، قال ابن العربي: هذا من القدرة التي لا يؤمن بها إلا الموحد وهو أن الشيطان يتصرف في الأمور الغريبة العجيبة ويتولج في المسام الضيقة ويعجز بالذكرى (1) عن حل الوكاء والغلق وعن التولج من سائر الأبواب والمنافذ. (فليفعل؛ فإن الفويسقة) الفأرة سماها بذلك للذم لوجود معنى الفسق فيها وهو الخروج من شيء إلى غيره. (تضرم) بضم حرف المضارعة وسكون الضاد المعجمة من أضرم النار أوقدها. (على أهل البيت) الذي فيه السراج غير طاف. (بيتهم) بجرها الفتيلة فتفسد ما يتصل به وقد أفاد أن ذكر الله يحول بين الشيطان وبين فعل هذه الأشياء وقضيته أنه يتمكن إذا لم يذكر الله تعالى وقد تردد ابن دقيق العيد في ذلك فقال: يحتمل أن يجعل قوله: "فإن الشيطان
…
" إلى آخره. على عمومه ويحتمل تخصيص ما ذكر اسم الله عليه، ويحتمل أن يكون المنع من الله بأمر خارج عن جسمه، قال والحديث دال على منع دخول الشيطان الخارج لا الداخل فيكون ذلك لتحقيق المفسدة لا لرفعها، ويحتمل كون التسمية من الله ابتداء الإغلاق إلى تمامه. (م هـ (2) عن جابر وتقدم معناه مراراً).
5757 -
"غِفَار غفر الله لهم، وأسلم سالمها الله، وعُصَيَّةُ عصت الله ورسوله". (حم ق ت) عن ابن عمر (صح) ".
(غِفَار) بكسر المعجمة وتخفيف الفاء بطن من جاسم من العماليق وهم بنوا غفار بن جاسم بن عمليق. (غفر الله لها) ذنب سرقة الحاج في الجاهلية. (وأسلم سالمها الله) أي صالحها لدخولها في الإِسلام طوعا بغير حرب وهو يحتمل في اللفظين الدعاء والإخبار وقوله: (وعُصَيَّةُ) مصغر عصا بطن من بني
(1) هكذا في الأصل ولعل صوابه بالذكر أي البسملة.
(2)
أخرجه مسلم (2012)، وابن ماجة (3410).
سليم. (عصت الله ورسوله) يؤيد أنه في الأولين خبر كما أنه في الثالث كذلك، والحديث فضيلة لغفار وأسلم وتقبيح لحال عصية، وفيه إبانة في التأثير لبئس الأسماء في المسميات وأنه لا يوضع الاسم إلا بالعام وإلا فالعقل يقصر عن إدراك شيء من ذلك لأنه علم غيب. (حم ق ت (1) عن ابن عمر).
5758 -
"غفر الله لرجل ممن كان قبلكم: كان سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا اقتضى". (حم ت هق) عن ابن عمر (صح) ".
(غفر الله لرجل ممن كان قبلكم) ظاهره الإخبار (كان سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا اقتضى) قال ابن العربي: السهل والسمح ينظران من مشكاة واحدة ويجريان على سنن واحد ويتعلقان بمتعلق واحد وقوله: "ممن كان قبلكم" كالحث لنا على أمثال ذلك لعل الله أن يغفر لنا، وتمسك بالحديث من جعل شرع من قبلنا شرعًا لنا لأنه تعالى ذكره لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ذكراً أو وعظاً، والحديث أصل في تكفير السيئات بالحسنات وتمسك به من فضل الغنى على الفقر قالوا: إذا كان هذا الغفران بمجرد المساهلة فكيف من تصدق وأطعم الجياع وكسى العراة. (حم ت هق (2) عن ابن عمر) (3) رمز المصنف لصحته ذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال: حديث حسن.
5759 -
"غفر الله عز وجل لرجل أماط غصن شوك عن الطريق ما تقدم من ذنبه وما تأخر". ابن زنجويه عن أبي سعيد وأبي هريرة".
(غفر الله عز وجل لرجل أماط) أي أزال. (غصن شوك عن الطريق) والحديث إخبار لا إنشاء دعاء لما عند أحمد من حديث أنس: أن شجرة كانت
(1) أخرجه أحمد (2/ 117)، والبخاري (3513)، ومسلم (2518)، والترمذي (3941).
(2)
أخرجه أحمد (3/ 340)، والترمذي (1320)، والبيهقي في السنن (5/ 357)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4162).
(3)
هكذا في المخطوطة وجاء في الجامع عن جابر.
على طريق الناس تؤذيهم فأتى رجل فعزلها فغفر له. (مما تقدم من ذنبه) عن عزلها. (وما تأخر) عنه، قال ابن العربي: هذا بأن تكون اعتدلت كفتا أعماله فلما وضعت في كفة الحسنات إماطته رجحت الكفة وكأن ذلك علامة على المغفرة انتهى.
قيل: ولا حاجة إلا هذا بل الكريم تعالى يجازي على القليل بالكثير ولهذا قال جماعة عقب الحديث: أن قليل الخير يحصل [3/ 131] به كثير الأجر، والحديث حث على الإحسان إلى العباد وإزالة ما يؤدي والإعانة على نفعهم وأنه لا يستقل من أعمال الخير شيئاً. (ابن زنجويه (1) عن أبي سعيد وأبى هريرة) رواه أبو الشيخ والديلمي.
5760 -
"غُفِرَ لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس رَكِيٍّ يلهث كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك". (خ) عن أبي هريرة (صح) ".
(غُفِرَ) بالبناء للمجهول. (لامرأة) لم تسم. (مومسة) بضم الميم الأولى وكسر الثانية وهي الفاجرة (مرت بكلب على رأس رَكِيٍّ) بفتح الراء وتشديد الياء البئر. (يلهث) بمثلثة يخرج لسانه (من شدة العطش) كاد يقتله العطش (فنزعت خفها) من رجلها. (فأوثقته بخمارها) بالمعجمة بزنة كتاب ما يغطى به الرأس أي شدته به. (فنزعت له من الماء) فسقته. (فغفر لها) فجورها (بذلك) أي بسبب سقيها للكلب، وفيه أن الكبائر تغفر بحقير الأعمال فضلاً من الله سبحانه، قال ابن العربي: وهذا يحتمل أنه كان قبل النهي عن قتل الكلاب، ويحتمل أنه كان بعده فإن كان بعده فليس بناسخ لأنه إنما أمر صلى الله عليه وسلم بقتل كلاب المدينة دون البوادي على أنه وإن وجب قتله يجب سقيه ولا يجمع عليه بين حر العطش
(1) أخرجه الديلمي في الفردوس (3/ 99)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3917).
وحر الموت فإنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بقتل اليهود شكوا العطش فقال: "لا تجمعوا عليهم حر السيف والعطش" فسقوا.
قلت: ظاهر الحديث أنه إخبار عن واقعة اتفقت في غير شرعنا فيما نقدمه، والأمر بالقتل إنما اتفق في شرعنا وهذه بخلاف المرأة التي دخلت النار في هرة كما سبق في حرف الدال المهملة، فهذه الحيوانات سبب لأجر العبد أو وزره. (خ (1) عن أبي هريرة).
5761 -
"غفر الله عز وجل لزيد بن عمرو ورحمه؛ فإنه مات على دين إبراهيم". ابن سعد عن سعيد بن المسيب مرسلا (صحيح الإسناد) ".
(غفر الله عز وجل لزيد بن عمرو) يعني ابن نفيل بن عبد العزى الذي طلب الحنفية قبيل مبعثه صلى الله عليه وسلم وسبق في الدال المهملة إخباره صلى الله عليه وسلم أنه رأى له في الجنة درجتين وقدمنا هنالك شيئا من شعره وحاله والمغفرة تغطية الذنب بقوله: (ورحمه) أي بإدخاله الجنة وإكرامه بأنواع الكرامات. (فإنه مات على دين إبراهيم) علة المغفرة والرحمة وفيه دليل أنه لم يدرك البعثة فإنه لو أدركها لكان علة المغفرة إسلامه واتباعه له صلى الله عليه وسلم وقد قدمنا عن الزين العراقي أنه قال: ينبغي أن يقال أنه أول من آمن من الرجال بناء على إدراكه البعثة إيمانه به صلى الله عليه وسلم ويمكن أن يقال أن اتباعه دين إبراهيم من جملة الإيمان به صلى الله عليه وسلم قبل وجوده أو بعده، وفيه دليل على أن أهل الجاهلية كانوا متعبدين بدين إبراهيم. (ابن سعد (2) عن سعيد بن المسيب مرسلاً) فيما قوبل على خط المصنف أنه: صحيح الإسناد.
5762 -
"غِلَظُ القلوب والجفاء في أهل المشرق، والإيمان والسكينة في أهل الحجاز". (حم م) عن جابر (صح) ".
(1) أخرجه البخاري (3321، 3467).
(2)
أخرجه ابن سعد (3/ 381)، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3978)، وفي الصحيحة (4143): موضوع.
(غِلَظُ) بكسر المعجمة وفتح اللام. (القلوب) قسوتها ونتوءها عن الحق. (والجفاء) الجفاء بالجيم قال القرطبي (1): هما بمعنى واحد ويحتمل أن المراد بالجفاء أن القلب لا يميل لموعظة ولا يخشع لتذكرة، والمراد بالغلظ أنها لا تفهم المراد ولا تعقل المعنى. (في أهل المشرق) أي سكان الجهات الشرقية، قال النووي (2): كان ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم ويكون حين يخرج الدجال وهو فيما بين ذلك منشأ الفتن العظيمة ومثار الترك الغاشمة الغاشية. (والإيمان والسكينة) الطمأنينة والسكون. (في أهل الحجاز) هو من جزيرة العرب فإنها تشتمل على خمسة أقسام: تهامة، ونجد، والحجاز، وعروض، ويمن، فالحجاز هو ما بين نجد وتهامة وهو جبل فقيل من اليمن حتى يتصل بالشام سمي حجازا لحجزه بين نجد وتهامة، هذا ولا يعارضه حديث:"الإيمان يمان" لأنه ليس فيه النفي عن غيرهم، قاله ابن الصلاح. (حم م (3) عن جابر) قال الهيثمي: وهو في الصحيح يعني صحيح البخاري باختصار.
5763 -
"غنيمة مجالس أهل الذكر الجنة"(حم طب) عن ابن عمرو (ح) ".
(غنيمة مجالس أهل الذكر) أي الذي يغنمه من يجلس في مجالس ذكر الله تعالى وذكره تعالى ينقسم إلى ذكر بالقلب واللسان وهو أعلى درجاته وبالقلب فقط وهو الثانية، واللسان فقط مع غفلة القلب وهو أدنى مراتبه (الجنة) خبر قوله غنيمة. (حم طب (4) عن ابن عمرو) رمز المصنف لحسنه، قال الهيثمي: وإسناد أحمد حسن.
(1) تفسير القرطبي (1/ 482).
(2)
شرح النووي على مسلم (2/ 34).
(3)
أخرجه مسلم (53)، وأحمد (3/ 33).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 190)، والطبراني في مسند الشاميين (1325)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (10/ 53)، وضعفه الألباني (3919) في ضعيف الجامع وصححه في الصحيحة (3335).
5764 -
"غَيْرَ الدجال أخوف على أمتي من الدجال: الأئمة المضلون". (حم) عن أبي ذر (صح) ".
(غَيْرَ الدجال أخوف على أمتي) قال أبو البقاء: ظاهر اللفظ يدل على أن غير الدجال هو المخاف وليس معناه هذا إنما معناه أني أخاف على أمتي من غير الدجال أكثر مما أخاف منه ثم ذكر تأويلا للحديث غير واضح ولا يخفى [3/ 132] أن أخوفه بمعنى أكثر خائفية وأنه من باب ألوم وأشغل، والمعنى أني من غير الدجال أشد خوفا عليكم. (من الدجال) والمعنى واضح يفيد خوفه من الدجال كما يقتضيه اسم التفضيل، واسم التفضيل هنا من الثلاثي من المبني للمجهول وقوله:(الأئمة المضلون) خبر غير، وفي رواية "الأئمة المضلين" بالنصب على أنه بتقدير أعني، وتقدم أن آفة الدين ثلاثة: أحدهم الإِمام الجائر وتقدم عليه الكلام، قال ابن العربي: وهذا لا ينافي حديث: "لا فتنة أعظم من فتنة الدجال" لأن هذا قاله لأصحابه لإزالة الذي خافه عليهم أقرب من الدجال، فالقريب المتيقن وقوعه لمن يخاف عليه أشبه الخوف منه على البعيد المظنون وقوعه ولو كان أشد.
قلت: وكأنه أراد بالمظنون وقوعه أي اتصاله بهم وإلا فإن خروج الدجال معلوم الوقوع لا مظنونه. (حم (1) عن أبي ذر) رمز المصنف لصحته، قال الحافظ العراقي: سنده جيد ورواه مسلم (2) في آخر الصحيح بلفظ: "غير الدجال أخوفني عليكم" ثم ذكر حديثاً طويلاً.
5765 -
"غَيْرتان إحداهما يحبها الله، والأخرى يبغضها الله تعالى ومَخْيَلَتَان إحداهما يحبها الله، والأخرى يبغضها الله: الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في
(1) أخرجه أحمد (5/ 145)، وانظر قول العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 38)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4165)، وفي الصحيحة (1989).
(2)
أخرجه مسلم (2937).
غير ريبة يبغضها الله، والمَخْيَلةُ إذا تصدق الرجلُ يحبها الله، والمخيلة في الكبر يبغضها عز وجل". (حم طب ك) عن عقبة بن عامر (صح) ".
(غَيْرتان) بفتح المعجمة تثنية غيرة وهي الحمية والأنفة (إحداهما يحبها الله) أي يحب من اتصف بها لا أنه يحبها لذاتها. (والأخرى يبغضها الله تعالى) كذلك. (ومخيَلَتان) تثنية مخيلة وهي الخيلاء (أحدهما يحبها الله) ويثيب على فعلها ويحمد فاعلها. (والأخرى يبغضها الله) وهذا لف للأمور الأربعة والتركيب كله من التوسيع. (الغيرة في الريبة يحبها الله) قال ابن حجر: هذا الحديث ضابط الغيرة التي يلام صاحبها والتي لا يلام فيها قال وهذا التفضيل يتمحض في حق الرجال لضرورة اجتماع زوجين لمرأة بطريق الحل وأما المرأة فحيث غارت من زوجها في ارتكاب محرم كزنا أو نقص حق وجور عليها لضرة وتحققت ذلك أو ظهرت القرائن فيه فهي غيرة مشروعة فلو وقع بمجرد توهم من غير ريبة فهي الغيرة في غير الريبة وأما إذا كان الزوج مقسطاً عدلاً وافياً نحو كل من زوجتيه فالغيرة إن كانت لما في الطباع البشرية التي لا يسلم منها أحد من النساء فتعذر فيها ما لم تتجاوز إلى ما حرم عليها من قول أو فعل وعليه يحمل ما جاء عن السلف الصالح (1) من ذلك كعائشة وزينب رضي الله عنهما وقد عرف معنى قوله: (والغيرة في غير ريبة يبغضها الله، والمَخْيَلةُ إذا تصدق الرجلُ يحبها الله) لأن الإنسان يجد رائحة السخاء فيعطيها طيبة بها نفسه ولا يستكثر كثيراً ولا يعطي شيئاً إلا وهو مستقل له. (والمخيلة في الكبر يبغضها عز وجل لأنه يبغض الكبر كله. (حم طب ك (2) عن عقبة بن عامر) رمز
(1) فتح الباري (9/ 326).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 154)، والطبراني في الكبير (17/ 340)(939)، والحاكم (1/ 578)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (4/ 329)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3920)، وفي الضعيفة (3962).
المصنف لصحته؛ لأنه قال الحاكم صحيح وأقرَّه الذهبي، وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح.
5766 -
"غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود". (حم ن) عن الزبير (ت) عن أبي هريرة (صح) ".
(غيروا الشيب) بالخضاب بغير السواد بل بالحناء والكتم. (ولا تشبهوا باليهود) فإنهم لا يخضبون الشيب فقد نهى عن التشبه بهم في أي خصلة من الخصال وأجمعت الأمة على ذلك، قال ابن تيمية (1): أمر بمخالفتهم وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمرا مقصودا للشارع لأنه إن كان الأمر بجنس المخالفة حصل المقصود وإن كان الأمر بها في تغيير الشيب فقط فهو لأجل ما فيه من المخالفة فالمخالفة إما علة مفردة أو علة أخرى أو بعض علة وكيف ما كان يكون مأمورا بها مطلوبة من الشارع لأن الفعل المأمور به وعبر عنه بلفظ مشتق من معنى أعم من ذلك الفعل فلابد أن يكون ذلك الاشتقاق مما فيه أمرا مطلوبا سيما إن ظهر لنا أن المعنى المشتق منه مناسب للحكمة. (حم ن (2) عن الزبير، ت (3) عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته، قال الشارح: وهو فيه تابع للترمذي لكن فيه عمرو بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (4)، قال في الميزان: ضعفه ابن معين.
5767 -
"غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى". (حم حب) عن أبي هريرة (صح) ".
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 50).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 165)، والنسائي (5/ 415)، وصححه الألباني في صحيح الجامع. (4167)، وحسنه في الصحيحة (836).
(3)
أخرجه الترمذي (1752).
(4)
انظر الميزان (5/ 318).
(غيروا الشيب) قالوا الأمر للندب قال الزين العراقي: في توجيه كونه للندب وخروجه عن الوجوب أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يختضب انتهى، قيل: وفيه نظر فما كان يأمر بشيْ إلا كان أول آخذ به، قلت: قد عرف أنه صلى الله عليه وسلم لم يظهر عليه الشيب حتى يحتاج إلى الخضاب فإنه لا يخضب إلا ما ظهر لونه وغلب لون السواد. (ولا تشبهوا باليهود والنصارى) فإنهم لا يختضبون أو أنهم يخضبون بغير ما أذن فيه وأبيح به الخضاب، قال العراقي: الأول أظهر لحديث: "إن اليهود والنصارى لا يخضبون فخالفوهم" قيل: يدل بالثاني حديث: "السواد خضاب الكافر" وأجيب بأنه لا [3/ 133] يلزم من ذكر الكافر دخول اليهود والنصارى فيه. (حم حب (1) عن أبي هريرة)، رمز المصنف لصحته.
5768 -
"غيروا الشيب، ولا تُقَربُوه السَّواد". (حم) عن أنس (صح) ".
(غيروا الشيب) والمراد في الأحاديث كلها شيب اللحية ويحتمل مطلق الشيب فيشمل الرأس وغيره من الشعر ويدل لذلك أنه قاله صلى الله عليه وسلم لما أتى إليه بأبي قحافة يوم الفتح كأن رأسه ولحيته ثغامة بيضاء، قال ابن حجر (2): يستحب الخضاب إلا أن يكون عادة لأهل بلدة أنهم لا يخضبون فإنه ينفرد به عنهم يصير في مقام الشهرة فالترك أولى. (ولا تُقَرِبُوا السَّواد) لما سلف. (حم (3) عن أنس)، رمز المصنف لصحته وعزاه في الفردوس وغيره إلى مسلم.
(1) أخرجه أحمد (2/ 261)، وابن حبان في صحيحه (12/ 278)(5473)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4168)، وفي الصحيحة (836).
(2)
فتح الباري (10/ 355).
(3)
أخرجه أحمد (3/ 247)، والديلمي في الفردوس (4272).