الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا جَاءَ فِي مَقْبَرَةِ مَكَّةَ وَفَضَائِلِهَا قَالَ جَدِّي: لَا نَعْلَمُ بِمَكَّةَ شِعْبًا يَسْتَقْبِلُ نَاحِيَةً مِنَ الْكَعْبَةِ لَيْسَ فِيهِ انْحِرَافٌ إِلَّا شِعْبَ الْمَقْبَرَةِ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْكَعْبَةِ كُلَّهُ مُسْتَقِيمًا
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، أَخْبَرَنَا الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي خِدَاشٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نِعْمَ الْمَقْبَرَةُ هَذِهِ» مَقْبَرَةُ أَهْلِ مَكَّةَ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قُبِرَ فِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ بُعِثَ آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي مَقْبَرَةَ مَكَّةَ "
وَأَخْبَرَنِي جَدِّي، عَنِ الزَّنْجِيِّ، قَالَ: " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي شِعْبِ أَبِي دُبٍّ، مِنَ الْحَجُونِ إِلَى شِعْبِ الصَّفِيِّ صَفِيِّ السِّبَابِ، وَفِي الشِّعْبِ اللَّاصِقِ بِثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ الَّذِي هُوَ مَقْبَرَةُ أَهْلِ مَكَّةَ الْيَوْمَ، ثُمَّ تَمْضِي الْمَقْبَرَةُ مُصْعِدَةً لَاصِقَةً بِالْجَبَلِ إِلَى ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ بِحَائِطِ خُرْمَانَ، وَكَانَ يَدْفِنُ فِي الْمَقْبَرَةِ الَّتِي عِنْدَ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ آلُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أَبِي
أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَفِيهَا دُفِنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما، وَمَاتَ بِمَكَّةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَقَدْ أَتَتْ لَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ، وَكَانَ نَازِلًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ فِي دَارِهِ، وَكَانَ صَدِيقًا لَهُ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَاهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ بِمَكَّةَ وَالِيًا بَعْدَ مَقْتَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ لَيْلًا عَلَى رَدْمِ آلِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ بَابِ دَارِهِمْ، وَدَفَنَهُ فِي مَقْبَرَتِهِ هَذِهِ عِنْدَ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ بِحَائِطِ خُرْمَانَ، وَيَدْفِنُ فِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ مَعَ آلِ أَسِيدٍ آلُ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَخْزُومٍ، وَهُمْ يَدْفِنُونَ فِيهَا جَمِيعًا إِلَى الْيَوْمِ، وَشِعْبِ أَبِي دُبٍّ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ الْجَزَّارُونَ بِمَكَّةَ بِالْمَعْلَاةِ، وَأَبُو دُبٍّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُوَاةَ بْنِ عَامِرٍ، سَكَنَهُ فَسُمِّيَ بِهِ، وَعَلَى فَمِ هَذَا الشِّعْبِ سَقِيفَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ بَنَاهَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَنَزَلَهَا حِينَ انْصَرَفَ مِنَ الْحَكَمَيْنِ، وَقَالَ: أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ - يَعْنِي أَهْلَ الْقُبُورِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ أَنَّ فِيَ هَذَا الشِّعْبِ قَبْرَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبْرُهَا فِي دَارِ رَائِعَةَ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا، ثُمَّ تَخَطَّى الْقُبُورَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا، فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَنَاجَاهُ طَوِيلًا، ثُمَّ ارْتَفَعَ صَوْتُهُ يَنْتَحِبُ بَاكِيًا، فَبَكَيْنَا لِبُكَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ إِلَيْنَا، فَتَلَقَّاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: مَا الَّذِي أَبْكَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَدْ أَبْكَانَا وَأَفْزَعَنَا ، فَأَخَذَ بِيَدِ عُمَرَ، ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَيْنَا فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ:«أَفْزَعَكُمْ بُكَائِي؟» فَقُلْنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ الْقَبْرَ الَّذِي رَأَيْتُمُونِي أُنَاجِيهِ قَبْرُ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، وَإِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي زِيَارَتِهَا فَأَذِنَ لِي، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أَوْلِي قُرْبَى} [التوبة: 113] الْآيَةَ
⦗ص: 211⦘
، {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] الْآيَةَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَأَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ الْوَلَدُ لِلْوَالِدِ مِنَ الرِّقَّةِ، فَذَلِكَ الَّذِي أَبْكَانِي، أَلَا إِنِّي قَدْ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَأَكْلِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَعَنْ نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا، وَتُذَكِّرُ الْآخِرَةَ، وَكُلُوا مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ، وَادَّخِرُوا مَا شِئْتُمْ، فَإِنَّمَا نَهَيْتُ إِذِ الْخَيْرُ قَلِيلٌ، فَوَسَّعَهُ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ، أَلَا وَإِنَّ وِعَاءً لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ايتُوا مَوْتَاكُمْ، فَسَلِّمُوا عَلَيْهِمْ - أَوْ صَلُّوا - شَكَّ الْخُزَاعِيُّ - فَإِنَّ لَكُمْ عِبْرَةً» قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَرَأَيْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَزُورُ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، مَاتَ بِالْحَبَشِيِّ، فَلَمْ يُحْمَلْ إِلَى مَكَّةَ، وَالْحَبَشِيُّ جَبَلٌ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْهَا، وَفِي هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ:
[البحر الخفيف]
كَمْ بِذَاكَ الْحَجُونِ مِنْ حَيِّ صِدْقٍ
…
مِنْ كُهُولٍ أَعِفَّةٍ وَشَبَابِ
سَكَنُوا الْجِزْعَ جِزْعَ بَيْتِ أَبِي مُوسَى
…
إِلَى النَّخْلِ مِنْ صَفِيِّ السِّبَابِ
أَهْلُ دَارٍ تَبَايَعُوا لِلْمَنَايَا
…
مَا عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَهُمْ مِنْ عِتَابِ
فَارَقُونِي وَقَدْ عَلِمْتُ يَقِينًا
…
مَا لِمَنْ ذَاقَ مَيْتَةً مِنْ إِيَابِ،
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: فَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ فِي جَنْبَتَيِ الْوَادِي يُمْنَةً وَشَامَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ حَوَّلَ النَّاسُ جَمِيعًا قُبُورَهُمْ فِي الشِّعْبِ الْأَيْسَرِ لِمَا جَاءَ مِنَ الرِّوَايَةِ فِيهِ، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«نِعْمَ الشِّعْبُ، وَنِعْمَ الْمَقْبَرَةُ» فَفِيهِ الْيَوْمَ قُبُورُ أَهْلِ مَكَّةَ إِلَّا آلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَآلَ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَهُمْ يَدْفِنُونَ فِي الْمَقْبَرَةِ الْعُلْيَا بِحَائِطِ خُرْمَانَ