الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا جَاءَ فِي الْعُيُونِ الَّتِي أُجْرِيَتْ فِي الْحَرَمِ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رحمه الله قَدْ أَجْرَى فِي الْحَرَمِ عُيُونًا، وَاتَّخَذَ لَهَا أَخْيَافًا، فَكَانَتْ حَوَائِطَ وَفِيهَا النَّخْلُ وَالزَّرْعُ، مِنْهَا حَائِطُ الْحَمَّامِ، وَلَهُ عَيْنٌ، وَهُوَ مِنْ حَمَّامِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي بِالْمَعْلَاةِ إِلَى مَوْضِعِ بِرْكَةِ أُمِّ جَعْفَرٍ
، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ السَّاعَةَ يُقَالُ لَهُ حَائِطُ الْحَمَّامِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ حَائِطَ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْحَمَّامَ كَانَ فِي أَسْفَلِهِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: وَحَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ نَضْلَةَ، قَالَ:" قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَكَّةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَقْطِعْنِي خَيْفَ الْأَرِينِ حَتَّى أَمْلَأَهُ عَجْوَةً فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: نَعَمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، فَقَالَ: دَعُوهُ فَلْيَمْلَأْهُ، ثُمَّ لْيَنْظُرْ أَيُّنَا يَأْكُلُ جَنَاهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ السُّلَمِيَّ فَتَرَكَهُ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَدَّعِيهِ، فَكَانَ مُعَاوِيَةُ بَعْدُ هُوَ الَّذِي عَمِلَهُ وَمَلَأَهُ عَجْوَةً قَالَ: وَكَانَ لَهُ مَشْرَعٌ يَرِدُهُ النَّاسُ " وَمِنْهَا حَائِطُ عَوْفٍ، مَوْضِعُهُ مِنْ زُقَاقِ خَشَبَةِ دَارِ مُبَارَكٍ التُّرْكِيِّ، وَدَارِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَهُمَا الْيَوْمَ مِنْ حَقِّ أُمِّ جَعْفَرٍ، وَدَارِ مَالِ اللَّهِ، وَمَوْضِعِ الْمَاجِلَيْنِ مَاجِلَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ الَّذِي بِأَصْلِ الْحَجُونِ، فَهَذَا كُلُّهُ مَوْضِعُ حَائِطِ عَوْفٍ إِلَى الْجَبَلِ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ تَسْقِيهِ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ، وَكَانَ لَهُ مَشْرَعٌ يَرِدُهُ النَّاسُ وَمِنْهَا حَائِطٌ يُقَالُ لَهُ الصَّفِيُّ، مَوْضِعٌ مِنْ دَارِ زَيْنَبَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ الَّتِي صَارَتْ لِعَمْرِو بْنِ مَسْعَدَةَ، وَالدَّارِ الَّتِي فَوْقَهَا إِلَى دَارِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الَّتِي بِأَصْلِ نَزَّاعَةَ الْمَشْوَى، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ
، وَكَانَ لَهُ مَشْرَعٌ يَرِدهُ النَّاسُ، يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ:
[البحر الخفيف]
سَكَنُوا الْجِزْعَ جِزْعَ بَيْتِ أَبِي مُوسَى
…
إِلَى النَّخْلِ مِنْ صَفِيِّ السِّبَابِ
وَمِنْهَا حَائِطٌ يُقَالُ لَهُ حَائِطُ مُوَرِّشٍ، وَمُوَرِّشٌ كَانَ قَيِّمًا عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَدَارِ لُبَابَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، وَدَارِ ابْنِ قُثَمَ اللَّوَاتِي بِفَمِ شِعْبِ الْخُوزِ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ وَمَشْرَعٌ يَرِدُهُ النَّاسُ إِلَى الْيَوْمِ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ وَالزَّرْعُ حَدِيثًا مِنَ الدَّهْرِ عَلَى طَرِيقِ مِنًى وَطَرِيقِ الْعِرَاقِ وَمِنْهَا حَائِطُ خُرْمَانَ، وَهُوَ مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ إِلَى بُيُوتِ جَعْفَرٍ الْعَلْقَمِيِّ، وَبُيُوتِ ابْنِ أَبِي الرِّزَامِ، وَمَاجِلُهُ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ وَالزَّرْعُ حَدِيثًا مِنَ الدَّهْرِ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ وَمَشْرَعٌ يَرِدُهُ النَّاسُ وَمِنْهَا حَائِطُ مُقَيْصِرَةَ، وَكَانَ مَوْضِعُهُ نَحْوَ بِرْكَتَيْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ إِلَى قَصْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْصُورِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ وَمَشْرَعٌ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ وَمِنْهَا حَائِطُ حِرَاءٍ، وَضَفِيرَتُهُ قَائِمَةٌ إِلَى الْيَوْمِ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ، وَكَانَ لَهُ مَشْرَعٌ يَرِدُهُ النَّاسُ وَمِنْهَا حَائِطُ ابْنِ طَارِقٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ تَمُرُّ فِي بَطْنِ وَادِي مَكَّةَ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَكَانَتْ لَهُ عَيْنٌ وَمَشْرَعٌ، وَكَانَ فِيهِ النَّخْلُ
وَمِنْهَا حَائِطُ فَخٍّ، وَهُوَ قَائِمٌ إِلَى الْيَوْمِ وَمِنْهَا حَائِطُ بَلْدَحَ فَهَذِهِ الْعُيُونُ الْعَشْرُ أَجْرَاهَا مُعَاوِيَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَاتَّخَذَهَا بِمَكَّةَ وَاتُّخِذَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَلْدَحَ عُيُونٌ سِوَاهَا، مِنْهَا: عَيْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِبَلْدَحَ، وَهِيَ قَائِمَةٌ إِلَى الْيَوْمِ وَحَائِطُ سُفْيَانَ وَالْخَيْفُ الَّذِي أَسْفَلَ مِنْهُ، وَهُمَا الْيَوْمَ لِأُمِّ جَعْفَرٍ وَكَانَتْ عُيُونُ مُعَاوِيَةَ تِلْكَ قَدِ انْقَطَعَتْ وَذَهَبَتْ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدُ بِعُيُونٍ مِنْهَا فَعُمِلَتْ وَأُحْيِيَتْ وَصُرِفَتْ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ يُقَالُ لَهَا الرَّشَا، تَسْكُبُ فِي الْمَاجِلَيْنِ اللَّذَينِ أَحَدُهُمَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الرَّشِيدِ بِالْمَعْلَاةِ ثُمَّ تَسْكُبُ فِي الْبَرَكَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ كَانَ النَّاسُ بَعْدُ يَقْطَعُ هَذِهِ الْعُيُونَ فِي شِدَّةٍ مِنَ الْمَاءِ، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ وَالْحَاجُّ يَلْقَوْنَ مِنْ ذَلِكَ الْمَشَقَّةَ، حَتَّى إِنَّ الرَّاوِيَةَ لَتَبْلُغُ فِي الْمَوْسِمِ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ الْمَاءِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أُمَّ جَعْفَرٍ بِنْتَ أَبِي الْفَضْلِ جَعْفَرٍ ابْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَنْصُورِ، فَأَمَرَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ بِعَمَلِ بِرْكَتِهَا الَّتِي بِمَكَّةَ، فَأَجْرَتْ لَهَا عَيْنًا مِنَ الْحَرَمِ، فَجَرَتْ بِمَاءٍ قَلِيلٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِيٌّ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَقَدْ غَرِمَتْ فِي ذَلِكَ غُرْمًا عَظِيمًا فَبَلَغَهَا، فَأَمَرَتْ جَمَاعَةً مِنَ الْمُهَنْدِسِينَ أَنْ يُجْرُوا لَهَا عُيُونًا مِنَ الْحِلِّ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: إِنَّ مَاءَ الْحِلِّ لَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّهُ يَمُرُّ عَلَى عِقَابٍ وَجِبَالٍ فَأَرْسَلَتْ بِأَمْوَالٍ عِظَامٍ، ثُمَّ أَمَرَتْ مَنْ يَزِنُ عَيْنَهَا الْأُولَى، فَوَجَدُوا فِيهَا فَسَادًا، فَأَنْشَأَتْ عَيْنًا أُخْرَى إِلَى جَانِبِهَا، وَأَبْطَلَتْ تِلْكَ الْعُيُونَ، فَعَمِلَتْ عَيْنَهَا هَذِهِ بِأَحْكَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْعَمَلِ، وَعَظُمَتْ فِي ذَلِكَ رَغْبَتُهَا، وَحَسُنَتْ نِيَّتُهَا، فَلَمْ تَزَلْ تَعْمَلُ فِيهَا حَتَّى بَلَغَتْ ثَنِيَّةَ خَلٍّ، فَإِذَا الْمَاءُ لَا يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ، فَأَمَرَتْ بِالْجَبَلِ فَضُرِبَ فِيهِ، وَأَنْفَقَتْ فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ يَكُنْ تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى أَجْرَاهَا اللَّهُ عز وجل لَهَا، وَأَجْرَتْ فِيهَا عُيُونًا مِنَ الْحِلِّ، مِنْهَا عَيْنٌ مِنَ الْمُشَاشِ، وَاتَّخَذَتْ لَهَا بِرَكًا تَكُونُ السُّيُولُ إِذَا جَاءَتْ تَجْتَمِعُ فِيهَا، ثُمَّ أَجْرَتْ لَهَا عُيُونًا مِنْ حُنَيْنٍ، وَاشْتَرَتْ حَائِطَ حُنَيْنٍ، فَصَرَفَتْ عَيْنَهُ إِلَى الْبِرْكَةِ، وَجَعَلَتْ حَائِطَهُ سَدًّا يَجْتَمِعُ فِيهِ السَّيْلُ، فَصَارَتْ لَهَا مَكْرُمَةٌ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدٍ قَبْلَهَا، وَطَابَتْ نَفْسُهَا بِالنَّفَقَةِ فِيهَا بِمَا لَمْ تَكُنْ تَطِيبُ نَفْسُ أَحَدٍ غَيْرِهَا بِهِ، فَأَهْلُ مَكَّةَ وَالْحَاجُّ إِنَّمَا يَعِيشُونَ بِهَا بَعْدَ اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ أَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَأْمُونُ صَالِحَ بْنَ الْعَبَّاسِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ بِرَكًا فِي السُّوقِ خَمْسًا؛ لِئَلَّا يَتَعَنَّى أَهْلُ أَسْفَلِ مَكَّةَ وَالثَّنِيَّةِ وَأَجْيَادِينَ وَالْوَسَطِ إِلَى بِرْكَةِ أُمِّ جَعْفَرٍ، فَأَجْرَى عَيْنًا مِنْ بِرْكَةِ أُمِّ جَعْفَرٍ مِنْ فَضْلِ مَائِهَا فِي عَيْنٍ تَسْكُبُ فِي بِرْكَةِ الْبَطْحَاءِ عِنْدَ شِعْبِ ابْنِ يُوسُفَ فِي وَجْهِ دَارِ ابْنِ يُوسُفَ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى بِرْكَةٍ عِنْدَ الصَّفَا، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى بِرْكَةٍ عِنْدَ الْحَنَّاطِينَ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى بِرْكَةٍ بِفُوَّهَةِ سِكَّةِ الثَّنِيَّةِ دُونَ دَارِ أُوَيْسٍ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى بِرْكَةٍ عِنْدَ سُوقِ الْحَطَبِ بِأَسْفَلِِ مَكَّةَ ثُمَّ يَمْضِي فِي سَرَبِ ذَلِكَ إِلَى مَاجِلِ أَبِي صَلَايَةَ، ثُمَّ إِلَى الْمَاجِلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي حَائِطِ ابْنِ طَارِقٍ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، وَكَانَ صَالِحُ بْنُ الْعَبَّاسِ لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا رَكِبَ بِوُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْهَا، فَوَقَفَ عَلَيْهَا حِينَ جَرَى فِيهَا الْمَاءُ، وَنَحَرَ عِنْدَ كُلِّ بِرْكَةٍ جَزُورًا، وَقَسَمَ لَحْمَهَا عَلَى النَّاسِ