الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحْرِيمُ الْحَرَمِ وَحُدُودُهُ، وَمَنْ نَصَبَ أَنْصَابَهُ وَأَسْمَاءُ مَكَّةَ، وَصِفَةُ الْحَرَمِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ قَالَا: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ الْبَيْتَ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ، وَقَدْ لُبِطَ بِالنَّاسِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَأَخَذَ بِعِضَادَتَيِ الْبَابِ، فَقَالَ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَاذَا تَقُولُونَ وَمَاذَا تَظُنُّونَ» ؟ قَالُوا: نَقُولُ خَيْرًا وَنَظُنُّ خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ، وَقَدْ قَدَرْتَ فَأَسْجِحْ قَالَ:" فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] ، أَلَا إِنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ دَمٍ أَوْ مَالٍ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا سِدَانَةَ الْكَعْبَةِ، وَسِقَايَةَ الْحَاجِّ، فَإِنِّي قَدْ أَمْضَيْتُهُمَا لِأَهْلِهِمَا عَلَى مَا كَانَتَا عَلَيْهِ، أَلَا إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ نَخْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَكَبُّرَهَا بِآبَائِهَا، كُلُّكُمْ لِآدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، وَأَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، أَلَا وَفِي قَتِيلِ الْعَصَا وَالسَّوْطِ الْخَطَأ شِبْهِ الْعَمْدِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ مِائَةُ نَاقَةٍ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا، أَلَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ " - قَالَ: يَقْصُرُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ - «لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُعْضَدُ عِضَاهَا، وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا» فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه وَكَانَ شَيْخًا مُجَرِّبًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا الْإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَلِظُهُورِ الْبَيْتِ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:«إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلَالٌ» قَالَ: فَلَمَّا هَبَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُنَادِيًا يُنَادِي
⦗ص: 122⦘
وَحَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالُوا: لَمَّا كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ بِيَوْمٍ دَخَلَ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ الْهُذَلِيُّ مَكَّةَ يَرْتَادُ وَيَنْظُرُ وَالنَّاسُ آمِنُونَ، فَرَآهُ جُنْدُبُ بْنُ الْأَعْجَمِ الْأَسْلَمِيُّ، وَكَانَ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ احْمَرَّ بَأْسًا، وَكَانَ شُجَاعًا، وَكَانَ مِنْ خَبَرِ قَتْلِهِ إِيَّاهُ قَالُوا: خَرَجَ غُزِيٌّ مِنْ هُذَيْلٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفِيهِمْ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ، يُرِيدُونَ حَيَّ احْمَرَّ بَأْسًا، وَكَانَ احْمَرَّ بَأْسًا رَجُلًا شُجَاعًا لَا يُرَامُ، وَكَانَ لَا يَنَامُ فِي حَيِّهِ إِنَّمَا كَانَ يَنَامُ خَارِجًا مِنْ حَاضِرِهِ، وَكَانَ إِذَا نَامَ غَطَّ غَطِيطًا مُنْكَرًا لَا يُخْفِي مَكَانَهُ، وَكَانَ الْحَاضِرُ إِذَا أَتَاهُمُ الْفَزَعُ صَاحُوا: يَا احْمَرَّ بَأْسًا، فَيَثُورُ مِثْلَ الْأَسَدِ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ ذَلِكَ الْغُزِيُّ مِنْ هُذَيْلٍ قَالَ لَهُمْ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ: إِنْ كَانَ احْمَرَّ بَأْسًا فِي الْحَاضِرِ فَلَيْسَ إِلَيْهِمْ سَبِيلٌ، وَإِنَّ لَهُ غَطِيطًا لَا يَخْفَى، فَدَعُونِي أَتَسَمَّعْ لَهُ فَتَسَمَّعَ الْحِسَّ فَسَمِعَهُ، فَأَمَّهُ حَتَّى وَجَدَهُ نَائِمًا فَقَتَلَهُ، ثُمَّ حَمَلُوا عَلَى الْحَيِّ، فَصَاحَ الْحَيُّ: يَا احْمَرَّ بَأْسًا، فَلَا شَيْءَ، احْمَرَّ بَأْسًا قَدْ قُتِلَ، فَقَالُوا: مِنَ الْحَاضِرِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَتَشَاغَلُوا بِالْإِسْلَامِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ بِيَوْمٍ دَخَلَ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ مَكَّةَ يَرْتَادُ وَيَنْظُرُ وَالنَّاسُ آمِنُونَ، فَرَآهُ جُنْدُبُ بْنُ الْأَعْجَمِ الْأَسْلَمِيُّ، فَقَالَ: جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَدْلَعِ قَاتِلُ احْمَرَّ بَأْسًا؟ قَالَ: نَعَمْ فَخَرَجَ جُنَيْدِبُ يَسْتَجِيشُ عَلَيْهِ حَيَّهُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيُّ، فَأَخْبَرَهُ، فَاشْتَمَلَ خِرَاشٌ عَلَى السَّيْفِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ وَهُوَ يُحَدِّثُهُمْ عَنْ قَتْلِ احْمَرَّ بَأْسًا وَهُمْ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، إِذْ أَقْبَلَ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ الْكَعْبِيُّ مُشْتَمِلًا عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ: هَكَذَا عَنِ الرَّجُلِ، فَوَاللَّهِ مَا ظَنَّ النَّاسُ إِلَّا أَنَّهُ يُفْرَجُ عَنْهُ النَّاسُ لِيَتَفَرَّقُوا عَنْهُ فَانْفَرَجُوا عَنْهُ، فَلَمَّا انْفَرَجَ النَّاسُ عَنْهُ حَمَلَ عَلَيْهِ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ بِالسَّيْفِ، فَطَعَنَهُ فِي بَطْنِهِ، وَابْنُ الْأَدْلَعِ مُسْتَنِدٌ إِلَى جِدَارٍ مِنْ جُدُرِ مَكَّةَ، فَجَعَلَتْ حَشْوَتُهُ تُسَايِلُ مِنْ بَطْنِهِ، وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَبْرُقَانِ فِي رَأْسِهِ، وَهُوَ
يَقُولُ: أَقَدْ فَعَلْتُمُوهَا يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ؟ فَوَقَعَ الرَّجُلُ فَمَاتَ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِ، فَقَامَ خَطِيبًا، وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ فَتْحِ مَكَّةَ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:" أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَيَوْمَ خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضَعَ هَذَيْنِ الْجَبَلَيْنِ، فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ فِيهَا شَجَرًا، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ قَتَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَدْ أَحَلَّهَا لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يُحِلَّهَا لَكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ، ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ عَنِ الْقَتْلِ، فَقَدْ وَاللَّهِ كَثُرَ أَنْ يَقَعَ، وَقَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ، وَاللَّهِ لَأَدِيَنَّهُ، فَمَنْ قُتِلَ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا فَأَهْلُهُ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءُوا فَدَمَ قَتِيلِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا فَعَقْلَهُ " فَدَخَلَ أَبُو شُرَيْحٍ خُوَيْلِدٌ الْكَعْبِيُّ عَلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يُرِيدُ قِتَالَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَحَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، وَكُنْتُ شَاهِدًا وَكُنْتَ غَائِبًا، وَقَدْ أَدَّيْتُ إِلَيْكَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ: انْصَرِفْ أَيُّهَا الشَّيْخُ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ، إِنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنْ ظَالِمٍ، وَلَا خَالِعِ طَاعَةٍ، وَلَا سَافِكِ دَمٍ فَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: قَدْ أَدَّيْتُ إِلَيْكَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ، فَأَنْتَ وَشَأْنُكَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ ابْنَ عُمَرَ بِمَا قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا شُرَيْحٍ، قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَكَلَّمَ يَوْمَئِذٍ فِي خُزَاعَةَ حِينَ قَتَلُوا الْهُذَلِيَّ بِأَمْرٍ لَا أَحْفَظُهُ، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ الْمُسْلِمِينَ يَقُولُونَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَأَنَا أَدِيهِ»
قَالَ: وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ
⦗ص: 124⦘
بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ خُرَيْنِقَ ابْنَةِ الْحُصَيْنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: قَتَلَهُ خِرَاشٌ بَعْدَ مَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقَتْلِ، فَقَالَ:«لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ لَقَتَلْتُ خِرَاشًا بِالْهُذَلِيِّ» ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُزَاعَةَ يُخْرِجُونَ دِيَتَهُ، فَكَانَتْ خُزَاعَةُ أَخْرَجَتْ دِيَتَهُ، فَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى غَنَمٍ عُفْرٍ جَاءَتْ بِهَا بَنُو مُدْلِجٍ فِي الْعَقْلِ، وَكَانُوا يَتَعَاقَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ شَدَّهُ الْإِسْلَامُ، وَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِسْلَامِ
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ خُزَاعَةَ قَتَلَا رَجُلًا مِنْ هُزَيْلٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَأَتَوْا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما يَسْتَشْفِعُونَ بِهِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ بَعْدِي، وَلَا تَحِلُّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَا يَسْتَنَّ بِي أَحَدٌ، فَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ بِهَا، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْتَى عَلَى اللَّهِ عز وجل مِنْ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ قَتَلَ بِهَا، وَرَجُلٍ قَتَلَ بِدُخُولِ الْجَاهِلِيَّةِ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَرَجُلٍ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَيُودَيَنَّ هَذَا الْقَتِيلُ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:«إِنَّ هَذَا الْحَرَمَ حَرَّمَ مَا حِذَاءَهُ مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ، وَإِنَّ هَذَا الْبَيْتَ رَابِعُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْتًا، فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ، وَفِي كُلِّ أَرْضٍ بَيْتٌ، وَلَوْ وَقَعْنَ وَقَعَ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ»
وَحَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سُهَيْلٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدٍ
⦗ص: 125⦘
، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَرَمَ حَرَّمَ مَا بِحِيَالِهِ إِلَى الْعَرْشِ "
وَحَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ عز وجل:{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمَنَّا} [البقرة: 126] قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُحَرِّمُوا مَكَّةَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى حَرَّمَهَا، فَهِيَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ مِنْ أَعْتَى الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ عز وجل رَجُلٌ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، وَرَجُلٌ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَرَجُلًا أَخَذَ بِدُخُولِ الْجَاهِلِيَّةِ»
حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، أَوِ ابْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" سِتَّةٌ لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابُ الدَّعْوَةِ: الزَّايِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّ اللَّهَ، أَوْ يُعِزَّ بِذَلِكَ مَنْ أَذَلَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ بِحَرَمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللَّهُ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي "
وَحَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي الْمَهْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:«الْبَيْتُ بِحِذَاءِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَمَا بَيْنَهُمَا بِحِذَائِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْهُ بِحِذَائِهِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ حَرَامٌ كُلُّهُ»
وَحَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الضُّرَاحُ، وَهُوَ عَلَى مِنَا الْكَعْبَةِ، يَعْمُرُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَمْ يَرَوْهُ قَطُّ، وَإِنَّ لِلسَّمَاءِ السَّابِعَةِ لَحَرَمًا، عَلَى مِنَا حَرَمِ مَكَّةَ»
حَدَّثَنِي جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحَجُونِ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ، وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً
⦗ص: 126⦘
مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا مِنْ سَاعَتِي هَذِهِ مِنَ النَّهَارِ حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَشُ خَلَاهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ ضَالَّتُهَا إِلَّا بِإِنْشَادٍ» فَقَالَ رَجُلٌ: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا وَلِقُيُونِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِلَّا الْإِذْخِرَ»
حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ صَدَقَةَ بْنَ يَسَارٍ، يَقُولُ:«تَفْسِيرُ اللُّقَطَةِ لَا تُرْفَعُ إِلَّا بِإِنْشَادٍ» قَالَ: «أَنْ يَسْمَعَ مُنْشِدَهَا فَيَرْفَعَهَا إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يَمَسَّهَا»
حَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ، حَرَّمَهَا اللَّهُ عز وجل يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضَعَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُرْفَعُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمَنْ أَنْشَدَهَا» فَقَالَ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه: إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ لَا غِنًى لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُنْيَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِلَّا الْإِذْخِرَ»
وَحَدَّثَنَا جَدِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَ فِيهَا شَجَرًا، فَإِنِ ارْتَخَصَ فِيهَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقَالَ: قَدْ أُحِلَّتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَحَلَّهَا لِي وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَأَنَا وَاللَّهِ عَاقِلُهُ، فَمَنْ قَتَلَ بِهَا بَعْدُ قَتِيلًا، فَإِنَّ أَهْلَهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ، فَإِنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا، وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ "