الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُمِّيَ الْجُرَّ وَالْمِيزَابَ؛ أَنَّ فِيهِ مَوْضِعَيْنِ يُمْسِكَانِ الْمَاءَ إِذَا جَاءَ الْمَطَرُ، يَصُبُّ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، فَسُمِّيَ الْأَعْلَى مِنْهُمَا الَّذِي يَفْرُعُ فِي الْأَسْفَلِ الْجُرَّ، وَالْأَسْفَلُ مِنْهُمَا الْمِيزَابَ، وَفِي ظَهْرِهِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ قَرْنُ أَبِي رِيشٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ صَخَرَاتٌ مُشْرِفَاتٌ يُقَالُ لَهُنَّ الْكُبُشُ، عِنْدَهَا مَوْضِعٌ فَوْقَ الْجَبَلِ الْأَحْمَرِ، يُقَالُ لَهُ قَرَارَةُ الْمَدْحِيِّ، كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَتَدَاحَوْنَ هُنَالِكَ بِالْمَدَاحِي وَالْمَرَاصِعِ "
ذِكْرُ شِقِّ مَعْلَاةِ مَكَّةَ الْيَمَانِيِّ وَمَا فِيهِ مِمَّا يُعْرَفُ اسْمُهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ وَالْجِبَالِ وَالشِّعَابِ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ الْحَرَمُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: فَاضِحٌ بِأَصْلِ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ مَا أَقْبَلَ عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْعَى، كَانَ النَّاسُ يَتَغَوَّطُونَ هُنَالِكَ، فَإِذَا جَلَسُوا لِذَلِكَ كَشَفَ أَحَدُهُمْ ثَوْبَهُ؛ فَسُمِّيَ مَا هُنَالِكَ فَاضِحًا وَقَالَ
بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: فَاضِحٌ مِنْ حَقِّ آلِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى حَدِّ دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فَمِ الزُّقَاقِ الَّذِي فِيهِ مَوْلِدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا سُمِّيَ فَاضِحًا؛ لِأَنَّ جُرْهُمًا وَقَطُورَا اقْتَتَلُوا دُونَ دَارِ ابْنِ يُوسُفَ عِنْدَ حَقِّ آلِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ، فَغَلَبَتْ جُرْهُمٌ قَطُورًا، وَأَخْرَجَتْهُمْ مِنَ الْحَرَمِ، وَتَنَاوَلُوا النِّسَاءَ
فَفُضِحْنَ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ فَاضِحًا قَالَ جَدِّي: وَهَذَا أَثْبَتُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا وَأَشْهَرُهُمَا. الْخَنْدَمَةُ الْجَبَلُ الَّذِي مَا بَيْنَ حَرْفِ السُّوَيْدَاءِ إِلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي عِنْدَهَا بِئْرُ ابْنِ أَبِي السُّمَيْرِ فِي شِعْبِ عَمْرٍو، مُشْرِفَةً عَلَى أَجْيَادٍ الصَّغِيرِ، وَعَلَى شِعْبِ ابْنِ عَامِرٍ، وَعَلَى دَارِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ فِي طَرِيقِ مِنًى إِذَا جَاوَزْتَ الْمَقْبَرَةَ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى، وَفِي الْخَنْدَمَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِزَوْجَتِهِ وَهُوَ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ، وَكَانَتْ أَسْلَمَتْ سِرًّا، فَقَالَتْ لَهُ: لِمَ تَبْرِي هَذَا النَّبْلَ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ أَنْ يَفْتَتِحَ مَكَّةَ وَيَغْزُوَنَا، فَلَئِنْ جَاءُونَا لَأُخْدِمَنَّكِ خَادِمًا مِنْ بَعْضِ مَنْ نَسْتَأْسِرُ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكَ قَدْ جِئْتَ تَطْلُبُ مِحَشًّا أَحُشُّكَ فِيهِ، لَوْ رَأَيْتَ خَبْلَ مُحَمَّدٍ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ أَقْبَلَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: وَيْحَكِ، هَلْ مِنْ مِحَشٍّ؟ فَقَالَتْ: فَأَيْنَ الْخَادِمُ؟ قَالَ لَهَا: دَعِينِي عَنْكِ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
وَأَنْتِ لَوْ أَبْصَرْتِنَا بِالْخَنْدَمَةْ
إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَةْ
…
وَأَبُو يَزِيدَ كَالْعَجُوزِ الْمُؤْتِمَةْ
قَدْ ضَرَبُونَا بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَةْ
…
لَمْ تَنْطِقِي بِاللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَةْ
قَالَ: وَأَبُو يَزِيدَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: وَخَبَّأَتْهُ فِي مَخْدَعٍ لَهَا أُومِنَ النَّاسُ. وَالْأَبْيَضُ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى حَقِّ أَبِي لَهَبٍ، وَحَقِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْمُسْتَنْذَرَ، وَلَهُ يَقُولُ بَعْضُ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
[البحر الرجز]
نَحْنُ حَفَرْنَا بَذَّرْ
بِجَانِبِ الْمُسْتَنْذَرْ
جَبَلُ مُرَازِمٍ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى حَقِّ آلِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ مُنْقَطَعُ حَقِّ أَبِي لَهَبٍ إِلَى مُنْتَهَى حَقِّ ابْنِ عَامِرٍ الَّذِي يَصِلُ حَقَّ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ، وَمُرَازِمٌ رَجُلٌ كَانَ يَسْكُنُهُ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ قَرْنُ مَسْقَلَةَ: وَهُوَ قَرْنٌ قَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي دُبُرِ دَارِ سَمُرَةَ عِنْدَ مَوْقِفِ الْغَنَمِ بَيْنَ شِعْبِ ابْنِ عَامِرٍ، وَحَرْفِ دَارِ رَابِغَةَ فِي أَصْلِهِ، وَمَسْقَلَةُ رَجُلٌ كَانَ يَسْكُنُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنِ الزَّنْجِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ، جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى قَرْنِ مَسْقَلَةَ، فَجَاءَهُ النَّاسُ يُبَايِعُونَهُ بِأَعْلَى مَكَّةَ عِنْدَ سُوقِ الْغَنَمِ " جَبَلُ نَبْهَانَ: الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى شِعْبِ أَبِي زِيَادٍ فِي حَقِّ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، وَنَبْهَانُ وَأَبُو زِيَادٍ مَوْلَيَانِ لِآلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ جَبَلُ زِيقْيَا: الْجَبَلُ الْمُتَّصِلُ بِجَبَلِ نَبْهَانَ إِلَى حَائِطِ عَوْفٍ، وَزِيقْيَا مَوْلًى لِآلِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّينَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بَنَى فِيهِ؛ فَسُمِّيَ بِهِ، وَيُقَالُ لَهُ الْيَوْمَ جَبَلُ الزِّيقِيِّ جَبَلُ الْأَعْرَجِ: فِي حَقِّ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، مُشْرِفٌ عَلَى شِعْبِ أَبِي زِيَادٍ، وَشِعْبِ ابْنِ عَامِرٍ، وَالْأَعْرَجُ مَوْلًى لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، كَانَ فِيهِ فَسُمِّيَ بِهِ، وَنُسِبَ إِلَيْهِ الْمَطَابِخُ: شِعْبُ ابْنِ عَامِرٍ كُلُّهُ، يُقَالُ لَهُ الْمَطَابِخُ، كَانَتْ فِيهِ مَطَابِخُ تُبَّعٍ حِينَ جَاءَ مَكَّةَ، وَكَسَا الْكَعْبَةَ، وَنَحَرَ الْبُدْنَ، فَسُمِّيَ الْمَطَابِخَ وَيُقَالُ: بَلْ نَحَرَ فِيهِ مُضَاضُ بْنُ عَمْرٍو الْجُرْهُمِيُّ، وَجَمَعَ النَّاسَ بِهِ حِينَ غَلَبُوا قَطُورًا، فَسُمِّيَ الْمَطَابِخَ ثَنِيَّةُ أَبِي مَرْحَبٍ الثَّنِيَّةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى شِعْبِ أَبِي زِيَادٍ وَحَقِّ ابْنِ عَامِرٍ، الَّتِي يُهْبَطُ مِنْهَا عَلَى حَائِطِ عَوْفٍ، يُخْتَصَرُ مِنْ شِعْبِ ابْنِ عَامِرٍ إِلَى الْمَعْلَاةِ وَإِلَى مِنًى
شِعْبُ أَبِي دُبٍّ: هُوَ الشِّعْبُ الَّذِي فِيهِ الْجَزَّارُونَ، وَأَبُو دُبٍّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُوَاةَ بْنِ عَامِرٍ، وَعَلَى فَمِ الشِّعْبِ سَقِيفَةٌ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَلَهُ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّهْمِيُّ:
[البحر الخفيف]
سَكَنُوا الْجِزْعَ جِزْعَ بَيْتِ أَبِي مُوسَى
…
إِلَى النَّخْلِ مِنْ صَفِيِّ السِّبَابِ
وَعَلَى بَابِ الشِّعْبِ بِئْرٌ لِأَبِي مُوسَى، وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِيرُ قَدْ دَثَرَتْ وَانْدَفَنَتْ حَتَّى نَثَلَهَا بَغَا الْكَبِيرُ أَبُو مُوسَى مَوْلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَفَضَ عَامَّتَهَا، وَبَنَاهَا بُنْيَانًا مُحْكَمًا، وَضَرَبَ فِي جَبَلِهَا حَتَّى أَنْبَطَ مَاءَهَا، وَبَنَى بِحِذَائِهَا سِقَايَةً وَجَنَابِذَ يُسْقَى فِيهَا الْمَاءُ، وَاتَّخَذَ عِنْدَهَا مَسْجِدًا، وَكَانَ نُزُولُهُ هَذَا الشِّعْبَ حِينَ انْصَرَفَ عَنِ الْحَكَمَيْنِ، وَكَانَتْ فِيهِ قُبُورُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَوَّلُوا قُبُورَهُمْ إِلَى الشِّعْبِ الَّذِي بِأَصْلِ ثَنِيَّةِ الْمَدَنِيِّينَ الَّذِي هُوَ الْيَوْمَ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى حِينَ نَزَلَهُ: أُجَاوِرُ قَوْمًا لَا يَغْدِرُونَ - يَعْنِي أَهْلَ الْمَقَابِرِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ أَنَّ قَبْرَ آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شِعْبِ أَبِي دُبٍّ هَذَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبْرُهَا فِي دَارِ رَابِغَةَ وَقَالَ بَعْضُ الْمَدَنِيِّينَ: قَبْرُهَا بِالْأَبْوَاءِ
حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، فَنَزَلُوا بِالْأَبْوَاءِ، قَالَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ: لَوْ بَحَثْتُمْ قَبْرَ آمِنَةَ أُمِّ مُحَمَّدٍ، فَإِنَّهُ بِالْأَبْوَاءِ، فَإِنْ أُسِرَ أَحَدٌ مِنْكُمُ افْتَدَيْتُمْ بِهِ كُلَّ إِنْسَانٍ بِإِرْبٍ مِنْ آرَابِهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ لِقُرَيْشٍ، وَقَالَ: إِنَّ هِنْدًا قَالَتْ كَذَا وَكَذَا
⦗ص: 273⦘
، وَهُوَ الرَّأْيُ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: لَا تَفْتَحْ عَلَيْنَا هَذَا الْبَابَ، إِذًا تَبْحَثَ بَنُو بَكْرٍ مَوْتَانَا. وَأَنْشَدَ لِابْنِ هَرِمَةَ:
[البحر الطويل]
إِذَا النَّاسُ غَطَّوْنِي تَغَطَّيْتُ عَنْهُمُ
…
وَإِنْ بَحَثُوا عَنِّي فَفِيهِمْ مَبَاحِثُ
وَإِنْ بَحَثُوا بِيرِي بَحَثْتُ بِيَارَهُمْ
…
أَلَا فَانْظُرُوا مَاذَا تُثِيرُ الْبَحَايِثُ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْأَبْوَاءِ، فَعَدَلَ إِلَى شِعْبٍ هُنَاكَ فِيهِ قَبْرُ آمِنَةَ، فَأَتَاهُ فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَاسْتَغْفَرَ النَّاسُ لِمَوْتَاهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] الْآيَةَ، إِلَى قَوْلِهِ عز وجل:{وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] " الْحَجُونُ: الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ حِذَاءَ مَسْجِدِ الْبَيْعَةِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسْجِدُ الْحَرَسِ، وَفِيهِ ثَنِيَّةٌ تُسْلَكُ مِنْ حَائِطِ عَوْفٍ مِنْ عِنْدِ الْمَاجِلَيْنِ اللَّذَيْنِ فَوْقَ دَارِ مَالِ اللَّهِ إِلَى شِعْبِ الْجَزَّارِينَ، وَبِأَصْلِهِ فِي شِعْبِ الْجَزَّارِينَ كَانَتِ الْمَقْبَرَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَفِيهِ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ:
[البحر الخفيف]
كَمْ بِذَاكَ الْحَجُونِ مِنْ حَيِّ صِدْقٍ
…
مِنْ كُهُولٍ أَعِفَّةٍ وَشَبَابِ
شِعْبُ الصَّفِيِّ: وَهُوَ الشِّعْبُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ صَفِيُّ السِّبَابِ
، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرَّاحَةِ وَالرَّاحَةُ، الْجَبَلُ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى دَارِ الْوَادِي عَلَيْهِ الْمَنَارَةُ، وَبَيْنَ نَزَّاعَةِ الشَّوَى، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ بُيُوتُ ابْنِ قَطْرٍ، وَالْبُيُوتُ الْيَوْمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَلَهُ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
إِذَا مَا نَزَلْتَ حَذْوَ نَزَّاعَةِ الشَّوَى
…
بُيُوتَ ابْنِ قَطْرٍ فَاحْذَرُوا أَيُّهَا الرَّكْبُ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ الرَّاحَةَ؛ لِأَنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَخْرُجُ مِنْ شِعْبِ الصَّفِيِّ، فَتَبِيتُ فِيهِ فِي الصَّيْفِ تَعْظِيمًا لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ فَيَجْلِسُونَ فَيَسْتَرِيحُونَ فِي الْجَبَلِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَبَلُ الرَّاحَةَ وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: إِنَّمَا سُمِّيَ صَفِيَّ السِّبَابِ؛ أَنَّ نَاسًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذَا فَرَغُوا مِنْ مَنَاسِكِهِمْ نَزَلُوا الْمُحَصَّبَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ، فَوَقَفَتْ قَبَايِلُ الْعَرَبِ بِفَمِ الشِّعْبِ شِعْبِ الصَّفِيِّ، فَتَفَاخَرَتْ بِآبَائِهَا وَأَيَّامِهَا وَوَقَايِعِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَقُولُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ شَاعِرٌ وَخَطِيبٌ، فَيَقُولُ: مِنَّا فُلَانٌ، وَلَنَا يَوْمُ كَذَا وَكَذَا، فَلَا يَتْرُكُ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الشَّرَفِ إِلَّا ذَكَرَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ كَانَ يُنْكِرُ مَا يَقُولُ، أَوْ لَهُ يَوْمٌ كَيَوْمِنَا، أَوْ لَهُ فَخْرٌ مِثْلُ فَخْرِنَا، فَلْيَأْتِ بِهِ ثُمَّ يَقُومُ الشَّاعِرُ فَيُنْشِدُ مَا قِيلَ فِيهِمْ مِنَ الشِّعْرِ، فَمَنْ كَانَ يُفَاخِرُ تِلْكَ الْقَبِيلَةَ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مُنَافَرَةٌ أَوْ مُفَاخَرَةٌ، قَامَ فَذَكَرَ مَثَالِبَ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الْمَسَاوِئِ، وَمَا هُجِيَتْ بِهِ مِنَ الشِّعْرِ، ثُمَّ فَخَرَ هُوَ بِمَا فِيهِ فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ:{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة: 200] ، يَعْنِي هَذِهِ الْمُفَاخَرَةَ وَالْمُنَافَرَةَ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا وَلَهُ يَقُولُ كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ السَّهْمِيُّ
:
سَكَنُوا الْجِزْعَ جِزْعَ بَيْتِ أَبِي مُوسَى
…
إِلَى النَّخْلِ مِنْ صَفِيِّ السِّبَابِ
وَكَانَ فِيهِ حَائِطٌ لِمُعَاوِيَةَ، يُقَالُ لَهُ حَائِطُ الصَّفِيِّ، مِنْ أَمْوَالِ مُعَاوِيَةَ الَّتِي كَانَ اتَّخَذَهَا فِي الْحَرَمِ وَشِعْبُ الصَّفِيِّ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ:«مَوْعِدُكُمْ خَيْفُ بَنِي كِنَانَةَ» وَيَزْعُمُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ شِعْبَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ مَا بَيْنَ شِعْبِ الْخُوزِ إِلَى نَزَّاعَةِ الشَّوَى إِلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي تَهْبِطُ فِي شِعْبِ الْخُوزِ، يُعْرَفُ الْيَوْمَ بِشِعْبِ النُّوبَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ شِعْبَ الْخُوزِ؛ لِأَنَّ نَافِعَ بْنَ الْخُوزِيِّ مَوْلَى نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ نَزَلَهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَنَى فِيهِ، فَسُمِّيَ بِهِ وَشِعْبُ بَنِي كِنَانَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي تَهْبِطُ عَلَى شِعْبِ الْخُوزِ، فِي وَجْهِهِ دَارُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ شِعْبُ الْخُوزِ: يُقَالُ لَهُ خَيْفُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي بَيْنَ شِعْبِ الْخُوزِ بِأَصْلِهَا بُيُوتُ سَعِيدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَيْبَرِيِّ، وَبَيْنَ شِعْبِ بَنِي كِنَانَةَ الَّذِي فِيهِ بُيُوتُ ابْنِ صَفِيٍّ إِلَى الثَّنِيَّةِ الَّتِي تَهْبِطُ عَلَى شِعْبِ عَمْرٍو الَّذِي فِيهِ بِئْرُ ابْنِ أَبِي سُمَيْرٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ شِعْبَ الْخُوزِ؛ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَوَالِيَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيِّ كَانُوا تُجَّارًا، وَكَانَتْ لَهُمْ دِقَّةُ نَظَرٍ فِي التِّجَارَةِ، وَتَشَدُّدٌ فِي الْإِمْسَاكِ وَالضَّبْطِ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُمُ الْخُوزُ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ نَافِعُ بْنُ الْخُوزِيِّ، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ هَذَا الشِّعْبَ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَنَى فِيهِ
شِعْبُ عُثْمَانَ: هُوَ الشعب الَّذِي فِيهِ طَرِيقُ مِنًى، مَنْ سَلَكَ شِعْبَ الْخُوزِ بَيْنَ شِعْبِ الْخُوزِ، وَبَيْنَ الْخَضْرَاءِ وَمَسِيلَةَ يَفْرَعُ فِي أَصْلِ الْعِيرَةِ، وَفِيهِ بِئْرُ ابْنِ أَبِي سُمَيْرٍ، وَالْفَدَاحِيَّةُ فِيمَا بَيْنَ شِعْبِ عُثْمَانَ وَشِعْبِ الْخُوزِ، وَهِيَ مُخْتَصَرُ طَرِيقِ مِنًى سِوَى الطَّرِيقِ الْعُظْمَى، وَطَرِيقِ شِعْبِ الْخُوزِ الْعِيرَةُ: الْجَبَلُ الَّذِي عِنْدَ الْمِيلِ عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى وِجْهَةَ قَصْرِ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ، وَمُقَابَلَةَ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ الْعِيرُ الَّذِي قَصْرُ صَالِحِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ بِأَصْلِهِ الدَّارُ الَّتِي كَانَتْ لِخَالِصَةَ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هُوَ الْعِيرَةُ أَيْضًا وَفِيهِ يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ:
أَقْوَى مِنْ آلِ فُطَيْمَةَ الْحَزْمُ
…
فَالْعِيرَتَانِ فَأَوْحَشُ الْخَطْمِ
خَطْمُ الْحَجُونِ يُقَالُ لَهُ الْخَطْمُ، وَالَّذِي أَرَادَ الْحَارِثُ الْخَطْمُ دُونَ سِدْرَةِ آلِ أُسَيْدٍ، وَالْحَزْمُ سِدْرَةٌ أَمَامَهُ تَتَيَاسَرُ عَنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ ذُبَابٌ: الْقَرْنُ الْمُنْقَطِعُ فِي أَصْلِ الْخَنْدَمَةِ بَيْنَ بُيُوتِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَبَيْنَ الْعِيرَةِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشِّعْبِ شِعْبُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ الْمَفْجَرُ: مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْخَضْرَاءُ إِلَى خَلْفِ
دَارِ يَزِيدَ بْنِ مَنْصُورٍ، يُهْبِطُ عَلَى حِيَاضِ ابْنِ هِشَامٍ الَّتِي بِمَفْضَى الْمَأْزِمَيْنِ، مَأْزِمَيْ مِنًى، إِلَى الْفَجِّ الَّذِي يَلْقَاكَ عَلَى يَمِينِكَ إِذَا أَرَدْتَ مِنًى، يُفْضِي بِكَ إِلَى بِئْرِ نَافِعِ بْنِ عَلْقَمَةَ وَبُيُوتِهِ حَتَّى تَخْرُجَ عَلَى ثَوْرٍ، وَبِالْمَفْجَرِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ بَطْحَاءُ قُرَيْشٍ، كَانَتْ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلَ الْإِسْلَامِ يَتَنَزَّهُونَ بِهِ، وَيَخْرُجُونَ إِلَيْهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِذَنَبِ الْمَفْجَرِ فِي مُؤَخَّرِهِ، يَصُبُّ فِيهِ مَا جَاءَ مِنْ سَيْلِ الْفَدْفَدَةِ شِعْبُ حَوَّا فِي طَرَفِ الْمَفْجَرِ، عَلَى يَسَارِكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ مِنَ الْمَفْجَرِ، وَفِي ذَلِكَ الشِّعْبِ الْبِيرُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا كَرْآدَمُ وَاسِطٌ: قَرْنٌ كَانَ أَسْفَلَ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ مَأْزِمَيْ مِنًى، فَضَرَبَ حَتَّى ذَهَبَ وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: وَاسِطٌ الْجَبَلَانِ دُونَ الْعَقَبَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تِلْكَ النَّاحِيَةُ مِنْ بِئْرِ الْقَسْرِيِّ إِلَى الْعَقَبَةِ يُسَمَّى وَاسِطًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاسِطٌ الْقَرْنُ الَّذِي عَلَى يَسَارِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى مِنًى دُونَ الْخَضْرَاءِ، فِي وَجْهِهِ مِمَّا يَلِي طَرِيقَ مِنًى بُيُوتُ مُبَارَكِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَزْرَقِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِي ظَهْرِهِ دَارُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَيْبَرِيِّ، فَذَلِكَ الْجَبَلُ يُسَمَّى
وَاسِطًا وَهُوَ أَثْبَتُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَ جَدِّي فِيمَا ذَكَرَ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ مُضَاضٌ الْجُرْهُمِيُّ:
[البحر الطويل]
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إِلَى الصَّفَا
…
أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِمَكَّةَ سَامِرُ
وَلَمْ يَتَرَبَّعْ وَاسِطًا فَجَنُوبَهُ
…
إِلَى الْمُنْحَنَى مِنْ ذِي الْأَرَاكَةِ حَاضِرُ
الرَّبَابُ: الْقَرْنُ الَّذِي عِنْدَ الثَّنِيَّةِ الْخَضْرَاءِ بِأَصْلِ ثَبِيرِ غَيْنَاءَ عِنْدَ بُيُوتِ ابْنِ لَاحِقٍ - مَوْلًى لِآلِ الْأَزْرَقِ بْنِ عَمْرٍو - مُشْرِفَةً عَلَيْهَا، وَهِيَ الَّتِي عِنْدَ الْقَصْرِ الَّذِي بَنَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ أَسْفَلَ مِنْ بِئْرِ مَيْمُونٍ الْحَضْرَمِيِّ، وَأَسْفَلَ مِنْ قَصْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرٍ ذُو الْأَرَاكَةِ: عَرْضٌ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ الْخَضْرَاءِ، وَبَيْنَ بُيُوتِ أَبِي مَيْسَرَةَ الزَّيَّاتِ شِعْبُ الرَّخَمِ: الَّذِي بَيْنَ الرَّبَابِ وَبَيْنَ أَصْلِ ثَبِيرِ غَيْنَاءَ
الْأَثْبَرَةُ ثَبِيرُ غَيْنَاءَ، وَهُوَ الْمُشْرِفُ عَلَى بِئْرِ مَيْمُونٍ، وَقَلْتُهُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى شِعْبِ عَلِيٍّ عليه السلام، وَعَلَى شِعْبِ الْحَضَارِمَةِ بِمِنًى، وَكَانَ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ سُمَيْرًا، وَيُقَالُ لِقَلْتِهِ ذَاتُ الْقَتَادَةِ، وَكَانَ فَوْقَهُ قَتَادَةٌ، وَلَهَا يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ:
[البحر الوافر]
إِلَى طَرَفِ الْجِمَارِ فَمَا يَلِيهَا
…
إِلَى ذَاتِ الْقَتَادَةِ مِنْ
ثَبِيرِ
وَثَبِيرٌ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جَبَلُ الزِّنْجِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ جَبَلَ الزِّنْجِ؛ لِأَنَّ زُنُوجَ مَكَّةَ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ مِنْهُ، وَيَلْعَبُونَ فِيهِ. وَهُوَ مِنْ ثَبِيرِ النَّخِيلِ، ثَبِيرُ النَّخِيلِ وَيُقَالُ لَهُ الْأُقْحُوَانَةُ، الْجَبَلُ الَّذِي بِهِ الثَّنِيَّةُ الْخَضْرَاءُ، وَبِأَصْلِهِ بُيُوتُ الْهَاشِمِيِّينَ، يَمُرُّ سَيْلُ مِنًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَادِي ثَبِيرٍ، وَلَهُ يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ:
[البحر البسيط]
مَنْ ذَا يُسَايِلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنَا
…
فَالْأُقْحُوَانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ
إِذْ نَلْبَسُ الْعَيْشَ صَفْوًا مَا يُكَدِّرُهُ
…
طَعْنُ الْوُشَاةِ وَلَا يَنْبُو بِنَا الزَّمَنُ
وَقَالَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ: الْأُقْحُوَانَةُ عِنْدَ اللِّيطِ كَانَ مَجْلِسًا يَجْلِسُ فِيهِ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ، يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِالْعَشِيِّ، وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْمُحَمَّرَةَ وَالْمُوَرَّدَةَ وَالْمُطَيَّبَةَ، وَكَانَ مَجْلِسُهُمْ مِنْ حُسْنِ ثِيَابِهِمْ يُقَالُ لَهُ الْأُقْحُوَانَةُ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْقَاضِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَخْزُومِيِّ، عَنِ الْقَاضِي الْأَوْقَصِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: " خَرَجْتُ غَازِيًا فِي خِلَافَةِ بَنِي مَرْوَانَ، فَقَفَلْنَا مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ، فَأَوَيْنَا إِلَى قَصْرٍ فَاسْتَذْرَيْنَا بِهِ مِنَ الْمَطَرِ، فَلَمَّا أَمْسَيْنَا خَرَجَتْ جَارِيَةٌ مُوَلَّدَةٌ مِنَ الْقَصْرِ، فَتَذَكَّرَتْ مَكَّةَ، وَبَكَتْ عَلَيْهَا، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ:
[البحر البسيط]
مَنْ كَانَ ذَا شَجَنٍ بِالشَّامِ يَحْبِسُهُ
…
فَإِنَّ فِي غَيْرِهِ أَمْسَى لِيَ الشَّجَنُ
وَإِنَّ ذَا الْقَصْرِ حَقًّا مَا بِهِ وَطَنِي
…
لَكِنْ بِمَكَّةَ أَمْسَى الْأَهْلُ وَالْوَطَنُ
مَنْ ذَا يُسَايِلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنَا
…
فَالْأُقْحُوَانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ
إِذْ نَلْبَسُ الْعَيْشَ صَفْوًا مَا يُكَدِّرُهُ
…
طَعْنُ الْوُشَاةِ وَلَا يَنْبُو بِنَا الزَّمَنُ
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا لَقِيتُ صَاحِبَ الْقَصْرِ، فَقُلْتُ لَهُ: رَأَيْتُ جَارِيَةً خَرَجَتْ مِنْ قَصْرِكَ، فَسَمِعْتُهَا تُنْشِدُ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: هَذِهِ جَارِيَةٌ مُوَلَّدَةٌ مَكِّيَّةٌ، اشْتَرَيْتُهَا وَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى الشَّامِ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَى عَيْشَنَا وَلَا مَا نَحْنُ فِيهِ شَيْئًا فَقُلْتُ: تَبِيعُهَا؟ قَالَ: إِذًا أُفَارِقَ رُوحِي " وَثَبِيرُ النَّصْعِ: الَّذِي فِيهِ سِدَادُ الْحَجَّاجِ، وَهُوَ جَبَلُ الْمُزْدَلِفَةِ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى، وَهُوَ الَّذِي كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَدْفَعُوا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، كَيْمَا نُغِيرُ وَلَا يَدْفَعُونَ حَتَّى يَرَوْنَ الشَّمْسَ عَلَيْهِ وَثَبِيرُ الْأَعْرَجِ: الْمُشْرِفُ عَلَى حَقِّ الطَّارِقِيِّينَ بَيْنَ الْمُغَمَّسِ وَالنَّخِيلِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنِ الْخُلْدِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا تَجَلَّى اللَّهُ عز وجل لِلْجَبَلِ تَشَظَّى، فَطَارَتْ لِطَلْعَتِهِ ثَلَاثَةُ أَجْبُلٍ فَوَقَعَتْ بِمَكَّةَ، وَثَلَاثَةُ أَجْبُلٍ فَوَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ، فَوَقَعَ بِمَكَّةَ حِرَاءٌ
⦗ص: 281⦘
وَثَبِيرٌ وَثَوْرٌ، وَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ أُحُدٌ وَوَرْقَانُ، وَرَضْوَى» الثَّقَبَةُ تَصُبُّ مِنْ ثَبِيرِ غَيْنَاءَ، وَهُوَ الْفَجُّ الَّذِي فِيهِ قَصْرُ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ إِلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِ إِلَى بُيُوتِ ابْنِ جُرَيْجٍ السُّرَرُ مِنْ بَطْنِ السُّرَرِ، الْأَفْيَعِيَّةُ مِنَ السُّرُرِ مَجَارِي الْمَاءِ، مِنْهُ مَاءُ سَيْلِ مَكَّةَ مِنَ السُّرَرِ، وَأَعْلَى مَجَارِي السُّرَرِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ السَّيْلَ، أَبْرَزَ عَنْ حَجَرٍ، عِنْدَ قَبْرِ الْمِرَّاتَيْنِ، فَإِذَا فِيهِ كِتَابٌ: أَنَا أَسِيدُ بْنُ أَبِي الْعِيصِ، يَرْحَمُ اللَّهُ عَلَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ رَوَى عَنْ بَعْضِ الْمَكِّيِّينَ، أَنَّهُ قَالَ:«الثَّقَبَةُ بَيْنَ حِرَاءٍ وَثَبِيرٍ، فِيهَا بَطْحَاءُ مِنْ بَطْحَاءِ الْجَنَّةِ» السِّدَادُ: ثَلَاثَةُ أَسِدَّةٍ بِشِعْبِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، وَصَدْرُهَا يُقَالُ لَهُ ثَبِيرُ النَّصْعِ، عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ تَحْبِسُ الْمَاءَ، وَالْكَبِيرُ مِنْهَا يُدْعَى أُثَالَ، وَهُوَ سَدٌّ عَمِلَهُ الْحَجَّاجُ فِي صَدْرِ شِعْبِ ابْنِ عَمْرٍو، وَجَعَلَهُ حَبْسًا عَلَى وَادِي مَكَّةَ، وَجَعَلَ مَغِيضَهُ يَسْكُبُ فِي سِدْرَةِ خَالِدٍ، وَهُوَ عَلَى يَسَارِ مَنْ أَقْبَلَ مِنْ شِعْبِ عَمْرٍو، وَالسَّدَّانِ الْآخَرَانِ عَلَى يَمِينِ مَنْ أَقْبَلَ مِنْ شِعْبِ عَمْرٍو، وَهُمَا يَسْكُبَانِ فِي أَسْفَلِ مِنًى بِسِدْرَةِ خَالِدٍ، وَهِيَ صَدْرُ وَادِي مَكَّةَ، وَمِنْ شِقِّهَا وَادٍ يُقَالُ لَهُ الْأَفْيَعِيَّةُ، وَيَسْكُبُ فِيهِ أَيْضًا
شِعْبُ عَلِيٍّ بِمِنًى، وَشِعْبُ عِمَارَةَ الَّذِي فِيهِ مَنَازِلُ سَعِيدِ بْنِ سَلْمٍ وَفِي ظَهْرِهِ شِعْبُ الرَّخَمِ، وَيَسْكُبُ فِيهِ أَيْضًا الْمَنْحَرُ مِنْ مِنًى، وَالْجِمَارُ كُلُّهَا تَسْكُبُ فِي بَكَّةَ، وَبَكَّةُ الْوَادِي الَّذِي بِهِ الْكَعْبَةُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] قَالَ: وَبَطْنُ مَكَّةَ الْوَادِي الَّذِي فِيهِ بُيُوتُ سِرَاجٍ، وَالْمَرْبَعُ حَائِطُ ابْنِ بَرْمَكَ وَفَخٌّ وَهُوَ وَادِي مَكَّةَ الْأَعْظَمُ، وَصَدْرُهُ شِعْبُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ وَالْغَمِيمُ مَا أَقْبَلَ عَلَى الْمُقَطَّعِ، وَيَلْتَقِي وَادِي مَكَّةَ، وَوَادِيَ بَكَّةَ بِقُرْبِ الْبَحْرِ السِّدَادُ بِالنَّصْعِ مِنَ الْأَفْيَعِيَّةُ فِي طَرَفِ النَّخِيلِ، عَمِلَهَا الْحَجَّاجُ لِحَبْسِ الْمَاءِ، وَالْأَوْسَطُ مِنْهَا يُدْعَى أُثَالَ سِدْرَةُ خَالِدٍ: هِيَ صَدْرُ وَادِي مَكَّةَ مِنْ بَطْنِ السُّرَرِ، مِنْهَا يَأْتِي سَيْلُ مَكَّةَ إِذَا عَظُمَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَيْلُ السِّدْرَةِ، وَهُوَ سَيْلٌ عَظِيمٌ عَارِمٌ إِذَا عَظُمَ، وَهُوَ خَالِدُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ، وَيُقَالُ: بَلْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقَطَّعُ مُنْتَهَى الْحَرَمِ مِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ عَلَى تِسْعَةِ أَمْيَالٍ
، وَهُوَ مَقْلَعُ الْكَعْبَةِ، وَيُقَالُ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمُقَطَّعَ؛ أَنَّ الْبِنَاءَ حِينَ بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ وَجَدُوا هُنَالِكَ حَجَرًا صَلِيبًا، فَقَطَعُوهُ بِالزَّبْرِ وَالنَّارِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الْمُقَطَّعَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُقَطَّعِ:
[البحر الطويل]
طَرِيتُ إِلَى هِنْدٍ وَتِرْبَيْنِ مَرَّةً
…
لَهَا إِذْ تَوَاقَفْنَا بِفَرْعِ الْمُقَطَّعِ
وَقَوْلِ فَتَاةٍ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهَا
…
مُنَعَّمَةٍ فِي مِئْزَرٍ لَمْ تُدَرَّعِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمُقَطَّعَ؛ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذَا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا عَلَّقُوا فِي رِقَابِ إِبِلِهِمْ لِحَاءً مِنْ لِحَاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِلًا عَلَّقَ فِي عُنُقِهِ ذَلِكَ اللِّحَاءَ فَأَمِنُوا بِهِ حَيْثُ تَوَجَّهُوا، فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ أَهْلُ اللَّهِ إِعْظَامًا لِلْحَرَمِ، فَإِذَا رَجَعُوا وَدَخَلُوا الْحَرَمَ، قَطَعُوا ذَلِكَ اللِّحَاءَ مِنْ رِقَابِهِمْ، وَرِقَابِ أَبَاعِرِهِمْ هُنَالِكَ فَسُمِّيَ الْمُقَطَّعَ لِذَلِكَ " ثَنِيَّةُ الْخَلِّ: بِطَرَفِ الْمُقَطَّعِ، مُنْتَهَى الْحَرَمِ مِنْ طَرِيقِ الْعِرَاقِ السُّقْيَا: الْمَسِيلُ الَّذِي يَفْرَعُ بَيْنَ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ وَنَمِرَةَ عَلَى مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ الشِّعْبُ الَّذِي عَلَى يَمِينِ الْمُقْبِلِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى مِنًى، وَفِي هَذَا الشِّعْبِ بِئْرٌ عَظِيمَةٌ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَمِلَهَا وَعَمِلَ عِنْدَهَا بُسْتَانًا، وَعَلَى بَابِ شِعْبِ السُّقْيَا بِئْرٌ جَاهِلِيَّةٌ قَدْ عَمَرَتْهَا خَالِصَةُ، فَهِيَ تُعْرَفُ بِهَا الْيَوْمَ السِّتَارُ: ثَنِيَّةٌ مِنْ فَوْقِ الْأَنْصَابِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ السِّتَارَ، لِأَنَّهُ سِتْرٌ